(1)
الطريق الطويل لم يختصر.. بل ربما انه ازداد طولاً هذا هو حال سوريا بعد " ضربة العضلات الترامبية" فالضربة لم تقدم ولم تؤخر، ولم تغير النتائج على الواقع، بل زادتها تعقيداً، ولم يكن هناك ما يشي بأن ترامب يود السير قدما لحل هذه الأزمة، بل هناك ما يدلل على حسابات أخرى، تدفع به للمسير نحو أن يكون الطريق طويلا.
والمتفائلون الذين يقولون إن هذه الضربة ذات جدوى فيرونها من باب أنها ستقود إلى الحل السياسي، أو أنها ستسرع العملية السياسية التي لم تتزحزح من مكانها طوال أيامها الجنيفية والاستانية على مدى الأشهر الكثيرة، ولكن ليس من دلائل توضح هذا. وحتى ‘لى أرض الواقع فإن عمليات استهداف مواقع مؤثرة أو تعطي نتائج إيجابية على أرض المعركة يصعب الآن فـ "مايكل أوهانلون" يقول: " لا يبدو أن هنالك خطوة عسكرية واضحة قد تتبعها. فالقوات الروسية الموجودة في القواعد العسكرية السورية تجعل من الصعب على الولايات المتحدة استهدافها".
الأفكار التي يتبعها السياسيون ليست ذات جدوى على الأرض، فأنت تخطط على الورق، وغيرك يخطط على الأرض فأيهما أقوى هنا أن تكون إنساناً نظرياً أو عملياً؟ أو هل تستفيد القوى العالمية من العملي لتنتهج نهجاً نظرياً يقربهم إلى الأرض؟ أم أنها لن تخلو كل توجهاتهم من طريق شاق وطويل؟
الاستراتيجية الأمريكية التي تتجه إليها لا تؤشر إلى إيجابية فاعلة في المنطقة، بقدر ما تكون مجرد فقاعات ستظهر وتختفي بين فينة وأخرى، تأتي حسب مطالب الأصدقاء، طبعاً أصدقاء الدولار، والحديث السياسي أو الإعلامي الذي يدور عن التفكير في إعادة الإعمار وتقسيم الكعكة على الشركات التي ستقوم بها، وما إلى ذلك من أخبار أو تقارير إنما هو كالحديث عن ضربة مطار الشعيرات، لا فائدة تجنى من ذلك.
في المقابل سنلحظ أن ردة الفعل السورية كانت هادئة ، ولم تسعى مع حليفتها روسيا إلى التصعيد تجاه الضربة، بل مررتها مع بعض التنديد من قبل الروس، ومع اعتراف منهم أن أمريكا رتبت معهم قبل الضربة. لا شيء يسير في غير السياق الذي تريده القوى العالمية، ولكن هناك بعض المؤثرات التي تدعونا إلى اتخاذ خطوات خارج السياق لكنها غير مؤثرة، ولن تغير شيئاً في مسار الخطط الأرضية.
حتى تحركات روسيا البحريو وارسال فرقاطة صواريخ في البحر المتوسط، وتصريحاتها بتعزيز الدفاعات الجوية السورية، لن يشذ عن السياق، ولا يؤثر على الواقع السوري، الذي سينتد وقتاً طويلاً في ظل الشواهد الحالية التي لا تخبرنا بشيء جديد.
نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط دراسة للكاتب مايكل ايزنشتات رأى فيها أنه يجب على الولايات المتحدة عندما تريد القيام بأي عمل عسكري، أن تأخذ بالاعتبار عدة أمور:
- ألا تضع الخطوط الحمراء إلا إذا كانت مستعدة لفرضها.
- التصدي لمحاولات اختبار حدود صبر الولايات المتحدة، حيث إن الإخفاق في الرد سيؤدي إلى المزيد من التحديات.
- ردع أي استخدام للأسلحة الكيميائية وغيرها من الانتهاكات.
-ألا يقتصر الاستهداف على (مطار الشعيرات) وإنما ضرب الأهداف ذات الأهمية للدولة السورية.
- أن يكون واضحاً بأن ضرب مطار الشعيرات قد لا يكون لمرة واحدة فقط.
- أن تهدد بشن ضربات أخرى لاختبار إمكانية العمل بالدبلوماسية متعددة الأطراف، والضغط على سورية للتخلص من مخزوناتها من الأسلحة الكيميائية "غير المعلن عنها"، ودفعها للامتثال لوقف إطلاق النار مع المسلحين في جميع أنحاء البلاد.
وأشار الكاتب ايزنشتات إلى نقطة في غاية الخطورة وهي استقطاب " قوى متمردة " غير سلفية قادرة على جذب " السنة " وابعادهم عن المتطرفين!! وخطورة هذا التوجه تكمن في التجارب العديدة التي تمارسها واشنطن في جميع حروبها على العالم من حيث إيجاد قوى موازية لأي جيش على الأرض، مع إيجاد تنظيمات تتحرك على أرض الواقع، وتحمل أوامرها واستراتيجياتها وخططها من الولايات المتحدة، وتحقق مصالحها بغض النظر عن البلد الذي تعيش فيه.. وأمثلة ذلك كثيرة جداً.
إن الأمر هنا لا يتوقف على دولة واحدة بل على العالم، فكونك تصنع لك يداً جديدة في المنطقة يعني أنك تريد إطالة أمد الحرب في سوريا أو في المنطقة بشكل عام، وهذا ما لا تريده دول المنطقة ولن تقبل به.. ومع هذا فإنه بالإمكان تنفيذ هذا الأمر على أرض الواقع وقد يحدث إن لم تكن شرعت أمريكا في تنفيذه!!
يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك