الاثنين، 9 مايو 2016

الحرب القذرة على العالم (2)

 

" كانت الإدارات الأمريكية المتوالية موزعة في القطاع الخاص، وفي مرحلة الحرب الباردة ـ بخاصة ـ كانت السياسة الأمريكية الخارجية شراكة بين الإدارت الحكومية وما يشبه إتحاداً من الأشخاص والهيئات شبه الحكومية، الذين يعملون لحساب أنفسهم" [1]

في هذه الحالة فإن الربح يأتي في مقدمة الخيارات، وليس شعار الديموقراطية هو الخيار الأول كما ادعى بوش حين غزوه للعراق، وحين قال إنه سيحقق العدالة بل إن الهدف المادي هو الأول والدولار هو المقدس ولا شيء غيره.. بدليل أن عراق ما بعد بوش أصبحت أسوأ بما يعادل عشرين مرة عما كانت عليه أيام صدام حسين ، بحيث أن أقطاب السياسة يقولون إن صدام كان يقتل واحداً ليعيش 20 والآن بات العراق يقتل 20 ليعيش واحد.

وكان نائب وزير الدفاع الأمريكي بول ولفويتز، في معهد بروكنغز الأميركي، قد عبر عن مخاوفه من وجود تصادم ناتج عن سوء فهم بين العالمين الغربي والإسلامي، وقال إنه يسفر عن فجوة خطيرة بين الجانبين. ودعا إلى إحداث تقارب بين هذين العالمين مطالبا بالعمل على ردم هذه الفجوة. وكان يقول ولفويتز: إن مهمة الولايات المتحدة في أفغانستان هي "مهمة تحرير لا احتلال". ولنا أن نتساءل تحرير من ؟ وتحرير ماذا؟ تحرير فلول القاعدة الذين دربتهم أمريكا؟ أم تحرير العقول الأمريكية من تسلطها وإعطائها ما ترتضيه هذه العقول وما يريحها عبر غزو لا يقدم ولا يؤخر ، وهو فعلا لم يقدم شيئاً للولايات المتحدة مثله مثل غزو فيتنام مثل غزو العراق.. بحيث أن الضمير أو إدعاء أن الضمير الأمريكي استيقظ من سباته وهو نادم على ما فعله.

والغرب وفق ولفويتز متمثلاً في أميركا وأوروبا، يبعث برسالة إلى العالم الإسلامي يشير فيها إلى أن الحالة التركية "هي المثال الذي ينبغي على البلدان الإسلامية أن تحذو حذوه". سنلحظ هنا تغير الموقف الأمريكي من تركيا وسيتغير الكلام عنها في الخطابات الأمريكية وهذا الحديث كان عام 2004م.[2]

والحرب التي تخوضها الولايات المتحدة حالياً يراها نائب وزير الدفاع الأمريكي حرب أفكار تتمثل في "الصراع بشأن التحديث والعلمنة، التعددية والديمقراطية، والتنمية الاقتصادية الحقيقية"، وقال "هناك الملايين من المسلمين الذين يتوقون إلى الحداثة والحرية والازدهار والذين هم أنفسهم في الواقع في طليعة صفوف الصراع ضد الإرهاب"  [3]

واللغة هنا هي نفسها التي استخدمت منذ أيام تأسيس مكتب الخدمات الإستراتيجية في أمريكاعام 1945م، هنا سنكتشف أن هذا الصراع ما هو إلا بوهيمي ، فتجربة غزو العراق أثبتت أن الصراع ليس فكرياً بقدر ما هو عمل لخدمة أجندة اسرائيل والهدف منها هو تدمير الآلة العربية ، وتدمير البنية التحتية للدول العربية.

يقول الخبير السابق في المخابرات الأميركية في شؤون الشرق الأوسط غراهام فولر في دراسة نشرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية عام 1997م: " لا يمكن استبعاد حدوث تدخل أميركي بصفة ما في الجزائر واليمن وكردستان والكويت، وستظل الإمكانات العسكرية للعراق وإيران مصدر قلق دائم" أي أن هذا الفكر موجود من زمن أبعد ، بل إنه في عام 1973م كانت أمريكا تنوي غزو المملكة العربية السعودية. إذن الأمر لا يتعلق بديموقراطية ولا عدالة بل يتعلق بمصالح لا أقل ولا أكثر، وموازين سياسية يخطط لها من خلف الستار .

وفي 25 يونيو 2004م، تم عرض فيلم مايكل مور "فهرنهايت Fahrenheit 9/11" في 500 شاشة وشاهدته حشود هائلة. وكان مضمون رسالته هي: يجب إنهاء العلاقات الأمريكية السعودية. ولكن العلاقات المعقدةبين البلدين، على الرغم من هذا التهييج الجماهيري، جعل الأمريكان يتأنون في اتخاذ قرار كهذا ، ولو أن الحلم يراودهم منذ عام 1973م مثلما ذكرت وسابقاً.

"فيلم مايكل مور (فهرنهايتFahrenheit 9/11)  ) قدم خدمة جليلة لبعض أنصار شن الحرب على شبه الجزيرة العربية. ويحاول هذا الفيلم أن يفعل ما لم تستطع أن تفعله المراكز الفكرية المحافظة ومناقشات مجالس الخبراء، وساعات طويلة من الوقت والجهد: لصب الزيت على نار العداء المشتعلة أصلاً في الولايات المتحدة ضد المملكة العربية السعودية. ولا ينتقد فيلم مور Moore السعوديون لعلاقاتهم التجارية فقط، بل لأنهم غادروا الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، كما فعل غيرهم من المسؤولين غير السعوديين في نفس اليوم عندما سمح بتسيير رحلات معينة. إن الشعبية الساحقة لهذا الفيلم الوثائقي تحمل الرسالة المعادية للسعودية إلى سوق جديدة كلياً. فهو أحدث تجسيد يعرض الأسباب والمبادئ التي تبرر تنفيذ خطة طويلة الأجل بشن الحرب لغزو واحتلال المملكة العربية السعودية. وبالرغم من منتجه التقدمي والجمهور الذي يستهدفه، فإن فيلم (فهرنهايتFahrenheit 9/11)  سار على نفس الخط مع الأجندة المعلنة لصقور المحافظين الجدد. " [4]

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك