الاثنين، 28 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 30

الكذبة الخلاقة وتفتيت المنطقة العربية

يعتبر المفكر الاستراتيجي الأميركي مايكل ليدن الباحث في معهد "أميركا انتربرايز" أول من صاغ مفهوم " الفوضى الخلاقة" عام 2003م، بالشكل الذي يليق بمنطقة الشرق الأوسط "، نعم تحديدا، عندما وضع خطة جديدة للولايات المتحدة لإدارة أهم المناطق حساسية في العالم، وهي المنطقة العربية، بعد أن لاحظ ارتباك السياسة الأميركية في هذه المنطقة، وأعطاها تسميات مرادفة، منها "الفوضى والبناء" و"التدمير والبناء". وينطلق ليدن في نظريته من أفكار تعكس الفلسفة التي تدين بها الطغمة الفاسدة المسيطرة على القرارات والاستراتيجيات الأميركية تجاه العالم والشرق الأوسط بالخصوص، وهي اعتماد الواقع أكثر مما يمليه الذهن، أي جعل له الأسبقية والرجحان. وينطلق ليدن بعد قراءة الواقع وتشخيص البيئة المحددة له ليقول أنه لا بد من التعامل مع معطياته وتطوراته.

ولعل استغلال " الربيع العربي" جاء مواتياً وتعاملت أمريكا معه بناء على الواقع، مع العمل على فرض الفوضى بعد سيطرتها على العراق، وبعد ثورة سوريا، حيث حركت الطائفية بشكل مقنن، واستطاعت زرعها عن طريق إيران في العراق، وعن طريق حزب الله في المنطقة ككل.

سنقرأ سوية هنا محوران اتكأ عليهما الغرب لتسيير أعماله في الشرق الأوسط في الوقت الراهن:

أولاً: دعائم الفوضى الخلاقة

وهي كالتالي:

أـ إطلاق الصراع العرقي..  وما لمسناه في العراق وسوريا يعد التجربة الحية التي انطلقت عبرها هذه الرؤية، وإن كان هناك تجربة سابقة في السودان والصومال. بخلاف ما يحدث من صراعات مذهبية في الخليج العربي ما بين السنة والشيعة وتأجيج الوضع بينهما عبر إيران.

ب ـ إطلاق صراع العصبيات: عشائر، انتماءات، كالصومال، العراق أيضاً.

ج ـ ضرب الاستقرار الأمني: لبنان من عام 75 حتى 89 والسيارات المفخخة تضربه إبان الحرب الأهلية.بل إلى مقتل سعد الحريري، والعراق مثله الآن. وسوريا. وامتد ضرب الاستقرار إلى الخليج العربي حيث مثل تنظيم " داعش" الوجه الحقيقي لهذه النقطة، ومن خلالها سعى الغرب إلى ضرب استقرار منطقة الخليج عبر الإرهاب الذي صنعته استخباراته.

د ـ خلخلة الوضع الاقتصادي.. كالاتحاد السوفيتي.. وهو نموذجاً.. ولكن ماذا عن الخليج؟

هـ ـ التعبئة الإعلامية...[1]

ثانياً: أساليب صنع العدو

سنلحظ على ذات المنوال وفي السياق نفسه أساليب صناعة العدو وأهمها في منطقة الشرق الأوسط:

ـ عدو قريب ( حدود)

ـ عدو حميم (حرب أهلية)

ـ همجي .. احتلال ومعاناة الاحتلال من الشعب الهمجي، والقمع هو إحلال السلام. كما يحدث في فلسطين وفي العراق حيث أنهما شعبان همجيان أما المحتل فهو الذي يريد إحلال السلام والديمقراطية في البلد.

ـ عدو إعلامي[2]

عندما احتلت أمريكا العراق لم يكن ذلك ردة فعل لما حدث في " غزوة منهاتن" بل هو افتعال من أجل السير في الخطة المرسومة مسبقا، وسبق أن تحدثنا أن ذلك من أوائل الثمانينيات وأمريكا تخطط لغزو العراق، ومن أوائل السبيعينيات بعد حرب النفط وأمريكا تخطط لغزو المملكة العربية السعودية؛ أي أن الحوادث التي تحدث ضد أمريكا ليست مؤثرة، وطرحها الكثير من كتاب أمريكا وعلى رأسهم تشومسكي وبويل وبيركنز وغيرهم الكثير.

عنق الزجاجة اليوم يكمن في منطقة " الخليج" وليس الشرق الأوسط برمته، حيث أن أزمة قطر حولت الأنظار عن قضية أكبر، وهي جزء منها، فالملاحظ في إستراتيجية الـ" عدو الإعلامي" التي أوردها كونسيا في " صنع العدو" أنها بارزة في هذه الأزمة، يقابلها التهيئة الإعلامية في دعائم نظرية " الفوضى الخلاقة" والتي من خلالها أصبح هناك تحولاً في الإعلام ومواجهة بين أطراف خليجية ومصر مع قطر، وهذه المواجهة إلى كتابة هذا وهي حرب إعلامية، لمواجهة الحملة الإعلامية القطرية على الدول العربية، حيث عملت قناة الجزيرة على تأليب الشعوب أيام الثورة العربية أو ما سُمي بـ" الربيع العربي" بل من قبلها بزمن. وانكشفت أكثر لمجلس التعاون الخليجي بتأليب المعارضة البحرينية ضد حكومتها بل وتشجيعها على الانقلاب عليها، بخلاف ما شهدناه وما سمعناه من أن قطر كانت تساند الحوثي في الخفاء ضد التحالف في اليمن التي هي جزء منه، وتعللت السلطات القطرية علناً بأنها كانت مجبرة على الدخول في هذا التحالف.

النقطة الأهم هنا هي تحرك موسكو وواشنطن لحسم النشاطات الأرضية في سوريا والعراق، وبدأت بوادر انتهاء تنظيم داعش من الساحة، وعملت الأطراف بإيعاز أو بضغط من واشنطن على تسريع العمليات للإنتهاء من حرب الشام، وكأنها علامات على البدء في حرب أخرى في الخليج. وهذه قراءة قد تكون صائبة وقد تكون لا، لكن المؤشرات التي تحدث الآن في سوريا وفي العراق وفي ليبيا وفي لبنان تعطي إيحاءات بأن هناك تحولاً في التوجه.

النقطة الأخرى التي تدعم هذا التوجه هي نقطة الـ " عدو القريب" وتم تحويرها في الخليج من عداوة الحدود إلى عداوة التنفير والتشتيت وبث الفوضى، حيث ظهرت لنا الحيثيات التي كانت تتحرك بها قطر ضد الخليج العربي، وهو في خاصرته وجزء لا يتجزأ منه، واستغلال هذا الضعف في السياسة القطرية يخدم توجه " الصليبيين" والولايات المتحدة وعولمتها ومن وراءها.

يقابل ذلك وعبر افتعال مشكلة اليمن السعي إلى ضرب الاقتصاد لأكبر دولة في الخليج وهي المملكة العربية السعودية، وإشغالها عن إيقاف المشروع الكامل للتفتيت في بلاد الشام، وقد نجحتت الولايات المتحدة أيام أوباما في عمل ذلك إلى حد ما، مع ملاحظة كلمات " ترامب" وهو يشير إلى كنز الخليج، وأنه يجب أن يمتصه.. وكأنه أتى إلى الرئاسة من أجل إكمال ما بدأه أوباما، وتسيير خطة التفتيت كما هو مخطط لها.

الأهداف:

1- التغيير الكامل في الشرق الأوسط.

2- إعادة البناء بعد هدم الأسس والتقاليد القديمة.

3- الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة لدول الشرق الأوسط.."[3]

المواجهة:

هناك نقطتان هما الأساس في نظري:

أولاً: التحرك الذكي.. ومع التحرك يكون هناك بدائل جاهزة لأي تحرك تقوم به الدول في الخليج العربي.

ثانياً: العمل بأسلوب المراوغة بين الدول العربية.. أي استثمار ورقة الإلهاء وافتعال الأزمات المدروسة من أجل تشتيت العدو، وعدم الرضوخ له، وذلك بانصياعه إلى الأمر الواقع، ففي العادة الأعداء يستخدمون سياسة الأمر الواقع ويفرضونها.. ويجب أن نكون كذلك.

[1]

[2]

[3]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك