الاثنين، 21 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 29


  • إمبريالية الامبراطورية الأمريكية 4

  • "مجتمع الخوف" أمريكي


" أعمال الإرهاب تكاد تكون مقصورة على الدول الديمقراطية أو شبه الديمقراطية" هذا كلام نعوم تشومسكي الذي يناقض خطاب السيد بوش، الذي جاء فيه أن "المجتمعات الديمقراطية لا تروج للإرهاب الدولي بينما المجتمعات غير الديمقراطية مؤهلة لتفريخ الإرهاب" هنا وجه يصف أمريكا بأنها تعمل على الديمقراطية، ولكن قد يكون تشومسكي التقط من حديث بوش الوجه الحقيقي للمقولة مسقطاً على المقولة أن السياسة الأمريكية ليست ديمقراطية ولهذا فهي تصدر الإرهاب، وهي التي تفرخ للعنف والتطرف. هذا الإختصار لخطاب بوش تناوله أمير طاهري في مقالة له في الشرق الأوسط وذهب به إلى كتاب ناتان شارانسكي حيث تبنى شارانسكي نظرية بوش بطريقة كاملة ـ من وجهة نظر طاهري ـ واستخدم خبرته الشخصية كمنشق ساهم في هز أسس الخبرة السوفياتية لكي يوضح أن نشر الديمقراطية هو أكثر الدفاعات فاعلية التي يمكن للغرب تبنيها. بينما أرى هنا أن العكس هو الصحيح حيث أن بوش هو الذي تبنى نظرية شارانسكي.

و"يقسم شارانسكي العالم المعاصر الى نوعين: من ناحية توجد «مجتمعات الخوف» التي يختفي فيها مفهوم المواطنة. ففي تلك المجتمعات لا يمكن للفرد التعبير عن وجهات نظره بحرية بدون المخاطرة بإلحاق الضرر بذاته. ومن ناحية أخرى هناك «المجتمعات الحرة» لا يتمتع فيها الفرد بحرية التعبير عن وجهة نظره ولكن ايضا يملك الحق في اختيار الحكومة عبر انتخابات ديمقراطية. ويوضح شارانسكي ان «مجتمعات الخوف»، تعتمد على العنف للحفاظ على سلامها الداخلي وتستخدم الحرب او التهديد بها، والعديد من أشكال الإرهاب كوسيلة في السياسة الخارجية. وثمن الاستقرار داخل النظم غير الديمقراطية كما يوضح هو الإرهاب خارجها. ويعتقد شارانسكي بإمكانية وضرورة هزيمة «مجتمعات الخوف،» اذا ما كان على «المجتمعات الحرة» الحياة بسلام وأمن. واستخدم الاتحاد السوفياتي كنموذج يعرفه جيدا. فقد اظهر كيف فشل الغرب في فهم طبيعة «مجتمعات الخوف» وحاول التعامل معها عبر سلسلة من الوسائل الدبلوماسية، ولاسيما مغامرة نيكسون / كيسينجر ( سبق أن تحدثنا عن ذلك من قبل) المعروفة باسم سياسة الوفاق. ولكن استمر الأمر حتى انحلال الاتحاد السوفياتي كدولة ومسيرة دولة على طريق الديمقراطية قبل ان يتوقف عن تهديد الغرب."[1]

لو اتخذنا هذه النظرية " مجتمع الخوف" و" مجتمع الحرية" وحللناها بناء على مقولة تشومسكي أعلاه فكيف يمكن قراءة ما كتبه شارانسكي؟ وكيف لنا أن نفهم ما هي مجتمعات الخوف؟ وما هي المجتمعات الحرة؟ وما هي المجتمعات الديمقراطية والمجتمعات غير الديمقراطية؟ سيبرز من خلال كل ذلك تساؤلاً وهو: هل المجتمع الأمريكي مجتمع خوف ؟ أم مجتمع حرية؟

نظرية مقلوبة :

دعوني أطرح الفكرة التالية، وهي أن المجتمع الأمريكي هو مجتمع الخوف؟ ولكن كيف؟ ـ لم تترك الشركات الأمريكية لمجتمعها شيئاً إلا وفعلته له.. أليس كذلك؟ ـ بلى.. ليكون أول نقطة في ذلك هي: الخوف من فقدان ذلك. ولهذا فإن تجييش الجيوش وهجوم الكربورقراطية على العالم يسعى إلى السيطرة على مكامن الدخل ومصادر معيشة الشعوب..خوفاً من فقدان أمريكا لكل ما فعلته. أي بشكل واضح من أجل الخوف على الدولار.

ثانياً: المجتمع الأمريكي يرى أنه حراً ويطيب له أن يفعل ما يشاء.. إلى درجة اللاأخلاقية.. ومن هنا فإنه يخاف من التقييد والتقييم الأخلاقي ويريد أن يعيش هكذا دون قيود.. وطبيعة الحياة تسير بقانون وميزان كي لا تميل. ولكنه في العرف الأمريكي هو أن تسيّر القانون كيفما تريد، وتدعي أنه يحافظ على الإنسانية وعلى كرامة الإنسان، خصوصاً في ظل " العولمة " الفاشلة التي أطلقتها أمريكا، والتي أرادت بها أن يكون العالم تحت ظلها.

ثالثاً: خوف السياسة الأمريكية من فقدان السيطرة على العالم.. وهو الهاجس الأكثر خطورة على العالم، حيث أنها ترتكب حماقات كثيرة من أجل ذلك. وتسعى لشن الحروب، وترويج العنف من أجل بقاءها مسيطرة على العالم.

من هنا كأن هذه الرؤية تكاد أن تقلب ميزان شارانسكي وتقول إن الخوف هو أمريكي بالدرجة الأولى، وأن ما ذهب إليه هو وبوش نابع من نظرية كانت موجودة في الأساس في الاتحاد السوفيتي، أي أن تبني مجتمع الخوف جاء مرسوماً على ما كانت عليه إمبراطورية الاتحاد السوفيتي، وهي الشعور بالخوف من فقدان المميزات التي تبقيهم في قمة الهرم العالمي، دون أن يدركوا أنهم يفرغون مجتمعاتهم من كل قيمه ومميزاته، ليذهبوا به نحو السيطرة، وعندما تفكك الاتحاد السوفيتي انكشفت هشاشة المجتمع، وعدم استطاعته مسايرة الأمم؛إذ أن السيطرة على العالم لا تأتي إلا بعد السيطرة على الداخل، ولا سبيل إلى سيطرة على الداخل إلا عبر بناء هذا الوهم الذي يعيشه المجتمع الأمريكي والذي يعتقد أنه يعيش حراً، بينما هو يسير وفق خطط رُسمت له، ويُراد له أن يعيش هكذا. بخلاف وهم بناء عدو قادم ليحطم الحلم الأمريكي، وهي النقطة التي أشار إليها شارانسكي في التالي:" تعتمد على العنف للحفاظ على سلامها الداخلي وتستخدم الحرب او التهديد بها، والعديد من أشكال الإرهاب كوسيلة في السياسة الخارجية." والعنف الذي تمارسه أمريكا هو نابع من هذا " مجتمع الخوف" الذي يسيطر على صانعي القرار في الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي فإن منبع أفكار شارانسكي هو الأصل الذي كان يعيش فيه، وأوجد نظريته التي تنبئ بأن القادم في أمريكا سيكون كالاتحاد السوفيتي ليتعاظم الخوف أكثر من هذه النقطة بالتحديد، ولتسعى أمريكا للهروب إلى الأمام عبر افتعال الحروب والدمار في العالم من أجل البقاء والهيمنة، وليس من اجل الديمقراطية وإحلالها في العالم كما تدعي.

يتبع..

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك