‏إظهار الرسائل ذات التسميات الحرب القذرة على العالم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الحرب القذرة على العالم. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 26 يونيو 2019

تأجيج الحرب بين السعودية وإيران.. السيناريو الثالث لمستقبل المنطقة من معهد راند

مهم قراءة هذا الموضوع:

قدّم معهد راند، عام 2016 أربعة سيناريوهات محتملة في الشرق الأوسط حملت عنوان “مستقبل العلاقات الطائفية في الشرق الأوسط”، كتبها كل من جيفري مارتيني، وهيذر ويليامز، وولياميونغ. وتتكون الدراسة من 16 صفحة، ومن يتابع ما يجري في المنطقة العربية هذه الأيام فلا شك أنه سيستحضر هذه السيناريوهات وخصوصًا الثالث منها، فما هو هذا السيناريو؟

السيناريو الثالث: استراتيجية "حافة الهاوية تجلب الانفراج"، يحمل في طياته رؤية الحرب بين السعودية وإيران عبر تأجيج الصراع والطائفية واستمرار حرب الوكالة في المنطقة العربية. وذلك عبر دافعين ـ كما جاء في التصور: طابع الخطاب الديني، والدول الإقليمية والجهات الفاعلة من خارج المنطقة، و”يتسم هذا السيناريو بتصعيد الصراع الطائفي الذي يتجّه نحو صراع إقليمي يضع السعودية وإيران في مواجهة عسكرية مباشرة قبل أن يتراجع في نهاية المطاف”.

وإيحاءات هذا السيناريو جميعها تتجه إلى حرب في النهاية بين المملكة وإيران، وأوجد في نفس الوقت انفراجة في وسط المعمعة التي تصورها، بحيث يلجأ البلدان إلى التهدئة وعدم الذهاب إلى حافة الهاوية، وتوقف الخطاب الديني المتشدد في السعودية وفي نفس الوقت توقف الباسيج عن أفعالهم في الطرف الإيراني. ورأي السيناريو أن هذا التصور هو الأكثر صعوبة من ناحية تصميم التدخلات السياسية إذ يفيد أحد تفسيراته أن الأمور ستزداد سوءًا قبل أن تتحسّن. وكأنه يشير إلى أنه يجب أن تذهب إلى الأسوأ!!

فهل نقرأ ونعي ما نقرأ؟ أم نعتقد أن ما يكتب هو مجرد مرئيات يضعها المنظرون ولا تتم على أرض الواقع؟.. إن هذا السيناريو الذي يعتمد على دافعين: الخطاب الديني، الذي يفترض فيه تأجيج الطائفية. والدول الإقليمية، الدول الإقليمية يا عرب.. أي دول منطقتنا بالإضافة إلى تركيا وقطعًا إسرائيل معها. ويعزز ذلك الجهات الفاعلة من خارج المنطقة، وأمريكا فعلاً تسعى إلى تأجيج الصراع، وتحاول الزج بالسعودية في حرب مع إيران، وبمساندة الخونة من الشعوب العربية والعملاء للإستعمار الغربي.

إلى متى يا عرب؟

ــــــــــ

إقرأ التقرير عبر هذا الرابط


.

.

.

.

.

الجمعة، 21 يونيو 2019

إنسانية أمريكا بين العراق وإيران

أمريكا لن تضرب إيران

إيران محمية إسرائيلية

4 مليون قتيل عراقي ولم تتوقف أمريكا

150 إيرانيًا أظهروا الوجه الإنساني للبيت الأبيض!!

احتلال أمريكا للعراق منذ 2003 إلى اليوم كلف العراق 4 مليون قتيل بحسب أحد المراكز المتخصصة، واليوم تظهر إنسانية الولايات المتحدة الأمريكية عبر تصريحات السيد ترامب بأنه تراجع عن ضرب إيران لأن الضربة ستقتل 150 مدنيًا! أليست سخرية ما تقوله أمريكا على لسان رئيسها؟ّ وألا يعد هذا خنوعًا من الأمريكان وهم يشاهدون طائرة من طائراتهم الاستطلاعية وهي تتهاوى بصاروخ إيراني ولا تستطيع فعل شيء حياله؟ ماذا تريد أن تثبت أمريكا في المنطقة؟

إن أسلوب تضارب التصاريح، وطريقة التصريحات الرنانة ونقضها من قبل ترامب يقدم دليلاً للعرب أن متخذي القرارات فيها لا يريدون الاقتراب من إيران.. وتوالي كذب الرئيس يدلل على توجه أمريكا نحو تقسيم المنطقة العربية.

ما يجب أن يدركه الجميع، وأن يقرأه بشكل جيد هو:

ـ أمريكا في سياستها الخارجية دولة عصابات، وإيران مثلها دولة عصابات... وتوجههما متفق عليه، فسياستهما واحدة.. ولن يختلفا مهما حدث. ولن تضرب أمريكا إيران مهما امتد الزمن.

ـ متخذو القرار في أمريكا لا يفكرون إلا في مصلحة إسرائيل وطالما أن إيران تخدم هذه المصلحة فلن تقترب منها القوات الأمريكية.

ـ إسرائيل دولة عصابات ولهذا فإن هذا الثالوث متحالف مع بعضه ضد العرب والمسلمين.

ـ إيران لا تتحرك إلا وهي تعلم أنها محمية من إسرائيل!!

ما هو المطلوب الآن:

ـ المطلوب هو أن تخرج أمريكا من المنطقة العربية وستُحل كل مشاكلها، ثقوا تمام الثقة أنه إن لم تخرج أمريكا من المنطقة فإن مشاكلها ستزداد.

ـ المطلوب ألا تدخل المملكة العربية السعودية في حرب مباشرة مع إيران، لأن الهدف الرئيس لإسرائيل هو أن تدخل السعودية في حرب كبيرة في المنطقة، مما يخدم مصالحها.

ـ المطلوب من الدول العربية أن تعود إلى رشدها وتسند المملكة في تصديها لمشروع تقسيم المنطقة "خطة ب" وبوادرها بدأت من هذه السنة ومخطط لها حتى سنة 2026.

مواضيع متعلقة:


راجع الـ”احتراس” الإيراني والـ”انطلاق” الأمريكي!!

واقرأ إيران وجه أمريكا المخادع

و سيفيدك في هذا الشأن موضوع أيضا لعبة القط والفأر بين أمريكا وإيران

و لعبة القط والفأر بين إيران وأمريكا

وموضوع:” تقية ” توتر العلاقات بين أمريكا وإيران..

 

الخميس، 20 يونيو 2019

رسالة للرئيس ترامب

باختصار:

لا أعتقد ـ يا سيادة الرئيس ـ أن الولايات المتحدة الأمريكية ستتخذ موقفًا من إيران بعد إسقاطها لطائرة مسيّرة عن بعد من طراز تريتون إم كيو-4 سي. والعالم لا ينتظر ردة فعل أمريكية على إسقاط هذه الطائرة، خصوصًا بعد سلسلة الجرائم والإرهاب الذي ارتكبته إيران بعد مجيء 1000 جندي أمريكي وصواريخ باترويت وحاملات طائرات إلى منطقة الخليج، وكأن إيران فهمت من هذا الوجود الأمريكي في الخليج إنما هدفه هو حماية الحرس الثوري، وإلا ماذا يعني هذا الإجرام على مرأى ومسمع من وجود هذه القوات المحتشدة.

أول تعليق لك على ما حدث، حين غردت قائلا "لقد ارتكبت إيران خطأ كبيرا". ونسألك: هل هذا الخطأ الوحيد الذي ترتكبه إيران يا سيادة الرئيس. وهل تكرار الأخطاء يدلل على حسن النوايا؟ بل هل ردة فعل أمريكا تدلل على حسن النوايا في منطقتنا العربية؟

وبعكس ضعف رسالتك يا سيادة الرئيس فإن الحرس الثوري الإيراني يرد بقوة وبتحدٍّ، وربما يعلم أنك لن تفعل شيئًا.. حين قال: إن في إسقاط الطائرة "رسالة واضحة" للولايات المتحدة. وأي رسالة أقوى من إسقاط طائرة أمريكية في المياه الدولية.



(المصدر : بي بي سي)

إيران قامت على مرأى ومسمع من قواتكم يا سيادة الرئيس بـ: تفجير ناقلتي نفط لحلفائك ولم تحرك قواتك ساكنا، وقامت بتخريب ناقلتي نفط أخرى ولم يكن هناك ردة فعل. وإيران زادت من إنتاج اليورانيوم المنخفض التخصيب، وإن الأسبوع المقبل سوف يشهد زيادة مخزونها ليتجاوز الحدود التي وافقت عليها مع القوى الدولية في الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

ماذا تنتظر يا سيادة الرئيس؟ هل تتوقع أن المنطقة ستدخل في حرب بالوكالة؟ لا أعتقد ذلك؟ فإما أن ترفعوا أيديكم عن المنطقة تمامًا، وتخرجوا منها، وعندها سترون أن العرب سيحمون منطقتهم. وإما أن تتحركوا بالسرعة التي تحرك بها جيش "بوش" كي يدمر العراق الجريح الذي لاذنب له سوى أن كذبة سيرها بوش وزبانيته عليه كي يسلمه لإيران على طبق من ذهب.. العالم العربي لم يعد يصدق الأقوال يريد أن يرى الأفعال!!

 

تحميل كتاب الاغتيال الاقتصادي للأمم

الاغتيال الاقتصادي للأمم

جون بيركنز

سياسة



يأخذك جون بيركنز إلى عالم القرصنة والجاسوسية، وعمل الاستخبارات الأمريكية واغتيالاتها في سبيل مصالح شركاتها، من بنما لغواتيمالا للعراق للأكوادور إلى تشيلي إلى الخليج العربي.. ليس من جزء في المعمورة إلا وفيه حديث عن الهيمنة، وعن العمل الاستخباراتي الذي يحافظ على مصالح "الكوربورقراطية"..




من الكتب المهمة التي يجب أن تقرأ



كتب قد تفيدك:

تحميل كتاب التحالف الغادر بين إسرائيل وإيران وأمريكا

تحميل كتاب التحالف الأسود



تحميل كتاب أحجار على رقعة الشطرنج


حمّل من هنا

الجمعة، 14 يونيو 2019

الـ"احتراس" الإيراني والـ"انطلاق" الأمريكي!!

أرسلت الولايات المتحدة سفنها في الخليج العربي وأساطيلها الهجومية البرمائية وبطاريات صواريخها ال "باتريوت" لتخويف إيران، ولكن لم تتغيّر السياسة الإيرانية، ولن تتغير، وخربت ناقلتي نفط سعودية وإماراتية، وضربت ناقلتي نفط نرويجية وبنمية، والولايات المتحدة تصعّد في كلامها وإيران مثلها. وكي تضغط أكثر على إيران قالت الأخبار: إن الأواكس جاهزة في تكريت، وقد يكون هذا تلميحًا بأن الضربة الأمريكية على إيران ستبدأ من هناك!!

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تغريدة له على صفحته على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، قد كتب كلمة تحذيرية يوم (22 الأحد يوليو/ تموز 2018)، تعقيبا على تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني عن الحرب والتهديد بمنع تصدير نفط الخليج. وقال ترامب، الذي انسحب في أيار/ مايو الماضي من الاتفاق النووي الدولي مع طهران المبرم عام 2015، لروحاني عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "إياك وتهديد الولايات المتحدة مرة أخرى، وإلا ستعاني من عقبات وخيمة لم يعان منها سوى القليل عبر التاريخ". وتابع أن الولايات المتحدة "لم تعد دولة تتهاون مع كلماتكم المختلة بشأن العنف والموت". وأضاف ترامب "احترس!". ورغم قوة هذا التصريح إلا أن شيفرة "احترس" تعني "انطلق" لدى الإيرانيين. وانطلقوا وضربوا سفينتين قبل أيام وخربوا قبلهما أخريتين، دون "احتراس"!!

 



الحرب الكلامية مستمرة من الولايات المتحدة، والإستفزاز على الأرض مستمر من إيران، ولكن موقع "ستراتفور" الأمريكي أوضح ؛ أنّ فرص نشوب صراع عسكري بين إيران وأمريكا ارتفعت، ومن المرجح أن تنظر واشنطن على نحو متزايد إلى أيّ نشاط للقوات المسلحة المدعومة، من قبل إيران ضدّ أمريكا أو حلفائها بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كمبرر لتوجيه ضربة عسكرية أمريكية محدودة محتملة ضدّ طهران وحلفائها.

وقالت وكالة إيرانية، نقلاً عن رجل الدين، آية الله يوسف طبطبائي نجاد، من مدينة أصفهان في وسط البلاد: "أسطولهم ذو المليار (دولار) يمكن تدميره بصاروخ واحد". وسبق أن قال الحرس الثوري الإيراني، وكرر ذلك كثيرًا: إنّ طهران لن تتفاوض مع الولايات المتحدة، واستبعد وقوع أيّ هجوم أمريكي، وذلك بعد يوم من حثّ الرئيس دونالد ترامب على إجراء محادثات، وتصريحه بأنه لا يستطيع استبعاد مواجهة عسكرية. وانتقدت إيران الانتشار الأمريكي الجديد، الذي قالت إدارة ترامب؛ إنّه يأتي بعد أن أشارت معلومات للمخابرات الأمريكية إلى استعدادات إيرانية محتملة لمهاجمة القوات أو المصالح الأمريكية. وحذّر موقع "ستراتفور" من أنّ التحركات الإيرانية قد لا تتجاوز الخطوط الحمراء التي من شأنها أن تدفع الاتحاد الأوروبي لفرض العقوبات مجدداً وعلى الفور، أو الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية محدودة على المنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك، قد تصبح هذه الخطوات الأوروبية والأمريكية حقيقة بعد ستين يوماً من الآن، في حال نفّذت إيران تهديداتها بشأن تخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل. كل هذا وأكثر دون نتائج.

العالم العربي برمته بات لا يصدق أي شيء يصدر عن أمريكا ضد إيران، خصوصًا وأنهم في كل سنة يستفزون بعضهما ما لا يقل عن عشر مرات، دون أن يكون هناك أي تغيّر في السياسة بينهما، وكما يعلم العرب فإن هذه السياسة لا يحافظ عليها سوى إسرائيل، لأن علاقتها مع إيران قوية، فهما يحملان هدفًا واحدًا هو تدمير العرب لصنع إسرائيل الكبرى، فمنذ احتلال الأخيرة فلسطين وإيران هي أول من مد يد العون لها عبر خط أنبوب البترول الذي عمل بين طهران وتل أبيب.. ولهذا التعاون بعده الاستراتيجي الذي يخلخل المنطقة.

فكم من التهديدات التي قالتها أمريكا ضد إيران ولم تخدش جدارًا في إيران؟ وكم من الردود الساخنة التي توجهها إيران ضد أمريكا، ولم تحرك ساكنًا، وكم من الاستفزازات التي تقوم بها إيران في مضيق هرمز ضد القوات الأمريكية ولم تتقدم هذه القوات خطوة تجاه طهران. (راجع  https://wp.me/p1F8le-vM )

سيلحظ القارئ العربي هنا أن ثلاثة رؤساء أمريكان قبل ترامب هددوا إيران في مطلع أيامهم في البيت الأبيض وكانت النتائج عكس ما قالوه ، حيث بوش الأب سلم افغانستان لهم والإبن سلم بغداد لهم وأوباما سلم دمشق لهم. بوضوح تام، ومن خلال المعطيات على أرض الواقع "ونعيدها ونكررها مرارًا"، العلاقة بين أمريكا وإيران كالعلاقة بين الزوج وزوجته طوال النهار في ملاسنات وصخب وفي الليل ينامان على سرير واحد بكل حميمية. إقرأ https://wp.me/p1F8le-h0

إقرأ باهتمام الموضوع الآتي: إيران وجه أمريكا المخادع

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2018

لا شيء يهز العالم 20 (إسرائيل)

شوكة في حلوق العرب


بعيدًا عن المقدمات الكلاسيكية في شأن إسرائيل وكيف احتلت فلسطين عبر "وعد بلفور"، والذي لا يخلو من تاريخ في التعليم العربي إلا وهو يُذكر، فإننا سنذهب هنا مباشرة إلى ما تقوم به إسرائيل في المنطقة العربية، والعون الذي تستقبله باستمرار من الغرب،  خصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تستغل هذه القضية بشكل واضحٍ وفاضحٍ، بل وتقف مع العهر الإسرائيلي في كل صغيرة وكبيرة، ودومًا تسقط "تمثيليات" التهم التي يقوم بها مجلس الأمن أو تقوم به الأمم المتحدة تجاه هذه الدويلة المغتصبة، بل وترعاها ليل نهار، وتسهر على أمنها، لأن أمنها يقوض الأمن العربي ويقلق راحة العرب. ويعي العالم أجمع الذي يخضع الآن للقطبية الأمريكية أن التحرك الأمريكي في المنطقة يقوم كثيرًا على وجود إسرائيل في المنطقة العربية، وأن الكثير من مشاريعها ترى أن من سيحققها لها هم الإسرائيليون، دون إدراك منهم أن هذا الشعب إن تم وفتح المجال له لالتهام أمريكا فإنه سيفعل ذلك، دون تردد، حيث إنهم بحسب وصف رئيسهم الأسبق جورج واشنطن هم "حشرات" ويجب التخلص منهم، ولم يجدوا أفضل من رميهم في حلوق العرب، ولكن طينتهم يعرفها العرب جيدًا ويدركون أنهم عبدة مال، ولهذا لن يقر لهم قرار إلا بالسيطرة على كل ما يمت للمال بصلة، وكأن أمريكا تمهد لهم ذلك دون أن تدرك ما تفعله. ولهذا على العالم أن يراقب سلوك الإسرائيليين وإلا فإنه سيصحو على كارثة تصيبه من حيث لا يدرك، وحديثي هنا ليس من باب العاطفة بل من باب أن أوروبا لو راجعت ملفهم ستجد أن سبب حروبها السابقة، والتي خلفت دمارًا كبيرًا في الأرواح والممتلكات، كان ثلاثة أرباعها بسبب اليهود. وكان لهم دور في تغيير أوروبا المحافظة، وانحرافها إلى الدمار الأخلاقي، وهي الآن تفعل في العالم بيد أمريكية على هذا الانحراف، وتقوم ثلّة منهم متحكمة في رأس المال الأمريكي بهذا الدور، وبكل أسف العالم يتفرج عليه دون أن يواجهه، معتقدًا أن هذه هي الحرية وأن هذه هي الليبرالية أو الديموقراطية التي يجب أن يسير عليها العالم، ومعروف أن القيم إن سقطت في أي مجتمع فلا شك أنه سيسقط ذلك المجتمع، بشهادة الكثير من الفلاسفة، والكثير من علماء الاجتماع في الغرب نفسه.

 

الغضب

كتبت جريدة صنداي تريبيون الصادرة في دبلن، تحت عنوان " الاستنكار الأخلاقي نفاق محض" قالت الجريدة فيه إن ردود الفعل الغربية تجاه غزو العراق إيران وغزو الولايات المتحدة غرينادا وبنما، وغزو إسرائيل لبنان، و"الظلم الواقع على الفلسطينيين، كل هذا سبب مستمر للغضب الذي له ما يبرره في الشرق الأوسط، وسبب سيؤدي إلى اضطراب متواصل[1]"ربما تشومسكي عندما يضع هذا الاستشهاد هنا إنما يريد أن يذكر أن أسباب كل الدمار الذي تعيشه المنطقة العربية هو وعد بلفور، والرمي بإسرائيل في حلوق العرب من أجل التخلص من الشعبين العبري والعربي، فهي الطريقة الأسلم للغرب، والتي من خلالها سيحقق مبتغاه. ويذكر بأن الغضب المستمر هو من السياسة التي تتبعها أمريكا تجاه إسرائيل والوقوف إلى جوارها في كل صغيرة وكبيرة، وهي حقيقة ثابتة يعيها الغرب قبل العرب أنفسهم.

ويعي العرب أن الهدف الأساس من وجود إسرائيل في المنطقة العربية كي تكون شوكة في حلوقهم حيث: "أوصى مجلس الأمن القومي الأمريكي بأن من الممكن أن تكون إسرائيل عائقًا في وجه القومية العربية، وتضع بذلك أسسًا لأحد عناصر منظومة السيطرة على الشرق الأوسط (وهو العنصر المسمى "الأمن" أو "الاستقرار[2])". وهذه الورقة هي التي تعبث بالوطن العربي، وهي التي تعيق التقدم العربي، وتسعى إلى زعزعة استقراره، وتعمل بكل ما أوتيت من أفكار وسلاح تستمدهما من الغرب وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية على ألا يكون هناك أمنًا عربيًا، وأن تكون الفوضى مستمرة في هذه المنطقة من أجل الوصول إلى الغايات التي تريدها إسرائيل من جهة، والتي يريدها الغرب من جهة أخرى. وإنه لمن الحكمة أن يسعى العرب إلى تهميش هذه القضية، مع استمرارية المطالبة بحق الشعب الفلسطيني، وعدم التراجع عن هذا الأمر، ولكن بعيدًا عن الانسياق وراء العاطفة، ورمي التهم ضد بعضهم بعضا، وأنهم يخونون القضية الفلسطينية لأن في هذا شتات للعرب، وهو ما يريده الغرب. عليهم أن يرسموا خطًّا طويل الأجل لتحقيق أهداف تخدم القضية الفلسطينية، وذلك عن طريق جامعة الدول العربية، بشرط أن تكون هذه الجامعة فاعلة في هذا السياق على الأقل، وأن تكون الكلمة لديها، بعد وضع الخطة المناسبة للتصدي للمشروع الإسرائيلي بل المشروع الغربي في المنطقة القائم على إسرائيل بالتحديد.

لم تتوقف إسرائيل عند هذا فسبق وأن غزت لبنان عام 1987 واحتلت القسم الجنوبي منه، وقبلها منذ أوائل السبعينات أخضعت الجنوب اللبناني بهجماتها حيث قتلت الآلاف وشردت مئات الآلاف، وقصفت المناطق المدنية دون رحمة في سبيل اخضاع الجنوب كله لها. وإن غزو إسرائيل للبنان عام 1982م لم يكن له ما يبرره، ولم تجد الصحافة الغربية سوى السكوت عليه، حيث ذهب ضحيته 20 ألف مدني، دون أن يتحدث الدبلوماسيون أو الإعلام الأمريكي أو الغربي بشكل عام عما حدث، وكأنهم يدعمون الجريمة بالصمت وقد" أخفق المعلقون المسؤولون في استذكار غزو إسرائيل لبنان في عام 1982، الذي كان يرمي إلى إقامة حكومة صنيعة في "نظام جديد" يخضع للمصالح الإسرائيلية وإلى إعاقة المبادرات المزعجة كثيرًا التي تطرحها منظمة التحرير الفلسطينية من أجل تسوية دبلوماسية سليمة ـ كل هذا بُحث بصراحة داخل إسرائيل منذ اللحظات الأولى ولكنه ظل محجوبًا عن الجمهور الأمريكي. وذلك العمل الإسرائيلي العدواني الذي ارتكبته دولة عميلة، مؤهل ليوصف بعمل الخير والإحسان. لذلك استفاد من الدعم الناشط لإدارة ريغان التي دانها الديموقراطيون الأحرار وغيرهم من أقصى اليسار لأنها لم تظهر الحماسة اللازمة لهذه الهجمة البربرية التي خلّفت أكثر من عشرين ألف قتيل جلّهم من المدنيين[3].

" في السابع من أكتوبر عام 1985م اجتمع الرئيس ريجان في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز الذي أبلغه إن إسرائيل تستعد للقيام "بخطوات جريئة" في الشرق الأوسط، وأنها ستمد يد "السلام" إلى الأردن" ويضيف: في الواقع، نجد أن وسائل الإعلام الأمريكية قد استقبلت بيريز استقبالاً حارًّا باعتباره رجل سلام، واشادت به لالتزامه الصريح" بتحمل تبعات السلام بدلاً ع تكلفة الحرب" على حد تعبيره. وقال الرئيس الأمريكي إنه بحث مع بيريز" بلاء الإرهاب الذي أودى بحياة العديد من الضحايا الإسرائيليين والأمريكيين والعرب، وجلب المآسي على العديد الآخر" كأنه هنا يشير إلى أن سبب البلاء هم الفلسطينيون، وأن الإرهاب جاء من الشعب الفلسطيني، بينما المحتل والمغتصب للأرض جاء إليها ليمد غصن الزيتون، ويزرع الورود في هذه البلد، وهو أكبر مجرم يقوم ليل نهار بقمع الشعب الفلسطيني، ويُخضعه بالسلاح المتطور الذي تمد به أمريكا لإسرائيل، بل إن الهدف هو  أن يستمر خنوع الفلسطينيين ومن ثم العرب للآلة الغربية التي تريد السيطرة بالكامل على المنطقة العربية، سواء بتحقيق رؤية شمعون بيريز التي وضعها في كتابه: إسرائيل الكبرى، أو بإخضاع العالم العربي كله ليكون تحت سيطرة الغرب، وإشغالهم بإسرائيل التي زج بها في وسطهم من أجل أن يستمروا في خلافهم حول هذا الكائن الدخيل عليهم في منطقتهم.

" لقد اتفقنا على أن الإرهاب يجب ألا يعوق جهودنا المبذولة من أجل السلام في الشرق الأوسط". ويعلق تشومسكي هنا" إن الأمر يتطلب موهبة أشبه بموهبة الروائي الإنجليزي القديم جوناثان سويفت لكي نقدر حق القدر هذا الحديث بين إثنين من أبرز قادة الإرهاب في العالم، يشتركان في الاقتناع بمفهوم واحد "للسلام" يستبعد بشكل كامل إحدى الجماعتين المطالبتين بحقهما في تقرير المصير القومي على أرض فلسطين السابقة؛ وهي جماعة السكان الأصلية. إن وادي الأردن هو" جزء لا يتجزأ من إسرائيل" هذا ما صرح به شمعون بيريز، رجل السلام، خلال جولة قام بها في المستوطنات الإسرائيلية هناك عام 1985م، وهو ما يتماشى مع موقفه الثابت القائل بأن:" الماضي غير قابل للتغيير، وأن التوراة هي الوثيقة الفاصلة في تحديد مصير أرضنا؛ وأن إقامة دولة فلسطينية سوف " يهدد مجرد وجود إسرائيل نفسه" إن تصوره للدولة اليهودية، الذي يُمتدح كثيرًا في الولايات المتحدة بسبب اعتداله، لا يهدد وجود الشعب الفلسطيني فحسب، بل ويلغيه تمامًا[4].

" إن أيًّا من بيريز أو ريجان لم يكن مستعدًا حتى للنظر في المقترحات الواضحة التي تقدمت بها منظمة التحرير الفلسطينية والتي تسعى إلى اعتراف متبادل ضمن تسوية على أساس قيام دولتين وفقًا للإجماع الدولي العريض الذي ظلت الولايات المتحدة وإسرائيل تعترضان سبيله في كل منعطف على مدى أعوام عديدة.

إن هذه الحقائق السياسية الحاسمة توفر الإطار الضروري لأي بحث في "شرور وبلاء الإرهاب" وهي عبارة عنصرية من العبارات المستخدمة في الخطاب السياسي الأمريكي، والتي تشير إلى الأعمال الإرهابية التي يقوم بها العرب لا اليهود، تمامًا كما أن كلمة "سلام" تعني التسوية التي تحترم حق تقرير المصير القومي لليهود وليس للفلسطينيين.

قال الجنرال شلومو إيليا رئيس وحدة الاتصال التابعة للجيش الإسرائيلي في لبنان إن "السلاح المجدي الوحيد لمكافحة الإرهاب هو الإرهاب، وإن إسرائيل لديها خيارات تتخطى ما استخدمته بالفعل من أجل الحديث باللغة التي يفهمها الإرهابيون!"[5]

يتبع...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] نعوم تشومسكي، إعاقة الديموقراطية، (سابق). ص216

[2]  نفسه ص213

[3]  نفسه ص216

 [4]  الإرهاب الدولي.. الأسطورة والواقع، نعوم تشومسكي، ت: لبنى صبري، سينا للنشر القاهرة، ط1،1990م. ص49

[5]  نفسه ص50

السبت، 28 يوليو 2018

" تقية " توتر العلاقات بين أمريكا وإيران..

الحرب القذرة على العالم ( 12 )
من المهم إعادة قراءة هذه المقالة

الغرب لا يريد سوى العرب فهم مهد الإسلام وإيران المجوسية تخدمهم

العلاقة بين إيران وأمريكا كالعلاقة بين الزوجة وزوجها

التصاريح الرنانة بين الجانبين ينقضها تسليم بغداد وكابول لإيران

مع تصاعد خطابات ترامب ضد طهران هذه الأيام، يلحظ الجميع أن ثلاثة رؤوساء أمريكان قبل ترامب هددوا إيران في مطلع أيامهم في البيت الأبيض وكانت النتائج عكس ما قالوه ، حيث بوش الأب سلم افغانستان لهم والإبن سلم بغداد لهم وأوباما سلم دمشق لهم.

بوضوح تام، ومن خلال المعطيات على أرض الواقع، العلاقة بين أمريكا وإيران كالعلاقة بين الزوج وزوجته طوال النهار في ملاسنات وصخب وفي الليل ينامان على سرير واحد بكل حميمية.

في شهر 10/ 2016م أرسلت عضو لجنة القوات المسلحة لمجلس الشيوخ الامريكي “ كيلى آيوت “رسالة الى مدير المخابرات المركزية الآمريكية مطالبة الجواب الرسمي بشأن العلاقة  بين الدفع النقدي لنظام الملالي والهجوم الصاروخي ضد المدمرة الأمريكية. معلنة قلقها بشأن دفع مبلغ 1.7 مليارمن الدولار نقدا الى نظام الملالي بحيث يمكّن النظام من تمويل الاعمال الارهابية بشكل مباشر او غير مباشر.

وطالبت آيوت في هذه الرسالة الايضاح حول كيفية دعم الحوثيين في اليمن من قبل النظام الايراني. وحشر مثل هذه الجملة في الرسالة يعد عجيباً، فما هو الرابط بين الدفع النقدي وبين دعم طهران للحوثي، إلا إذا كانت الرسالة مفرغة من فحواها، وتم اختيار هذه الجمل للنشر.

كما أظهرت مقابلة تلفزيونية تعود إلى مارس/آب 2015 مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين، وهو يصف النظام الايراني بأنه أخطر من داعش.

وكان فلين يتولى قبلها منصب مدير وكالة استخبارات الدفاع قبل تقاعده في 2014م بعد خلافات مع إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، حول تسوية قضايا المنطقة، بما فيها الوضع في سوريا والتعامل مع إيران.

وقال فلين في المقابلة: ' أعتقد أن إيران هي الخطر الأكبر في مجموع المخاطر التي تواجهنا في ذلك الإقليم، وأنها تشكل تهديداً عالمياً كذلك بسبب قدراتها في تطوير الصواريخ الباليستية'.

وعمليات تبادل الأدوار في المنظومة الأمريكية هو أحد أساليب إدارة البيت الأمريكي، فأنت تخرج اليوم من اللعبة وتعود لها غداً، وهذا ما يحدث في الغالب. مايكل فلين الآن مستشار الأمن القومي الأمريكي لدى ترامب.

من جانبه قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس الماضي:  إن إيران كانت على وشك الانهيار قبل أن تزودها الولايات المتحدة بفرصة جديدة للحياة بـ 150 بليون دولار. وأضاف ترامب في حديث له الخميس : على إيران أن تكون ممتنة للاتفاق المريع الذي وقعته الولايات المتحدة معها، العام الماضي.

وبقراءة التسلسل الزمني للأحداث الكبرى التي شهدتها العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، سنلحظ ملاحظات، يجب أن تقرأ بحنكة:

1953 - المخابرات المركزية الأميركية تساعد في الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني المحبوب محمد مصدق وتعيد للسلطة الشاه محمد رضا بهلوي.

1967 - الولايات المتحدة تزود إيران بمفاعل طهران للأبحاث، وهو مفاعل نووي بقدرة خمسة ميغاوات يعمل باليورانيوم المخصب بنسبة 93% الذي يصلح لأغراض الأسلحة.

1968 - إيران توقع معاهدة حظر الانتشار النووي التي سمحت لطهران عند التصديق عليها بعد ذلك بعامين بامتلاك برنامج نووي مدني مقابل الالتزام بعدم السعي للحصول على أسلحة نووية.

1979- الثورة الإسلامية الإيرانية ترغم الشاه المدعوم من الولايات المتحدة على الفرار وآية الله روح الله الخميني يعود من المنفى ويصبح أول مرشد ديني أعلى.

ا1979 حتى 1981 ـ الإستيلاء على السفارة الأميركية في طهران في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1979م واحتجاز العاملين فيها رهائن لمدة 444 يوما.

1980 - الولايات المتحدة تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وتصادر أصولا إيرانية وتحظر أغلب الأنشطة التجارية معها.

1981 - إيران تفرج عن الرهائن الأميركيين بعد دقائق من انتهاء فترة ولاية كارتر وتنصيب رونالد ريغان رئيسا للولايات المتحدة.

1984ـ أضيفت إيران إلى القائمة الامريكية للدول الراعية للإرهاب الدولي!!

1986-1985ـ فضيحة "إيران كونترا" حيث نقلت السفن الأمريكية سرا أسلحة إلى إيران بزعم مقابل مساعدة طهران في تحرير رهائن أمريكيين احتجزهم حزب الله في لبنان.

2002-  الرئيس جورج دبليو بوش يعلن أن إيران والعراق وكوريا الشمالية تمثل "محور شر"، ومسؤولون أميركيون يتهمون طهران بإدارة برنامج سري للأسلحة النووية.

2002 - جماعة إيرانية في المنفى معارضة للحكومة في طهران تكشف النقاب عن امتلاك إيران منشأتين نوويتين قيد الإنشاء لم تعلن عنهما من قبل، أحدهما مفاعل لتخصيب اليورانيوم في نطنز، والثاني مفاعل يعمل بالماء الثقيل في آراك.

2006 - واشنطن تقول إنها مستعدة للانضمام إلى المحادثات النووية متعددة الأطراف مع إيران إذا أوقفت تخصيب اليورانيوم على نحو يمكن التحقق من صحته.

2007- في ديسمبر/كانون الأول، تقرير للمخابرات الأميركية يقدر بثقة كبيرة أن إيران كانت تعمل على تطوير أسلحة نووية حتى خريف 2003 حيث أوقف العمل في هذا البرنامج.

2008 - الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش يرسل للمرة الأولى مسؤولا هو بيل بيرنز من وزارة الخارجية للمشاركة مباشرة في المفاوضات النووية مع إيران في جنيف.

2009 - الرئيس الأميركي باراك أوباما يتولى منصبه ويبلغ زعماء إيران بأنه سيمد لهم يده إذا فتحوا له أيديهم وأقنعوا الغرب بأنهم لا يحاولون صنع قنبلة نووية.

2009 - بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة تعلن أن إيران تبني موقعا سريا لتخصيب اليورانيوم في فوردو قرب مدينة قم المقدسة عند الشيعة، وإيران تقول إنها كشفت عن الموقع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق من ذلك الأسبوع.

2009-2012 - تعثر المفاوضات النووية بين القوى الكبرى وإيران.

2012 - بدء سريان قانون أميركي يتيح لأوباما سلطة فرض عقوبات على بنوك أجنبية من بينها بنوك مركزية لدول حليفة للولايات المتحدة إذا لم تنجح في تخفيض وارداتها من النفط الإيراني بشكل ملحوظ.

2013- حسن روحاني ينتخب رئيسا لإيران بناء على برنامج يدعو لتطوير علاقات إيران مع العالم واقتصادها، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تخفيف العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.

2013- في 28 سبتمبر/أيلول: أوباما وروحاني يتحادثان هاتفيا فيما يمثل أعلى اتصال بين البلدين في 30 عاما.

إيران تتوصل إلى اتفاق مع القوى الست الكبرى بشأن برنامجها النووي في يوليو/تموز الماضي  (أسوشيتد برس)

2015 - في 14 يوليو/تموز أبرمت إيران والقوى الست اتفاقا وافقت إيران بمقتضاه على أخذ سلسلة من الخطوات، من بينها تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي وتعطيل جانب رئيسي من جوانب مفاعل آراك النووي مقابل تخفيف العقوبات التي تفرضها عليها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بدرجة ملموسة.

2016- إيران تطلق سراح عشرة بحارة أميركيين كانوا على متن زورقين في المياه الإقليمية الإيرانية بعد أقل من 24 ساعة من احتجازهم.

2016 ـ كشفت صحيفة “وول ستريت غورنال” الأميركية أن إدارة أوباما أرسلت سرا طائرة محملة بمبلغ 400 مليون دولار، إلى إيران.

2016- في 16 يناير/كانون الثاني الولايات المتحدة وإيران تعلنان تنفيذ اتفاق لتبادل السجناء يتم بموجبه الإفراج عن أربعة أميركيين محتجزين في إيران مقابل العفو عن سبعة على الأقل من الإيرانيين، أغلبهم يحملون الجنسيتين الإيرانية والأميركية إما سبقت إدانتهم في محاكم أميركية أو ينتظرون محاكمتهم. وإطلاق سراح أميركي خامس في خطوة منفصلة.

يقول الباحث السعودي الدكتور ضيف الله الضعيان بجامعة الملك سعود، في بحث نشر في صحيفة البيان الإماراتية بعنوان “العلاقات الأمريكية الإيرانية.. الوجه الآخر" : يشعر المراقب للحرب الإعلامية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، أن حرباً شاملة توشك أن تندلع بين الدولتين، لكنه ما يلبث أن يدرك أن وراء الأكمة تاريخاً طويلاً من التفاهمات والتعاون، بل التحالف أحياناً بينهما،  وكل منهما ينطلق بناء على مصالحه الاستراتيجية".

وبقراءة التسلسل الزمني للوقائع والأحداث التي مرت بين الدولتين سنلحظ أن القارئ لما تفعله أمريكا وتقوله وتصدره ضد إيران سيقول إنها ستلتهمها قريباً، وأنها ستقوم بشن حرب عليها، وحتى عندما وصف بوش محور الشر وصنف إيران ضمنها كان من المتوقع أن تتجه الأنظار نحو إيران ولكنها بدلاً عن ذلك وجه بوش حربه ضد العراق ليسلمها فيما بعد لإيران على طبق من ذهب.

كما يلحظ المراقب أنه في العام 2008 وأمريكا تعتبر إيران من ضمن محور الشر المهددة للسلم العالمي، ومع ذلك استوردت إيران في ذلك العام مليون طن من القمح الأمريكي، ةاستوردت أدوية أمريكية، وفي المقابل أمريكا تستورد منها السجاد الإيراني الفاخر والفستق.

وقال الدكتور الضعيان، في هذا الشأن تحديداً: “منذ ربع قرن والعلاقات الإيرانية الأمريكية تشهد تحالفات وتعاوناً، خاصة بعد أن لعبت أمريكا الدور الأكبر في نجاح ثورة الخميني، وما كان ليتصور نجاح الثورة بمنأى عن الدعم الأمريكي. وتعد فضيحة إيران جيت أكبر برهان على حقيقة الدعم العسكري الأمريكي الإسرائيلي لإيران، فضلاً عما نشرته وسائل الإعلام العالمية من إسقاط وسائل الدفاع السوفييتية (آنذاك) لطائرة أرجنتينية؛ كانت تتنقل بين إيران وإسرائيل محملة بأنواع السلاح”.

أي أن التعاون مستمراً بين الجانبين، والتصريحات الرنانة ضد بعضهما في أوجها، والمناوشات والمانشيتتات الصحفية قوية جداً، ولكن ما يحدث هو عكس كل ما يقال وكل ما يكتب.

وأشار الباحث الضعيان في بحثه إلى الاتفاق النووي حين قال: “تكشف قضية الملف النووي الإيراني، طبيعة العلاقات الأمريكية الإيرانية، فأمريكا قد غضّت الطرف عن الأنشطة الإيرانية النووية طيلة عقد من الزمن، ثم بدأت المخاوف الأمريكية على مصالحها الاستراتيجية في منطقة الخليج الغنية بمصادر الطاقة؛ فضلاً عما يمثله النشاط النووي الإيراني من خطر على أمن إسرائيل، ومع هذا فالخيار العسكري لا يمثل الحل الأمثل لأمريكا أمام طموحات إيران النووية؛ خشية تكرار التجربة العراقية، واتساع رقعة وعدد المنشآت النووية الإيرانية. كما لا يخفى حقيقة الدور الإيراني في مساعدة أمريكا على احتلال العراق، فقد كان لإيران – حسب تصريحات مسؤوليها – من خلال عملائها من الرافضة دور بارز في إغراء حكومة بوش باحتلال العراق؛ حتى تصبح البوابة العربية الشرقية مُشرَعة أمام إيران”.

ما الذي تفعله إيران في المنطقة لخدمة الأجندة الأمريكية أو الغربية؟ وكيف تسندها أمريكا في هذا الجانب؟

1ـ إيران تمول وتسلح جماعات مثل حزب الله وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

وهنا تزعم وزارة الخارجية الأمريكية أن هذا الأمر يجعل من إيران راعياً للإرهاب.. وفقا لوزارة الخارجية فإن إيران واصلت "تقديم كميات متفاوتة من التمويل والملاذ الآمن، والتدريب، والأسلحة لحزب الله اللبناني وجماعات الرفض الفلسطينية أبرزها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة. كما شجعت حزب الله والفصائل الفلسطينية الرافضة لتنسيق التخطيط وتصعيد أنشطتها.

2 ـ إيران نشطة في العراق، ليست نشطة فقط بل احتلته تماماً بمباركة أمريكية. فببناء فرع رئيسي للبنك الإيراني داخل العراق تم التأكيد على التوجه الإيراني وهو امتصاص اقتصاد العراق. والكل يعلم أن الحزب الرئيسي الذي يدعم الحكومة العراقية وقوات التحالف الأمريكي هو المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وهو أيضا مقرب من إيران. " فزعيم المجلس عبد العزيز الحكيم تلقى دعوة لزيارة البيت الأبيض وهو لاجئ في إيران عندما كان صدام حسين على رأس السلطة، وفي 21 فبراير 2007 ألقي القبض على ابنه قادما من إيران مع حراسه المسلحين من قبل قوات الولايات المتحدة وفي وقت لاحق أطلق سراحه مع تقديم الأعذار من قبل قوات الولايات المتحدة".

لتأتي الولايات المتحدة وتدعي أن إيران تدعم بعض الميليشيات الشيعية التي يزعم أنها ضد الحكومة العراقية.

3 ـ ابتداء من عام 2005 فإن العديد من المحللين بما في ذلك الصحافي سيمور هيرش مفتش أسلحة الدمار الشامل السابق للأمم المتحدة في العراق من 1991 إلى 1998 وسكوت ريتر وجوزيف سيرينسيون مدير منع الانتشار النووي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والأستاذ في جامعة سان فرانسيسكو ورئيس تحرير الشرق الأوسط للسياسة الخارجية في مشروع التركيز وستيفن زونس زعموا أن الولايات المتحدة تعتزم شن هجوم عسكري ضد إيران.

ـ 19 ديسمبر 2006: وفقا لتقرير سي بي اس نيوز فإن وزارة الدفاع تخطط لتعزيز وجودها في الخليج العربي الذي سيكون بمثابة تحذير للحكومة الإيرانية وتحديها بشكل مستمر. يقول مراسل الأمن القومي لقناة سي بي اس نيوز ديفيد مارتن أن الولايات المتحدة تقوم بالحشد العسكري والذي يشمل إضافة حاملة طائرات ثانية في منطقة الخليج العربي وهو يعتبر رد على ما يعتبره مسؤولون أمريكيون استفزازية القيادة الإيرانية المتزايدة.

ـ 22 ديسمبر 2006: قال وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس أن زيادة الوجود البحري الامريكي في الخليج العربي ليست ردا على أي عمل تقوم به ايران لكنها رسالة مفادها أن الولايات المتحدة ستبقى تحتفظ بوجودها في المنطقة لفترة طويلة.

4 ـ عام 2007م كان حافلا بالنشاط السياسي فقد أكد الرئيس بوش في خطاب إلى الأمة أن النجاح في العراق يبدأ بمعالجة إيران وسوريا: وبعدها تم انتقاد تصريحات بوش ضد إيران من دون موافقة الكونجرس واعتبرت تصرفاته هجومية و واستفزازية". كما اعترف مسؤولون في إدارة بوش أنهم لم يتمكنوا بعد من جمع أدلة قوية بما فيه الكفاية لدعم مطالبتهم علنا بأن ايران تقوم بالتحريض على العنف ضد القوات الاميركية في العراق. وكذلك واجهه نظام الملالي بالكثير من التصريحات التي تصب جميعها في إطار خارج إطار الوجود الإيراني في العراق.. وتدخله في شؤون الدول الأخرى في المنطقة.

ـ " 6 يناير 2007: وفقا لما ذكرته وكالة أنباء أن مصادر عسكرية إسرائيلية قد كشفت عن وجود خطة لضرب مصنع التخصيب في نطنز باستخدام العائد المنخفض النووي الخارق للتحصينات. يمكن أن يتم ذلك من خلال الكشف عن زيادة الضغط على إيران لوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم. نفت الحكومة الإسرائيلية هذا التقرير. في طهران قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني في مؤتمر صحفي أن تقرير الصحيفة "سيوضح للرأي العام العالمي أن النظام الصهيوني هو الخطر الرئيسي على السلام العالمي والمنطقة. أي إجراء ضد إيران لن يترك دون رد والغزاة سيندمون فورا على هذا الفعل".

ـ 11 يناير 2007: قال مسؤولون في الإدارة الأميركية أن مجموعة قتالية سترابط على مسافة إبحار سريعة من إيران ردا على قلق متزايد من أن إيران تقوم ببناء قدرتها الصاروخية الخاصة والقوة البحرية بهدف الهيمنة العسكرية في الخليج.

ـ 12 يناير 2007: اتهم الرئيس بوش إيران في خطاب هذا الأسبوع في المساعدة على شن هجمات ضد القوات الأمريكية في العراق. أعقبت تصريحاته تعليقات هجومية من كبار مستشاري الحرب وتحركات جديدة للقوات البحرية الامريكية وغارة في يوم الخميس في المدينة التي يسيطر عليها الأكراد في أربيل. حاولت الإدارة نزع فتيل مخاوف من أنه يخطط أو يدعو للمواجهة مع طهران. في مؤتمر صحفي نفى السكرتير الصحفي للبيت الأبيض توني سنو باعتباره اقتراحات "أسطورة" أن الولايات المتحدة تستعد لحرب أخرى. صدر نفي مماثل من قبل وزير الدفاع روبرت غيتس والجنرال بيتر بيس رئيس هيئة الأركان المشتركة.

ـ 14 يناير 2007: قال قائد الأسطول الروسي السلبق في البحر الأسود الأميرال إدوارد بالتين أنه يعتقد أن وجود هذا العدد الكبير من الغواصات النووية الأمريكية في الخليج العربي يعني أنه من المرجح ضرب إيران.

ـ 24 يناير 2007: قال مسؤولون إيرانيون الأربعاء أنهم تسلموا دفعة من أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة التي تم تصميمها لحماية منشآتها النووية في أصفهان وبوشهر وطهران وشرق إيران من الهجوم في المقام الأول من الطائرات الإسرائيلية أو الأمريكية.

ـ 24 يناير 2007: الكتاب في الأبحاث العالمية الجنرال ليوند إيفاشوف نائب رئيس الأكاديمية للشؤون الجيوسياسية والرئيس المشترك السابق لهيئة أركان الجيوش الروسية تتنبأ بهجوم نووي أمريكي على إيران بحلول نهاية أبريل. يعتقد أيضا مثل سكوت ريتر أن الولايات المتحدة سوف تستخدم الأسلحة النووية التكتيكية.

ـ 18 فبراير 2007: وفقا لسكوت ريتر الذي أكد وجهة نظره بأن إيران سوف تتعرض لهجوم من قبل الولايات المتحدة فقد تفاوضت وزارة الدفاع الأمريكية على استخدام القواعد العسكرية في رومانيا وبلغاريا.

إلى درجة أن تحدثوا عن ضرب إسرائيل لإيران، ولكن كل هذه مجرد أحاديث للتلاعب بالعقول، لنصل في نهاية المطاف إلى إعلان إيران عن احتلالها لأربع عواصم عربية، والرؤوساء الأمريكان يذهبون ويأتون والسياسة واحدة لا تتغير تجاه المنطقة، بحيث أن الهدف الذي يريدونه هو القضاء على الإسلام الصحيح، فهو الخطر الحقيقي مثلما يقولون على الأمم. والإسلام الصحيح هو في العرب أولاً والحرب هي على العرب، ولكن العرب لا يرون ذلك، ويرون أن المملكة العربية السعودية هي المقصودة بذلك، ولن يصلهم شيئاً، ولكن ما حدث في الربيع العربي دلل على أن السعودية لن تسقط ، وليثق العرب إن لم يعودوا إلى رشدهم أنها لن تسقط إلا بعد سقوط جميع الدول العربية، والمخطط يسير نحو ذلك.. فهل تعيدوا النظر يا حكامنا العرب وتتحدوا ضد المد الصفوي الغربي؟

 

الجمعة، 25 مايو 2018

لا شيء يهز العالم 9

الأمم المتحدة والعرب


جاء برنامج النقطة الرابعة لتأييد "السلام العالمي"، الذي صنعته أمريكا، وفق أربعة محاور:

  1. التأييد المطلق للأمم المتحدة، فالأمم المتحدة تأتمر بإمرة أمريكا في كل خطواتها، بل إن توجهاتها تساير التوجه الأمريكي خطوة بخطوة، خصوصاً وأنها أُنشئت تحت نظر الغرب، ومن كان يدعمها بقوة في البدء هم الدول الكبرى، ولكننا سنلحظ حالات قليلة تتناقض معها في حالة استخدام روسيا ـ سابقا الاتحاد السوفيتي ـ للفيتو أو الصين.. وتكاد تكون باتفاق بين الطرفين.

  2. كسب الشعوب بالعمل على الإصلاح الاقتصادي، وهي الفكرة الجهنمية التي تسيطر بها الكربورقراطية على مكتسبات الشعوب.

  3. تقوية الأمم التي تعادي الشيوعية. وكانت آنذاك الحرب الباردة مستعرة بين أقوى دولتين، ولهذا فإن العدو الكامن أمام أمريكا هو المد الشيوعي.

  4. تقديم المعونات لتحسين أحوال مختلف البلاد، وهذه المساعدات استغلال فاضح جداً في السياسة الأمريكية، وعبرها تتحكم في الدولة أو تبتزها سواء بإدراك أو بدون إدراك.


وكثيرًا ما نرى التركيز على هذه النقطة لأنها تحمل أبعادًا إنسانية في ظاهرها، بينما أهدافها أو غاياتها هي امتصاص الحقوق في الدول التي تساعدها أمريكا، أو تتدخل الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي في المساعدة، وذلك كي توقع الدولة في الفخ، وتبدأ مساومة الشركات العملاقة عليها من كل حدب وصوب، بعد أن تتم السيطرة على بنوك الدولة المعنية ليبدأ البنك الدولي في عمله تجاهها. وليحقق الرؤية السياسية المرسومة لها من قبل الشركات المسيطرة على العالم[1].

وعندما تأسست منظمة الامم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية فإن حفظ السلم والأمن الدوليين يعدان المشكلة الأهم التي تواجه المجتمع الدولي إلى اليوم، وهو المقصد الرئيسي الذي من اجله انشئت منظمة الأمم المتحدة.  ولأهمية هذا المقصد فإن مؤسسي المنظمة قد ركزوا عليه في الميثاق وخصصوا له الوسائل والإجراءات اللازمة لتحقيقه.

"وكانت خمسة من الدول العربية ضمن مؤسسي الامم المتحدة، وهي: مصر والمملكة العربية السعودية ولبنان وسوريا (كلها انضمت فعليا يوم 24 / 10 / 1945) والعراق (21 / 12 / 1945). ومن دول الشرق الأوسط كانت هناك أيضا إيران وتركيا. ثم إن للعرب ثقلاً إضافيًا يتمثل بأن اللغة العربية هي إحدى اللغات الرسمية الست للمنظمة إلى جانب اللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية والماندرين الصينية والإسبانية، مع العلم بأن أمينها العام السادس أختير من دولة عربية وهو الدكتور بطرس بطرس غالي الذي تولى المنصب لأربع سنوات بين 1992 و1996. واليوم تضم المنظمة 192 دولة، بينها 22 دولة عربية. وكان للعرب حضور مميز في الوكالات التابعة للأمم المتحدة حيث ترأسها بعضهم مثل الدكتور محمد البرادعي (مصر) والمهندس إدوار صوما (لبنان) وطالب الرفاعي (الأردن)..الخ."

 

القضية الفلسطينية

الإدانات التي يقوم بها مجلس الأمن ضد إسرائيل وما ترتكبه في حق الشعب الفلسطيني لا فائدة منها، طالما أن القرار يتوقف على استخدام الفيتو الأمريكي في كل مرة تتم الإدانة، أي أن أحد أهم أسباب تكوّن مجلس الأمن من خمس دول عظمى، ومن حق استخدام الفيتو يؤتي ثماره الآن، وفي كل آن، لحماية مصلحة الدول الخمس أو دولة منها أو دولة حليفة مثل إسرائيل. ولعل تقسيم فلسطين عام 1947م يعطي الدلالة الواضحة أن المجلس أو الأمم المتحدة لم يخلقا إلا لحماية المصالح الخاصة للدول العظمى. ولا تحمل همًّا تجاه أي قضية إنسانية في أي جزء من الكرة الأرضية، فما بالكم وهذا الجزء هو المنطقة العربية!!

"لقد صدر ما لا يقل عن 131 قرارا متصلا بالنزاع بين فلسطين وإسرائيل صدرت عن مجلس الأمن الدولي ما بين 1967 و1989 فقط. كما أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اسرائيل بإدانات تزيد على كل الإدانات بحق دول العالم الأخرى مجتمعة. وكان للأمم المتحدة دور وحضور فاعل في حروب العرب مع اسرائيل في الاعوام 1948 و1967 و1973 وغزو لبنان عام 1982 بصفة عامة، وغيرها من الاعتداءات والتجاوزات الاسرائيلية المتعددة على لبنان وسوريا ومصر والاردن والعراق. ومن الجدير بالذكر أن للأمم المتحدة وجودا عسكريا في مناطق النزاع العربي الاسرائيلي متمثلا في قوات الفصل الدولية الأندوف على هضبة الجولان في سوريا، وفي جنوب لبنان تنتشر قوات اليونيفيل، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة والدول المجاورة تعمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ناهيك من نشاطات اليونيسيف في مجالات الاهتمامات بالطفولة والأجهزة والوكالات الإقليمية[2]."

(سأتطرق إلى ذلك بشيء من التفصيل عند الحديث عن إسرائيل)

وسنلحظ أن هناك العديد من القضايا المتعلقة بالمنطقة العربية، وهي من القضايا التي تستخدمها الأمم المتحدة بمطاطية مبالغ فيها، وربما ترى أطراف تؤججها ولكنها تغض الطرف عنهم.. فمثلا: نزاع الصحراء الغربية؛ حيث كان لها دور بارز في التعاطي مع النزاع الحاصل بين المغرب وبين جبهة البوليساريو، وآخرها ما كان من إيران ومن حزب الله حين دعما ودربا هذه الجبهة في فضيحة انكشفت لكل العالم، ولم تتخذ حيالها الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن أي خطوة في هذا الاتجاه بل إن ستيفان دو جاريك، الناطق الرسمي باسم الأمين العام الأمم المتحدة، ردّ، خلال الندوة الصحافية الدورية المنعقدة الاثنين 02 أبريل 2018 بمقر المنظمة بنيويورك، ببرودة تامة على احتجاج المغرب من استمرار عمليات التوغل العسكري في المنطقة العازلة، حيث قال جواباً عن سؤال الصحافة: "نعم لديّ معلومات.. زملاؤنا في بعثة المينورسو لم يلاحظوا أي حركة لأي عناصر مسلحة شمال هذا الإقليم، المينورسو تُواصل مراقبة الوضعية عن كثب".

في نفس الوقت أكدت فيه مصادر إعلامية قريبة من "الجبهة" أن "نحو 14 عنصرا مسلحا تابعين للبوليساريو دخلوا المنطقة على متن أربع سيارات من نوع جيب، فقاموا بنصب خيام وتمركزوا فيها لما يناهز ساعة كاملة قبل أن يغادروا المكان ويسحبوا آلياتهم بعدما نصبوا خيامهم".

كما أظهرت صور لمجموعة شبابية محسوبة على جبهة البوليساريو تدعى "صرخة ضد الجدار" تنظيم وقفة احتجاجية يوم 31 مارس الماضي، رفقة أجانب، نددوا فيها باستمرار هذا الجدار الأمني.

وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قد أعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بسبب اتهامات لها بدعمها وتسليحها جبهة البوليساريو الراغبة بالانفصال، بدعم ومساندة "حزب الله".

بينما ذكر موقع القوات اللبنانية أن تتجاوز علاقة البوليساريو بـ"حزب الله" تقديم الدعم بتحريض من الجزائر. حيث تربطهما أيضا تجارة السلاح والمخدرات وتبييض الأموال. فشبكة “حزب الله” في تبييض الأموال تمتد من أفريقيا (الغرب أساسا) إلى أميركا اللاتينية، وعلاقة البوليساريو بالتنظيمات الجهادية في المنطقة تفيد عمل “حزب الله” كثيرا.[3]

وقال المحلل الأميركي في صحيفة واشنطن اكزامينور، مايكل روين، أن تلك " لم تكن مجرد عملية مارقة. ففي النهاية ما تعرض له المغاربة ليس أول محاولة من إيران لزعزعة استقرار مملكتهم". أي أنه يناقض تحفظات الأمم المتحدة.

ويضيف روبن أن "الواقع يقول إن سلوك إيران يكتسب طابعا أيديولوجيا، ومشكلة إيران مع المغرب هي أيديولوجية، خصوصا وأن المغرب لا ينتمي إلى معسكر دول الغرب الليبرالي فقط، ولكنه يقف أيضا في طليعة القوات المحاربة للإسلام المتطرف”، مضيفا أنه “على الرغم من اختلاف المذاهب بين إيران والمغرب، إلا أن رجال الدين وقادة إيران لا يريدون رؤية هذا الفرق أو حتى الالتزام به".

وهذا الحدث الأخير يوضح بجلاء موقف الأمم المتحدة المائع تجاه هذه القضية المتعلقة بالشأن العربي. ولن أعود كثيرًا بالتاريخ لأستشهد بمواقفها تجاه هذه القضية لأن السلبية هي ديدنها الدائم تجاه القضايا العربية.

بينما الحرب العراقية الإيرانية لعبت فيها الأمم المتحدة دورًا بارزًا، ويأتي التناقض من الموقف الأمريكي وهو العضو الرئيس في الدول الخمس العظمى أو في "نادي النخبة" الذي يحكم العالم، حيث أنه على مرأى ومسمع من مجلس الأمن ومن الأمم المتحدة ظهر بفضيحة " جيت إيران" أيام دونالد ريجان، ومع ذلك لم يكن هناك ما يثير التساؤل لدى المجلس. ولعل توقف الحرب بينهما جاء بعد خطة بديلة ستظهر في حرب الخليج الثانية حين احتل العراق دولة الكويت وكان للأمم المتحدة دور فاعل في التعاطي مع تداعيات غزو الكويت عام 1990. حيث فوضت الأمم المتحدة يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 1990 وعبر قرار مجلس الأمن 678 – استنادا إلى عدة قرارات سابقة – باستخدام القوة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، فشنت قوات متعددة الجنسيات، أمريكية أوروبية وعربية، ما عرف بعملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت يوم 24 فبراير (شباط) 1991، وتم لها ذلك خلال فترة قصيرة.

في المقابل في حرب الخليج الثالثة وهي الغزو الأمريكي للعراق فإن موقف الامم المتحدة كان ضعيفًا ولم تستطع التصدي للغزو الامريكي البريطاني للعراق الذي تم سنة 2003 خارج نطاق الشرعية الدولية ودون تفويض من الامم المتحدة التي باءت جهودها بالفشل لمنعه يوم 20 مارس (آذار) 2003 تحت ذريعة تخزينه أسلحة دمار شامل ممنوعة، وأسقطت الحكم فيه واحتلت البلاد، وبقيت القوات الأمريكية في العراق حتى اليوم.

أما قضية النزاعات في السودان فجميعنا يعي أن "جوبا" تحتضن تل أبيب، بل إن تل أبيب تحتضن جوبا، والتعاون بينهما على أعلى مستوى، وما يخدم إسرائيل لا بد أن تتبناه الأمم المتحدة أو يتبناه مجلس الأمن، ولهم حضور وأجندة بارزة جدا في الجنوب ودارفور. يقول ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي: "نحن شعب صغير، وإمكانياتنا ومواردنا محدودة، ولا بد من العمل على علاج هذه الثغرة في تعاملنا مع أعدائنا من الدول العربية، من خلال معرفة وتشخيص نقاط الضعف لديها. وخاصة العلاقات القائمة بين الجماعات والأقليات العرقية والطائفية، بحيث نسهم في تفخيم وتعظيم هذه النقاط، لتتحول في النهاية إلى معضلات يصعب حلها أو احتواؤها".

ولعل كلينتون بإشارة من رامسفيلد عندما دمر "مصنع الشفاء" بحجة أنه يصنع أسلحة دمار شامل، لم تتخذ الأمم المتحدة أي دور بل قد تكون ذات أدوار ومواقف معاكسة؛ فقد اتهمت مصادر في الأمم المتحدة عام 2004 ميليشيات الجنجويد المناصرين لحكم الرئيس عمر حسن البشير بارتكاب مجازر في الإقليم. ثم فرض مجلس الأمن الدولي في مارس من عام 2005 عقوبات على الخرطوم، وكذلك إحالة المتهمين بجرائم حرب إلى محكمة العدل الدولية. الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بين الخرطوم والامم المتحدة خصوصا بعد أن رفضت الخرطوم نشر قوات سلام دولية في إقليم دارفور. ثم أصدرت محكمة العدل الدولية عام 2007 أولى مذكرات التوقيف ضد المتهمين بجرائم الحرب، كما أصدر مجلس الأمن قرارا بتشكيل قوة سلام في دارفور. وفي العام التالي 2008 تولت الأمم المتحدة كليا أمر القوات الأفريقية – الدولية اليوناميد في الإقليم، وفي خطوة غير مسبوقة في عام 2009 أصدرت المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة مذكرة اعتقال بحق البشير. ورعت الامم المتحدة عملية استقلال الجنوب عام 2011، كما أعلنت نهاية حرب دارفور.

"بالإضافة إلى ما سبق كان للأمم المتحدة نشاطات ومهام لافتة أخرى تتعلق بالعرب والشرق الاوسط، منها النزاع الحدودي بين البحرين وقطر الذي حسمته قضائيا وتحكيميًا محكمة العدل الدولية عام 2001، بالإضافة الى قضية تورط ليبيا فيما عرف بقضية لوكيربي أصدر المجلس القرار 1506 بغالبية 13 صوتا وامتناع فرنسا والولايات المتحدة عن التصويت برفع العقوبات المفروضة على ليبيا. وغير ذلك من القضايا. ورغم كل ذلك فقد اتسم تعاطي الأمم المتحدة مع القضايا العربية والشرق أوسطية بغير الموضوعي، حيث انطلق دائما من اعتبارات مصالح الدول الكبرى المسيطرة على سياسة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي منع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من التصرف والقيام بمسؤوليتها في حفظ الأمن والسلم الدوليين[4]."

يتبع...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الحرب القذرة على العالم، للمؤلف، تحت الطبع.

[2]  عماد علو مقالة في صحيفة الزمان يوم 20 مايو 2014 الرابط: https://www.azzaman.com/?p=72168

[3]  موقع القوات اللبنانية https://www.lebanese-forces.com/2018/05/04/hezbollah-polisario-front/

[4]  عماد علو مقالة في صحيفة الزمان يوم 20 مايو 2014 (سابق).

الجمعة، 18 مايو 2018

لا شيء يهز العالم 8

نحن نحمي العالم، فمن يحمي العالم منّا؟!

مرتكزات السياسة الأمريكية في تفتيت العالم


أعود بكم إلى مرتكزات السياسة الأمريكية في العالم أجمع، وفي العالم العربي على وجه الخصوص.

المنظمات الأممية:

"كانت لدى روزفلت طموحات خيالية. فخلال عشاء في البيت الأبيض في مارس 1943م، اقترح على وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن قيام الدول العظمى بنزع سلاح جميع البلدان الأخرى، ووضع حاميات في مختلف مناطق العالم بغرض النظام، وقال إن القوى الصغرى " يجب ألا تحوز ما هو أخطر من البنادق[1]"ومن هنا بدأت رحلة مجلس الأمن الذي ضم خمس دول عظمى، هي التي يحق لها التحكم في العالم، والوقوف ضد أي قرار يصدر ضدها.

ومن يقرأ الأحداث بعد قنبلتي أمريكا على اليابان، سيلحظ أن مجلس الأمن لم يدنهما، ولم يتحدث عن ذلك إلى اليوم، كما أن التناقض في قضية فلسطين العربية ظاهر للعيان، وواضح انحياز المجلس فيها لأمريكا وللدول الخمس، ولإسرائيل. بخلاف العديد من القضايا التي تهم الأمة العربية والتي يقف المجلس منها موقفًا سلبيًا ولعل آخر القضايا سنلمسها في سوريا حيث أن عدد القتلى يصل إلى مليون، وعدد المشردين يصل إلى 12 مليون، على الرغم من أن الأمم المتحدة تسعى إلى ألا يكون هناك مهجرين أو لاجئين إلى أوروبا، حفاظًا على ديمغرافيتها، إلا أنها ومجلس الأمن لم يجدا سوى الصمت حيال ما يحدث، والسبب كما نعلم ويعلم العالم أجمع هو خدمة إسرائيل، وخدمة الأهداف التي تسعى إليه الدول العظمى وهي أن يبقى الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي في حالة تشتت وتشرذم واقتتال. ولا نجد من مجلس الأمن نحو هذه القضية ـ أعني السورية ـ سوى "بروباغندا" في حياة الشعوب لا تقدم ولا تؤخر.

ولا يشبه مجلس الأمن أية هيئة أخرى في تاريخ البشرية؛ حيث يضم أعضاؤه الخمسة الدائمون -الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدةـ نحو 30% من عدد سكان العالم، وينتجون أكثر من 40% من الناتج الاقتصادي العالمي. وفيما يخص الشأن العسكري، فإن سيطرة هؤلاء الأعضاء أقوى؛ حيث يحوزون 26 ألف رأس نووي، وهو ما يمثل 99% من الرؤوس النووية الموجودة في العالم، ولديهم جيوش قوامها 5.5 مليون رجل وامرأة. وعندما يتحد المجلس، يصبح بوسع أعضائه شن الحروب وفرض الحصار والإطاحة بالحكومات وفرض العقوبات. ويفعلون كل ذلك باسم المجتمع الدولي، ولا توجد حدود تقريبًا لسلطة هذا الجهاز.

[caption id="attachment_1669" align="alignnone" width="900"]العالم في اتجاهه واحد خمسة يحكمون العالم!![/caption]

ويرى صاحب كتاب "خمسة يحكمون الجميع" أن المجلس استطاع حفظ السلام في أوروبا على مدى خمسين عامًا، دون أن يذكر ما هي مجهودات المجلس في أمريكا اللاتينية أو الجنوبية، وما هي نشاطاته لحفظ السلام في أفريقيا، وآسيا، ومنطقة الشرق الأوسط[2]!!

العالم في اتجاه واحد

ولعل الطموحات الاستعمارية ظهرت في حينها، أي أثناء المشاورات لعقد اتفاقيات قيام مجلس الأمن، ومن هم أطرافه، ومن هم زعامته، وتحديد الدول وتقنين المواد واستقطاب الحلفاء في المجلس فوقتها تأتي ردة الفعل في تلك الأعوام من ونستون تشرشل، وذلك بعد اجتماع طهران عام 1943م، حين تراجعت بريطانيا في ميزان القوى، حيث كتب يقول: " جلست هناك والدب الروسي العظيم إلى جانبي وكفاه ممدوتان، وعلى الجانب الآخر الجاموس الأمريكي الكبير، وبين الإثنين جلس الحمار الإنجليزي الصغير المسكين، الذي كان الوحيد.... الذي عرف الطريق إلى المنزل[3].

وتأتي ردة الفعل من قبل الرئيس الأمريكي آنذاك (روزفلت) وهو يقول لتشرشل " لقد بدأت فترة جديدة في تاريخ العالم، وعليك التكيف معها" إشارة إلى عدم سيطرة بريطانيا على العالم مثلما كانت سابقًا. ولم يكن تشرشل بالرجل البسيط فهو كان يقرأ مستقبل العالم في حالة وجود منظمة أممية تسيطر عليها أمريكا." وكان تشرشل قلقًا بشأن غريزة الأمريكيين المعادية للاستعمار، لكنه لم يكن واضحًا أن الناخبين البريطانيين يشاركونه القلق. ذلك أن البريطانيين المنهكين لم يهتموا كثيرًا بالحفاظ على ممتلكاتهم في الأصقاع البعيدة.

وبما أن السوفييت لهم تجربة مع عصبة الأمم المتحدة حين طردوا منها، وسموها عصبة اللصوص، فإنهم كانوا قلقين تجاه أي منظمة دولية تأتي من الغرب واعتبروها هي نتاج للرأسمالية الغربية لا غير، ولن تكون مع البلدان الأخرى أو مع أي توجه آخر يوجد في العالم، وهي نظرة عميقة من ستالين في تلك الأيام، ويعلم أن المدى قصر أم طال سيؤدي إلى ما وصلت إليه النتائج اليوم، وهو ظهور القطب الواحد في العالم وهو أمريكا العظمى!

وكان البريطانيون معارضين أكثر من غيرهم للفيتو، وهو ما عاد جزئيًا إلى الاجتماعات المنتظمة التي كان يعقدها الدبلوماسيون البريطانيون مع الدول الأصغر التي شكلت الكومنولث البريطاني. وقد عبرت الدول بوضوح ـ وخاصة نيوزيلندا وكندا ـ عن عدائها لفكرة استئثار الدول العظمى بإدارة العالم من خلال المجلس، ثم حمايتها لنفسها باستخدام الفيتو؛ فقد كان ذلك بمثابة نوع من ازدواجية المعايير المفرطة.

وعندما اجتمع القادة الثلاثة ـ روزفلت وستالين وتشرشل ـ كان مستقبل ألمانيا أول الموضوعات التي نوقشت، وهذا يدلل منذ البدء على بدء أعمالهم في تقسيم العالم، والعمل على مصالحهم وليس مصالح العالم كما يدعي الرئيس الأمريكي "ترومان" عندما قال، بعد وفاة روزفلت بساعات: " إن القوى العظمى عليها مسؤولية خاصة فيما يتعلق بفرض السلام، وأضاف: إن هذه المسؤولية هي خدمة شعوب العالم وليس فرض السيطرة عليها"60. وكان على الحلفاء تحديد كيفية تقسيم هذا البلد وحكمه، وطالبت بريطانيا بمنح فرنسا منطقة تحتلها وتديرها في ألمانيا. وتنازل ستالين عن هذه النقطة، كما قبل دخول الحرب ضد اليابان. وتوصل القادة إلى حل وسط ـ سمي صيغة يالطا ـ سمح للأعضاء الدائمين باستخدام الفيتو ضد القرارات الخاصة بالقضايا " الموضوعية" وليس الإجرائية. وحدثت تنازلات من قبل السوفيت وقبلوا بثلاثة مقاعد بدلا عن 16 أوكرانيا وروسيا ا لبيضاء والاتحاد السوفيتي، وثلاثة مقاعد لأمريكا. وفي يوم استضافة أمريكا لمؤتمر يعلن فيه عن الاتفاق وعن هذا الانجاز العظيم الذي سيظهر به العالم تحت مظلة خمس دول عظمى، وبينما كان روزفلت يعد مسودة خطابة سقط وتوفي. وأكمل ترومان مهمته.

وحضر المؤتمر آنذاك 45 دولة، 19 من الأمريكيتين والكاريبي، وسبع من آسيا والشرق الوسط، وعشر من أوروبا.. وكانت معظم أفريقيا لا تزال مستعمرة. ورغم اعتراضات معظم الدول الصغرى على الفيتو، وعلى تسلط الدول الخمس به إلا أن النيويورك تايمز قالت: إن معظم الدول:" قبلت على مضض فكرة وجود ديكتاتورية عالمية فعّلية بواسطة القوى العظمى.

وتم توقيع الميثاق يوم 26 يونيو 1945م لتخرج الدول العظمى من سان فرانسسكو وهي وصية على أمن العالم.. وتبدأ حقبة الديكتاتورية العظمى.

في هذا النقاش نورد بعض الملاحظات:

ـ صيغة التطمين في أحاديث روزفلت لم توصل العالم إلى شرطي أوحد بل إلى ديكتاتورية واحدة فهو في العديد من المناسبات كان يطمئن معارضيه السياسيين أنه لم يفكر في وجود "دولة عظمى" أو قوة شرطة عالمية.

ـ إشارة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بأن "المنظمة صممت" لا لكي تأخذ البشرية إلى الفردوس، بل كي تقيها من الجحيم" فيها نوع من المراوغة تجاه المنظمة وتجاه مجلس الأمن، حيث أن ما توده أن يعيش في الجحيم تركته يعيش، ومن توده أن يذهب للفردوس عبر التدخل وقفت إلى جواره، والشواهد كثيرة، ثم إن مطاطية أن تقي المنظمة شرور حدوث حرب نووية لا تشفع لدور الأمم المتحدة ولمجلس الأمن، لأنهما يفترض أن يمنعا تدخل القوى الخمس في شؤون الدول، ولنا مثال في روسيا حاليًا وهي في سوريا، ونماذج كثيرة لأمريكا في أمريكا الجنوبية!!

ـ المجلس منذ إنشائه إلى اليوم عجز إلى حد كبير عن ممارسة الحكم العالمي الكفء.

ـ "وفي أغلب الأحيان، ينتهي الحوار حول المجلس باعتراف محزن بحدود قدراته "

ـ يعتقد الكثيرون أن غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003م كشف أخطار العمل دون مباركة المجلس. [4]

يتبع....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، ت:غادة طنطاوي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ع:2126، الطبعة الأولى 2014.ص34

[2] ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).ص18

[3]  ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).ص36

[4]  ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).

الثلاثاء، 9 يناير 2018

أن تكذب أكثر 7

كاترين تكتب على لسان الفرس عن اليمن


كثرت المراكز التي تدعي أنها ثقافية ذات مهنية عالية في البحث، وأنها محايدة، وتقدم مواضيعها ودراساتها بحيادية، وكنتت أطارد موضوعاً عبر الشبكة فوقعت على مركز لم أسمع به من قبل، ولا أعتقد أنكم سمعتم به، ولن أذكره لكم هنا لأنه لا يستحق الذكر، ولكن سأنقل لكم ما كتبته "كاترين شقدم" في هذا الموقع. وكاترين هذه بحثت عن سيرة لها في الـ"قوقل" ولم أجد لها شيئاً سوى ما كتبته في هذا الموقع.

 

بعد قراءتي لموضوعها المعنون:" السر الخفي للحرب في اليمن ـ حرب من أجل إعادة التشكيل الإقليمي" وهو عنوان يصيب الحقيقة كاملة، وهو ما شدني للقراءة، ولكن في متن الموضوع تجد أن ما جاء في المقالة يخدم التوجه الإيراني بالكامل، ولا يخدم العنوان على الاطلاق.

حيث رأت أو رأى من كتب المقالة أن ما يحدث يخدم التوجه الامبريالي وأن من يقوم بهذا الدور هو السعودية، نعم هو يخدم التوجه الامبريالي تماماً ولكن من يقوم بخدمة وينفذ أجندة الغرب وبشكل واضح هي إيران، فكل المآسي التي تحدث في العراق وسوريا ولبنان ومن ثم اليمن سببها إيران، بتدخلاتها غير المبررة في الدول العربية، وبسعيها الحثيث إلى تصدير "ثورة الخرافة الإيرانية" إلى أن وصلت إلى جماعة ساذجة في اليمن لم تقرأ ولم تكتب فطوعتها لخدمة مصالحها من أجل اشغال المملكة العربية السعودية.

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 36



  • أن تكذب أكثر 6




الصراع في اليمن

دراسة معهد بروكنجز تحمل تناقضاتها وتمجد إيران

قراءة ضعيفة جداً لا تحمل فكرا

بعد قراءة لإحدى مقالات قامات أمريكا وهو "معهد كارنيجي" في هذه السلسلة (24)، سنلحظ أن توجه مراكز الدراسات في أمريكا هو مع توجه سياسة الرئيس، في أي منطقة يطرقها، وهذا يمنحنا المؤشر الذي تسير عليه حزمة السياسة الأمريكية بالكامل في كل حصة رئاسية، ومن المهم قراءة مثل هذه المراكز وما تطرحه، لأن ذلك سيعود علينا بالنفع في قراءة التوجه الأمريكي.

السبت، 4 نوفمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 35

امبريالية الإمبراطورية الأمريكية

بريجنسكي وعملية نيويورك الأخيرة!!

أوروبا لا تحتاج لغضب بل إلى عمل للخروج من مأزق أمريكا!!

يلوح بريجنسكي إلى الداخل الأمريكي وأنه ربما قد يكون السبب الرئيس في سقوط الهيمنة الأمريكية، بل إنه يحذر من ذلك، بحيث لا يجب أن تتراخى السياسة الأمريكية تجاه هيمنتها على العالم، وعليها أن تعمد إلى السير قدماً، ليس لقيادة العالم بل للسيطرة عليه" التحدي الرئيسي للقوة الأمريكية لا يمكن أن ينبع إلا من الداخل ـ إما بسبب نبذ الديمقراطية الأمريكية نفسها للقوة، وإما بسبب سوء استخدام أميركا لقوتها في العالم. "[1]

الحرب القذرة على العالم 35

امبريالية الإمبراطورية الأمريكية


بريجنسكي وعملية نيويورك الأخيرة!!

أوروبا لا تحتاج لغضب بل إلى عمل للخروج من مأزق أمريكا!!

يلوح بريجنسكي إلى الداخل الأمريكي وأنه ربما قد يكون السبب الرئيس في سقوط الهيمنة الأمريكية، بل إنه يحذر من ذلك، بحيث لا يجب أن تتراخى السياسة الأمريكية تجاه هيمنتها على العالم، وعليها أن تعمد إلى السير قدماً، ليس لقيادة العالم بل للسيطرة عليه" التحدي الرئيسي للقوة الأمريكية لا يمكن أن ينبع إلا من الداخل ـ إما بسبب نبذ الديمقراطية الأمريكية نفسها للقوة، وإما بسبب سوء استخدام أميركا لقوتها في العالم. "[1]

الخميس، 28 سبتمبر 2017

نتائج خيانة نوري المالكي: سعي الأكراد للانفصال

باختصار:

ما يحدث اليوم في العراق هو نتيجة ما فعلته حكومة نوري المالكي من خيانات في الشعب العراقي، ومن تهميش للأكراد بشكل فاضح، وللسنة بشكل فظيع ، وقد نقرأ يوم غد عن انفصال سني في العراق؛ وكان سبباً حاسماً لدى الأكراد في الوصول إلى هذا القرار، وخصوصاً أن الفساد ينخر قلب العراق، سواء مع المالكي أو مع الميليشيات المدعومة إيرانياً في الوقت الحالي. وتستطيع العودة هنا إلى الرابط الذي يتحدث عن نوري المالكي وهو يقدم تصوراً لتقسيم العراق http://moghamei.com/?p=405

وإيقاف الرحلات إلى مطار اربيل، وإخضاع المنافذ الحدودية البرية مع دول أخرى في إقليم كردستان لإشرافها، وإغلاق المنافذ غير الرسمية،لن يوقف ما يراه الأكراد أنه انتصاراً لهم، وأنهم اختاروا مصيرهم حين صوتوا بالانفصال عن العراق.

المشاكل التي تلوح في الأفق الآن في العراق هي:

أولاً: إيران التي قال حسن روحاني إنها لن تخرج منه.. وهي مقولة لها أبعادها، وأنها متحكمة في القرار السياسي في بغداد، وهذه نقطة خطرة على وحدة العراق، فكيف يدافع العبادي على وحدة بلاده وهو أصلاً تحت سيطرة محتل فارسي، يعبث بها كيفما يريد.

ثانياً: تركيا التي ترى أن الحق في تقرير مصير الأكراد في العراق، وهو حق غير مباح، ومع ذلك لا يمنع أن نسمع الرئيس التركي وهو يقول إنها " خيانة"، وان الشعب الكردي سيتضور جوعاً.

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 32

· أن تكذب أكثر 5


· القوة الناعمة

نحت أمريكا منحى موازٍ تماماً لأيام الحرب الباردة، وأعادت صياغة مصطلح " الحرب الباردة" ليتحول إلى  القوة الناعمة ( Soft power ) ولعل إيحاءات هذه المرحلة بدأت من عام 1989م عندما سقط جدار برلين دون أن تقام حرب أو تسفك دماء، حيث يشير مؤسس مصطلح " القوة الناعمة " جوزيف ناي ـ وقد كان نائباً لوزير الدفاع الأمريكي، وكتب عنه عام 1990م في كتابه ( ملزمون بالقيادة) ـ إلى أن الجدار تم اختراقه بالتلفزيون والسينما منذ زمن طويل قبل سقوطه، في إشارة إلى تأثير الثقافة الغربية بدلا عن السلاح.

الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 31



  • إمبريالية الإمبراطورية الأمريكية 5




هاتفني أحد الأصدقاء وتحدث معي حول ما كتبته هنا عن نظرية " مجتمع الخوف" .. ورأى أنني ذهبت بها إلى غير محلها عندما عكستها على المجتمع الأمريكي، وقال: إن هناك قانوناً يحكم الجميع فلذلك لا خوف.


قلت متى تحدثت عن ليبرالية فإنني أتفق معك.. أما إن تحدثت عن علمانية فإنني لست معك. فالحرية الفردية تختلف عن الحرية السياسية.. والحديث الأخلاقي الذي طرحته هو عن الحرية السياسية وفسادها وعدم مصداقيتها وبعدها عن الأخلاق تماماً، ولهذا فإن أمريكا تخاف من فقدان هذه الحرية الفاسدة، بالنسبة للنخبة المسيطرة. ومن هذا الجانب فإن الخوف سينعكس على المجتمع على مدى الزمن، وستخشى النخبة انحراف العامة بعد اكتشاف الحرية المخادعة التي تطرحها الليبرالية الحديثة، وتحديداُ ليبرالية " المحافظون الجدد" الذين يرون في هذه الحرية الفردية أنها الدرب الذي يستطيعون عبره السيطرة على الشعب؛ أي كأن عملية رسم الوهم لهؤلاء البشر هي الطريق الحقيقي لبقاء الديكتاتورية، لأنه متى ما كان انسياق المجتمع ككتلة واحدة فإن قدر هؤلاء هو خروجهم من السلطة شاءوا أم أبوا، ومتى ما تمتع الشعب ، بل العالم ، بحرية فردية فإنه من السهولة بمكان انسياقه لقطيع تسيره الديكتاتورية، التي تريد السيطرة على العالم. وأعتقد أنه سيأتي اليوم الذي تتنبه له الشعوب لهذا الخطر وسيخرجونهم من السلطة، لأن البناء على " الكذب النبيل"[1] ، الذي يرونه، لا يمكن له الاستمرار.

الاثنين، 28 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 30

الكذبة الخلاقة وتفتيت المنطقة العربية

يعتبر المفكر الاستراتيجي الأميركي مايكل ليدن الباحث في معهد "أميركا انتربرايز" أول من صاغ مفهوم " الفوضى الخلاقة" عام 2003م، بالشكل الذي يليق بمنطقة الشرق الأوسط "، نعم تحديدا، عندما وضع خطة جديدة للولايات المتحدة لإدارة أهم المناطق حساسية في العالم، وهي المنطقة العربية، بعد أن لاحظ ارتباك السياسة الأميركية في هذه المنطقة، وأعطاها تسميات مرادفة، منها "الفوضى والبناء" و"التدمير والبناء". وينطلق ليدن في نظريته من أفكار تعكس الفلسفة التي تدين بها الطغمة الفاسدة المسيطرة على القرارات والاستراتيجيات الأميركية تجاه العالم والشرق الأوسط بالخصوص، وهي اعتماد الواقع أكثر مما يمليه الذهن، أي جعل له الأسبقية والرجحان. وينطلق ليدن بعد قراءة الواقع وتشخيص البيئة المحددة له ليقول أنه لا بد من التعامل مع معطياته وتطوراته.

الاثنين، 21 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 29


  • إمبريالية الامبراطورية الأمريكية 4

  • "مجتمع الخوف" أمريكي


" أعمال الإرهاب تكاد تكون مقصورة على الدول الديمقراطية أو شبه الديمقراطية" هذا كلام نعوم تشومسكي الذي يناقض خطاب السيد بوش، الذي جاء فيه أن "المجتمعات الديمقراطية لا تروج للإرهاب الدولي بينما المجتمعات غير الديمقراطية مؤهلة لتفريخ الإرهاب" هنا وجه يصف أمريكا بأنها تعمل على الديمقراطية، ولكن قد يكون تشومسكي التقط من حديث بوش الوجه الحقيقي للمقولة مسقطاً على المقولة أن السياسة الأمريكية ليست ديمقراطية ولهذا فهي تصدر الإرهاب، وهي التي تفرخ للعنف والتطرف. هذا الإختصار لخطاب بوش تناوله أمير طاهري في مقالة له في الشرق الأوسط وذهب به إلى كتاب ناتان شارانسكي حيث تبنى شارانسكي نظرية بوش بطريقة كاملة ـ من وجهة نظر طاهري ـ واستخدم خبرته الشخصية كمنشق ساهم في هز أسس الخبرة السوفياتية لكي يوضح أن نشر الديمقراطية هو أكثر الدفاعات فاعلية التي يمكن للغرب تبنيها. بينما أرى هنا أن العكس هو الصحيح حيث أن بوش هو الذي تبنى نظرية شارانسكي.

و"يقسم شارانسكي العالم المعاصر الى نوعين: من ناحية توجد «مجتمعات الخوف» التي يختفي فيها مفهوم المواطنة. ففي تلك المجتمعات لا يمكن للفرد التعبير عن وجهات نظره بحرية بدون المخاطرة بإلحاق الضرر بذاته. ومن ناحية أخرى هناك «المجتمعات الحرة» لا يتمتع فيها الفرد بحرية التعبير عن وجهة نظره ولكن ايضا يملك الحق في اختيار الحكومة عبر انتخابات ديمقراطية. ويوضح شارانسكي ان «مجتمعات الخوف»، تعتمد على العنف للحفاظ على سلامها الداخلي وتستخدم الحرب او التهديد بها، والعديد من أشكال الإرهاب كوسيلة في السياسة الخارجية. وثمن الاستقرار داخل النظم غير الديمقراطية كما يوضح هو الإرهاب خارجها. ويعتقد شارانسكي بإمكانية وضرورة هزيمة «مجتمعات الخوف،» اذا ما كان على «المجتمعات الحرة» الحياة بسلام وأمن. واستخدم الاتحاد السوفياتي كنموذج يعرفه جيدا. فقد اظهر كيف فشل الغرب في فهم طبيعة «مجتمعات الخوف» وحاول التعامل معها عبر سلسلة من الوسائل الدبلوماسية، ولاسيما مغامرة نيكسون / كيسينجر ( سبق أن تحدثنا عن ذلك من قبل) المعروفة باسم سياسة الوفاق. ولكن استمر الأمر حتى انحلال الاتحاد السوفياتي كدولة ومسيرة دولة على طريق الديمقراطية قبل ان يتوقف عن تهديد الغرب."[1]

الاثنين، 14 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 28

الإرهاب هو " الثورة التي يجري توجيهها الآن بمنتهى الخبث كستار للعنف الذي يمارسه الغرب" نعوم تشومسكي



  •  امبريالية الامبراطورية الأمريكية 3


  • الامبريالية تحارب الوحش


يقول تشومسكي " إن المعايير التي تطبق على الإمبراطور وبلاطه فريدة من نوعها من ناحيتين وثيقتي الصلة ببعضها البعض. أولاهما أن الأعمال الإرهابية التي يقومون بها لا تدخل في قائمة ما يسمى بأعمال الإرهاب، وثانيتهما: أنه في حين ينظر إلى الأعمال الإرهابية الموجهة ضدهم بجدية بالغة، حتى لو تطلب الأمر اللجوء إلى العنف" للدفاع عن النفس ضد خطر هجوم قد يحدث في المستقبل" طبعاً يشير هنا إلى قانون الولايات المتحدة المتعلق بالوقائية أو الحرب الاستباقية.[2] وفي حالة المنطقة العربية ربما هندس الأمريكان بـ " لكل فعل ردة فعل" ولكن الفعل ما هو والذي يحتاج إلى ردة فعل؟ لا بد من إيجاد هذا الفعل، لتتفتق أفكار بوش وزبانيته عن تفجير برجي التجارة، وهو تنفيذ كامل للقطة فيلم(The Long Kiss Goodnight ) الصادر عام 1996م، من بطولة (صامويل إل.جاكسون وجينا ديفيس،والكاتب هو شيم بلاك والمخرج ريني هارلي) شاهد الفيديو:

https://www.youtube.com/watch?v=QXoQUmO-DXA

ويظهر فيه التخطيط لهجمة إرهابية على مركز التجارة العالمي و مقتل 4 الآف شخص و الصاق التهمة بالمسلمين. ويكون الفعل لتأتي ردة الفعل، التي تتطلب اللجوء للعنف والعمل بالدفاع عن النفس واستباق حدوث هجمات على الامبراطورية الأمريكية من قَبل المسلمين ولتكون كلمة " الارهاب " هي الكلمة السحرية التي تسير عليها أمريكا إلى اليوم في المنطقة العربية.

وأورد تشومسكي أن سياسة ريجان كانت ملتزمة بثلاث سياسات ، نقل الموارد من الفقراء إلى الأغنياء، وتحقيق زيادة ضخمة في القطاع الحكومي الأمريكي، وثالثاً وهو المهم بالنسبة لنا هنا: إنجاز زيادة كبيرة في التدخلات الأمريكية في شؤون الدول الأخرى والتخريب والإرهاب الدولي ( بالمعنى الحقيقي للكلمة). ويصل تشومسكي إلى لب الموضوع حين اردف: إن مثل هذه السياسات لا يمكن أن تطبق إلا إذا تم تخويف الشعب بصورة صحيحية من وحوش يتعين أن نحمي أنفسنا منها.[3] ويتضح هذا في حيلة الحادي عشر من سبتمبر حين جعل الشعب الأمريكي والعالم ينتظر الوحش متى ينقض مرّة أخرى على الولايات المتحدة، بل صنع إلى جوار الوحش " حشرة" أسماها " الانثراكس" كي تلسع كل من يفكر بشكل منطقي وتشتت ذهنه عن التفكير في مسألة تفجير البرجين، وكيف تمت العملية؟ وما هي الأبعاد المحتملة؟ وما هي أساليب التنفيذ؟ واستطاع الاعلام الأمريكي حشد الجماهير فعلاً ضد هذا العمل، ووجه أنظاره إلى العالم الإسلامي، وأوجد فزاعة بن لادن، ولكن هذا الوحش لا يكفي في الرؤية الأمريكية بعد مرور 12 سنة على حادثة البرجين التي بردت وانتهت بمجرد إعلان مقتل ابن لادن، ليظهر الوحش الجديد " داعش" الذي لا يريد لأمريكا أن تعيش في سلام في العراق، ولا يريد لها أن تعيش في أمان وبحبوحة في المنطقة العربية، ولهذا لا بد من مواجهة الوحش ابن الوحش الذي ولدته القاعدة، أي ابن لادن قبل أن يموت خلف خليفته الذي يكره أمريكا وسيحطم تمثال الحرية إن لم نضربه ضربات استباقية أو وقائية قبل أن يصل إلينا. يسخر تشومسكي هنا وهو يقول: الحيلة النمطية المتبعة لهذا الغرض هي حشد الجماهير ضد التهديد الذي يسميه الرئيس" المؤامرة المتكتلة التي لا ترحم"[4] وهي كلمة استعارها من كيندي ليطلق ريجان ما سماه " امبراطورية الشر" ويطلق بوش " محور الشر".

إن صناعة الوحش من أجل تحقيق ضربات استباقية جاءت من أجل حماية التسلط، لا من أجل قمعه كما تصور لنا الآلة الأمريكية أو كما يدعي من يسير على ركبها و" قضية الإرهاب النابع من العالم الإسلامي والطريقة المثلى للرد عليه من جانب الديمقراطيات التي تدافع عن القيم الحضارية، ما زالت من أبرز موضوعات الاهتمام والجدال؛ وهو ما يتضح من أعداد الكتب والمؤتمرات والمقالات والبرامج التلفزيونية التي تناولت الموضوع... والاهتمام مقصور على إرهاب اللص وليس إرهاب الامبراطور وعملاته؛ اي عليهم وليس علينا"هكذا يؤكد تشومسكي ويعلنها بكل صراحة بأن إرهاب الإمبراطورية الأمريكية ليس إرهاباً، إنما الإرهابيين هم من يدافعون عن أنفسهم وعن بلادهم، وعن حقوقهم حيث استخدمت أمريكا الإرهاب بشكل مقنن، وجعلته سلاحها للقمع في أي مكان تريد التوجه إليه، وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط، وليس بغريب على أمريكا أن تستخدم هذا ففي  التاريخ الغربي الحديث والقديم أُستخدمت هذه الكلمة كأداة للصراع السياسي، وربما هي العادة في السلطات على مر التاريخ فمن يقاوم استبداد السلطة يسمى إرهابياً سواء بالكلمة المباشرة أو برديفاتها الكثيرة التي ملأت الكتب بالأشرار الذين لا يريدون الاستقرار للإستبداد في دولهم.

 

والعجيب هنا أن كلمة الارهاب تم عكسها تماماً فقد " بدأ استخدام كلمة إرهاب ( Terrorism) في نهاية القرن الثامن عشر للتعبير بشكل أساسي عن أعمال العنف التي تقوم بها الحكومات لضمان خضوع الشعوب. وكما هو واضح، فإن هذا المفهوم لا ينطوي على كثير من الفائدة لمن يمارسون إرهاب الدولة، الذين بحكم سيطرتهم على السلطة ـ يوجدون في وضع يسمح لهم بالسيطرة على نظام التفكير والتعبير. لذلك فقد أُهمل المعنى الأصلي للكلمة، وأصبحت كلمة " إرهاب" تطلق بشكل اساسي على " إرهاب التجزئة" الذي يقوم به أفراد وجماعات. ففي حين كانت هذه الكلمة تطلق على الأباطرة الذين يعتدون على رعاياهم، بل وعلى العالم بأسره، أصبحت الآن تطلق على اللصوص الذين يعتدون على الأقوياء."[5]

يتبع..

الاثنين، 7 أغسطس 2017

إمبريالية الإمبراطورية الأمريكية (2)

الحرب القذرة على العالم (27)

ما أشار إليه نيكسون في كتابه " انتهزوا الفرصة أو الفرصة السانحة "  من أن موسكو كانت تقود وتحرك حملة عدوانية مباشرة أو غير مباشرة على الرغم من رفع شعارات مضللة مثل (التعايش السلمي) و(الانفراج الدولي) . هو بالضبط ما تردده الآن واشنطن، وهي شعارات ترفعها باستمرار تجاه المنطقة العربية، بل وتزيد عليها أنها تريد " الديمقراطية" و " الحرية " للشعوب العربية، دون أن يلمس العرب هذه الحرية وهذه الديمقراطية التي جاء بها المحتل في المنطقة العربية.

وتكمن أهمية أحداث البرجين 11/9 في أنها كانت الانطلاقة الحقيقية التي شنت من خلالها الحرب في مناطق المسلمين، بل ضدهم في جميع أنحاء العالم حتى داخل أمريكا، وبدأت الحرب الخارجية بأفغانستان ومن ثم العراق و" ليس من المعقول أن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من شن حربين متتابعتين في زمن قصير لسرقة، والسيطرة على، والحكم في، ثلثي الموارد الهيدروكربونية في العالم دون خطط للحرب معدة وموجودة مسبقاً، تم اختبارها، وتمثيلها وشحذها جيداً، ودون استعدادات عسكرية تعود إلى وقت سابق، ومن الطبيعي إذا كانت الخطط الحربية والاستعدادات قد سبقت 11 سبتمبر، فإن تلك المأساة لا يمكن النظر إليها واعتبارها السبب في هاتين الحربين، إذ إن الدوافع الحقيقية للحرب يجب أن تكون قبل ذلك."[1]