الجمعة، 13 أكتوبر 2017

الحرب القذرة على العالم 34



  • صراع الحق وصراع المظلومية




  • سياسة فرق تهزم!!




عملت القوى العظمى بسياسة " فرق تسد" والتي تحدث عنها صاحب كتاب " أوكار الشر" وأوضح أن سياسة بوش في المنطقة هي العمل بمبدأ "فّرق تهزم"، وقد زجت أمريكا بحرب بين ألعراق وإيران أوئل الثمانينيات من القرن الماضي، ثم أوحت لصدام بغزو الكويت، ثم ضربت العراق، وفتحت الأبواب لمد الملالي كي يجعلون الصراع بين السنة والشيعة ونجحت في ذلك، ولكن بما إن المملكة العربية السعودية هي قبلة المسلمين أجمع فإنها لم تسكت، وواجهت ما تفعله إيران في المنطقة، بكل ما أوتيت من حنكة وسياسة.

والحليف الأمريكي أيام اوباما كان يميل نحو تعزيز الموقف الإيراني في كل تحركاته وأفعاله على الرغم من خطورتها، ولكن هناك سعي حثيث لتفتيت المنطقة من أجل السيطرة على هذا الجزء الحيوي من العالم.

المواجهات السعودية الإيرانية تتمحور في التالي:

سوريا:

عندما عُزلت إيران عام 1979م بعد ثورتها التي تسعى من خلالها إلى استعادة أمجاد الدولة الفارسية، وعبر ستار إسلامي اتخذته كإستراتيجية لها، وعبر استغلال بعض من رأى فيها أنها ستعيد المجد لهم ممن جندتهم لخدمة مشروعها القائم على الطائفية بامتياز، والقائم على خديعة من هم يميلون إليها؛ فإن سوريا كانت هي الوحيدة التي تمد لها يد الطاعة وهي حليف ثابت في ثورتها منذ قيامها، ولعل مرد ذلك إلى كره الأسد لصدام حسين. وقد قامت شراكة تحت الكراهية المتبادلة بين طهران ودمشق، وجراء هذه الشراكة سنلحظ أن لبنان عاش أسوأ أيام حياته وإلى اليوم مازال، من هذه الشراكة، حيث أن الأسد كان يمد يده لحزب الله ويؤازره، ويشجعه، ويسانده، وإيران تمده بالسلاح من أجل السيطرة على لبنان، والحزب عبارة عن ممر بين إيران وسوريا، لزعزعة استقرار لبنان، ومن ثَمّ زعزعة المنطقة، والعمل تحت الأجندة الغربية المرسومة منذ قيام الثورة الإيرانية، الزاعمة أنها في عداء مستمر مع " الشيطان الأكبر" وهي شيطان صغير يعمل بأجندة الشيطان الكبير.

وسنلحظ أن الظاهر هو زعمهم جميعاً بكره إسرائيل وأمريكا، وكلنا يعي أن الجولان سلمت على طبق من ذهب من قبل سوريا لإسرائيل، وما ادعاءات المحور الثلاثي، إيران ـ حزب الله ـ الأسد،  وتصريحاتهم على الملأ بكره إسرائيل ومحاربتها سوى زوبعات يطلقونها دون أن يفعلوا باتجاهها شيء، بل إن التعامل معها يتم في أعلى مستوياته، وبسرية تامة.

ما يهمّنا هنا هو إن طهران هي سبب بقاء الأسد إلى اليوم في السلطة، وإيران لا تعمل على بقائه من أجل عيونه أو حباً فيه بل من أجل الخوف من انهيار نظام الأسد في سوريا لإن المد السني سيطغى وبالتالي ستفقد سيطرتها عليها، وسيكون هناك حليف قوي للمملكة العربية السعودية في هذه الدولة التي تحكمها الأقلية العلوية، وهذا ما لا تريده طهران لأنها لن تحقق الثورة التي قامت من أجلها، ولن تصل إلى أهدافها المرجوة لو سقط نظام الأسد. كما أنها لن تحقق أهداف الدول الراعية لها، والتي تشد من أزرها من أجل دمار المنطقة، وبقاء المحتل الأجنبي فيها، بذريعة الحفاظ على الأمن وعلى المصالح.

إن الموقف الطائفي الذي تعلنه إيران في سوريا، وما يردده طغاتها من أنهم موجودون من أجل حماية المقدسات الشيعية ما هي إلا ذريعة يتذرعون بها لتحقيق ما يصبون إليه، وإقامة الهلال الفارسي الذي يريدون، ولكن تدخل روسيا جاء في وقت أنقذ سقوط النظام السوري، ولم يأت الدب الروسي لمجرد النزهة بل إنه أتى ليفرض سيطرته على سوريا، ولن يدع إيران تتمتع في دمشق كما يُعتقد بل إن طهران بدأت تتذمر من وجود الروس، وتسعى للتخلص منهم.

والموقف البارز الآن في طهران هو أن سمعتها في الحضيض، هي وحليفها حزب الله، فبعد أن كان العرب مخدوعون فيهم انكشف الوجه الحقيقي للملالي وأهدافهم التي يسعون وراءها، واتضح للشعوب العربية أن عملها إنما يقوم على الفعل الفارسي الذي يريد استعادة الإمبراطورية الفارسية التي حطمها عمر بن الخطاب، ولهذا فإنهم يغضبون من ذكر اسمه، ويلعنونه ـ لعنهم الله ـ ليل نهار، بل إنهم يلطمون على مجدهم الذي ضاع بكذبة مرروها على السذج من أتباعهم ويدعونهم للانتقام  من مقتل الحسين.. والأتباع يصدقون هذه الرواية أو يتعامون عن الحقيقة المكشوفة أمامهم، وهي أن لطمهم لم يقم إلا من أجل إسقاط دولة فارس. وليس من أجل مقتل واحد من العرب.

وما حدث ويحدث في سوريا من مذابح وقتل ممنهج للسنة أثار غضب المملكة العربية السعودية، وجعلها تدعم المعارضة، وتسعى جاهدة لاحتواء الموقف وإسقاط بشار الأسد، وأعلنت أكثر من مرة إلى أن الأسد يجب أن يكون خارج السلطة، وأن يحتكم الشعب السوري للديمقراطية ويختار من يريد ليحكمه غير بشار.. وما ثورة الشعب السوري عليه إلا دليلاً على أنه لا يريده في الحكم، ويجب أن تحتكم سوريا لحكم الشعب.

اليمن

المُلاحظ أن هناك قلقاً بالنسبة لمراكز الدراسات الأمريكية والغربية، بل وأيضاً المنظمات الأممية، بحيث أنهم لم يقرأوا الصراع في اليمن كما قرأوه في سوريا، ولم يعتبروه ـ إلا من قليل جداً لا يذكر ـ بين السعودية وإيران، ولعل مردّ ذلك يعود إلى أن المملكة العربية السعودية استطاعت انتزاع قرار أممي (2216) قد يردعهم ويوقفهم، فلذلك تبدو الأمور مشوشة بعض الشيء، وتكمن أهمية اليمن بالنسبة للملكة بأنها دولة حدودية من الجنوب، وهي بعيدة عن إيران، وعندما زجت إيران بطائفيتها في هذا البلد إنما تهدف إلى زعزعة استقرار السعودية، ولكن هذه الأخيرة لم تقف مكتوفة الأيدي عندما اجتاح الحوثي بمذهبه وبمؤازرة إيران وحزب الله، كامل اليمن تدخلت السعودية واستطاعت التصدي لهم وإعادتهم إلى مواقعهم، ودون أن تعمل بكامل قوتها في هذا الجزء الهام بالنسبة لها، وعدم إقحام كامل القوة هو أنها تريد فقط إلجام المد الفارسي في اليمن، ولا تريد أكثر من ذلك، ولا تطمع فيه كما تطمع الثورة الخمينية، والتي تعمل جاهدة من أجل إسقاط الحكومة السعودية والإستيلاء على الحرمين، كثأر يحمله الحقد الفارسي منذ 14 قرنا حين اُسقط المسلمون الإمبراطورية الفارسية.

اليمن بالنسبة للسعودية هو مجرد بوابة صغيرة لا تريد لها أن تفتح، ولهذا عمدت إلى كبح جماح المغامرة الغبية التي قام بها علي عبدالله صالح مع الحوثي، وهاجس السعودية ليس الجنوب ولكنه الشمال، وهو ما تريد إيران أو من يخطط لها أن تشغل به السعودية عن البوابة الشمالية التي تمثل خطورة كبيرة على حدودها.

الصراع في اليمن على أية حال من المقدر له أن ينتهي مع انتهاء ما يحدث في سوريا وفي العراق.. وسنرى هذا.

العراق

ذكر نائب وزير الدفاع بول ولفويتز في برنامج المحطة الفضائية NBC  ـ أمام الصحفيين ـ في 27 يونيو 2003 بأن " المعركة لتأمين السلام في العراق هي الآن المعركة المركزية في الحرب العالمية على الإرهاب. وستعمل التضحيات ليس على جعل الشرق الأوسط فقط أكثر استقراراً، ولكن لتكون بلادنا أكثر أماناً. سيستغرق الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية فترة من الوقت، لكنه يساوي كل جهد يبذل، تحالفنا سيبقى حتى ينجز عملنا، وبعد ذلك سنغادر، وسنترك وراءنا عراقاً محرراً.[1]

قراءة هذا الخطاب يدلل إلى أين يسير العراق، بل المنطقة كلها، حيث أنه يعد مركزاً للعمل الأمريكي في المنطقة. ومن يقف إلى جوار أمريكا في العراق؟ الكل يرى الحرس الثوري، الذي صنفت أمريكا معظم أفراده على أنهم إرهابيون، ومع ذلك يقف الجندي الأمريكي جنباً إلى جنب مع هؤلاء الإرهابيين ليحارب الإرهاب!!

وتكمن أهمية العراق في أنه يقف بين البلدين السعودية وإيران، وهو البلد الذي عاش، بعد حربين من عام 1982م مع إيران و1991م ضد أمريكا بعد غزوه للكويت، عاش حصاراً شديداً من قبل أمريكا إلى أن تم غزوه 2003م، والعرب وليس السعودية فقط بل جل العالم رأى أن أمريكا أخطأت عند غزوها للعراق، واحتلاله، مع ما يظهر للجميع من عداوة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية إلا أنها سلمته لإيران بكل بساطة، بل بكل بجاحة، ودون خجل.

السياسة السعودية الطويلة النفس استطاعت العمل بهدوء ضد إيران ولعبت اقتصاديا ضدها، ولكن المشكلة التي تواجهها في العراق هي أن أمريكا تقف في الطريق، ولهذا لم تزج بأدواتها فيه، بل عملت على مبدأ "الاحتواء الثابت"، بحيث أن الاهتمام بسوريا كان في أوجه لدى السياسة السعودية، وذلك للكثرة السنة فيها، بينما إيران طغت على العراق باتفاق مع أمريكا التي سلمته للمد الفارسي، وذلك عملاً بأجندة مشروطة من أجل تفتيت المنطقة، وبرز التعاون الإيراني الأمريكي في عهد أوباما، ولكنه خسر الكثير بعد انكشاف اللعبة الأمريكية أمام المنطقة العربية، وتساقطت أوراقه كلها تلو بعض. وخصوصاً أيام تولي المالكي حقبته السيئة التي قسم فيها العراق، وفتت الجيش وفتح المجال أمام الصناعة الاستخباراتية "داعش" لتحتل ثلث العراق بمؤازرة تامة منه ومن إيران، حيث تكشفت الخيوط تماماً بعد رحلة الباصات من الحدود اللبنانية إلى دير الزور حين منح حزب الله والنظام السوري داعش باصات لينقلهم إلى دير الزور من أجل محاربته هناك!!

وزعت السعودية جهدها بين سوريا واليمن، وعملت بهدوء باتجاه العراق من أجل كسب الوقت، وكسب المداخل التي تريدها لإعادة العراق إلى العرب، وهي تسير الآن في الطريق الصحيح كي توصل العراق إلى بر الأمان، وتخرجه من عباءة الملالي.

قطعاً الحضور الإيراني في العراق جاء على خلفية دعم السعودية والخليج لصدام حسين أيام حربه معهم في الثمانينيات من القرن الماضي، وهي تسعى للسيطرة على العراق بأية وسيلة كانت، فوجود حكومة حليفة لطهران في بغداد سيحقق الشيء الكثير للملالي، وسيقلقون بها السعودية إذ سيصبحون على تماس معها، ولهذا شرعت إلى المجازر في سنة الأنبار بمباركة من الأمريكان، و"لدى إيران الكثير من الفرص في البلاد بسبب الوجود الأمريكي المنكمش  في العراق إلا أنها ستواجه أيضا عراقيل كبرى في غاية التعقيد و الصعوبة.وقد وجدت إيران قيودا لنفوذها حتى من ضمن المتدينين الموالين لها."[2]

وهذا ما حدث في الآونة الأخيرة إذ إنها كانت تعتقد أن السلوك الذي تتبعه سيؤدي بها إلى احتلال العراق بالكامل ولكن بعد سقوط المالكي ومجيء العبادي، وبعد انتهاج العبادي لسلوك العبادي في سنته الأولى إلا أنه غير النهج وخصوصاً مع بداية عام 2017م حيث واجه ضغوطات من كلا الطائفتين السنية والشيعية الذين لا يريدون وجود الإيرانيين في بلادهم.

[1] بالإمكان العودة إلى  http://www.defenselink.mil/transcripts/transcript.aspx?transcriptid=2909.

[2]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك