لا شيء يهز العالم 14
يعد دور الأمم المتحدة في اليمن غامضًا، حيث أنها تدعي عدم مقابلة الحوثي، أو عدم الانصياع لما يمليه، أو ما تمليه هي عليه، وفي نفس الوقت كل منظماتها ولجانها تعيش في صنعاء، التي يحتلها الانقلاب، وكأنها تشرعن لهم بهذا الوجود، أو كأنها تقف إلى جوارهم في هذا الطغيان، فلو كانت تقف إلى جوار الشرعية، أو على الأقل تنفذ قرارها رقم 2216 وما تبعه من قرارات كلها تدعو الحوثيين إلى تسليم السلاح، وتدينهم وتجرمهم، وتجدد تجميد أموالهم، ومع هذا فإنها تعمل يدًا بيد مع الانقلاب، وهو نهج غريب تنهجه الأمم المتحدة، ومن الواضح أنها لا تريد لهذه الحرب أن تقف.
لم تفرض الأمم المتحدة نفسها في اليمن وذلك لسبب بسيط هو أنها تود استمرارية استنزاف أطراف الحرب، من جهة، ومن جهة أخرى أرى أنها لم تحقق المبتغى الذي أشعلت من أجله هذه الحرب، وهو الاستنزاف البشري، بحيث أن دول التحالف عمدت إلى الحرص على المدنيين، والعمل بمبدأ من يقاتلني أقاتله، وليس من عداء ضد الشعب اليمني، بل إن العداء هو ضد المشروع الإيراني المتمثل في الحوثيين، الذين انقلبوا على العباد والبلاد، ويبدو أن أطماع الأمم المتحدة ومن يسيّرها لم يتم تحقيقها على أرض الواقع، فلم يصل عدد القتلى فيها إلى أرقام كبيرة مثلما حدث في سوريا حيث قارب عدد القتلى فيها إلى المليون وعدد المشردين إلى ما يقارب 15 مليون، مع العلم أن هذه إحصائيات غير دقيقة إلى الآن، ولا تستطيع الأمم نفسها أن تقدم إحصائية موثقة، ولن تستطيع، لأنها لا تهتم بهذا الرف، ولا تفكر فيه، فعلى الرغم من مرور 15 سنة على حرب الولايات المتحدة الأمريكية على العراق إلا أنها لم تقدم عدد ضحايا هذا الغزو للعالم، وكل العمل قام على منظمات وهيئات إنسانية عالمية، حيث استطاعت التأكيد أن عدد القتلى بلغ ما يقارب الأربعة مليون، بخلاف الملايين ممن شرّد وهجّر.
هكذا هي هذه الأمم تعمل في العلن باسم الإنسانية، وفي الخفاء باسم الشيطان، ولا حل في مثل هذه المواقف سوى أن يتم تجاوزها وعدم الخنوع لها، فالدول تبقى دولا، والشعوب تبقى شعوبًا ولن تخضع لتآمر أو لأيادٍ شريرة تريد للكون أن يبقى مشتعلا في كل وقت.
في التالي سنلحظ أدوار ممثلي الأمم المتحدة في اليمن:
مرحلة بنعمر
جمال بنعمر (أبريل/نيسان 2011 – أبريل/نيسان 2015)
قدم بنعمر وصفه لما يحدث في اليمن، وما يحدث بالتحديد من صعدة كالتالي:
ـ اشتباكات جماعات مسلحة. رغم أن الاشتباكات بين الحوثيين والجيش.
ـ اشتباكات بين جماعات مسلحة والحوثيين. هذا في يونيو 2014م؛ أي اعتراف بأن الحوثي كان طرفا، وأن الحرب لم تكن مع الجيش. وهذا تمويه على العالم.
ـ في 16 سبتمبر/أيلول 2014م قام الحوثيون باقتحام قرى في الشمال الغربي للعاصمة، والاشتباك مع قوة من الجيش اليمني "الفرقة الأولى مدرع"
ـ في 21 سبتمبر/أيلول2014م اجتاح الحوثيون صنعاء. ووقتها كان بنعمر يتفاوض مع الحوثيين حول اتفاقية جديدة،
ـ التقى عبد الملك الحوثي في صعدة لبحث الاتفاق، وقال إن مباحثاته مع زعيم الجماعة كانت "إيجابية وبناءة".
ـ ظهر بعد ذلك بـ"اتفاقية السلم والشراكة الوطنية" والتي تم التوقيع عليها في يوم سيطرة الحوثيين على صنعاء. مما مثّل شرعنة لعمليات الحوثيين. وهذا مثل غطاء لسقوط اليمن.
ـ قدّم الحوثيون الإعلان الدستوري في فبراير/ شباط 2015م، وبالرغم من ذلك ظل بنعمر متفائلاً، وطلب استمرار المفاوضات بين الجماعة والأحزاب السياسية، في وقت كان الرئيس اليمني وحكومة خالد بحاح تحت الإقامة الجبرية.
ـ ثم أعلن بنعمر أن الدولة انهارت في البلاد، وأن الحرب الأهلية هي الخيار الرئيس لما يحدث، دون تسمية الحوثيين بالطبع.
ـ جلسة مجلس الأمن 23مارس/آذار 2015م حذر بنعمر في إحاطته لمجلس الأمن الدولي أن اليمن على مشارف حرب أهلية. وقال بنعمر "إن الحوثيين واهمون إن اعتقدوا أن في وسعهم السيطرة على اليمن، وإن هادي واهم إذا ظن أنه يستطيع استعادة ما استولى عليه الحوثيون". وقطعًا سقط اليمن بالكامل في يد الحوثي.
آخر خبر؛ اليوم 24/يوليو/2018م: اتهم عضو الحزب الجمهوري الأمريكي إليوت برويدي، دبلوماسيا سابقا رفيع المستوى في الأمم المتحدة بالعمل كوكيل غير معلن للنظام القطري في ملف دعوى تم رفعها إلى المحكمة في كاليفورنيا هذا الأسبوع. وقال برويدي، بحسب ما نشرته صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، في الملف أيضا إن قطر تحتفظ بشبكة كاملة من العملاء السريين الذين يعملون داخل الولايات المتحدة الأمريكية. ويقاضي برويدي قطر، بالإضافة إلى عدة شخصيات، على خلفية وجود أدلة أساسية لضلوعهم في عمليات اختراق لبريده الإلكتروني العام الماضي. ورغم ورود اسم مبعوث الأمين العام السابق للأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بن عمر، كأحد العملاء السريين في ملف الدعوى، إلا أنه رفض الاستجابة لطلبات التعليق على ما ورد من اتهامات، كما أن المتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن لم يستجب أيضاً على طلب التعليق. ولعب بنعمر دوراً سلبياً فاضحاً في الأزمة اليمنية، حتى أن أصواتا يمنية تتهمه صراحة بانحيازه لميليشيات الحوثي الإرهابية. وكانت قيادة التحالف في اليمن أنهت مشاركة قطر في التحالف، بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب، ودعمها تنظيماته في اليمن؛ ومنها القاعدة وداعش، وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية في اليمن، مما يتناقض مع أهداف التحالف التي من أهمها محاربة الإرهاب، وذلك وفق بيان صدر عن قيادة التحالف في يونيو من العام الماضي. وفضح مسؤولون يمنيون، من بينهم وزراء، الدوحة بدعمها ميليشيات الحوثي الإرهابية من خلال قنوات مشبوهة. فيما يفسر مراقبون دعم الدوحة لمليشيات إيران في اليمن بتقارب النظام القطري مع نظام الملالي في طهران، لافتين إلى أن المقاطعة أزالت التعاون القطري الإيراني في دعم الإرهاب وضرب الاستقرار في المنطقة.
أي أن بنعمر قام بدوره كاملا في اليمن، مثلما قام بدوره في العراق، مع بريمر، فهو في أي مكان يوضع فيه في العالم العربي يحل فيه الدمار. ونكتفي من بنعمر بهذا الدور الذي أضاع اليمن، ولا نحتاج إلى تفصيل أكثر، فالخطوط واضحة للعيان.
مرحلة ولد الشيخ

ـ في منتصف ابريل/نيسان2015م أعلن بنعمر إنهاء مهامه في اليمن، وعُين بديلاً عنه إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
ـ بدأ ولد الشيخ بزيارة إلى العاصمة الإيرانية "طهران".
ـ عقد عدة لقاءات كانت معظمها في صنعاء مع الحوثيين (خلال شهر مايو/آيار2015م).
ـ رفض الرئيس هادي أي مفاوضات مع الحوثيين قبل تنفيذ القرار الأممي،
ـ عقد مجلس الأمن جلسته داعياً من أسماهم "الفرقاء اليمنيين" إلى الحوار في جنيف، وبدأت تخفت تدريجياً لهجة الحسم لدى المجلس ضد الحوثيين.
ـ تلقى الرئيس اليمني دعوة من بان كي مون في أغسطس/آب 2015م لمشاورات مع الحوثيين بعد تأكيدهم الالتزام بالقرار الأممي (2216) ودفع الرئيس بفريق للمشاورات التي تأخرت حتى نهاية العام لكنها فشلت.
ـ في عهد ولد الشيخ بدأت النقاشات تتمحور حول الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد، ولم يعد السبب الرئيس وهو الانقلاب وعودة الشرعية حديث المنظمات.
ـ في ابريل/نيسان 2016م عقد محادثات في الكويت وبدأت متأخرة عن موعدها بأسبوعين لتأخر الحوثيين في الحضور.
ـ في يوليو/تموز 2016م قدم ولد الشيخ تصوره لحل الأزمة اليمنية بناءً على النقاط الخمس[1]، ووقعتها الحكومة اليمنية، ورفض الحوثيون.
ـ تقدم ولد الشيخ في الشهر الذي يليه بتصور يطابق تصور صالح والحوثي لحل الأزمة.
ـ في أغسطس/آب2016م رأى ولد الشيخ أنه وضع خارطة طريق، ولكن الكل رفضها.
ـ بعد خارطة الطريق التي قدمها ولد الشيخ ظهر مصطلح "النخبة السياسية" بديلا عن "الفرقاء اليمنيين" وعن " الأزمة الإنسانية، وأصبح اللوم يقع على النخبة السياسية في اليمن.
ـ دان ولد الشيخ تشكيل الحوثي وصالح مجلساً سياسياً وحكومةً لتحالفهما ولكنه بعد شهرين أو ثلاثة من ذلك التقى هشام شرف الذي عينه الحوثي ـ صالح وزيراً للخارجية، ثمَّ التقى بالمجلس السياسي للحوثيين،
ـ الوفود التابعة للأمم المتحدة إلى صنعاء تلتقي بقيادات في حكومة "الانقلاب" بشكل دائم ومستمر.
يتبع...
ـــــــــــــــــــــــ
الهامش:
[1] النقاط الخمس هي: الانسحاب، تسليم السلاح، الترتيبات الأمنية، الحل السياسي، إنشاء لجنة لإطلاق سراح السجناء والأسرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك