5ـ كتب تحصنت بالغواية
عندما نستعير من الآخرين ثقافتنا لا نذكر ذلك، رغم ادعاءاتنا أننا نكتب، ورغم أننا نقول لكم إنكم بعيدون عن البال؛ أي لا نقرأ لكم، هذه النزعة الأنانية التي تحاصرنا، لا تؤتي ثمارها في نهاية المطاف، لأنها لا تشجع الآخرين من حولنا كي يتفاعلوا معنا، ولو لاحظنا في ساحتنا الثقافية المساحة التي نمنحها للآخرين في منشوراتنا فإننا سندرك مقدار التفاعل الذي يجلبه هذا الفعل:
الناس بالناس من بدو وحاضرة
بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ
أي أن الشاعر يقول لنا إنك بمن حولك ولست وحدك المبدع، فالناس هم من يساعدك على هذا الإبداع، وعندما نقرأ فإننا ندرّب أنفسنا كي نفهم الأفكار، وما لم نستقطب أفكار الآخرين ونشير إليها فإنه لن يشار إلينا، نحن نقف على قارعة الطريق لتسويق أفكارنا لنا، وهنا تكمن المشكلة لأننا لم نجاري الآخرين بل نستعير منهم دون أن نقول ذلك، وبما أن كل ما نقوم به "هو مستعار أو منتحل" على مقولة عالم النفس أوليفر ساكس فيجب علينا أن نشير إلى الأصل الذي استعرنا منه، وعندما نذكر مائة كاتب طوال حياتنا، سيذكرنا مائة شخص من قرائه، وكل مائة يجلبون مائة، أليست الفكرة كأنها قائمة هنا على وسائل التواصل الاجتماعي والتابع والمتبوع؟ ـ لا. لأن الأصل هو أنت سواء في إعلام أو ثقافة تقليدية أو في إعلام وثقافة جديدة، فاستجلابك لآخرين يجلب لك آخرين. تداولية القراءة بهذا المفهوم لم يذكرها آيزر، إنما قنن عملية القراءة والقارئ.
لم نعد نحن الكتاب لوحدنا بل إن مواقع التواصل تعج بهم، فالكل مهووس برفع الشعارات، والكل يرى أنه مبدعًا، والكل يقف متبجحًا بأنه من الناجحين والمشاهير، ويشعرون عبر الملتقيات والمؤتمرات المدبّرة بأنهم يقدمون الحياة الاجتماعية التي تليق بنا، ويطهّرون أنفسنا من الرذيلة عبر ورش عمل لا تتجاوز مساحتها ساعتين، كتدريب يدلل على نقاء الروح وصفائها، بينما ما يصممونه في هذه الورش والمؤتمرات هو على قدر مساحتهم فقط، ولا يهتمون بفكرة القارئ الذي سيتحول يوم غدٍ إلى منتج، إنما يهتمون باللحظة التي يعيشونها ويعيشها من هم في سياقهم. والمجتمع في هذا السياق يتحوّل إلى مجرد آلة نجذبها نحو التنقل بين ورش عملنا ومؤتمراتنا دون أن نصل إلى فكرة أن يعيش المجتمع في سعادة، ونشعر أن الناس بالناس، بل أن نصبح مجرد عمّال لا نهتم بشيء خارج وظائفنا، ستمطر ذات يوم ونرى السيل من علٍ، ما زلنا في أنانيتنا.
الحديث أعلاه يرتبط بالقارئ ولكنه لا يرتبط بالتحديد بقارئ كالفينو وليس هو من وسائط الكتب التي يوصي بها كالفينو، أو ضمن قائمته التي يرى أنها "قوات تحصنت بالغواية" أي أنها تلحّ علينا ولكن لا نمسك بها، والتي صفّها كالفينو في المخروطية التالية:
ـ الكتب التي تخطط لقراءتها منذ زمن.
ملاحظاتي، وليس كالفينو، على هذه الكتب:
ولكثرتها هنا رأى أنه يجب تقليص هذه القوات المقاتلة التي تلحّ عليك كثيرًا وأن تحدد الكتب التي يجب قراءتها. مثلما يجب أن تقلص ورش العمل والمؤتمرات من حياتك، وأن تتخطى همّ الوظيفة التي تشغلك دون شغل!
عندما نستعير من الآخرين ثقافتنا لا نذكر ذلك، رغم ادعاءاتنا أننا نكتب، ورغم أننا نقول لكم إنكم بعيدون عن البال؛ أي لا نقرأ لكم، هذه النزعة الأنانية التي تحاصرنا، لا تؤتي ثمارها في نهاية المطاف، لأنها لا تشجع الآخرين من حولنا كي يتفاعلوا معنا، ولو لاحظنا في ساحتنا الثقافية المساحة التي نمنحها للآخرين في منشوراتنا فإننا سندرك مقدار التفاعل الذي يجلبه هذا الفعل:
الناس بالناس من بدو وحاضرة
بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ
أي أن الشاعر يقول لنا إنك بمن حولك ولست وحدك المبدع، فالناس هم من يساعدك على هذا الإبداع، وعندما نقرأ فإننا ندرّب أنفسنا كي نفهم الأفكار، وما لم نستقطب أفكار الآخرين ونشير إليها فإنه لن يشار إلينا، نحن نقف على قارعة الطريق لتسويق أفكارنا لنا، وهنا تكمن المشكلة لأننا لم نجاري الآخرين بل نستعير منهم دون أن نقول ذلك، وبما أن كل ما نقوم به "هو مستعار أو منتحل" على مقولة عالم النفس أوليفر ساكس فيجب علينا أن نشير إلى الأصل الذي استعرنا منه، وعندما نذكر مائة كاتب طوال حياتنا، سيذكرنا مائة شخص من قرائه، وكل مائة يجلبون مائة، أليست الفكرة كأنها قائمة هنا على وسائل التواصل الاجتماعي والتابع والمتبوع؟ ـ لا. لأن الأصل هو أنت سواء في إعلام أو ثقافة تقليدية أو في إعلام وثقافة جديدة، فاستجلابك لآخرين يجلب لك آخرين. تداولية القراءة بهذا المفهوم لم يذكرها آيزر، إنما قنن عملية القراءة والقارئ.
لم نعد نحن الكتاب لوحدنا بل إن مواقع التواصل تعج بهم، فالكل مهووس برفع الشعارات، والكل يرى أنه مبدعًا، والكل يقف متبجحًا بأنه من الناجحين والمشاهير، ويشعرون عبر الملتقيات والمؤتمرات المدبّرة بأنهم يقدمون الحياة الاجتماعية التي تليق بنا، ويطهّرون أنفسنا من الرذيلة عبر ورش عمل لا تتجاوز مساحتها ساعتين، كتدريب يدلل على نقاء الروح وصفائها، بينما ما يصممونه في هذه الورش والمؤتمرات هو على قدر مساحتهم فقط، ولا يهتمون بفكرة القارئ الذي سيتحول يوم غدٍ إلى منتج، إنما يهتمون باللحظة التي يعيشونها ويعيشها من هم في سياقهم. والمجتمع في هذا السياق يتحوّل إلى مجرد آلة نجذبها نحو التنقل بين ورش عملنا ومؤتمراتنا دون أن نصل إلى فكرة أن يعيش المجتمع في سعادة، ونشعر أن الناس بالناس، بل أن نصبح مجرد عمّال لا نهتم بشيء خارج وظائفنا، ستمطر ذات يوم ونرى السيل من علٍ، ما زلنا في أنانيتنا.
الحديث أعلاه يرتبط بالقارئ ولكنه لا يرتبط بالتحديد بقارئ كالفينو وليس هو من وسائط الكتب التي يوصي بها كالفينو، أو ضمن قائمته التي يرى أنها "قوات تحصنت بالغواية" أي أنها تلحّ علينا ولكن لا نمسك بها، والتي صفّها كالفينو في المخروطية التالية:
ـ الكتب التي تخطط لقراءتها منذ زمن.
ملاحظاتي، وليس كالفينو، على هذه الكتب:
- لا تتوارى من الذاكرة
- تلحّ عليك كثيرًا
- تأجيل قراءتها في كلّ مرّة.
- تُهدر وقتك
- ثقيلة، وتتركها بعد لحظات
- غير مجدية
- لا تحقق لك شيئًا في مسيرتك
- هي الأقرب في مكتبتك
- تشعر بأنها خدمتك
- تحيلك إلى الإنتاج
- معجب بها
- تردد ما يكتب عنها
- تشعر بأنه يجب قراءتها
- قد تشبه بعضها
- تتلمس ما تسير عليه
- تتفق مع فكرك
- تعيش معها في خيال
- تحضنها بقوة
- تصيبك بالدهشة
- لا تمل من تكرار الحديث عنها
ولكثرتها هنا رأى أنه يجب تقليص هذه القوات المقاتلة التي تلحّ عليك كثيرًا وأن تحدد الكتب التي يجب قراءتها. مثلما يجب أن تقلص ورش العمل والمؤتمرات من حياتك، وأن تتخطى همّ الوظيفة التي تشغلك دون شغل!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك