اتباع الفصائل...
لماذا أكتب؟كتبت قصة.. كتبت مقالة، كتبت شعراً، كتبت فلسفة.
ـ وماذا بعد؟
قرأتها أنت..
ـ وماذا بعد؟
هل نحتاج اليوم إلى كتابة قصة، قصيرة، طويلة، مكثفة، ق.ق.ج، شعر، مقالة؟
لا نحتاج في يومنا إلا إلى من يلم شتاتنا، من يخرج النفس من هذا الفراغ الروحي الذي يكتنفها. لا نحتاج كتب اكتساح المبيعات عبر تطوير الذات. ولا نحتاج إلى شعر منثور نفكك حروفه. لا نحتاج إلا إلى أنفسنا.
امنحوني ذاتي امنحكم كل السعادة.
هدجر قال بسخرية، اعتبرها ماركيز لذيذة، عن فلسفة استاذه هوسرل حول الإنسانية " نسيان الكائن"، كان الحديث عن نسيان الكائن لدى هوسرل وتلميذه في الربع الثاني من القرن الميلادي الماضي.. وهو يتحدث عن أوروبا وكيف أنها ذاهبة نحو الإنحدار عبر التقنية أو الآلة دون أن تنظر إلى الإنسان.
أذكر وأنا طفل في زمن القرية أن الجميع كانوا يعملون لدى الجميع.. تخيلوا هذه الكلمة.. لا رئيس ولا مرؤوس.. لا غني ولا فقير.. لا كبير ولا صغير.. بينما نحن الآن ـ ليس نحن ـ نعمل على تفويض الأنا في كل شيء.. نسينا أنفسنا مع وهج الفلوس وذهبنا صوب تبويب الذات عبر هذه النغمة التي باتت على كل لسان.. لم يعد لهذا الكائن المسمى انساناً وجوداً.. هناك ما هو أكبر منه في دواخلنا، فبتنا نقيس الناس على هذا الأكبر.
من يقرأ التاريخ يستطيع أن يرى إن قرأه بالشكل الصحيح، وبما ينفع ليس الأنا، بل النحن.
ماركس يرى أن المهم هو تغيير العالم " لقد وقف الفلاسفة عند تفسير العالم على أنحاء مختلفة، ولكن المهم هو تغييره".. والمطلب التاريخي الملح هنا هو أن الاطرادات الاجتماعية هي التي تنحو بالعالم إلى التغيّر وليس إلى التغيير، فتغيير الكون ليس في يد أحد ممن ينطلقون نحو المبدأ المادي البحت وأعني بهم أهل الدمار أصحاب رؤوس الأموال.
لا ثبات في قوانين المجتمع، مثلما أنه لا ثبات في النفس البشرية، ولهذا فإننا ننحو باتجاه الفصائل التي تتبع بعضها، بحيث أن كل همّ يسير باتجاه بعضه، فصاحب رأس المال ينحو باتجاه قرينه، ومن لا يملك لقمة عيشه يتجه ناحية نده في المنافسة على لقمة العيش.. كل فصيلة تنظر في يد قرنائها، لا وجود لكلمة التغيير نحو مجتمع يكتنفه التآلف في بوتقة واحدة.
ليس صحيحاً أن هذا هو التطور، فالتطور يأتي عبر متواليات وليس عبر قفزات في صميم المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك