الأربعاء، 3 يوليو 2019

وحشية الغرب وحب الميدان في فيلم "الوجه الأخير"



مجموعة من الأسئلة يسعى للإجابة عليها فيلم The last face وهو من بطولة تشارليز ثيرون و خافيير بارديم و أديل إكسارشوبولوس ومن إخراج شون بن.

قصة الفيلم: تدور أحداثه في فترة الحرب الأهلية الليبيرية.. وأيضًا ينطلق من "جنوب السودان" أو يقدم إيحاءات لما يحدث في هذه الدولة الناشئة، والتي انفصلب عن السودان. والمعلوم أن الحرب الأهلية الليبرية الثانية اندلعت سنة 1999 بدعم من بعض الدول، بينما جنوب السودان لا زالت الحرب الأهلية قائمة إلى اليوم. وكأي اثنين يلتقيان في مثل هذه الأزمات قد تنشأ بينهما علاقة حميمة، ونشأت علاقة حب بين رين وميجيل، وهما طبيبان يعملان في مجال الإغاثة.

هذه لمحة سريعة عن الفيلم، ولكن الوجه الذي لم يقرأه المشاهد العربي، بل حتى غيره من المشاهدين في الغرب.. هو أن تصوير الفيلم يقوم على تمجيد عمال الأمم المتحدة ويظهر الجانب المشرق في أعمالهم، ولا يظهر الجانب المظلم فيه، وهو أكثر من الجانب المشرق، وكانت لقطة في نهاية الفيلم بين البطلين تكشف عن ذلك؛ فهناك (الميدان) الذي ينتمي إليه هذا الطبيب العاشق.. ولا يمكن التخلي عنه، وهذا الميدان لا بد أن يكون موجودًا لكي نوفر فرصة عمل لمثل هؤلاء الذين يعشقون مشاهدة الدماء وهي تسيل في كل البلدان، ولا يستطيعون التخلي عن ذلك، ولهذا يشرّع لهم وتُفتح لهم أبواب الحروب كي يستمروا في عملهم!! لقد جسدت أول لقطة في الفيلم هذا عندما كتب في البداية عن هذه الأعمال أنها" وحشية بريئة بالنسبة للغرب ... كما هي الحال وحشية الحب المستحيلة بين رجل وامرأة".





إن فكرة استمرار الحروب كي تستمر أعمال الإغاثة أو أعمال موظفي الأمم المتحدة هي فكرة تحتاج إلى شجاعة لطرحها في السينما الغربية، وبكل أسف فإن الكثير من الأعمال تمجد هذه الأعمال، وتظهر الوجه الإنساني منها، ولو أن الأفلام تبحث في الأسباب التي أدت إلى وجود هؤلاء في هذه الأماكن لتم حلّ الكثير من المشاكل.

السؤال الذي يجب أن تطرحه السينما في أفلامها: هو ما الذي جاء بهيئة الإغاثة أو الأمم المتحدة لليبريا أو جنوب السودان أو الصومال أو اليمن أو سوريا..أو..؟ ولماذا؟ وكيف؟



إن حديث بطلة الفيلم عن اللاجئين رائع وجميل ويحمل وجهًا إنسانيًا راقيًّا، ولكن ما هي أسباب اللجوء؟ ولماذا يهاجر الناس من بلدانهم؟ ولماذا الامبريالية تشعل الحروب في كل مكان؟ وإن صمتنا لمثل هذه الكلمات التي قالتها "رين":

"كان شاب طبيب ( تتحدث عن أبيها) يراقب عجوزًا مستندًا إلى شجرة، فقال الرجل للعجوز إن كنت ستحصل على ما تريد فماذا ستختار؟ تقول: افترض أبي أنه سيطلب نقودًا أو غذاءًا، لكن العجوز أجاب: أريد كتابًا من الأدب الفرنسي الكلاسيكي.. لقد كان أستاذًا للأدب في الجامعة.

لقطة من الفيلم 

وتواصل في خطابها الجريء: أعتقد أننا نرى اللاجئين كما نرى أي شيء آخر كما لو كانوا لا يشبهونا... لكنهم مثلنا تمامًا.. عمال، مزارعون، بتاؤون، مدرسون.. لديهم عائلات ولديهم أحلام.. حلم جزء كبير من العالم لديهم حلم تم حرمانه من الحلم.. كل شيء يهاجم الأحلام الحروب والأمراض والمجاعات....ولو أمنتم أكثر م إيمانكم بالمال سيحققون أحلامهم.. وذلك لأن الأحلام ليست رفاهية. ثم تحدثت عن اللاجئين وأنهم مساوون لهم ويحتاجون إلى الحلم كاحتياجهم للهواء الذي يتنفسونه."

إن انصاتنا يأتي من باب أن الناس فعلاً سواء، ولم يولدوا عبيدًا لأحد، وقد قالها عمر بن الخطاب منذ 1400 سنة "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".. على الطغاة أن يعوا ذلك، وأن الناس ليسوا عبيدًا، وأن العالم ليس لعبة في أيديهم... وعلى عمال الإغاثة الإنسانيين أن يعيدوا النظر في مثل أعمالهم.. وأن يتساءلوا هل فعلا نعمل من أجل الإنسانية أم أننا نعمل من أجل زيادة دخلنا؟ أكاد أجزم أن النادر من موظفي الأمم المتحدة ومنظماتها يعملون فعلا بإنسانية، ومعظمهم يعمل من أجل الدولار فقط!!

في النهاية: فيلم مؤثر وجميل تفوح منه الإنسانية، وما كتبته في الأعلى هو من أجل أن نعمل بإنسانية حقيقية، ولنحقق أحلام بعض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك