‏إظهار الرسائل ذات التسميات أوكرانيا،أوروبا،الولايات المتحدة الأمريكية،الحرب الروسية الأورانية،حلف الناتو،حروب،روسيا،سياسة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أوكرانيا،أوروبا،الولايات المتحدة الأمريكية،الحرب الروسية الأورانية،حلف الناتو،حروب،روسيا،سياسة. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 3 مارس 2022

30 سنة وأمريكا تحل نزاع الجارات!

 أجواء حرب روسيا وأوكرانيا

لم يكن حضور السيد فوكوياما في “نهاية التاريخ” موفقًا، حيث أن سقوط جدار برلين، وانهيار الاتحاد السوفيتي، لم يكن يتجه نحو ديموقراطية ستسود الكون، وسيكون لها صولات وجولات، فالعالم لم يظهر أنه “دمية” يمكن للرياح الأمريكية أن تتلاعب به، وأثبت رسوخه في الأرض، وصلابته وتمسكه بأشيائه ومكتسباته، وأن “الحرب الباردة” التي كانت سابقًا تحولت إلى “حرب ساخنة” ليس فقط في المنطقة العربية التي رأى الغرب أنها مركز صراع مزمن، بتبني “إسرائيل” في المنطقة من قِبله.. ولكن الحرب الساخنة وصلت لأوروبا، عبر الحرب اليوغسلافية، التي رأى الغرب أنها حيدت الصراع المزعوم بين أوروبا وأمريكا والإسلام، على اعتبار أنه الخطر الباقي أمامها في الساحة بعد القضاء على الشيوعية، وبذلك فإن الديموقراطية كما خطط لها بدأت في رفع شعار “الصليبية” عبر كلمات جورج بوش الذي أعلنها بكل صراحة أمام العالم، لينتقل الصراع في المنطقة العربية، أو ما سموه الشرق الأوسط، وبعدها “الكبير، والجديد” تحديدًا، ليكون غزو أفغانستان العراق هو المؤشر الذي يمنحنا القول إن الحرب تحولت إلى ساخنة، وأنها لن تقف هنا، بل ستتوسع رقعتها، وكانت رياح الغرب قد أسقطت أربع دول عربية بشكل فاضح للديموقراطية التي ستعم الكون، وهذا التوجه الساعي إلى أن تعزز الديموقراطية الغربية من مكانتها، وأن تلتهم كل من يقف في طريقها، كان يقابله فعل من قبل التنين الصيني، حيث أنه ترك لأمريكا الانخراط في الحروب وهو يعمل على تنمية قدراته الاقتصادية والعسكرية، وفي مقابل ذلك كانت روسيا تعمل بهدوء من أجل إعادة امبراطورية الاتحاد السوفيتي الذي أسقطته أمريكا، وكان ينتظر الفرصة المناسبة، وبدأ من طرفه هو يفعّل “الحرب الساخنة” في المنطقة العربية، عندما رأى أن السياسة الأمريكية بدأت تعتقد أنها القطب الأوحد في العالم، وأنها ضمنت انتصارها على الجميع، على الرغم من محاولات أمريكا افتعال “حرب باردة” مع الصين من أجل العمل على تهاويها وانكسارها، إلا إن الصين تعمل على الأرض أكثر من عملها على الورق، وسيطرت على كثير من المواقع التجارية في العديد الدول التي كانت تابعة تجاريًا للولايات المتحدة، ولم تبرز للمتابع الحرب الباردة بينها وبين روسيا إلا أثناء الانتخابات الرئاسية التي دومًا تعمل على الحصول على أكبر قدر من الانتباه من العالم، من أجل القول إنها تعمل بديموقراطية، وأن ما تقدمه هو نموذج يجب أن يحتذى في كل الدول، وهي لعبة تعتمد على الإعلام وعلى تعميم الثقافة الأمريكية في كل العالم.. ليكون التدخل الروسي في سوريا هو المنطلق للمسار الذي يخطط له منذ أن جاء 1999 ، وليبرز أن أمريكا أقل من أن تكون هي النهاية التي يجب أن يحتكم إليها العالم، مثلما تصور فوكوياما الذي تراجع كثيرًا وبات حائرًا وهو يحاول تبرير ما كتبه إلى اليوم، دون أن ينجح. ولم يكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلا أحد أسباب فشل السياسة الأمريكية لإدارة العالم، وكونها ترى أن الفرصة تهيأت لها كي تعود لقيادة العالم، مثلما كانت قبل الحرب العالمية الثانية، ليكون التفكير في تغيير العالم، والعمل على الدخول في النظام العالمي الجديد الذي تخطط له أمريكا، وذلك عبر تجربة إخضاع العالم بـ “حرب بيولوجية” تُخضعه من حيث لا يدرك لهذا النظام المزعوم، وكان بعد أن رأت روسيا هذا التوجه، وبعد أن عمد الغرب إلى استفزازها في أوكرانيا، وبعد أن رأى ضعف الاتحاد الأوروبي والتصدع في حلف الناتو، والاستفزازات المستمرة من الدولة الجارة، أو الدولة التي كانت قلب الاتحاد السوفيتي، وهي ساعية إلى الانفصال تمامًا عن الأصل، وأنها تريد الخروج عن الطاعة لمصلحة الأعداء، اتجه إلى أنه يريد إعادتها إلى الحظيرة الروسية، فكانت هذه الحرب التي نرى حشودها من الطرفين عيانًا بيانًا من أجل الحفاظ على حدوده التي تحفظه من شرور الغرب.
إن أفضل ما خرجت به الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب الباردة، هو أنها استطاعت، عبر انفرادها بالعالم، في الفترة التي تلت سقوط الاتحاد السوفيتي، أن تصنع “عدو قريب” في أنحاء العالم، وخصوصًا المستهدف منها، كمنطقة الشرق الأوسط، حيث العداء الإيراني العربي، العداء العربي ـ العربي، والعداء الأوكراني الروسي، والعداء الأوروبي الروسي بشكل أشمل، والعداء الباكستاني الهندي، والعداء الصيني التايواني، والعداء الصيني الهندي..الخ. وهذا ما اعتقدت أنه سيؤمن لها أن تقف موقف المتفرج، وتعمل على حل النزاعات بين الجارات، وتسلط في الوقت نفسه أذرعها كي تحرك المياه الراكدة هنا وهناك.. ولكن هذا الاستثمار لم يكن في مكانه الصحيح لأن العالم لا يريد أن يعيش تحت وطأة الصدام المستمر، ولهذا فإن التكتل إن حدث فيما أرى سيكون ضد الغرب أكثر منه ضد روسيا، لأن العالم بقطبين أفضل منه بقطب واحد، والمستبد لا يوقفه إلا مستبد مثله، وهذه الحرب التي بين أيدينا ما هي إلا صراع العالم من استعادة مكانته، والعيش بعيدًا عن الخوف أو القلق من أن هناك دولة تستطيع فعل ما تشاء وأينما تشاء ومتى تشاء دون أن يردعها أحد. وفي رؤيتي أن إعلان ألمانيا بناء جيش، هو إعلان جديد للاتحاد الأوروبي في أن مقبل السنوات سيكون هناك توجهات تفكك هذا الاتحاد، وتسعى إلى أن يكون لها نصيب في هذا العالم الذي تم زراعة التناحر في داخله من أجل أن يثبت قوة واحدة هي المستطيعة على فعل كل شيء، وهو دليل على أن ألمانيا تفكر في البعيد، بعد أن رأت ن أمريكا لا تخدم سوى مصالحها، ولا تريد لها إلا أن تستمر سيطرتها على العالم.
إن الحرب الساخنة مستمرة، منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، حرب الخليج الثانية، حرب يوغسلافيا، الضربات الاستباقية الأمريكية على عدد من المواقع من العالم، غزو أفغانستان، غزو العراق، الربيع العربي وتساقط الدول فيه، حرب استعادة اليمن، ولم تمض عشرية واحدة دون حرب قامت منذ ذلك الوقت إلى اليوم، اي أن العالم خلال ثلاثين سنة تحوّل إلى صفيح ساخن، وإلى الآن هذه الحرب لم تكشف عن أسرارها بعد، ولكن ظهور نظام عالمي جديد لا شك أنه سيتم، سواء انتصرت روسيا أو انتصرت أوروبا وأمريكا في هذه الحرب.