‏إظهار الرسائل ذات التسميات فلسفة، نفس، هوية، عقل. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فلسفة، نفس، هوية، عقل. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 15 يوليو 2021

إقناع لا إشباع!!

 الفلسفة هي تغيير الحلول.. والفلسفة إشباع لا إقناع.. هكذا أراها ببساطة.

الهستيريا التي أصابت المعرفة الغربية قتلت الأنماط الفكرية، وذلك عبر "طغيان النموذج العقلي المنطقي"، والسعي إلى الإشباع في شتى العلوم، إلى درجة عدم الإقناع؛ فأن تسأل: أنا أسير بدراجتي 10 كم في الساعة.. فكم عمري؟ فمعناه أنك تريد مني أن أشغل ذهني بهذه المسألة، وتجعلني أفكر بما أن الشاب من الـ20 إلى 25 يسير بسرعة 20 كم/س، ومن الخامسة والعشرين إلى الخامسة والثلاثين يسير ما بين 15 و18كم/س، ومن 35 إلى 45 يسير من 12 إلى 15كم/س، ومن الخامسة والأربعين إلى الخامسة والخمسين من 10إلى12كم/س فإن عمرك تقريبًا من الخمسين إلى الخامسة والخمسين.. يا لهذا الاكتشاف العظيم الذي قدمته لك، عندما أشغلت ذهني معك لمدة نصف ساعة أو ساعة على هذه المسألة، من أجل اختبار قدراتك العقلية.. المسألة ليست مقنعة وستعيد الخطوات بشكل آخر، لإيجاد حل آخر.. والنهاية ما هي؟ هي العودة إلى نقطة الصفر، والتي تتمثل في مثالنا في إنك بهذا تحرق سعرات حرارية توازي مقدار ما تسير به بدراجتك، وبحسب عمرك فالاحتياج لذلك يتطلب كذا وكذا. في مثل هذا قال ابن قتيبة سُئل ابن الجهم محمد، وليس علي الشاعر، عن ما معنى قول الحكيم: " أول الفكرة آخر العمل، وأول العمل آخر الفكرة" فقال لهم: مثل هذا كمثل رجل قال: " إني صانع لنفسي كنًّا (بيتًا)" فوقعت فكرته على السقف، ثم انحدر فعلم أن السقف لا يقوم إلا على حائط، وأن الحائط لا يقوم إلا على أس، وأن الأس لا يقوم إلا على أصل، ثم ابتدأ بالعمل بالأصل، ثم الأس، ثم بالحائط، ثم بالسقف. فكان ابتداء تفكره آخر عمله وآخر عمله بدء
تفكره؛ قال: فأية منفعة في هذه المسألة؟ وهل يجهل أحد هذا حتى يحتاج إلى إخراجه بمثل هذه الألفاظ الهائلة! ( أدب الكاتب، مقدمة المصنف، 8). للفائدة: تحميل كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة

ولهذا أرى أن الانجرار خلف ذلك سيؤدي إلى تحجّر الفكر، وعلينا ألا نفرط في السير خلف العقل فقط، وأن نسير بثقافتنا ووعينا نحو الموازنة ما بين العقل والعاطفة، وبين الدال والمدلول، وأن نعلي الشأن الإنساني المتسم بأريحيته وواقعيته.
إن حماية "الهوية الشخصية" يأتي عبر العمق الروحي للغة، وهذا ما يجب علينا أن نبحر فيه كي نسمو بفكرنا، ولا نبقى في "متاهات الهوية" المتضاربة، والتي تقاس بالعقل لدى الفلاسفة فقط هذه الأيام. بينما العالم كله يشحن العاطفة فيمن حوله دون رحمة، ودون تفكير في فلاسفة العقل!
إن العالم اليوم يقنعك ولا يشبع