‏إظهار الرسائل ذات التسميات العرب. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات العرب. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018

خارطة طريق لهندسة جمهور قناة الجزيرة

صيغت النظريات الإعلامية لتنطلق من اللاوعي وتقرأ من أمامها بشكل جيد، وعلم النفس له دور كبير في هذا، والإذاعي إدوارد بيرنيز، الذي برز في منتصف القرن الميلادي الماضي، استخدم تقنيات خاله سيغموند فرويد ونظرياته في اللاوعي، وبرمج الجمهور عبر نظريته، مما جعله رجلا مطلوبًا من كل الشركات العالمية بل من حكومة الولايات المتحدة آنذاك.

وعندما انتشرت في القرن الماضي أسطورة الصحون الطائرة والغزو الفضائي تأثر العالم كله، فالتكريس لهذه الكذبة أتى من جميع الاتجاهات، وكرّس هذه النظرية "الكذبة" ما فعلته هوليوود عبر أفلامها إلى درجة أن تم هندسة الناس في أمريكا وجزء من العالم على أنها صحيحة، ولعل ما ساعد على انتشارها هو أن الميثولوجيا لعبت دورًا بارزًا لتؤثر بقوة؛ فالناس تحب الخرافات والأساطير، وحكاياتنا للأطفال عادة ما تتسم بمثل هذه الأساطير.

إن التكرار المستمر للكذبة يؤدي بالمتلقي إلى الشك، ومتى تحول المتلقي من عدم التصديق إلى الشك فإنه يدخل دائرة الخداع، وكلنا يدرك أن الحرب على العراق قامت على خدعة الجماهير الأمريكية والبريطانية ومن ثم العالم.

لماذا أنت مخدوع؟

قدمت قناة الجزيرة كتابًا عنوانه "البحث عن الحقيقة في كومة الأخبار الكاذبة" وكأنها بهذا صدقت حالها قبل غيرها بأن بث الأخبار الكاذبة يوصل إلى الحقيقة، وهي بهذا تعكس توجهها الحقيقي الذي يقوم على الكذب فقط، ولا شيء غير الكذب من أجل الوصول إلى الحقيقة، أي أنها تمرر للمشاهد الكذب حتى تصل إلى الحقيقة. لاحظوا خطورة الوضع هنا؛ إذ إن تكرار الكذب سيوصل المشاهد إلى الحقيقة، وركزوا هنا جيدًا فالحقيقة التي سيصل إليها المشاهد بعد كومة الكذب هذه هي أنه كان مخدوعًا، وأنها طوال الفترة التي عاشها معها كانت تكذب عليه، ليكتشف أن الحقيقة هي عكس ما كانت تقوله له هذه القناة المخادعة. العجيب في هذا البحث الذي كتبه مجموعة ممن يعملون في الجزيرة يعلمك كيف تتبع الأخبار وكيف توثقها وتطارد مصادرها، ومع ذلك يعون أنك لن تفعل لأنك ببساطة تسمع الخبر وتصدقه منهم، دون أن تشغّل عقلك وتتأكد من مصداقيته!

سأسأل سؤالاً: كم عدد سكان الأرض؟ ستة مليارات سبعة.. ما هو تأثير قصة طفل أو رجل أو امرأة أو عشر قصص أو مائة على سبعة مليارات؟ وهل الحكم على الكرة الأرضية برمتها أنها خيّرة أو شريرة بناء على هذه القصص؟

المحتوى لا يكمن في الانتقائية بقدر ما يكمن في الموضوعية التي تربط الأحداث ببعضها بعضًا، لتؤلف المصداقية المنتظرة منها، وليس لتكرر القصة ذاتها من عدة اتجاهات من أجل أن نصدقها. وهذا بالضبط ما تفعله قناة الجزيرة في عقولكم ـ يا شعبنا العربي ـ حيث أنها تكرر من أجل أن تصدقوا، ولكنها لا تعطيكم القياس الحقيقي للمصداقية، ولا تنشر لكم بموضوعية، بقدر ما تكرّس للوصول إلى أهدافها التي تريدها منكم، فتنساقون وراءها معتقدين أنها تقدم الدليل تلو الآخر، بينما هي "تكرر" لكم من أجل أن تقتنعوا وليس من اجل الحقيقة كما يتم تصويره لكم.

وتعمل قناة الجزيرة على تكرار الكذبة مهما كانت صغيرة. وتستمر في ترديدها حتى يدخل الشك قلب المستمع، فيبدأ يبني على ما يسمعه باستمرار حتى يقتنع بأن ما يقال هو الحقيقة، والتكرار يوصل المتلقي إلى:

أولا: الشك، ومتى وصل إلى هذه المرحلة فيعني أنه اقترب من الوقوع في الفخ.

ثانيًا: الاقتناع، بعد الشك يستمر التكرار إلى أن يصل إلى الاقتناع، وهو هنا يكون قد وقع في الشبكة وتمت السيطرة عليه.

ثالثًا: بعد الاقتناع تأتي التبعية. ويكون ذلك أيضًا عبر التكرار لعدم النسيان واستمراره كأحد الجماهير الذين يتم اخضاع عقولها لهذه التجارة الرائدة في قناة الجزيرة، وتصديق كل ما تقوله.

رابعًا: التحول من مستقبل إلى مرسل وذلك عبر إرسال قناعاته لآخرين كي يسيروا معه وراء هذه الخدعة دون أن يشعر أنه مخدوع.

هنا: لا أوجهك إلى عدم التصديق بل إلى التدقيق

ـ دقق في الرسائل التي تتكرر.

ـ اربط بينها.

ـ قارن مع الوسائل الأخرى.

كيف تسير في هذا الطريق:

ـ لا تتابع ما ترغب في أن تسمعه فقط.

ـ توجه إلى كل الإعلام حتى ما لا يتفق معك كي تصل إلى الحقيقة.

ـ استقلاليتك تتم عبر نقدك، وليس عبر تبعيتك لما يقال.

ـ لا تصدق كل ما تقوله الجزيرة.

ـ اقرأ تاريخ المصادر التي تنقل لك المعلومات.

ـ تثبت من المعلومة، فليس شرطًا أن علمًا من الأعلام يقول لك الحقيقة.

السبت، 1 سبتمبر 2018

موقف الأمم المتحدة في سوريا

لا شيء يهز العالم 19


 

عام 1945 وبينما كان العالم مجتمعًا في سان فرانسسكو من أجل إعلان سيطرة الدول الخمس العظمى على القرار العالمي، وبينما كانت فرنسا تدافع عن حقوقها اللغوية في المؤتمر فإنها في نفس الوقت كانت تسعى إلى تأكيد حقوقها الاستعمارية في سوريا، أي أن قضية سوريا مع الخمسة الكبار، ومع مجلس الأمن كانت من أول يوم نشأ فيه المجلس، وكان من الواضح أنه لا يبدي اهتمامًا نحوها.

والأمم المتحدة في هذه القضية أصدرت في البدء من 2011 حتى 2013م ستة بيانات، و20 قرارًا لمجلس الأمن، واتخذ مجلس الأمن الدولي القرار الرقم (2043)، والذي صدر يوم السبت 21 أبريل 2012 بإجماع الأعضاء كافة على تخويل الأمين العام للأمم المتحدة بإرسال 300 مراقب عسكري مبدئيًا، على أن يكونوا غير مسلحين لمدة 3 أشهر، لمراقبة وقف إطلاق النار في سورية، والنظر في التزام سائر الأطراف بخطة عنان للسلام. وأنشئت البعثة للمراقبة في سوريا لفترة أولية مدتها 90 يوما، وبدأت البعثة مهامها، لكنها قررت تعليق أنشطتها في 15 يونيو/حزيران من العام ذاته، قبل أن توقف عملها نهائيا بحلول أغسطس/آب 2013. وفي 22 يناير/كانون الثاني 2014، وعقدت في سويسرا مؤتمرات جنيف من 1 حتى 8 وجميعها باءت بالفشل أو أريد لها الفشل بمعنى واضح، ومؤتمر جنيف 1 الذي استند إلى هذا البيان، والذي حضره لأول مرة ممثلون عن كل من الحكومة السورية والمعارضة. بينما في آخر مؤتمر وهو جنيف 8 أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ختام مفاوضات "جنيف-8"، مبديًا أسفه لعدم تحقيق تقدم في هذه الجولة، وعدم حصول ما وصفها بـ"مفاوضات حقيقة" بين الطرفين.



وفي العام 2013 حدث تطور جديد في دور الامم المتحدة في سوريا عندما، أصدر مجلس الأمن في 27 سبتمبر/أيلول 2013، القرار الرقم (2118)، الذي طالب بالتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية. واستند هذا القرار إلى الاتفاق الأمريكي الروسي الذي تم في جنيف، قبل نحو أسبوعين من ذلك التاريخ. وأعقبه قرار من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قضى بوضع إجراءات خاصة لتدمير البرنامج الكيميائي السوري، وفق جدول زمني متفق عليه. وقطعًا إلى تاريخه كل ذلك مجرد "حبر على ورق".

إن موقع سوريا الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، حيث تعد مركز خطوط التبادل والتجارة بين هذه القارات، جعل أمريكا وبعض الدول الغربية تسعى إلى السيطرة عليها من أجل مد خطوط الطاقة من الخليج العربي إلى أوروبا عبرها لكسر حاجة أوروبا للغاز الروسي، وكذلك جعل الأراضي والمرافئ السورية ممرا لاستيراد وتصدير البضائع إلى دول الخليج العربي.

"كما إن تموضع سوريا في شمال فلسطين جعل منها هدفا أساسيا لحركة الصهيونية العالمية، يجب السيطرة عليه من أجل تنفيذ مخططاتها في المنطقة، هذا العامل يعطي سوريا أهمية جيوسياسية كبيرة جدا، ولكن بنفس الوقت يعطي سوريا نقطة قوة رئيسية تفرضها الحسابات الدولية نظرا لحساسية هذا الملف المفرطة والمؤثرة وعدم إمكانية المغامرة فيه.

سوريا غنية جدا بالثروات الطبيعية والبشرية والحضارية، ويعتبر البترول والغاز الطبيعي من أهم الثروات الطبيعية، وتليها الفوسفات ثم الملح الصخري والجص والإسفلت كما توجد بعض الموارد الهامة التي تستخدم كمواد أولية في الصناعة كالمارن والغضار والرمال وكذلك في أعمال البناء كالصخور الكلسية والبازلتية والمنغنيز والرصاص والنحاس واليورانيوم والمعدنية كالكبريت والتالك والحرير الصخري (الاسبستوس).

حضارة سوريا تعود لعشرات آلاف السنين، إلى عصور ما قبل التاريخ، ودمشق أقدم عاصمة مسكونة في التاريخ، وتعاقبت على سوريا أعظم حضارات الشرق التي أغنت البشرية بالعطاءات في شتى المجالات أهمها أقدم أبجدية في التاريخ، ففي أوغاريت وماري وإبلا، تم اكتشاف آلاف الرُقم والمحفوظات الضخمة التي تضمنت الكثير من النصوص التجارية والسياسية والقانونية والميثولوجية، كذلك كانت الحضارة الفينيقية والآرامية مرورا بأفاميا وتدمر وبصرى، وهذه المواقع والآثار تفوق في قيمتها النفط والغاز.

جغرافيًا تتمتع سوريا بتنوع تضاريسها، حيث توجد الجبال والسهول والصحراء والبحر والأنهار، مناخها متوسطي معتدل جميل وشمسها دافئة، وهذا يساعد على التنوع الكبير في الإنتاج الزراعي والحيواني وكذلك صيد الأسماك، والأرقام الحقيقية لهذا الإنتاج الضخم قد تدهش الكثيرين وتفوق بكثير الإحصائيات الرسمية.

ولذلك كانت الهجمة الشريرة على سوريا في عام 2011 من قبل المحور الأطلسي الذي دعم الإرهاب القادم من خارج حدود سوريا سياسيا ولوجستيا وماليا وإعلاميا سراً وعلانية من أجل السيطرة على سوريا ووضعها في طرفه ضمن المعادلة الدولية، ولكنه اصطدم بوحدة الشعب السوري العريق بكل أطيافه الذي قدم مئات الآلاف من أبناءه لتبقى سوريا، والذي دعمه المحور الأوراسي المقاوم للهيمنة الأميركية بقيادة روسيا الاتحادية، وهنا تترسخ المعادلة الدولية في المعنى الجيوسياسي فالمحور الذي ستكون سوريا طرفا فيه سيكون قادر على التأثير في الكثير من المعطيات الدولية الهامة[1]."

 

في تقريرها لعام 2017م  قالت "هيومن رايتس ووتش":

جهود الولايات المتحدة وروسيا، وتدخلهما المتعاظم بسوريا للتوصل إلى تسوية سياسية عام 2016، فشلت إلى حد كبير في تقليص الانتهاكات الفادحة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي باتت سمة النزاع المسلح هناك.

وكشفت عن أنه بلغ عدد القتلى جراء الصراع 470 ألفا حتى فبراير/شباط 2016، وفقا لمنظمة "المركز السوري لبحوث السياسات" البحثية المستقلة. مما أدى إلى تشرد ما يزيد عن 6.1 مليون نازح، و4.8 مليون طالب لجوء، وفقا لـ "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية". بحلول منتصف عام 2016، كما أظهر التقرير أن هناك ما يقدر بمليون نسمة يعيشون في المناطق المحاصرة ومحرومون من المساعدات الضرورية للحياة والمساعدات الإنسانية.

واعتُقل أو اختفى أكثر من 117 ألف شخص منذ عام 2011، غالبيتهم العظمى على يد القوات الحكومية، من بينهم 4557 شخصا بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2016، وفقا لـ "الشبكة السورية لحقوق الإنسان". يتفشى التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، كما قُتل الآلاف في المعتقلات.[2]

والملاحظة هنا في مثل هذه التقارير أن هذه المنظمات لا تعتمد في تقاريرها على حضورها أو وجودها في قلب الحدث بل تعتمد على ما يبثه الآخرون من الطرفين المتنازعين، سواء من النظام أو من الشعب أو الحركات الشعبية التي تسعى لإسقاط النظام لتعيش حياة حرة وكريمة.

وعلى الرغم من أن النظام استخدم الأسلحة الكيماوية وأسقط البراميل المحملة بكافة أنواع هذه الأسلحة إلا أن الأمم المتحدة وما يتبعها من منظمات تكتفي بالإشارة إلى ذلك دون أن تسعى إلى تحريك المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات حاسمة في هذا الإطار. واستمرار العبث من قبل القوى العالمية في هذه المنطقة واضح وضوح الشمس بدلالة تكيفها مع باصات نقل ما اخترعوه على أرض الواقع تنظيم "داعش"، والعمل على مساعدته للتنقل في أرجاء سوريا دون مضايقة بل وبحماية دولية، استغربها العالم أجمع.

ومع ما خلصت "آلية التحقيق المشتركة" بين "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" والأمم المتحدة في تقريرها الرابع، الذي صدر هذا العام، إلى أن قوات الحكومة السورية استخدمت المواد الكيميائية في هجوم في إدلب في مارس/آذار 2015. حدد التحقيق وحدات الجيش المسؤولة عن رحلات جوية مرتبطة بالهجمات، ولكن لم يذكر أسماء قادة الوحدات بسبب عدم رد الحكومة السورية على استفسارات حاسمة. وصلت "آلية التحقيق المشتركة" إلى النتيجة ذاتها حول هجومين آخرين عامي 2014 و2015 في تقرير سابق. وجدت اللجنة أيضا في وقت سابق أن داعش استخدم غاز الخردل الكبريتي في هجوم على مناطق تسيطر عليها جماعات معارضة مسلحة في أغسطس/آب 2015.

وهيومن رايتس ووتش عام 2016 قالت إنها وثّقت عدة هجمات على المنازل والمرافق الطبية والأسواق والمدارس بدا أنها استُهدِفت عمدا، بما فيها غارة جوية كبرى للتحالف السوري-الروسي قصفت مستشفى القدس والمناطق المحيطة به في 27 أبريل/نيسان 2016، ما أسفر عن مقتل 58 مدنيا ومريضا. وقعت عدة هجمات على المرافق الصحية في أغسطس/آب وحده، بما فيها في إدلب وحلب وحماة وحمص.

وقالت: "إن قوات الحكومة استخدمت ما لا يقل عن 13 نوعا من الذخائر العنقودية المحرمة دوليا في أكثر من 400 هجمة على مناطق تسيطر عليها المعارضة، في الفترة من يوليو/تموز 2012 وحتى أغسطس/آب 2016، ما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين من بينهم أطفال. استخدمت العمليات العسكرية السورية-الروسية المشتركة، التي بدأت في 30 سبتمبر/أيلول 2015، الذخائر العنقودية المحرمة دوليا على نطاق واسع. حظرت معظم الدول الذخائر العنقودية لأن القنابل الصغيرة التي ترميها تنتشر في مساحة واسعة ولا تميز بين المقاتلين والمدنيين، ولأن العديد من الذخائر الصغيرة لا تنفجر وتتحول فعليا إلى ألغام أرضية يمكن أن تنفجر إذا لُمست، حتى بعد سنوات عديدة.

لجأت القوات الحكومية وحلفاؤها بشكل متزايد إلى استخدام الأسلحة الحارقة، مع ما لا يقل عن 18 هجمة موثقة على معاقل للمعارضة في حلب وإدلب بين 5 يونيو/حزيران و10 أغسطس/آب. بثّ تلفزيون "روسيا اليوم" في يونيو/حزيران لقطات لأسلحة حارقة (من نوع آر بي كي-500 زاب-2.5 إس إم) محملة على طائرة هجومية مقاتلة طراز من "سو 34" في قاعدة عسكرية سورية. تحفز الأسلحة الحارقة سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي تشعل الحرائق صعبة الإطفاء وتسبب حروقا شديدة الإيلام ويصعب علاجها. صادقت 113 دولة من بينها روسيا (ولكن ليس سوريا) على بروتوكول "اتفاقية الأسلحة التقليدية" الذي يحظر استخدام الأسلحة الحارقة التي تلقى من الجو على مناطق "تجمعات المدنيين".



وبينما تواصل روسيا نفي تورطها في هجمات الأسلحة الحارقة في سوريا، تتجاهل سوريا باستمرار دعوات التوقيع على البروتوكول، كما وُثّق استخدام القوات العسكرية للأسلحة الحارقة منذ نهاية عام 2012.

واصلت القوات الحكومية أيضا استخدام المواد الكيميائية السامة في كثير من الهجمات بالبراميل المتفجرة في انتهاك لـ "اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية". ألقت مروحيات الحكومة السورية براميل متفجرة تحتوي موادا كيميائية سامة على أحياء سكنية في معاقل للمعارضة في مدينة حلب في 10 أغسطس/آب و6 سبتمبر/أيلول.

ونسبت لجنة التحقيق الأممية في تقرير أصدرته في 24 أغسطس/آب هجومين بالأسلحة الكيميائية عام 2016 إلى الحكومة السورية، وواحد إلى داعش الذي يخضع بالفعل لعقوبات من الأمم المتحدة".[3]

إن التقرير الذي أوردته هيومن رايتس ووتش، وهو ليس الأول ولا الأخير، دوما يتحاشى ذكر إيران وتأثيرها في هذه الحرب، وتعميق جراح السوريين، بل تأجيج الصراع في سوريا، حيث أنها تعد عاملاً رئيسًا فيها، بالإضافة إلى دخول إسرائيل في السنتين الأخيرتين عيانًا بيانًا إلى جانب إيران وروسيا في تدخلهما السافر في هذه الحرب، ومع ذلك فإن الأمم المتحدة متساهلة في هذا الجانب، بل إنها تعمد إلى عدم ذكر الجانب الإيراني في أي من قراراتها أو من قراءاتها أو تقاريرها الدورية، وهذا يدلل على المنحى الذي تنتهجه الأمم المتحدة تجاه العرب، بحيث أنها تخدم أجندة تسعى إلى هدم الدول العربية، والعمل على دمار المنطقة العربية، دون أن يكون للعدالة أي درب في هذا الصراع.

القيود غير القانونية على المساعدات الإنسانية

وعلى الرغم من الجهود الدولية التي تسعى لمساعدة الشعب المغلوب على أمره إلا إن القوات الحكومية والموالية لها، دومًا تعرقل أي مسار تسير فيه حملات الإغاثة للشعب، وباعتراف صريح قالت الأمم المتحدة: إن الحكومة السورية أزالت العناصر الضرورية للحياة من قوافل المساعدات التي سمحت بدخولها. وأضافت: إنه في شهر فبراير/شباط وحده منعت الحكومة 80 ألف مادة علاجية، من بينها مجموعات علاج الإسهال، واللوازم الصحية في حالات الطوارئ، والمضادات الحيوية وأدوية أخرى، من الدخول إلى المناطق المحاصرة.

 

إن تدهور الأوضاع الإنسانية في المناطق التي تحاصرها القوات الحكومية والقوات الموالية لها بسرعة، اضطر سكان داريا ـمثلاـ في ريف دمشق إلى الجلاء عن المدينة في 25 أغسطس/آب بعد حصار 4 سنوات.

كما قصفت طائرات في 19 سبتمبر/أيلول 2016، قافلة معونات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، ومستودع لـ "الهلال الأحمر السوري" في أورم الكبرى بحلب، ما أسفر عن مقتل 20 مدنيا وموظف واحد بينما كانوا يفرغون الشاحنات. كانت معظم المساعدات، بما فيها مواد غذائية وإمدادات طبية، ستوزع على 78 ألف شخص على الأقل، وفقا لبيان "الهلال الأحمر السوري". قالت الأمم المتحدة إن القافلة تلقت التصاريح اللازمة من الحكومة السورية مقدما للعبور من أجزاء حلب التي تسيطر عليها الحكومة إلى أجزاء من حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة لتقديم المساعدات. كل هذا يحدث والعالم يقف متفرجًا ويكتفي بالتنديد الخافت، والأمم المتحدة فقط تدعو الأطراف المتنازعة إلى الحوار، وتكرار الحوار لم يفد من جنيف 1 حتى 8 ومع ذلك هناك إصرار عليه، كمن يقول للعالم نريد إطالة أمد الحرب، ولا نريد الفصل في سوريا في الوقت الراهن، بل ننتظر حتى نصل إلى غايتنا التي نريد والتي لم تتحقق إلى الآن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]

[2]  راجع موقع المنظمة رابط : https://www.hrw.org/ar/world-report/2017/country-chapters/298280

[3]  نفسه

السبت، 21 أكتوبر 2017

الثقل السعودي في إدارة أزمة المنطقة

باختصار:


قراءة الواقع تحتم علينا قراءة بعد النظر في السياسة السعودية، ففي الوقت الذي كانت فيه أمريكا في عهد أوباما ترتمي في أحضان إيران، كان العمل السعودي على أشده لتغيير مسار اللعبة في الشرق الأوسط، وذلك بمواجهة أمريكا عبر إيران، أي مواجهة إيران في أي موقع ذهبت إليه، وهذا أسلوب ذكي يدلل على الحنكة، بحيث أنها لم تخسر أمريكا وفي نفس الوقت تواجهها عبر من ارتضته وكيلاً لها في المنطقة، أو عن مشروعها الذي يهدف إلى تفتيت المنطقة.

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 32

· أن تكذب أكثر 5


· القوة الناعمة

نحت أمريكا منحى موازٍ تماماً لأيام الحرب الباردة، وأعادت صياغة مصطلح " الحرب الباردة" ليتحول إلى  القوة الناعمة ( Soft power ) ولعل إيحاءات هذه المرحلة بدأت من عام 1989م عندما سقط جدار برلين دون أن تقام حرب أو تسفك دماء، حيث يشير مؤسس مصطلح " القوة الناعمة " جوزيف ناي ـ وقد كان نائباً لوزير الدفاع الأمريكي، وكتب عنه عام 1990م في كتابه ( ملزمون بالقيادة) ـ إلى أن الجدار تم اختراقه بالتلفزيون والسينما منذ زمن طويل قبل سقوطه، في إشارة إلى تأثير الثقافة الغربية بدلا عن السلاح.

الأحد، 2 أبريل 2017

الحرب القذرة على العالم (13)

 الـ  pax Americana


إن لدينا أفضل الصلات في أفضل بقاع العالم... نحن على قمة العالم .       


ريدرز دايجست ، الطبعة العالمية " اﻟﻤﺠلة الأكثر رواجا في العالم " 23 أكتوبر 1972


يقول ريتشارد نيكسون:"من السمات الأساسية لأسلوبنا في الحياة إيماننا بأنه عندما يعمد الحكام إلى الإستئثار المنظم بالمعلومات، التي هي حق خالص لجمهور الشعب، فإن أفراد الشعب سرعان ما يصبحون في وضع يجهلون معه كل ما يتعلق بشؤونهم الخاصة... وسيفتقرون في نهاية الأمر إلى القدرة على تحديد مصائرهم الخاصة[1] " وهذا القول لم يكن وليد تلك اللحظة فسبق وأن أشرنا أنه عندما أسس "ترومان" مكتب الخدمات الإستراتيجية عام 1941م، كان الهدف منه اكتشاف الخطر قبل وقوعه، أي أن يقوم بعمليات استباقية ، ولهذا كان " كل عضو فيه يحمل حقيبة صغيرة بها بندقية قصيرة وعدد من القنابل اليدوية وبعض العملات الذهبية وحبة دواء قاتلة لتنفيذ عمليات قذرة.."[2].

ونعلم أنه أغلق هذا المكتب ولكنه عاد حين اكتشف ترومان حاجته إليه أمام المد الأحمر آنذاك.. واشتعلت الحرب الباردة بينهما والعالم مشغول بمداواة جراحه، بينما الرأسمالية الأمريكية والشيوعية يخططان كيف يسيطران على العالم.

لتخطو أمريكا في هذا الجانب خطوة جعلتها تسير عليها إلى اليوم ، حيث أعلن ترومان عام 1949م عن برنامج النقطة الرابعة لتأييد "السلام العالمي" وفق محاوره الأربعة [3]

وتنبه الأمريكان لخطورة الثقافة منذ بداية تكوين الدولة، فقتلهم في ( هولوكست الهنود الحمر) لـ 112 مليون هندي لا يعني محو حضارة الهنود الحمر، فتاريخياً يصعب محوها، ولا يعني تحرير وتوحيد البلاد، ولكن بقتل هذا العدد الكبير فهو يؤشر إلى الرغبة في محو الثقافة، فمن تبقى من الهنود الحمر لا بد أن ينخرط في الثقافة الجديدة أو مصيره الموت. [4]

وما مقولة نيكسون أعلاه سوى إحدى علامات التوجه الذي تنتهجه أمريكا في العمل على محاربة الثقافات، حتى في الداخل الأمريكي، الذي كان يزخر بالمبادئ الشيوعية آنذاك. ومن هنا فإن الثقافة هي العنصر الأساس في عملية السيطرة على العالم، وجعل العالم يعيش في فوضى أو جعله مستقراً، والغالب أن الفوضى هي التي يجب أن تستمر، وبالفعل الثقافي تستطيع تغيير المفاهيم وتغيير السلوكيات، وتوجيه الوهم حسب متطلبات الفرد، وحسب رغباته وتوجهاته، بعد دراسة سلوك المجتمعات، وسعي الشعوب نحو وهم صناعة العقول، والاتجاه في الطريق الصحيح للوصول إلى قمة الحرية، التي تصنعها الآلة الغربية وعلى رأسها أمريكا.

الجمعة، 13 يناير 2017

الحرب القذرة على العالم ( 11 )

بوكو حرام


جميع هجمات بوكو حرام في نيجيريا على الشمال المسلم ولم تضرب الجنوب المسيحي

بوكو حرام .. صنيعة الغرب لوقف التطور النيجيري والأفريقي

منبع التنظيمات الإرهابية واحداً 

" بوكو حرام " الذي يعني بلغة الهوسا "تحريم التعليم الغربي" يذكرنا هذا الاسم بشعار إيران وتوابعها " الموت لأمريكا.. الموت لاسرائيل".. وكأن المصطلحات هذه تأتي من منبع واحد، يريد عبرها أن يشوه سمعة الإسلام، وهي تنظيمات تم صناعتها لخدمة العولمة المتطرفة، التي أثبتت فشلها يوما بعد يوم. وأثبتت الأحداث للعالم أن التطرف لم يأت من الدين بل جاء عبر السياسة، وأن الايديلوجيات التي ذهب بها الغرب كل مذهب تؤسس لهدف واحد هو السيطرة على العالم عبر خلق الفوضى فيه.. وعبر تفتيت المجتمعات المتماسكة.

"كما يذكرنا اسمها وموقفها ذلك، بكتاب المنظّر المتشدد «أبو محمد المقدسي» بعنوان «إعداد القادة الفوارس بهجر فساد المدارس»، وغيره من منظري التطرف باسم "الجهاد"، الذين اتجهواهذا الاتجاه في تحريم التعليم الغربي والمدني. أما اسمها الرسمي فهو أكثر دلالة على هذا الانتماء، فهي حسبما سماها مؤسسها ويدعوها تابعوها "جماعة السنة للدعوة والجهاد"، وهو ما يذكرنا بأسماء تنظيمات شبيهة كـ"القاعدة في المغرب العربي" التي كان اسمها قبل مبايعتها القاعدة عام 2007 هو "الدعوة السلفية للدعوة والقتال" و"جيش أهل السنة في العراق"، الذي أسسه زعيم "داعش" الحالي أبو بكر البغدادي، الذي يحمل شهادة دكتوراه في علم القراءات من جامعة الموصل، وصار بمقتضاه عضوا في "مجلس شورى المجاهدين" الذي أطّره أبو مصعب الزرقاوي (قتل في يونيو/حزيران 2006) جامعا لمختلف الفصائل المتطرفة في العراق. إنها ليست تسميات واحدة، ولكنها توجهات آيديولوجية وعقدية متطابقة، وتأسيسات للروابط التنظيمية في عولمة التطرف باسم الدين فيما قد يفسر صلابة ما يعرف بتنظيمات التطرف المعولمة، وتمدد البيعات من نيجيريا وغرب أفريقيا، حتى إندونيسيا وشرق آسيا، وأهمية الصراع، في ساحة متاحة للتنافس، على قيادة ما يزعم بأنه "الجهاد العالمي" بين تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الذي يبدو أنه قد كسبه الأخير."

هذا ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية وما نقلته عنها صحيفة الشرق الأوسط، والتي تكرس هنا في تقريرها أو تعريفها لبوكو حرام على أنها سنية جهادية، وأيضا لكم أن تروا التشابه في مقتل مؤسس بوكو حرام محمد يوسف في مسجد ابن تيمية، وهو الذي استسلم لهم وقتها ومع ذلك قتلوه ، ولم يقبضوا عليه حياً كي لا يكشف أسرار بوكو حرام، ومقتل أبو حفص الأنصاري زعيم جماعة أنصار الله في غزة، لاحظوا أنصار الله في غزة، مقتله في مسجد ابن تيمية أيضاً، فالمدقق هنا سيلحظ أن الحبكة باستغلال خونة أو سذج أو سموهم ما شئتم من أجل تحقيق أهداف التطرف المعولم.

الأحد، 31 يوليو 2016

الافتعال الاعلامي وسينما أمريكا..

الإعلام الغربي يفبرك القصص بلمسات حقوقية وانسانية وادعاء مكافحة الارهاب


 

هل العالم يصدق ما ينشر في الصحف؟ وهل يعيش الناس في ظل وسائل اتواصل السريعة في خديعة من وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيونات والصحف؟ وهل يرضخ الناس تحت وطأة التحليل السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي ويشيرون إلى ما يقوله أهل التحليل؟

فعندما تنشر التايمز موضوعاً بعنوان " القاعدة ستستولي على سوريا من الأسد وداعش" ما الذي يتبادر إلى ذهن القارئ ؟ وهل ، هو الذي يتابع أخبار سوريا بالثانية وليس بالدقيقة الواحدة، سيصدقها؟ وهل تعتقدون أن " بعبع " القاعدة أصبح يخيف القارئ العادي قبل السياسي؟

كأن لعبة الإعلام الغربي هنا باتت فجة، وتحولت بقدرة قادر إلى عمليات استخبارية تقدم فيها الجهات المعنية بتدوير الحروب، أو الفوضى، اشارات ، إلى المعنيين فقط؛ والمعنيون هنا هم أهل السياسة بالتحديد ومن ثمّ أهل التجارة، بأن "الافتعال" يجب أن يسير عبر تكوين تعددية تنظيمية يسقط واحداً ويظهر آخر وهكذا.. وأن نذهب بهذا التشفير إلى " الإلهاء" نثير الغبار في جهة ما ، ونضرب في جهة أخرى.

الواقع اليوم في ظل قرب انهيار العولمة التي سعى إليها الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفيتي يشير إلى أن الخطة مع ثورة الاتصالات وجهت أهل السياسة إلى خطط لم تخطر لهم على بال قبل هذه الثورة، ولم يتوقعوا نتائجها وهم يضعون أسس العولمة، التي لاح في أفقها أنها تنهار منذ الأزمة الإقتصادية عام 2008م .

العالم يتدهور والسياسيون فقدوا حماستهم تجاه الحروب، ولكن الضغوطات الاقتصادية تجبرهم على صنع الخراب في مكان ما لينتعش مكان آخر، وضغوطات تجار السلاح تجبرهم على استمرار الحروب كي تنتعش السوق قليلاً.

ولم تعد الآلة الإعلامية التقليدية مجدية في هذا الزمن، كما أن الخطب الرنانة بل باتت كلمات شعبية مثل الذي يحدث بين ترامب وكلينتون على موقع التواصل " تويتر" تحولت رئاسة أكبر دولة في العالم إلى مهزلة يتداولها الناس ويسخرون منها ، والاعلام الرصين يتناقل ما يقوله الناس وكأنه سبق صحفي كبير.

بات الاعتماد في نشر الفوضى على الإعلام الجديد وليس التقليدي ، وبات الإعلام التقليدي يسعى إلى ابهار متابعيه عبر تحليل هو عبارة عن رسالة مشفرة للسياسيين فقط دون أن تهم القارئ في أي شيء. بات يظهر للجميع أنه يكذب على الناس ويأخذون كلمات التحليل من باب النكتة فقط..

بالطبع أتحدث هنا عن المنطقة العربية تحديداً، بينما في دولة كالولايات المتحدة ستنقلب النظرية لتقول إن الشعب يعيش في بحبوحة من أمره ولا همه هل هناك مراوغات أو حروب إعلامية ، وكل ما يتبقى له هو ضوء آلة السينما تصيبه بغشاوة بعد أن يخرج إلى شمس النهار من صالة السينما، ليجد أن كل ما يحدث هو خططاً تعصف بمستقبله دون أن يدرك ما تفعله سياسة بلده في بلدان أخرى.

هل تصدقون هذا الكلام؟

 

الأربعاء، 10 يونيو 2015

"شخبطات" أمريكا على جدران العرب

قيل إن «السياسة هي فن تأجيل القرارات حتى لا تعد ذات جدوى» والتسلسل الزمني لهذا الفن الأمريكي انطلق من أفغانستان بقيام طالبان فظهور القاعدة ثم تأجيل إسقاط أسامة بن لادن رمز القاعدة إلى أن ظهر البغدادي لتظهر «داعش».. وما الذي جد في الأمر في المنطقة العربية ـ وليس الشرق الأوسط ـ ألا نرى أن ظهور الحوثي فيه قراءة لتاريخ

سابق انطلق من إسرائيل ومر بالحرب الباردة التي استفاد منها الأمريكان بشكل كامل، بحيث إنهم يسعون إلى تعطيل القرارات وتأجيلها إلى أن تصبح غير ذات جدوى؟
وأليست قرارات مجلس الأمن المتتابعة منذ 2011م حول اليمن أصبحت ضمن أجندة التأجيل، التي يتبعها المجلس العالمي الموقر، هذه الأجندة التي تخص المنطقة العربية لوحدها، التي يجب أن تخضع لقرارات الدول العظمى وعلى رأسها أمريكا.
لا تعجبوا فالرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان قال ذات يوم « إذا كنت لا تستطيع إقناعهم، حاول أن تسبب لهم الإرباك». فجنيف المؤجل كانت مرفوضة من الطرف اليمني الشرعي والمستند على قرارات متتالية من مجلس الأمن، آخرها القرار 2216 الذي أجمع الجميع فيه على أحقية استعادة الشرعية وعلى تسليم الحوثي كامل البلاد والعتاد

للسلطة الشرعية. بل إن أمريكا والعالم دعموا قوات التحالف في استعادة الحكومة الشرعية سلطتها عبر التأييد العريض لـ «عاصفة الحزم» ولكن يبدو أن الأمريكان تذكروا مقولة رئيسهم الأسبق أعلاه وقالوا دعونا نسبب لهم الإرباك. وذلك بجنيف آخر يحضر فيه الطرف المعتدي دون شرط أو قيد بل قد يحضر فيه الداعم للاعتداء وهو إيران، ولعله من البديهي أن يكون هذا نوعاً من الإرباك لـ «إعادة الأمل» في اليمن التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق العدالة للشعب اليمني.
قطعاً نحن العرب أو المثقف العربي قد يصرخ هنا ويقول إنك من حزب «كل شيء مؤامرة»، وأنا أقول إنه لا مؤامرة هنا ولكن وقائع واضحة للعيان هذه الوقائع، تقول إن أمريكا تكتب في الجدران العربية «شخبطات» وتقول إنه «فن». بل إنها تضع المبراة والممحاة أمام الرسام وتقول له اشطب هذا الخط وارسم خطاً آخر؛ ومن هذا الفن ما حدث في العراق عندما

أسقط صدام حسين بحجة النووي، واكتشف العالم أنه لا يوجد نووي، فقالوا إن هذا من أجل إحلال العدالة في العراق واكتشف العالم بعد ذلك أنه لا عدالة، لترمي بالعراق في أتون الطائفية والتقسيمات العرقية وتستمر فوضى كونداليزا رايس في هذا البلد، لتتوسع وتطال ليبيا ومن ثم سوريا وكادت تدخل جدران مصر ولكن.. لنرى الرسم الآن في جدار يمن

العروبة التي عاث فيها الرئيس المخلوع والحوثي بمساندة فارسية الفساد، الذي أصدر بسببها مجلس الأمن الموقر خمسة قرارات جميعها تطالب بالالتزام بالشرعية فيه. فأي رسم سيرسم في محادثات جنيف؟ وهل أعتقد أن هناك مؤامرة على العالم العربي بعد هذا؟ حاشا وكلا لست من المتشائمين في أن الديمقراطية الأمريكية تعبث بأمن المنطقة العربية، ولست متشائماً في أن لغة الدم التي في سوريا هدفها هو العربي، وأن داعش وهي تتمدد تسعى إلى خلخلة الأنظمة العربية، وأن شبح القاعدة الذي تحاربه أمريكا يجب أن تتوقف عنه!!
جنيف ما هي إلا نقطة تأجيل أخرى تريدها أمريكا، وليس من مصلحة الحكومة الشرعية اليمنية أن تذهب إليها، فكون المعتدي يجلس على طاولة الحوار دون أن يلتزم بالقرارات الأممية السابقة فإنه لن يلتزم أيضاً بأي قرار سيصدر عنها، وقد يتفق ويوافق ولكن الحوثي وعلي صالح دوما يعدون ويخلفون، وما الحوار الوطني والإنقلاب على الشرعية إلا دليل واضح وضوح الشمس للعدالة الأمريكية ومن يتبعها.
أيضاً يا سادة الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن يقول: «قد تخدع كل الناس بعض الوقت، ويمكنك حتى أن تخدع بعض الناس كل الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت». ألا ترون مدى نجاعة الحكم الأمريكية؟

الجمعة، 5 يونيو 2015

المنطقة العربية ونظرية «الإلهاء» و«الافتعال»

 العالم أجمع يدرك أن هذه الحيلة لم تكن من أجل عيون اليهود بل من أجل تخلص الغرب من الصهاينة وإخراجهم من كياناتهم ليعيشوا بسلام وطمأنينة.
الفوضى التي تحدث في العالم العربي قد تكون نوعاً من «الإلهاء» الذي تقوم به السياسات الخارجية تجاه المنطقة، فلدينا الآن خمس حروب مشتعلة في كل من سوريا وليبيا والعراق ولبنان وغزة، وهذه الأخيرة حركت الأنظار باتجاهها وجعلت العالم العربي يلهو عن سوريا وعن العراق وعن ليبيا.. وكأن شوكة إسرائيل إنما زرعت لممارسة اللعب الغربي في المنطقة، هذا اللعب يأتي عبر استراتيجية افتعال الأزمات، ولنلحظ هنا الأزمة من أين انطلقت في المنطقة العربية بعد ثلاث سنوات من الدمار السوري حيث تدخل حزب الله ثم وجود جبهة النصرة والجيش الإسلامي فظهور داعش.. هذا الظهور الذي أتي إلى المنطقة السورية وتحول بعد كلمة نوري المالكي، قبل الانتخابات العراقية، عن وضع العراق الذي أوجد له أربعة سيناريوهات لحل أزمة بلده أولها كان التقاتل الطائفي وثانيها تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات.. ولا يهمنا ثالثها أو رابعها لأن الشرط الثاني لاستقرار العراق هو ما تحقق، هذا الشرط الذي شدد عليه المالكي وقال: لا نرغب فيه. ولكن «داعش» بعد الانتخابات العراقية قرأت السيناريو جيداً واتجهت نحو العراق وبدأت تعصف بخريطة العراق، وكل شيء تم في لمح البصر، حيث تمكنوا من السيطرة على مناطق حيوية فيه وتركوا وراءهم الجهاد في سوريا.
لنأتي بعد ذلك إلى هذا العصف الذي يعصف بالمنطقة العربية لنلحظ أن افتعال أزمة في العراق حوّل الأنظار عن سوريا وما يحدث فيها من قتل وتنكيل وتعذيب بشعبها.. لتصعد إسرائيل حربها على غزة وتلفت الأنظار إليها بعيدا عما يحدث في العراق ومواكبة لما يحدث في ليبيا.. وكأن العالم يقول للعرب دعونا نمارس لعبة «الإلهاء» هذه عليكم ونمرر أجندتنا دون أن تشعروا بها.. وكما هو معلوم إن الورقة التي تستخدمها أمريكا دوما في وجه العرب هي ورقة فلسطين التي تحقق مصالحها في المنطقة عبرها.
هذه الاستراتيجية التي توجهك إلى مكان لتضرب في مكان آخر ليست وليدة اليوم بل إنها منذ زمن بعيد بل منذ الاحتلال البريطاني للمنطقة العربية الذي أراد التخلص من اليهود فرماهم في حلق العرب، والعالم أجمع يدرك أن هذه الحيلة لم تكن من أجل عيون اليهود بل من أجل تخلص الغرب من الصهاينة وإخراجهم من كياناتهم ليعيشوا بسلام وطمأنينة.. ليس المهم هذا الآن بل المهم هنا هو أن إيران تلعب بشكل مقنن في المنطقة العربية وترنو إلى البعيد مستخدمة أسلوب الإلهاء الغربي بدهاء حيث إن اليمن يعيش حالة من الفوضى ولهذا اشترت كثيراً منهم بخلاف أنها تلعب في منطقة الخليج بشكل مقنن مستغلة الأقلية الشيعية في المنطقة.
ما الذي يحدث ولبنان الآن دخل ضمن الفوضى.. وما هو الهدف من هذا كله؟ هل نتساءل عن البرنامج النووي الإيراني؟ أم الإسرائيلي؟ أم عن خلخلة الأنظمة العربية؟ أم عن اقتصاد عالمي مهزوز يتطلع إلى منطقة غنية؟ أم عن نبوءة ذاهبة نحو تحققها؟
لنقرأ المشهد بشكل جيد فالزيارات الأمريكية المتكررة للمنطقة خلال شهرين مضيا، وتصريحات كيري تجاه إسرائيل وأنها تدافع عن نفسها.. ليس الهدف منها غزة، فغزة يعلم العرب أن إسرائيل تستطيع التهامها في غمضة عين دون أن يرمش لها رمش، ولكن الهدف هو المستقبل وما يتم التحضير له.. فهل يرتب العرب أوراقهم جيداً ويقرأون كل

النظريات الغربية التي تأتي في إطار «الإلهاء» و«الافتعال» و«الحلول»، ليخرجوها من جعبتهم ويكوّنوا تآلفاً مع شعوبهم، ومن ثم التنبه للخارج، الذي يسعى لزعزعة الاستقرار في الداخل؟