الجمعة، 30 سبتمبر 2016

نزع سلاح إيران.. وقصة التخريب

بعد 10 سنوات من المحادثات الفاشلة والعقوبات الدولية المكلفة، فالجهود المبذولة لمنع إيران من التوسع في برنامجها النووي أخذت مسار العملية الدبلوماسية، وأدى الاتفاق النووي في العام 2015 إلى تأثير هز منطقة الشرق الأوسط، والتي كانت بالفعل في حالة اضطراب وأدى إلى تحول في العلاقات المضطربة بين إيران والولايات المتحدة.

وأثر الاتفاق على واشنطن أيضا، في حين أن إيران منذ فترة طويلة كانت مصدرا للاتفاق بين الحزبين والمفاوضات التي على الفور حولت العلاقات مع البلاد إلى قضية مانعة للصواعق بين الجمهوريين والديمقراطيين، وانتشرت حملة كبيرة للرئيس أوباما لمنع الكونغرس من رفض الاتفاقية، وسواء كان جيدًا أو سيّئًا، فالاتفاق النووي الإيراني يحتمل جزءا رئيسيا من إرثه.

وكان هناك كتاب جديد للمراسل بصحيفة “وول ستريت جورنال”، جاي سولومون، بعنوان “حروب إيران”، والذي يعرض التطورات التي مهدت الطريق للاتفاق، ويستكشف الكتاب المناوشات المتنوعة بين الطموحات الإيرانية وإسقاط السلطة الأمريكية على الأزمة النووية لمدة 10 سنوات في ميادين القتال، وفي النظام المصرفي، من خلال المناورات السرية والتوعية العامة، في أفغانستان والعراق وسوريا وفي الحملة المضادة لتنظيم الدولة، وسرد سولومون الاستجابة الأمريكية المبتكرة والتوسعية للتهديد الإيراني الذي شكل مساهمة قيمة في المناقشة التي كثيرا ما قدمت إيران من بعد واحد.

وقام سولومون بتغطية الكثير من النواحي بشكل سريع، واستغنى عن القصة المشحونة للعلاقات الأمريكية مع النظام الملكي في إيران، فضلا عن إثارة ثورة عام 1979 نفسها في أقل من صفحة واحدة، وعلى الرغم من بعض الإسقاطات في بعض الأحيان على طهران، فإن “حروب إيران” لا يبذل الكثير من الجهد في التفكير فيما دفع إلى اتخاذ القرار الإيراني المتعلق بالقضية النووية أو نهجها في العالم.

 

ويقدم الكتاب رؤية مثيرة للاهتمام فينا يتعلق بالمواجهة الثنائية، واصفا نشر واشنطن للعقوبات المالية والهجمات الإلكترونية بأنها “حقبة جديدة في تاريخ الأمن القومي الأمريكي والدبلوماسية”، ولم يكتشف سولومون حينها الآثار المترتبة على تلك التطورات في السياسة المستقبلية.

ويعد هذا أمرا مؤسفا، لأنه كما يؤكد الكتاب، فالحملة التي تقودها الولايات المتحدة لفرض الدبلوماسية الاقتصادية قد تكون هي التطور الأكثر تأثيرا على “حروب إيران”. ومنذ عام 1979، كانت واشنطن دائما ما تعتمد على فرض العقوبات لمواجهة التحدي الإيراني، ولكن التردد الدولي في التعاون أضعف من تأثيرها. وتغير كل ذلك على مدى السنوات الـ15 الماضية، حيث إن استخدام سلطات مكافحة الإرهاب التي نشأت بعد هجمات 11/9، وضعت وزارة الخزانة تدابير مالية ماحقة، والتي قطعت الطريق أمام إيران تدريجيًا للوصول إلى النظام المصرفي الدولي.

وما قام به سولومون بشكل جيد هو ذكر الوقائع المتعلقة بكيفية القيام بذلك بالضبط، وكيف قامت واشنطن بجهود للضغط على خط طهران السفلي، بما في ذلك من دعاوى قضائية، بتأييد من المؤسسات المالية الدولية و”لعبة المطاردة العالمية”.

ويركز الكتاب على المبارزة الشرسة بين الكونغرس والبيت الأبيض في عهد أوباما فيما يتعلق بوتيرة ونطاق العقوبات التي كثفت من السياسات الحزبية خلال المفاوضات النووية الأخيرة. ولكن تركيز سولومون على السياسة الداخلية للعقوبات يتغاضى بشكل كبير عن العوامل التي سهلت من فاعليتها، مثل الدبلوماسية شديدة التدقيق واللازمة لخلق إجماع متعدد الأطراف حول العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وظهور إمدادات الطاقة غير التقليدية وتباطؤ النمو العالمي الذي قلل من الحاجة إلى صادرات النفط الإيراني. وحاليا يتم النظر للعقوبات بشكل واسع على أنها الرصاصة الفضية، عندما يتعلق الأمر بمعاقبة بلد على سلوكها، ولكن تكرار هذه الشروط ومعايرة العقوبات نفسها قد يكون أكثر صعوبة مما تم فهمه في البداية.

كان كتاب “حروب إيران” يشكك بشكل واضح في ارتباط واشنطن بإيران والاتفاق النووي الأخير. وبحسب رواية سولومون، كانت جهود أوباما للوصول إلى طهران بمثابة “هوس”، والإدارة “استسلمت” للمساومة. وينظر إلى تكاليف الاتفاق على أنها “كبيرة”، والنتائج التحذيرية غير معقولة، مثل البرنامج السعودي النووي المحتمل، والذي يعد عمليا أمر لا مفر منه. في حين أن الاتفاق يخضع إلى إجراءات تحقيقية وتدخلية فريدة والتي خلقت تأييدا قويا من خبراء منع انتشار الأسلحة النووية، والذين تغاضوا عنها إلى حد كبير.

وفي بعض الأحيان يتم تشويه التحليلات، كما هو الحال في التلميح المبسط والمتعلق بالتهديدات الإيرانية بمغادرة المحادثات التي أثنت أوباما عن اتخاذ إجراءات ضد سوريا في عام 2013. ومثل هذا الكلام المنمق من طهران كان روتينيا، كما فشل سولومون في ذكر مجموعة العوامل الأخرى التي شكلت خيارات البيت الأبيض، بما في ذلك معارضة الكونغرس الملفوظة للضربات الجوية، والتي ستخدم السجل التاريخي.

إن كتاب “حروب إيران” يطلق أول دفعة في طريق تكملة نقاش العام الماضي حول الاتفاق، متجاوزا المناوشات حول شروط الاتفاق والانتقال إلى سؤال أكثر وضوحا، وهو هل سينجح؟، لقد اقترب سولومون من الاتفاق النووي كإجراء محدد، قام أوباما وغيره من كبار المسؤولين بوصفه مرارا وتكرارا، ولكن كمشروع تحولي يهدف إلى تسهيل التقارب الثنائي ونظام إقليمي جديد. وعلى هذا الأساس، يرى سولومون أن هناك الكثير مما يدعو للتفاؤل، وخلص إلى أن “الإدارة الأمريكية المقبلة ينبغي عليها الاستعداد لمواجهة نظام إيراني فقط كنظام معادي للعرب كما كان سابقا”.

وربما قد يوافق العديد من المؤيدين لدبلوماسية أوباما مع إيران، ورغم ذلك، يعد هدف الإدارة في تأجيل مسار طهران لامتلاك أسلحة نووية يجعل هذا التحدي أقل خطورة مما كان متوقعا لولا ذلك. وسيحتاج من سيخلف أوباما إلى توظيف نهج شامل لإيران، و”حروب إيران” يقدم المفيد.

عن النيويورك تايمز والتقرير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك