‏إظهار الرسائل ذات التسميات التعليم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التعليم. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 7 يونيو 2015

إيجاد الأنماط وتكوين الدافع يا وزير التربية

عندما شنَّت أنديرا غاندي حملتها على النسل وأجبرت ثمانية ملايين مواطن على الدخول في مشروع التعقيم، وجدت نفسها في حرب مع المجتمع ولم تستطع تحديد النسل، ولكن العالم فوجئ بعد ذلك أن إقليم كيرالا هو الوحيد الذي يسير حسب المعطيات التي أرادتها الدولة دون أية ضغوطات منها،

وأن السبب هو الحملة التطوعية التي أقامها مواطنون لمحو الأمية.. حيث أعلن عام 1991م عن أن نسبة التعليم في هذا الإقليم بلغت 100%، فالتعليم وحده هو القادر على محو أمية العقول.. وحتى أضع أمام وزير التربية الجديد والإداري المحنك خالد الفيصل الهدف من هذا المثال أعلاه الذي

يدلل على أن التعليم وحده هو الذي يغير، ولكن كيف يتغير وهي الإشكالية المزمنة التي ارتبطت في أذهان الجميع فـ «ما لجرح بميت إيلام»، حيث إن لب المشكلة هو في التعليم ذاته.. لهذا أقول إن العمل على الأفراد فقط لن يغيِّر شيئاً، فتجربة أنديرا غاندي رغم إجبارها ثمانية ملايين هندي على

الخضوع للتعقيم لم تنجح، وما زال عدد سكان الهند يرتفع يومياً إلا إقليم كيرالا، لنلحظ أنه انطلق من نمط فتح الاتجاهات حيث إن غاندي كانت تفرض التعقيم بينما الناس اتجهوا إلى فتح أفق جديد في حياتهم ألا وهو التعليم.

إن التفكير في الناس لن يحل مشكلة التعليم، ولكن التفكير في الأنماط سيفتح آفاقاً جديدة فيه.
يوم أمس وقفت في الشارع الموازي للماريوت «المعذر» في الرياض، وكانت زحمته من الإشارة إلى طريق خريص.. فخرجت سيارة إلى شارع قبل

الماريوت فتقاطر الآخرون خلفها إلى أن توقفت الحركة في هذا الشارع الخلفي، ليخرج آخرون إلى شوارع فرعية ويكوِّنوا طرقاً لهم ويتبع بعضهم بعضاً، وهذه طبيعة الإنسان فهو يكوِّن الدافع بناء على الظرف.

إن إيجاد أنماط جديدة في عملية التعليم لا تأتي بناء على المقدرة الخلاقة، بل قد تأتي من أبسط الأشياء، بدليل أننا نلحظ أن جمعيات المعلمين الشهرية تسير بشكل منتظم.. وبدليل أن جمعياتهم الشهرية تسير آلياً.. وبدليل أن نمطية تعليمهم يومياً مثلما هي لم تختلف منذ كنا على مقاعد

الدراسة. والمعلمون هنا هم الركيزة الأساسية في العملية التعليمية، ولا بد أن أُوجِد لهم نمطاً جديداً في التفكير، وأن أصنع لهم طريقاً آخر غير الذي كانوا يسيرون عليه.. وألَّا أقولب لهم الأشياء كي يتحركوا في إطارها، بل أتركها مفتوحة لهم كي يستطيعوا التحرك عبرها ومن ثم تجاوزها دون قيد أو

شرط، ومن ثم فتح آفاق جديدة هم من يصنعونها.
ثم الطالب، ما هي الفائدة أن أعلمه كيف يستخدم الباوربوينت مثلاً دون أن يعرف كيف يكوِّن الفكرة حول موضوعه الذي سيعمل عليه كي يحوله إلى

الباوربوينت.. ليست المسألة في التقنية ولكنها في العقل الذي يستخدمها.
إن «الأبطأ هو الأسرع» في التعلم مثلما في السير، فالحافلة التي تسير ببطء تستطيع إدراك كل الواقفين على الرصيف -بتعبير شبلنج- بينما التي

تسير سريعاً لا يمكنها أن تلحظ الجميع.. ومن هنا إن سعينا إلى تطوير التعليم دفعة واحدة فستهرول بنا العجلة سريعاً لنعود ونتدارك ما فاتنا من البداية.. وهذه هي إشكالية التعليم، حيث إن كل وزير يأتي ليبدأ من أول الطريق ويحاول السير فلا يدرك الواقفين ويتخطاهم دون أن يسعى إلى إركابهم معه في حافلته.

دعونا نركز على التبادلية هنا وأنماطها ومدى تفاعلها، فالتبادلية هي التي تغذي الفكر وتتجه به نحو ما نريد متى ما أصَّلنا المنهج المفتوح الذي يركز على الأساسيات دون أن نقيده بالسير فيها، بل بالتحرك عبرها للوصول إلى المعرفة بالطريقة التبادلية لا بالتلقين، بل بالفهم والحوار والنقاش وفتح مدارك العقل دون كبت.