‏إظهار الرسائل ذات التسميات هنري ميلر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات هنري ميلر. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 3 يونيو 2020

من قارئ كالفينو إلى كاتب ميلر: لا تصرخ


13ـ لا أحد يقرأ

(سيأتي زمن يعتبر كل قارئ نفسه قارئًا مثاليًّا) الكاتب الأرجنتيني البرتو ما نغويل
هل لي الآن أن أصرخ وأقول: لا أحد يقرأ؟ وما هو شكل القراءة لو قلت هذا؟ هل " على المرء أن يكون مخترعًا كي يقرأ جيدًا؟" على مقولة (رالف والدو إيمرسون)، لقد لاحظت أن ماريو يوسا في قصة لهمنجواي عنوانها القتلة يقول:" لماذا يريد المجرمان اللذان يدخلان، ومعهما بندقيتان قصيرتان، إلى مطعم هنري الصغير، في تلك البلدة غير المسماة، أن يقتلا السويدي أندرسون؟ ولماذا يرفض أندرسون الغامض الهرب أو إبلاغ الشرطة، عندما ينبهه الشاب نك آدامز أن هناك قاتلين يبحثان عنه لقتله، ويستسلم بقدرية لمصيره؟ يرد على أسئلته بـ "لن نعرف أبدًا" وإذا أردنا أن نعرف الجواب عن هذين السؤالين الحاسمين في القصة، علينا أن نخترعهما بأنفسنا نحن القراء، انطلاقًا من المعطيات الضئيلة التي يوفرها لنا الراوي - كلي المعرفة" (رسائل إلى روائي شاب، ماريو يوسا، 107-108).

الخميس، 28 مايو 2020

من قارئ كالفينو إلى كاتب ميلر (12)

12ـ الكتابة الظل
قد تضع خطًا تحت عبارات في بعض الكتب التي تقرأها، وأخرى تكتب حاشية بخط يدك، "ثلاثة اتجاهات في الكتابة".. "وجه آخر للبطل".. " لا تعجبني هذه العبارة لكنها تفتح موضوعًا يمكن النقاش حوله".. هذه العبارة التي كتبتها كتعليق على عبارة الكاتب، قد يصفعك كالفينو ويقول لك: " أيها القارئ، انتبه وأرهف السمع. فهذا الشك يندس في عقلك، ليغذي قلقك كرجل حسود ما يزال لا يعترف بأنه كذلك". (لو أن مسافرًا.. 196)، لأنك فعلاً أعجبت بعبارة الكاتب، ولكن لا تريد الاعتراف بذلك، من باب الحسد... إلى آخر التعليقات التي ستكتشف أنها كانت تمثّل قوة، ولكنها كانت فراغًا وقتها في داخلك، ولم تستطع مجاراتها لأنك منحاز تمامًا إلى نفسك الطموحة. هذه العبارات التي تكتبها في الكتاب الذي تعيد قراءته هي "الظل".. وقد يمكن القول هنا أنها "تملأ الفراغ" حيث القارئ هو الظل للكاتب. بين القصرين لنجيب محفوظ جملة "زواج يصفق له أهل المجون" عندما وضعت تحتها خطًّا في فترة عمرية عاصفة، لم أكن أتصور البعد الذي قيلت من أجله وقتها، ولكنها اتضحت لي فيما بعد، فسطوة المجتمع تسيطر، وسطوته تقتل الحب، ولا تفكر بشكل إنساني، وتعمل بأنانية بحتة من أجل الحفاظ على الكيان الصغير المسمى "بيئة"، بيئتنا الاجتماعية التي تدمر المشاعر الإنسانية بشتى الطرق.