العالم أجمع يدرك أن هذه الحيلة لم تكن من أجل عيون اليهود بل من أجل تخلص الغرب من الصهاينة وإخراجهم من كياناتهم ليعيشوا بسلام وطمأنينة.
الفوضى التي تحدث في العالم العربي قد تكون نوعاً من «الإلهاء» الذي تقوم به السياسات الخارجية تجاه المنطقة، فلدينا الآن خمس حروب مشتعلة في كل من سوريا وليبيا والعراق ولبنان وغزة، وهذه الأخيرة حركت الأنظار باتجاهها وجعلت العالم العربي يلهو عن سوريا وعن العراق وعن ليبيا.. وكأن شوكة إسرائيل إنما زرعت لممارسة اللعب الغربي في المنطقة، هذا اللعب يأتي عبر استراتيجية افتعال الأزمات، ولنلحظ هنا الأزمة من أين انطلقت في المنطقة العربية بعد ثلاث سنوات من الدمار السوري حيث تدخل حزب الله ثم وجود جبهة النصرة والجيش الإسلامي فظهور داعش.. هذا الظهور الذي أتي إلى المنطقة السورية وتحول بعد كلمة نوري المالكي، قبل الانتخابات العراقية، عن وضع العراق الذي أوجد له أربعة سيناريوهات لحل أزمة بلده أولها كان التقاتل الطائفي وثانيها تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات.. ولا يهمنا ثالثها أو رابعها لأن الشرط الثاني لاستقرار العراق هو ما تحقق، هذا الشرط الذي شدد عليه المالكي وقال: لا نرغب فيه. ولكن «داعش» بعد الانتخابات العراقية قرأت السيناريو جيداً واتجهت نحو العراق وبدأت تعصف بخريطة العراق، وكل شيء تم في لمح البصر، حيث تمكنوا من السيطرة على مناطق حيوية فيه وتركوا وراءهم الجهاد في سوريا.
لنأتي بعد ذلك إلى هذا العصف الذي يعصف بالمنطقة العربية لنلحظ أن افتعال أزمة في العراق حوّل الأنظار عن سوريا وما يحدث فيها من قتل وتنكيل وتعذيب بشعبها.. لتصعد إسرائيل حربها على غزة وتلفت الأنظار إليها بعيدا عما يحدث في العراق ومواكبة لما يحدث في ليبيا.. وكأن العالم يقول للعرب دعونا نمارس لعبة «الإلهاء» هذه عليكم ونمرر أجندتنا دون أن تشعروا بها.. وكما هو معلوم إن الورقة التي تستخدمها أمريكا دوما في وجه العرب هي ورقة فلسطين التي تحقق مصالحها في المنطقة عبرها.
هذه الاستراتيجية التي توجهك إلى مكان لتضرب في مكان آخر ليست وليدة اليوم بل إنها منذ زمن بعيد بل منذ الاحتلال البريطاني للمنطقة العربية الذي أراد التخلص من اليهود فرماهم في حلق العرب، والعالم أجمع يدرك أن هذه الحيلة لم تكن من أجل عيون اليهود بل من أجل تخلص الغرب من الصهاينة وإخراجهم من كياناتهم ليعيشوا بسلام وطمأنينة.. ليس المهم هذا الآن بل المهم هنا هو أن إيران تلعب بشكل مقنن في المنطقة العربية وترنو إلى البعيد مستخدمة أسلوب الإلهاء الغربي بدهاء حيث إن اليمن يعيش حالة من الفوضى ولهذا اشترت كثيراً منهم بخلاف أنها تلعب في منطقة الخليج بشكل مقنن مستغلة الأقلية الشيعية في المنطقة.
ما الذي يحدث ولبنان الآن دخل ضمن الفوضى.. وما هو الهدف من هذا كله؟ هل نتساءل عن البرنامج النووي الإيراني؟ أم الإسرائيلي؟ أم عن خلخلة الأنظمة العربية؟ أم عن اقتصاد عالمي مهزوز يتطلع إلى منطقة غنية؟ أم عن نبوءة ذاهبة نحو تحققها؟
لنقرأ المشهد بشكل جيد فالزيارات الأمريكية المتكررة للمنطقة خلال شهرين مضيا، وتصريحات كيري تجاه إسرائيل وأنها تدافع عن نفسها.. ليس الهدف منها غزة، فغزة يعلم العرب أن إسرائيل تستطيع التهامها في غمضة عين دون أن يرمش لها رمش، ولكن الهدف هو المستقبل وما يتم التحضير له.. فهل يرتب العرب أوراقهم جيداً ويقرأون كل
النظريات الغربية التي تأتي في إطار «الإلهاء» و«الافتعال» و«الحلول»، ليخرجوها من جعبتهم ويكوّنوا تآلفاً مع شعوبهم، ومن ثم التنبه للخارج، الذي يسعى لزعزعة الاستقرار في الداخل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك