‏إظهار الرسائل ذات التسميات روسيا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات روسيا. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 21 أكتوبر 2018

علاقة حزب الله بإسرائيل

لا شيء يهز العالم 24




كتب خير الله خير الله مقالة تحت عنوان "ما علاقة إسرائيل بسلاح حزب الله"؟[1] افتتحها بقوله: " لا يستطيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قول الكلام الذي قاله عن أن سلاح “حزب اللّه  "لا يتناقض مع مشروع الدولة" مبررا وجود هذا السلاح بوجود احتلال إسرائيلي. هذا عائد أساسا إلى أن الأحداث تجاوزت سلاح حزب الله. لم يعد مطروحا الكلام العام عن دور هذا السلاح في التصدي لإسرائيل، اللهمّ إلا إذا كان مطلوبا افتعال حرب جديدة تعود بالويلات على لبنان كما حصل تماما صيف العام 2006".

وقطعًا كان يسعى عون في تلك الفترة أوائل 2017 عقب التبرع السعودي بتسليح الجيش اللبناني الذي تم سحب هذا التبرع بعد أن علمت السعودية أن الدولة اللبنانية لا تقوم كدولة بل إن مسارها يتخذ شكل العصابات التي يؤلفها حزب الله، وبالتالي فإن المؤسسة العسكرية لن يكون لها وجود على أرض الواقع طالما أن هذا الحزب يتحكم في مصير لبنان، ويساند إسرائيل ويحميها، ويدعي أنه حزب مقاوم في الوقت الذي ينقض فيه كل ما هو في بمصلحة لبنان أولا ثم العالم العربي ثانيًا.

وأضاف خير الله في ذات المقالة " يحتاج هذا التوصيف الدقيق إلى توضيح. فحوى التوضيح أن الربط بين سلاح “حزب الله” وإسرائيل هو ربط في غير محلّه. إنّه ربط لا يقدّم ولا يؤخّر إذا أخذنا في الاعتبار الوظيفة الدائمة لـ“حزب الله” بصفة كونه لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، وهي وظيفة تخدم دولة معيّنة اسمها “الجمهورية الإسلامية في إيران” تمتلك مشروعًا خاصًا بها قائمًا على الاستثمار في كلّ ما من شأنه إثارة الغرائز المذهبية".

وربط خير الله بين سوريا وإسرائيل وحزب الله، والذريعة التي تسعى إليها سوريا من أجل إبقاء سلاح هذا الحزب في مكمن التنفيذ عندما تريد هي أو إسرائيل، ولهذا فإن احتلال سوريا لمزارع شبعا هو المبرر الذي يبقي سلاحه جاهزًا، وأفاد إن أي عدوان من قبل إسرائيل لم يحصل ولكن"  القوات السورية بقيت في مزارع شبعا التي احتلتها إسرائيل مع الجولان في حرب الأيّام الستة، عندما كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع في “سوريا – البعث” التي صارت لاحقا، بعد العام 1970 “سوريا ـ الأسد".

وأضاف: "تكمن أهميّة سلاح “حزب الله” في أنّه قادر على التماهي باستمرار مع المشروع الإيراني. لم يكن هذا السلاح في يوم من الأيّام، على الرغم من وجود وجهة نظر مخالفة لدى كثيرين، في مواجهة مع إسرائيل. استخدم هذا السلاح في القضاء على أحزاب لبنانية مرتبطة باليسار تمارس المقاومة لإسرائيل. أُسكتت هذه الأحزاب باكرا قبل أن يأتي دور حركة “أمل” التي فضلت في نهاية المطاف، بعد مواجهات عنيفة سقط فيها آلاف القتلى، إيجاد صيغة تعايش مع الحزب تحت شعار ما يسمّى “الثنائية الشيعية".

وسأترككم لتكملة هذه المقالة للكاتب لأنه من المهم قراءته:" في مرحلة معيّنة، قبل الانسحاب الإسرائيلي، كان سلاح “حزب الله” الذي ورث السلاح الفلسطيني وسيلة لتحوّل الطائفة الشيعية في لبنان رهينة لدى إيران. بعد الانسحاب، صارت هناك استخدامات أخرى للسلاح في لبنان وخارج لبنان. الهدف، بكل بساطة، تحويل لبنان مستعمرة إيرانية وقاعدة تعمل منها إيران ضد دول عربية عدة، خصوصا في الخليج.

من يعرف ولو القليل عن اليمن والتطورات فيه، يدرك إلى أيّ حد هناك تورّط لـ”حزب الله” في دعم الحوثيين (أنصار الله) منذ ما يزيد على خمس عشرة سنة. لا حاجة إلى الدخول في التفاصيل اليمنية، بما في ذلك تدريب الحوثيين على شنّ عمليات عسكرية، وهو تدريب حصل في اليمن وخارجه. ولا حاجة إلى الإشارة إلى العلاقة بين “حزب الله” وما يدور في البحرين أو السعودية، وحتّى الأردن في مرحلة ما. هذه العلاقة حالت دون حضور الملك عبد الله الثاني القمّة العربية التي انعقدت في بيروت في آذار ـ مارس من العام 2002. تجاوز دور “حزب الله” الحدود اللبنانية منذ زمن بعيد. إنّه شريك في الحرب على الشعب السوري. لعب سلاحه دورا مهمّا في تهجير سوريين من أرضهم، وذلك في وقت هناك تنسيق تام في شأن سوريا بين روسيا وإسرائيل!

في الإمكان الاسترسال في الكلام عن أدوار لـ“حزب اللّه” في غير مكان، بما في ذلك السودان، كما يمكن العودة إلى دوره في مصر في عهد الرئيس حسني مبارك وتهريب السلاح إلى غزّة ومحاولة تهريب السلاح إلى الضفّة الغربية لمصلحة “حماس” وأطراف معادية للسلطة الوطنية الفلسطينية.

على هامش ذلك كلّه، لا يمكن تجاهل دور “حزب الله” في العراق، من زاوية ميليشياوية ومذهبية، وحجم العداء لكلّ ما يربط بين العرب ولبنان، خصوصا أهل الخليج الذين قرّر الحزب جعلهم يزيلون لبنان من خارطة البلدان التي يزورونها. لكنّ ما هناك حاجة إلى التذكير به دائما هو أنّ سلاح “حزب الله” استخدم في لبنان في مناسبات عدّة، وذلك على الصعيد الداخلي. من حماية المتّهمين باغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وصولا إلى منع مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية طوال سنتين ونصف سنة، مرورا بغزوة بيروت والجبل في أيّار ـ مايو 2008.

هناك آلاف الأمثلة على الأدوار التي لعبها سلاح “حزب الله” لمصلحة نشر ثقافة الموت في لبنان. كذلك يظل مفهوما ومفيدا التذكير بأنّ سلاح “حزب الله” خرق للقرارين 1559 و1701 الصادرين عن مجلس الأمن. وافق “حزب الله” على كلّ حرف في القرار 1701 الذي أوقف “الأعمال العدائية” في صيف العام 2006 نتيجة حرب افتعلها “حزب الله” مع إسرائيل ولم يعد قادرا على الذهاب إلى النهاية، بل حوّلها إلى انتصار على لبنان. لا يزال لبنان يدفع إلى اليوم فواتير تلك الحرب، بما في ذلك فواتير الدور الذي يلعبه السلاح غير الشرعي داخل أراضيه وخارجها، والذي يهدّد كلّ مؤسسة من مؤسساته الوطنية، بما فيها الجيش وقوى الأمن."

بعد هذه المقالة ستقرأون دور إيران في المنطقة، وتماهيها مع إسرائيل ومع المخططات الغربية ضد المنطقة، لتكتشفوا أن ما يفعله حزب الله في لبنان هو نفس ما فعله الملالي في إيران، حيث أن إيران كانت قوة إقليمية يخشاها، لتنهار مع مجيء الملالي إليها، مباشرة، وليتضح عدم قيام دولة فيها بل إنها مجرد عصابة كعصابة حزب الله تتحكم في القرار، فقط. ولكن ما يعجب له القارئ السياسي هو كيف رضي اللبنانيون بعيش كهذا؟ وكيف يعيشون وسط هذه الفوضى؟ ولماذا هذا الصبر على هذا الحزب؟ إذ يفترض أن شعب لبنان مثقف وواعٍ، ولكنه مع ذلك يتماهى مع مشروع العصابات الذي يقوم هذا الحزب. هل من رجل رشيد يدلنا على حل ليكون لبنان دولة، لا حزبا؟!

[1]  العرب: https://alarab.co.uk/node/102615

الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

كذبة انتصار حزب الله عام 2006م بالأرقام

لا شيء يهز العالم 23

خسائر لبنان أكثر من 15 مليار دولار


قال حسن نصر الله بعد حرب عام 2006م : "نحن أمام نصر استراتيجي وتاريخي". وهذه حقيقة بالنسبة له ولإيران، فأن يكسر لبنان، وأن يحقق أهداف أعداء الأمّة العربية هو نصر بالنسبة لهم، وهذا ما دعاه إلى استفزاز إسرائيل وربما باتفاق معها ومع إيران على اختطاف جنديين في سبيل تحقيق هدفين: تحرير الأسرى، وتحرير الأرض (بحسب تصريحات حسن نصر الله). وبعد أن عمّ الدمار لبنان، عاد واعتذر، ورأى أنه لم يكن يتصور أنه سيحدث، فما هي حقيقة هذا النصر الذي يتحدث عنه نصر الله، لنقرأ معًا ما جمعته من لفيف من المواقع والكتب الشرخ الذي أحدثته هذه الحرب، والنصر المزعوم، والوهم المزروع في قلوب أتباعه، فبعد انتهاء الحرب:

ـ ازداد عدد الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، ووضعت أراضٍ أخرى تحت قبضة اليونيفل.
ـ  مزارع شبعا لم تحرر، ومقاتلة إسرائيل من أجل المزارع ما عادت ممكنة. فبينه وبين المزارع الحدودية الآن حوالي ثلاثين ألف جندي لبناني ودَولي، وهو محتاجٌ لكي يصل للمزارع إلى الاشتباك معهم قبل الاشتباك مع إسرائيل.

ـ صدر قرار من الامم المتحدة يمنع القرار 1701 الذي مرر في آب/أغسطس 2006، حزب الله من تواجده جنوب نهر الليطاني.

ـ حرر حزب الله الجنوب اللبناني من وجوده اللبناني وأصبح الوجود الأجنبي هو الحاضر فيه.

ـ الأسرى ما يزالون موجودين بيد إسرائيل، بل ازداد عدد الأسرى في سجون الاحتلال.

لغة الأرقام

وأورد موقعًا بلغة الأرقام الخسائر التي خسرها لبنان جراء هذه الحرب، التي كان الهدف منها هو مساعدة الاحتلال الإسرائيلي للتوسع في أمنه، وتحت رعاية حزب الله:

ـ تم إتلاف700 كم من الطرق وتدمير 80 جسرًا.

ـ تم تحطيم 28000منزل وخسائر مالية قدرها 12.9 مليار دولار.

ـ عدد القتلى اللبنانيين 2023

ـ عدد القتلى الاسرائيليين 144

ـ عدد الجرحى اللبنانيين 3740

ـ عدد الجرحى الاسرائيليين: 360

ـ خسائر لبنان الأولية وعن وزارة الصحة والمعالجات الميدانية: 44,880 مليون دولار

ـ تكلفة إصلاح الثمانين جسرًا 504 مليون دولار، ولا جسور اسرائيلية مدمّرة .

ـ منازل مدمرة في اسرائيل 11

ـ 14 ألف منزل متصدع في لبنان وكلفة اعادة ترميمها واصلاحها 673,750 مليون دولار، 141منزلًا اسرائيليًا متصدعًا.

ـ تم تدمير البنية التحتية اللبنانية بنسبة 65%، والإسرائيلية لا شيء.

ـ اغلاق ثلاثة مطارات لإصابتها بأضرار، وخسائر لبنان لإعادة ترميمها 200 مليون دولار، وإسرائيل: لا شيء

ـ تلوث الشواطئ اللبنانية والبحر اللبناني بنسبة 40%، وكلفة تنظيفه تعادل 50 مليون دولار، وإسرائيل لا شيء.

ـ أربعة مرافئ بحرية تضررت وأغلقت بحاجة للترميم، وإسرائيل لا شيء.

ـ 61 معملا دمرت بالكامل في لبنان، والخسارة: 610 مليون دولار، ولا معامل اسرائيلية مدمرة.

ـ 23 معملًا تصدعت، وخسارتها 57.5 مليون دولار، ولا معامل إسرائيلية متصدعة.

ـ 3200 محلا تجاريًا لبنانية مدمرة، خسارتها 80 مليون تقريبًا.

ـ تم تدمير 45% من الطرقات في لبنا وإسرائيل لا شيء.

ـ تم إتلاف ما نسبته 70% من الانتاج الزراعي لشهرين فقط، والخسارة تقدر بحوالي 30 مليون. بخلاف عدم الزراعة في لمدة شهرين متواليين وخسارتها تقارب الـ 15 مليون دولار.

ـ خسارة الانتاج الاقتصادي اللبناني بنسبة 100%  أي ما يعادل 132 مليون دولار. واسرائيل: 5,6 %.

ـ كساد موسم السياحة لسنة 2006 وبلغت خسائر لبنان ما يعادل 4.8 مليار .

تم تدمير 1750 سيارة والخسارة الاولية 8.65 مليون دولار، واسرائيل 67 سيارة.

ـ تم تدمير 57 شاحنة لبنانية، والخسارة 2.85 مليون دولار. واسرائيل لا شيء.

ـ تم تدمير 62 مدرية رسمية لبنانية  والخسارة 186 مليون دولار، واسرائيل لا شيء.

ـ خسارة 5 مليارات بسبب وقف الاستثمارات العربية والعالمية في لبنان 100، وفي اسرائيل لا شيء.

وأعلنت مؤسسات أهلية في لبنان بعد الحرب أن مجموع الخسائر اللبنانية الأولية بلغت

15.297,480,000 دولار، فماذا قدم غير النصر للشيطان؟ وهل لبنا يحتاج مثل هذا المدعي ليدافع عنه؟ وأليس مثل هذا يعد عبئًا على لبنان وعلى الأمة العربية؟

والعجيب في الأمر أنه يتردد "أن إسرائيل حكمت على أمين حزب الله في الاختباء في أحد سراديب الضاحية الجنوبية حتى أنه يخشى ان يلقى خطاب أمام مؤيدينه من حزب الله فكل خطاباته تتم من خلال شاشة تلفزيونية" وقطعًا مثل هذه المقولة ليست صحيحة لأن إسرائيل هي التي تحميه، وهو لا يحتمي منها بل من أفعاله السيئة في لبنان والأمتين العربية والإسلامية، ومثل هذه المقولات من باب الدعاية له من قبل حزبه وأتباعه ومن يواليه.

يتبع...

السبت، 1 سبتمبر 2018

موقف الأمم المتحدة في سوريا

لا شيء يهز العالم 19


 

عام 1945 وبينما كان العالم مجتمعًا في سان فرانسسكو من أجل إعلان سيطرة الدول الخمس العظمى على القرار العالمي، وبينما كانت فرنسا تدافع عن حقوقها اللغوية في المؤتمر فإنها في نفس الوقت كانت تسعى إلى تأكيد حقوقها الاستعمارية في سوريا، أي أن قضية سوريا مع الخمسة الكبار، ومع مجلس الأمن كانت من أول يوم نشأ فيه المجلس، وكان من الواضح أنه لا يبدي اهتمامًا نحوها.

والأمم المتحدة في هذه القضية أصدرت في البدء من 2011 حتى 2013م ستة بيانات، و20 قرارًا لمجلس الأمن، واتخذ مجلس الأمن الدولي القرار الرقم (2043)، والذي صدر يوم السبت 21 أبريل 2012 بإجماع الأعضاء كافة على تخويل الأمين العام للأمم المتحدة بإرسال 300 مراقب عسكري مبدئيًا، على أن يكونوا غير مسلحين لمدة 3 أشهر، لمراقبة وقف إطلاق النار في سورية، والنظر في التزام سائر الأطراف بخطة عنان للسلام. وأنشئت البعثة للمراقبة في سوريا لفترة أولية مدتها 90 يوما، وبدأت البعثة مهامها، لكنها قررت تعليق أنشطتها في 15 يونيو/حزيران من العام ذاته، قبل أن توقف عملها نهائيا بحلول أغسطس/آب 2013. وفي 22 يناير/كانون الثاني 2014، وعقدت في سويسرا مؤتمرات جنيف من 1 حتى 8 وجميعها باءت بالفشل أو أريد لها الفشل بمعنى واضح، ومؤتمر جنيف 1 الذي استند إلى هذا البيان، والذي حضره لأول مرة ممثلون عن كل من الحكومة السورية والمعارضة. بينما في آخر مؤتمر وهو جنيف 8 أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ختام مفاوضات "جنيف-8"، مبديًا أسفه لعدم تحقيق تقدم في هذه الجولة، وعدم حصول ما وصفها بـ"مفاوضات حقيقة" بين الطرفين.



وفي العام 2013 حدث تطور جديد في دور الامم المتحدة في سوريا عندما، أصدر مجلس الأمن في 27 سبتمبر/أيلول 2013، القرار الرقم (2118)، الذي طالب بالتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية. واستند هذا القرار إلى الاتفاق الأمريكي الروسي الذي تم في جنيف، قبل نحو أسبوعين من ذلك التاريخ. وأعقبه قرار من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قضى بوضع إجراءات خاصة لتدمير البرنامج الكيميائي السوري، وفق جدول زمني متفق عليه. وقطعًا إلى تاريخه كل ذلك مجرد "حبر على ورق".

إن موقع سوريا الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، حيث تعد مركز خطوط التبادل والتجارة بين هذه القارات، جعل أمريكا وبعض الدول الغربية تسعى إلى السيطرة عليها من أجل مد خطوط الطاقة من الخليج العربي إلى أوروبا عبرها لكسر حاجة أوروبا للغاز الروسي، وكذلك جعل الأراضي والمرافئ السورية ممرا لاستيراد وتصدير البضائع إلى دول الخليج العربي.

"كما إن تموضع سوريا في شمال فلسطين جعل منها هدفا أساسيا لحركة الصهيونية العالمية، يجب السيطرة عليه من أجل تنفيذ مخططاتها في المنطقة، هذا العامل يعطي سوريا أهمية جيوسياسية كبيرة جدا، ولكن بنفس الوقت يعطي سوريا نقطة قوة رئيسية تفرضها الحسابات الدولية نظرا لحساسية هذا الملف المفرطة والمؤثرة وعدم إمكانية المغامرة فيه.

سوريا غنية جدا بالثروات الطبيعية والبشرية والحضارية، ويعتبر البترول والغاز الطبيعي من أهم الثروات الطبيعية، وتليها الفوسفات ثم الملح الصخري والجص والإسفلت كما توجد بعض الموارد الهامة التي تستخدم كمواد أولية في الصناعة كالمارن والغضار والرمال وكذلك في أعمال البناء كالصخور الكلسية والبازلتية والمنغنيز والرصاص والنحاس واليورانيوم والمعدنية كالكبريت والتالك والحرير الصخري (الاسبستوس).

حضارة سوريا تعود لعشرات آلاف السنين، إلى عصور ما قبل التاريخ، ودمشق أقدم عاصمة مسكونة في التاريخ، وتعاقبت على سوريا أعظم حضارات الشرق التي أغنت البشرية بالعطاءات في شتى المجالات أهمها أقدم أبجدية في التاريخ، ففي أوغاريت وماري وإبلا، تم اكتشاف آلاف الرُقم والمحفوظات الضخمة التي تضمنت الكثير من النصوص التجارية والسياسية والقانونية والميثولوجية، كذلك كانت الحضارة الفينيقية والآرامية مرورا بأفاميا وتدمر وبصرى، وهذه المواقع والآثار تفوق في قيمتها النفط والغاز.

جغرافيًا تتمتع سوريا بتنوع تضاريسها، حيث توجد الجبال والسهول والصحراء والبحر والأنهار، مناخها متوسطي معتدل جميل وشمسها دافئة، وهذا يساعد على التنوع الكبير في الإنتاج الزراعي والحيواني وكذلك صيد الأسماك، والأرقام الحقيقية لهذا الإنتاج الضخم قد تدهش الكثيرين وتفوق بكثير الإحصائيات الرسمية.

ولذلك كانت الهجمة الشريرة على سوريا في عام 2011 من قبل المحور الأطلسي الذي دعم الإرهاب القادم من خارج حدود سوريا سياسيا ولوجستيا وماليا وإعلاميا سراً وعلانية من أجل السيطرة على سوريا ووضعها في طرفه ضمن المعادلة الدولية، ولكنه اصطدم بوحدة الشعب السوري العريق بكل أطيافه الذي قدم مئات الآلاف من أبناءه لتبقى سوريا، والذي دعمه المحور الأوراسي المقاوم للهيمنة الأميركية بقيادة روسيا الاتحادية، وهنا تترسخ المعادلة الدولية في المعنى الجيوسياسي فالمحور الذي ستكون سوريا طرفا فيه سيكون قادر على التأثير في الكثير من المعطيات الدولية الهامة[1]."

 

في تقريرها لعام 2017م  قالت "هيومن رايتس ووتش":

جهود الولايات المتحدة وروسيا، وتدخلهما المتعاظم بسوريا للتوصل إلى تسوية سياسية عام 2016، فشلت إلى حد كبير في تقليص الانتهاكات الفادحة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي باتت سمة النزاع المسلح هناك.

وكشفت عن أنه بلغ عدد القتلى جراء الصراع 470 ألفا حتى فبراير/شباط 2016، وفقا لمنظمة "المركز السوري لبحوث السياسات" البحثية المستقلة. مما أدى إلى تشرد ما يزيد عن 6.1 مليون نازح، و4.8 مليون طالب لجوء، وفقا لـ "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية". بحلول منتصف عام 2016، كما أظهر التقرير أن هناك ما يقدر بمليون نسمة يعيشون في المناطق المحاصرة ومحرومون من المساعدات الضرورية للحياة والمساعدات الإنسانية.

واعتُقل أو اختفى أكثر من 117 ألف شخص منذ عام 2011، غالبيتهم العظمى على يد القوات الحكومية، من بينهم 4557 شخصا بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2016، وفقا لـ "الشبكة السورية لحقوق الإنسان". يتفشى التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، كما قُتل الآلاف في المعتقلات.[2]

والملاحظة هنا في مثل هذه التقارير أن هذه المنظمات لا تعتمد في تقاريرها على حضورها أو وجودها في قلب الحدث بل تعتمد على ما يبثه الآخرون من الطرفين المتنازعين، سواء من النظام أو من الشعب أو الحركات الشعبية التي تسعى لإسقاط النظام لتعيش حياة حرة وكريمة.

وعلى الرغم من أن النظام استخدم الأسلحة الكيماوية وأسقط البراميل المحملة بكافة أنواع هذه الأسلحة إلا أن الأمم المتحدة وما يتبعها من منظمات تكتفي بالإشارة إلى ذلك دون أن تسعى إلى تحريك المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات حاسمة في هذا الإطار. واستمرار العبث من قبل القوى العالمية في هذه المنطقة واضح وضوح الشمس بدلالة تكيفها مع باصات نقل ما اخترعوه على أرض الواقع تنظيم "داعش"، والعمل على مساعدته للتنقل في أرجاء سوريا دون مضايقة بل وبحماية دولية، استغربها العالم أجمع.

ومع ما خلصت "آلية التحقيق المشتركة" بين "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" والأمم المتحدة في تقريرها الرابع، الذي صدر هذا العام، إلى أن قوات الحكومة السورية استخدمت المواد الكيميائية في هجوم في إدلب في مارس/آذار 2015. حدد التحقيق وحدات الجيش المسؤولة عن رحلات جوية مرتبطة بالهجمات، ولكن لم يذكر أسماء قادة الوحدات بسبب عدم رد الحكومة السورية على استفسارات حاسمة. وصلت "آلية التحقيق المشتركة" إلى النتيجة ذاتها حول هجومين آخرين عامي 2014 و2015 في تقرير سابق. وجدت اللجنة أيضا في وقت سابق أن داعش استخدم غاز الخردل الكبريتي في هجوم على مناطق تسيطر عليها جماعات معارضة مسلحة في أغسطس/آب 2015.

وهيومن رايتس ووتش عام 2016 قالت إنها وثّقت عدة هجمات على المنازل والمرافق الطبية والأسواق والمدارس بدا أنها استُهدِفت عمدا، بما فيها غارة جوية كبرى للتحالف السوري-الروسي قصفت مستشفى القدس والمناطق المحيطة به في 27 أبريل/نيسان 2016، ما أسفر عن مقتل 58 مدنيا ومريضا. وقعت عدة هجمات على المرافق الصحية في أغسطس/آب وحده، بما فيها في إدلب وحلب وحماة وحمص.

وقالت: "إن قوات الحكومة استخدمت ما لا يقل عن 13 نوعا من الذخائر العنقودية المحرمة دوليا في أكثر من 400 هجمة على مناطق تسيطر عليها المعارضة، في الفترة من يوليو/تموز 2012 وحتى أغسطس/آب 2016، ما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين من بينهم أطفال. استخدمت العمليات العسكرية السورية-الروسية المشتركة، التي بدأت في 30 سبتمبر/أيلول 2015، الذخائر العنقودية المحرمة دوليا على نطاق واسع. حظرت معظم الدول الذخائر العنقودية لأن القنابل الصغيرة التي ترميها تنتشر في مساحة واسعة ولا تميز بين المقاتلين والمدنيين، ولأن العديد من الذخائر الصغيرة لا تنفجر وتتحول فعليا إلى ألغام أرضية يمكن أن تنفجر إذا لُمست، حتى بعد سنوات عديدة.

لجأت القوات الحكومية وحلفاؤها بشكل متزايد إلى استخدام الأسلحة الحارقة، مع ما لا يقل عن 18 هجمة موثقة على معاقل للمعارضة في حلب وإدلب بين 5 يونيو/حزيران و10 أغسطس/آب. بثّ تلفزيون "روسيا اليوم" في يونيو/حزيران لقطات لأسلحة حارقة (من نوع آر بي كي-500 زاب-2.5 إس إم) محملة على طائرة هجومية مقاتلة طراز من "سو 34" في قاعدة عسكرية سورية. تحفز الأسلحة الحارقة سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي تشعل الحرائق صعبة الإطفاء وتسبب حروقا شديدة الإيلام ويصعب علاجها. صادقت 113 دولة من بينها روسيا (ولكن ليس سوريا) على بروتوكول "اتفاقية الأسلحة التقليدية" الذي يحظر استخدام الأسلحة الحارقة التي تلقى من الجو على مناطق "تجمعات المدنيين".



وبينما تواصل روسيا نفي تورطها في هجمات الأسلحة الحارقة في سوريا، تتجاهل سوريا باستمرار دعوات التوقيع على البروتوكول، كما وُثّق استخدام القوات العسكرية للأسلحة الحارقة منذ نهاية عام 2012.

واصلت القوات الحكومية أيضا استخدام المواد الكيميائية السامة في كثير من الهجمات بالبراميل المتفجرة في انتهاك لـ "اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية". ألقت مروحيات الحكومة السورية براميل متفجرة تحتوي موادا كيميائية سامة على أحياء سكنية في معاقل للمعارضة في مدينة حلب في 10 أغسطس/آب و6 سبتمبر/أيلول.

ونسبت لجنة التحقيق الأممية في تقرير أصدرته في 24 أغسطس/آب هجومين بالأسلحة الكيميائية عام 2016 إلى الحكومة السورية، وواحد إلى داعش الذي يخضع بالفعل لعقوبات من الأمم المتحدة".[3]

إن التقرير الذي أوردته هيومن رايتس ووتش، وهو ليس الأول ولا الأخير، دوما يتحاشى ذكر إيران وتأثيرها في هذه الحرب، وتعميق جراح السوريين، بل تأجيج الصراع في سوريا، حيث أنها تعد عاملاً رئيسًا فيها، بالإضافة إلى دخول إسرائيل في السنتين الأخيرتين عيانًا بيانًا إلى جانب إيران وروسيا في تدخلهما السافر في هذه الحرب، ومع ذلك فإن الأمم المتحدة متساهلة في هذا الجانب، بل إنها تعمد إلى عدم ذكر الجانب الإيراني في أي من قراراتها أو من قراءاتها أو تقاريرها الدورية، وهذا يدلل على المنحى الذي تنتهجه الأمم المتحدة تجاه العرب، بحيث أنها تخدم أجندة تسعى إلى هدم الدول العربية، والعمل على دمار المنطقة العربية، دون أن يكون للعدالة أي درب في هذا الصراع.

القيود غير القانونية على المساعدات الإنسانية

وعلى الرغم من الجهود الدولية التي تسعى لمساعدة الشعب المغلوب على أمره إلا إن القوات الحكومية والموالية لها، دومًا تعرقل أي مسار تسير فيه حملات الإغاثة للشعب، وباعتراف صريح قالت الأمم المتحدة: إن الحكومة السورية أزالت العناصر الضرورية للحياة من قوافل المساعدات التي سمحت بدخولها. وأضافت: إنه في شهر فبراير/شباط وحده منعت الحكومة 80 ألف مادة علاجية، من بينها مجموعات علاج الإسهال، واللوازم الصحية في حالات الطوارئ، والمضادات الحيوية وأدوية أخرى، من الدخول إلى المناطق المحاصرة.

 

إن تدهور الأوضاع الإنسانية في المناطق التي تحاصرها القوات الحكومية والقوات الموالية لها بسرعة، اضطر سكان داريا ـمثلاـ في ريف دمشق إلى الجلاء عن المدينة في 25 أغسطس/آب بعد حصار 4 سنوات.

كما قصفت طائرات في 19 سبتمبر/أيلول 2016، قافلة معونات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، ومستودع لـ "الهلال الأحمر السوري" في أورم الكبرى بحلب، ما أسفر عن مقتل 20 مدنيا وموظف واحد بينما كانوا يفرغون الشاحنات. كانت معظم المساعدات، بما فيها مواد غذائية وإمدادات طبية، ستوزع على 78 ألف شخص على الأقل، وفقا لبيان "الهلال الأحمر السوري". قالت الأمم المتحدة إن القافلة تلقت التصاريح اللازمة من الحكومة السورية مقدما للعبور من أجزاء حلب التي تسيطر عليها الحكومة إلى أجزاء من حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة لتقديم المساعدات. كل هذا يحدث والعالم يقف متفرجًا ويكتفي بالتنديد الخافت، والأمم المتحدة فقط تدعو الأطراف المتنازعة إلى الحوار، وتكرار الحوار لم يفد من جنيف 1 حتى 8 ومع ذلك هناك إصرار عليه، كمن يقول للعالم نريد إطالة أمد الحرب، ولا نريد الفصل في سوريا في الوقت الراهن، بل ننتظر حتى نصل إلى غايتنا التي نريد والتي لم تتحقق إلى الآن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]

[2]  راجع موقع المنظمة رابط : https://www.hrw.org/ar/world-report/2017/country-chapters/298280

[3]  نفسه

الجمعة، 10 أغسطس 2018

أفكار لمستقبل المنطقة حتى عام 2026.. الصدع السني الشيعي (الجزء الأول)

تقرير معهد راند وقراءة المنطقة حتى ثمان سنوات مقبلة


لا شيء يهز العالم 16


هل نرى سبع سنوات عجاف أم سمان.. 
هذا ما يجب أن نعمل عليه منذ الآن!!

 

قدّم معهد راند أربعة سيناريوهات محتملة في الشرق الأوسط حملت عنوان "مستقبل العلاقات الطائفية في الشرق الأوسط"، كتبها كل من جيفري مارتيني، وهيذر ويليامز، وولياميونغ. وتتكون الدراسة من 16 صفحة، وفيها تقريب بين السنة والشيعة على مستوى الهيمنة العددية، بحيث أن الدراسة اعتبرت أن العدد في المنطقة العربية واحد مقابل واحد، بينما تعلم الدراسة أن السنة يتفوقون عددًا بما يوازي 5 مقابل 1 على مستوى العالم. وهي بما يوازي 3مقابل 1 في منطقتنا العربية. تقول الدراسة: "لا نتوقّع أن يشهد التوازن الطائفي المتساوي تقريبًا بين السنّة والشيعة على طول هذا الصدع تعديلًا أو أن "ينقلب" التوازن الطائفي في بلدان محددة يمر فيها هذا الصدع في الإطار الزمني لسيناريوهاتنا والممتد إلى عشر سنوات". والدراسة بدأت من 2016م راسمة خطوطها إلى 2026م، وأشارت إلى أن الوضع لن يهدأ في اليمن إلى ذلك العام، متوقعة أن هدوءه سيكون عبر قلاقل داخلية في المملكة العربية السعودية، مما سيخفف الوطء في اليمن، ويجعله يتصارع داخليًا. وشددت الدراسة على زارعي الفتن واستغلالهم للوضع، أو بالأصح تقدم إيحاءاتها لهم للاستمرار على ذات النهج هو زرع الطائفية.

(الصورة المرفقة من المعهد وهي تُظهر الصدع الطائفي الذي يخترق قلب الشرق الأوسط)

وحملت الافتراضات الديموغرافية أن "تدفقات اللاجئين والتشرّد الداخلي على التوازن الطائفي بقدر اختلاف معدّل المواليد بين السنة والشيعة أيضا"، وتقريبًا هذا ما يحدث في العراق وسوريا حيث أن اللاجئين الذين يتم الحديث عنهم ليسوا سوى إيرانيين ـبما يقدر بإثنين مليون ـ صدرتهم إيران للعراق وسوريا، ليتم طمس السنة عبر القتل والتجريف والتهجير لهم من بلادهم، ليحل محلهم الفرس. يقابلها افتراضات الهوية التي حملت أنه " سيحاول المستفيدون من الفتنة الطائفية حشد المجتمعات المحلية حول الطائفة والتنافس مع الآخرين الذين سيسعون لحشد الجماهير حول هويات واهتمامات أخرى" أما السياق السياسي والاقتصادي فالفرضيات فيه تؤشر على أن :" الشرق الأوسط سيحفل بالصراعات الطائفية التي سيسعى المستفيدون من الفتنة إلى استغلالها، وسيمرّ الصدع الشيعي السني في دول ضعيفة تفتقر إلى الشرعية الواسعة النطاق والقدرة على التحكم بأراضيها، ستبقى المملكة العربية السعودية وإيران الراعيتين الأساسيتين لطائفتيهما الخاصتين" وقطعًا ومما يبدو أن هناك إشارة إلى البحرين والكويت وإلى اليمن التي عمتها الفوضى وتفتقد إلى الشرعية في الوقت الراهن بعد استيلاء ميليشيا الحوثي على جزء من البلاد، ومحاولة التحكم في القرار فيها، وإلى سوريا والعراق، وسيكون العمل في هذه المناطق قدر المستطاع من أجل زراعة الفتنة فيها كي يزداد الصدع، وتفجر الأوضاع فيها بشكل يساعد على خلخلة منطقة الخليج العربي.

ويشير التقرير إلى الوضع في لبنان، بحيث أنه يبدو متخوفًا، أو يوحي، بأن اللاجئين السوريين قد يرفعون نسبة السنة، وبالتالي لن يتم تحقيق الأهداف المرجوة منها، وهذا ما يحدث الآن من محاولة إخراج اللاجئين السوريين من لبنان، كي لا يتحقق هذا الهدف، وبتنا نلمسه بوضوح تام عبر التحركات التي تشدد على إخراجهم منه. يقول التقرير: " استقبال لبنان لعدد كبير جدًا من اللاجئين السوريين يقضي على أي تأثير للاختلافات في معدّلات المواليد؛ ففي غضون سنوات قليلة بات هؤلاء المهاجرون يشكّلون ربع إجمالي سكان لبنان تقريبًا. (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 2016). ولا تتوفّر معلومات موثوقة حول توزّع الهويات الطائفية للاجئين ولكن يُعتقد أن أغلبيتهم من السنّة وقد يتوافق ذلك مع التوازن الديموغرافي العام في سوريا والتمثيل غير المتناسب لهذه الطائفة في المعارضة. ومن الممكن أن يؤدّي هذا التدفّق إلى تشكّل أغلبية سنية في لبنان علمًا أن تحليلنا لا يمكنه تحديد التوزّع الطائفي الدقيق في البلد." وأسلوب وضع التقرير يؤشر بشكل واضح بل يشدد على تشكّل أغلبية سنية، أي يجب أن يثير المخاوف ويجب ألا يحدث ذلك، لأنه سيرجح غلبة السنة في المستقبل على الشيعة، وهذا ما لا يجب أن يكون في رأي التقرير.

وأورد التقرير تخوفّا أو قدّم إيحاء بأن العملية التي تتم عبر الصدع السني الشيعي قد تواجه أزمة الخروج منها وذلك عبر المكوّن السياسي الذي يذهب بأي بلد إلى الوطنية، وهذا هو الذي لا تريده سياسة "فرق تسد" أو "فرق تهزم" التي ينتهجها الغرب في المنطقة العربية، بحيث أن الشعب العربي ـ أي شعب في أي دولة عربية ـ لو اتجه أو استطاعت الحكومة فيه أن توجهه نحو الدولة الوطنية، فإن ذلك سيكسر هذا الصدع وسيلغيه، لأن الشعب سيلتفت إلى اللحمة الوطنية وسيترك مثل هذه النعرات القائمة على الطائفية، ومثّل التقرير بوضوح بمصر بحيث أورد الآتي: "الفتنة الطائفية ـ قد تواجه ـ منافسة من أمثال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يحشد جمهوره حول رؤية وطنية."

وافترض التقرير استمرا رسمات متعددة في المنطقة من ناحية السياق السياسي والاقتصادي، بحيث أنه يجب أن يبقى "الشرق الأوسط حافلًا بالمظالم والصراعات العنيفة التي ستحاول الجهات الفاعلة طائفيًا استغلالها". وهذا فيه إشارة للجهات الفاعلة التي يجب عليها استغلال الوضع في هذه الفترة الزمنية النموذجية للحروب الأهلية ـ على حد زعم التقرير ـ حيث إن الصراع في أوجه، والظروف تبدو على شفير توليد صراعات جديدة. ويفترض التقرير "أن الشرق الأوسط سيشهد أيضًا نسبة عالية من الصراعات على مدى السنوات العشر القادمة حتى لو كان المستوى المطلق أقلّ مما كان عليه في عام 2016.ويوحي التقرير إلى أنه يجب استغلال هذا الصدع لزرع الحوكمة الإقليمية، " وأن تصبح الدول الإقليمية أكثر شرعية، وأكثر قوة في إطار الثمان سنوات القادمة" ويستثني بمغزىً واضحٍ جدًّا أن المسار المعقول لا تتم رؤيته بالنسبة للدويلات أو دولة الأقاليم، وكأنه يشير إلى أنه يجب البدء في تفعيلها في المنطقة العربية بأية طريقة كانت.

بينما أوجد التقرير دافع "الجهات الفاعلة غير الحكومية" مثل، علماء الدين (الذين يؤججون الصراع الطائفي)، ومنظمات المجتمع المدني، والميليشيات (التي يمكنها تحريك الصراع الطائفي أو إخماده وفق سلوكها، تمامًا مثل علماء الدين المذكورين سابقًا). ونرى مثل هذا في العراق عبر الحشد الشعبي، وفي اليمن عبر ميليشيا الحوثي، وفي سوريا ولبنان عبر "حزب الله". بينما إيحاءات المجتمع المدني ودوره في هذا السياق يمكن أن نلحظها في التالي، من التقرير: "وفي ظلّ الظروف المناسبة تستطيع منظمات المجتمع المدني بناء الجسور بين الطوائف. على سبيل المثال، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تنظّم المظاهرات ضد الانقسامات التي تزرعها الأعمال الطائفية مثل تفجير مسجد شيعي في بلد ذي أغلبية سنيّة. وبالعكس، قد تلعب الجهات الفاعلة غير الحكومية دور المخرّب وتعطّل المبادرات الحكومية والمجتمعية للحدّ من الطائفية. على سبيل المثال، قد تنفّذ الميليشيات الشيعية – مثل قوات الحشد الشعبي العراقية – عمليات قتل انتقامية ضد الطوائف السنية ما يؤدي إلى استمرار دورات العنف الطائفي." هنا العمل نموذجي وكأن ما يحدث في العراق هو من هذه الإيحاءات، وهنا إيحاء لدور منظمات المجتمع المدني التي يتوجب عليها ـ ليس مثلما قد نفهم أنها ستنظم العملية وتوقف هذا الصراع، بل تقوم بتأجيجه عبر ترتيب تفجير لمسجد سنّي لاتهام الشيعة بذلك، والعكس تفجير حسينية لاتهام السنة بتفجيرها. وقد رأينا هذه الأفعال عيانًا بيانًا. إن هذا التقرير لا يجب أن يقرأ ببراءة على أنه مجرد بحث أو دراسة علينا تقبلها من عدمه، بل إنه يقدّم إيحاءات للاستخبارات للتحرك في هذا الإطار، وبشكل مقنن، بحيث تظهر العمليات في المنطقة العربية وكأنها من أعمال أي طرف من الأطراف، وليبقى الصراع مستمرًا حتى تتحقق دويلات الأقاليم.

السيناريوهات

اختار المعهد في دراسته أربعة احتمالات مستقبلية بديلة للعلاقات الطائفية في الشرق الأوسط على مدى السنوات العشر المقبلة. وقطعًا عندما وضعها أربعة فإنه ليس شرطًا على المنفذين لها أن تنفذ جميعها بل بالإمكان العمل على تنفيذ واحد منها في المنطقة كي تصل إلى ما يريده الغرب فيها، وهو المعني بها، وليس من شأن العرب أن يلتفتوا لهذه السيناريوهات لأنها لا تعنيهم بشيء، ولا تمت لهم بصلة، بل إنها جميعها تصب في خانة الغرب، أما أنتم أيها العرب فهذا لا يعنيكم، ولا يخص منطقتكم، وكأن من قدّم هذه الدراسة يقول إن العرب لا يقرأون.
يقول التقرير:" تعكس السيناريوهات كافة الافتراضات والدوافع التي نوقشت في الأقسام السابقة. وصُممت هذه السيناريوهات لتكون متمايزة من الناحية التحليلية حيث يتمكّن القارئ من التفريق بين المسارات الأساسية المعروضة. ولعب نقاشنا المنظم مع الخبراء في الموضوع – بما في ذلك مشاركة محلّلين من مجموعة الاستخبارات – دورًا رئيسيًا في صياغة هذه السيناريوهات التي نتج عدد منها عن ورشة عمل أقيمت في كانون الأول) ديسمبر (2016 ".

السيناريو 1: بروز النزعة المحلية

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والجهات الفاعلة غير الحكومية ونوعية الحوكمة

في هذا السيناريو، يتراجع عهد الإسلاموية كواحدة من الهويات المهيمنة في الشرق الأوسط. تعاني الحكومات الإسلاموية في

مختلف أنحاء المنطقة من تراجع في الأداء وتظهر نزعات استبدادية متزايدة. وتبرز في أعقاب ذلك ظاهرة نسميها النزعة المحلية تطالب فيها المجتمعات المحلية بدور أكبر في شؤونها وبتقديم الخدمات الرئيسية. إن النزعة المحلية هي ردّ على إخفاقات الأحزاب الإسلاموية بشكل خاص.  حيث عزّز الدستور التركي الجديد سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان بالرغم من تراجع شعبيته وتزايد المعارضة. أما حماس، وبعد عجزها لأشهر عن تأمين الكهرباء أو المياه لأكثر من ساعات قليلة في اليوم، فقد فقدت سيطرتها على قطاع غزة لصالح مجموعة تكنوقراطية تعد بتحسين تقديم الخدمات. وبلغت الخيبة العامة من التحولات التي بدأها الربيع العربي ذروتها. فالأحزاب الإسلاموية تخسر أعضاءها ودعمها في مختلف أنحاء المنطقة. لقد فشلت هذه المجموعات مرارًا وتكرارًا في تقديم إطار عمل لحوكمة الدولة الفعالة ويلقي عدد متزايد من الناس اللوم عليها لمسؤوليتها عن تمكين المتطرفين الإسلاميين المتشددين. ومن أجل ملء الفراغ، تبرز “النزعة المحلية” كدافع مهيمن للهوية الذاتية. إنها بشكل عام ردة فعل على بروز التشدّد الديني وغياب التنوّع المحلّي الذي شهده الشرق الأوسط في العقد الماضي. وتنهار سلطة طهران لبناء معسكر شيعي متماسك إذ ترى الأقليات الشيعية في الدول الأخرى نفسها متمايزة عن القيادة الإيرانية

ومستقلة عنها.  وشهدت المناطق ذات الأغلبية السنيّة بداية عودة متواضعة للصوفية في دليل على تقبّل التغيير المحلي في الأعراف. وتحطّ إعادة التركيز على القضايا المحلية من أهمية الطائفية في دفع الأجندات السياسية وحشد السكان. ويفرض النظام في بغداد ودمشق حكمًا مركزيًا ويعاني بالتالي من مطالبة السكان بدرجة أكبر من الحكم الذاتي المحلي. وعلى النقيض من ذلك، تعطي طهران وبيروت قدرًا أكبر من الاستقلالية للمجالس المحلية والسلطات الإقليمية وتحقق توازنًا أفضل لهذه الضغوطات المحلية. وتتجدّد أيضًا الآمال في احتمال إقامة حوار مثمر بين إسرائيل والفلسطينيين – وتظهر مبادرات سلام شاملة بين المجتمعات المتجاورة المحلية الإسرائيلية والفلسطينية التي تسعى إلى التوصل إلى اتفاق عملي بشأن المياه وقضايا بيئية أخرى. وفي حالات بارزة متعددة، يفوق الإقبال على الانتخابات المحلية الإقبال على الانتخابات الوطنية. وفيما يتعلّق بتصنيفات الأفضلية، تتمتّع الهيئات المحلية بشعبية أكبر من القادة الوطنيين. لقد حققت حملة “بيروت مدينتي” نجاحًا شجع العديد من التحركات لأن تحذو حذوها في مناطق حضرية أخرى في مختلف أنحاء العالم العربي ويشكّل ذلك تحديًا لنفوذ نخب الحرس القديم التقليدية.

وتركز هذه الحركات، تمامًا مثل سلفها “بيروت مدينتي” على تقديم الخدمات العامة العملية وبالتالي الحد من أهمية الأيديولوجية. ولا تطرح النزعة المحلية نفسها دائمًا بطرق إيجابية. حيث تستعيض أحيانًا عن “الأيديولوجيات” السابقة (مثل الوطنية والإسلاموية) بهويات حصرية بالقدر عينه – تؤدي على سبيل المثال إلى تجديد التركيز على العشيرة كهيكلية تنظيمية للمجتمع المحلي. ولكن النزعة المحلية تحدّ بوضوح من تأثير الطائفية وتقلّل من قدرة المستفيدين من الفتن الطائفية على حشد الجماهير بناءً على أسس واسعة مثل الانتماء الديني.

السيناريو 2: معسكر شيعي مترسّخ وسط الفوضى السنية

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والدول الإقليمية والجهات الفاعلة من خارج المنطقة

في هذا السيناريو، يتحرّك المعسكران السني والشيعي في اتجاهين معاكسين. من جهة، يحشد معسكر شيعي أصغر حجمًا ولكن أكثر اتحادًا الأتباع لمواصلة ما يصوّره قادته على أنه إعادة توازن تاريخية متأخرة للقوى الطائفية في الشرق الأوسط. ومن جهة أخرى، يحدّ الاقتتال الداخلي وتضارب المصالح داخل المعسكر السني من فعاليته ويمّكن الجهات الفاعلة الشيعية من السيطرة شيئًا فشيئًا على مناطق نفوذه.

وبالرغم من التأخير الكبير في إدراك المنافع الاقتصادية لخطة العمل الشاملة المشتركة، يبدأ الرئيس الإيراني المعاد انتخابه بالوفاء بوعوده الاقتصادية ويضمن روحاني مشاريع استثمارية ضخمة متعددة من جانب شركات أوروبية. لقد بدأت زيادة إنتاج النفط ونمو قطاع التكنولوجيا بإنعاش خزينة الحكومة ما يمنح بالتالي طهران جيوبًا عميقة لدعم حلفائها وشركائها في المنطقة. ويتمتع حزب الله، الذي يدعمه أداؤه في الحملات الخارجية، بشعبية واسعة في الداخل ويحافظ على تمثيل قوي في البرلمان اللبناني. وتدعم حيدر العبادي أغلبية قوية وذلك بفضل نجاحاته في استعادة شمال العراق من الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). كما أسهمت نجاحاته في مكافحة الفساد السياسي والحفاظ على اتفاق تقاسم السلطة مع الأكراد وإعادة بناء المناطق التي مزّقتها الحروب في تعزيز السلطة المركزية في بغداد، وإن كانت الأحزاب الشيعية تسيطر على

الحكومة.

وحسّنت أيضًا عوامل متعددة العلاقات بين إيران والعراق. فقد أدت وفاة آية الله العظمى علي السيستاني دون أن يخلفه زعيم روحي يتمتّع بمكانته إلى تقليص المنافسة على المكانة الدينية بين النجف وقم. ولم يغيّر آية الله العظمى محمود الذي اختير الهاشمي الشاهرودي مرشدًا أعلى في إيران بعد وفاة علي خامنئي السياسات الوطنية الإيرانية ولكن الشاهرودي استغلّ جنسيته المزدوجة الإيرانية العراقية لبناء العلاقات مع العراق حيث يتمتّع بشعبية واسعة بين العراقيين الشيعة. وتتناقض الوحدة النسبية للجهات الفاعلة الشيعية وثرواتها الوافرة مع الفوضى في المعسكر السني. حيث ستنهي المملكة العربية السعودية عملياتها العسكرية في اليمن بعدما ترغمها التوترات داخل المملكة على إعادة الانتشار للقضاء على التهديد في الداخل. ويضعف القلق من انزلاق اليمن في محور النفوذ الإيراني تماسك مجلس التعاون الخليجي مع إشارات من الإمارات العربية المتحدة بأن اللوم يقع على عاتق الرياض.

كما استعاد الرئيس السوري بشار الأسد السيطرة على المدن السورية الكبرى الرئيسية كافة بالرغم من بعض الجيوب المعارضة الصغيرة. وفي حين تحافظ سوريا على علاقات جيدة مع روسيا وإيران تعتبرها فعّالة لهزيمة تنظيم داعش والمتمردين، لم يوطّد الانتصار المشترك في سوريا العلاقات الروسية الإيرانية. ومكّن استبعاد سوريا كونها نقطة خلاف دائمة في علاقة السعودية مع روسيا من توثيق العلاقات بين موسكو والرياض. ولا تزال العلاقات الأمريكية مع الرياض متزعزعة وساءت مع محاولات واشنطن استثمار تحالفها من خلال طلب مكافأة مقابل انتشارها المستقبلي. وفي غضون ذلك، تنمو العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وقطر مدعومة بالروابط العسكرية الوثيقة.

والنتيجة النهائية هي أن الجهات الفاعلة الشيعية تبحث عن الفرص لتوسيع نفوذها في حين تقف الجهات الفاعلة السنية موقف الدفاع. وتعزّز الديناميكية نفسها إذ تدرك الجماهير الشيعية أن مكاسبها ممكنة بفضل وحدتها ويزيد ذلك من التزامها بهذا المبدأ. وفي المقابل، يؤدي تراجع المعسكر السني إلى المزيد من الاتهامات المتبادلة والخلافات على مستوى القيادة وبالتالي تعميق الشقاق.

السيناريو 3: استراتيجية حافة الهاوية تجلب الانفراج

الدوافع الأهم: طابع الخطاب الديني والدول الإقليمية والجهات الفاعلة من خارج المنطقة

يتسم هذا السيناريو بتصعيد الصراع الطائفي الذي يتجّه نحو صراع إقليمي يضع السعودية وإيران في مواجهة عسكرية مباشرة قبل أن يتراجع في نهاية المطاف. يدفع الخوف من العواقب إلى بذل جهود لاحتواء مناطق الاضطرابات الحرجة قبل أن تتصعّد إلى هذا المستوى. وبلغ الاستثمار السعودي والإيراني في الصراع بالوكالة تحت عنوان الطائفية ذروة جديدة. ويظهر هذا التنافس بشكل خاص في سوريا واليمن حيث يواصل الطرفان تأجيج الصراع عن طريق

شركائهما المختلفين. وتخلّت الولايات المتحدة إلى حدّ كبير عن جهودها الرامية إلى إيجاد حلّ للصراع واختارت بدلً من ذلك السماح للجهات المتحاربة بإرهاق بعضها البعض. وبعدما ضمنت روسيا منفذها البحري على البحر المتوسط عبر طرطوس صبّت تركيزها على أوروبا وتركت الصراعات في المنطقة للمشاركين فيها.

وتزيد طهران والرياض من حدة تأجيج الصراع عبر تمويل الأقليات الطائفية في كل من البلدين – تعيد إيران تأسيس حزب الله السعودي في المنطقة الشرقية وتموّل السعودية القوميين البلوش السنّة في جنوب شرق إيران. ولا تحصر هاتان المجموعتان نفسيهما في المناطق الحدودية بل تشنان بنجاح سلسلة من الهجمات الإرهابية في عاصمتيهما التمثيليتين. وتردّ السعودية وإيران بوضع عدائي للقوات جوًا وبحرًا في الخليج. وفي ظلّ التوترات المتصاعدة تُغرق مقاتلة سعودية عن طريق الخطأ سفينة تجارية إيرانية كبيرة وتردّ إيران بإسقاط الطائرة. وبدلً من أن تؤدّي هذه المواجهة القصيرة للقوتين إلى التصعيد تدفع الصدمة الجانبين إلى وقف مؤقت للعمليات. ويمتدّ هذا التوقف المؤقت ليصبح انفراجًا غير مستقر حيث تسعى السعودية وإيران إلى تهدئة التوترات بدلً من المخاطرة بصراع مباشر طويل الأمد.

وفي الوقت الذي يبحث فيه كل طرف عن سبل للتخفيف من حدّة التوتّر تضيّق الرياض وطهران الخناق على الذين يدفعون باتجاه تنفيذ أجندات طائفية خوفًا من التسبب بأحداث لا تستطيع القوتان الإقليميتان التحكّم بها. ويبدأ البلاط الملكي السعودي بهدوء بإقالة علماء الدين الذين يلهبون الشارع في حين تُنشر قوات الباسيج الإيرانية لتفريق التظاهرات ضد رموز المملكة العربية السعودية. وما زالت الجماهير غير متحمسة لتحقيق الانفراج ولكن الدولتين تتخّذان الإجراءات لفرضه بالقوة. ويشير هذا السيناريو إلى أن احتمال زيادة الصراع الطائفي الذي تتحكم به الدولة قد يدفع في الواقع الجهات الفاعلة الإقليمية إلى التراجع عن حافة الهاوية بعد أن تواجه احتمالات عدم استقرار أكبر. وهذا السيناريو هو الأكثر صعوبة من ناحية تصميم التدخلات السياسية إذ يفيد أحد تفسيراته أن الأمور ستزداد سوءًا قبل أن تتحسّن.

السيناريو 4: الصراع الإثني والنزوح يؤديان إلى الفصل الذاتي

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والجهات الفاعلة غير الحكومية واتجاهات الصراع

في هذا السيناريو، لم تخفّ حدّة العنف الناشط تحت راية الطائفية إلا لأن الصراع الإثني والنزوح أدّيا إلى فصل فعلي للطوائف. وعلى غرار السيناريو 3، لا يكمن التأثير الصافي على الطائفية في الحدّ من التوترات بل إن العملية المعتمدة للوصول إلى هذه الغاية تضع الطوائف في خطر فعلي وترتكز على الفصل وليس التقبّل. وبالرغم من تغلّب الحملة الدولية على داعش، شنّ التنظيم حملة دامية ومنفّرة في طريقه نحو الهزيمة وأظهرت نتائجها فعالية عملية التطهير التي استهدف بها التنظيم الأقليات الشيعية. وتظهر هذه الانقسامات بوضوح في العراق حيث قضت تقريبًا عمليات القتل الإثنية والنزوح الداخلي على المجتمعات المحلية المتعددة الطوائف التي كانت موجودة سابقًا. وأصبحت الموصل مثلً مدينة سنيّة بأكملها تقريبًا. وردّت جماعات الميليشيات الشيعية بشنّ عمليات انتقامية ضدّ السكان من السنّة ما دفعهم إلى الخروج من وسط العراق في ما وصفته الأمم المتحدة بالتطهير العرقي. وتبدّد تقريبًا الوعد بحكومة ائتلافية وانسحب الأكراد إلى إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي وبات يشمل كركوك وغادر القادة السنّة ليحكموا الغرب بحكم الأمر الواقع. ومع العلم أن التحالف بقيادة السعودية حال دون سيطرة الحوثيين على الحكم في صنعاء في نهاية المطاف، لم تتصدَّ الحكومة المركزية الجديدة الضعيفة لسيطرة الحوثيين على الشمال وما زالت القوات الحوثية تبسط سيطرتها على مدينة الحُديّدة الساحلية. ويرى الطرفان أنه من المفيد الحفاظ على وهم انتهاء الحرب بالرغم من غياب حلّ سلمي رسمي ولا يبدو أن هذا التقسيم الفعلي لليمن سيتغيّر في المستقبل القريب.

وفي سوريا، أسفرت عملية السلام عن “مناطق سيطرة” معترف بها ومقسمة بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام والمعارضة وبعد الإعلان عن المناطق ركزت موجة من النزوح الداخلي السكان الأكراد في منطقة سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي كما تجمعت الأقليات بما في ذلك العلويون والمسيحيون والدروز في منطقة سيطرة النظام أما العرب السنّة فقد تركزوا في منطقة سيطرة المعارضة. وتشكّل المدن المختلطة والمناطق الحدودية حيث تتلاصق مناطق السيطرة مواقع إراقة دماء إثنية طائفية خاصة. وحتى في الدويلات الصغيرة جدًا غير القابلة للتقسيم يفصل السنّة والشيعة أنفسهم ضمن أحياء ولا سيّما في المنامة ومدينة الكويت المقسّمتين إلى أحياء سنيّة بالكامل وأحياء شيعية بالكامل بشكلٍ واضحٍ.

إن الأثر على العلاقات الطائفية شامل. فمن جهة، تخفّض قلة التفاعل بين الطوائف من نسبة حدوث الصراعات يوميًا. ومن جهة أخرى، يرسّخ الفصل بين الطوائف التحيزات وينذر بصراع يتفاقم ببطء ويتّجه نحو الانفجار. هذا نص السيناريوهات الأربعة أوردته هنا مثلما هو للاستفادة منه.

المعنى وليس المبنى

إن استشفاف ما يرنو إليه هذا التقرير، وما كتبناه في الأعلى، جاء بناءً على خاتمته حيث أنها كشفت عبر نقاطها الواردة ما يجب أن يتم عمله لمصلحة الاستخبارات الأمريكية والغربية إذ إن كل ذلك يعتمد على ما تريد عمله في المنطقة، ولها الخيار في ذلك سواء في رفع حدة التوتر أو في خفضها.. ولنقرأ الاستنتاج الأول والثاني في هذه الخاتمة:

"يساعد العرض السابق للافتراضات والدوافع والسيناريوهات على إعداد تقييمات المحلّلين – ومن ضمنها تقييمات مجموعة

الاستخبارات الأمريكية – المتعلّقة بالعلاقات الطائفية في الشرق الأوسط. والاستنتاجات الأساسية من هذه العملية هي التالية:

  • في مدّة زمنية تمتدّ إلى عشر سنوات، تتوفّر احتمالات مستقبلية معقولة متعددة لمسار الطائفية في هذه المنطقة. فمسألة زيادة الطائفية أو انخفاضها في العقد القادم غير حتمية وذلك لأن حدّة الطائفية تعتمد على دوافع قد تشير إلى أي من الاتجاهين."

  • قد تتأثر بعض هذه العوامل بقرارات الولايات المتحدة (والشركاء الدوليين) السياسية. على سبيل المثال، إن نوعية الحوكمة والظروف الاقتصادية والتصدّي للصراعات القائمة لمنع امتدادها كلها عرضة للتدخلات السياسية."؛ أي بوضوح تام القرار هو قرار الدول الغربية وما تريد أن تفعله في هذه المنطقة. وهل ستحولها إلى دويلات خلال الثمان سنوات المقبلة؟ أم ستوجهها نحو الهدوء؟


"ويشجّع المؤلفون أيضًا على إعادة عملية توليد السيناريوهات باستخدام تقنية تحليلية مختلفة – التحليل بأثر رجعي – لتحليل الاحتمالات المستقبلية البديلة الواردة هنا"؛ أي بالإمكان النظر فيما حدث سابقًا من تأجيج للمنطقة وقراءة "الفوضى الخلاقة" وماذا أنتجت فيها، والهدف بقاء الصراع من أجل الوصول إلى الغايات التي يريدها الغرب في منطقتنا العربية.

وأضاف المقررون: "يتمتع التحليل بأثر رجعي الذي يبدأ بالحالة النهائية بمزايا أخرى. فهو يساعد على تسليط الضوء على التدخلات السياسية التي لا بدّ من القيام بها للتوصّل إلى النتيجة المرجوّة أو تجنّب النتيجة الأسوأ."؛ أي أن عملية الركون السياسية أو الهدوء السياسي في هذه الحالة لا ينبغي بل يجب العمل على الوصول إلى النتيجة المرجوّة من وراء ذلك، ألا وهو دول الأقاليم.

 

نهج "ادفنها قبل أن أراها"

بما أن الباحثين اعتمدوا نهج "أعرفها عندما أراها" علينا أن نعمل على نهج " ادفنها قبل أن أراها"، كي لا يعرفوها على الإطلاق.  وذلك بالآتي:

  • مراقبة الجهات الفاعلة والعمل على ألا تسير في خططها، وأن يتم إيقافها قبل أن تنفذ أي مشروع.

  • عدم التهاون في التوجهات لدى أية فئة مهما كانت.

  • تكريس مفهوم الوطنية، ودعم الوطنيين الصادقين الذين ينتهجون توجه دولتهم نحو الوطنية.

  • العمل على تكريس الخطاب الديني الوسطي الهادئ الذي لا يثير النعرات ولا يستدعي الطائفية.

  • التوجه نحو تذويب العلاقة الشائكة بين السنة والشيعة.

  • قراءة توجه إيران بشكل جاد. وماذا يمكنها أن تفعل لتذويب هذه العلاقة الشائكة.

  • قراءة بقية الطوائف في المنطقة والعمل على ألا تنجرف نحو الطائفية.

  • إزالة مشاكل الحدود بين الدول العربية، وحل مشكلاتها من قبل جامعة الدول العربية بأقصى سرعة ممكنة.

  • السعي إلى ألا يكون هناك ضغط اقتصادي على الشعوب.

  • عدم إعطاء الجهات الفاعلة من خارج المنطقة أي مشروعية للدخول للعبث بالبلاد العربية.

  • الربط بين مناطق الصراع، ومحاولة تفتيت هذا الصراع، والتنبه إلى تأجيج الصراع في مكان بينما الهدف في مكان آخر.

  • عدم إعطاء الهويات الطائفية أية مشروعية مهما كانت المسوغات، العمل فقط بالمكون الوطني دون غيره.


 

 

 

الجدول..دوافع الصراع الطائفي
















































تراجع خطر الصراع الطائفي      الدافعتزايد خطر الصراع الطائفي
هيمنة الهويات غير الطائفية (مثلًا؛ ولاءات وطنية، محلية، طبقية)الهوية الذاتيةهيمنة الهويات الطائفية
يدعو الزعماء الدينيون إلى تقبّل الطوائف والديانات الأخرىطابع الخطاب الدينييروّج الزعماء الدينيون لعلاقة عدائية بين الطوائف

 
تبني الجهات الفاعلة غير الحكومية جسورًاالجهات الفاعلة غيرالحكوميةتحشد الجهات الفاعلة غير الحكومية الجماهير حول الطائفة

 
تعمل الدول الإقليمية على الحدّ من الطائفيةالدول الإقليميةتفرض الدول الإقليمية أجندة طائفية

 
تقدّم الدول حوكمة رشيدة دون تمييز بين الطوائف الدينيةنوعية الحوكمةتعجز الدول عن توفير الخدمات الأساسية أو تميّز عند تقديمها الخدمات بناءً على الانتماء الطائفي
يخفّف النمو الاقتصادي من الضغط ويتم تقاسم الأرباحالظروف الاقتصاديةيغذّي الضغط الاقتصادي الانقسام وتشعر المجموعات الدينية بأنها محرومة اقتصاديًا
يحدّ حلّ الصراع من العنف في المنطقةاتجاهات الصراعيمتدّ الصراع في إطار معيّن ويغذّي الصراعات في أماكن أخرى
تمنح الجهات الفاعلة من خارج المنطقة الأولوية للاستقرارالجهات الفاعلة من خارج المنطقةتسعى الجهات الفاعلة من خارج المنطقة إلى فرض نفوذها من خلال اللعب

 

المصدر: تقرير راند

يتبع.....

الاثنين، 16 يوليو 2018

الخطة (ب) في المنطقة العربية

لاشيء يهز العالم 13

باختصار:


عام ١٩٤٥، أثناء الإعلان عن نشوء مجلس الأمن، كانت الولايات المتحدة الأمريكية الأمكر من بين الدول الخمس التي لها حق النقض (الفيتو)، ونظرا لأنها تمتلك بعد نظر رسمت خطتها على الخصم العالمي " الاتحاد السوفيتي-آنذاك"، وسوقت لقوته، على اعتباره الأقرب لأوروبا ك "عدو قريب"  لإخافة الدول الأوربية، وهكذا خضعت لها، وسارت تتبعها إلى اليوم.

وبالطبع تجربتهم قامت على حروب أهلية طويلة في البدء ثم على حروبها في أمريكا الجنوبية. هذه الورقة مع أوروبا لعبت بها مع العرب، فجهزت لهم "عدو قريب" عام ١٩٧٩ في طهران، ورمت بالملالي في حلق العرب، وأسفر ذلك عن حرب الثمان سنوات بين العراق وإيران. وأثناء ذلك كان العمل على أشده في العمل على استراتيجية "العدو الحميم" والمتمثل في صناعة خلايا نائمة في كل الدول العربية، وبدأت في العلن عبر حزب الله في لبنان، الذي يمثل الامتداد في الدول العربية، ومنه تسربت خلايا نائمة في العالم العربي عبر الشيعة واستغلالهم مذهبيا، وظهر بعضهم في الدول العربية بعد سنوات من صناعتها وتدريبها، وفي المقابل كانت أمريكا تزرع خلاياها من "الأخوان" في المذهب السني "عدو إعلامي،ثقافي،ديني" وجهزوا حتى ساعة الصفر، التي جاءت بعد حرب النوايا المكشوفة وهي احتلال أمريكا للعراق. (النوايا المكشوفة) حددت أن العراق هي المنطقة المركزية لعملية التغيير في المنطقة العربية، ولهذا تركت للفرس العبث بالعراق وسلمته لهم ولداعش، لنلحظ أن عام ١٩٤٥ وهو عام الإعلان عن مجلس الأمن، كان نقطة جوهرية في المسألة إذ إن فرنسا كانت في سان فرانسسكو تدافع عن حقوقها اللغوية، وفي نفس الوقت كانت تسعى إلى تأكيد حقوقها الاستعمارية في سوريا. سوريا منذ البدء كانت دولة مفصلية في تقسيم العالم العربي، وها هي اليوم تعيش ذات الدور، وخطورة الموقف فيها أن اسرائيل بدأت تدخل عيانا بيانا فيها، ومن هنا فإن التوسع الإسرائيلي سيطال دولا أخرى، واللاعب الأساس هو روسيا التي تخدم الأجندة بشكل مقنن.. وستخرج منها دون مكسب سوى تقوية اقتصادها، ولن يكون لها صوت بعد ذلك لأنها ستربض في مكانها كدول شرق أوروبا. التوقف الغربي في المنطقة العربية أعطى دول شرق آسيا نفَسا للتحرك، وإن لم يقلبوا موازين الخطط الآن فسيندمون كثيرا.

أستطيع القول إن صمود سوريا يأتي لفشل الخطة (أ) فقد أحرقتها السعودية. ولهذا فإن الخطة (ب) ستعمل ولو أنها ستأخذ وقتها، فملالي طهران أدوا ما عليهم، وأوراقهم محروقة، لأنهم انكشفوا للعالم العربي هم واشعال نار الطائفية واستغلال الشيعة؛ ومن هنا فإن اشعال طائفية أو عصبية المذهب الواحد ستأتي، ولو بعد حين.

 

 
https://platform.twitter.com/widgets.js

الأحد، 10 يونيو 2018

لا شيء يهز العالم 11

الأمم المتحدة وتدمير اليمن


من قرأ المشهد في اليمن منذ بدايته سيلحظ أن "الربيع العربي" توقف على أعتابه، عندما أقدمت المملكة العربية السعودية بتحالفها العربي، وبانتزاع قرار أممي (2216) يؤيدها، على شن حرب على الحوثي لإيقاف زحف الخطط الاستعمارية في المنطقة العربية. لتأتي استقالة جمال بنعمر،  بل سحبه من قبل الأمم المتحدة، لتثبت فشله في تحقيق أهداف اليمنيين، أو التي أوجد من أجلها في اليمن، أو أنه حقق المطلوب منه عبر الحوار الوطني الذي استطاع فيه التلاعب بجميع اليمنيين، واستطاع خداع الشعب اليمني باتفاقه مع الحوثي على اجتياح كامل البلاد. واعتبره الكثير من اليمنيين، أي بنعمرـ عار على جبين الأمة العربية، وسبب رئيس في تدهور الأوضاع في البلاد، وبالتالي فشل ذريع للأمم المتحدة ـ كعادتها في البلاد العربية.

الأحد، 3 يونيو 2018

لا شيء يهز العالم 10

موقف الأمم المتحدة في العراق


في الصحافة الأمريكية لا تأتي الأسئلة، بعد الحرب على العراق، عن عدد القتلى الذين خلفتهم الحرب ضد العراق أو أفغانستان، ولكنها تأتي على هذا المنوال: لماذا قُتل 760 أمريكياً في حرب العراق؟ الأربعة ملايين الذين قتلوا بسبب الحرب الأمريكية على العراق لا شأن للصحافة الأمريكية بهم، كل ما يهمها هو المواطن الأمريكي. أليس هذا نتاج ما زرعته السياسة والإعلام؟ وأليس هذا يشجع الأمريكان على غزو العالم؟ فهو يقول لهم اذهبوا اقتلوا الناس في كل جزء من المعمورة ولكن احذروا أن يموت أحد منكم أيها الأولاد الصالحون!!  هذه الصورة ـ تماماً ـ التي يتم بها تسيير الأمور في واشنطن، فكذبة الإعلام الحر تحمل معاييرها تجاه الجندي الأمريكي، ولكن تجاه من يَقتلَ هذا الجندي فلا معايير في ذلك أقتل أيها الصالح كما تشاء ولا عليك، المهم ألا تموت. وهذا هو الوجه الحقيقي للإعلام الأمريكي الذي يدّعي الديموقراطية، وأنه يقدم نموذجًا متميزًا في حرية التعبير، وهو يقدم حرية التعبير فعلاً في الداخل فقط، أمّا مساره في الخارج فهو يقدم الوجه السادي للإعلام الأمريكي الحقيقي وللسياسة الأمريكية الطاغية، والتي تريد أن تلتهم العالم كله. بل إن الإعلام في مجموعه سواء عبر مراكز الدراسات أو عبر هوليوود وصناعة السينما وعبر وكالات الأنباء والفضائيات يؤازر الفعل العسكري الاستبدادي الذي تمارسه الحكومة الأمريكية ضد الشعوب.

يقول السيناتور الأمريكي إرنست ف. هولينغز في مقالة نشرتها تشارلستون بوست اند كوريور يوم 6 مايو 2004م " مع مقتل أكثر من 760 جنديا، وإصابة أكثر من 3000 جريح بعاهة مستديمة، يتساءل الناس لماذا ذهبنا إلى العراق؟" وفي النهاية يقول هي " سياسة الرئيس بوش في حماية وتعزيز أمن إسرائيل"[1]

الجمعة، 25 مايو 2018

لا شيء يهز العالم 9

الأمم المتحدة والعرب


جاء برنامج النقطة الرابعة لتأييد "السلام العالمي"، الذي صنعته أمريكا، وفق أربعة محاور:

  1. التأييد المطلق للأمم المتحدة، فالأمم المتحدة تأتمر بإمرة أمريكا في كل خطواتها، بل إن توجهاتها تساير التوجه الأمريكي خطوة بخطوة، خصوصاً وأنها أُنشئت تحت نظر الغرب، ومن كان يدعمها بقوة في البدء هم الدول الكبرى، ولكننا سنلحظ حالات قليلة تتناقض معها في حالة استخدام روسيا ـ سابقا الاتحاد السوفيتي ـ للفيتو أو الصين.. وتكاد تكون باتفاق بين الطرفين.

  2. كسب الشعوب بالعمل على الإصلاح الاقتصادي، وهي الفكرة الجهنمية التي تسيطر بها الكربورقراطية على مكتسبات الشعوب.

  3. تقوية الأمم التي تعادي الشيوعية. وكانت آنذاك الحرب الباردة مستعرة بين أقوى دولتين، ولهذا فإن العدو الكامن أمام أمريكا هو المد الشيوعي.

  4. تقديم المعونات لتحسين أحوال مختلف البلاد، وهذه المساعدات استغلال فاضح جداً في السياسة الأمريكية، وعبرها تتحكم في الدولة أو تبتزها سواء بإدراك أو بدون إدراك.


وكثيرًا ما نرى التركيز على هذه النقطة لأنها تحمل أبعادًا إنسانية في ظاهرها، بينما أهدافها أو غاياتها هي امتصاص الحقوق في الدول التي تساعدها أمريكا، أو تتدخل الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي في المساعدة، وذلك كي توقع الدولة في الفخ، وتبدأ مساومة الشركات العملاقة عليها من كل حدب وصوب، بعد أن تتم السيطرة على بنوك الدولة المعنية ليبدأ البنك الدولي في عمله تجاهها. وليحقق الرؤية السياسية المرسومة لها من قبل الشركات المسيطرة على العالم[1].

وعندما تأسست منظمة الامم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية فإن حفظ السلم والأمن الدوليين يعدان المشكلة الأهم التي تواجه المجتمع الدولي إلى اليوم، وهو المقصد الرئيسي الذي من اجله انشئت منظمة الأمم المتحدة.  ولأهمية هذا المقصد فإن مؤسسي المنظمة قد ركزوا عليه في الميثاق وخصصوا له الوسائل والإجراءات اللازمة لتحقيقه.

"وكانت خمسة من الدول العربية ضمن مؤسسي الامم المتحدة، وهي: مصر والمملكة العربية السعودية ولبنان وسوريا (كلها انضمت فعليا يوم 24 / 10 / 1945) والعراق (21 / 12 / 1945). ومن دول الشرق الأوسط كانت هناك أيضا إيران وتركيا. ثم إن للعرب ثقلاً إضافيًا يتمثل بأن اللغة العربية هي إحدى اللغات الرسمية الست للمنظمة إلى جانب اللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية والماندرين الصينية والإسبانية، مع العلم بأن أمينها العام السادس أختير من دولة عربية وهو الدكتور بطرس بطرس غالي الذي تولى المنصب لأربع سنوات بين 1992 و1996. واليوم تضم المنظمة 192 دولة، بينها 22 دولة عربية. وكان للعرب حضور مميز في الوكالات التابعة للأمم المتحدة حيث ترأسها بعضهم مثل الدكتور محمد البرادعي (مصر) والمهندس إدوار صوما (لبنان) وطالب الرفاعي (الأردن)..الخ."

 

القضية الفلسطينية

الإدانات التي يقوم بها مجلس الأمن ضد إسرائيل وما ترتكبه في حق الشعب الفلسطيني لا فائدة منها، طالما أن القرار يتوقف على استخدام الفيتو الأمريكي في كل مرة تتم الإدانة، أي أن أحد أهم أسباب تكوّن مجلس الأمن من خمس دول عظمى، ومن حق استخدام الفيتو يؤتي ثماره الآن، وفي كل آن، لحماية مصلحة الدول الخمس أو دولة منها أو دولة حليفة مثل إسرائيل. ولعل تقسيم فلسطين عام 1947م يعطي الدلالة الواضحة أن المجلس أو الأمم المتحدة لم يخلقا إلا لحماية المصالح الخاصة للدول العظمى. ولا تحمل همًّا تجاه أي قضية إنسانية في أي جزء من الكرة الأرضية، فما بالكم وهذا الجزء هو المنطقة العربية!!

"لقد صدر ما لا يقل عن 131 قرارا متصلا بالنزاع بين فلسطين وإسرائيل صدرت عن مجلس الأمن الدولي ما بين 1967 و1989 فقط. كما أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اسرائيل بإدانات تزيد على كل الإدانات بحق دول العالم الأخرى مجتمعة. وكان للأمم المتحدة دور وحضور فاعل في حروب العرب مع اسرائيل في الاعوام 1948 و1967 و1973 وغزو لبنان عام 1982 بصفة عامة، وغيرها من الاعتداءات والتجاوزات الاسرائيلية المتعددة على لبنان وسوريا ومصر والاردن والعراق. ومن الجدير بالذكر أن للأمم المتحدة وجودا عسكريا في مناطق النزاع العربي الاسرائيلي متمثلا في قوات الفصل الدولية الأندوف على هضبة الجولان في سوريا، وفي جنوب لبنان تنتشر قوات اليونيفيل، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة والدول المجاورة تعمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ناهيك من نشاطات اليونيسيف في مجالات الاهتمامات بالطفولة والأجهزة والوكالات الإقليمية[2]."

(سأتطرق إلى ذلك بشيء من التفصيل عند الحديث عن إسرائيل)

وسنلحظ أن هناك العديد من القضايا المتعلقة بالمنطقة العربية، وهي من القضايا التي تستخدمها الأمم المتحدة بمطاطية مبالغ فيها، وربما ترى أطراف تؤججها ولكنها تغض الطرف عنهم.. فمثلا: نزاع الصحراء الغربية؛ حيث كان لها دور بارز في التعاطي مع النزاع الحاصل بين المغرب وبين جبهة البوليساريو، وآخرها ما كان من إيران ومن حزب الله حين دعما ودربا هذه الجبهة في فضيحة انكشفت لكل العالم، ولم تتخذ حيالها الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن أي خطوة في هذا الاتجاه بل إن ستيفان دو جاريك، الناطق الرسمي باسم الأمين العام الأمم المتحدة، ردّ، خلال الندوة الصحافية الدورية المنعقدة الاثنين 02 أبريل 2018 بمقر المنظمة بنيويورك، ببرودة تامة على احتجاج المغرب من استمرار عمليات التوغل العسكري في المنطقة العازلة، حيث قال جواباً عن سؤال الصحافة: "نعم لديّ معلومات.. زملاؤنا في بعثة المينورسو لم يلاحظوا أي حركة لأي عناصر مسلحة شمال هذا الإقليم، المينورسو تُواصل مراقبة الوضعية عن كثب".

في نفس الوقت أكدت فيه مصادر إعلامية قريبة من "الجبهة" أن "نحو 14 عنصرا مسلحا تابعين للبوليساريو دخلوا المنطقة على متن أربع سيارات من نوع جيب، فقاموا بنصب خيام وتمركزوا فيها لما يناهز ساعة كاملة قبل أن يغادروا المكان ويسحبوا آلياتهم بعدما نصبوا خيامهم".

كما أظهرت صور لمجموعة شبابية محسوبة على جبهة البوليساريو تدعى "صرخة ضد الجدار" تنظيم وقفة احتجاجية يوم 31 مارس الماضي، رفقة أجانب، نددوا فيها باستمرار هذا الجدار الأمني.

وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قد أعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بسبب اتهامات لها بدعمها وتسليحها جبهة البوليساريو الراغبة بالانفصال، بدعم ومساندة "حزب الله".

بينما ذكر موقع القوات اللبنانية أن تتجاوز علاقة البوليساريو بـ"حزب الله" تقديم الدعم بتحريض من الجزائر. حيث تربطهما أيضا تجارة السلاح والمخدرات وتبييض الأموال. فشبكة “حزب الله” في تبييض الأموال تمتد من أفريقيا (الغرب أساسا) إلى أميركا اللاتينية، وعلاقة البوليساريو بالتنظيمات الجهادية في المنطقة تفيد عمل “حزب الله” كثيرا.[3]

وقال المحلل الأميركي في صحيفة واشنطن اكزامينور، مايكل روين، أن تلك " لم تكن مجرد عملية مارقة. ففي النهاية ما تعرض له المغاربة ليس أول محاولة من إيران لزعزعة استقرار مملكتهم". أي أنه يناقض تحفظات الأمم المتحدة.

ويضيف روبن أن "الواقع يقول إن سلوك إيران يكتسب طابعا أيديولوجيا، ومشكلة إيران مع المغرب هي أيديولوجية، خصوصا وأن المغرب لا ينتمي إلى معسكر دول الغرب الليبرالي فقط، ولكنه يقف أيضا في طليعة القوات المحاربة للإسلام المتطرف”، مضيفا أنه “على الرغم من اختلاف المذاهب بين إيران والمغرب، إلا أن رجال الدين وقادة إيران لا يريدون رؤية هذا الفرق أو حتى الالتزام به".

وهذا الحدث الأخير يوضح بجلاء موقف الأمم المتحدة المائع تجاه هذه القضية المتعلقة بالشأن العربي. ولن أعود كثيرًا بالتاريخ لأستشهد بمواقفها تجاه هذه القضية لأن السلبية هي ديدنها الدائم تجاه القضايا العربية.

بينما الحرب العراقية الإيرانية لعبت فيها الأمم المتحدة دورًا بارزًا، ويأتي التناقض من الموقف الأمريكي وهو العضو الرئيس في الدول الخمس العظمى أو في "نادي النخبة" الذي يحكم العالم، حيث أنه على مرأى ومسمع من مجلس الأمن ومن الأمم المتحدة ظهر بفضيحة " جيت إيران" أيام دونالد ريجان، ومع ذلك لم يكن هناك ما يثير التساؤل لدى المجلس. ولعل توقف الحرب بينهما جاء بعد خطة بديلة ستظهر في حرب الخليج الثانية حين احتل العراق دولة الكويت وكان للأمم المتحدة دور فاعل في التعاطي مع تداعيات غزو الكويت عام 1990. حيث فوضت الأمم المتحدة يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 1990 وعبر قرار مجلس الأمن 678 – استنادا إلى عدة قرارات سابقة – باستخدام القوة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، فشنت قوات متعددة الجنسيات، أمريكية أوروبية وعربية، ما عرف بعملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت يوم 24 فبراير (شباط) 1991، وتم لها ذلك خلال فترة قصيرة.

في المقابل في حرب الخليج الثالثة وهي الغزو الأمريكي للعراق فإن موقف الامم المتحدة كان ضعيفًا ولم تستطع التصدي للغزو الامريكي البريطاني للعراق الذي تم سنة 2003 خارج نطاق الشرعية الدولية ودون تفويض من الامم المتحدة التي باءت جهودها بالفشل لمنعه يوم 20 مارس (آذار) 2003 تحت ذريعة تخزينه أسلحة دمار شامل ممنوعة، وأسقطت الحكم فيه واحتلت البلاد، وبقيت القوات الأمريكية في العراق حتى اليوم.

أما قضية النزاعات في السودان فجميعنا يعي أن "جوبا" تحتضن تل أبيب، بل إن تل أبيب تحتضن جوبا، والتعاون بينهما على أعلى مستوى، وما يخدم إسرائيل لا بد أن تتبناه الأمم المتحدة أو يتبناه مجلس الأمن، ولهم حضور وأجندة بارزة جدا في الجنوب ودارفور. يقول ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي: "نحن شعب صغير، وإمكانياتنا ومواردنا محدودة، ولا بد من العمل على علاج هذه الثغرة في تعاملنا مع أعدائنا من الدول العربية، من خلال معرفة وتشخيص نقاط الضعف لديها. وخاصة العلاقات القائمة بين الجماعات والأقليات العرقية والطائفية، بحيث نسهم في تفخيم وتعظيم هذه النقاط، لتتحول في النهاية إلى معضلات يصعب حلها أو احتواؤها".

ولعل كلينتون بإشارة من رامسفيلد عندما دمر "مصنع الشفاء" بحجة أنه يصنع أسلحة دمار شامل، لم تتخذ الأمم المتحدة أي دور بل قد تكون ذات أدوار ومواقف معاكسة؛ فقد اتهمت مصادر في الأمم المتحدة عام 2004 ميليشيات الجنجويد المناصرين لحكم الرئيس عمر حسن البشير بارتكاب مجازر في الإقليم. ثم فرض مجلس الأمن الدولي في مارس من عام 2005 عقوبات على الخرطوم، وكذلك إحالة المتهمين بجرائم حرب إلى محكمة العدل الدولية. الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بين الخرطوم والامم المتحدة خصوصا بعد أن رفضت الخرطوم نشر قوات سلام دولية في إقليم دارفور. ثم أصدرت محكمة العدل الدولية عام 2007 أولى مذكرات التوقيف ضد المتهمين بجرائم الحرب، كما أصدر مجلس الأمن قرارا بتشكيل قوة سلام في دارفور. وفي العام التالي 2008 تولت الأمم المتحدة كليا أمر القوات الأفريقية – الدولية اليوناميد في الإقليم، وفي خطوة غير مسبوقة في عام 2009 أصدرت المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة مذكرة اعتقال بحق البشير. ورعت الامم المتحدة عملية استقلال الجنوب عام 2011، كما أعلنت نهاية حرب دارفور.

"بالإضافة إلى ما سبق كان للأمم المتحدة نشاطات ومهام لافتة أخرى تتعلق بالعرب والشرق الاوسط، منها النزاع الحدودي بين البحرين وقطر الذي حسمته قضائيا وتحكيميًا محكمة العدل الدولية عام 2001، بالإضافة الى قضية تورط ليبيا فيما عرف بقضية لوكيربي أصدر المجلس القرار 1506 بغالبية 13 صوتا وامتناع فرنسا والولايات المتحدة عن التصويت برفع العقوبات المفروضة على ليبيا. وغير ذلك من القضايا. ورغم كل ذلك فقد اتسم تعاطي الأمم المتحدة مع القضايا العربية والشرق أوسطية بغير الموضوعي، حيث انطلق دائما من اعتبارات مصالح الدول الكبرى المسيطرة على سياسة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي منع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من التصرف والقيام بمسؤوليتها في حفظ الأمن والسلم الدوليين[4]."

يتبع...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الحرب القذرة على العالم، للمؤلف، تحت الطبع.

[2]  عماد علو مقالة في صحيفة الزمان يوم 20 مايو 2014 الرابط: https://www.azzaman.com/?p=72168

[3]  موقع القوات اللبنانية https://www.lebanese-forces.com/2018/05/04/hezbollah-polisario-front/

[4]  عماد علو مقالة في صحيفة الزمان يوم 20 مايو 2014 (سابق).

الجمعة، 18 مايو 2018

لا شيء يهز العالم 8

نحن نحمي العالم، فمن يحمي العالم منّا؟!

مرتكزات السياسة الأمريكية في تفتيت العالم


أعود بكم إلى مرتكزات السياسة الأمريكية في العالم أجمع، وفي العالم العربي على وجه الخصوص.

المنظمات الأممية:

"كانت لدى روزفلت طموحات خيالية. فخلال عشاء في البيت الأبيض في مارس 1943م، اقترح على وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن قيام الدول العظمى بنزع سلاح جميع البلدان الأخرى، ووضع حاميات في مختلف مناطق العالم بغرض النظام، وقال إن القوى الصغرى " يجب ألا تحوز ما هو أخطر من البنادق[1]"ومن هنا بدأت رحلة مجلس الأمن الذي ضم خمس دول عظمى، هي التي يحق لها التحكم في العالم، والوقوف ضد أي قرار يصدر ضدها.

ومن يقرأ الأحداث بعد قنبلتي أمريكا على اليابان، سيلحظ أن مجلس الأمن لم يدنهما، ولم يتحدث عن ذلك إلى اليوم، كما أن التناقض في قضية فلسطين العربية ظاهر للعيان، وواضح انحياز المجلس فيها لأمريكا وللدول الخمس، ولإسرائيل. بخلاف العديد من القضايا التي تهم الأمة العربية والتي يقف المجلس منها موقفًا سلبيًا ولعل آخر القضايا سنلمسها في سوريا حيث أن عدد القتلى يصل إلى مليون، وعدد المشردين يصل إلى 12 مليون، على الرغم من أن الأمم المتحدة تسعى إلى ألا يكون هناك مهجرين أو لاجئين إلى أوروبا، حفاظًا على ديمغرافيتها، إلا أنها ومجلس الأمن لم يجدا سوى الصمت حيال ما يحدث، والسبب كما نعلم ويعلم العالم أجمع هو خدمة إسرائيل، وخدمة الأهداف التي تسعى إليه الدول العظمى وهي أن يبقى الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي في حالة تشتت وتشرذم واقتتال. ولا نجد من مجلس الأمن نحو هذه القضية ـ أعني السورية ـ سوى "بروباغندا" في حياة الشعوب لا تقدم ولا تؤخر.

ولا يشبه مجلس الأمن أية هيئة أخرى في تاريخ البشرية؛ حيث يضم أعضاؤه الخمسة الدائمون -الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدةـ نحو 30% من عدد سكان العالم، وينتجون أكثر من 40% من الناتج الاقتصادي العالمي. وفيما يخص الشأن العسكري، فإن سيطرة هؤلاء الأعضاء أقوى؛ حيث يحوزون 26 ألف رأس نووي، وهو ما يمثل 99% من الرؤوس النووية الموجودة في العالم، ولديهم جيوش قوامها 5.5 مليون رجل وامرأة. وعندما يتحد المجلس، يصبح بوسع أعضائه شن الحروب وفرض الحصار والإطاحة بالحكومات وفرض العقوبات. ويفعلون كل ذلك باسم المجتمع الدولي، ولا توجد حدود تقريبًا لسلطة هذا الجهاز.

[caption id="attachment_1669" align="alignnone" width="900"]العالم في اتجاهه واحد خمسة يحكمون العالم!![/caption]

ويرى صاحب كتاب "خمسة يحكمون الجميع" أن المجلس استطاع حفظ السلام في أوروبا على مدى خمسين عامًا، دون أن يذكر ما هي مجهودات المجلس في أمريكا اللاتينية أو الجنوبية، وما هي نشاطاته لحفظ السلام في أفريقيا، وآسيا، ومنطقة الشرق الأوسط[2]!!

العالم في اتجاه واحد

ولعل الطموحات الاستعمارية ظهرت في حينها، أي أثناء المشاورات لعقد اتفاقيات قيام مجلس الأمن، ومن هم أطرافه، ومن هم زعامته، وتحديد الدول وتقنين المواد واستقطاب الحلفاء في المجلس فوقتها تأتي ردة الفعل في تلك الأعوام من ونستون تشرشل، وذلك بعد اجتماع طهران عام 1943م، حين تراجعت بريطانيا في ميزان القوى، حيث كتب يقول: " جلست هناك والدب الروسي العظيم إلى جانبي وكفاه ممدوتان، وعلى الجانب الآخر الجاموس الأمريكي الكبير، وبين الإثنين جلس الحمار الإنجليزي الصغير المسكين، الذي كان الوحيد.... الذي عرف الطريق إلى المنزل[3].

وتأتي ردة الفعل من قبل الرئيس الأمريكي آنذاك (روزفلت) وهو يقول لتشرشل " لقد بدأت فترة جديدة في تاريخ العالم، وعليك التكيف معها" إشارة إلى عدم سيطرة بريطانيا على العالم مثلما كانت سابقًا. ولم يكن تشرشل بالرجل البسيط فهو كان يقرأ مستقبل العالم في حالة وجود منظمة أممية تسيطر عليها أمريكا." وكان تشرشل قلقًا بشأن غريزة الأمريكيين المعادية للاستعمار، لكنه لم يكن واضحًا أن الناخبين البريطانيين يشاركونه القلق. ذلك أن البريطانيين المنهكين لم يهتموا كثيرًا بالحفاظ على ممتلكاتهم في الأصقاع البعيدة.

وبما أن السوفييت لهم تجربة مع عصبة الأمم المتحدة حين طردوا منها، وسموها عصبة اللصوص، فإنهم كانوا قلقين تجاه أي منظمة دولية تأتي من الغرب واعتبروها هي نتاج للرأسمالية الغربية لا غير، ولن تكون مع البلدان الأخرى أو مع أي توجه آخر يوجد في العالم، وهي نظرة عميقة من ستالين في تلك الأيام، ويعلم أن المدى قصر أم طال سيؤدي إلى ما وصلت إليه النتائج اليوم، وهو ظهور القطب الواحد في العالم وهو أمريكا العظمى!

وكان البريطانيون معارضين أكثر من غيرهم للفيتو، وهو ما عاد جزئيًا إلى الاجتماعات المنتظمة التي كان يعقدها الدبلوماسيون البريطانيون مع الدول الأصغر التي شكلت الكومنولث البريطاني. وقد عبرت الدول بوضوح ـ وخاصة نيوزيلندا وكندا ـ عن عدائها لفكرة استئثار الدول العظمى بإدارة العالم من خلال المجلس، ثم حمايتها لنفسها باستخدام الفيتو؛ فقد كان ذلك بمثابة نوع من ازدواجية المعايير المفرطة.

وعندما اجتمع القادة الثلاثة ـ روزفلت وستالين وتشرشل ـ كان مستقبل ألمانيا أول الموضوعات التي نوقشت، وهذا يدلل منذ البدء على بدء أعمالهم في تقسيم العالم، والعمل على مصالحهم وليس مصالح العالم كما يدعي الرئيس الأمريكي "ترومان" عندما قال، بعد وفاة روزفلت بساعات: " إن القوى العظمى عليها مسؤولية خاصة فيما يتعلق بفرض السلام، وأضاف: إن هذه المسؤولية هي خدمة شعوب العالم وليس فرض السيطرة عليها"60. وكان على الحلفاء تحديد كيفية تقسيم هذا البلد وحكمه، وطالبت بريطانيا بمنح فرنسا منطقة تحتلها وتديرها في ألمانيا. وتنازل ستالين عن هذه النقطة، كما قبل دخول الحرب ضد اليابان. وتوصل القادة إلى حل وسط ـ سمي صيغة يالطا ـ سمح للأعضاء الدائمين باستخدام الفيتو ضد القرارات الخاصة بالقضايا " الموضوعية" وليس الإجرائية. وحدثت تنازلات من قبل السوفيت وقبلوا بثلاثة مقاعد بدلا عن 16 أوكرانيا وروسيا ا لبيضاء والاتحاد السوفيتي، وثلاثة مقاعد لأمريكا. وفي يوم استضافة أمريكا لمؤتمر يعلن فيه عن الاتفاق وعن هذا الانجاز العظيم الذي سيظهر به العالم تحت مظلة خمس دول عظمى، وبينما كان روزفلت يعد مسودة خطابة سقط وتوفي. وأكمل ترومان مهمته.

وحضر المؤتمر آنذاك 45 دولة، 19 من الأمريكيتين والكاريبي، وسبع من آسيا والشرق الوسط، وعشر من أوروبا.. وكانت معظم أفريقيا لا تزال مستعمرة. ورغم اعتراضات معظم الدول الصغرى على الفيتو، وعلى تسلط الدول الخمس به إلا أن النيويورك تايمز قالت: إن معظم الدول:" قبلت على مضض فكرة وجود ديكتاتورية عالمية فعّلية بواسطة القوى العظمى.

وتم توقيع الميثاق يوم 26 يونيو 1945م لتخرج الدول العظمى من سان فرانسسكو وهي وصية على أمن العالم.. وتبدأ حقبة الديكتاتورية العظمى.

في هذا النقاش نورد بعض الملاحظات:

ـ صيغة التطمين في أحاديث روزفلت لم توصل العالم إلى شرطي أوحد بل إلى ديكتاتورية واحدة فهو في العديد من المناسبات كان يطمئن معارضيه السياسيين أنه لم يفكر في وجود "دولة عظمى" أو قوة شرطة عالمية.

ـ إشارة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بأن "المنظمة صممت" لا لكي تأخذ البشرية إلى الفردوس، بل كي تقيها من الجحيم" فيها نوع من المراوغة تجاه المنظمة وتجاه مجلس الأمن، حيث أن ما توده أن يعيش في الجحيم تركته يعيش، ومن توده أن يذهب للفردوس عبر التدخل وقفت إلى جواره، والشواهد كثيرة، ثم إن مطاطية أن تقي المنظمة شرور حدوث حرب نووية لا تشفع لدور الأمم المتحدة ولمجلس الأمن، لأنهما يفترض أن يمنعا تدخل القوى الخمس في شؤون الدول، ولنا مثال في روسيا حاليًا وهي في سوريا، ونماذج كثيرة لأمريكا في أمريكا الجنوبية!!

ـ المجلس منذ إنشائه إلى اليوم عجز إلى حد كبير عن ممارسة الحكم العالمي الكفء.

ـ "وفي أغلب الأحيان، ينتهي الحوار حول المجلس باعتراف محزن بحدود قدراته "

ـ يعتقد الكثيرون أن غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003م كشف أخطار العمل دون مباركة المجلس. [4]

يتبع....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، ت:غادة طنطاوي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ع:2126، الطبعة الأولى 2014.ص34

[2] ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).ص18

[3]  ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).ص36

[4]  ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).

السبت، 4 نوفمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 35

امبريالية الإمبراطورية الأمريكية

بريجنسكي وعملية نيويورك الأخيرة!!

أوروبا لا تحتاج لغضب بل إلى عمل للخروج من مأزق أمريكا!!

يلوح بريجنسكي إلى الداخل الأمريكي وأنه ربما قد يكون السبب الرئيس في سقوط الهيمنة الأمريكية، بل إنه يحذر من ذلك، بحيث لا يجب أن تتراخى السياسة الأمريكية تجاه هيمنتها على العالم، وعليها أن تعمد إلى السير قدماً، ليس لقيادة العالم بل للسيطرة عليه" التحدي الرئيسي للقوة الأمريكية لا يمكن أن ينبع إلا من الداخل ـ إما بسبب نبذ الديمقراطية الأمريكية نفسها للقوة، وإما بسبب سوء استخدام أميركا لقوتها في العالم. "[1]

الحرب القذرة على العالم 35

امبريالية الإمبراطورية الأمريكية


بريجنسكي وعملية نيويورك الأخيرة!!

أوروبا لا تحتاج لغضب بل إلى عمل للخروج من مأزق أمريكا!!

يلوح بريجنسكي إلى الداخل الأمريكي وأنه ربما قد يكون السبب الرئيس في سقوط الهيمنة الأمريكية، بل إنه يحذر من ذلك، بحيث لا يجب أن تتراخى السياسة الأمريكية تجاه هيمنتها على العالم، وعليها أن تعمد إلى السير قدماً، ليس لقيادة العالم بل للسيطرة عليه" التحدي الرئيسي للقوة الأمريكية لا يمكن أن ينبع إلا من الداخل ـ إما بسبب نبذ الديمقراطية الأمريكية نفسها للقوة، وإما بسبب سوء استخدام أميركا لقوتها في العالم. "[1]

السبت، 21 أكتوبر 2017

الثقل السعودي في إدارة أزمة المنطقة

باختصار:


قراءة الواقع تحتم علينا قراءة بعد النظر في السياسة السعودية، ففي الوقت الذي كانت فيه أمريكا في عهد أوباما ترتمي في أحضان إيران، كان العمل السعودي على أشده لتغيير مسار اللعبة في الشرق الأوسط، وذلك بمواجهة أمريكا عبر إيران، أي مواجهة إيران في أي موقع ذهبت إليه، وهذا أسلوب ذكي يدلل على الحنكة، بحيث أنها لم تخسر أمريكا وفي نفس الوقت تواجهها عبر من ارتضته وكيلاً لها في المنطقة، أو عن مشروعها الذي يهدف إلى تفتيت المنطقة.

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 32

· أن تكذب أكثر 5


· القوة الناعمة

نحت أمريكا منحى موازٍ تماماً لأيام الحرب الباردة، وأعادت صياغة مصطلح " الحرب الباردة" ليتحول إلى  القوة الناعمة ( Soft power ) ولعل إيحاءات هذه المرحلة بدأت من عام 1989م عندما سقط جدار برلين دون أن تقام حرب أو تسفك دماء، حيث يشير مؤسس مصطلح " القوة الناعمة " جوزيف ناي ـ وقد كان نائباً لوزير الدفاع الأمريكي، وكتب عنه عام 1990م في كتابه ( ملزمون بالقيادة) ـ إلى أن الجدار تم اختراقه بالتلفزيون والسينما منذ زمن طويل قبل سقوطه، في إشارة إلى تأثير الثقافة الغربية بدلا عن السلاح.

الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 31



  • إمبريالية الإمبراطورية الأمريكية 5




هاتفني أحد الأصدقاء وتحدث معي حول ما كتبته هنا عن نظرية " مجتمع الخوف" .. ورأى أنني ذهبت بها إلى غير محلها عندما عكستها على المجتمع الأمريكي، وقال: إن هناك قانوناً يحكم الجميع فلذلك لا خوف.


قلت متى تحدثت عن ليبرالية فإنني أتفق معك.. أما إن تحدثت عن علمانية فإنني لست معك. فالحرية الفردية تختلف عن الحرية السياسية.. والحديث الأخلاقي الذي طرحته هو عن الحرية السياسية وفسادها وعدم مصداقيتها وبعدها عن الأخلاق تماماً، ولهذا فإن أمريكا تخاف من فقدان هذه الحرية الفاسدة، بالنسبة للنخبة المسيطرة. ومن هذا الجانب فإن الخوف سينعكس على المجتمع على مدى الزمن، وستخشى النخبة انحراف العامة بعد اكتشاف الحرية المخادعة التي تطرحها الليبرالية الحديثة، وتحديداُ ليبرالية " المحافظون الجدد" الذين يرون في هذه الحرية الفردية أنها الدرب الذي يستطيعون عبره السيطرة على الشعب؛ أي كأن عملية رسم الوهم لهؤلاء البشر هي الطريق الحقيقي لبقاء الديكتاتورية، لأنه متى ما كان انسياق المجتمع ككتلة واحدة فإن قدر هؤلاء هو خروجهم من السلطة شاءوا أم أبوا، ومتى ما تمتع الشعب ، بل العالم ، بحرية فردية فإنه من السهولة بمكان انسياقه لقطيع تسيره الديكتاتورية، التي تريد السيطرة على العالم. وأعتقد أنه سيأتي اليوم الذي تتنبه له الشعوب لهذا الخطر وسيخرجونهم من السلطة، لأن البناء على " الكذب النبيل"[1] ، الذي يرونه، لا يمكن له الاستمرار.

الاثنين، 28 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 30

الكذبة الخلاقة وتفتيت المنطقة العربية

يعتبر المفكر الاستراتيجي الأميركي مايكل ليدن الباحث في معهد "أميركا انتربرايز" أول من صاغ مفهوم " الفوضى الخلاقة" عام 2003م، بالشكل الذي يليق بمنطقة الشرق الأوسط "، نعم تحديدا، عندما وضع خطة جديدة للولايات المتحدة لإدارة أهم المناطق حساسية في العالم، وهي المنطقة العربية، بعد أن لاحظ ارتباك السياسة الأميركية في هذه المنطقة، وأعطاها تسميات مرادفة، منها "الفوضى والبناء" و"التدمير والبناء". وينطلق ليدن في نظريته من أفكار تعكس الفلسفة التي تدين بها الطغمة الفاسدة المسيطرة على القرارات والاستراتيجيات الأميركية تجاه العالم والشرق الأوسط بالخصوص، وهي اعتماد الواقع أكثر مما يمليه الذهن، أي جعل له الأسبقية والرجحان. وينطلق ليدن بعد قراءة الواقع وتشخيص البيئة المحددة له ليقول أنه لا بد من التعامل مع معطياته وتطوراته.

الاثنين، 21 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 29


  • إمبريالية الامبراطورية الأمريكية 4

  • "مجتمع الخوف" أمريكي


" أعمال الإرهاب تكاد تكون مقصورة على الدول الديمقراطية أو شبه الديمقراطية" هذا كلام نعوم تشومسكي الذي يناقض خطاب السيد بوش، الذي جاء فيه أن "المجتمعات الديمقراطية لا تروج للإرهاب الدولي بينما المجتمعات غير الديمقراطية مؤهلة لتفريخ الإرهاب" هنا وجه يصف أمريكا بأنها تعمل على الديمقراطية، ولكن قد يكون تشومسكي التقط من حديث بوش الوجه الحقيقي للمقولة مسقطاً على المقولة أن السياسة الأمريكية ليست ديمقراطية ولهذا فهي تصدر الإرهاب، وهي التي تفرخ للعنف والتطرف. هذا الإختصار لخطاب بوش تناوله أمير طاهري في مقالة له في الشرق الأوسط وذهب به إلى كتاب ناتان شارانسكي حيث تبنى شارانسكي نظرية بوش بطريقة كاملة ـ من وجهة نظر طاهري ـ واستخدم خبرته الشخصية كمنشق ساهم في هز أسس الخبرة السوفياتية لكي يوضح أن نشر الديمقراطية هو أكثر الدفاعات فاعلية التي يمكن للغرب تبنيها. بينما أرى هنا أن العكس هو الصحيح حيث أن بوش هو الذي تبنى نظرية شارانسكي.

و"يقسم شارانسكي العالم المعاصر الى نوعين: من ناحية توجد «مجتمعات الخوف» التي يختفي فيها مفهوم المواطنة. ففي تلك المجتمعات لا يمكن للفرد التعبير عن وجهات نظره بحرية بدون المخاطرة بإلحاق الضرر بذاته. ومن ناحية أخرى هناك «المجتمعات الحرة» لا يتمتع فيها الفرد بحرية التعبير عن وجهة نظره ولكن ايضا يملك الحق في اختيار الحكومة عبر انتخابات ديمقراطية. ويوضح شارانسكي ان «مجتمعات الخوف»، تعتمد على العنف للحفاظ على سلامها الداخلي وتستخدم الحرب او التهديد بها، والعديد من أشكال الإرهاب كوسيلة في السياسة الخارجية. وثمن الاستقرار داخل النظم غير الديمقراطية كما يوضح هو الإرهاب خارجها. ويعتقد شارانسكي بإمكانية وضرورة هزيمة «مجتمعات الخوف،» اذا ما كان على «المجتمعات الحرة» الحياة بسلام وأمن. واستخدم الاتحاد السوفياتي كنموذج يعرفه جيدا. فقد اظهر كيف فشل الغرب في فهم طبيعة «مجتمعات الخوف» وحاول التعامل معها عبر سلسلة من الوسائل الدبلوماسية، ولاسيما مغامرة نيكسون / كيسينجر ( سبق أن تحدثنا عن ذلك من قبل) المعروفة باسم سياسة الوفاق. ولكن استمر الأمر حتى انحلال الاتحاد السوفياتي كدولة ومسيرة دولة على طريق الديمقراطية قبل ان يتوقف عن تهديد الغرب."[1]

الاثنين، 7 أغسطس 2017

إمبريالية الإمبراطورية الأمريكية (2)

الحرب القذرة على العالم (27)

ما أشار إليه نيكسون في كتابه " انتهزوا الفرصة أو الفرصة السانحة "  من أن موسكو كانت تقود وتحرك حملة عدوانية مباشرة أو غير مباشرة على الرغم من رفع شعارات مضللة مثل (التعايش السلمي) و(الانفراج الدولي) . هو بالضبط ما تردده الآن واشنطن، وهي شعارات ترفعها باستمرار تجاه المنطقة العربية، بل وتزيد عليها أنها تريد " الديمقراطية" و " الحرية " للشعوب العربية، دون أن يلمس العرب هذه الحرية وهذه الديمقراطية التي جاء بها المحتل في المنطقة العربية.

وتكمن أهمية أحداث البرجين 11/9 في أنها كانت الانطلاقة الحقيقية التي شنت من خلالها الحرب في مناطق المسلمين، بل ضدهم في جميع أنحاء العالم حتى داخل أمريكا، وبدأت الحرب الخارجية بأفغانستان ومن ثم العراق و" ليس من المعقول أن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من شن حربين متتابعتين في زمن قصير لسرقة، والسيطرة على، والحكم في، ثلثي الموارد الهيدروكربونية في العالم دون خطط للحرب معدة وموجودة مسبقاً، تم اختبارها، وتمثيلها وشحذها جيداً، ودون استعدادات عسكرية تعود إلى وقت سابق، ومن الطبيعي إذا كانت الخطط الحربية والاستعدادات قد سبقت 11 سبتمبر، فإن تلك المأساة لا يمكن النظر إليها واعتبارها السبب في هاتين الحربين، إذ إن الدوافع الحقيقية للحرب يجب أن تكون قبل ذلك."[1]

الاثنين، 24 يوليو 2017

الحرب القذرة على العالم 25



  • صناعة الطغيان 2




بعني السلاح أنا جاهز..!


يفترض مؤلف كتاب " صنع العدو" بيار كونسيا أن صنع العدو يحتاج لمراحل شتى؛ أيديولوجيا إستراتيجية محددة، خطاباً، صنّاع رأي ندعوهم المحددين، وأخيراً آليات صعود نحو العنف وحالات الحرب.

صنفها كونسيا كالتالي*[1]:

  1. عدو قريب .. حدود. كل دول العالم لديها صراعات حدودية، وكنماذج لذلك سنلحظ، بريطانيا والأرجنتين، ونتذكر حرب الفوكلاند التي بدأت تظهر على السطح هذه الأيام مع مد اليمين المتطرف في أوروبا، الجزائر والمغرب، ليبيا وتشاد، الهند والباكستان، الباكستان وأفغانستان، مصر والسودان، الهند والصين، اليابان وروسيا، روسيا وجورجيا، البيرو والأكوادر، بوليفيا والتشيلي، كولومبيا وفنزويلا، العراق وإيران، لم يسلم منها سوى أمريكا، رغم المشاكل الحدودية مع المكسيك إلا أنها تأتي في إطار قمع التهريب فقط!! ولا شك أن ذلك جاء نتيجة الاستعمار، أو أطماع الاحتلال في معظم البلدان، حتى الكبيرة منها، والسبب يعود إلى التقسيم الجغرافي للبلدان، وأيضاً التدخل، فيما بعد، في شؤون الدول من قبل الدول العظمى تحت مؤثرات شتى لمسناها في حالات الفوضى والحروب العسكرية والحروب الاقتصادية، وحرب الغذاء، وحرب المياه، وحرب البحار، وحرب القنوات المائية، وحرب المخدرات، وحرب السلاح، والضغوطات القوية التي يرزح تحتها ـ تحديداً ـ العالم النامي ـ كما أطلقوا عليه ـ هي الديون التي استطاعت أن تلعب أمريكا مع المنظمات الأممية لعبتها لتوقعهم في شراكها.. وكم من الدول وقعت ضحية للبنك الدول.. وغيره من المنظمات. وسياسة فرق تسد البريطانية الصنع.


يقدر ميشال فوشيه في كتابه جبهات وحدود أن 252 ألف كلم هي الحدود التي تقسم الكوكب، ويلاحظ أن أكثر من 60% منها قد رسمتها قوات خارجية[2]

الاثنين، 10 يوليو 2017

الحرب القذرة على العالم 23

 

  • صناعة الطغيان (1)


سنحرمكم من العدو


" التاريخ هو المنتج الأكثر خطورة من بين ما حضّرته كيمياء العقل،
يبعث على الحلم ويسكر، يولد ذكريات وهمية، ويحافظ على الجروح القديمة، يقود إلى هذيان العظمة أو إلى هذيان الاضطهاد" بول فا يري

صرخ، مستشار الرئيس غورباتشوف، الكسندر أرباتوف الآن " سنقدم لكم أسوأ خدمة، سنحرمكم من العدو!"[1] ويا له من مشهد مأساوي أن لا يكون لأمريكا عدواً، ويا لها من ديمقراطية أن لا يقابلها استبداد، وأن يموت طغاة أمريكا اللاتينية أو الوسطى. ستتوقف الآن الشاشة الذهبية عن البث، وستُغلق دور السينما في أمريكا، لم يعد هناك خطر أحمر، ليس من جيمس بوند، لقد انتهى كل شيء.. انتهى الكاوبوي.. انتهى رامبو. شيء محزن للسياسي التاجر أن تتهاوى الكتلة الشيعية هكذا، وأن تموت حرباً عاشت لسنوات كي تحفز كل جانب من أجل أن يحرك الناس، وأن يتلاعب بعقولهم، عبر وهم تم بناؤه لأكثر من خمسين سنة تقريباً.

الاثنين، 5 يونيو 2017

الحرب القذرة على العالم (20)

حصان طروادة أو داعش!!


في خبر تناولته وكالة الأنباء الألمانية قال السكان في العراق : إن تنظيم داعش قام بسحب مئات دواوين الشعر العربي والكتب الأخرى التي تتحدث عن الغزل والغرام وقام بإحراقها في سوق شارع النجيفي وسط الموصل بعد إعلان التنظيم، أن تداول هذه الكتب حرام وعلى أهالي مدينة الموصل عدم قراءة هذا النوع من الكتب.

هذا هو الوجه الآخر والوجه الأول هو : ما اودته صاحبة كتاب " من الذي دفع للزمار" حين قام  السيناتور مكارثي بحملة كبيرة أتلف فيها آلاف الكتب والوثائق من المكتبات العامة والخاصة التي تتحدث عن الشيوعية ، وتم تدمير عشرات اللوحات للرسامين السوفيت الموجودة في المتاحف الأميركية فضلا عن تطهير المكتبات العامة من أعمال  سيجموند فرويد، وكتابات انشتاين وكتابات جون ريد والأعمال الروائية لتوماس مان، كانت عمليات التطهير الثقافي في البلاد تجري بسرعة مخلفة وراءها الحرية التي كانت تدافع عنها، كانت المكارثية قصة بطولة زائفة، والفصل الأكثر بؤسا في التاريخ السياسي والثقافي الأمريكي، بعد أفول نجم مكارثي عام 1957م وموته كمدمن على الكحول، حاولت أمريكا بكل الإمكانيات أن تطرد شياطينه من الحياة العامة وان تتخلص من تلك الحقبة العــــار في تاريخها. هل كانت أمريكا تعاني من الرهاب الشيوعي؟  نعم في تلك الحقبة الملتبسة كانت امريكا تعاني الرعب من الخطر الأحمر الذي التهم العالم. [1]

الأساليب واحدة من أمريكا حتى الموصل، لم تتغير مع داعش أو مع الاستخبارات الأمريكية، فهما وجهان لعملة واحدة.. وإيحاءات أن أمريكا صنعت داعش ليست بعيدة؛ فقد طرحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يوم الأحد (21 سبتمبر 2014)، تحقيقا للكاتب ديفيد كيركباتريك، بدأته بالقول "إن الولايات المتحدة تنفذ حملة متصاعدة من الضربات الجوية القاتلة ضد مسلحي جماعة "داعش" منذ أكثر من شهر، لكن هذا لم يفعل الكثير للقضاء على نظريات المؤامرة التي تدور في شوارع بغداد حتى أعلى مستوى في الحكومة العراقية، من أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية(CIA) تقف سرًّا وراء المسلحين الذين تهاجمهم الآن."

وأوردت الصحيفة من تظاهرة لنائب رئيس الوزراء العراقي بهاء الأعرجي دعا إليها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للتحذير من الانتشار المحتمل لجنود مشاة أمريكيين: وقال فيها " نحن نعلم من صنع داعش". وكان الصدر قد وجه اللوم علنًا إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في صناعة داعش في نفس الأسبوع الذي نشر فيه هذا التحقيق.

بينما سمعنا الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب وهو يردد أن إدارة أوباما هي التي أوجدت تنظيم داعش، وأن هيلاري كلنتون ساهمت في صناعتها أيضاً.

وفي كتابه " تدمير العالم " أكد المحامي العالمي ، أستاذ القانون الدولي في جامعة الينوى الأمريكية ، البروفيسور فرانسيس بويل أن واشنطن صنعت تنظيم "داعش" وفق مواصفات تخدم أهدافها الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، كما خلقت من قبل القاعدة .

وأشار المحامي، إلى أن لديه من المعطيات والوثائق التي تثبت بأن حروب واشنطن على العراق التي وصفها بأنها حروب إبادة قتلت قرابة ثلاثة ملايين عراقي. واعتبر الاحتلال الفعلي للعراق أنه لا يمكن أن يحفظ سيادة الدولة المحتلة؛ ولا يستطيع نقل ما تبقى من سيادة الدولة إلى أيدي "حكومة شكلية". وقال إن قرارات مجلس الأمن 1441، 1500، 1511، الصادرة عام 2003، توضح إلى أي مدى أصبحت الأمم المتحدة خاضعة لهيمنة الولايات المتحدة. وأن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان لعب دوراً ضعيفا في فترة التحضير للحرب. كما أن المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة تعطي الأمين العام الصلاحيات لعقد اجتماعات طارئة لمجلس الأمن لتفادي الحرب. وعلى هذا الأساس يمكن اعتبر كبار موظفي الأمم المتحدة وكوفي عنان متواطئين مشاركين في الحرب العدوانية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق.

وتوقع بويل أن يسقط ألوف المدنيين جراء الحملة الأمريكية الجديدة التي قال إن أحد أهدافها الرئيسة هو إسقاط نظام بشار الأسد في سورية .

خلية التتدمير


أرأيتم الفيروس الذي يعشعش في أجهزتكم ويسمى " حصان طروادة " إنه ذات التنظيم الذي يعشعش في وسط العرب.. بحيث أنه يسير بيننا ولا نعلم في أي مكان هو موجود، إنما هو يسير بهدوء ليدمر فقط، أو ليثقل حركة المجتمعات العربية، حتى تتهالك ومن ثم ينقض عليها.. كانقضاض " الهكر " على جهازك الضعيف.

ومن هنا جاءت تسميته بتنظيم الدولة الإسلامية، أي أن نسبته إلى الإسلام متعمدة، من أجل تحقيق أهدافه، وقد رأينا وقرأنا عن الكثير ممن انتسبوا إليه في البداية وكيف أن شباب الإسلام قد خدعوا فيه، وانخدعوا برسالته، وحين اكتشفوا الكذبة التي صنعتها بدأوا ينسحبون منه واحداً تلو الآخر، إلى أن بدأ السياسيون داخل أمريكا الحديث عنه وعن صناعته، وعمن أوجده، وأظهر له الصفة التي يُراد لها أن تكون لتحقيق أهداف وأجندة أمريكا في المنطقة، بالتعاون مع إيران ومن قبل وباستمرار بالتعاون مع إسرائيل.. بمباركة كاملة لما تفعله الماسونية في العالم من البابا، ولا تستغربوا أن أحشره هنا لأنه في شهر 6 ظهر وهو يقبل يد الماسوني روتشلد، واقرأوا قصة هذه العائلة[2] منذ تأسيس الماسونسة إلى اليوم وما هو الدور الذي تلعبه في العالم.  ( راجع كتاب " أحجار على رقعة الشطرنج" مثلاً.)

إن تنظيم الدولة الإسلامية كما أسموه هو الحركة التي يسعى الغرب بل بالأحرى الفكر الأمريكي عبره إلى تدمير الإسلام والمسلمين، ووجوده وسط الفوضى في العراق وسوريا يدلل على أن من استخدمه يريد تحقيق " فوضاه " في هذا الجزء من العالم، والتنظيم كما هو معروف مسلح ولا أحد يعرف من أين يأتي بالأسلحة، ويعيش على متناقضات ما بين سوريا والعراق، ولكنه أراد التمدد وإلى الآن لم ينجح في دول كاليمن، لأن هناك من يقف أمامه ويعي توجهاته وتحركاته جيداً، بينما في ليبيا المناطق المتحارب فيها تشبه الحرب القبلية وهم لا يستطيعون الخوض فيها لأنها خطرة عليهم ولا يقفون أمامها فالفهم في هذه الحرب لا يقوم على أجندة سياسية مرسومة لهم، بل يقوم على تنافر فيما بينهم أولاً وعلى إملااءات تأتيهم إلى أن يتجهوا ثانياً!!.. لهذا لم يكتب له النجاح في ليبيا حتى الآن، وفي سيناء والصومال ونيجيريا وباكستان جميع التنظيمات تتخذ من العصبية مكاناً لها، وهذا التنظيم لا مكان لهم في عصبياتهم، رغم اعتراف " بوكو حرام" بتنظيم داعش ومبايعته له.

العمليات التي اتبعها هذا التنظيم قامت على تهويل الأمور عبر التطهير العرقي، وعبر ممارسات لا دينية، ولا تمت للإنسانية بصلة. وقد ألمحنا إلى عمليات قطع الرؤوس من قبل التنظيم وبين ما كان يفعله الـ " فارك" في كولومبيا، وعبر انتهاكات جمة لحقوق الإنسان كما قالت المنظمات الأممية، التي تعمل تحت ريموت الولايات المتحدة الأمريكية.

إن الجميع في العالم يعي تمام الوعي أن هذا التنظيم وُلد بيد استخباراتية، لا دين لها، ولا تمتلك أدنى رحمة تجاه الإنسان، بل إن المقدس لديها هو مصالحها فقط، وهذه الشريعة التي تنتهجها هي شريعة أوجدها الطغاة، ولا تحمل رسالة إنسانية في منهجها، بل تحمل التدمير وتدعو إلى انحلال وانحدار الإنسان إلى أدنى مستوى بحيث يشبه الحيوان ويكون مسيراً لا مخيراً بيد زمرة فاسدة في هذا الكون.

كان تنظيم القاعدة في العراق الذي أسسه وبناه أبو مصعب الزرقاوي في عام 2004م، هو الذي في الواجهة فرأت المصالح الأمريكية أنه لم يعد يخدم توجهها وأن أسطورة أسامة بن لادن تلاشت في أذهان العالم، وأنها باتت خدعة ارتبطت في أذهان هذا العالم بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولهذا تخلت عنها أمريكا فهي تذكرها بفعل خبيث قامت به، وهو عار على حكومة بوش التي سطرت الدم في قلب أمريكا، وخصوصاً بعد تصاعد القراءات لأحداث سبتمبر وتعددها وتشكيكها في أن الاستخبارات لها يد في حادثة البرجين. فتركت كل هذا جانباً وأظهرت أسطورة جديدة بدأت بوحشية في ظهورها، وفي مشاهد سينمائية لا يصورها إلا أهل هوليوود؛ قطع رؤوس، حرق، رمي من الأسطح، إغراق في المياه، بيع النساء.. أفلام سينمائية كان يقوم بها هذا التنظيم على مرأى ومسمع من عاصمة السينما العالمية. إلى أن فُتحت الممرات له لاحتلال جزء من العراق من أجل تحقيق هدف " الفوضى الخلاقة " التي طبخها بوش وكونداليزا ومررها ورتبها في العراق وسوريا الملا أوباما. وتأكدت فكرة وجود " داعش " بشكل حقيقي عام 2006 حين أعلن مجلس شورى المجاهدين بضم القاعدة عن تأسيس اقليم سنيأو دولة سنية سميت بالدولة الإسلامية في العراق.

ومنذ عام 2014، وتحت قيادة أبو بكر البغدادي، انتشر تنظيم داعش بشكل ملحوظ، وحصلت على الدعم في العراق بسبب التمييز الاقتصادي والسياسي المزعوم ضد السنة العراقيين العرب، وتم لها وجود كبير في المحافظات السورية من الرقة وإدلب ودير الزور وحلب بعد الدخول في الحرب الأهلية السورية.[3]

سنلحظ في التطور الذي ناله التنظيم من عام 2004 حتى عام 2014 أنه قفز في عامه الأخير بعدد جنوده من 4000 إلى 80 ألف ـ بحسب المرصد السوري بحيث ذكر أن 50 الف في سوريا و30 ألف في العراق ـ  وهو عدد كبير جداً يتكون خلال عام واحد، بينما كان في الأعوام التي سبقت يشبه الخلابا النائمة، هذا التطور جاء في عام التدخل الإيراني أو الطبخة الخمينية المالكية الأوبامية وكانت سيطرته على العراق واضحة جداً بعد عودته من سوريا، وحديث المالكي قبيل الانتخابات العراقية الثانية، وهو يقول في حديث تلفزيوني " إن العراق أمام أربعة سيناريوهات " وذكر منها التقسيم الثلاثي بل شدد على هذه الجزئية تماماً " التقسيم الثلاثي" وكأنه يقدم إيحاءاته للتنظيم لكي يهجم على العراق، وهو ما حدث بعد شهر من إعادة انتخاب المالكي رئيسا، حيث فتح المجال للتنظيم لكي يقتطع الجزء السني من أجل تحقيق غاياته في العراق، وإرساء الوجود الفارسي فيه.

إن انطلاقة " داعش " جاءت مع إيحاءات المرحلة الجديدة وهي العمل على استراتيجية " الفوضى الخلاقة" وكان الهدف من ظهوره هو الآتي:

ـ دخوله سوريا وتفتيت المقاومة.

ـ  إقامة الخلافة وفق ما يدعون , في المناطق ذات الأغلبية السنية في العراق.

ـ السعي إلى تقسيم العراق لثلاث مناطق سنية شيعية كردية.

ـ السعي إلى تقسيم سوريا لأربع مناطق، علوية ، سنية، مسيحية.

ـ السعي إلى إثارة الرعب من المسلمين.

ـ العمل على إثارة الرعب في البلاد العربية، والعمل على خلخلة المجتمعات المتماسكة فيها.

ـ اشغال الرأي العام عن الحقيقة التي يعيشها العالم العربي بوهم " داعش".

ـ تقويض كل مساعي السلام في المنطقة التي تدعو لها الأطراف العاقلة، أو التي تسعى لها هذه الأطراف.

ظهور الفيروس


بايعت جماعة التوحيد والجهاد، بزعامة أبي مصعب الزرقاوي، في عام 2004، زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين٬ وتطور التنظيم وأصبح واحدا من أقوى التنظيمات في ساحة الفوضى التي خلقتها أمريكا في العراق، وبدأ يبسط نفوذه على مناطق واسعة من العراق. ولكن عام 2006م شهد تحولاً في مسيرة هذه الجماعة وذلك حين خرج الزرقاوي على الملإ في شريط مصور معلنا عن تشكيل مجلس شورى المجاهدين٬ بزعامة عبدالله رشيد البغدادي٬ ولكن الزرقاوي قُتل في نفس الشهر واختير أبو حمزة المهاجر زعيما للتنظيم٬ لتختتم هذه الجماعة تلك السنة بإعلان تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبي عمر البغدادي.

 

التسلسل الزمني لداعش:

ـ في أكتوبر 2004م، أعلن الزرقاوي البيعة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وقام بتغيير اسم جماعته لتنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، وعُرفت باسم تنظيم القاعدة في العراق.

ـ في يناير 2006، اندمج التنظيم مع مجموعة من التنظيمات الأخرى وشكلوا مجلس شورى المجاهدين في العراق.

ـ في 12 أكتوبر 2006، اندمج التنظيم مع عدة تنظيمات أخرى، وفي 13 أكتوبر تم إعلان اسمه الجديد دولة العراق الإسلامية.

ـ في ابريل 2010 وبعد مقتل أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر تم اختيار البغدادي خليفة له والناصر لدين الله سليمان وزيرا للحرب.

ـ في 8 أبريل 2013، توسَّع التنظيم إلى سوريا، وتبنى اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وأُطلق عليه اسم داعش اختصارًا من أولى حروف اسمه رفضت داعش هذا الاسم.

ـ في 2014، قام مسؤولون حكوميون أمريكيون بالتحويل من استخدام ISIL اختصارًا لاسم التنظيم (من الإنجليزية: Islmic State of Iraq and the Levant) إلى استخدام DAESH.

ـ في 29 يونيو 2014م، أعلن التنظيم تغيير اسمه مرة أخرى إلى الدولة الإسلامية فقط، معلنًا نيته إقامة "خلافة عالمية".

يتبع..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]

[2]

[3]