الأربعاء، 10 يونيو 2015

"شخبطات" أمريكا على جدران العرب

قيل إن «السياسة هي فن تأجيل القرارات حتى لا تعد ذات جدوى» والتسلسل الزمني لهذا الفن الأمريكي انطلق من أفغانستان بقيام طالبان فظهور القاعدة ثم تأجيل إسقاط أسامة بن لادن رمز القاعدة إلى أن ظهر البغدادي لتظهر «داعش».. وما الذي جد في الأمر في المنطقة العربية ـ وليس الشرق الأوسط ـ ألا نرى أن ظهور الحوثي فيه قراءة لتاريخ

سابق انطلق من إسرائيل ومر بالحرب الباردة التي استفاد منها الأمريكان بشكل كامل، بحيث إنهم يسعون إلى تعطيل القرارات وتأجيلها إلى أن تصبح غير ذات جدوى؟
وأليست قرارات مجلس الأمن المتتابعة منذ 2011م حول اليمن أصبحت ضمن أجندة التأجيل، التي يتبعها المجلس العالمي الموقر، هذه الأجندة التي تخص المنطقة العربية لوحدها، التي يجب أن تخضع لقرارات الدول العظمى وعلى رأسها أمريكا.
لا تعجبوا فالرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان قال ذات يوم « إذا كنت لا تستطيع إقناعهم، حاول أن تسبب لهم الإرباك». فجنيف المؤجل كانت مرفوضة من الطرف اليمني الشرعي والمستند على قرارات متتالية من مجلس الأمن، آخرها القرار 2216 الذي أجمع الجميع فيه على أحقية استعادة الشرعية وعلى تسليم الحوثي كامل البلاد والعتاد

للسلطة الشرعية. بل إن أمريكا والعالم دعموا قوات التحالف في استعادة الحكومة الشرعية سلطتها عبر التأييد العريض لـ «عاصفة الحزم» ولكن يبدو أن الأمريكان تذكروا مقولة رئيسهم الأسبق أعلاه وقالوا دعونا نسبب لهم الإرباك. وذلك بجنيف آخر يحضر فيه الطرف المعتدي دون شرط أو قيد بل قد يحضر فيه الداعم للاعتداء وهو إيران، ولعله من البديهي أن يكون هذا نوعاً من الإرباك لـ «إعادة الأمل» في اليمن التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق العدالة للشعب اليمني.
قطعاً نحن العرب أو المثقف العربي قد يصرخ هنا ويقول إنك من حزب «كل شيء مؤامرة»، وأنا أقول إنه لا مؤامرة هنا ولكن وقائع واضحة للعيان هذه الوقائع، تقول إن أمريكا تكتب في الجدران العربية «شخبطات» وتقول إنه «فن». بل إنها تضع المبراة والممحاة أمام الرسام وتقول له اشطب هذا الخط وارسم خطاً آخر؛ ومن هذا الفن ما حدث في العراق عندما

أسقط صدام حسين بحجة النووي، واكتشف العالم أنه لا يوجد نووي، فقالوا إن هذا من أجل إحلال العدالة في العراق واكتشف العالم بعد ذلك أنه لا عدالة، لترمي بالعراق في أتون الطائفية والتقسيمات العرقية وتستمر فوضى كونداليزا رايس في هذا البلد، لتتوسع وتطال ليبيا ومن ثم سوريا وكادت تدخل جدران مصر ولكن.. لنرى الرسم الآن في جدار يمن

العروبة التي عاث فيها الرئيس المخلوع والحوثي بمساندة فارسية الفساد، الذي أصدر بسببها مجلس الأمن الموقر خمسة قرارات جميعها تطالب بالالتزام بالشرعية فيه. فأي رسم سيرسم في محادثات جنيف؟ وهل أعتقد أن هناك مؤامرة على العالم العربي بعد هذا؟ حاشا وكلا لست من المتشائمين في أن الديمقراطية الأمريكية تعبث بأمن المنطقة العربية، ولست متشائماً في أن لغة الدم التي في سوريا هدفها هو العربي، وأن داعش وهي تتمدد تسعى إلى خلخلة الأنظمة العربية، وأن شبح القاعدة الذي تحاربه أمريكا يجب أن تتوقف عنه!!
جنيف ما هي إلا نقطة تأجيل أخرى تريدها أمريكا، وليس من مصلحة الحكومة الشرعية اليمنية أن تذهب إليها، فكون المعتدي يجلس على طاولة الحوار دون أن يلتزم بالقرارات الأممية السابقة فإنه لن يلتزم أيضاً بأي قرار سيصدر عنها، وقد يتفق ويوافق ولكن الحوثي وعلي صالح دوما يعدون ويخلفون، وما الحوار الوطني والإنقلاب على الشرعية إلا دليل واضح وضوح الشمس للعدالة الأمريكية ومن يتبعها.
أيضاً يا سادة الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن يقول: «قد تخدع كل الناس بعض الوقت، ويمكنك حتى أن تخدع بعض الناس كل الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت». ألا ترون مدى نجاعة الحكم الأمريكية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك