يبدو أن من وضع شخصية جحا يمتلك رؤية سياسية تجاوزت زمنها بمراحل، وأنظر إلى أن نعومي تشاومسكي قد قرأ تراثنا بشكل جيد ، فنظرية تشاومسكي حول الإفتعال وهي استراتيجيّة افتعال الأزمات والمشاكل وتقديم الحلول والتي تُسمّى بأسلوب "المشكلة، التّفاعل، الحلّ". تبدأ بخلق مشكلة , وافتعالوضع مّا الغاية منها انتزاع بعض ردود الفعل من الجمهور ، بحيث يندفع الجمهور طالبا لحلّ يرضيه؛ فجار جحا شكى إليه من ضيق البيت هو وأولاده في غرفة واحدة فقال له اشتري بقرة لتتخلص من مشكلتك، فاشترى واحدة وعاد جاره ليقول : لقد ضاق أكثر . قال له : اشتري شاة.. وستجد أن مشكلتك انحلت. واشترى واحدة.. ولكنه عاد متذمرا من ضيق البيت. فقال له جحا : بع البقرة . فباع البقرة.. وجاءه بعدها مبتسماً ، وقال : الحمد لله ارتحت الآن قليلاً.. ولكن ما زال هناك ضيق في البيت. فقال له جحا: بع الشاة وسيذهب الضيق. وهكذا توجت هذه الشخصية هذه النظرية التي تفتعل أزمة وتقدم حلولها.
بينما في استراتيجية التدرّج والتي هي لضمان قبول ما لا يمكن قبوله نجد أن خير مثال هو مسمار جحا ، وكلنا نردد هذا لمثل وعلى مدى قرون نقرأ هذه الحكاية ونضحك ، دون أن تدركنا الفلسفة العميقة التي تجلب لنا النظريات المسيرة لحياتنا. فقط كأننا أخذنا الحياة تسلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك