جاء التحالف العربي الذي أطلق بقيادة السعودية عام 2015، بناء على طلب من إدارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كنتيجة حتمية لفشل الأمم المتحدة وتخاذلها، وجاء التخاذل من ممثلها في اليمن جمال بنعمر إبّان الحوار الوطني الذي اتخذ موقفا منحازا ومتخاذلا قبل عام من اجتياح قوات صالح وميليشيات الحوثي المرتبطة بنظام ولي الفقيه في إيران للعاصمة صنعاء والانقلاب على الشرعية، ضاربة العملية الانتقالية في هذا البلد عرض الحائط، ودون التفكير في إنسان اليمن، ولم يكن همهم سوى الاستيلاء على البلاد.
"وسمح موقف الأمم المتحدة المتخاذل، والتي كان من المفترض أن تشرف على العملية الانتقالية بعد تنحي الرئيس علي عبد الله صالح، أن تسقط البلاد في قبضة الميليشيات المذهبية والفوضى بدعم وتخطيط من الراعي الإيراني الذي كان في الوقت نفسه يكافئ على مشاريعه المزعزعة لاستقرار المنطقة باتفاق يخفف عنه العقوبات الاقتصادية ويتيح له بالتالي تمويل مخططه الشيطاني."
وأمام عجز أو حتى تواطؤ الأمم المتحدة على وقف انهيار العملية الانتقالية وانهيار الدولة، طلب هادي مساندة دول الجوار، التي سارعت إلى تشكيل تحالف عربي نجح في الأشهر الأولى في إعادة مناطق واسعة من البلاد إلى حضن الشرعية، وضخ في موازاة ذلك مليارات الدولارات لإعادة إعمار ما دمرته الميليشيات من مرافق عامة وطبية وبنى تحتية وإعادة العجلة الاقتصادية للبلاد.
وأصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراره رقم 2201 في 15 فبراير 2015 وكان بالإجماع في جلسته رقم 7382، طالب فيه جماعة الحوثيين بسحب مسلحيها من المؤسسات الحكومية، واستنكر القرار تحركات الحوثيين الذين تدعمهم إيران لحل البرلمان والسيطرة على مؤسسات الحكومة اليمنية واستخدام أعمال العنف لتحقيق الأهداف السياسية، والاستيلاء على المنابر الإعلامية للدولة ووسائل الاعلام للتحريض على العنف. كما طالب القرار الحوثيين بالانخراط في مفاوضات السلام التي يرعاها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بنعمر، وبالإفراج عن الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح وأعضاء الحكومة، الموضوعين جميعا تحت الإقامة الجبرية منذ استولى الحوثيون على السلطة. وأعلن المجلس استعداده لاتخاذ "مزيد من الخطوات" إذا لم تنفذ الأطراف في اليمن القرار، بما فيها استخدام البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح باستخدام القوة أو العقوبات الاقتصادية لفرض تنفيذ القرارات.[1]
وفي تقرير لسكاي نيوز قالت فيه إن سجل الأمم المتحدة منذ تأسيسها عام 1945، يحفل بإخفاقات ملموسة، في حل أو حتى إدارة النزاعات حول العالم لاسيما في الشرق الأوسط، وتوجت في السنوات الست الماضية بفشل ذريع في وقف العنف والفوضى بالمنطقة العربية، حيث عملت من حيث تدري أو لا تدري على قلب الحقائق ونشر معلومات مضللة كان آخرها الفضيحة المتمثلة بتقرير "غير دقيق ومضلل" عن التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن.
طعن التحالف العربي
وأضافت "سكاي نيوز" في تقريرها: قابلت الأمم المتحدة التضحيات الجمة التي قدمها التحالف العربي لحماية اليمن من السقوط في الفوضى وقبضة الميليشيات المذهبية والسير قدما بالعملية السياسية بناء على مقررات المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار وقرار مجلس الأمن 2216، بسلسلة من الضربات الغادرة، كان آخرها تقرير اعتمد على معلومات مضللة، حسب ما قال مندوب السعودية في المنظمة الدولية عبدالله المعلمي. والاعتماد على المعلومات الكاذبة والمضللة ليس بالأمر المستغرب، فسجلات الأمم المتحدة في هذا السياق حافلة بتقارير مغلوطة بسبب اعتمادها على منظمات ومؤسسات محلية إما خاضعة لقوى أمر الواقع المتمثلة بالحالة اليمنية بالميليشيات المسلحة، أو موالية لقوات مرتبطة بنظام شمولي يعمل على استمالتها عبر سياسة العصا والجزرة.
ومنذ بدء الأزمة اليمنية، لم تحد الأمم المتحدة عن سياستها القائمة على الاعتماد على مصادر معلومات غير موثوقة وغير حيادية، تحت ذريعة عدم التمكن من العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات إلا من خلال قنوات مرتبطة بالمسلحين، وهو نهج سار عليه بنعمر وخلفه إسماعيل ولد الشيخ المتهم بالتعامل من وراء الكواليس مع مرتزقة الحوثي وصالح.
غوتيريس على خطى بان
وعلى خطى السلف بان كي مون، سار "رئيس" ولد الشيخ، أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي فشل في إدارة الأزمة اليمنية وغيرها من الملفات الساخنة في المنطقة، الأمر الذي عزز الصورة المهزوزة للمنظمة الدولية التي باتت مثار تهكم، ووصل به الأمر إلى السماح بتمرير قرار يضع فيه الميليشيات المذهبية والقوى الشرعية والداعمة لها في تقرير واحد.
وإصرار الأمم المتحدة على العمل في صنعاء التي تحتلها الميليشيات المذهبية وعدم التواجد في مناطق الشرعية، يجسد انحيازها ويبرر حتما صدور مثل هذه القرارات الكاذبة التي تساير الانقلابيين الذين يتحملون وحدهم مسؤولية الأوضاع الإنسانية الكارثية التي وصلت إليها البلاد، حيث بات الجوع والفقر والمرض والموت يهدد ملايين المواطنين.
وخير مثال على ذلك، اتخاذ صنعاء مقرا لعمل منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، جيمي ماكغولدريك، الذي لا يتواصل مع الحكومة الشرعية في عدن، ويحصر عملية استقاء المعلومات على جمعيات مرتبطة بشكل أو بآخر بالميليشيات، ما يضع مصداقيته ومصداقية تقاريره التي يرفعها إلى المنظمة على المحك ويجردها من أي قيمة فعلية.
تقرير زائف
والتقرير الذي نشرته يوم 06يونيو 2016 سبب أزمة وهو بخصوص انتهاكات حقوق الاطفال في اليمن، وبموجبه تم ادراج السعودية ضمن القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الانسان، مما أثار موجة من الاستياء لدى دول التحالف، الامر الذي جعل بعثات دول مجلس التعاون الخليجي في الأمم المتحدة تطالب لأمين العام الأممي بان كي مون بتصحيح تقريره حول أطفال اليمن الذي صدر قبل يومين، والذي يلقي مسؤولية سقوط ضحايا من الأطفال على غارات التحالف العربي.
السفير السعودي في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، وصف تقرير المنظمة الدولية بغير الموفق والمبالغ فيه. ستأخذ منحى جديدا بعد اعلان الامم المتحدة أنها ستعيد صياغة التقرير المتعلق بانتهاكات حقوق الاطفال باليمن.

والحكومة اليمنية أيضا رفضت التقرير واعتبرته غير منصف ويحتوي على الكثير من التحامل وهو موقف ينسجم مع تصريحات المتحدث باسم التحالف العربي آنذاك العميد أحمد عسيري الذي قال إن التقرير يحمل معطيات متناقضة وغير مبنية على أسس منهجية صحيحة.
التقرير مثار الخلاف كان قد أشار إلى ارتفاع عدد الأطفال الذين قتلوا أو تعرضوا للإصابة في اليمن خلال العام 2015 إلى 1953، وهو ما يمثل نحو ستة أضعاف عددهم عام 2014. وذكر التقرير أن 60% من هؤلاء قتلوا أو أصيبوا في غارات جوية للتحالف العربي، و29% منهم بسبب القتال البري وهجمات الحوثيين.
وقطعًا تراجعت الأمم المتحدة، لعملها أن المعلومات التي اعتمدت عليها غير دقيقة ولا تمت للواقع بصلة، ونؤكد أن مثل هذا يدلل على أن الأمم المتحدة ترى بعين واحدة، وتراقب بعين واحدة، لأنها في الأصل تعتمد على مصادر من صنعاء.
ماكغولدريك المنحاز

وفي تقريرها الآنف الذكر أشارت "سكاي نيوز" إلى تحركات ماكغولدريك في اليمن وأنها كانت مرهونة بموافقة وتصاريح من الميليشيات، وهو ما يقيد عمله على صعيد تسليط الضوء على انتهاكات الانقلابيين الذين باتوا حكما يتحكمون بمسار عمل الأمم المتحدة عبر قلب الحقائق وتزييف الوقائع والتعتيم على معاناة اليمنيين في المناطق التي يحاصرونها على غرار محافظة تعز ومركزها مدينة تعز.
وأضاف التقرير: لتكتمل فصول المؤامرة، يعمل موظفو المنظمة الدولية على تسهيل عملية إدخال أشخاص لا يحملون أي صفة دبلوماسية أو إغاثية عبر طائرات تابعة للأمم المتحدة، وهو انتهاك صارخ للامتياز الذي منحه التحالف العربي بعدم التفتيش وتسهيل المرور للطائرات الإغاثية، ما سمح للانقلابيين باستقدام إرهابيين من لبنان وإيران إلى مناطق سيطرتهم لتدريب مسلحيهم وتقديم الدعم العسكري.
وحتى المساعدات الإنسانية التي توزعها المنظمات وأبرزها مركز الملك سلمان للإغاثة، لم تسلم من استغلال الحوثيين وتواطؤ الأمم المتحدة التي تتغاضى عن مصادرة الانقلابيين للقوافل المحملة بالمواد الغذائية والطبية، وذلك بعد أن أوكلت مهمة مراقبة هذه القوافل إلى شركات نقل في صنعاء عوضا عن تسليمها لمراقبين محايدين.
الخارجية اليمنية ضد ماكغولدريك
و أكد مصدر مسؤول بوزارة الخارجية اليمنية، بانحياز بيان منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، جيمي ماكغولدريك، مما يثير الريبة والشك في الأهداف الحقيقية التي يسعى لتحقيقها وخلفياتها من وراء تكرار مواقف ماكغولدريك، والانحياز لميليشيا الانقلاب الإرهابية رغم الجرائم التي تقترفها ضد المدنيين، بكافة أنواع الأسلحة والاختطافات المستمرة للمواطنين وحصار القرى والمدن، والتي كان أخرها قرية الحيمة بمحافظة تعز والاعتقالات والاعدامات الجماعية التي مارستها بحق معارضيها وكان اخرها التمثيل بجثة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وعدد من قيادات حزب المؤتمر وكوادره.
وقال المصدر في تصريحات صحفية، إن البيان الصادر عن مكتب منسق الشئون الانسانية جيمي ماكغولدريك بتاريخ 28ديسمببر 2017، جاء متحيزا ومسيسا وغير مهني ولم يتطرق من قريب او بعيد لجرائم الانقلابيين ومتجاهلا الأوضاع الحقيقية المأساوية التي صنعتها الميلشيات وأدت إلى مزيد من الانتهاكات ومصادرة الأموال وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وترويع المواطنين، وتحويل العاصمة صنعاء إلى سجن كبير”.
واستغرب المصدر من تعمد تسميتها (بسلطات الأمر الواقع)، مخالفاً في ذلك قرارات مجلس الأمن وبيانات الأمم المتحدة في محاولة منه لإضفاء الشرعية على ميليشيات الانقلاب في اليمن، واستمراراً في تضليل الرأي العام الدولي، وهو ما أكدته مكاتب ومنسقيات أخرى في المنظمة الدولية ومكاتبها ومندوبياتها في عدة دول ومنظمات حقوقية وإنسانية سجلت الانتهاكات التي قامت بها الميليشيات الإرهابية بدعم واضح وجلي من إيران بالتفصيل والتوثيق المرجعي الذي كان الاحرى بمكتب منسق الشؤون الإنسانية الاستفادة منها وكان بالإمكان الاستعانة والتواصل مع خلية الاجلاء والعمليات الإنسانية لقيادة قوات التحالف للاستفسار وتقصي الحقائق عن تلك المعلومات المضللة التي جاءت في البيان.
وأضاف المصدر، “أن الخارجية اليمنية التي تؤمن بأهمية دور الاطر الدولية العاملة، في حماية حقوق الإنسان تدعوا منظمة الأمم المتحدةـ إلى إعادة النظر واجراء التحقيق في الأهداف الحقيقية، التي تدور في إطار مكتب منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، بل ويدعو اليمن إلى تغيير جذري لطاقم مكتب المنسق وفي المقدمة ماكغولدريك، مما يتيح تقييم أخلاقي وحقيقي وغير مسيس وغير متحيز للانتهاكات التي قامت وتقوم بها الميليشيات الإرهابية الحوثية والتي تطال المدنيين وأدت إلى القتل وزيادة عدد المعاقين والغير قادرين على ممارسة حياتهم الطبيعية”.
وحملت الخارجية اليمنية الميلشيات الايرانية مسؤولية اعمال العنف واستهداف المدنيين الابرياء في كافة المحافظات اليمنية وعدم احترام مبادئ القانون الدولي الانساني وتؤكد ان هذه الجرائم يجب ان تحظى بإدانة دولية واسعة وعدم التستر عليها في ببيانات مضلله ومنحازة من بعض المسؤولين الدوليين، مؤكدة أن المرتكبين لهذه الجرائم من المليشيا الحوثية ومن يقف خلفهم سوف يخضعون للمحاسبة الوطنية والدولية عاجلا ام آجلا.[2]
نهب المساعدات
وايضًا ذكر تقرير "سكاي نيوز" أن الميليشيات المتمردة تعمل على إعادة توجيه القوافل وفق مصالحها أو حتى مصادرة المواد وإعادة بيعها في السوق لتمويل عملياتها العسكرية ضد القوات الشرعية وسط صمت مطبق أو حتى بتواطؤ من ممثلي الأمم المتحدة، الذين تحولوا إلى أداة بيد المتمردين ينفذون أجندتهم ويساهمون في تعقيد الأزمة اليمنية التي دخلت عامها الرابع.
كما يدفع الأطفال في اليمن ثمن تخاذل الأمم المتحدة التي تتغاضى عن عمليات تجنيدهم لصالح الميليشيات، أو في أفضل الأحوال تكتفي بإصدار بيانات خجولة رغم تأكيد منظمات حقوقية عدة أن الانقلابيين يقحمون بشكل منهجي المراهقين في أتون الحرب، ويستخدمون المدنيين، بمن فيهم الأطفال، دروعا بشرية.
جرائم الميليشيات وتجنيد الأطفال
ودائما ما تجد تقارير ممثلي الأمم المتحدة أسبابا تخفيفية لجرائم الميليشيات التي تعد انتهاكا صارخا للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وهو ما يشجع الميليشيات أكثر فأكثر على ارتكاب مزيد من الجرائم بحق الإنسانية وتجنيد الأطفال وقصف مناطق المدنيين وحصار المدن والبلدات التي ترفض الانصياع لمشروعهم الشيطاني.
وميناء الحديدة على ساحل البحر الأحمر، يعد بدوره مثال واضح على تواطؤ الأمم المتحدة ممثلة بمجموعة من الموظفين الذين لا يحركون ساكنا أمام التجاوزات التي تجري في الميناء ومساومات تجار الانقلابيين على البضائع، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وخلق سوق سوداء في المشتقات النفطية.
ويؤدي ذلك أيضا إلى تفاقم الأزمة الانسانية في ظل غياب وصمت الأمم المتحدة، والادعاء أن الميناء هو شريان اقتصاد اليمن دون التركيز على ممارسات تجار الانقلابيين، التي تمول المجهود العسكري الانقلابي الرامي إلى إطالة النزاع وفق الأجندة الإيرانية القائمة على ضرب استقرار المنطقة.
وتحولت بذلك الأمم المتحدة إلى سلاح بيد الميليشيات المتمردة ضد الشرعية والتحالف العربي الذي يحرص على العمل وفق المواثيق الإنسانية والتعاون مع الأمم المتحدة وحماية المدنيين، ولا يتوانى عن إصدار بيانات شفافة في حال خصلت أخطاء نتيجة اتخاذ الحوثيين وقوات صالح للمدنيين دروعا بشرية.[3]
يتبع...
ــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
[1] راجع قناة الحرة الحرة: https://www.alhurra.com/a/security-council-to-adopt-yemen-resolution-/266449.html
[2] وكالات عالمية وصحف
[3] المصدر: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/986310-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%94%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D9%83%D8%A7%D8%B0%D8%A8%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%B0%D9%84-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك