الجمعة، 4 يونيو 2021

منطقة العبث.. منطقة الخنثى!

 المنطقة الرمادية الوحيدة التي في حياتك هي عدم معرفتك هل أنت أنثى أم ذكر!

سئلت ذات يوم عن "المنطقة الرمادية" أو "الشخصية الرمادية"، وتركت جانبًا علم النفس والاجتماع وأهل التحليل السياسي أو الأدبي وذهبت إلى أن هذا وهم يتم بناؤه لنا من أجل أن نستمر في حالة اضطراب؛ إذ لا يوجد منطقة رمادية، يوجد أسود أو أبيض، جيد أو سيء، حرب أو سلم، ليل أو نهار، خير أو شر.. وما شئت من الثنائيات، ولكنّي توقفت عند رجل وامرأة وقلت هذه الثنائية هي الحالة الوحيدة التي استوقفتني ولم استطع تفسيرها وأتمنى ممن يستطيع فلسفتها لي، والحالة هي حالة الخنثى، إذ لا تستطيع تصنيفها إلى أي خانة هل إلى الأنثى أو إلى الرجل. وهذا الاشتباك جعلني أتأمل في مسألة الحرب والسلم والحديث عن مناطق رمادية بينهما، واتجهت ناحية الإرهاب، وحالات العدوان المتكرر في منطقة ما، والهجمات الإلكترونية، والفوضى، والاغتيال، والابتزاز عبر الخطف، والتجسس والتخريب وغير ذلك الكثير مما نراه على أرض الواقع كما يحدث في العراق، في نيجيريا، في جزيرة القرم..في.. في.. كل هذا يعبّر عنه بالمناطق الرمادية وهي في الحقيقة ليست كذلك فهذه حالة حرب ولا يمكن وصفها بمنطقة رمادية لأن الحركة فيها واضحة، وتسعى إلى غاية لا يمكن نكرانها وهي الدمار، وما يقوم بالدمار إلا الحروب، وإيهام العالم بمنطقة غامضة يعيشها بلد ما الهدف منها أن يعيش هذا الشعب في حالة عدم الاستقرار وعدم الاستقرار هو هدف من الأهداف الحربية، وبالتالي فإن التعمية على الناس بهذا المصطلح غير صحيحة.


ومثله لا يوجد منطقة رمادية حتى في حالات الاضطرابات الشخصية أو السلوكية، فإمّا أن تكون الشخصية مضطربة أو لا، إمّا جيدة أو سيئة، وهذا هو المقياس في علم الاجتماع أو النفس، وحكاية الشخصية الرمادية ما هي إلا تلاعب من علماء النفس من أجل استمرارية البحث في علومهم، والعمل على تكثيف النقاط التي تدعوهم إلى استمرارهم في تلك البحوث، فهناك شخصية سوية أو غير سوية أي يا أبيض يا أسود، فهذا الشخص مضطرب سلوكيًا إذًأ هو في المنطقة السوداء، هناك ميل إلى السواد هو في ذات المنطقة التي يميل إليها، وليس في المنتصف..

ومثل ذلك لا يوجد منطقة رمادية في الشعر فالشعر إما شعرًا أو أنه نثر، إلا إذا أوجدتم "خنثى" فهذا ما لا يعجبكم، وسيعتبر عارًا على الشعر أن يطلق عليه هكذا.

منطقة العبث هذه تبقى هي المنطقة التي يسعى من خلالها العاملون في شتى مجالاتهم إلى الوصول إلى أهدافهم، فهي وسيلة إلى غاية لا أساس لها، ولن يعيش الإنسان في منطقة وسطى بين السواد والبياض، حتى من يتخيل الأشياء سيتخيلها بتشاؤمية سوداوية أو بتفاؤلية تؤدي به إلى البياض، ونحت العقل وجعله يعيش في منطقة سكون بمثل هذا التوجه أراه ليس في مكانه لأنها خدعة على العالم أن يتخلص منها.

بكل بساطة لا يوجد منطقة رمادية، بل يوجد مناطق عبث بدماغك!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك