‏إظهار الرسائل ذات التسميات أعمال صحفية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أعمال صحفية. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 31 ديسمبر 2017

الصليب الأحمر يتستر على الحوثي!!

العمل الإنساني الذي تقوم به المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في اليمن لا يعجب بعض المنظمات الأممية، وتوخي الحذر في العمل العسكري والتصويب المباشر على الأهداف العسكرية ودقتها، أيضاً لا يناسب هؤلاء ولا يعجبهم، ولن يعجبهم بدلالة أنهم كانوا يقيمون في صنعاء، وهو دليل على إعلان توجههم منذ البداية وأنهم مع الانقلابيين، وليسوا مع الحقيقة ولا الشرعية، فلو أنهم مع الحقيقة لكانوا يتحركون في كامل اليمن، أما أن يستقبلوا تقاريرهم من الحوثي ومن ثم يبثونها على العالم، فهذا هو الميل الواضح.

وكي أدلل بوضوح تام، في عام 2015 تم التفاوض بين لجنة الصليب الأحمر والحوثيين لاستعادة نوران حواس أحد أفراد المنظمة المحتجزين لدى الانقلابيين، وتم ذلك في سرية كاملة دون أن تعلن المنظمة عن ذلك، ومر الموضوع مرور الكرام، دون أثر يذكر، أو دون الإشارة إليه في مداراة للحوثي واضحة تماماً.

وقبل أيام عادت مليشيات الحوثي في التفاوض مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بخصوص أحد العاملين التابعين للمنظمة والذي اختطفته المليشيات منذ ما يقارب عاما كاملا وتتحفظ المنظمة عن الإدلاء بأي تصريح أو أية معلومات تشير إلى المختطف. وقطعاً لم يتحدث الصليب الأحمر عن ذلك، لأنه ليس من مصلحة الانقلابيين أن يفتح عليهم باباً من الأبواب التي تسدها، إذ أن اللجنة تعلم مخالفات وانتهاكات الحوثي كبيرة وكثيرة، ولكنها تتعامل معهم برحابة صدر.بل قد لا يستبعد أن مسألة الاختطاف هي مجرد مسرحية بينهما.

بغض النظر عما تفعلة اللجنة في اليمن، فإننا نتساءل: هل بعد هذه الأنباء اتخذت الأمم المتحدة موقفاً من هذا التستر الذي يقوم به أفراد لجنة الصليب؟ وهل حققت في الموضوع؟ نعلم جميعا الإجابة!!

مشكلة المنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة أنها لا تريد لأية حرب أن تكون إنسانية، وأنه يجب على الدول أن تتبع الأساليب الإنسانية فيها مثلما يعمل التحالف العربي، بل يريدون أية حرب أن تكو حرب إبادة مثل البراميل التي يرميها بشار الأسد على شعبه، فهم يقفون يتفرجون دون أن يرتفع لهم صوت، ولن يرتفع لهم صوت طالما عملية إبادة الشعب السوري مستمرة.

نشر هذا المقال في صحيفة اللبلاد

السبت، 9 ديسمبر 2017

تساؤلات البردوني تحرض صنعاء القيام من الموت!!

ويل وويل لأعداء البلاد إذا

ضجّ السكون وهبّت غضبة الثار !

البردوني

خطاب الشاعر اليمني عبدالله البردوني عن صنعاء لم يكن يحمل دلالة المكان فقط بل يحمل وجوهاً كثيرة، يخاطب العقل والعاطفة، يخاطب الجسد، يخاطب الإنسان والإنسانية، يستحضر التاريخ فيه ويتنبأ بالمستقبل، ويقرأ الأحداث التي مرت والتي قد تأتي إن ظلت صنعاء على وضعها ولم تتغير. والصبغة التي يحملها هذا الشعر، ليس عن صنعاء فقط، بل بشكل عام في شعره، هي صبغة السؤال الذي يعد متفرداً فيه من بين كل شعراء العربية، فالسؤال في قصيدِهِ يحمل أبعاداً مستمرة لم تتغير ويريدها أن تشعر وأن تحس بما هي فيه:

أصنعا … ولكنّ متى تأنفين

يقولون قد كنت يوما منيفه؟

متى منك تمضين عجلى إليك ؟

ترين اخضرار الحياة النّظيفه

أمن قلب أغنية من دموع .

ستأتين ..؟ أم من حنايا قذيفه؟

ليست هذه الأسئلة الوحيدة التي يطلقها الشاعر عن هذه الخضراء، بل إنه يستبطن بأسئلته ما سيأتي:

ماذا جرى ..؟ لم يجر شيء هنا

صنعاء لا فرحى … ولا آسفه!!

حالة التردد التي تحدث اليوم في قلب صنعاء، ومنذ الثورة تعيش وهي في حالة من الجمود إذ إنها مشلولة لا تدري ماذا جرى؟ ولكنها تجيب في نفس الوقت فهي لم تفرح لما يحدث وفي نفس الوقت لم تأسف له، فأصيبت في مقتل جراء هذا التردد الذي لم يخرجها من الظلمات إلى النور، وكأني به يوجه رسالته وأيضاً عبر السؤال ليقول للشعب:

أتدرين يا صنعاء ماذا الذي يجري

تموتين في شعب يموت ولا يدري؟

وترتفع وتيرة الموت في قصيدته "مدينة بلا وجه" ويحث من يعيشون فيها على أنكم تدارون موتكم وتستحون منه ولا تريدون للعالم أن يراه، لأن هذا الموت الذي حل بكم مزري، ولا تريدون التخلص منه، ومن عبثيته، رغم أنه في أيديكم وهو طاعون يستشري فيكم ولكنكم تبقون على الأمل بين حناياكم معتقدين أن مولد النور سيأتيكم، بينما ما يحدث أمامكم هو الظلام.

تموتين لكن كلّ يوم وبعدما

تموتين تستحين من موتك المزري

ويمتصّك الطاعون لا تسألينه

إلى كم .. ؟ فيستحلي المقام ويشتري

تموتين لكن في ترقب مولد

فتنسين أو ينساك ميعاده المغري

إن شعر البردوني الذي تركه لليمن يغلب عليه الأنين، وصرخته في قصيدة "مواطن بلا وطن" تستقرئ الحاضر عندما يقول:

مواطن بلا وطن

لأنّه من اليمن

واليوم لم تعد له

مزارع ولا سكن

ولا ظلال حائط

ولا بقايا من فنن

فهو يصف الحالة التي تعيشها اليمن وخصوصاً صنعاء المحتلة من قبل جماعة اتخذت من ثورة الملالي شعاراً لها، فلم تبق لأهل صنعاء وما حولها شيئاً. وها هو يقول في قصيدته "سفاح عمران" لأهل اليمن كافة أنظروا من يسرقكم ومن ينكل بكم، ومن يجوعكم؟ ويتساءل في النهاية من يا أهل صنعاء سينقذ المدينة من شرورهم:

يا سارق اللّقمات من

أفواه أطفال المدينه

يا ناهب الغفوات ، من

أجفان صنعاء السّجينه

من ذا يكفّ يديك ، عن عصر الجراحات الثخينه

إن جحيم الدمار الذي خلفه الحوثي في صنعاء، وتفشي الأمراض فيها يحيلنا إلى تساؤليته الكبيرة لأبي تمام التي يقول فيها:

مـاذا أحـدث عـن صـنعاء يا أبتي؟

مـليحة عـاشقاها: الـسل والـجرب

مـاتت بصندوق وضـاح بلا ثمن

ولـم يمت في حشاها العشق والطرب

صورة تنبئ عن أن أهل صنعاء يحبون الحياة ويريدون العيش بعيداً عن المنغصات التي هم فيها الآن فرغم الموت إلا العشق والطرب ما زال في الأحشاء.. ولهذا يُوجد الشاعر الأمل وهو يسأل أبو تمام:

ألا تـرى يـا أبـا تـمام بـارقنا

(إن الـسماء تـرجى حـين تحتجب)

وعلى الرغم من هذا التفاؤل الذي وجهه نحو "أبي تمام" كرمز لعروبة اليمن، إلا أنه يرى ببصيرة فظاعة الأمر الذي تمر به صنعاء واليمن هذه الأيام، حين يقول:

فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري

وهل تدرين يا صنعاء من المستعمر السري

غزاة لا أشاهدهم وسيف الغزو في صدري

ولعبة الموت في صنعاء تكررت في قصائد الشاعر وتأخذ عدة نواح، وترتبط بالزمن وبالشخص وبالمكان، وهناك انتظار دوما لميلاد جديد في هذه الخضراء التي تأبى أن تستسلم وأن تبقى على متناقضاتها دون أن تقف ولو للحظة واحدة، وقصيدة "صنعاء والموت والميلاد" تحمل دلالاتها البعد الذي يردده الشاعر وهو أن تكرار الموت والميلاد سمة قائمة في "صنعاء"



ولدت صنعاء بسبتمبر

كي تلقى الموت بنوفمبر

لكن كي تولد ثانية

في مايو … أو في أكتوبر

في أوّل كانون الثاني أو في الثاني من ديسمبر

مادامت هجعتها حبلى

فولادتها لن تتأخّر

رغم الغثيان تحنّ إلى :

أوجاع الطلّق ولا تضجر

ينبي عن مولدها الآتي

شفق دام فجر أشقر

أشلاء تخفق كالذكرى

وتنام لتحلم بالمحشر

ورماد نهار صيفي

ودخان كالحلم الأسمر

ونداء خلف نداءات

لا تنسى (عبلة) يا (عنتر)

وتظلّ تموت لكي تحيا

وتموت لكي تحيا أكثر

وأخيرا هل سنبقى نردد مع الشاعر

يا شمس صنعاء الكسول

أما بدا لكِ أن تدوري

أم أننا سنبقي حالة الموت في صنعاء وسنردد معه:

صنعاء يا أخت القبور

ثوري فإنكِ لم تثوري؟

 

نشرت في ملحق الرياض الثقافي

الخميس، 9 فبراير 2017

التوتر الأمريكي الإيراني يتجاوز التصريحات والعقوبات 1

 

ملف إعلامي عن أمريكا وتصريحاتها ضد إيران


إعداد : مركز الشرق العربي

4/2/2017

عناوين الملف

الوفد :البيت الأبيض: العقوبات على إيران أعدت قبل رئاسة ترامب

الراية :ترامب: إيران تلعب بالنار ولن أكون طيباً معها

الغد الاردنية:عقوبات أميركية جديدة على إيران بعد تجربة الصاروخ البالستي

الاخبار :اوروبا ــ إيران... ضغوط واشنطن ما زالت وازنة

البوابة :وزير الخارجية الألماني يؤيد العقوبات الجديدة على إيران

عربي 21 :إيران تمنع دخول مصارعين أمريكيين ردا على قرار ترامب

الوئام :إيران تقرر رسمياً فرض عقوبات على شخصيات وشركات أمريكية

الوطن الالكترونية :إيران تعلن "الرد بالمثل" على العقوبات الأمريكية

الوطن السورية ":مسؤول إيراني: أميركا أوجدت تنظيم داعش الإرهابي وأرسلت الإرهابيين إلى سورية لقتل الناس

الوفد :"لوس أنجليس تايمز": عقوبات ترامب ضد إيران لا تمس الاتفاق النووي

العين :إيران تشعل الأوضاع وتتحدى العالم بتجارب صاروخية جديدة

البورصة :النفط يرتفع بعد فرض عقوبات على إيران ونشر بيانات أمريكية

فيتو :إيران ترد على العقوبات الأمريكية بمناورات عسكرية كبيرة

فارس نيوز :مسؤول: اميركا والبلدان المهمشة تحاول اعادة ايران الى صدر التهديدات العالمية

الميادين:طهران تتحدّى واشنطن بمناورات دفاعية شمال إيران

ميدل ايست :لا تتفاءلوا كثيرا بالموقف الأميركي من إيران

عيون الخليج :إيران "أكبر دولة راعية للإرهاب"، بحسب وزير الدفاع الأميركي

مصر العربية :مستشار ترامب للأمن القومي: لن نتساهل مع «استفزازات إيران»

صدى البلد :ترامب يشن حرباً كلامية ضد إيران وروسيا وإسرائيل في ثاني أسبوع له في البيت الأبيض.. أمريكا تهاجم بناء المستوطنات في غزة واستمرار الاحتلال الروسي للقرم.. وتهدد إيرانالوان نيوز :ترامب يدق طبول 3 حروب.. وتحرك خطير بعد اتهام إيران بقصف بارجة سعودية

العربى الجديد   :إيران تواجه ترامب في العراق

قناة العالم :تهديدات ترامب ضد ايران والقراءة الخاطئة

بروفيسور إيراني لـCNN: المتشددون بإيران لا يريدون مواجهة ترامب ويجسون نبضه

الجريدة :وزير خارجية إيران: لا نعبأ بتهديدات أميركا

سي ان ان :إيران لترامب: لا تنخدع بـ"تحريض" الملك سلمان ونتنياهو.. واحذر من جرك إلى التهلكة

مصر العربية :ألمانيا تؤيد العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران

اليوم السابع :البيت الأبيض: سنستمر فى الرد على إيران بما يقتضى بعد العقوبات الجديدة

تسنيم :الخارجية الروسية: فرض عقوبات أمريكية جديدة ضد إيران "غير بناء"

بويمن :باب المندب عنوان رد ترامب على "رسالة" طهران

اخباركم :دونالد ترامب يلوح بالخيار العسكري ضد إيران وإنقلاب صنعاء يرفض الربط بينه وبين الخلاف الأمريكي السعودي الإيراني

نافذة : ترامب: إيران تحت الملاحظة بسبب التجربة الصاروخية

الشرق السعودية :ترامب يهاجم إيران ويؤكد أن أمريكا أنقذتها من الانهيار بـ 150 مليار دولار

البوابة :"ترامب": إيران تبتلع العراق أكثر فأكثر

سي ان ان: إيران ترد على تحذير إدارة ترامب: سنواصل أنشطتنا الدفاعية بقوة ولا نحتاج إلى إذن

عربي نيوز :«ترامب»: إيران كادت تنهار لولا «أوباما»

اخبار اليمن :الحوثيون يتنصلون من «إيران» بعد بيان ترامب!

العين :صحيفة أمريكية تحذر ترامب من تكرار خطأ أوباما بعد تحذير إيران

الديار :ترامب : جميع الخيارات مطروحة للرد على تجربة إيران الصاروخية

أهل مصر :بعد التصريحات النارية المتبادلة.. هل تُعجل صواريخ إيران بالحرب مع ترامب

تشرين :بالوسيلة ذاتها “ظريف” يردّ على “ترامب”: إيران لا تعير التهدیدات أي اهتمام

صحيفة سبق  :"تغريدات ترامب" تهزّ الملالي فجراً وتكشف عن ضربة عسكرية وشيكة ضد إيران

مهر :الخارجیة الايرانيّة: قرار فرض عقوبات على أشخاص وكيانات ايرانية غير مشروع

المسار ":إيرانيون يخشون هجمات وعزلة مع تبني ترامب نهجًا متشددًا

الجمعة، 30 سبتمبر 2016

نزع سلاح إيران.. وقصة التخريب

بعد 10 سنوات من المحادثات الفاشلة والعقوبات الدولية المكلفة، فالجهود المبذولة لمنع إيران من التوسع في برنامجها النووي أخذت مسار العملية الدبلوماسية، وأدى الاتفاق النووي في العام 2015 إلى تأثير هز منطقة الشرق الأوسط، والتي كانت بالفعل في حالة اضطراب وأدى إلى تحول في العلاقات المضطربة بين إيران والولايات المتحدة.

وأثر الاتفاق على واشنطن أيضا، في حين أن إيران منذ فترة طويلة كانت مصدرا للاتفاق بين الحزبين والمفاوضات التي على الفور حولت العلاقات مع البلاد إلى قضية مانعة للصواعق بين الجمهوريين والديمقراطيين، وانتشرت حملة كبيرة للرئيس أوباما لمنع الكونغرس من رفض الاتفاقية، وسواء كان جيدًا أو سيّئًا، فالاتفاق النووي الإيراني يحتمل جزءا رئيسيا من إرثه.

وكان هناك كتاب جديد للمراسل بصحيفة “وول ستريت جورنال”، جاي سولومون، بعنوان “حروب إيران”، والذي يعرض التطورات التي مهدت الطريق للاتفاق، ويستكشف الكتاب المناوشات المتنوعة بين الطموحات الإيرانية وإسقاط السلطة الأمريكية على الأزمة النووية لمدة 10 سنوات في ميادين القتال، وفي النظام المصرفي، من خلال المناورات السرية والتوعية العامة، في أفغانستان والعراق وسوريا وفي الحملة المضادة لتنظيم الدولة، وسرد سولومون الاستجابة الأمريكية المبتكرة والتوسعية للتهديد الإيراني الذي شكل مساهمة قيمة في المناقشة التي كثيرا ما قدمت إيران من بعد واحد.

وقام سولومون بتغطية الكثير من النواحي بشكل سريع، واستغنى عن القصة المشحونة للعلاقات الأمريكية مع النظام الملكي في إيران، فضلا عن إثارة ثورة عام 1979 نفسها في أقل من صفحة واحدة، وعلى الرغم من بعض الإسقاطات في بعض الأحيان على طهران، فإن “حروب إيران” لا يبذل الكثير من الجهد في التفكير فيما دفع إلى اتخاذ القرار الإيراني المتعلق بالقضية النووية أو نهجها في العالم.

 

ويقدم الكتاب رؤية مثيرة للاهتمام فينا يتعلق بالمواجهة الثنائية، واصفا نشر واشنطن للعقوبات المالية والهجمات الإلكترونية بأنها “حقبة جديدة في تاريخ الأمن القومي الأمريكي والدبلوماسية”، ولم يكتشف سولومون حينها الآثار المترتبة على تلك التطورات في السياسة المستقبلية.

ويعد هذا أمرا مؤسفا، لأنه كما يؤكد الكتاب، فالحملة التي تقودها الولايات المتحدة لفرض الدبلوماسية الاقتصادية قد تكون هي التطور الأكثر تأثيرا على “حروب إيران”. ومنذ عام 1979، كانت واشنطن دائما ما تعتمد على فرض العقوبات لمواجهة التحدي الإيراني، ولكن التردد الدولي في التعاون أضعف من تأثيرها. وتغير كل ذلك على مدى السنوات الـ15 الماضية، حيث إن استخدام سلطات مكافحة الإرهاب التي نشأت بعد هجمات 11/9، وضعت وزارة الخزانة تدابير مالية ماحقة، والتي قطعت الطريق أمام إيران تدريجيًا للوصول إلى النظام المصرفي الدولي.

وما قام به سولومون بشكل جيد هو ذكر الوقائع المتعلقة بكيفية القيام بذلك بالضبط، وكيف قامت واشنطن بجهود للضغط على خط طهران السفلي، بما في ذلك من دعاوى قضائية، بتأييد من المؤسسات المالية الدولية و”لعبة المطاردة العالمية”.

ويركز الكتاب على المبارزة الشرسة بين الكونغرس والبيت الأبيض في عهد أوباما فيما يتعلق بوتيرة ونطاق العقوبات التي كثفت من السياسات الحزبية خلال المفاوضات النووية الأخيرة. ولكن تركيز سولومون على السياسة الداخلية للعقوبات يتغاضى بشكل كبير عن العوامل التي سهلت من فاعليتها، مثل الدبلوماسية شديدة التدقيق واللازمة لخلق إجماع متعدد الأطراف حول العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وظهور إمدادات الطاقة غير التقليدية وتباطؤ النمو العالمي الذي قلل من الحاجة إلى صادرات النفط الإيراني. وحاليا يتم النظر للعقوبات بشكل واسع على أنها الرصاصة الفضية، عندما يتعلق الأمر بمعاقبة بلد على سلوكها، ولكن تكرار هذه الشروط ومعايرة العقوبات نفسها قد يكون أكثر صعوبة مما تم فهمه في البداية.

كان كتاب “حروب إيران” يشكك بشكل واضح في ارتباط واشنطن بإيران والاتفاق النووي الأخير. وبحسب رواية سولومون، كانت جهود أوباما للوصول إلى طهران بمثابة “هوس”، والإدارة “استسلمت” للمساومة. وينظر إلى تكاليف الاتفاق على أنها “كبيرة”، والنتائج التحذيرية غير معقولة، مثل البرنامج السعودي النووي المحتمل، والذي يعد عمليا أمر لا مفر منه. في حين أن الاتفاق يخضع إلى إجراءات تحقيقية وتدخلية فريدة والتي خلقت تأييدا قويا من خبراء منع انتشار الأسلحة النووية، والذين تغاضوا عنها إلى حد كبير.

وفي بعض الأحيان يتم تشويه التحليلات، كما هو الحال في التلميح المبسط والمتعلق بالتهديدات الإيرانية بمغادرة المحادثات التي أثنت أوباما عن اتخاذ إجراءات ضد سوريا في عام 2013. ومثل هذا الكلام المنمق من طهران كان روتينيا، كما فشل سولومون في ذكر مجموعة العوامل الأخرى التي شكلت خيارات البيت الأبيض، بما في ذلك معارضة الكونغرس الملفوظة للضربات الجوية، والتي ستخدم السجل التاريخي.

إن كتاب “حروب إيران” يطلق أول دفعة في طريق تكملة نقاش العام الماضي حول الاتفاق، متجاوزا المناوشات حول شروط الاتفاق والانتقال إلى سؤال أكثر وضوحا، وهو هل سينجح؟، لقد اقترب سولومون من الاتفاق النووي كإجراء محدد، قام أوباما وغيره من كبار المسؤولين بوصفه مرارا وتكرارا، ولكن كمشروع تحولي يهدف إلى تسهيل التقارب الثنائي ونظام إقليمي جديد. وعلى هذا الأساس، يرى سولومون أن هناك الكثير مما يدعو للتفاؤل، وخلص إلى أن “الإدارة الأمريكية المقبلة ينبغي عليها الاستعداد لمواجهة نظام إيراني فقط كنظام معادي للعرب كما كان سابقا”.

وربما قد يوافق العديد من المؤيدين لدبلوماسية أوباما مع إيران، ورغم ذلك، يعد هدف الإدارة في تأجيل مسار طهران لامتلاك أسلحة نووية يجعل هذا التحدي أقل خطورة مما كان متوقعا لولا ذلك. وسيحتاج من سيخلف أوباما إلى توظيف نهج شامل لإيران، و”حروب إيران” يقدم المفيد.

عن النيويورك تايمز والتقرير

الخميس، 9 يوليو 2015

وفاة عميد ساسة العالم سعود الفيصل



 سعود الفيصل رجل أحبَّه أصدقاؤه واحترمه أعداؤه... 


عميد الدبلوماسية  منح المملكة قوة خارجية ﻻ يستهان بها


بوفاته فقدت الدبلوماسية العربية أشهر الشخصيات التي خدمت القضايا العربية والإسلامية.. 





سعود الفيصل










 

من الأرشيف

«لو كان لدي رجل كسعود الفيصل لما تفكك الاتحاد السوفييتي».. هكذا قال رئيس الاتحاد السوفييتي السابق ميخائيل جورباتشوف، قالها عن رجل يعد عميد ساسة العالم، رجل قاد سياسة المملكة العربية السعودية لأربعين سنة مضت، وقد شهد له القاصي قبل الداني في حنكته وحكمته، وقراءته للمواقف السياسية بشكل مستمر أثبتت أنه قارئ للمستقبل وللأحداث قبل وقوعها بشكل جعل وزير خارجية فرنسا يقول عنه إنه « أكبر الساسة في العالم حنكة وحكمة».
ليس من معضلة أمامه في السياسة، فأي شيء يريده يحصل عليه حيث يقول ديفيد ميليبند وزير الخارجية البريطاني السابق: «سعود الفيصل يستطيع أن يحصل على ما يريد، ومنح السعودية قوة خارجيه ﻻ يستهان بها».
إنني عندما حضرت أول مؤتمر لسعود الفيصل وكنت أسعى إلى سؤال هذا العلم لم أكن أشعر بقلق أو توتر لأنني أشعر أنا الذي يراه ويعرفه منذ صغري بل كأن بيني وبينه صلة منذ زمن بعيد، أعتقد أن كل سعودي يشعر بها، كيف لا؟ وهو المألوف لدى الجميع بحديثه الدبلوماسي، وبأسلوبه الذي يختار فيه الكلمات بتؤدة وهدوء ودون انفعال، إلى درجة أن أصبح في قلب كل سعودي وسعودية.
إن رجلا كهذا لو فكرت في تكريمه فلن توفيه حقه حتى لو كتبت كتاباً فهو أسطورة السياسة ليس على مستوى العرب فقط بل على مستوى العالم، وشهود هذا كثير على ما يتمتع به من ذكاء متقد وذهنية عالية، وسرعة بديهة تعكس ما يريد قوله، وتوجه من أمامه نحو الدهشة لسرعة البديهة التي يتمتع بها.
إن عميد ساسة العالم اختار أن يرتاح بعد معارك كبيرة خاضها مع المرض هذه المرة وليس مع الساسة، فسهل أن يتغلب على قرنائه ، ولكن هذا الطارئ الذي نشأ جعله يفضل الراحة بعد عناء الأربعين سنة التي قضى معظمها متنقلاً بين عواصم ومدن العالم كي يحل معضلة أو يشارك في مؤتمر أو يؤسس لمشروع يخدم بلاده أو يخدم الأمتين العربية أو الإسلامية.
لا أستطيع القول إلا شفاه الله وعافاه وامنحوني كسعود الفيصل سأمنحكم قراراً حكيما!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٢٤٣) صفحة (٨) بتاريخ (٣٠-٠٤-٢٠١٥)





 



صورة أرشيفية للأمير سعود الفيصل وهو صغير مع والده وإخوانه




61211211
* محمد الغامدي

يُعد الفيصل أحد أبرز السياسيين، ويحمل في طياته رسائل عديدة تمثلت على مدى أربعة عقود من الدبلوماسية المتسمة بالهدوء والشفافية، والمتجهة بكل وضوح نحو أهدافها، فمنذ أن تسنم حقيبة وزارة الخارجية وهو يدافع عن القضية الفلسطينية وحمل همها كوالده الملك فيصل، وله مواقف عديدة على مستوى العالم، فمما يشهد له وقوفه ضد احتلال الاتحاد السوفيتي آنذاك لأفغانستان، وحمله ملف الحرب الأهلية، ووقوفه ضد حرب الولايات المتحدة للعراق وإعلانه أن السعودية لن تشارك فيها، وحمل ملف إعادة بناء الثقة في الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي شوهت صورة الإسلام في الغرب، ودعا إلى تسليح المعارضة السورية ولم يتم الإنصات إليه آنذاك لتصل سوريا إلى ما وصلت إليه. وتابع موقفه من قضية سوريا وحذّر من تنامي دور إيران في الحرب على سوريا والعراق وعن تدخلها في المنطقة. وشدد في قضية اليمن أن إيران أدت إلى تفاقم الوضع في اليمن عبر الحوثيين. وبرز موقفه جلياً من روسيا في قمة شرم الشيخ الأخيرة حين علق رسالة بوتين: بأن روسيا جزء أساسي من المشكلة في سوريا»

السيرة


سعود الوزير

- صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود
– وزير دولة وعضو بمجلس الوزراء، ومستشار ومبعوث خاص لخادم الحرمين الشريفين، ومشرف على الشؤون الخارجية.
– الميــــلاد من مواليد الطائف في 1940 الموافق 1358هـ.
– المؤهل العلمي بكالوريوس اقتصاد من جامعة برنستون بولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة عام 1964م.
– الحالة الاجتماعية متزوج وله ثلاثة أولاد وثلاث بنات.

العــــمل


- التحق سموه بوزارة البترول والثروة المعدنية، حيث عمل مستشاراً اقتصادياً لوزارة البترول والثروة المعدنية وعضواً في لجنة التنسيق العليا بالوزارة انتقل إلى المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين» وأصبح مسؤولاً عن مكتب العلاقات البترولية الذي يشرف على تنسيق العلاقة بين الوزارة وبترومين بتاريخ 26/ 2/ 1386م عين نائباً لمحافظ بترومين لشؤون التخطيط في 14 /1/ 1390هـ الموافق 22/ 2/ 1970م.
– عين وكيلاً لوزارة البترول والثروة المعدنية في 21/ 4/ 1391 هـ الموافق 15/ 6/ 1971م.
– صدر مرسوم ملكي بتعيينه وزيراً للخارجية في التشكيل الوزاري بتاريخ 8/ 10/ 1395هـ الموافق 13/ 10/ 1975م.

المهام الأخرى


- رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي الأعلى وعضو المجلس الاقتصادي الأعلى.
– عضو المجلس الأعلى للبترول.
– عضو مجلس إدارة الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.
– بحكم عمله كوزير للخارجية كان عضواً في كثير من اللجان العربية والإسلامية مثل اللجنة العربية الخاصة بلبنان ولجنة التضامن العربي واللجنة السباعية العربية ولجنة القدس واللجنة الثلاثية العربية حول لبنان ضمن وزراء خارجية الدول الثلاث وغيرها.



صورة أرشيفية للأمير سعود الفيصل وهو صغير مع والده وإخوانه


وزير الإعلام البحريني : إيران متورطة في تدريب الإرهابيين



وضع وزير شؤون الإعلام البحريني، عيسى بن عبدالرحمن الحمادي، «الشرق» في صورة التحديات الأمنية التي تواجه بلاده.
وأبلغها، خلال اتصال هاتفي أمس، بأن البحرين تخوض شمالاً حرباً ضد «داعش» بصفتها إحدى دول التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، كما تخوض جنوباً حرباً ضد الحوثيين الإرهابيين بصفتها عضواً في تحالف «إعادة الأمل». ولفت في الوقت نفسه إلى مواجهة بلاده التدخلات الإيرانية المستمرة لزعزعة أمن واستقرار دول الشرق الأوسط.
واتهم الحمادي نظام طهران بـ «الاعتماد على أيديولوجية ثيوقراطية تدعم جماعات إرهابية فاشية تستهدف النيل من استقرار دولنا». واعتبر الأحكام التي أصدرها القضاء البحريني أمس الأول بحق 61 منتمياً إلى خلية إرهابية؛ جزءاً من سلسلة الكشف عن دعم النظام الإيراني جماعات وتنظيمات إرهابية.

المحكمة الكبرى الجنائية الأولى في البحرين (الشرق)

وزير إعلام البحرين لـ الشرق: حزب الله العراقي وحرس إيران الثوري يدربان خلايا الإرهاب


الدمام- محمد الغامدي

أكد وزير شؤون الإعلام في مملكة البحرين عيسى بن عبدالرحمن الحمادي أن البحرين تخوض حربا ضد الإرهاب مع التحالف الدولي بالشمال لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك جنوبا مع التحالف الخليجي العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد جماعة الحوثي الإرهابية وفي الوقت نفسه تواجه كما تواجه دول منطقة الشرق الأوسط التدخلات الإيرانية المستمرة لزعزعة أمن واستقرار دولنا حيث أن النظام الإيراني الذي يرتكز على أيديولوجية ثيوقراطية يدعم جماعات إرهابية فاشية تنفذ بالوكالة ما تريده إيران وهو النيل من استقرار دولنا
وقال في تصريحات لـ «الشرق» : عن الخلية الإرهابية التي حوكمت أمس الأول إن «ما صدر من أحكام بحق واحد وستين منتمياً إلى الخلية الإرهابية يأتي ضمن الكشف عن سلسلة متصلة لم تنقطع منذ سنوات طويلة لاكتشاف جماعات وتنظيمات إرهابية يدعمها النظام الإيراني وكان آخرها ما أعلن عنه منذ أيام من القبض على خلية إرهابية أخرى تتبع التنظيم الإرهابي الذي يسمي نفسه «سرايا الأشتر» قياداتها مقيمة بإيران تقوم بالتخطيط والإمداد وتؤمن التدريب الميداني على الأعمال الإجرامية الإرهابية من خلال حزب الله العراقي المدعوم من إيران».
وكانت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى في البحرين، أسقطت الجنسية عن 56 متهما أدينوا بتشكيل خلية إرهابية تستهدف أمن مملكة البحرين، وتسعى إلى نشر الفوضى في أوساط المجتمع، بخلاف سعيها إلى استهداف إحدى السفارات وجسر الملك فهد.



وقال الحمادي: «الأحكام التي صدرت بحق الواحد والستين تنص على إسقاط الجنسية البحرينية عنهم جميعا وبمعاقبة خمسة متهمين بالسجن المؤبد، ومعاقبة 22 متهماً بالسجن لمدة 15 سنة، ومعاقبة 29 متهماً بالسجن لمدة عشر سنوات، ومتهم واحد بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وبتغريم كل منهم خمسمائة دينار، وتغريم ستة متهمين منهم مبلغ عشرة آلاف دينار».
واستندت المحكمة في حيثيات القضية إلى تشكيل البعض من الإرهابيين من تيار الشيرازي، وذلك بتأسيس جماعات متشددة من الشباب البحريني واستغلال صلاتهم الوثيقة بقيادات التيار الصدري في العراق وبعناصر من الحرس الثوري الإيراني، لإلحاق الشباب بدورات عسكرية سرية في العراق وإيران والتدريب على كيفية التخطيط للأعمال الإرهابية». كما أشارت إلى ضبط المتهمين واعترافهم بارتكاب وقائع وضبط أجهزة استقبال وإرسال وهاتف محمول للتحكم عن بعد، وأسلحة محلية الصنع. وأوضح وزير الإعلام البحريني «كانت النيابة العامة قد أسندت إلى المتهمين في غضون الفترة من 2012 حتى ديسمبر 2013م تهما عديدة حيث قام الأول بتأسيس وتنظيم وإدارة جماعة على خلاف القانون اتخذت من الإرهاب وسيلة لها في تحقيق أغراضها ، وقام بتحديد أنشطتها وخططها في استهداف أفراد الشرطة، والمواقع الحيوية، والأمنية، وإحدى السفارات، بغرض إشاعة الفوضى، وإثارة الفتن».
بينما ـ وبحسب الحمادي ـ أسندت لباقي المتهمين جميعاً الانضمام إلى تلك الجماعة الإرهابية مع علمهم بأغراضها، وتلقيهم الأموال اللازمة لذلك والأسلحة النارية والذخائر والمتفجرات، وتخزينها داخل المملكة، وحيازتهم مواد متفجرة وأسلحة نارية وذخائر، بقصد استخدامها في أنشطة تخل بالأمن وتنفيذاً لغرض إرهابي، والتدرب عليها على أيدي عناصر أجنبية لبعضهم، بقصد استخدامها في جرائم إرهابية، وقيام سبعة متهمين باستيراد مواد متفجرة وأسلحة نارية وذخائر، تنفيذاً لغرض إرهابي، وإعانتهم متهمين بجرائم جنايات على الفرار من وجه القضاء مع علمهم بارتكابهم تلك الجنايات، بمساعدتهم على الهروب خارج البلاد، من غير المنافذ القانونية».
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٢٨٨) صفحة (١٥) بتاريخ (١٤-٠٦-٢٠١٥)



 

عسيري لـ الشرق: لاهدنة إلا بتطبيق القرار 2216





لا هدنة مع المتمردين في اليمن إلا بتطبيق القرار الأممي رقم 2216، بحسب المتحدث باسم تحالف “إعادة الأمل” العميد ركن أحمد عسيري.
وقال عسيري، في تصريحاتٍ هاتفية لـ«الشرق»، إنه لا هدنة فعلية الآن مع قوات التمرد. وأكد اعتماد عملية «إعادة الأمل» على شق عسكري وآخر سياسي و«كل يأخذ مساره حتى يتم تطبيق القرار 2216 على أرض الواقع». وينص القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي في منتصف إبريل الماضي؛ على انسحاب المتمردين من المدن التي اجتاحوها وتسليمهم الأسلحة والمعسكرات إلى الدولة مع تمكين الأخيرة من ممارسة عملها.
وعشيَّة بدء مؤتمر حوار يمني – يمني في جنيف؛ لم تعلن جماعة الحوثي عن تنفيذها أياً من هذه البنود. في سياقٍ متصل؛ نفى عسيري أن تكون له حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. يأتي ذلك بعدما نقل مغردون عن حسابٍ مزوَّر باسمه ما يفيد بمقتل عبدالملك الحوثي إثر ضربةٍ جوية.
وبلهجة حاسمة؛ قال «لا يوجد لا لي ولا لأي أحد من قيادات التحالف أي حساب في هذه المواقع»، وشدد على أهمية استقاء أخبار «إعادة الأمل» من مصادرها الطبيعية.
إلى ذلك؛ وصف المتحدث الوضع في الحد الجنوبي بقوله «لا يزال كما هو ولم يتغير»، مضيفاً «من المتوقع استهداف الحوثيين الحدود الجنوبية للمملكة بالقذائف».


أكد أنه ليس لديه أي حساب في مواقع التواصل الاجتماعي


العميد عسيري لـ الشرق: لاهدنة مع الحوثيين حتى يتم تطبيق القرار 2216


الدمام ـ محمد الغامدي

أكد المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العميد ركن أحمد عسيري أنه ليس هناك هدنة فعلية بين قوات التحالف والحوثيين وأن عملية «إعادة الأمل» تقوم على شقين الشق العسكري والشق السياسي وكل يأخذ مساره حتى يتم تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216 على أرض الواقع.
وبعد أن تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبر مقتل عبدالملك الحوثي نقلاً عن حساب مزور للعميد عسيري على موقع «تويتر»، «الشرق» تحدثت مع العميد عسيري الذي بدأ كلامه بالقول «شيء جيد أن أستخدم الهاتف الجوال». ونفى نفياً قاطعاً أن يكون لديه حساب في أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي سواء «تويتر» أو «فيسبوك» أو غيرهما، وقال عسيري في تصريحه: «إنه لا يوجد لا لي ولا لأي أحد من قيادات التحالف أي حساب في هذه المواقع».
موضحاً في نفس الوقت أن ما نريد قوله نعلنه من خلال البيان اليومي إن دعت الحاجة إليه. وشدد على أهمية استقاء الأخبار فيما يخص عمليات إعادة الأمل من المصادر الموثوقة وقيادة التحالف، وأوضح أن الموقف في الحد الجنوبي لايزال كما هو، ولم يتغير، وأضاف «إذ إنه من المتوقع استهداف الحوثيين للحدود الجنوبية بالقذائف».
وفي رده على سؤال عن أسماء بعض من قتلوا خلال غارات طائرات التحالف قال عسيري: إن قوات التحالف كعادتها تستهدف أهدافاً ومواقع للانقلابيين، وتقوم بعمليات يومية ولا تستطيع من وقتها معرفة من قتل في هذه الغارات، وكل ما يهم قوات التحالف هو هذه المواقع بغض النظر عن الأشخاص الموجودين في المواقع المستهدفة.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٢٨٨) صفحة (٨) بتاريخ (١٤-٠٦-٢٠١٥)



 

الأحد، 3 مايو 2015

محمد بن سلمان قائد يسطع نجمه وسط العواصف



رجل مجتمع مبادر شبابي يدعم الأعمال الخيرية
سريع البديهة ويتلقى المعلومة بذهنية متَّقدة
شخصية ذات تركيز عالٍ وهمة ونشاط في العمل

كان اختيار الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد وتعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع، ورئيساً لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بناء على قدرات الأمير الشاب؛ حيث حمل قرار خادم الحرمين الشريفين ما يلي: «ولما يتصف به الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز من قدرات كبيرة – ولله الحمد- التي اتضحت للجميع من خلال كل الأعمال والمهام التي أنيطت به، وتمكن – بتوفيق من الله- من أدائها على الوجه الأمثل، ولما يتمتع به من صفات أهَّلته لهذا المنصب، وأنه – بحول الله- قادر على النهوض بالمسؤوليات الجسيمة التي يتطلبها هذا المنصب».
يتسلم وثيقة المساهمة الخاصة بالوقف الخيري لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة

يتسلم وثيقة المساهمة الخاصة بالوقف الخيري لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة




ويأتي هذا أيضاً للتوجه به نحو انتقال وسلاسة السلطة في البيت السعودي «وبناء على ما يقتضيه تحقيق المقاصد الشرعية، بما في ذلك انتقال السلطة وسلاسة تداولها على الوجه الشرعي، وبمن تتوافر فيه الصفات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم، فإن الأمير محمد بن نايف يرشِّح الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ليكون ولياً لولي العهد».
والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أثبت بمجرد دخوله نطاق المسؤولية وبمجرد تسنُّمه المشهد السياسي في البلاد، أنه يحمل صفات القائد، وأنه يحمل في داخله سمات والده الملك سلمان المتسمة بالصفة الإنسانية والمرتبطة بالمجتمع.
والشاب محمد بن سلمان أثبت تفوقه منذ أن كان على مقاعد الدرس، فبخلاف كونه ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة في دراسته العامة، إلا أن أحد أساتذته في الجامعة أوضح أنه «كان سريع البديهة، ويمتلك أفقاً واسعاً، ويتلقى المعلومة بذهنية متقدة».
الأميران محمد بن نايف ومحمد بن سلمان

الأميران محمد بن نايف ومحمد بن سلمان




وإن تخصصه في القانون منحه بعداً آخر نحو قضايا الناس، ولهذا كانت أعماله الخيرية جلية وواضحة للجميع وله مساهمات خيرية؛ حيث تسنَّم رئاسة مجلس إدارة مركز الأمير سلمان للشباب، الذي أُسس بمبادرة من الملك سلمان بن عبدالعزيز لتعزيز جهود المملكة في دعم الشباب وتحقيق طموحاتهم، ونائب الرئيس لجمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري والمشرف على اللجنة التنفيذية للجمعية، التي تشكلت من مجموعة من الأكاديميين وخبراء علم الاجتماع وأعيان المجتمع لتغطية احتياجات أصحاب الدخل المحدود، وهو عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الرياض، وعضو المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية في منطقة الرياض، ورئيس مجلس إدارة مدارس الرياض، والرئيس الفخري للجمعية السعودية للإدارة، وعضو فخري للجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات، ورئيس مجلس الأعضاء الفخريين لجمعية الأيادي الحرفية. كما كان للأمير محمد بن سلمان مناصب خيرية أخرى سابقة منها: عضو مجلس أمناء مؤسسة ابن باز الخيرية، وعضو مجلس إدارة جمعية البر في منطقة الرياض، وأحد مؤسسي جمعية ابن باز الخيرية لتيسير الزواج ورعاية الأسرة. ومنحت مجلة «فوربز الشرق الأوسط» الأمير محمد بن سلمان بصفته رئيساً لمجلس إدارة مركز الأمير سلمان للشباب، جائزة شخصية العام القيادية لدعم رواد الأعمال لعام 2013 تثميناً لجهوده في دعم رواد الأعمال الشباب، وإبراز نجاحات الشباب السعودي للعالم.

ماذا قالوا عنه؟


الأمير محمد بن سلمان يتجاذب أطراف الحديث مع الرئيس اليمني

الأمير محمد بن سلمان يتجاذب أطراف الحديث مع الرئيس اليمني




قال عنه موقع «فرانس 24»: «الرجل القوي والشجاع» جاء هذا بعد تسنُّمه حقيبة وزارة الدفاع وبدء عمليات عاصفة الحزم ضد التممد الحوثي في اليمن.
وقال الموقع الفرنسي على لسان مصدر دبلوماسي إنه «يشرف على كل ما هو مهم في البلاد».
بينما رأى الضابط السابق في الاستخبارات الأمريكية، بروس ريديل، الذي يدير مشروع معهد بروكينجز في واشنطن، أن الأمير الشاب يحظى بـ «موقع ذي نفوذ هائل». وأضاف ريديل بحسب «فرانس 24»: أن الأمير الشاب محمد «معروفٌ عنه أنه متحمس وطموح».
بينما قالت صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، إن تعيين الأمير محمد بن سلمان وليّاً لولي العهد، جعل المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالحيرة، نظراً لقله علمهم بالأمير الشابّ، الذي ظهر نجمه خلال عمليات عاصفة الحزم.
ونصح خبراء سياسيون ومسؤولون في الولايات المتحدة، الإدارة الأمريكية ـ بحسب الصحيفةـ بمحاولة التقرب إلى الأمير محمد بن سلمان ولي ولي عهد المملكة العربية السعودية، مشيرين إلى أن المملكة بقراراتها مصممة بقوة على الاستمرار في لعب دور قوي بالمنطقة.
ورأى نائب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الأمير «شخصية ذات علم واسع، وقدرة عالية على التركيز، ولديه إقبال كبير على العمل، وبذل أفضل ما عنده»، إضافة إلى قيام مسؤول أمريكي آخر، بوصف سموِّه بأنه «ناشط سياسي دؤوب لا يعرف الكلل»، مما جعل عديداً من الخبراء السياسيين الأمريكيين، ينصحون الإدارة الأمريكية، بمحاولة التقرب إلى الأمير.

السيرة


.. ومع الشيخ خالد الصباح

.. ومع الشيخ خالد الصباح




أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مرسومين ملكيين بتاريخ 3/4/1436هـ الموافق 23/1/2015م، يقضي أولهما بتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزيراً للدفاع، ويقضي الثاني بتعيينه رئيساً للديوان الملكي ومستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين.
الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الحاصل على درجة البكالوريوس في القانون اكتسب خبرة كبيرة في القطاعين الخاص والعام منذ تخرجه في جامعة الملك سعود بالرياض.

التعليم


تلقى وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي، الأمير محمد بن سلمان، تعليمه في مدارس الرياض، وكان ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة العربية السعودية، وتلقى خلال فترة تعليمه بعض الدورات والبرامج، وقد حصل على بكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود في الرياض، حيث حاز على الترتيب الثاني على دفعته من كلية القانون والعلوم السياسية.

الخبرات العملية المهنية


الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الوزير هاموند

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الوزير هاموند




• تقلد الأمير محمد بن سلمان عدة مناصب خلال مشواره المهني الذي امتد إلى عشر سنوات، وابتدأه بممارسة العمل الحر، وله عديد من المبادرات والنشاطات الخيرية، حصل من خلالها على عديد من الجوائز.
• قبل البدء في ممارسة مهامه في الخدمة العامة في المملكة العربية السعودية وبعد تخرجه في الجامعة، اكتسب خبرة في مجال الأعمال الدولية وذلك قبل البدء في العمل الحكومي، من خلال عمله مستشاراً متفرغاً في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية وذلك بتاريخ 1428/3/22هـ الموافق 10/ 4/ 2007م، واستمر حتى تاريخ 28/ 12/ 1430هـ الموافق 16 / 12/ 2009م، انتقل بعدها من هيئة الخبراء في المرتبة الحادية عشرة ليكون مستشاراً خاصاً لأمير منطقة الرياض، وذلك بتاريخ 28 / 12/ 1430هـ الموافق 16/ 12/ 2009م، وأثناء ذلك استمر عمله كمستشار غير متفرغ في هيئة الخبراء حتى تاريخ 20- 4- 1434هـ الموافق 3/ 3/ 2013م، كما عمل أميناً عاماً لمركز الرياض للتنافسية، ومستشاراً خاصاً لسمو رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، كما عمل الأمير محمد عضواً في اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية.
• عين الأمير محمد بن سلمان مستشاراً خاصاً للملك سلمان بن عبدالعزيز أثناء شغله منصب أمير منطقة الرياض، وانتقل بعدها من إمارة منطقة الرياض وهو في المرتبة الثالثة عشرة، وعين مستشاراً ومشرفاً على المكتب الخاص والشؤون الخاصة لولي العهد، وذلك بُعيد تولي الملك سلمان ولاية العهد، حتى صدر أمر ملكي بتعيينه رئيساً لديوان ولي العهد ومستشاراً خاصاً له بمرتبة وزير بتاريخ 20/4/1434هـ، الموافق 3/3/2013م.
• وصدر أمر ملكي بتعيينه مشرفاً عاماً على مكتب وزير الدفاع، إضافة إلى عمله، وذلك بتاريخ 5/9/1434هـ، الموافق 13/7/2013م. وفي تاريخ 25/6/1435هـ، الموافق 25/4/2014مـ، صدر أمر ملكي بتعيينه وزيراً للدولة وعضواً في مجلس الوزراء بالإضافة إلى عمله. وبتاريخ 23/11/1435هـ، الموافق 18/9/2014م، صدر قرار تعيينه رئيساً للجنة التنفيذية في دارة الملك عبدالعزيز.
• وصدر قرار ملكي بتعيينه وزيراً للدفاع إضافة إلى عمله بتاريخ 3/4/1436هـ، الموافق 23/1/2015م، وصدر قرار ملكي بتعيينه رئيساً للديوان الملكي ومستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير بالإضافة إلى عمله بتاريخ 3/4/1436هـ، الموافق 23/1/2015م.

المبادرات الخيرية


الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يلتقي السفير الأمريكي

الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يلتقي السفير الأمريكي




• لسموه نشاطات خيرية ومبادرات اجتماعية متعددة، حيث تأثر بعمل والده الملك سلمان بن عبدالعزيز في المجال غير الربحي، وأسس مؤسسة خيرية تحمل اسمه، وهي مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الخيرية «مسك الخيرية» التي يرأس مجلس إدارتها، الهادفة إلى دعم تطوير المشاريع الناشئة والتشجيع على الإبداع في المجتمع السعودي، من خلال تمكين الشباب السعودي وتطويرهم، وتعزيز تقدمهم في ميادين العمل والثقافة والأدب والقطاعات الاجتماعية والتقنية.
للأمير محمد بن سلمان مساهمات خيرية أخرى من خلال المناصب التي يشغلها حالياً:
– رئيس مجلس إدارة مركز الملك سلمان للشباب الذي أُسس بمبادرة من الملك سلمان بن عبدالعزيز من أجل تعزيز جهود المملكة في دعم الشباب وتحقيق طموحاتهم.
– نائب الرئيس لجمعية الملك سلمان للإسكان الخيري والمشرف على اللجنة التنفيذية للجمعية التي تشكلت من مجموعة من الأكاديميين وخبراء علم الاجتماع وأعيان المجتمع لتغطية احتياجات أصحاب الدخل المحدود.
– رئيس مجلس إدارة مدارس الرياض «مدارس غير ربحية».
– رئيس اللجنة التنفيذية في دارة الملك عبدالعزيز.
.. ويصافح الفريق أول أوستن

.. ويصافح الفريق أول أوستن




كما كان للأمير محمد بن سلمان مناصب خيرية أخرى سابقة منها:
– عضو مجلس أمناء مؤسسة ابن باز الخيرية.
– عضو المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية في منطقة الرياض.
– عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الرياض.
– عضو مجلس إدارة جمعية البر في منطقة الرياض.
– الرئيس الفخري للجمعية السعودية للإدارة.
– عضو فخري للجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات.
– رئيس مجلس الأعضاء الفخريين لجمعية الأيادي الحرفية.
– أحد مؤسسي جمعية ابن باز الخيرية لتيسير الزواج ورعاية الأسرة.

الجوائز


• حصل على عديد من الجوائز وكُرِّم في عديد من المحافل ومنها: جائزة شخصية العام الخيرية لدعم رواد الأعمال لعام 2013م، الممنوحة من مجلة «فوربز الشرق الأوسط» بصفته رئيساً لمجلس إدارة مركز الملك سلمان للشباب، تثميناً لجهوده في دعم رواد الأعمال الشباب وإبراز نجاحات الشباب السعودي للعالم.
.. وخلال استقباله اللواء حمد العطية

.. وخلال استقباله اللواء حمد العطية




نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٢٤٦) صفحة (٧) بتاريخ (٠٣-٠٥-٢٠١٥)



الاثنين، 23 مارس 2015

عبقرية المكان في ذاكرة سلمان





الملك سلمان يتجول مع ضيوفه في قصر العوجا







الدمام – محمد الغامدي

استنشاق النَّفَس الروحي يأتي عبر التاريخ، وتسطر ذاكرته كثيراً من المنجزات التي انسكبت في فيض من المشاعر المتراكمة، والموغلة في دلالات الشجاعة والكرم وحسن الضيافة، التي تستعيد عبر ذاكرة المكان «النخوة» لتشير إليها إشارة بأننا أهل كرم ووفاء، وأهل بيت واحد يسعى إلى استمرار اللحمة والتوافق عبر الإرث الكبير الذي نكتنزه في دواخلنا الذي لا يظهر شجونه إلا عبر عبق التاريخ.
ومن هنا جاءت «العوجا» لتكون مزاراً لضيوف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، القارئ، الواعي المثقف، السياسي، الذي يرمي إلى أن التاريخ يحتفي بأهله في بيتهم الحقيقي الأصيل، وأن البيت الخليجي لا تؤثر فيه عوامل الزمن، بل كلما بان عليه الخمول اتجه إلى أصوله فاستعاد نشاطه وهمته، وكتب لحنه الشجي عبر ذكريات المكان لتأتي قراراته وترسم من جديد تلك اللحظات التاريخية التي تقول بدأنا من هنا وها نحن نواصل مسيرتنا بقوة مثلما كنا.
في عمق هذا التاريخ كان استقبال الملك سلمان في قصر العوجا بالدرعية، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومعالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة قطر، ومعالي الشيخ محمد الخالد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة الكويت، الذين تبادلوا فيه الأحاديث الأخوية والشجن التاريخي واستنشقوا عبق الأيام الجميلة؛ ليرسموا المستقبل عبر عبقرية المكان والزمن.

* قالت موضي الدهلاوية في عام 1232هـ:


سر وملفاك العوجا مسيره
ديرة الشيخ بلغها السلام
وهي هنا تشير إلى الدرعية.

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٢٠٥) صفحة (٢) بتاريخ (٢٣-٠٣-٢٠١٥)










الخميس، 2 يناير 2014

حرب قبلية مطعّمة بسياسة التنافر مع الشمال



صراع «كير – مشار» في جنوب السودان.. حربٌ قبلية مُطعَّمة بسياسة التنافر مع الشمال



الزميل الغامدي مع رياك مشار




 





الرياض – محمد الغامدي

يتخوف الوسطاء الأفارقة والدوليون من أن يؤدي القتال في دولة جنوب السودان بين الحكومة وفريق النائب السابق للرئيس، رياك مشار، إلى تأخر محادثات السلام التي ستجري في أديس أبابا.
وحضر زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، الراحل جون قرنق، في المشهد رغم مصرعه في 2005، فأرملته ريبيكا ستكون أحد ممثلي فريق مشار في المفاوضات، كما يُتّهم نجله مبيور بمحاربة الحكومة.
ويخشى المجتمع الدولي من انهيار الدولة الوليدة التي اندلع العنف الأخير فيها في 15 ديسمبر الماضي بعد إقالة نائب الرئيس الدكتور ريك مشار، الذي كانت «الشرق» التقته نهاية شهر فبراير الماضي وكان ألمح في حواره معها إلى عدم التوافق بين كير ورئيس السودان عمر البشير نتيجة فقدان الثقة، داعياً حينها إلى تجاوز مرارة الحرب والتأسيس لعلاقات جيدة.

بواعث الانشقاق


وبعد إبعاد رياك مشار وتعيين رئيس البرلمان، جيمس واني أنيقا، نائباً للرئيس، اتضح الانشقاق داخل الحكومة نفسها، ثم كان القتال الذي تفجر بين مجموعة من الجنود في العاصمة جوبا منتصف ديسمبر المنصرم الشرارة التي عمّت نصف الدولة الوليدة التي أُعلِن استقلالها في صيف 2011.
ووصل المتمردون أمس إلى مدينة بور (عاصمة ولاية جونقلي) وسيطروا عليها، وهي الموقع الاستراتيجي في الولاية.
ويُقدّر قوام الجيش الأبيض بحوالي 25 ألف مقاتل جميعهم من قبيلة «النوير».
وكان وزير الإعلام في جنوب السودان، ميشيل ماكوي، قال إن الجيش الأبيض، وهو ميليشيا مرهوبة الجانب، تتألف بشكل كبير من شبان من قبيلة «النوير» ويغطون أجسادهم بالرماد، وهم في الأساس من المعارضين للرئيس سلفا كير. ويستبعد مشار وقف إطلاق النار على الفور ويربط هذا الإجراء بسير التفاوض. ووصل وفد يمثل فريق مشار إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، للنقاش والتفاوض، وكذا ذهب وفدٌ عن الحكومة. وقالت الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا (إيقاد) الثلاثاء الماضي، إن حكومة جنوب السودان والمتمردين المؤيدين لنائب الرئيس السابق اتفقا على وقف إطلاق النار مع استعدادهم لمحادثات لإنهاء العنف في الدولة الوليدة المنتجة للنفط.

أرملة قرنق تتفاوض


ويشمل الوفد الذي أرسله رياك مشار إلى أديس أبابا ريبيكا قرنق، وهي سياسية نافذة من إثنية الدينكا تحظى باحترام واسع.
وريبيكا هي أرملة زعيم التمرد الجنوبي أثناء الحرب الأهلية، جون قرنق، الذي توفي في حادثة تهشم طائرة عام 2005.
كما يضم ممثلين آخرين اثنين هما الحاكم السابق لولاية الوحدة النفطية التي يسيطر التمرد على جزء كبير منها، تابان دينغ غاي، ونائب الحاكم السابق لولاية جونقلي، حسين مار.
وكرر مشار الثلاثاء الماضي المطالبة بالإفراج عن حلفائه الموقوفين منذ أسبوعين، لا سيما الأمين العام السابق للحزب الحاكم، باقان أموم، الذي عُلِّقَت مهامه في يوليو الماضي على غرار مشار ودينغ غاي.
ويعتقد مشار، بحسب تصريحاتٍ له خلال الـ48 ساعة الماضية، أنه يحتاج إلى أموم لقيادة مفاوضات السلام.
ويتهم سلفا كير نائبه السابق بمحاولة القيام بانقلاب عسكري، لكن رياك مشار ينفي ذلك ويأخذ على الرئيس سعيه إلى تصفية خصومه.
وأدى النزاع حتى الآن إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح 180 ألف شخص، كما أشارت معلومات إلى وقوع مجازر وعمليات اغتصاب وقتل ذات طابع قبلي.
وأوفدت الولايات المتحدة التي كانت راعية استقلال البلاد في 2011 وأكبر داعميها سياسياً واقتصادياً، موفداً إلى جنوب السودان، وتستعد الصين، التي تملك مصالح في القطاع النفطي بجنوب السودان، لإرسال موفد ديبلوماسي إلى جوبا للاتصال بمختلف الأطراف والمساعدة على التفاوض.

الخرطوم حاضرة


ولا تغيب الخرطوم عن هذا المشهد رغم الانفصال، إذ تذهب أصوات إلى القول بأن الدافع الرئيس لهذه الحرب هو محاولة زعزعة التقارب بين الخرطوم وجوبا.
ويعتقد بعضهم أن نجل زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، وهو من قبيلة الدينكا، يشعل النار للقضاء على فرصة عدم التقارب.
وسبق لمبيور جون قرنق أن اتهم الرئيس سلفا كير بالسعى إلى تفرد «الدينكا» بالحكم والاستيلاء على السلطة دون منح حقوق للآخرين، كما عدَّه خائناً لسعيه إلى التقارب مع الخرطوم، وأيده في هذا القول النائب المقال مشار الذي أفصح عن «أن الرئيس كير يسعى لإصلاح علاقاته مع السودان بإقالة بعض مساعديه لصالح بناء علاقة جيدة مع الخرطوم»، وكان مشار متهماً بتخريب العلاقات مع الخرطوم إبان توليه منصب نائب الرئيس.

القبلية تتصدر


وتلعب القبلية دوراً بارزاً في هذه الحرب، وتتمركز القبيلة الأكثر عدداً «الدينكا»، ومنها الرئيس سلفا كير ونجل جون قرنق، في بحر الغزال والنيل الأعلى إلى بحر كردفان، ولكن الانشقاق بين كير ونجل قرنق جعلها تنقسم إلى موالين للحكومة وموالين لابن زعيم الحركة الشعبية.
بينما تعتمد قبيلة «النوير»، التي ينتمي إليها النائب المُقال ريك مشار، على الجيش الأبيض، وهو قوة عسكرية ضاربة في جنوب السودان، ويمتد وجود «النوير» من جنوب بلدة ملكال حتى ولاية الوحدة الغنية بالنفط، التي يسيطر عليها مشار.
ورغم نفي تبعية الجيش الأبيض مباشرةً لمشار، إلا أنه قاتل إلى جانبه في التسعينيات خلال الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب قبل الاستقلال.
وثالث أبرز القبائل هي «الشلك «، وأفرادها أقرب إلى شمال السودان، ولا إسهام واضحاً لهم في الحرب بعكس إسهامهم في العلاقات بين الخرطوم وجوبا رغم قلة عددهم.

جنود من جيش جنوب السودان في بلدة ملكال (رويترز)




نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٧٦٠) صفحة (١٦) بتاريخ (٠٢-٠١-٢٠١٤)




 http://www.alsharq.net.sa/2014/01/02/1038774






الاثنين، 30 ديسمبر 2013

هولاند: المملكة تحارب المتطرفين .. وتعاوننا الدفاعي معها ليس موجّهاً ضد أحد





الرياض – محمد الغامدي

لن نرفع العقوبات المفروضة على إيران إلا بعد التزامها باتفاق جنيف النووي.

قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن باريس على علم بأن المملكة العربية السعودية تعمل على محاربة المتطرفين في سوريا، مشدداً على أن حل المشكلة السورية يكمن في السير في مرحلة انتقالية.
وأكد هولاند، خلال مؤتمرٍ صحفي عقده مساء أمس الأحد في الرياض، أن بلاده تتمتع بشراكة عسكرية وتعاون مشترك دائم مع المملكة، وتابع «اتفقنا على زيادة التعاون الاقتصادي مع المملكة، وهذه الزيارة اشتملت على ملفات سياسية واقتصادية»، معتبراً أن التعاون الدفاعي مع المملكة هدفه استقرار المنطقة وليس موجَّهاً ضد أحد.
وكشف هولاند خلال هذه الزيارة، وهي الثانية له إلى المملكة منذ توليه الرئاسة في فرنسا منتصف العام الماضي، أن هناك شركات عسكرية فرنسية تعمل في المملكة في مجالات الصواريخ والأقمار وبناء السفن والغواصات، مؤكداً أن الشراكة بين البلدين زادت خلال الشهور الماضية.
وأوضح هولاند أن اللجنة ستنعقد في شهر مارس المقبل للنظر في التوجه السعودي لبناء مفاعلات نووية سلمية لأغراض الطاقة، مبيِّناً أن «باريس تنظر بعين الاعتبار إلى التوجه السعودي لبناء مفاعل نووي سلمي، إذ إن هناك لجنة ستنعقد في مارس المقبل لبحث ملف المفاعل النووي السعودي السلمي»، دون أن يحدد الجهات المشاركة في اللجنة.
كما لفت إلى شراكات اقتصادية تم توقيعها في المملكة تتعلق بمشاريع المترو والحافلات التي تنفذها السلطات السعودية.
ووفقاً لهولاند، وقعت المملكة وفرنسا تفاهماً يتعلق بتطوير مشاريع في مجالات الصيدلة والبحوث والمبادرات الجامعية.
وعن الوضع في مصر ولبنان، شدد هولاند على دعم باريس خارطة الطريق الانتقالية في مصر، وتابع بالقول إن «هناك موقفا مشتركا مع الرياض بشأن وحدة واستقلال لبنان».
وعن إيران، قال :لن نرفع العقوبات عن إيران إلا بعد تأكُّدِنا من التزام طهران باتفاق جنيف الأخير»، موضحاً أن مباحثاته مع خادم الحرمين الشريفين حول إيران اتسمت بـ «حكمة من قِبَل الملك عبدالله، فلديه رؤية ويريد إيجاد حلول لجميع الأزمات المطروحة في الساحة، لاسيما سوريا ولبنان».
وعن الملف السوري، أوضح هولاند أن بلاده تعمل على إنجاح مرحلة انتقالية وأنها تدعم الائتلاف الوطني السوري، وقال «السعودية ـ كما تعلم فرنسا ـ تعمل على محاربة المتطرفين في سوريا»، مشدداً على أن الحل لمشكلة سوريا لن يكون إلا من خلال مرحلة انتقالية.
وأكد هولاند أن «فرنسا والسعودية تعلمان أن بشار الأسد استخدم السلاح الكيمياوي في سوريا»، مطالباً بـ «إنهاء الأزمة السورية بسبب تداعياتها على لبنان والمنطقة برمتها».
واعتبر الرئيس الفرنسي مؤتمر جنيف- 2 ضرورياً من أجل التوصل إلى نتائج للأزمة السورية.
وبخصوص تقديم المملكة مساعدات عسكرية إلى لبنان بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وصف هولاند هذا الموضوع بأنه «سيادي بين دولتين ولا يصح الحديث فيه».
ووصل الرئيس الفرنسي المملكة أمس يرافقه وفدٌ ضمّ ثلاثين مستثمراً فرنسياً وأربعة وزراء من حكومته.
وتتجه فرنسا إلى المشاركة في مشاريع اقتصادية سعودية على الرغم من أن التبادل التجاري بين البلدين يُقَدَّر بـ 8 مليارات يورو خلال العام الجاري.
وتسعى فرنسا إلى المشاركة في بناء مفاعل نووي سعودي للأغراض السلمية وفي إقامة مشاريع في مجالي تحلية المياه والنقل العام.
سياسياً، اتفق البلدان على تجديد مواقفهما إزاء الملفين السوري و»النووي الإيراني»، كما اتفقا على تعزيز التعاون الاقتصادي، وذلك خلال اجتماع خادم الحرمين الشريفين والرئيس الفرنسي أمس في الرياض.


نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٧٥٧) صفحة (١٥) بتاريخ (٣٠-١٢-٢٠١٣)
























http://www.alsharq.net.sa/2013/12/30/1036251

الخميس، 7 مارس 2013

رحلة البحث عن بترول جنوب السودان (الحلقة الأخيرة)




نائب رئيس جنوب السودان: علاقتنا مع إسرائيل لا تؤثِّر في الأمن العربي فهناك دول عربية على علاقة بها





الدكتور مشار في حديثه للزميلين الغامدي وشاهين






لا مفر لنا من إقامة علاقة ديبلوماسية مع السعودية ويهمنا المستثمر السعودي.
ألوم المسلمين على التفريط في جامعاتهم.
هناك فقدان ثقة بين الشمال والجنوب.
لدينا فتوى تجيز زواج المسيحي من مسلمة.
سنعيد مدرسة قرنق للأوقاف الإسلامية.
ما زلنا نبحث عن خارطة الحدود في بريطانيا.

الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
الحلقة الرابعة
الحلقة الخامسة
الحلقة الأخيرة

بعد المعاناة التي عشناها طوال رحلتنا لجنوب السودان.. والتي كوّنا عبرها انطباعاً للقارئ عن هذه الدولة الوليدة التي تعيش على باطن الأرض، وليس على ظاهرها. فللقائنا مع نائب رئيس الجمهورية الدكتور ريك مشار قصة أخرى من المعاناة، إذ إن الزميل تحدث معه مساء وحدد لنا موعداً الساعة التاسعة صباحاً، وبمجرد دخولنا مكتبه صباح ذلك اليوم فوجئنا بالسكرتيرة التي يبدو أنها تتبع النظام العسكري الصارم، تقول لنا: غير صحيح أن نائب الرئيس كلمكم على الهاتف. وأشارت إلى أحد الجنود بإخراجنا. بل سارت معنا إلى خارج المكتب كي تتأكد أننا خرجنا. وهذا ما أغضبني فعلاً.. وجعلني أسعى إلى تأكيد حجزي للخروج من هذا البلد.

الساعة الخامسة استقبلتنا السكرتيرة بوجه آخر، واستقبلنا الدكتور مشار ببشاشة وقال لي: أنت ضيفنا ولا يمكن أن تذهب وأنت «زعلان».. بالطبع كان يتحدث بالعربية. وأضاف: لقد كنت في عمل من الصباح ويفترض أن أقابلكم صباحاً، ولكن الوفد الكويتي والمصري شغلاني عنكما، ونسيت أن أخبر السكرتيرة بأن هناك موعداً بيننا. فشكرته على ذلك وأخبرته بالمعاناة التي واجهناها من قِبل المسؤولين وما حدث لنا.. وليبدأ الحوار:

  • كيف تنظرون إلى العلاقة المستقبلية بين دولتكم الوليدة وبين المملكة العربية السعودية؟


ـ نحن بعثنا بعثة ديبلوماسية إلى خمس دول عربية خلال هذه الأيام، وهي إلى الآن لم ترجع (الخميس الماضي) والدول هذه هي المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات وعمان والكويت. لتأسيس علاقات ديبلوماسية، لأننا نرى أنه كلما كثفنا العلاقات مع هذه الدول سنستفيد منها إما من ناحية الاستثمار، وهذا مهم لنا جداً لأنه يجب علينا أن نستقطب المستثمرين العرب وخاصة من السعودية ودول الخليج الأخرى؛ فدولتنا غنية بموارد طبيعية ولكن نفتقر لرأس المال، وبرأس المال الأجنبي والخبرات الأجنبية يمكن تطوير هذه الدولة.

  • وما نوع الوجود الديبلوماسي الذي تبحثون عنه في السعودية أو في دول الخليج؟


ـ نحن نبحث عن وجود سفير مؤهل في المملكة العربية السعودية، وأتذكر أنني قبل الاستقلال كنت سأزور الرياض بترتيب مع الأمير بندر بن سلطان، ولكن لم تتم بسبب بعض الترتيبات التي لم تكتمل. والآن نفكر في زيارة السعودية لتقوية العلاقة، فهي دولة مهمة بالنسبة لنا. ولا مفر من ذلك، إذ يجب أن تكون لدينا علاقات ديبلوماسية مع السعودية. فلدينا مواطنون مسلمون لابد أن يؤدوا شعائر الحج والعمرة.

  • كم نسبة المسلمين هنا في الجنوب؟


ـ لا أستطيع تحديد النسبة، ولكن في المدن هناك عدد كبير نشاركهم دوماً في أعيادهم وفي رمضان.

  • هل هذه النسبة من المسلمين تشارك في الانتخابات وفي البرلمانات وفي الحكم؟


ـ طبعاً.. فنحن لا نفرق بين من هو مسلم ومن هو مسيحي وغيرهما.. بالنسبة لنا المواطنة هي الأساس لتكوين هذه الدولة. في فترة من الفترات حكم البلد مسلم «عبدالله رصاص» عندما كنا نظاماً إقليمياً. وأيضاً هناك والي ولاية بحر الغزال هو مسلم. وتم انتخابه بشكل مباشر.

  • بعض المساجد حولت إلى كنائس.. فكيف تعللون ذلك؟


ـ يا… هذا غير صحيح.. فمن قبل الاستقلال وبعده قلنا للمسلمين هنا أن يتكفلوا بإدارة حماية ممتلكات المسلمين، إن كان في الأوقاف، أو الزكاة، في برامج الهجرة والعمرة والحج، والتعليم الديني الإسلامي يشتركون مع وزارة التربية والتعليم في وضع مناهج لتدريس الدين الإسلامي في المدارس لكل من هو مسلم. والشيء الذي لم نشرع فيه هو تقنين الأحوال الشخصية، لأنه يجب أن نضع قانوناً لها، ونحن الآن ندرس الأموال التي تأتي من الزكاة، وهو مال عام للمسلمين، فكيف ندير هذه الأموال.. هل عبر المؤسسات دون قانون أو باللوائح؟

  • وماذا عن الأوقاف التي استولت عليها الدولة؟


ـ أعطِني مثلاً؟

  • مدرسة قرنق كانت تابعة لهيئة الإغاثة الإسلامية؟


ـ أخبرك بشيء زمان في عهد عبود الرئيس السابق، وزارة التعليم كانت تحت مسمى وزارة المعارف والأوقاف في عهده، بنوا أربعة معاهد علمية في أعالي النيل وفي كودك وفي ملكات وفي جوبا وفي واو وهو مستوى الوسطى، وبنوا مدرسة أخرى معهد عالٍ، الذي يدور جدل حوله في الوقت الحالي.
ونحن وجهنا كحكومة قومية الولايات بأن هذه مدرسة قرنق جزء من الأوقاف ويجب تسليمها للمجلس الإسلامي وهذه المدرسة ستسلم.

لوم المسلمين



  • ما هو توجه الدولة في التعليم الإسلامي؟


ـ نحن ندرس في مدارسنا مادة الدين المسيحي والإسلامي، وليس لدينا أي إشكالية في ذلك. وأنا ألوم إخواننا المسلمين وأقول لهم أنتم تركتم الجامعة الإسلامية تقفل وجامعة القرآن الكريم التي كانت في ملكات وجو وواو تتقفل.. كان المفروض أن يعملوا سودنة.

  • وما مصير الجامعات الآن؟


ـ انتهت هذه الجامعات. ونقول للمجلس الإسلامي يجب أن تؤسسوا مؤسسة تعليمية إسلامية قوية، لأن المسلم الذي يعرف دينه أفضل من غيره ليبني مثل هذه المؤسسة.

  • الجميع في جنوب السودان يتكلمون العربية، ونشرة الأخبار الرئيسة بالعربية، والمسؤولون وأنتم على رأسهم تخاطبون الشعب بالعربية.. ومع ذلك ليس لها وجود في الدستور.. فلماذا لا تكون على الأقل هي اللغة الثانية؟


ـ كان نص الدستور قبل الاستقلال أن اللغة الرسمية هي الإنجليزية مع وجود لغات أخرى. وأعتقد أن هذا سيتغير لأنه في رأيي أن اللغة العربية مستوطنة في الجنوب، فإذا أردنا مخاطبة شعب علينا مخاطبتهم بالعربية، وفي الشوارع اللغة العامة هي العربية.. وهذا ليس موضوعاً للجدل في صياغة الدستور، والوضع هذا سيتغير.

  • يرى المحللون أن علاقتكم مع إسرائيل قد تضر بالأمن القومي العربي . فما رؤيتكم في هذا؟


ـ نحن نتعامل مع كل من يريد أن يتعامل معنا من ذلك إسرائيل، ولدينا مسيحيون يريدون زيارة الأراضي المقدسة في إسرائيل ويزوروا فلسطين. أكيد لدينا علاقات مع إسرائيل، ولكن موقفنا من فلسطين واضح جداً، وهو أننا نؤيد ممارسة حق تقرير المصير لشعب فلسطين، ونؤيد حل مشكلة الشرق الأوسط في أن تكون هناك دولتان إسرائيل وفلسطين، ونتمنى أن تعترف فلسطين بإسرائيل ليكون هناك استقرار في المنطقة. قطعاً هناك قضايا داخلية لديهم مثل قضايا اللاجئين الفلسطينيين والحدود بينهما ويجب على الدولتين أن تسعيان لإيجاد حل لهذا.
ولا أعتقد أن علاقاتنا مع إسرائيل تضر الأمن القومي العربي.. لأن المصريين لديهم علاقات مع إسرائيل والأردن لديهم علاقات وقطر وربما الكويت وهناك دول أخرى لديها علاقات مع إسرائيل مثل جيراننا أثيوبيا وكينيا ويوغندا.

  • وما هي طبيعة هذه العلاقات؟


ـ علاقتنا قائمة على الاستفادة؛ فإسرائيل لديها خبرات خاصة في مجال الزراعة، وهم متطورون وتكنولوجيتهم في هذا المجال متقدمة، فلابد أن نستفيد منها.

  • قدم المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة وأوروبا وعوداً قبل الاستقلال بدعم جنوب السودان. فهل أوفى بوعوده؟


ـ المجتمع الدولي لم يوفِ بوعوده والتزاماته نحو جنوب السودان، خاصة في الفترة الانتقالية، وأتذكر أنه في مؤتمر أوسلو قرّر أن يدعم في ذلك الوقت جنوب السودان بأربعة بليارات دولار.. ولم يصلنا منهم إلا قليل.

  • وكم وصلكم إلى الآن من هذه المساعدات؟


ـ بالوعود..؟

  • لا. بالواقع.


ـ إذا أخذنا التعاون الثنائي بين جمهورية جنوب السودان مع بعض الدول الغربية ليست أكثر من مليار ونصف دولار.

  • وما الأسباب التي تجعلهم يحجمون عن ذلك؟


ـ في رأيي أن هذه كانت وعوداً فقط ولم تكن بصورة جدية، وكلما كان الأمل موجوداً بوجود دعم فإن الناس ستعمل في الجنوب بحماس أكبر.

  • الرئيس سيلفا كير قابل الرئيس السوداني البشير عدة مرات ولم يتوصلا إلى نتيجة لما يحدث بين البلدين؟


ـ بالنسبة لي يتلخص الأمر بالكامل في فقدان الثقة، فليست هناك ثقة بينهما.. وعلينا أن نتجاوز مرارة الحرب التي ذهبت، وعلينا أن نؤسس علاقات جيدة بين الشمال والجنوب.

  • وأين وصل ملف أبيي؟


ـ نحن الآن في محاولة جادة لتفعيل ملف الأمن، ونسعى لإيجاد حزام أمني بين الدولتين عشرة كم من كل جانب، وإن نجحنا في ذلك أعتقد أن الاتفاقات الأخرى ستسير بشكل طبيعي.

  • هناك حديث أن ملف أبيي سيرفع لمجلس الأمن.. فمتى سيتم ذلك؟


ـ أوصى الاجتماع الأخير للاتحاد الإفريقي بأن الدولتين يجب عليهما إيجاد حل وذكر جدولاً زمنياً.. وأعتقد أن علينا أن نجد حلاً فعلاً. وسبق وأن عملنا إدارة مشتركة لخارطة طريق في أبيي للمجلس التشريعي فيها، وأن يكون بنسب معينة، ولكن الخرطوم الآن بدأت تطمع، تريد أن تكون الإدارة في أبيي بالنصف. وأعتقد أن المعادلة في خارطة أبيي كانت معقولة 60% للجنوب و40% للخرطوم. المشكلة الثانية تكوين مفوضية الاستفتاء، ونؤمن بأن هذه الاتفاقية يرأسها الاتحاد الإفريقي، وكل جانب منه عضوان للاستفتاء.
وإن رفع الملف لمجلس الأمن قد يوجد حلاً، ولكن نحن نريد الوصول لحل قبل مجلس الأمن.. وأرى أن جانب الخرطوم لن يلتزم بقرار مجلس الأمن. وحتى لا يكون هناك جدل لمدة طويلة نحن لو استطعنا أن نتفق مع الخرطوم قبل الأمن سيكون هو الخيار الأفضل.

مشكلة الحدود والخريطة البريطانية



  • الحدود كأنها غير واضحة.. حتى خارطة الحدود البريطانية غير دقيقة أو مفقودة؟


ـ نحن الآن نجهز ملف الحدود ونعتقد أن الخرطوم تفعل نفس الشيء.. وسنبدأ نتفاوض فيها.. فهناك مناطق متنازع عليها. ومن رأينا أن هناك مناطق هي جزء من جنوب السودان ولكن الآن تحت إدارة الخرطوم. مثلاً في ولاية غرب بحر الغزال هناك منطقة «أفياكينجي» و»أوبيردنهاس» هي أصلاً ضمن الحدود الإدارية القديمة وحتى قبلياً هذه المنطقة تابعة للجنوب. ومنطقة «هيقديق» كان فيها نزاع السنة الماضية.. والقبائل الموجودة هناك قبائل جنوبية من الدينكا. وعلى أي حال هناك أخطاء باعتراف من الخرطوم في ترسيم الحدود في فترة ما قبل استقلال السودان ككل من قِبل المستعمر.

  • هل ستكون مهلة الأشهر الستة لحسم الخلافات بين السودان وجنوب السودان هي الأخيرة؟


ـ أتمنى أن تكون كذلك. لكن إن لم نحلها سنضطر إلى أمور أخرى.

  • كيف تصف الأوضاع الأمنية والعسكرية في الوقت الحالي على الحدود بين البلدين؟


ـ الحدود طويلة وهي أطول حدود في إفريقيا، وعلينا أن نطبع الوضع.. ولكن هناك بعض سكون ولكن في أعالي النيل شرق «رنك» فيه توتر الآن.

  • أنت ذهبت إلى لندن.. فهل وجدت خرائط يعتمد عليها في ترسيم الحدود؟


ـ نعم.. أنا طلبت من الحكومة البريطانية في لقائي مع وزير الخارجية بأن هناك خرائط غير موجودة لدينا، وممكن أن الخرطوم لديها، وطلبنا أن يوفروا لنا هذه الخرائط.

  • وهل وجدت هـــذه الخرائط؟


ـ مازلنا نبحث.

  • ما يدور الآن في أذهان المستثمرين هو أنكم دولة حديثة فهل هناك أجندة أو خريطة استثمارية؟


ـ في الصباح قابلت مستثمرين عرباً من قطر ومن مصر واستعرضنا المشاريع للاستثمار من الفندقة إلى السياحة والزراعة والنفط والتعليم والصحة والكهرباء والطيران؛ وكل هذه لدينا خارطة استثمارية لها. وأنا أعتقد أن عدم وجود تمثيل ديبلوماسي وتجاري في دول الخليج جعلهم لا يتحركون في هذه الاتجاه.

  • وماذا عن التسهيلات هنا للمستثمر؟


ـ لدينا قانون استثماري أقوى مما هو لدى جيراننا.

  • ألا ترى أن إغلاق النفط يعد خسارة على جنوب السودان؟


ـ فعلاً هو كذلك، ونريد أن يتدفق النفط، ونريد أن تكون لدينا موارد في جنوب السودان كي تتحرك المشاريع التنموية.

  • كم خسائركم السنوية من عملية الإيقاف؟


ـ بليارات.. خمسة عشر بلياراً.. وقد تزيد.

  • وماذا عن التعايش الديني هنا؟


ـ لا فرق بين مسلم ومسيحي.. بل إن هناك تزاوجاً بينهما.. أي أن هناك مسلمين متزوجين مسيحيات، ومسلمة متزوجة مسيحياً. ونحن بطبيعتنا هكذا وشيوخنا أيضاً عملوا فتوى بذلك.

  • لماذا تعطلت المصالح المشتركة بين الجنوب والشمال إلى الآن؟


ـ الناس هنا مازالوا يتحاربون في أذهانهم.. هناك حرب ذهنية لدى البعض، وعلينا أن نتجاوز ذلك ونرى المصالح المشتركة ونفعّلها بن الدولتين، التجارة مثلاً كان 60% منها يأتي عن طريق الشمال ولكن الآن تبدلت وأصبحت صفراً.
وانتهى الحوار بلقطة يخبرني فيها الدكتور مشار ألا أنسى جهاز تسجيلي. بل طالبني بزيارة أخرى للجنوب بعد انتعاشها.
ليكون خروجنا من جنوب السودان عبر رحلة خاصة عن طريق الوفد القطري الذي أصر فيه الشيخ فيصل آل ثاني بأن نعود معه إلى الخرطوم في اليوم التالي. وهو ما سهل مهمة خروجنا دون تعقيدات، ودون المرور على الجوازات أو غيرها.



الزميل محمد الغامدي يتجول في جوبا على متن دراجة نارية







ولاية بحر الغزال (الشرق)







الدكتور ريك مشار




نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٤٥٩) صفحة (٢٠) بتاريخ (٠٧-٠٣-٢٠١٣)















الأربعاء، 6 مارس 2013

رحلة البحث عن بترول جنوب السودان (الحلقة الخامسة)

رقصة رئيس البرلمان الجنوبي.. عذابٌ على الصحفيين





رئيس البرلمان يرقص في أحد احتفالات ولاية الاستوائية الوسطى في جوبا (الشرق)






أهل دولة الجنوب على الفطرة.. ومسؤولوها صارمون.
وصول البضائع من كينيا إلى جوبا يستغرق عشرة أيام.
أسعار السلع مرتفعة.. والسكان يعيشون على ما يزرعونه.

الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
الحلقة الرابعة
الحلقة الخامسة
الحلقة الأخيرة

بدأت رحلة «الشرق» إلى دولة جنوب السودان بمعاناةٍ لازمت مراسليها منذ أن وصلوا إلى مقر سفارة جوبا في الخرطوم، ثم استمرت المصاعب في مطار العاصمة الجنوبية، مروراً بالبحث عن فندق ومحاولة التقاء المسؤولين الرسميين.
ذهبت «الشرق» إلى جوبا لرصد تفاصيل دولة ناشئة تبحث عن فرص الاستثمار والظهور عبر وسائل الإعلام، كما يقول وزير الإعلام في حكومتها برنابا بنجامين.
وخلال هذه الرحلة اختلطت الجوانب الإنسانية والاجتماعية بما هو سياسي واقتصادي، كما لم يكن البُعد التاريخي غائباً، تحدثت «الشرق» إلى مسؤولين في الحكومة وإلى مواطنين، وتعرفت على حجم المشكلات والتحديات التي تواجه هذه الدولة، وحاولت استشراف مستقبلها القريب.

ارتفعت وتيرة تنقلاتنا في اليوم الخامس لنا في جوبا بغية الحفاظ على الوقت الذي بدأ يضيع منّا «دون فائدةٍ تذكر» و»دون أن نحقق الهدف الذي أتينا من أجله».
ورغم ذلك كنت أدرك أنني أسير صوب قصة تقدم للصحفي أنموذجاً بناءً في استقاء الأخبار، في أنه مهما بدت رحلتك التي ذهبت من أجلها فاشلة إلا أنك تستطيع تحويلها إلى نجاح.
ماذا تعني مقابلة الرئيس بالنسبة للناس؟ لا تعني شيئاً، هم يرونه كل يوم في الأخبار أو يقرأون عنه وعن تصريحاته في الصحف، هل ذهبتُ إلى جنوب السودان لمقابلة الرئيس فقط؟
إن كانت هذه مهمتي التي يجب أن أحققها، فإنها بلا شك فاشلة حتى لو تمت، فاشلة ليس على مستوى عملي الصحفي ولكن أمام الناس، ماذا يريد الناس من جنوب السودان سوى معرفة ما يدور فيه، لن أنقل ما يدور هناك عن طريق لقائي بالرئيس إنما عن طريق لقائي بالناس، ومن خلال رصدي لحالة المجتمع والنواحي الإنسانية فيه وما يحتاج إليه، من خلال رصد ما نريده نحن العرب من هذا المجتمع وما يريده هو منّا.

أناس على الفطرة


أناس الجنوب طيبون، أستطيع التأكيد أنهم على الفطرة، فايز عمر أكيج الذي تعرفت عليه في جوبا، وهو ممن كانوا ضمن بعثة الحج الأولى، ويعمل مصوراً في التليفزيون الحكومي، كان يشتري لي أشياءً دون أن يحصل على ثمنها، كان يحدثني عن زوجته التي تستيقظ في الرابعة صباحاً لتصنع خبز الـ «ويكا» وتوزعه في المطاعم، ولا تعود إلا في الثانية عشرة ظهراً من أجل مساعدته في توفير لقمة عيش «هنيّة».
وصلت إلى مجلس الوزراء على متن الـ «بودا بودا»، قائدها ديفيد أوصلني إلى هناك، أعطيته خمسة وعشرين جنيهاً ليرد لي الباقي وهو عشرون جنيهاً، لكنه لا يملك سوى جنيهات قليلة، أعاد إليّ الخمسة وعشرين كاملةً، وقال لي: «ادفع فيما بعد»، سألته: «كيف وأنا لا أعرفك؟»، ردّ «سجل رقمي عندك واتصل بي وأنا آتيك»، فايز مسلم وديفيد مسيحي لكن الطبيعة واحدة.
السيدة «دنيا» أو «ست الشاي» كما يطلق عليها الجميع هنا في جوبا، تقول لي: «إن لم يكن معك جنيهات ادفع فيما بعد»، لم تفكر في أن هذا الشخص غريب، وقد يغيب في أي لحظة فيما هي في أشد الحاجة إلى جنيه يسد رمقها ورمق عائلتها التي تعمل من أجلها.
كل هذه الصور تتكرر في أي مكان تذهب إليه في جوبا، إلا ما يتعلق بالمواقع الرسمية، فالصرامة هي الديدن، وعدم الثقة في الصحفيين هي النظرة السائدة.

أسعار مرتفعة





ميان إبولو




رغم هذه الفطرة التي تُميِّز الجنوبيين، إلا أن الحياة تبدو هنا قاسية للغاية بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية كالسكر والزيت والوقود والبيض والدجاج، وقد قفز معدل التضخم في الدولة الوليدة إلى 35% في يناير الماضي مع ارتفاع كبير في أسعار الغذاء، فيما يبلغ سعر صرف الدولار في السوق الموازي أربعة جنيهات، وهو ما يعادل قيمة قارورة مياه متوسطة أو قارورة مياه غازية، فيما تتراوح أسعار الغرف في الفنادق المتوسطة من 150 إلى 200 دولار.
ويوضح صديقنا المصور التليفزيوني، فايز أكيج، أن معظم سكان الجنوب يعتمدون في حياتهم المعيشية على المنتجات الغذائية التي يزرعونها إما في مزارعهم أو حتى داخل بيوتهم، فيما يعتمد سكان العاصمة جوبا على ما يرسله لهم ذووهم من محاصيل زراعية.
فيما يرى جيمس مجوك، وهو تاجر في سوق جوبا، أن تكلفة نقل السلع والبضائع باهظة للغاية نظراً لارتفاع أسعار الوقود ولوعورة الطرق، وغياب الأمن فيها أحياناً، إضافة إلى طولها.
ويستغرق وصول حاوية البضائع من ميناء مومباسا في كينيا إلى العاصمة جوبا مروراً بالأراضي الأوغندية ما بين ثمانية إلى عشرة أيام، وهو ما أوجد صعوبة بالغة فى إمكانية حصول المواطنين على احتياجاتهم.
ومن السوق نفسه، يقول ميان إبولو «نحن في جنوب السودان نستورد كل شيء تقريباً من الخارج، خاصة من دبي، وكينيا، وأوغندا، كما أن التجار الصوماليين والأثيوبيين هم الذين يسيطرون على السوق».

إغاثة غربية





جيمس مجوك




غير أن أول ما يلفت نظر زائر جوبا هو هذا الكم الهائل من سيارات منظمات الإغاثة الغربية والأمم المتحدة التي تملأ الشوارع وطائراتها المرابطة في المطار رغم افتقاده لأبسط الخدمات مثل سير نقل حقائب الركاب.
وتعتقد تريزا جونسون، وهي طبيبة بريطانية تعمل في إحدى المنظمات الإنسانية الغربية في جوبا، أن «هناك انهياراً شبه تام في مستوى الخدمات الصحية في غالبية مدن ومحافظات جنوب السودان، كما أن معدلات وفيات الأمهات هنا تعد الأعلى في العالم».
وتضيف، وهي تغمض عينيها في انفعال شديد «يا إلهي، هناك أناس يموتون بسبب الجوع يومياً في مختلف مناطق الجنوب، كانت الأسابيع الأولى التي قضيتها في عملي بهذه المناطق بمثابة تجربة مريرة وقاسية بالنسبة لي لن أنساها مدى الحياة».
هذا ما أكده أيضاً الدكتور علي حامد، المدير التنفيذي لمنظمة «تراث» الإنسانية العاملة في الجنوب في حديثٍ لإحدى الصحف المحلية، لكنه عد منظمات الإغاثة أخفقت في ترسيخ السلام بالجنوب وتنمية المجتمع الجنوبي، ورأى أن هذه المنظمات مهدت طريق الانفصال.
وقال حامد «إن المنظمات تجاوزت دورها المناط بها من إقامة تنمية، ومحاربة الفقر، ومساعدة المحتاجين، وإقرار السلام بين المجتمعات ورفاهيتها إلى أدوار أخرى كثيرٌ منها مشبوه».
وأوضح قائلاً «في كثيرٍ من الأحيان تقوم هذه المؤسسات بتدخلٍ سافرٍ في الشئون الداخلية للدولة، والتلاعب في قيم المجتمع وعقائده وتوجيه المجتمعات، والعمل على إخراجها من منظومتها المحلية بحججٍ مختلفة».

رقصة الرئيس





فايز أكيج




هذه التنقلات التي تحدثت عنها في بداية حلقة اليوم أوصلتنا إلى احتفال لرئيس البرلمان، جيمس واني انيقا، الذي كان يشارك الأهالي احتفالهم بتصفيات في لعبة كرة السلة، حسبما أخبرنا صديقنا فايز.
كان الزميل شاهين يرى أن دخولنا هذا الاحتفال مضيعة للوقت، لكني أصررت على الدخول لأخرج بلقطة صحفية وسياسية تكشف مدى تحكم العسكر هنا، وعدم إلمامهم بحاجة الدولة الوليدة إلى مساندة الإعلام وعدم ميلهم إلى التعامل مع الصحفيين.
رقص رئيس البرلمان، فمنحت رقصتُهُ هذه روحاً جديدة للجماهير جعلتهم يتفاعلون معه بشكلٍ لافت.
صافحت رئيس البرلمان، وقمت بتصويره وهو يرقص باستخدام جوالي وكاميرا كنت أحملها على كتفي، خرجت من الاحتفال وأنا أضحك، لكن ضحكي لم يكتمل، تقدم نحونا ثلاثة أشخاص وهم مسرعون، قالوا: «قفوا.. قفوا»، توقفنا فسأل أحدهم: «لماذا كنت عند الرئيس؟» قلت «هو مَنْ دعانا وهو مَنْ أخذ بياناتنا ومنحنا رقم هاتفه»، خاطبنا هذا الشخص بلهجة آمرة: «اجلسوا.. اجلسوا»، جلس زميلاي لكني لم أجلس، قال لي «اجلس» فرفضت، اقترب مني، وقال: «أقول لك اجلس»، وكأنه يريد مني أن أركع له، رفضت الجلوس، وقلت: «ليس من حقك فعل هذا الشيء، أريد التحدث مع المسؤول عن عملك، ولن أجلس».
حاول زميلاي إقناعي بالجلوس، فرفضت وأظهرت البطاقة الصحفية الصادرة عن وزارة إعلامهم، أخذها الشخص الذي دعانا إلى الجلوس ثم عاد ليقول لي «اجلس» بعد أن اقترب ومد يده تجاهي، تراجعت قليلاً، وقلت له إنني لن أجلس، انتهى به الأمر أن قال: «لا تتحركوا من هنا حتى آتيكم».
عاد ومعه رجل قابلنا بابتسامة، أخبرته بما أتينا من أجله، تبسم وقال: «بسيطة»، لكن محدثنا الأول، قال: «اعطني الكاميرا وامسح كل ما التقطته من صور» أخرجتها له وقمت بمسح الصور، قال: «اعطني جوالك»، قلت: «لا، جوالي ملك لي ولن أعطيك أياه»، فرد آخر بجواره: «امسح رقم الرئيس»، قلت: «هذا رقم الرئيس خذوه»، كنت أعلم أن زميلي شاهين دوّن الرقم على ورقة، مسحت الرقم وذهبنا.
لم أتصل بعدها برئيس البرلمان أو بوزير الإعلام لأخبره بما حدث خشية أن يضر ذلك بزميل المهنة الجنوبي «فايز»، فهم يعلمون أنه يعمل في التليفزيون الحكومي، على أن صورة رقصة الرئيس، وهي من رقصات «الشولي» الشهيرة لديهم، مازالت على جوالي لأحقق أول انتصار للكاميرا في هذه البلاد.

إصرار مهني


إصرارنا على مقابلة الرئيس لم يتوقف، واصلنا السير في هذا الاتجاه، كان زميلي شاهين يقول «سنلتقي وزير الإعلام ونكتفي بهذا»، سألت: «هل أعود إلى بلدي لأقول لصحيفتي وللناس إنني ذهبت إلى جنوب السودان كي ألتقي وزير الإعلام فقط؟ لا أرضَى بذلك ولن ألتقي أي وزيرٍ ما لم ألتقِ الرئيس أو نائبه».
ترددنا على وزارة الإعلام ومجلس الوزراء أكثر من مرة خلال ثلاثة أيام متتالية، في الغالب كنا نسير على أقدامنا، وإن أصابنا التعب ركبنا الـ «بودا بودا»، هكذا حتى وصلنا إلى السفارة السودانية في نهاية أسبوعٍ طويل، استخرجوا لي تأشيرة دون أن أدفع تكاليفها، هكذا هم الشماليون.
وبعد أن خرجنا من السفارة، قلت: «سأعود غداً إلى الخرطوم ولو على جناح طائرة، لن أجلس هنا أكثر من ذلك»، عدنا إلى الفندق ووجهنا رسالة إلى وزير الإعلام أخبرناه فيها أننا سنعود إلى المملكة وسنحمل معنا رسالة مفادها عدم تعاون الجهات الرسمية معنا في مهمتنا الصحفية.
بل وأرسلنا رسالة إلى مدير مكتب نائب الرئيس بالمعنى نفسه، لكن زميلي عبدالنبي شاهين قال: «هيا نذهب ونحاول آخر محاولة للالتقاء بنائب الرئيس»، قلت: «لن أذهب معك، اذهب لوحدك».
كانت الساعة الرابعة و45 دقيقة عصراً، لم يتبقَّ إلا 15 دقيقة على انتهاء الدوام الرسمي هنا، ذهب زميلي شاهين وبعد نصف ساعة اتصل بي، وقال: «ارتدي ملابسك واحضر فوراً، سنلتقي نائب الرئيس»، هل يُعقل هذا؟ لم أصدق، من الخميس إلى الخميس ونحن نطلب لقاء نائب الرئيس رغم التنسيقات المسبقة والاتصالات المتكررة والترتيب منذ شهر ونصف الشهر، ولا تتم المقابلة إلا عشوائياً وقبل خروجه من مكتبه بدقائق (ننشر تفاصيل اللقاء في حلقة الغد).

بترول الجنوب


تحدثت في هذه الرحلة عن بترول جنوب السودان لكني لم أطرق الموضوع في الصميم لسببين اثنين، أولاهما أننا لم نستطع الوصول إلى معلومات جيدة حتى من وزارة البترول ولم نلتق الوزير، وثانيهما يأتي في سياق قصة رواها لي صاحب الفندق، حيث قال إن صحفياً من نيجيريا جاء إلى هنا، ونزل في هذا الفندق لمدة خمسة أيام دون أن يستطيع الالتقاء بمسؤول واحد. وأضاف: «يقول ذلك الصحفي إن بترول الجنوب سيلحق بترول نيجيريا، فهي دولة غنية بالبترول، ولكن الناس فيها فقراء، وهذا ما ستؤول إليه جوبا إن استمرت هكذا». وتقول الأرقام إن جوبا خسرت بإيقافها إنتاج البترول عشرين مليون دولار يومياً أي أكثر من سبعة مليارات سنوياً، إذ إنها كانت تنتج 350 ألف برميل، 150 ألفاً تذهب للشركات، و200 ألف للدولة الوليدة.



جنوبيون يبتسمون بعد وصول الغذاء




 



سيدة جنوبية داخل مطعم في جوبا




نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٤٥٨) صفحة (٢٣) بتاريخ (٠٦-٠٣-٢٠١٣)



الثلاثاء، 5 مارس 2013

رحلة البحث عن بترول جنوب السودان (الحلقة الرابعة)


إسرائيل تؤسِّس لمنطقة نفوذ عسكري واقتصادي في جوبا



الرئيس سلفا كير خلال زيارته لإسرائيل كأول دولة يزورها






جوبا – محمد الغامديعبدالنبي شاهين

الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
الحلقة الرابعة
الحلقة الخامسة
الحلقة الأخيرة

بدأت رحلة «الشرق» إلى دولة جنوب السودان بمعاناةٍ لازمت مراسليها منذ أن وصلوا إلى مقر سفارة جوبا في الخرطوم، ثم استمرت المصاعب في مطار العاصمة الجنوبية، مروراً بالبحث عن فندق ومحاولة التقاء المسؤولين الرسميين.
ذهبت «الشرق» إلى جوبا لرصد تفاصيل دولة ناشئة تبحث عن فرص الاستثمار والظهور عبر وسائل الإعلام، كما يقول وزير الإعلام في حكومتها برنابا بنجامين.
وخلال هذه الرحلة اختلطت الجوانب الإنسانية والاجتماعية بما هو سياسي واقتصادي، كما لم يكن البُعد التاريخي غائباً، تحدثت «الشرق» إلى مسؤولين في الحكومة وإلى مواطنين، وتعرفت على حجم المشكلات والتحديات التي تواجه هذه الدولة، وحاولت استشراف مستقبلها القريب.

بعد عطلة نهاية الأسبوع بدأت أنا وزميلي رحلة البحث عن رئيس جنوب السودان ونائبه، وكانت وسيلة تنقلنا إما السير على أقدامنا وسط درجة حرارة مرتفعة أو أن نستخدم الـ «بودا بودا» وهي الدراجة النارية، إذ لا توجد سيارات أجرة في جوبا، ولم نرَ طوال رحلتنا سوى سبع سيارات تمر صدفةً من شارع الوزارات، حتى في المطار ليست هناك سيارات أجرة.
انطلقت وزميلي يوم الإثنين على متن الـ «بودا بودا» إلى وزارة الإعلام للسؤال عن الترتيبات اللازمة، ولكن طُلِبَ منا أن ننتظر كي نلتقي الوزير، وبعد انتظار لنصف ساعة في مكتبهِ خرجنا إلى مجلس الشعب للبحث عن رئيس البرلمان والحديث معه عن الانتخابات وعدم مشاركة المسلمين فيها، وإبعادهم عن السلطة.
أخبرونا هناك بأننا بحاجة إلى تحديد موعد مسبق، تركنا أرقام هواتفنا المحلية والدولية ليتواصلوا معنا متى ما تم تحديد الموعد، ولكن إلى اليوم لم يتم تحديد موعد، لم نسمع رنّة هاتف تخبرنا بأنه حُدِّد لنا موعد، لسببٍ بسيط بدا لي منذ أول يوم التقيت فيه وزير الإعلام، وهو أن الأمور غير مبرمجة لديهم و»أنها تسير بالبركة».
على باب مجلس الشعب، التقينا وزير الاستثمار، صافحناه بينما كان على وشك ركوب السيارة، أبلغناه «إننا من السعودية وطلبنا من وزير الإعلام ترتيب موعد لمقابلتك»، قال: «نعم لديّ علم بذلك»، حاولنا أن نجري اللقاء معه سريعاً، ولكنه اعتذر موضحاً أنه ذاهب لاجتماع مع الرئيس، وقال: «سنتصل بكم».

وجود إسرائيلي


تجولنا بعدها على المتاجر والفنادق الصغيرة منها والكبيرة والمناطق السياحية والمتنزهات في جوبا، جميعها توحي بسيطرة العنصر الأثيوبي والصومالي بشكل واضح، وإن كان الأثيوبي هو الأبرز، هو المسيطر على التجارة في البلد.
كما تؤكد مؤشرات عديدة على الوجود الإسرائيلي القوي في جنوب السودان سواءً اقتصادياً، وهو المحور الرئيس، أو سياسياً أو على مستوى التبادل العلمي والزراعي.
ويوجد عديد من الخبراء الإسرائيليين في مجال الزراعة والري هنا، هذا هو المعلن رسمياً، فضلاً عن خبراء عسكريين وأمنيين، ووجود هؤلاء ليس معلناً بطبيعة الحال، ضف إلى ذلك عقد صفقات الأسلحة بين الطرفين وتدريب ضباط الجيش الجنوبي في أوغندا وأثيوبيا وكينيا وداخل جنوب السودان نفسه بواسطة خبراء عسكريين إسرائيليين.
وكانت إسرائيل قد استقبلت خمسة آلاف عنصر من دولة الجنوب لتدريبهم عسكرياً قبيل الانفصال عن الشمال بغرض التعامل مع مرحلة ما بعد الانفصال، كما يقول كتّاب ومراقبون سياسيون من شمال السودان.

الأمن القومي العربي



جوستن ميان




غير أن السؤال الذي يطرح نفسه دون أن تكون له إجابات قاطعة هو مدى تأثير الوجود الاستخباراتي والأمني والعسكري الإسرائيلي في جنوب السودان على مجمل الأمن القومي العربي.
وتشير تقارير صحفية إلى اتجاه جهاز المخابرات الإسرائيلي لافتتاح مركز إقليمي له في جوبا، وهو ما يمثل تهديداً أمنياً خطيراً ومباشراً للأمن القومي العربي.
ويقول المحلل السياسي الجنوبي، جوستن ميان، إن دولة جنوب السودان تمثل خياراً إستراتيجياً لإسرائيل لأنها ستساعدها كثيراً في حل مشكلة نقص الطاقة الذي تعانيه، فضلاً عن رغبة تل أبيب في أن تحصل على مياه النيل، وأن تستخدم هذه العلاقة مع الدولة الجديدة كورقة ضغط على مصر والسودان.
من جانبه، يرى الباحث المصري سامي عبدالقوي ضرورة الحذر من نتائج التقارب الشديد بين إسرائيل وجنوب السودان والعمل على شل فاعليته من خلال رسم إستراتيجية عربية متكاملة تستهدف دعم العلاقات مع جنوب السودان في مختلف المجالات بهدف تفويت الفرصة على إسرائيل للانفراد بتلك الدولة الوليدة والتأثير على توجهاتها وأنماط علاقاتها تجاه دول بعينها في المنطقة.

تطمينات رسمية


لكن وزير خارجية جنوب السودان، نيال دينق نيال، يؤكد أن العلاقات بين بلاده وإسرائيل ليست موجهة ضد مصر أو أي دولة عربية أخرى لعدة عوامل في مقدمتها العامل الجغرافي، قائلاً «نحن أقرب لمصر من إسرائيل، مصر وجنوب السودان جزء من منطقة واحدة، وهناك مصالح مشتركة، ولا يمكن أن تضار هذه العلاقات، نتيجة العلاقات بين جوبا وتل أبيب».
أما نائب رئيس جنوب السودان والرجل الثاني في حزب الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب، الدكتور رياك مشار، فيشدد على انفتاح الدولة الجديدة على كل العالم بما فيه إسرائيل «خصوصاً أننا نحتاج للتنقية الإسرائيلية في مجالي الزراعة والمياه»، حسب اعتقاده.

اتفاقات مع إسرائيل


ورغم تصويت جنوب السودان داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة على منح فلسطين صفة عضو مراقب، إلا أن ذلك الموقف قوبل داخلياً بموجة غضب من الجنوبيين الداعمين لإسرائيل ما اضطر الناطق باسم وزارة الخارجية في جوبا، ميوم ألي، إلى التأكيد في تصريحات صحفية محلية على أن الموقف الرسمي للدولة كان الامتناع عن التصويت لصالح فلسطين كما فعلت ألمانيا ودول أخرى، لكن مندوب الدولة ولظروفٍ خاصة لم يتمكن من نقل هذا الموقف بصورة دقيقة، وهو خطأ يتحمله المندوب.
ومؤخراً، أُعلِنَ رسمياً في تل أبيب وجوبا أن حكومة جنوب السودان وقعت اتفاقية اقتصادية مع إسرائيل وصفها خبراء ومهتمون بأنها أكبر اتفاقية دولية توقعها حكومة الجنوب، وجرى التوقيع في القدس الغربية بين وزير الطاقة الإسرائيلي، عوزي لانداو، ووزير الري والموارد المائية الجنوبي، بول مايوم.
وتنص الاتفاقية على إنشاء مشاريع ضخمة فى مجالي الزراعة والري وتوصيل مياه الشرب لتزويد المنازل الواقعة على ضفاف النيل بالمياه باستخدام مولدات تعمل بقوة دفع المياه «الهيدروكلوريك» لعدم توافر الكهرباء في الجنوب.
وترمي الاتفاقية على المدى البعيد إلى تنفيذ سلسلة من السدود على الفروع المغذية لـ «النيل الأبيض» لتوليد التيار الكهربي.
وفيما وقعت شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية اتفاقية تعاون مشترك فى مجال تحلية المياه مع الوزير الجنوبي، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن الاتفاقية تشمل التفاهم حول نقل البترول لتكريره فى إسرائيل.
ويقول المحلل السياسي الجنوبي والأكاديمي، الدكتور جيمس ألور، إن جمهورية جنوب السودان دولة مستقلة وذات سيادة ولها الحق في بناء علاقات خارجية مع أي دولة في العالم وفقاً لمصالحها بما في ذلك إسرائيل وإن على العرب ألا ينزعجوا من هذه العلاقة لأنها عادية جداً وأقل من عادية إذ لا توجد حتى الآن سفارة إسرائيلية في دولة جنوب السودان.
ويتهم ألور الإعلام العربي بتضخيم الأمور رغم أن هناك دولاً مجاورة مثل: كينيا ويوغندا وأثيوبيا تتمتع بعلاقات جيدة مع إسرائيل فضلاً عن بعض الدول العربية كمصر والأردن.

السفير الإسرائيلي


توعز وزارة الخارجية في إسرائيل لعددٍ كبير من الشركات الإسرائيلية بالتوجه إلى جوبا لتنفيذ مشاريع بذريعة «مساعدة الدولة الوليدة على تطوير البنية التحتية». وتولي تل أبيب اهتماماً بالغاً بعلاقاتها بجنوب السودان، خصوصاً عقب تعيين حاييم كورين، أحد عملاء الموساد، سفيراً غير مقيم في جوبا.
وكانت جمهورية تركمانستان قد رفضت في يوليو الماضي وللمرة الثانية قبول اعتماد كورين سفيراً لإسرائيل لديها، وعللت موقفها حياله بالقول إن كورين ليس دبلوماسيّاً؛ بل «عميل للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد)» .
ونُقِلَ عن وزير الخارجية التركمانستاني القول إنه لم يقبل أوراق اعتماد كورين الذي اختير في أغسطس 2010 لشغل هذا المنصب لأن سيرته الذاتية تؤكد أنه أمضى ثلاث سنوات مدرساً في كلية الأمن الوطني في غيلوت ما يثبت أنه كان عضواً في الموساد أكثر من كونه دبلوماسياً.

العرب لا يهتمون



أتيم قرانق




بدوره، يقول زعيم الأغلبية في برلمان جنوب السودان، أتيم قرنق، إنه لا يعرف لماذا يتخوف العرب من العلاقات بين بلده وإسرائيل، مضيفاً «الدول العربية لم تسعَ لصنع علاقات مع جنوب السودان ولم تبد أي اهتمام، على العكس نجد دائماً أن العرب يقفون مع دولة السودان في الحق والباطل ولا يسعون لإيجاد علاقات جيدة معنا، فماذا نفعل سوى أن نسعى إلى الآخرين بما في ذلك إسرائيل؟».
ويذكِّر قرنق بأن إسرائيل دعمت جنوب السودان في كل مراحل نضاله الطويل منذ عام 1955 حينما تمردت حركة أنيانيا وحتى عام 1983 حينما تأسست الحركة الشعبية لتحرير السودان (الجيش الشعبي)، متوقعاً أن تتطور العلاقات بين البلدين في المجالات الدفاعية والتجارية، ولافتاً إلى مساعدة إسرائيلية في تدريب الكوادر البشرية الجنوبية.
في السياق ذاته، يصف المحلل السياسي الجنوبي، كور متيوك أنيار، العلاقة مع إسرائيل بأنها ذات أهمية كبيرة لجنوب السودان لعدة أسباب منها أن إسرائيل تعد واحدة من رواد صناعة الأسلحة في المنطقة ونظراً لإمكانية مساعدتها في تطوير قدرات الجيش الشعبي العسكرية.
ويجمع بين الدولتين الشعور المشترك ببغض من العرب لهما، وبالتالي يرى بعض المحللين السياسيين أن إسرائيل ستتجه نحو جنوب السودان كلما واجهت المشاعر العربية المعادية لها.
فيما تفيد تقارير غير رسمية إلى سعي إسرائيل لإنشاء قاعدة جوية في منطقة فلوج النفطية بجنوب السودان بهدف تدريب الطيارين الحربيين الجنوبيين، كما تعتزم إسرائيل بناء ثكنات لقوات الحدود ومستشفيات عسكرية وإنشاء مركز بحوث للألغام في جوبا.
كما تسلمت استخبارات الجيش الشعبي ووحدة الأمن الرئاسي في دولة جنوب السودان مؤخراً أسلحة إسناد حربية وكمية من أسلحة المدفعية وعدداً من الراجمات وأجهزة للرصد والاستشعار الحراري مقدمة من إسرائيل، وقد وصلت الشحنة، طبقاً لتقارير صحفية نُشِرَت مطلع يناير 2012، عبر الحدود الأوغندية إلى داخل جوبا.

حوالة لم تصل


أصابني الملل في جوبا لعدم انتظام المواعيد واللقاءات الرسمية، قلت لزميلي بعد أن واجهتنا أزمة مالية أن علينا أن نتجه إلى البنك كي نصرف الحوالة التي أرسلتها لنا الصحيفة عبر شركة تحويل أموال عالمية، استقلَّ كلٌ منا دراجةً نارية واتجهنا إلى وسط جوبا كي نصرف الحوالة، بمجرد دخولنا البنك واجهنا زحامٌ شديد، انتظمت في الصف لأسأل مَنْ جاورني «منذ متى وأنت تجلس هنا؟»، قال «منذ الساعة التاسعة»، الساعة الآن الحادية عشرة والنصف، أضاف «انقطعت الكهرباء مرتين خلال الساعتين الماضيتين»، لم يكمل جملته حتى توقفت جميع الأجهزة وتوقف العمل بعد أن انقطعت الكهرباء مرة ثالثة، وبعد خمس ساعات من الانتظار مع بطء العمل وصلني الدور لأقف أمام الصراف الذي قال، بعد أن تسلم جواز سفري ورقم الحوالة: «لم تصل هذه الحوالة»، عدت وزميلي بخيبة أمل.

مواطنون من جنوب السودان يرفعون علم إسرائيل




 

«شالوم».. فندق باسم إسرائيلي في جوبا (الشرق)




 

جراف




نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٤٥٧) صفحة (٢٣) بتاريخ (٠٥-٠٣-٢٠١٣)