‏إظهار الرسائل ذات التسميات سوريا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سوريا. إظهار كافة الرسائل

السبت، 12 يناير 2019

أيضا لعبة القط والفأر بين أمريكا وإيران

باختصار


إيحاءات دخول حاملة الطائرات الأميركية John C. Stennis جون سي ستينيس؛ إلى الخليج العربي، تقول إن ذلك من أجل الكلمات النارية التي يرد بها الإيرانيون على التصريحات الأمريكية، وكأنها توضح أننا نفعل ولا نقول، ولكن القارئ لكل التصاريح الأمريكية منذ وصول الملالي إلى الحكومة تخبرنا أنها "جعجعة بلا طحن"، وأن الحرب الكلامية هي سياسة تم أخذها من استراتيجية "العدو الإعلامي" مع تحوير بسيط لها، وهو أن يستمر التراشق بين الدولتين علنًا، ويتم استهداف ما جاور إيران من مناطق ودول.

لكن وصول الحاملة يعد خطوة نحو الأهداف التي تود تحقيقها أمريكا في المنطقة، وليس هدفها مراقبة الأنشطة الإيرانية بعد تهديدات طهران بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية.

العالم العربي برمته بات لا يصدق أي شيء يصدر عن أمريكا ضد إيران، خصوصًا وأنهم في كل سنة يستفزون بعضهما ما لا يقل عن عشر مرات، دون أن يكون هناك أي تغيّر في السياسة بينهما، وكما يعلم العرب فإن هذه السياسة لا يحافظ عليها سوى إسرائيل، لأن علاقتها مع إيران قوية، فهما يحملان هدفًا واحدًا هو تدمير العرب لصنع إسرائيل الكبرى، فمنذ احتلال الأخيرة فلسطين وإيران هي أول من مد يد العون لها عبر خط أنبوب البترول الذي عمل بين طهران وتل أبيب.. ولهذا التعاون بعده الاستراتيجي الذي يخلخل المنطقة.

قبل عشرة أيام قال ترامب في تصريح له إن إيران لم تعد الدولة التي كانت سابقا منذ وصوله الرئاسة، وأنها تراجعت كثيرا، واعتبر ترامب خلال اجتماع مع فريقه الحكومي في البيت الأبيض أن إلغاء الاتفاق النووي فتح الباب أمام وقف طموحات إيران في السيطرة على الشرق الأوسط. وقال ترامب إن إيران لم تعد الدولة التي كانت عليها يوما ما. بالرغم من أنهم لا يزالون يتصرفون كما يحلو لهم في سوريا إلا أنهم يسحبون قواتهم وميليشياتهم من هناك، كما يسحبونها من اليمن.

وأضاف وقتها: أن القوات الأميركية ستنسحب من سوريا بعد فترة زمنية، مشيرا إلى أنه لم يحدد أبدًا أربعة أشهر جدولا زمنيا للانسحاب. وأن واشنطن سوف تستمر في القتال ضد داعش، ولن تخذل أحدا.

القراءة المنطقية لهذا تقول: إن ترامب يقول لإيران سنحارب السنة في سوريا، ولهذا استعدوا لذلك، فنحن معكم، ولسنا ضدكم، ولن نخذلكم، إنما تجهزوا للقادم. فالمفهوم من كلمة "داعش" في السياسة الأمريكية هو "السنّة" لا غير، ولهذا علينا أن نعي الدروس الأمريكية التي تقول شيئًا وهدفها شيئًا آخر.

فكم من التهديدات التي قالتها أمريكا ضد إيران ولم تخدش جدارًا في إيران؟ وكم من الردود الساخنة التي توجهها إيران ضد أمريكا، ولم تحرك ساكنًا، وكم من الاستفزازات التي تقوم بها إيران في مضيق هرمز ضد القوات الأمريكية ولم تتقدم هذه القوات خطوة تجاه طهران.

الأحد، 21 أكتوبر 2018

علاقة حزب الله بإسرائيل

لا شيء يهز العالم 24




كتب خير الله خير الله مقالة تحت عنوان "ما علاقة إسرائيل بسلاح حزب الله"؟[1] افتتحها بقوله: " لا يستطيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قول الكلام الذي قاله عن أن سلاح “حزب اللّه  "لا يتناقض مع مشروع الدولة" مبررا وجود هذا السلاح بوجود احتلال إسرائيلي. هذا عائد أساسا إلى أن الأحداث تجاوزت سلاح حزب الله. لم يعد مطروحا الكلام العام عن دور هذا السلاح في التصدي لإسرائيل، اللهمّ إلا إذا كان مطلوبا افتعال حرب جديدة تعود بالويلات على لبنان كما حصل تماما صيف العام 2006".

وقطعًا كان يسعى عون في تلك الفترة أوائل 2017 عقب التبرع السعودي بتسليح الجيش اللبناني الذي تم سحب هذا التبرع بعد أن علمت السعودية أن الدولة اللبنانية لا تقوم كدولة بل إن مسارها يتخذ شكل العصابات التي يؤلفها حزب الله، وبالتالي فإن المؤسسة العسكرية لن يكون لها وجود على أرض الواقع طالما أن هذا الحزب يتحكم في مصير لبنان، ويساند إسرائيل ويحميها، ويدعي أنه حزب مقاوم في الوقت الذي ينقض فيه كل ما هو في بمصلحة لبنان أولا ثم العالم العربي ثانيًا.

وأضاف خير الله في ذات المقالة " يحتاج هذا التوصيف الدقيق إلى توضيح. فحوى التوضيح أن الربط بين سلاح “حزب الله” وإسرائيل هو ربط في غير محلّه. إنّه ربط لا يقدّم ولا يؤخّر إذا أخذنا في الاعتبار الوظيفة الدائمة لـ“حزب الله” بصفة كونه لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، وهي وظيفة تخدم دولة معيّنة اسمها “الجمهورية الإسلامية في إيران” تمتلك مشروعًا خاصًا بها قائمًا على الاستثمار في كلّ ما من شأنه إثارة الغرائز المذهبية".

وربط خير الله بين سوريا وإسرائيل وحزب الله، والذريعة التي تسعى إليها سوريا من أجل إبقاء سلاح هذا الحزب في مكمن التنفيذ عندما تريد هي أو إسرائيل، ولهذا فإن احتلال سوريا لمزارع شبعا هو المبرر الذي يبقي سلاحه جاهزًا، وأفاد إن أي عدوان من قبل إسرائيل لم يحصل ولكن"  القوات السورية بقيت في مزارع شبعا التي احتلتها إسرائيل مع الجولان في حرب الأيّام الستة، عندما كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع في “سوريا – البعث” التي صارت لاحقا، بعد العام 1970 “سوريا ـ الأسد".

وأضاف: "تكمن أهميّة سلاح “حزب الله” في أنّه قادر على التماهي باستمرار مع المشروع الإيراني. لم يكن هذا السلاح في يوم من الأيّام، على الرغم من وجود وجهة نظر مخالفة لدى كثيرين، في مواجهة مع إسرائيل. استخدم هذا السلاح في القضاء على أحزاب لبنانية مرتبطة باليسار تمارس المقاومة لإسرائيل. أُسكتت هذه الأحزاب باكرا قبل أن يأتي دور حركة “أمل” التي فضلت في نهاية المطاف، بعد مواجهات عنيفة سقط فيها آلاف القتلى، إيجاد صيغة تعايش مع الحزب تحت شعار ما يسمّى “الثنائية الشيعية".

وسأترككم لتكملة هذه المقالة للكاتب لأنه من المهم قراءته:" في مرحلة معيّنة، قبل الانسحاب الإسرائيلي، كان سلاح “حزب الله” الذي ورث السلاح الفلسطيني وسيلة لتحوّل الطائفة الشيعية في لبنان رهينة لدى إيران. بعد الانسحاب، صارت هناك استخدامات أخرى للسلاح في لبنان وخارج لبنان. الهدف، بكل بساطة، تحويل لبنان مستعمرة إيرانية وقاعدة تعمل منها إيران ضد دول عربية عدة، خصوصا في الخليج.

من يعرف ولو القليل عن اليمن والتطورات فيه، يدرك إلى أيّ حد هناك تورّط لـ”حزب الله” في دعم الحوثيين (أنصار الله) منذ ما يزيد على خمس عشرة سنة. لا حاجة إلى الدخول في التفاصيل اليمنية، بما في ذلك تدريب الحوثيين على شنّ عمليات عسكرية، وهو تدريب حصل في اليمن وخارجه. ولا حاجة إلى الإشارة إلى العلاقة بين “حزب الله” وما يدور في البحرين أو السعودية، وحتّى الأردن في مرحلة ما. هذه العلاقة حالت دون حضور الملك عبد الله الثاني القمّة العربية التي انعقدت في بيروت في آذار ـ مارس من العام 2002. تجاوز دور “حزب الله” الحدود اللبنانية منذ زمن بعيد. إنّه شريك في الحرب على الشعب السوري. لعب سلاحه دورا مهمّا في تهجير سوريين من أرضهم، وذلك في وقت هناك تنسيق تام في شأن سوريا بين روسيا وإسرائيل!

في الإمكان الاسترسال في الكلام عن أدوار لـ“حزب اللّه” في غير مكان، بما في ذلك السودان، كما يمكن العودة إلى دوره في مصر في عهد الرئيس حسني مبارك وتهريب السلاح إلى غزّة ومحاولة تهريب السلاح إلى الضفّة الغربية لمصلحة “حماس” وأطراف معادية للسلطة الوطنية الفلسطينية.

على هامش ذلك كلّه، لا يمكن تجاهل دور “حزب الله” في العراق، من زاوية ميليشياوية ومذهبية، وحجم العداء لكلّ ما يربط بين العرب ولبنان، خصوصا أهل الخليج الذين قرّر الحزب جعلهم يزيلون لبنان من خارطة البلدان التي يزورونها. لكنّ ما هناك حاجة إلى التذكير به دائما هو أنّ سلاح “حزب الله” استخدم في لبنان في مناسبات عدّة، وذلك على الصعيد الداخلي. من حماية المتّهمين باغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وصولا إلى منع مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية طوال سنتين ونصف سنة، مرورا بغزوة بيروت والجبل في أيّار ـ مايو 2008.

هناك آلاف الأمثلة على الأدوار التي لعبها سلاح “حزب الله” لمصلحة نشر ثقافة الموت في لبنان. كذلك يظل مفهوما ومفيدا التذكير بأنّ سلاح “حزب الله” خرق للقرارين 1559 و1701 الصادرين عن مجلس الأمن. وافق “حزب الله” على كلّ حرف في القرار 1701 الذي أوقف “الأعمال العدائية” في صيف العام 2006 نتيجة حرب افتعلها “حزب الله” مع إسرائيل ولم يعد قادرا على الذهاب إلى النهاية، بل حوّلها إلى انتصار على لبنان. لا يزال لبنان يدفع إلى اليوم فواتير تلك الحرب، بما في ذلك فواتير الدور الذي يلعبه السلاح غير الشرعي داخل أراضيه وخارجها، والذي يهدّد كلّ مؤسسة من مؤسساته الوطنية، بما فيها الجيش وقوى الأمن."

بعد هذه المقالة ستقرأون دور إيران في المنطقة، وتماهيها مع إسرائيل ومع المخططات الغربية ضد المنطقة، لتكتشفوا أن ما يفعله حزب الله في لبنان هو نفس ما فعله الملالي في إيران، حيث أن إيران كانت قوة إقليمية يخشاها، لتنهار مع مجيء الملالي إليها، مباشرة، وليتضح عدم قيام دولة فيها بل إنها مجرد عصابة كعصابة حزب الله تتحكم في القرار، فقط. ولكن ما يعجب له القارئ السياسي هو كيف رضي اللبنانيون بعيش كهذا؟ وكيف يعيشون وسط هذه الفوضى؟ ولماذا هذا الصبر على هذا الحزب؟ إذ يفترض أن شعب لبنان مثقف وواعٍ، ولكنه مع ذلك يتماهى مع مشروع العصابات الذي يقوم هذا الحزب. هل من رجل رشيد يدلنا على حل ليكون لبنان دولة، لا حزبا؟!

[1]  العرب: https://alarab.co.uk/node/102615

الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

كذبة انتصار حزب الله عام 2006م بالأرقام

لا شيء يهز العالم 23

خسائر لبنان أكثر من 15 مليار دولار


قال حسن نصر الله بعد حرب عام 2006م : "نحن أمام نصر استراتيجي وتاريخي". وهذه حقيقة بالنسبة له ولإيران، فأن يكسر لبنان، وأن يحقق أهداف أعداء الأمّة العربية هو نصر بالنسبة لهم، وهذا ما دعاه إلى استفزاز إسرائيل وربما باتفاق معها ومع إيران على اختطاف جنديين في سبيل تحقيق هدفين: تحرير الأسرى، وتحرير الأرض (بحسب تصريحات حسن نصر الله). وبعد أن عمّ الدمار لبنان، عاد واعتذر، ورأى أنه لم يكن يتصور أنه سيحدث، فما هي حقيقة هذا النصر الذي يتحدث عنه نصر الله، لنقرأ معًا ما جمعته من لفيف من المواقع والكتب الشرخ الذي أحدثته هذه الحرب، والنصر المزعوم، والوهم المزروع في قلوب أتباعه، فبعد انتهاء الحرب:

ـ ازداد عدد الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، ووضعت أراضٍ أخرى تحت قبضة اليونيفل.
ـ  مزارع شبعا لم تحرر، ومقاتلة إسرائيل من أجل المزارع ما عادت ممكنة. فبينه وبين المزارع الحدودية الآن حوالي ثلاثين ألف جندي لبناني ودَولي، وهو محتاجٌ لكي يصل للمزارع إلى الاشتباك معهم قبل الاشتباك مع إسرائيل.

ـ صدر قرار من الامم المتحدة يمنع القرار 1701 الذي مرر في آب/أغسطس 2006، حزب الله من تواجده جنوب نهر الليطاني.

ـ حرر حزب الله الجنوب اللبناني من وجوده اللبناني وأصبح الوجود الأجنبي هو الحاضر فيه.

ـ الأسرى ما يزالون موجودين بيد إسرائيل، بل ازداد عدد الأسرى في سجون الاحتلال.

لغة الأرقام

وأورد موقعًا بلغة الأرقام الخسائر التي خسرها لبنان جراء هذه الحرب، التي كان الهدف منها هو مساعدة الاحتلال الإسرائيلي للتوسع في أمنه، وتحت رعاية حزب الله:

ـ تم إتلاف700 كم من الطرق وتدمير 80 جسرًا.

ـ تم تحطيم 28000منزل وخسائر مالية قدرها 12.9 مليار دولار.

ـ عدد القتلى اللبنانيين 2023

ـ عدد القتلى الاسرائيليين 144

ـ عدد الجرحى اللبنانيين 3740

ـ عدد الجرحى الاسرائيليين: 360

ـ خسائر لبنان الأولية وعن وزارة الصحة والمعالجات الميدانية: 44,880 مليون دولار

ـ تكلفة إصلاح الثمانين جسرًا 504 مليون دولار، ولا جسور اسرائيلية مدمّرة .

ـ منازل مدمرة في اسرائيل 11

ـ 14 ألف منزل متصدع في لبنان وكلفة اعادة ترميمها واصلاحها 673,750 مليون دولار، 141منزلًا اسرائيليًا متصدعًا.

ـ تم تدمير البنية التحتية اللبنانية بنسبة 65%، والإسرائيلية لا شيء.

ـ اغلاق ثلاثة مطارات لإصابتها بأضرار، وخسائر لبنان لإعادة ترميمها 200 مليون دولار، وإسرائيل: لا شيء

ـ تلوث الشواطئ اللبنانية والبحر اللبناني بنسبة 40%، وكلفة تنظيفه تعادل 50 مليون دولار، وإسرائيل لا شيء.

ـ أربعة مرافئ بحرية تضررت وأغلقت بحاجة للترميم، وإسرائيل لا شيء.

ـ 61 معملا دمرت بالكامل في لبنان، والخسارة: 610 مليون دولار، ولا معامل اسرائيلية مدمرة.

ـ 23 معملًا تصدعت، وخسارتها 57.5 مليون دولار، ولا معامل إسرائيلية متصدعة.

ـ 3200 محلا تجاريًا لبنانية مدمرة، خسارتها 80 مليون تقريبًا.

ـ تم تدمير 45% من الطرقات في لبنا وإسرائيل لا شيء.

ـ تم إتلاف ما نسبته 70% من الانتاج الزراعي لشهرين فقط، والخسارة تقدر بحوالي 30 مليون. بخلاف عدم الزراعة في لمدة شهرين متواليين وخسارتها تقارب الـ 15 مليون دولار.

ـ خسارة الانتاج الاقتصادي اللبناني بنسبة 100%  أي ما يعادل 132 مليون دولار. واسرائيل: 5,6 %.

ـ كساد موسم السياحة لسنة 2006 وبلغت خسائر لبنان ما يعادل 4.8 مليار .

تم تدمير 1750 سيارة والخسارة الاولية 8.65 مليون دولار، واسرائيل 67 سيارة.

ـ تم تدمير 57 شاحنة لبنانية، والخسارة 2.85 مليون دولار. واسرائيل لا شيء.

ـ تم تدمير 62 مدرية رسمية لبنانية  والخسارة 186 مليون دولار، واسرائيل لا شيء.

ـ خسارة 5 مليارات بسبب وقف الاستثمارات العربية والعالمية في لبنان 100، وفي اسرائيل لا شيء.

وأعلنت مؤسسات أهلية في لبنان بعد الحرب أن مجموع الخسائر اللبنانية الأولية بلغت

15.297,480,000 دولار، فماذا قدم غير النصر للشيطان؟ وهل لبنا يحتاج مثل هذا المدعي ليدافع عنه؟ وأليس مثل هذا يعد عبئًا على لبنان وعلى الأمة العربية؟

والعجيب في الأمر أنه يتردد "أن إسرائيل حكمت على أمين حزب الله في الاختباء في أحد سراديب الضاحية الجنوبية حتى أنه يخشى ان يلقى خطاب أمام مؤيدينه من حزب الله فكل خطاباته تتم من خلال شاشة تلفزيونية" وقطعًا مثل هذه المقولة ليست صحيحة لأن إسرائيل هي التي تحميه، وهو لا يحتمي منها بل من أفعاله السيئة في لبنان والأمتين العربية والإسلامية، ومثل هذه المقولات من باب الدعاية له من قبل حزبه وأتباعه ومن يواليه.

يتبع...

السبت، 1 سبتمبر 2018

موقف الأمم المتحدة في سوريا

لا شيء يهز العالم 19


 

عام 1945 وبينما كان العالم مجتمعًا في سان فرانسسكو من أجل إعلان سيطرة الدول الخمس العظمى على القرار العالمي، وبينما كانت فرنسا تدافع عن حقوقها اللغوية في المؤتمر فإنها في نفس الوقت كانت تسعى إلى تأكيد حقوقها الاستعمارية في سوريا، أي أن قضية سوريا مع الخمسة الكبار، ومع مجلس الأمن كانت من أول يوم نشأ فيه المجلس، وكان من الواضح أنه لا يبدي اهتمامًا نحوها.

والأمم المتحدة في هذه القضية أصدرت في البدء من 2011 حتى 2013م ستة بيانات، و20 قرارًا لمجلس الأمن، واتخذ مجلس الأمن الدولي القرار الرقم (2043)، والذي صدر يوم السبت 21 أبريل 2012 بإجماع الأعضاء كافة على تخويل الأمين العام للأمم المتحدة بإرسال 300 مراقب عسكري مبدئيًا، على أن يكونوا غير مسلحين لمدة 3 أشهر، لمراقبة وقف إطلاق النار في سورية، والنظر في التزام سائر الأطراف بخطة عنان للسلام. وأنشئت البعثة للمراقبة في سوريا لفترة أولية مدتها 90 يوما، وبدأت البعثة مهامها، لكنها قررت تعليق أنشطتها في 15 يونيو/حزيران من العام ذاته، قبل أن توقف عملها نهائيا بحلول أغسطس/آب 2013. وفي 22 يناير/كانون الثاني 2014، وعقدت في سويسرا مؤتمرات جنيف من 1 حتى 8 وجميعها باءت بالفشل أو أريد لها الفشل بمعنى واضح، ومؤتمر جنيف 1 الذي استند إلى هذا البيان، والذي حضره لأول مرة ممثلون عن كل من الحكومة السورية والمعارضة. بينما في آخر مؤتمر وهو جنيف 8 أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ختام مفاوضات "جنيف-8"، مبديًا أسفه لعدم تحقيق تقدم في هذه الجولة، وعدم حصول ما وصفها بـ"مفاوضات حقيقة" بين الطرفين.



وفي العام 2013 حدث تطور جديد في دور الامم المتحدة في سوريا عندما، أصدر مجلس الأمن في 27 سبتمبر/أيلول 2013، القرار الرقم (2118)، الذي طالب بالتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية. واستند هذا القرار إلى الاتفاق الأمريكي الروسي الذي تم في جنيف، قبل نحو أسبوعين من ذلك التاريخ. وأعقبه قرار من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قضى بوضع إجراءات خاصة لتدمير البرنامج الكيميائي السوري، وفق جدول زمني متفق عليه. وقطعًا إلى تاريخه كل ذلك مجرد "حبر على ورق".

إن موقع سوريا الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، حيث تعد مركز خطوط التبادل والتجارة بين هذه القارات، جعل أمريكا وبعض الدول الغربية تسعى إلى السيطرة عليها من أجل مد خطوط الطاقة من الخليج العربي إلى أوروبا عبرها لكسر حاجة أوروبا للغاز الروسي، وكذلك جعل الأراضي والمرافئ السورية ممرا لاستيراد وتصدير البضائع إلى دول الخليج العربي.

"كما إن تموضع سوريا في شمال فلسطين جعل منها هدفا أساسيا لحركة الصهيونية العالمية، يجب السيطرة عليه من أجل تنفيذ مخططاتها في المنطقة، هذا العامل يعطي سوريا أهمية جيوسياسية كبيرة جدا، ولكن بنفس الوقت يعطي سوريا نقطة قوة رئيسية تفرضها الحسابات الدولية نظرا لحساسية هذا الملف المفرطة والمؤثرة وعدم إمكانية المغامرة فيه.

سوريا غنية جدا بالثروات الطبيعية والبشرية والحضارية، ويعتبر البترول والغاز الطبيعي من أهم الثروات الطبيعية، وتليها الفوسفات ثم الملح الصخري والجص والإسفلت كما توجد بعض الموارد الهامة التي تستخدم كمواد أولية في الصناعة كالمارن والغضار والرمال وكذلك في أعمال البناء كالصخور الكلسية والبازلتية والمنغنيز والرصاص والنحاس واليورانيوم والمعدنية كالكبريت والتالك والحرير الصخري (الاسبستوس).

حضارة سوريا تعود لعشرات آلاف السنين، إلى عصور ما قبل التاريخ، ودمشق أقدم عاصمة مسكونة في التاريخ، وتعاقبت على سوريا أعظم حضارات الشرق التي أغنت البشرية بالعطاءات في شتى المجالات أهمها أقدم أبجدية في التاريخ، ففي أوغاريت وماري وإبلا، تم اكتشاف آلاف الرُقم والمحفوظات الضخمة التي تضمنت الكثير من النصوص التجارية والسياسية والقانونية والميثولوجية، كذلك كانت الحضارة الفينيقية والآرامية مرورا بأفاميا وتدمر وبصرى، وهذه المواقع والآثار تفوق في قيمتها النفط والغاز.

جغرافيًا تتمتع سوريا بتنوع تضاريسها، حيث توجد الجبال والسهول والصحراء والبحر والأنهار، مناخها متوسطي معتدل جميل وشمسها دافئة، وهذا يساعد على التنوع الكبير في الإنتاج الزراعي والحيواني وكذلك صيد الأسماك، والأرقام الحقيقية لهذا الإنتاج الضخم قد تدهش الكثيرين وتفوق بكثير الإحصائيات الرسمية.

ولذلك كانت الهجمة الشريرة على سوريا في عام 2011 من قبل المحور الأطلسي الذي دعم الإرهاب القادم من خارج حدود سوريا سياسيا ولوجستيا وماليا وإعلاميا سراً وعلانية من أجل السيطرة على سوريا ووضعها في طرفه ضمن المعادلة الدولية، ولكنه اصطدم بوحدة الشعب السوري العريق بكل أطيافه الذي قدم مئات الآلاف من أبناءه لتبقى سوريا، والذي دعمه المحور الأوراسي المقاوم للهيمنة الأميركية بقيادة روسيا الاتحادية، وهنا تترسخ المعادلة الدولية في المعنى الجيوسياسي فالمحور الذي ستكون سوريا طرفا فيه سيكون قادر على التأثير في الكثير من المعطيات الدولية الهامة[1]."

 

في تقريرها لعام 2017م  قالت "هيومن رايتس ووتش":

جهود الولايات المتحدة وروسيا، وتدخلهما المتعاظم بسوريا للتوصل إلى تسوية سياسية عام 2016، فشلت إلى حد كبير في تقليص الانتهاكات الفادحة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي باتت سمة النزاع المسلح هناك.

وكشفت عن أنه بلغ عدد القتلى جراء الصراع 470 ألفا حتى فبراير/شباط 2016، وفقا لمنظمة "المركز السوري لبحوث السياسات" البحثية المستقلة. مما أدى إلى تشرد ما يزيد عن 6.1 مليون نازح، و4.8 مليون طالب لجوء، وفقا لـ "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية". بحلول منتصف عام 2016، كما أظهر التقرير أن هناك ما يقدر بمليون نسمة يعيشون في المناطق المحاصرة ومحرومون من المساعدات الضرورية للحياة والمساعدات الإنسانية.

واعتُقل أو اختفى أكثر من 117 ألف شخص منذ عام 2011، غالبيتهم العظمى على يد القوات الحكومية، من بينهم 4557 شخصا بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2016، وفقا لـ "الشبكة السورية لحقوق الإنسان". يتفشى التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، كما قُتل الآلاف في المعتقلات.[2]

والملاحظة هنا في مثل هذه التقارير أن هذه المنظمات لا تعتمد في تقاريرها على حضورها أو وجودها في قلب الحدث بل تعتمد على ما يبثه الآخرون من الطرفين المتنازعين، سواء من النظام أو من الشعب أو الحركات الشعبية التي تسعى لإسقاط النظام لتعيش حياة حرة وكريمة.

وعلى الرغم من أن النظام استخدم الأسلحة الكيماوية وأسقط البراميل المحملة بكافة أنواع هذه الأسلحة إلا أن الأمم المتحدة وما يتبعها من منظمات تكتفي بالإشارة إلى ذلك دون أن تسعى إلى تحريك المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات حاسمة في هذا الإطار. واستمرار العبث من قبل القوى العالمية في هذه المنطقة واضح وضوح الشمس بدلالة تكيفها مع باصات نقل ما اخترعوه على أرض الواقع تنظيم "داعش"، والعمل على مساعدته للتنقل في أرجاء سوريا دون مضايقة بل وبحماية دولية، استغربها العالم أجمع.

ومع ما خلصت "آلية التحقيق المشتركة" بين "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" والأمم المتحدة في تقريرها الرابع، الذي صدر هذا العام، إلى أن قوات الحكومة السورية استخدمت المواد الكيميائية في هجوم في إدلب في مارس/آذار 2015. حدد التحقيق وحدات الجيش المسؤولة عن رحلات جوية مرتبطة بالهجمات، ولكن لم يذكر أسماء قادة الوحدات بسبب عدم رد الحكومة السورية على استفسارات حاسمة. وصلت "آلية التحقيق المشتركة" إلى النتيجة ذاتها حول هجومين آخرين عامي 2014 و2015 في تقرير سابق. وجدت اللجنة أيضا في وقت سابق أن داعش استخدم غاز الخردل الكبريتي في هجوم على مناطق تسيطر عليها جماعات معارضة مسلحة في أغسطس/آب 2015.

وهيومن رايتس ووتش عام 2016 قالت إنها وثّقت عدة هجمات على المنازل والمرافق الطبية والأسواق والمدارس بدا أنها استُهدِفت عمدا، بما فيها غارة جوية كبرى للتحالف السوري-الروسي قصفت مستشفى القدس والمناطق المحيطة به في 27 أبريل/نيسان 2016، ما أسفر عن مقتل 58 مدنيا ومريضا. وقعت عدة هجمات على المرافق الصحية في أغسطس/آب وحده، بما فيها في إدلب وحلب وحماة وحمص.

وقالت: "إن قوات الحكومة استخدمت ما لا يقل عن 13 نوعا من الذخائر العنقودية المحرمة دوليا في أكثر من 400 هجمة على مناطق تسيطر عليها المعارضة، في الفترة من يوليو/تموز 2012 وحتى أغسطس/آب 2016، ما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين من بينهم أطفال. استخدمت العمليات العسكرية السورية-الروسية المشتركة، التي بدأت في 30 سبتمبر/أيلول 2015، الذخائر العنقودية المحرمة دوليا على نطاق واسع. حظرت معظم الدول الذخائر العنقودية لأن القنابل الصغيرة التي ترميها تنتشر في مساحة واسعة ولا تميز بين المقاتلين والمدنيين، ولأن العديد من الذخائر الصغيرة لا تنفجر وتتحول فعليا إلى ألغام أرضية يمكن أن تنفجر إذا لُمست، حتى بعد سنوات عديدة.

لجأت القوات الحكومية وحلفاؤها بشكل متزايد إلى استخدام الأسلحة الحارقة، مع ما لا يقل عن 18 هجمة موثقة على معاقل للمعارضة في حلب وإدلب بين 5 يونيو/حزيران و10 أغسطس/آب. بثّ تلفزيون "روسيا اليوم" في يونيو/حزيران لقطات لأسلحة حارقة (من نوع آر بي كي-500 زاب-2.5 إس إم) محملة على طائرة هجومية مقاتلة طراز من "سو 34" في قاعدة عسكرية سورية. تحفز الأسلحة الحارقة سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي تشعل الحرائق صعبة الإطفاء وتسبب حروقا شديدة الإيلام ويصعب علاجها. صادقت 113 دولة من بينها روسيا (ولكن ليس سوريا) على بروتوكول "اتفاقية الأسلحة التقليدية" الذي يحظر استخدام الأسلحة الحارقة التي تلقى من الجو على مناطق "تجمعات المدنيين".



وبينما تواصل روسيا نفي تورطها في هجمات الأسلحة الحارقة في سوريا، تتجاهل سوريا باستمرار دعوات التوقيع على البروتوكول، كما وُثّق استخدام القوات العسكرية للأسلحة الحارقة منذ نهاية عام 2012.

واصلت القوات الحكومية أيضا استخدام المواد الكيميائية السامة في كثير من الهجمات بالبراميل المتفجرة في انتهاك لـ "اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية". ألقت مروحيات الحكومة السورية براميل متفجرة تحتوي موادا كيميائية سامة على أحياء سكنية في معاقل للمعارضة في مدينة حلب في 10 أغسطس/آب و6 سبتمبر/أيلول.

ونسبت لجنة التحقيق الأممية في تقرير أصدرته في 24 أغسطس/آب هجومين بالأسلحة الكيميائية عام 2016 إلى الحكومة السورية، وواحد إلى داعش الذي يخضع بالفعل لعقوبات من الأمم المتحدة".[3]

إن التقرير الذي أوردته هيومن رايتس ووتش، وهو ليس الأول ولا الأخير، دوما يتحاشى ذكر إيران وتأثيرها في هذه الحرب، وتعميق جراح السوريين، بل تأجيج الصراع في سوريا، حيث أنها تعد عاملاً رئيسًا فيها، بالإضافة إلى دخول إسرائيل في السنتين الأخيرتين عيانًا بيانًا إلى جانب إيران وروسيا في تدخلهما السافر في هذه الحرب، ومع ذلك فإن الأمم المتحدة متساهلة في هذا الجانب، بل إنها تعمد إلى عدم ذكر الجانب الإيراني في أي من قراراتها أو من قراءاتها أو تقاريرها الدورية، وهذا يدلل على المنحى الذي تنتهجه الأمم المتحدة تجاه العرب، بحيث أنها تخدم أجندة تسعى إلى هدم الدول العربية، والعمل على دمار المنطقة العربية، دون أن يكون للعدالة أي درب في هذا الصراع.

القيود غير القانونية على المساعدات الإنسانية

وعلى الرغم من الجهود الدولية التي تسعى لمساعدة الشعب المغلوب على أمره إلا إن القوات الحكومية والموالية لها، دومًا تعرقل أي مسار تسير فيه حملات الإغاثة للشعب، وباعتراف صريح قالت الأمم المتحدة: إن الحكومة السورية أزالت العناصر الضرورية للحياة من قوافل المساعدات التي سمحت بدخولها. وأضافت: إنه في شهر فبراير/شباط وحده منعت الحكومة 80 ألف مادة علاجية، من بينها مجموعات علاج الإسهال، واللوازم الصحية في حالات الطوارئ، والمضادات الحيوية وأدوية أخرى، من الدخول إلى المناطق المحاصرة.

 

إن تدهور الأوضاع الإنسانية في المناطق التي تحاصرها القوات الحكومية والقوات الموالية لها بسرعة، اضطر سكان داريا ـمثلاـ في ريف دمشق إلى الجلاء عن المدينة في 25 أغسطس/آب بعد حصار 4 سنوات.

كما قصفت طائرات في 19 سبتمبر/أيلول 2016، قافلة معونات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، ومستودع لـ "الهلال الأحمر السوري" في أورم الكبرى بحلب، ما أسفر عن مقتل 20 مدنيا وموظف واحد بينما كانوا يفرغون الشاحنات. كانت معظم المساعدات، بما فيها مواد غذائية وإمدادات طبية، ستوزع على 78 ألف شخص على الأقل، وفقا لبيان "الهلال الأحمر السوري". قالت الأمم المتحدة إن القافلة تلقت التصاريح اللازمة من الحكومة السورية مقدما للعبور من أجزاء حلب التي تسيطر عليها الحكومة إلى أجزاء من حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة لتقديم المساعدات. كل هذا يحدث والعالم يقف متفرجًا ويكتفي بالتنديد الخافت، والأمم المتحدة فقط تدعو الأطراف المتنازعة إلى الحوار، وتكرار الحوار لم يفد من جنيف 1 حتى 8 ومع ذلك هناك إصرار عليه، كمن يقول للعالم نريد إطالة أمد الحرب، ولا نريد الفصل في سوريا في الوقت الراهن، بل ننتظر حتى نصل إلى غايتنا التي نريد والتي لم تتحقق إلى الآن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]

[2]  راجع موقع المنظمة رابط : https://www.hrw.org/ar/world-report/2017/country-chapters/298280

[3]  نفسه

الجمعة، 10 أغسطس 2018

أفكار لمستقبل المنطقة حتى عام 2026.. الصدع السني الشيعي (الجزء الأول)

تقرير معهد راند وقراءة المنطقة حتى ثمان سنوات مقبلة


لا شيء يهز العالم 16


هل نرى سبع سنوات عجاف أم سمان.. 
هذا ما يجب أن نعمل عليه منذ الآن!!

 

قدّم معهد راند أربعة سيناريوهات محتملة في الشرق الأوسط حملت عنوان "مستقبل العلاقات الطائفية في الشرق الأوسط"، كتبها كل من جيفري مارتيني، وهيذر ويليامز، وولياميونغ. وتتكون الدراسة من 16 صفحة، وفيها تقريب بين السنة والشيعة على مستوى الهيمنة العددية، بحيث أن الدراسة اعتبرت أن العدد في المنطقة العربية واحد مقابل واحد، بينما تعلم الدراسة أن السنة يتفوقون عددًا بما يوازي 5 مقابل 1 على مستوى العالم. وهي بما يوازي 3مقابل 1 في منطقتنا العربية. تقول الدراسة: "لا نتوقّع أن يشهد التوازن الطائفي المتساوي تقريبًا بين السنّة والشيعة على طول هذا الصدع تعديلًا أو أن "ينقلب" التوازن الطائفي في بلدان محددة يمر فيها هذا الصدع في الإطار الزمني لسيناريوهاتنا والممتد إلى عشر سنوات". والدراسة بدأت من 2016م راسمة خطوطها إلى 2026م، وأشارت إلى أن الوضع لن يهدأ في اليمن إلى ذلك العام، متوقعة أن هدوءه سيكون عبر قلاقل داخلية في المملكة العربية السعودية، مما سيخفف الوطء في اليمن، ويجعله يتصارع داخليًا. وشددت الدراسة على زارعي الفتن واستغلالهم للوضع، أو بالأصح تقدم إيحاءاتها لهم للاستمرار على ذات النهج هو زرع الطائفية.

(الصورة المرفقة من المعهد وهي تُظهر الصدع الطائفي الذي يخترق قلب الشرق الأوسط)

وحملت الافتراضات الديموغرافية أن "تدفقات اللاجئين والتشرّد الداخلي على التوازن الطائفي بقدر اختلاف معدّل المواليد بين السنة والشيعة أيضا"، وتقريبًا هذا ما يحدث في العراق وسوريا حيث أن اللاجئين الذين يتم الحديث عنهم ليسوا سوى إيرانيين ـبما يقدر بإثنين مليون ـ صدرتهم إيران للعراق وسوريا، ليتم طمس السنة عبر القتل والتجريف والتهجير لهم من بلادهم، ليحل محلهم الفرس. يقابلها افتراضات الهوية التي حملت أنه " سيحاول المستفيدون من الفتنة الطائفية حشد المجتمعات المحلية حول الطائفة والتنافس مع الآخرين الذين سيسعون لحشد الجماهير حول هويات واهتمامات أخرى" أما السياق السياسي والاقتصادي فالفرضيات فيه تؤشر على أن :" الشرق الأوسط سيحفل بالصراعات الطائفية التي سيسعى المستفيدون من الفتنة إلى استغلالها، وسيمرّ الصدع الشيعي السني في دول ضعيفة تفتقر إلى الشرعية الواسعة النطاق والقدرة على التحكم بأراضيها، ستبقى المملكة العربية السعودية وإيران الراعيتين الأساسيتين لطائفتيهما الخاصتين" وقطعًا ومما يبدو أن هناك إشارة إلى البحرين والكويت وإلى اليمن التي عمتها الفوضى وتفتقد إلى الشرعية في الوقت الراهن بعد استيلاء ميليشيا الحوثي على جزء من البلاد، ومحاولة التحكم في القرار فيها، وإلى سوريا والعراق، وسيكون العمل في هذه المناطق قدر المستطاع من أجل زراعة الفتنة فيها كي يزداد الصدع، وتفجر الأوضاع فيها بشكل يساعد على خلخلة منطقة الخليج العربي.

ويشير التقرير إلى الوضع في لبنان، بحيث أنه يبدو متخوفًا، أو يوحي، بأن اللاجئين السوريين قد يرفعون نسبة السنة، وبالتالي لن يتم تحقيق الأهداف المرجوة منها، وهذا ما يحدث الآن من محاولة إخراج اللاجئين السوريين من لبنان، كي لا يتحقق هذا الهدف، وبتنا نلمسه بوضوح تام عبر التحركات التي تشدد على إخراجهم منه. يقول التقرير: " استقبال لبنان لعدد كبير جدًا من اللاجئين السوريين يقضي على أي تأثير للاختلافات في معدّلات المواليد؛ ففي غضون سنوات قليلة بات هؤلاء المهاجرون يشكّلون ربع إجمالي سكان لبنان تقريبًا. (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 2016). ولا تتوفّر معلومات موثوقة حول توزّع الهويات الطائفية للاجئين ولكن يُعتقد أن أغلبيتهم من السنّة وقد يتوافق ذلك مع التوازن الديموغرافي العام في سوريا والتمثيل غير المتناسب لهذه الطائفة في المعارضة. ومن الممكن أن يؤدّي هذا التدفّق إلى تشكّل أغلبية سنية في لبنان علمًا أن تحليلنا لا يمكنه تحديد التوزّع الطائفي الدقيق في البلد." وأسلوب وضع التقرير يؤشر بشكل واضح بل يشدد على تشكّل أغلبية سنية، أي يجب أن يثير المخاوف ويجب ألا يحدث ذلك، لأنه سيرجح غلبة السنة في المستقبل على الشيعة، وهذا ما لا يجب أن يكون في رأي التقرير.

وأورد التقرير تخوفّا أو قدّم إيحاء بأن العملية التي تتم عبر الصدع السني الشيعي قد تواجه أزمة الخروج منها وذلك عبر المكوّن السياسي الذي يذهب بأي بلد إلى الوطنية، وهذا هو الذي لا تريده سياسة "فرق تسد" أو "فرق تهزم" التي ينتهجها الغرب في المنطقة العربية، بحيث أن الشعب العربي ـ أي شعب في أي دولة عربية ـ لو اتجه أو استطاعت الحكومة فيه أن توجهه نحو الدولة الوطنية، فإن ذلك سيكسر هذا الصدع وسيلغيه، لأن الشعب سيلتفت إلى اللحمة الوطنية وسيترك مثل هذه النعرات القائمة على الطائفية، ومثّل التقرير بوضوح بمصر بحيث أورد الآتي: "الفتنة الطائفية ـ قد تواجه ـ منافسة من أمثال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يحشد جمهوره حول رؤية وطنية."

وافترض التقرير استمرا رسمات متعددة في المنطقة من ناحية السياق السياسي والاقتصادي، بحيث أنه يجب أن يبقى "الشرق الأوسط حافلًا بالمظالم والصراعات العنيفة التي ستحاول الجهات الفاعلة طائفيًا استغلالها". وهذا فيه إشارة للجهات الفاعلة التي يجب عليها استغلال الوضع في هذه الفترة الزمنية النموذجية للحروب الأهلية ـ على حد زعم التقرير ـ حيث إن الصراع في أوجه، والظروف تبدو على شفير توليد صراعات جديدة. ويفترض التقرير "أن الشرق الأوسط سيشهد أيضًا نسبة عالية من الصراعات على مدى السنوات العشر القادمة حتى لو كان المستوى المطلق أقلّ مما كان عليه في عام 2016.ويوحي التقرير إلى أنه يجب استغلال هذا الصدع لزرع الحوكمة الإقليمية، " وأن تصبح الدول الإقليمية أكثر شرعية، وأكثر قوة في إطار الثمان سنوات القادمة" ويستثني بمغزىً واضحٍ جدًّا أن المسار المعقول لا تتم رؤيته بالنسبة للدويلات أو دولة الأقاليم، وكأنه يشير إلى أنه يجب البدء في تفعيلها في المنطقة العربية بأية طريقة كانت.

بينما أوجد التقرير دافع "الجهات الفاعلة غير الحكومية" مثل، علماء الدين (الذين يؤججون الصراع الطائفي)، ومنظمات المجتمع المدني، والميليشيات (التي يمكنها تحريك الصراع الطائفي أو إخماده وفق سلوكها، تمامًا مثل علماء الدين المذكورين سابقًا). ونرى مثل هذا في العراق عبر الحشد الشعبي، وفي اليمن عبر ميليشيا الحوثي، وفي سوريا ولبنان عبر "حزب الله". بينما إيحاءات المجتمع المدني ودوره في هذا السياق يمكن أن نلحظها في التالي، من التقرير: "وفي ظلّ الظروف المناسبة تستطيع منظمات المجتمع المدني بناء الجسور بين الطوائف. على سبيل المثال، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تنظّم المظاهرات ضد الانقسامات التي تزرعها الأعمال الطائفية مثل تفجير مسجد شيعي في بلد ذي أغلبية سنيّة. وبالعكس، قد تلعب الجهات الفاعلة غير الحكومية دور المخرّب وتعطّل المبادرات الحكومية والمجتمعية للحدّ من الطائفية. على سبيل المثال، قد تنفّذ الميليشيات الشيعية – مثل قوات الحشد الشعبي العراقية – عمليات قتل انتقامية ضد الطوائف السنية ما يؤدي إلى استمرار دورات العنف الطائفي." هنا العمل نموذجي وكأن ما يحدث في العراق هو من هذه الإيحاءات، وهنا إيحاء لدور منظمات المجتمع المدني التي يتوجب عليها ـ ليس مثلما قد نفهم أنها ستنظم العملية وتوقف هذا الصراع، بل تقوم بتأجيجه عبر ترتيب تفجير لمسجد سنّي لاتهام الشيعة بذلك، والعكس تفجير حسينية لاتهام السنة بتفجيرها. وقد رأينا هذه الأفعال عيانًا بيانًا. إن هذا التقرير لا يجب أن يقرأ ببراءة على أنه مجرد بحث أو دراسة علينا تقبلها من عدمه، بل إنه يقدّم إيحاءات للاستخبارات للتحرك في هذا الإطار، وبشكل مقنن، بحيث تظهر العمليات في المنطقة العربية وكأنها من أعمال أي طرف من الأطراف، وليبقى الصراع مستمرًا حتى تتحقق دويلات الأقاليم.

السيناريوهات

اختار المعهد في دراسته أربعة احتمالات مستقبلية بديلة للعلاقات الطائفية في الشرق الأوسط على مدى السنوات العشر المقبلة. وقطعًا عندما وضعها أربعة فإنه ليس شرطًا على المنفذين لها أن تنفذ جميعها بل بالإمكان العمل على تنفيذ واحد منها في المنطقة كي تصل إلى ما يريده الغرب فيها، وهو المعني بها، وليس من شأن العرب أن يلتفتوا لهذه السيناريوهات لأنها لا تعنيهم بشيء، ولا تمت لهم بصلة، بل إنها جميعها تصب في خانة الغرب، أما أنتم أيها العرب فهذا لا يعنيكم، ولا يخص منطقتكم، وكأن من قدّم هذه الدراسة يقول إن العرب لا يقرأون.
يقول التقرير:" تعكس السيناريوهات كافة الافتراضات والدوافع التي نوقشت في الأقسام السابقة. وصُممت هذه السيناريوهات لتكون متمايزة من الناحية التحليلية حيث يتمكّن القارئ من التفريق بين المسارات الأساسية المعروضة. ولعب نقاشنا المنظم مع الخبراء في الموضوع – بما في ذلك مشاركة محلّلين من مجموعة الاستخبارات – دورًا رئيسيًا في صياغة هذه السيناريوهات التي نتج عدد منها عن ورشة عمل أقيمت في كانون الأول) ديسمبر (2016 ".

السيناريو 1: بروز النزعة المحلية

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والجهات الفاعلة غير الحكومية ونوعية الحوكمة

في هذا السيناريو، يتراجع عهد الإسلاموية كواحدة من الهويات المهيمنة في الشرق الأوسط. تعاني الحكومات الإسلاموية في

مختلف أنحاء المنطقة من تراجع في الأداء وتظهر نزعات استبدادية متزايدة. وتبرز في أعقاب ذلك ظاهرة نسميها النزعة المحلية تطالب فيها المجتمعات المحلية بدور أكبر في شؤونها وبتقديم الخدمات الرئيسية. إن النزعة المحلية هي ردّ على إخفاقات الأحزاب الإسلاموية بشكل خاص.  حيث عزّز الدستور التركي الجديد سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان بالرغم من تراجع شعبيته وتزايد المعارضة. أما حماس، وبعد عجزها لأشهر عن تأمين الكهرباء أو المياه لأكثر من ساعات قليلة في اليوم، فقد فقدت سيطرتها على قطاع غزة لصالح مجموعة تكنوقراطية تعد بتحسين تقديم الخدمات. وبلغت الخيبة العامة من التحولات التي بدأها الربيع العربي ذروتها. فالأحزاب الإسلاموية تخسر أعضاءها ودعمها في مختلف أنحاء المنطقة. لقد فشلت هذه المجموعات مرارًا وتكرارًا في تقديم إطار عمل لحوكمة الدولة الفعالة ويلقي عدد متزايد من الناس اللوم عليها لمسؤوليتها عن تمكين المتطرفين الإسلاميين المتشددين. ومن أجل ملء الفراغ، تبرز “النزعة المحلية” كدافع مهيمن للهوية الذاتية. إنها بشكل عام ردة فعل على بروز التشدّد الديني وغياب التنوّع المحلّي الذي شهده الشرق الأوسط في العقد الماضي. وتنهار سلطة طهران لبناء معسكر شيعي متماسك إذ ترى الأقليات الشيعية في الدول الأخرى نفسها متمايزة عن القيادة الإيرانية

ومستقلة عنها.  وشهدت المناطق ذات الأغلبية السنيّة بداية عودة متواضعة للصوفية في دليل على تقبّل التغيير المحلي في الأعراف. وتحطّ إعادة التركيز على القضايا المحلية من أهمية الطائفية في دفع الأجندات السياسية وحشد السكان. ويفرض النظام في بغداد ودمشق حكمًا مركزيًا ويعاني بالتالي من مطالبة السكان بدرجة أكبر من الحكم الذاتي المحلي. وعلى النقيض من ذلك، تعطي طهران وبيروت قدرًا أكبر من الاستقلالية للمجالس المحلية والسلطات الإقليمية وتحقق توازنًا أفضل لهذه الضغوطات المحلية. وتتجدّد أيضًا الآمال في احتمال إقامة حوار مثمر بين إسرائيل والفلسطينيين – وتظهر مبادرات سلام شاملة بين المجتمعات المتجاورة المحلية الإسرائيلية والفلسطينية التي تسعى إلى التوصل إلى اتفاق عملي بشأن المياه وقضايا بيئية أخرى. وفي حالات بارزة متعددة، يفوق الإقبال على الانتخابات المحلية الإقبال على الانتخابات الوطنية. وفيما يتعلّق بتصنيفات الأفضلية، تتمتّع الهيئات المحلية بشعبية أكبر من القادة الوطنيين. لقد حققت حملة “بيروت مدينتي” نجاحًا شجع العديد من التحركات لأن تحذو حذوها في مناطق حضرية أخرى في مختلف أنحاء العالم العربي ويشكّل ذلك تحديًا لنفوذ نخب الحرس القديم التقليدية.

وتركز هذه الحركات، تمامًا مثل سلفها “بيروت مدينتي” على تقديم الخدمات العامة العملية وبالتالي الحد من أهمية الأيديولوجية. ولا تطرح النزعة المحلية نفسها دائمًا بطرق إيجابية. حيث تستعيض أحيانًا عن “الأيديولوجيات” السابقة (مثل الوطنية والإسلاموية) بهويات حصرية بالقدر عينه – تؤدي على سبيل المثال إلى تجديد التركيز على العشيرة كهيكلية تنظيمية للمجتمع المحلي. ولكن النزعة المحلية تحدّ بوضوح من تأثير الطائفية وتقلّل من قدرة المستفيدين من الفتن الطائفية على حشد الجماهير بناءً على أسس واسعة مثل الانتماء الديني.

السيناريو 2: معسكر شيعي مترسّخ وسط الفوضى السنية

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والدول الإقليمية والجهات الفاعلة من خارج المنطقة

في هذا السيناريو، يتحرّك المعسكران السني والشيعي في اتجاهين معاكسين. من جهة، يحشد معسكر شيعي أصغر حجمًا ولكن أكثر اتحادًا الأتباع لمواصلة ما يصوّره قادته على أنه إعادة توازن تاريخية متأخرة للقوى الطائفية في الشرق الأوسط. ومن جهة أخرى، يحدّ الاقتتال الداخلي وتضارب المصالح داخل المعسكر السني من فعاليته ويمّكن الجهات الفاعلة الشيعية من السيطرة شيئًا فشيئًا على مناطق نفوذه.

وبالرغم من التأخير الكبير في إدراك المنافع الاقتصادية لخطة العمل الشاملة المشتركة، يبدأ الرئيس الإيراني المعاد انتخابه بالوفاء بوعوده الاقتصادية ويضمن روحاني مشاريع استثمارية ضخمة متعددة من جانب شركات أوروبية. لقد بدأت زيادة إنتاج النفط ونمو قطاع التكنولوجيا بإنعاش خزينة الحكومة ما يمنح بالتالي طهران جيوبًا عميقة لدعم حلفائها وشركائها في المنطقة. ويتمتع حزب الله، الذي يدعمه أداؤه في الحملات الخارجية، بشعبية واسعة في الداخل ويحافظ على تمثيل قوي في البرلمان اللبناني. وتدعم حيدر العبادي أغلبية قوية وذلك بفضل نجاحاته في استعادة شمال العراق من الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). كما أسهمت نجاحاته في مكافحة الفساد السياسي والحفاظ على اتفاق تقاسم السلطة مع الأكراد وإعادة بناء المناطق التي مزّقتها الحروب في تعزيز السلطة المركزية في بغداد، وإن كانت الأحزاب الشيعية تسيطر على

الحكومة.

وحسّنت أيضًا عوامل متعددة العلاقات بين إيران والعراق. فقد أدت وفاة آية الله العظمى علي السيستاني دون أن يخلفه زعيم روحي يتمتّع بمكانته إلى تقليص المنافسة على المكانة الدينية بين النجف وقم. ولم يغيّر آية الله العظمى محمود الذي اختير الهاشمي الشاهرودي مرشدًا أعلى في إيران بعد وفاة علي خامنئي السياسات الوطنية الإيرانية ولكن الشاهرودي استغلّ جنسيته المزدوجة الإيرانية العراقية لبناء العلاقات مع العراق حيث يتمتّع بشعبية واسعة بين العراقيين الشيعة. وتتناقض الوحدة النسبية للجهات الفاعلة الشيعية وثرواتها الوافرة مع الفوضى في المعسكر السني. حيث ستنهي المملكة العربية السعودية عملياتها العسكرية في اليمن بعدما ترغمها التوترات داخل المملكة على إعادة الانتشار للقضاء على التهديد في الداخل. ويضعف القلق من انزلاق اليمن في محور النفوذ الإيراني تماسك مجلس التعاون الخليجي مع إشارات من الإمارات العربية المتحدة بأن اللوم يقع على عاتق الرياض.

كما استعاد الرئيس السوري بشار الأسد السيطرة على المدن السورية الكبرى الرئيسية كافة بالرغم من بعض الجيوب المعارضة الصغيرة. وفي حين تحافظ سوريا على علاقات جيدة مع روسيا وإيران تعتبرها فعّالة لهزيمة تنظيم داعش والمتمردين، لم يوطّد الانتصار المشترك في سوريا العلاقات الروسية الإيرانية. ومكّن استبعاد سوريا كونها نقطة خلاف دائمة في علاقة السعودية مع روسيا من توثيق العلاقات بين موسكو والرياض. ولا تزال العلاقات الأمريكية مع الرياض متزعزعة وساءت مع محاولات واشنطن استثمار تحالفها من خلال طلب مكافأة مقابل انتشارها المستقبلي. وفي غضون ذلك، تنمو العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وقطر مدعومة بالروابط العسكرية الوثيقة.

والنتيجة النهائية هي أن الجهات الفاعلة الشيعية تبحث عن الفرص لتوسيع نفوذها في حين تقف الجهات الفاعلة السنية موقف الدفاع. وتعزّز الديناميكية نفسها إذ تدرك الجماهير الشيعية أن مكاسبها ممكنة بفضل وحدتها ويزيد ذلك من التزامها بهذا المبدأ. وفي المقابل، يؤدي تراجع المعسكر السني إلى المزيد من الاتهامات المتبادلة والخلافات على مستوى القيادة وبالتالي تعميق الشقاق.

السيناريو 3: استراتيجية حافة الهاوية تجلب الانفراج

الدوافع الأهم: طابع الخطاب الديني والدول الإقليمية والجهات الفاعلة من خارج المنطقة

يتسم هذا السيناريو بتصعيد الصراع الطائفي الذي يتجّه نحو صراع إقليمي يضع السعودية وإيران في مواجهة عسكرية مباشرة قبل أن يتراجع في نهاية المطاف. يدفع الخوف من العواقب إلى بذل جهود لاحتواء مناطق الاضطرابات الحرجة قبل أن تتصعّد إلى هذا المستوى. وبلغ الاستثمار السعودي والإيراني في الصراع بالوكالة تحت عنوان الطائفية ذروة جديدة. ويظهر هذا التنافس بشكل خاص في سوريا واليمن حيث يواصل الطرفان تأجيج الصراع عن طريق

شركائهما المختلفين. وتخلّت الولايات المتحدة إلى حدّ كبير عن جهودها الرامية إلى إيجاد حلّ للصراع واختارت بدلً من ذلك السماح للجهات المتحاربة بإرهاق بعضها البعض. وبعدما ضمنت روسيا منفذها البحري على البحر المتوسط عبر طرطوس صبّت تركيزها على أوروبا وتركت الصراعات في المنطقة للمشاركين فيها.

وتزيد طهران والرياض من حدة تأجيج الصراع عبر تمويل الأقليات الطائفية في كل من البلدين – تعيد إيران تأسيس حزب الله السعودي في المنطقة الشرقية وتموّل السعودية القوميين البلوش السنّة في جنوب شرق إيران. ولا تحصر هاتان المجموعتان نفسيهما في المناطق الحدودية بل تشنان بنجاح سلسلة من الهجمات الإرهابية في عاصمتيهما التمثيليتين. وتردّ السعودية وإيران بوضع عدائي للقوات جوًا وبحرًا في الخليج. وفي ظلّ التوترات المتصاعدة تُغرق مقاتلة سعودية عن طريق الخطأ سفينة تجارية إيرانية كبيرة وتردّ إيران بإسقاط الطائرة. وبدلً من أن تؤدّي هذه المواجهة القصيرة للقوتين إلى التصعيد تدفع الصدمة الجانبين إلى وقف مؤقت للعمليات. ويمتدّ هذا التوقف المؤقت ليصبح انفراجًا غير مستقر حيث تسعى السعودية وإيران إلى تهدئة التوترات بدلً من المخاطرة بصراع مباشر طويل الأمد.

وفي الوقت الذي يبحث فيه كل طرف عن سبل للتخفيف من حدّة التوتّر تضيّق الرياض وطهران الخناق على الذين يدفعون باتجاه تنفيذ أجندات طائفية خوفًا من التسبب بأحداث لا تستطيع القوتان الإقليميتان التحكّم بها. ويبدأ البلاط الملكي السعودي بهدوء بإقالة علماء الدين الذين يلهبون الشارع في حين تُنشر قوات الباسيج الإيرانية لتفريق التظاهرات ضد رموز المملكة العربية السعودية. وما زالت الجماهير غير متحمسة لتحقيق الانفراج ولكن الدولتين تتخّذان الإجراءات لفرضه بالقوة. ويشير هذا السيناريو إلى أن احتمال زيادة الصراع الطائفي الذي تتحكم به الدولة قد يدفع في الواقع الجهات الفاعلة الإقليمية إلى التراجع عن حافة الهاوية بعد أن تواجه احتمالات عدم استقرار أكبر. وهذا السيناريو هو الأكثر صعوبة من ناحية تصميم التدخلات السياسية إذ يفيد أحد تفسيراته أن الأمور ستزداد سوءًا قبل أن تتحسّن.

السيناريو 4: الصراع الإثني والنزوح يؤديان إلى الفصل الذاتي

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والجهات الفاعلة غير الحكومية واتجاهات الصراع

في هذا السيناريو، لم تخفّ حدّة العنف الناشط تحت راية الطائفية إلا لأن الصراع الإثني والنزوح أدّيا إلى فصل فعلي للطوائف. وعلى غرار السيناريو 3، لا يكمن التأثير الصافي على الطائفية في الحدّ من التوترات بل إن العملية المعتمدة للوصول إلى هذه الغاية تضع الطوائف في خطر فعلي وترتكز على الفصل وليس التقبّل. وبالرغم من تغلّب الحملة الدولية على داعش، شنّ التنظيم حملة دامية ومنفّرة في طريقه نحو الهزيمة وأظهرت نتائجها فعالية عملية التطهير التي استهدف بها التنظيم الأقليات الشيعية. وتظهر هذه الانقسامات بوضوح في العراق حيث قضت تقريبًا عمليات القتل الإثنية والنزوح الداخلي على المجتمعات المحلية المتعددة الطوائف التي كانت موجودة سابقًا. وأصبحت الموصل مثلً مدينة سنيّة بأكملها تقريبًا. وردّت جماعات الميليشيات الشيعية بشنّ عمليات انتقامية ضدّ السكان من السنّة ما دفعهم إلى الخروج من وسط العراق في ما وصفته الأمم المتحدة بالتطهير العرقي. وتبدّد تقريبًا الوعد بحكومة ائتلافية وانسحب الأكراد إلى إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي وبات يشمل كركوك وغادر القادة السنّة ليحكموا الغرب بحكم الأمر الواقع. ومع العلم أن التحالف بقيادة السعودية حال دون سيطرة الحوثيين على الحكم في صنعاء في نهاية المطاف، لم تتصدَّ الحكومة المركزية الجديدة الضعيفة لسيطرة الحوثيين على الشمال وما زالت القوات الحوثية تبسط سيطرتها على مدينة الحُديّدة الساحلية. ويرى الطرفان أنه من المفيد الحفاظ على وهم انتهاء الحرب بالرغم من غياب حلّ سلمي رسمي ولا يبدو أن هذا التقسيم الفعلي لليمن سيتغيّر في المستقبل القريب.

وفي سوريا، أسفرت عملية السلام عن “مناطق سيطرة” معترف بها ومقسمة بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام والمعارضة وبعد الإعلان عن المناطق ركزت موجة من النزوح الداخلي السكان الأكراد في منطقة سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي كما تجمعت الأقليات بما في ذلك العلويون والمسيحيون والدروز في منطقة سيطرة النظام أما العرب السنّة فقد تركزوا في منطقة سيطرة المعارضة. وتشكّل المدن المختلطة والمناطق الحدودية حيث تتلاصق مناطق السيطرة مواقع إراقة دماء إثنية طائفية خاصة. وحتى في الدويلات الصغيرة جدًا غير القابلة للتقسيم يفصل السنّة والشيعة أنفسهم ضمن أحياء ولا سيّما في المنامة ومدينة الكويت المقسّمتين إلى أحياء سنيّة بالكامل وأحياء شيعية بالكامل بشكلٍ واضحٍ.

إن الأثر على العلاقات الطائفية شامل. فمن جهة، تخفّض قلة التفاعل بين الطوائف من نسبة حدوث الصراعات يوميًا. ومن جهة أخرى، يرسّخ الفصل بين الطوائف التحيزات وينذر بصراع يتفاقم ببطء ويتّجه نحو الانفجار. هذا نص السيناريوهات الأربعة أوردته هنا مثلما هو للاستفادة منه.

المعنى وليس المبنى

إن استشفاف ما يرنو إليه هذا التقرير، وما كتبناه في الأعلى، جاء بناءً على خاتمته حيث أنها كشفت عبر نقاطها الواردة ما يجب أن يتم عمله لمصلحة الاستخبارات الأمريكية والغربية إذ إن كل ذلك يعتمد على ما تريد عمله في المنطقة، ولها الخيار في ذلك سواء في رفع حدة التوتر أو في خفضها.. ولنقرأ الاستنتاج الأول والثاني في هذه الخاتمة:

"يساعد العرض السابق للافتراضات والدوافع والسيناريوهات على إعداد تقييمات المحلّلين – ومن ضمنها تقييمات مجموعة

الاستخبارات الأمريكية – المتعلّقة بالعلاقات الطائفية في الشرق الأوسط. والاستنتاجات الأساسية من هذه العملية هي التالية:

  • في مدّة زمنية تمتدّ إلى عشر سنوات، تتوفّر احتمالات مستقبلية معقولة متعددة لمسار الطائفية في هذه المنطقة. فمسألة زيادة الطائفية أو انخفاضها في العقد القادم غير حتمية وذلك لأن حدّة الطائفية تعتمد على دوافع قد تشير إلى أي من الاتجاهين."

  • قد تتأثر بعض هذه العوامل بقرارات الولايات المتحدة (والشركاء الدوليين) السياسية. على سبيل المثال، إن نوعية الحوكمة والظروف الاقتصادية والتصدّي للصراعات القائمة لمنع امتدادها كلها عرضة للتدخلات السياسية."؛ أي بوضوح تام القرار هو قرار الدول الغربية وما تريد أن تفعله في هذه المنطقة. وهل ستحولها إلى دويلات خلال الثمان سنوات المقبلة؟ أم ستوجهها نحو الهدوء؟


"ويشجّع المؤلفون أيضًا على إعادة عملية توليد السيناريوهات باستخدام تقنية تحليلية مختلفة – التحليل بأثر رجعي – لتحليل الاحتمالات المستقبلية البديلة الواردة هنا"؛ أي بالإمكان النظر فيما حدث سابقًا من تأجيج للمنطقة وقراءة "الفوضى الخلاقة" وماذا أنتجت فيها، والهدف بقاء الصراع من أجل الوصول إلى الغايات التي يريدها الغرب في منطقتنا العربية.

وأضاف المقررون: "يتمتع التحليل بأثر رجعي الذي يبدأ بالحالة النهائية بمزايا أخرى. فهو يساعد على تسليط الضوء على التدخلات السياسية التي لا بدّ من القيام بها للتوصّل إلى النتيجة المرجوّة أو تجنّب النتيجة الأسوأ."؛ أي أن عملية الركون السياسية أو الهدوء السياسي في هذه الحالة لا ينبغي بل يجب العمل على الوصول إلى النتيجة المرجوّة من وراء ذلك، ألا وهو دول الأقاليم.

 

نهج "ادفنها قبل أن أراها"

بما أن الباحثين اعتمدوا نهج "أعرفها عندما أراها" علينا أن نعمل على نهج " ادفنها قبل أن أراها"، كي لا يعرفوها على الإطلاق.  وذلك بالآتي:

  • مراقبة الجهات الفاعلة والعمل على ألا تسير في خططها، وأن يتم إيقافها قبل أن تنفذ أي مشروع.

  • عدم التهاون في التوجهات لدى أية فئة مهما كانت.

  • تكريس مفهوم الوطنية، ودعم الوطنيين الصادقين الذين ينتهجون توجه دولتهم نحو الوطنية.

  • العمل على تكريس الخطاب الديني الوسطي الهادئ الذي لا يثير النعرات ولا يستدعي الطائفية.

  • التوجه نحو تذويب العلاقة الشائكة بين السنة والشيعة.

  • قراءة توجه إيران بشكل جاد. وماذا يمكنها أن تفعل لتذويب هذه العلاقة الشائكة.

  • قراءة بقية الطوائف في المنطقة والعمل على ألا تنجرف نحو الطائفية.

  • إزالة مشاكل الحدود بين الدول العربية، وحل مشكلاتها من قبل جامعة الدول العربية بأقصى سرعة ممكنة.

  • السعي إلى ألا يكون هناك ضغط اقتصادي على الشعوب.

  • عدم إعطاء الجهات الفاعلة من خارج المنطقة أي مشروعية للدخول للعبث بالبلاد العربية.

  • الربط بين مناطق الصراع، ومحاولة تفتيت هذا الصراع، والتنبه إلى تأجيج الصراع في مكان بينما الهدف في مكان آخر.

  • عدم إعطاء الهويات الطائفية أية مشروعية مهما كانت المسوغات، العمل فقط بالمكون الوطني دون غيره.


 

 

 

الجدول..دوافع الصراع الطائفي
















































تراجع خطر الصراع الطائفي      الدافعتزايد خطر الصراع الطائفي
هيمنة الهويات غير الطائفية (مثلًا؛ ولاءات وطنية، محلية، طبقية)الهوية الذاتيةهيمنة الهويات الطائفية
يدعو الزعماء الدينيون إلى تقبّل الطوائف والديانات الأخرىطابع الخطاب الدينييروّج الزعماء الدينيون لعلاقة عدائية بين الطوائف

 
تبني الجهات الفاعلة غير الحكومية جسورًاالجهات الفاعلة غيرالحكوميةتحشد الجهات الفاعلة غير الحكومية الجماهير حول الطائفة

 
تعمل الدول الإقليمية على الحدّ من الطائفيةالدول الإقليميةتفرض الدول الإقليمية أجندة طائفية

 
تقدّم الدول حوكمة رشيدة دون تمييز بين الطوائف الدينيةنوعية الحوكمةتعجز الدول عن توفير الخدمات الأساسية أو تميّز عند تقديمها الخدمات بناءً على الانتماء الطائفي
يخفّف النمو الاقتصادي من الضغط ويتم تقاسم الأرباحالظروف الاقتصاديةيغذّي الضغط الاقتصادي الانقسام وتشعر المجموعات الدينية بأنها محرومة اقتصاديًا
يحدّ حلّ الصراع من العنف في المنطقةاتجاهات الصراعيمتدّ الصراع في إطار معيّن ويغذّي الصراعات في أماكن أخرى
تمنح الجهات الفاعلة من خارج المنطقة الأولوية للاستقرارالجهات الفاعلة من خارج المنطقةتسعى الجهات الفاعلة من خارج المنطقة إلى فرض نفوذها من خلال اللعب

 

المصدر: تقرير راند

يتبع.....

الأحد، 5 أغسطس 2018

عبثية الأمم المتحدة في اليمن!!

لا شيء يهز العالم 15


لا يمكن للأمم المتحدة إن أرادت، إن أرادت!، أن تحل مشكلة اليمن إلا أن تطبق القرار 2216 فبدونه سيستمر سخط العالم عليها، وهي تماطل في حل قضايا الشرق الأوسط، وستزداد نقمة الشعوب المستضعفة عليها، لأن الأمر في النهاية سيتعلق بحياتهم، التي لا تهتم لها هذه الأمم!!

وعندما وافق مجلس الأمن في الخامس عشر من فبراير/شباط 2018 على تعيين مارتن جريفيث مبعوثاً أممياً خاصاُ إلى اليمن خلفاً لولد الشيخ فإن ذلك لن يغير شيئًا، وما هذا التغيير في الأشخاص إلا دلالة على الفشل الذريع، أو المماطلة في تمديد مأساة اليمنيين مع الحوثي. وطالما أن جريفيث يصر كسابقيه على إدخال "الحوثي" في مشاورات قادمة، فإن ذلك يعني الإصرار على إدخال عصابة تطالبها الأمم المتحدة بتسليم السلاح، ويعني أنها تقول شيئًا وتفعل نقيضه، وهل من لعبة مكشوفة أكثر من ذلك، لتدلل على أن من وراء هذه الأمم لا يريد الحل في اليمن؟

 

ودعوة جريفيث لما أسماه بالجهات المتنازعة، للتفاوض يوم السادس من سبتمبر المقبل، ليست صحيّة، ولن تكون كذلك، وليس فيه أدنى فرصة إلا لفك الحصار على الحوثي، وهذا ما يُعتقد أن الأمم المتحدة تعمله، كلما رأت أن الحناق على الحوثيين يزداد، حيث تعمد إلى تأخير حسم المعركة بالمفاوضات.

ومن المعيب أن يؤكد جريفيث ويردد أنه يسعى "للوصول لحل سلمي لأزمة ميناء الحديدة"؛ لأن الأزمة ليست أزمة الميناء بقدر ما هي أزمة عصابة استولت على الدولة، ويجب أن تسلم سلاحها أولاً، وتقف في الصف مع المكون السياسي، أما وهي تمتلك السلاح، ولا يمتلك الحوثي غير السلاح، ولا يعرف ولا يعترف بمباحثات أو مفاوضات أو مشاورات، فذلك يعني أنك منذ الآن يا جريفيث ستلحق بصاحبيك ولن يكون "هنالك فرصة لتحقيق السلام في اليمن"  كما تزعم!! ولن يكون "اجتماع جنيف المزمع بشأن اليمن بمثابة فرصة لبحث إطار للمفاوضات وبناء الثقة بين جميع أطراف النزاع في الأزمة اليمنية".

إن الإعلام برمته عندما زار جريفيث صنعاء[1]، أعلن بصريح العبارة أنه لتهدئة الأوضاع في الحديدة، بمعنى ليخفف الضغط على الحوثي، فلماذا كل هذا؟ والأمور منذ البداية واضحة جدًا لدى الأمم المتحدة وصنّاع القرار فيها وهي تستند على قرارها رقم 2216 ومع ذلك لا تعمل به، وهي مجرد دعوات أطلقها بنعمر ومن بعده ولد الشيخ وها هو جريفيث يعيدها للعالم مرات ومرات، دون أن تطبق الأمم المتحدة أو تتخذ أي خطوات لانتزاع السلاح من يد الحوثي، بل دون أن تترك للتحالف حرية التحرك، وتسعى إلى عرقلة مساعيه في إحلال السلام في اليمن، إلى درجة أن التحالف العربي طالب الأمم المتحدة أن تتسلم وتشرف على ميناء الحديدة ولكن رفضت ذلك، وبعد أن أصبحت الحديدة وميناءها قاب قوسين أو أدنى من التحرر، ظهر جريفيث ليقول "جنيف" ومباحثات ومفاوضات.



إن الأمم المتحدة يزداد فشلها يوما بعد آخر، بل يزداد خداعها يومها بعد آخر، وتتكشف ألاعيبها في العالم أجمع، وعلى الشعوب أن تعمل لتغيير النسق الذي تسير فيه هذه الأمم، وأن تقف أمام هذا العبث الذي تقوم به، فالكلمة الآن للشعوب، وعليها أن تقف ضد ممارساتها، وضد عملها الذي يقوم على تأجيج القضايا، وليس حلها. ولنا مثال في سوريا التي قُتل وجُرح فيها مليون شخص، وشرد ما يقارب 15 مليون، ومع ذلك لم تحرك ساكنًا.

لن يصل العالم إلى نهايته كما يأمل البعض، بل سيعود إلى طريقه الصحيحة إن تخلص من العابثين في هذه الأمم، وإن تخلص العالم من مالكي حق النقض "الفيتو"، ولا بد أن يعاد توزيع حصص حق النقض على دول العالم، كي تكون أممًا بحق، ولا تكون 5 دول هي من يحدد مصير العالم، بل ربما دولة واجدة هي التي تحدد بحسب مسار الأمم المتحدة هذه السنوات. وعلى العالم أن يصحو من غفوته، ويوقف هذا الزحف المغالي الذي يتم انتهاجه تجاه الكرة الأرضية، وإلا فإنه سيصحو على كارثة عالمية، وكأنه مبتغى هذه الأمم ومن وراءها ليصلوا إلى الدمار.

 ــــــــــــــــ

[1]  راجع مثلا قناة الحرة https://www.alhurra.com/a/%D8%BA%D8%B1%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%AB-%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9/444771.html

السبت، 28 يوليو 2018

" تقية " توتر العلاقات بين أمريكا وإيران..

الحرب القذرة على العالم ( 12 )
من المهم إعادة قراءة هذه المقالة

الغرب لا يريد سوى العرب فهم مهد الإسلام وإيران المجوسية تخدمهم

العلاقة بين إيران وأمريكا كالعلاقة بين الزوجة وزوجها

التصاريح الرنانة بين الجانبين ينقضها تسليم بغداد وكابول لإيران

مع تصاعد خطابات ترامب ضد طهران هذه الأيام، يلحظ الجميع أن ثلاثة رؤوساء أمريكان قبل ترامب هددوا إيران في مطلع أيامهم في البيت الأبيض وكانت النتائج عكس ما قالوه ، حيث بوش الأب سلم افغانستان لهم والإبن سلم بغداد لهم وأوباما سلم دمشق لهم.

بوضوح تام، ومن خلال المعطيات على أرض الواقع، العلاقة بين أمريكا وإيران كالعلاقة بين الزوج وزوجته طوال النهار في ملاسنات وصخب وفي الليل ينامان على سرير واحد بكل حميمية.

في شهر 10/ 2016م أرسلت عضو لجنة القوات المسلحة لمجلس الشيوخ الامريكي “ كيلى آيوت “رسالة الى مدير المخابرات المركزية الآمريكية مطالبة الجواب الرسمي بشأن العلاقة  بين الدفع النقدي لنظام الملالي والهجوم الصاروخي ضد المدمرة الأمريكية. معلنة قلقها بشأن دفع مبلغ 1.7 مليارمن الدولار نقدا الى نظام الملالي بحيث يمكّن النظام من تمويل الاعمال الارهابية بشكل مباشر او غير مباشر.

وطالبت آيوت في هذه الرسالة الايضاح حول كيفية دعم الحوثيين في اليمن من قبل النظام الايراني. وحشر مثل هذه الجملة في الرسالة يعد عجيباً، فما هو الرابط بين الدفع النقدي وبين دعم طهران للحوثي، إلا إذا كانت الرسالة مفرغة من فحواها، وتم اختيار هذه الجمل للنشر.

كما أظهرت مقابلة تلفزيونية تعود إلى مارس/آب 2015 مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين، وهو يصف النظام الايراني بأنه أخطر من داعش.

وكان فلين يتولى قبلها منصب مدير وكالة استخبارات الدفاع قبل تقاعده في 2014م بعد خلافات مع إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، حول تسوية قضايا المنطقة، بما فيها الوضع في سوريا والتعامل مع إيران.

وقال فلين في المقابلة: ' أعتقد أن إيران هي الخطر الأكبر في مجموع المخاطر التي تواجهنا في ذلك الإقليم، وأنها تشكل تهديداً عالمياً كذلك بسبب قدراتها في تطوير الصواريخ الباليستية'.

وعمليات تبادل الأدوار في المنظومة الأمريكية هو أحد أساليب إدارة البيت الأمريكي، فأنت تخرج اليوم من اللعبة وتعود لها غداً، وهذا ما يحدث في الغالب. مايكل فلين الآن مستشار الأمن القومي الأمريكي لدى ترامب.

من جانبه قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس الماضي:  إن إيران كانت على وشك الانهيار قبل أن تزودها الولايات المتحدة بفرصة جديدة للحياة بـ 150 بليون دولار. وأضاف ترامب في حديث له الخميس : على إيران أن تكون ممتنة للاتفاق المريع الذي وقعته الولايات المتحدة معها، العام الماضي.

وبقراءة التسلسل الزمني للأحداث الكبرى التي شهدتها العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، سنلحظ ملاحظات، يجب أن تقرأ بحنكة:

1953 - المخابرات المركزية الأميركية تساعد في الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني المحبوب محمد مصدق وتعيد للسلطة الشاه محمد رضا بهلوي.

1967 - الولايات المتحدة تزود إيران بمفاعل طهران للأبحاث، وهو مفاعل نووي بقدرة خمسة ميغاوات يعمل باليورانيوم المخصب بنسبة 93% الذي يصلح لأغراض الأسلحة.

1968 - إيران توقع معاهدة حظر الانتشار النووي التي سمحت لطهران عند التصديق عليها بعد ذلك بعامين بامتلاك برنامج نووي مدني مقابل الالتزام بعدم السعي للحصول على أسلحة نووية.

1979- الثورة الإسلامية الإيرانية ترغم الشاه المدعوم من الولايات المتحدة على الفرار وآية الله روح الله الخميني يعود من المنفى ويصبح أول مرشد ديني أعلى.

ا1979 حتى 1981 ـ الإستيلاء على السفارة الأميركية في طهران في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1979م واحتجاز العاملين فيها رهائن لمدة 444 يوما.

1980 - الولايات المتحدة تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وتصادر أصولا إيرانية وتحظر أغلب الأنشطة التجارية معها.

1981 - إيران تفرج عن الرهائن الأميركيين بعد دقائق من انتهاء فترة ولاية كارتر وتنصيب رونالد ريغان رئيسا للولايات المتحدة.

1984ـ أضيفت إيران إلى القائمة الامريكية للدول الراعية للإرهاب الدولي!!

1986-1985ـ فضيحة "إيران كونترا" حيث نقلت السفن الأمريكية سرا أسلحة إلى إيران بزعم مقابل مساعدة طهران في تحرير رهائن أمريكيين احتجزهم حزب الله في لبنان.

2002-  الرئيس جورج دبليو بوش يعلن أن إيران والعراق وكوريا الشمالية تمثل "محور شر"، ومسؤولون أميركيون يتهمون طهران بإدارة برنامج سري للأسلحة النووية.

2002 - جماعة إيرانية في المنفى معارضة للحكومة في طهران تكشف النقاب عن امتلاك إيران منشأتين نوويتين قيد الإنشاء لم تعلن عنهما من قبل، أحدهما مفاعل لتخصيب اليورانيوم في نطنز، والثاني مفاعل يعمل بالماء الثقيل في آراك.

2006 - واشنطن تقول إنها مستعدة للانضمام إلى المحادثات النووية متعددة الأطراف مع إيران إذا أوقفت تخصيب اليورانيوم على نحو يمكن التحقق من صحته.

2007- في ديسمبر/كانون الأول، تقرير للمخابرات الأميركية يقدر بثقة كبيرة أن إيران كانت تعمل على تطوير أسلحة نووية حتى خريف 2003 حيث أوقف العمل في هذا البرنامج.

2008 - الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش يرسل للمرة الأولى مسؤولا هو بيل بيرنز من وزارة الخارجية للمشاركة مباشرة في المفاوضات النووية مع إيران في جنيف.

2009 - الرئيس الأميركي باراك أوباما يتولى منصبه ويبلغ زعماء إيران بأنه سيمد لهم يده إذا فتحوا له أيديهم وأقنعوا الغرب بأنهم لا يحاولون صنع قنبلة نووية.

2009 - بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة تعلن أن إيران تبني موقعا سريا لتخصيب اليورانيوم في فوردو قرب مدينة قم المقدسة عند الشيعة، وإيران تقول إنها كشفت عن الموقع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق من ذلك الأسبوع.

2009-2012 - تعثر المفاوضات النووية بين القوى الكبرى وإيران.

2012 - بدء سريان قانون أميركي يتيح لأوباما سلطة فرض عقوبات على بنوك أجنبية من بينها بنوك مركزية لدول حليفة للولايات المتحدة إذا لم تنجح في تخفيض وارداتها من النفط الإيراني بشكل ملحوظ.

2013- حسن روحاني ينتخب رئيسا لإيران بناء على برنامج يدعو لتطوير علاقات إيران مع العالم واقتصادها، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تخفيف العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.

2013- في 28 سبتمبر/أيلول: أوباما وروحاني يتحادثان هاتفيا فيما يمثل أعلى اتصال بين البلدين في 30 عاما.

إيران تتوصل إلى اتفاق مع القوى الست الكبرى بشأن برنامجها النووي في يوليو/تموز الماضي  (أسوشيتد برس)

2015 - في 14 يوليو/تموز أبرمت إيران والقوى الست اتفاقا وافقت إيران بمقتضاه على أخذ سلسلة من الخطوات، من بينها تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي وتعطيل جانب رئيسي من جوانب مفاعل آراك النووي مقابل تخفيف العقوبات التي تفرضها عليها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بدرجة ملموسة.

2016- إيران تطلق سراح عشرة بحارة أميركيين كانوا على متن زورقين في المياه الإقليمية الإيرانية بعد أقل من 24 ساعة من احتجازهم.

2016 ـ كشفت صحيفة “وول ستريت غورنال” الأميركية أن إدارة أوباما أرسلت سرا طائرة محملة بمبلغ 400 مليون دولار، إلى إيران.

2016- في 16 يناير/كانون الثاني الولايات المتحدة وإيران تعلنان تنفيذ اتفاق لتبادل السجناء يتم بموجبه الإفراج عن أربعة أميركيين محتجزين في إيران مقابل العفو عن سبعة على الأقل من الإيرانيين، أغلبهم يحملون الجنسيتين الإيرانية والأميركية إما سبقت إدانتهم في محاكم أميركية أو ينتظرون محاكمتهم. وإطلاق سراح أميركي خامس في خطوة منفصلة.

يقول الباحث السعودي الدكتور ضيف الله الضعيان بجامعة الملك سعود، في بحث نشر في صحيفة البيان الإماراتية بعنوان “العلاقات الأمريكية الإيرانية.. الوجه الآخر" : يشعر المراقب للحرب الإعلامية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، أن حرباً شاملة توشك أن تندلع بين الدولتين، لكنه ما يلبث أن يدرك أن وراء الأكمة تاريخاً طويلاً من التفاهمات والتعاون، بل التحالف أحياناً بينهما،  وكل منهما ينطلق بناء على مصالحه الاستراتيجية".

وبقراءة التسلسل الزمني للوقائع والأحداث التي مرت بين الدولتين سنلحظ أن القارئ لما تفعله أمريكا وتقوله وتصدره ضد إيران سيقول إنها ستلتهمها قريباً، وأنها ستقوم بشن حرب عليها، وحتى عندما وصف بوش محور الشر وصنف إيران ضمنها كان من المتوقع أن تتجه الأنظار نحو إيران ولكنها بدلاً عن ذلك وجه بوش حربه ضد العراق ليسلمها فيما بعد لإيران على طبق من ذهب.

كما يلحظ المراقب أنه في العام 2008 وأمريكا تعتبر إيران من ضمن محور الشر المهددة للسلم العالمي، ومع ذلك استوردت إيران في ذلك العام مليون طن من القمح الأمريكي، ةاستوردت أدوية أمريكية، وفي المقابل أمريكا تستورد منها السجاد الإيراني الفاخر والفستق.

وقال الدكتور الضعيان، في هذا الشأن تحديداً: “منذ ربع قرن والعلاقات الإيرانية الأمريكية تشهد تحالفات وتعاوناً، خاصة بعد أن لعبت أمريكا الدور الأكبر في نجاح ثورة الخميني، وما كان ليتصور نجاح الثورة بمنأى عن الدعم الأمريكي. وتعد فضيحة إيران جيت أكبر برهان على حقيقة الدعم العسكري الأمريكي الإسرائيلي لإيران، فضلاً عما نشرته وسائل الإعلام العالمية من إسقاط وسائل الدفاع السوفييتية (آنذاك) لطائرة أرجنتينية؛ كانت تتنقل بين إيران وإسرائيل محملة بأنواع السلاح”.

أي أن التعاون مستمراً بين الجانبين، والتصريحات الرنانة ضد بعضهما في أوجها، والمناوشات والمانشيتتات الصحفية قوية جداً، ولكن ما يحدث هو عكس كل ما يقال وكل ما يكتب.

وأشار الباحث الضعيان في بحثه إلى الاتفاق النووي حين قال: “تكشف قضية الملف النووي الإيراني، طبيعة العلاقات الأمريكية الإيرانية، فأمريكا قد غضّت الطرف عن الأنشطة الإيرانية النووية طيلة عقد من الزمن، ثم بدأت المخاوف الأمريكية على مصالحها الاستراتيجية في منطقة الخليج الغنية بمصادر الطاقة؛ فضلاً عما يمثله النشاط النووي الإيراني من خطر على أمن إسرائيل، ومع هذا فالخيار العسكري لا يمثل الحل الأمثل لأمريكا أمام طموحات إيران النووية؛ خشية تكرار التجربة العراقية، واتساع رقعة وعدد المنشآت النووية الإيرانية. كما لا يخفى حقيقة الدور الإيراني في مساعدة أمريكا على احتلال العراق، فقد كان لإيران – حسب تصريحات مسؤوليها – من خلال عملائها من الرافضة دور بارز في إغراء حكومة بوش باحتلال العراق؛ حتى تصبح البوابة العربية الشرقية مُشرَعة أمام إيران”.

ما الذي تفعله إيران في المنطقة لخدمة الأجندة الأمريكية أو الغربية؟ وكيف تسندها أمريكا في هذا الجانب؟

1ـ إيران تمول وتسلح جماعات مثل حزب الله وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

وهنا تزعم وزارة الخارجية الأمريكية أن هذا الأمر يجعل من إيران راعياً للإرهاب.. وفقا لوزارة الخارجية فإن إيران واصلت "تقديم كميات متفاوتة من التمويل والملاذ الآمن، والتدريب، والأسلحة لحزب الله اللبناني وجماعات الرفض الفلسطينية أبرزها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة. كما شجعت حزب الله والفصائل الفلسطينية الرافضة لتنسيق التخطيط وتصعيد أنشطتها.

2 ـ إيران نشطة في العراق، ليست نشطة فقط بل احتلته تماماً بمباركة أمريكية. فببناء فرع رئيسي للبنك الإيراني داخل العراق تم التأكيد على التوجه الإيراني وهو امتصاص اقتصاد العراق. والكل يعلم أن الحزب الرئيسي الذي يدعم الحكومة العراقية وقوات التحالف الأمريكي هو المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وهو أيضا مقرب من إيران. " فزعيم المجلس عبد العزيز الحكيم تلقى دعوة لزيارة البيت الأبيض وهو لاجئ في إيران عندما كان صدام حسين على رأس السلطة، وفي 21 فبراير 2007 ألقي القبض على ابنه قادما من إيران مع حراسه المسلحين من قبل قوات الولايات المتحدة وفي وقت لاحق أطلق سراحه مع تقديم الأعذار من قبل قوات الولايات المتحدة".

لتأتي الولايات المتحدة وتدعي أن إيران تدعم بعض الميليشيات الشيعية التي يزعم أنها ضد الحكومة العراقية.

3 ـ ابتداء من عام 2005 فإن العديد من المحللين بما في ذلك الصحافي سيمور هيرش مفتش أسلحة الدمار الشامل السابق للأمم المتحدة في العراق من 1991 إلى 1998 وسكوت ريتر وجوزيف سيرينسيون مدير منع الانتشار النووي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والأستاذ في جامعة سان فرانسيسكو ورئيس تحرير الشرق الأوسط للسياسة الخارجية في مشروع التركيز وستيفن زونس زعموا أن الولايات المتحدة تعتزم شن هجوم عسكري ضد إيران.

ـ 19 ديسمبر 2006: وفقا لتقرير سي بي اس نيوز فإن وزارة الدفاع تخطط لتعزيز وجودها في الخليج العربي الذي سيكون بمثابة تحذير للحكومة الإيرانية وتحديها بشكل مستمر. يقول مراسل الأمن القومي لقناة سي بي اس نيوز ديفيد مارتن أن الولايات المتحدة تقوم بالحشد العسكري والذي يشمل إضافة حاملة طائرات ثانية في منطقة الخليج العربي وهو يعتبر رد على ما يعتبره مسؤولون أمريكيون استفزازية القيادة الإيرانية المتزايدة.

ـ 22 ديسمبر 2006: قال وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس أن زيادة الوجود البحري الامريكي في الخليج العربي ليست ردا على أي عمل تقوم به ايران لكنها رسالة مفادها أن الولايات المتحدة ستبقى تحتفظ بوجودها في المنطقة لفترة طويلة.

4 ـ عام 2007م كان حافلا بالنشاط السياسي فقد أكد الرئيس بوش في خطاب إلى الأمة أن النجاح في العراق يبدأ بمعالجة إيران وسوريا: وبعدها تم انتقاد تصريحات بوش ضد إيران من دون موافقة الكونجرس واعتبرت تصرفاته هجومية و واستفزازية". كما اعترف مسؤولون في إدارة بوش أنهم لم يتمكنوا بعد من جمع أدلة قوية بما فيه الكفاية لدعم مطالبتهم علنا بأن ايران تقوم بالتحريض على العنف ضد القوات الاميركية في العراق. وكذلك واجهه نظام الملالي بالكثير من التصريحات التي تصب جميعها في إطار خارج إطار الوجود الإيراني في العراق.. وتدخله في شؤون الدول الأخرى في المنطقة.

ـ " 6 يناير 2007: وفقا لما ذكرته وكالة أنباء أن مصادر عسكرية إسرائيلية قد كشفت عن وجود خطة لضرب مصنع التخصيب في نطنز باستخدام العائد المنخفض النووي الخارق للتحصينات. يمكن أن يتم ذلك من خلال الكشف عن زيادة الضغط على إيران لوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم. نفت الحكومة الإسرائيلية هذا التقرير. في طهران قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني في مؤتمر صحفي أن تقرير الصحيفة "سيوضح للرأي العام العالمي أن النظام الصهيوني هو الخطر الرئيسي على السلام العالمي والمنطقة. أي إجراء ضد إيران لن يترك دون رد والغزاة سيندمون فورا على هذا الفعل".

ـ 11 يناير 2007: قال مسؤولون في الإدارة الأميركية أن مجموعة قتالية سترابط على مسافة إبحار سريعة من إيران ردا على قلق متزايد من أن إيران تقوم ببناء قدرتها الصاروخية الخاصة والقوة البحرية بهدف الهيمنة العسكرية في الخليج.

ـ 12 يناير 2007: اتهم الرئيس بوش إيران في خطاب هذا الأسبوع في المساعدة على شن هجمات ضد القوات الأمريكية في العراق. أعقبت تصريحاته تعليقات هجومية من كبار مستشاري الحرب وتحركات جديدة للقوات البحرية الامريكية وغارة في يوم الخميس في المدينة التي يسيطر عليها الأكراد في أربيل. حاولت الإدارة نزع فتيل مخاوف من أنه يخطط أو يدعو للمواجهة مع طهران. في مؤتمر صحفي نفى السكرتير الصحفي للبيت الأبيض توني سنو باعتباره اقتراحات "أسطورة" أن الولايات المتحدة تستعد لحرب أخرى. صدر نفي مماثل من قبل وزير الدفاع روبرت غيتس والجنرال بيتر بيس رئيس هيئة الأركان المشتركة.

ـ 14 يناير 2007: قال قائد الأسطول الروسي السلبق في البحر الأسود الأميرال إدوارد بالتين أنه يعتقد أن وجود هذا العدد الكبير من الغواصات النووية الأمريكية في الخليج العربي يعني أنه من المرجح ضرب إيران.

ـ 24 يناير 2007: قال مسؤولون إيرانيون الأربعاء أنهم تسلموا دفعة من أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة التي تم تصميمها لحماية منشآتها النووية في أصفهان وبوشهر وطهران وشرق إيران من الهجوم في المقام الأول من الطائرات الإسرائيلية أو الأمريكية.

ـ 24 يناير 2007: الكتاب في الأبحاث العالمية الجنرال ليوند إيفاشوف نائب رئيس الأكاديمية للشؤون الجيوسياسية والرئيس المشترك السابق لهيئة أركان الجيوش الروسية تتنبأ بهجوم نووي أمريكي على إيران بحلول نهاية أبريل. يعتقد أيضا مثل سكوت ريتر أن الولايات المتحدة سوف تستخدم الأسلحة النووية التكتيكية.

ـ 18 فبراير 2007: وفقا لسكوت ريتر الذي أكد وجهة نظره بأن إيران سوف تتعرض لهجوم من قبل الولايات المتحدة فقد تفاوضت وزارة الدفاع الأمريكية على استخدام القواعد العسكرية في رومانيا وبلغاريا.

إلى درجة أن تحدثوا عن ضرب إسرائيل لإيران، ولكن كل هذه مجرد أحاديث للتلاعب بالعقول، لنصل في نهاية المطاف إلى إعلان إيران عن احتلالها لأربع عواصم عربية، والرؤوساء الأمريكان يذهبون ويأتون والسياسة واحدة لا تتغير تجاه المنطقة، بحيث أن الهدف الذي يريدونه هو القضاء على الإسلام الصحيح، فهو الخطر الحقيقي مثلما يقولون على الأمم. والإسلام الصحيح هو في العرب أولاً والحرب هي على العرب، ولكن العرب لا يرون ذلك، ويرون أن المملكة العربية السعودية هي المقصودة بذلك، ولن يصلهم شيئاً، ولكن ما حدث في الربيع العربي دلل على أن السعودية لن تسقط ، وليثق العرب إن لم يعودوا إلى رشدهم أنها لن تسقط إلا بعد سقوط جميع الدول العربية، والمخطط يسير نحو ذلك.. فهل تعيدوا النظر يا حكامنا العرب وتتحدوا ضد المد الصفوي الغربي؟

 

الاثنين، 16 يوليو 2018

الخطة (ب) في المنطقة العربية

لاشيء يهز العالم 13

باختصار:


عام ١٩٤٥، أثناء الإعلان عن نشوء مجلس الأمن، كانت الولايات المتحدة الأمريكية الأمكر من بين الدول الخمس التي لها حق النقض (الفيتو)، ونظرا لأنها تمتلك بعد نظر رسمت خطتها على الخصم العالمي " الاتحاد السوفيتي-آنذاك"، وسوقت لقوته، على اعتباره الأقرب لأوروبا ك "عدو قريب"  لإخافة الدول الأوربية، وهكذا خضعت لها، وسارت تتبعها إلى اليوم.

وبالطبع تجربتهم قامت على حروب أهلية طويلة في البدء ثم على حروبها في أمريكا الجنوبية. هذه الورقة مع أوروبا لعبت بها مع العرب، فجهزت لهم "عدو قريب" عام ١٩٧٩ في طهران، ورمت بالملالي في حلق العرب، وأسفر ذلك عن حرب الثمان سنوات بين العراق وإيران. وأثناء ذلك كان العمل على أشده في العمل على استراتيجية "العدو الحميم" والمتمثل في صناعة خلايا نائمة في كل الدول العربية، وبدأت في العلن عبر حزب الله في لبنان، الذي يمثل الامتداد في الدول العربية، ومنه تسربت خلايا نائمة في العالم العربي عبر الشيعة واستغلالهم مذهبيا، وظهر بعضهم في الدول العربية بعد سنوات من صناعتها وتدريبها، وفي المقابل كانت أمريكا تزرع خلاياها من "الأخوان" في المذهب السني "عدو إعلامي،ثقافي،ديني" وجهزوا حتى ساعة الصفر، التي جاءت بعد حرب النوايا المكشوفة وهي احتلال أمريكا للعراق. (النوايا المكشوفة) حددت أن العراق هي المنطقة المركزية لعملية التغيير في المنطقة العربية، ولهذا تركت للفرس العبث بالعراق وسلمته لهم ولداعش، لنلحظ أن عام ١٩٤٥ وهو عام الإعلان عن مجلس الأمن، كان نقطة جوهرية في المسألة إذ إن فرنسا كانت في سان فرانسسكو تدافع عن حقوقها اللغوية، وفي نفس الوقت كانت تسعى إلى تأكيد حقوقها الاستعمارية في سوريا. سوريا منذ البدء كانت دولة مفصلية في تقسيم العالم العربي، وها هي اليوم تعيش ذات الدور، وخطورة الموقف فيها أن اسرائيل بدأت تدخل عيانا بيانا فيها، ومن هنا فإن التوسع الإسرائيلي سيطال دولا أخرى، واللاعب الأساس هو روسيا التي تخدم الأجندة بشكل مقنن.. وستخرج منها دون مكسب سوى تقوية اقتصادها، ولن يكون لها صوت بعد ذلك لأنها ستربض في مكانها كدول شرق أوروبا. التوقف الغربي في المنطقة العربية أعطى دول شرق آسيا نفَسا للتحرك، وإن لم يقلبوا موازين الخطط الآن فسيندمون كثيرا.

أستطيع القول إن صمود سوريا يأتي لفشل الخطة (أ) فقد أحرقتها السعودية. ولهذا فإن الخطة (ب) ستعمل ولو أنها ستأخذ وقتها، فملالي طهران أدوا ما عليهم، وأوراقهم محروقة، لأنهم انكشفوا للعالم العربي هم واشعال نار الطائفية واستغلال الشيعة؛ ومن هنا فإن اشعال طائفية أو عصبية المذهب الواحد ستأتي، ولو بعد حين.

 

 
https://platform.twitter.com/widgets.js

الجمعة، 25 مايو 2018

لا شيء يهز العالم 9

الأمم المتحدة والعرب


جاء برنامج النقطة الرابعة لتأييد "السلام العالمي"، الذي صنعته أمريكا، وفق أربعة محاور:

  1. التأييد المطلق للأمم المتحدة، فالأمم المتحدة تأتمر بإمرة أمريكا في كل خطواتها، بل إن توجهاتها تساير التوجه الأمريكي خطوة بخطوة، خصوصاً وأنها أُنشئت تحت نظر الغرب، ومن كان يدعمها بقوة في البدء هم الدول الكبرى، ولكننا سنلحظ حالات قليلة تتناقض معها في حالة استخدام روسيا ـ سابقا الاتحاد السوفيتي ـ للفيتو أو الصين.. وتكاد تكون باتفاق بين الطرفين.

  2. كسب الشعوب بالعمل على الإصلاح الاقتصادي، وهي الفكرة الجهنمية التي تسيطر بها الكربورقراطية على مكتسبات الشعوب.

  3. تقوية الأمم التي تعادي الشيوعية. وكانت آنذاك الحرب الباردة مستعرة بين أقوى دولتين، ولهذا فإن العدو الكامن أمام أمريكا هو المد الشيوعي.

  4. تقديم المعونات لتحسين أحوال مختلف البلاد، وهذه المساعدات استغلال فاضح جداً في السياسة الأمريكية، وعبرها تتحكم في الدولة أو تبتزها سواء بإدراك أو بدون إدراك.


وكثيرًا ما نرى التركيز على هذه النقطة لأنها تحمل أبعادًا إنسانية في ظاهرها، بينما أهدافها أو غاياتها هي امتصاص الحقوق في الدول التي تساعدها أمريكا، أو تتدخل الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي في المساعدة، وذلك كي توقع الدولة في الفخ، وتبدأ مساومة الشركات العملاقة عليها من كل حدب وصوب، بعد أن تتم السيطرة على بنوك الدولة المعنية ليبدأ البنك الدولي في عمله تجاهها. وليحقق الرؤية السياسية المرسومة لها من قبل الشركات المسيطرة على العالم[1].

وعندما تأسست منظمة الامم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية فإن حفظ السلم والأمن الدوليين يعدان المشكلة الأهم التي تواجه المجتمع الدولي إلى اليوم، وهو المقصد الرئيسي الذي من اجله انشئت منظمة الأمم المتحدة.  ولأهمية هذا المقصد فإن مؤسسي المنظمة قد ركزوا عليه في الميثاق وخصصوا له الوسائل والإجراءات اللازمة لتحقيقه.

"وكانت خمسة من الدول العربية ضمن مؤسسي الامم المتحدة، وهي: مصر والمملكة العربية السعودية ولبنان وسوريا (كلها انضمت فعليا يوم 24 / 10 / 1945) والعراق (21 / 12 / 1945). ومن دول الشرق الأوسط كانت هناك أيضا إيران وتركيا. ثم إن للعرب ثقلاً إضافيًا يتمثل بأن اللغة العربية هي إحدى اللغات الرسمية الست للمنظمة إلى جانب اللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية والماندرين الصينية والإسبانية، مع العلم بأن أمينها العام السادس أختير من دولة عربية وهو الدكتور بطرس بطرس غالي الذي تولى المنصب لأربع سنوات بين 1992 و1996. واليوم تضم المنظمة 192 دولة، بينها 22 دولة عربية. وكان للعرب حضور مميز في الوكالات التابعة للأمم المتحدة حيث ترأسها بعضهم مثل الدكتور محمد البرادعي (مصر) والمهندس إدوار صوما (لبنان) وطالب الرفاعي (الأردن)..الخ."

 

القضية الفلسطينية

الإدانات التي يقوم بها مجلس الأمن ضد إسرائيل وما ترتكبه في حق الشعب الفلسطيني لا فائدة منها، طالما أن القرار يتوقف على استخدام الفيتو الأمريكي في كل مرة تتم الإدانة، أي أن أحد أهم أسباب تكوّن مجلس الأمن من خمس دول عظمى، ومن حق استخدام الفيتو يؤتي ثماره الآن، وفي كل آن، لحماية مصلحة الدول الخمس أو دولة منها أو دولة حليفة مثل إسرائيل. ولعل تقسيم فلسطين عام 1947م يعطي الدلالة الواضحة أن المجلس أو الأمم المتحدة لم يخلقا إلا لحماية المصالح الخاصة للدول العظمى. ولا تحمل همًّا تجاه أي قضية إنسانية في أي جزء من الكرة الأرضية، فما بالكم وهذا الجزء هو المنطقة العربية!!

"لقد صدر ما لا يقل عن 131 قرارا متصلا بالنزاع بين فلسطين وإسرائيل صدرت عن مجلس الأمن الدولي ما بين 1967 و1989 فقط. كما أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اسرائيل بإدانات تزيد على كل الإدانات بحق دول العالم الأخرى مجتمعة. وكان للأمم المتحدة دور وحضور فاعل في حروب العرب مع اسرائيل في الاعوام 1948 و1967 و1973 وغزو لبنان عام 1982 بصفة عامة، وغيرها من الاعتداءات والتجاوزات الاسرائيلية المتعددة على لبنان وسوريا ومصر والاردن والعراق. ومن الجدير بالذكر أن للأمم المتحدة وجودا عسكريا في مناطق النزاع العربي الاسرائيلي متمثلا في قوات الفصل الدولية الأندوف على هضبة الجولان في سوريا، وفي جنوب لبنان تنتشر قوات اليونيفيل، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة والدول المجاورة تعمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ناهيك من نشاطات اليونيسيف في مجالات الاهتمامات بالطفولة والأجهزة والوكالات الإقليمية[2]."

(سأتطرق إلى ذلك بشيء من التفصيل عند الحديث عن إسرائيل)

وسنلحظ أن هناك العديد من القضايا المتعلقة بالمنطقة العربية، وهي من القضايا التي تستخدمها الأمم المتحدة بمطاطية مبالغ فيها، وربما ترى أطراف تؤججها ولكنها تغض الطرف عنهم.. فمثلا: نزاع الصحراء الغربية؛ حيث كان لها دور بارز في التعاطي مع النزاع الحاصل بين المغرب وبين جبهة البوليساريو، وآخرها ما كان من إيران ومن حزب الله حين دعما ودربا هذه الجبهة في فضيحة انكشفت لكل العالم، ولم تتخذ حيالها الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن أي خطوة في هذا الاتجاه بل إن ستيفان دو جاريك، الناطق الرسمي باسم الأمين العام الأمم المتحدة، ردّ، خلال الندوة الصحافية الدورية المنعقدة الاثنين 02 أبريل 2018 بمقر المنظمة بنيويورك، ببرودة تامة على احتجاج المغرب من استمرار عمليات التوغل العسكري في المنطقة العازلة، حيث قال جواباً عن سؤال الصحافة: "نعم لديّ معلومات.. زملاؤنا في بعثة المينورسو لم يلاحظوا أي حركة لأي عناصر مسلحة شمال هذا الإقليم، المينورسو تُواصل مراقبة الوضعية عن كثب".

في نفس الوقت أكدت فيه مصادر إعلامية قريبة من "الجبهة" أن "نحو 14 عنصرا مسلحا تابعين للبوليساريو دخلوا المنطقة على متن أربع سيارات من نوع جيب، فقاموا بنصب خيام وتمركزوا فيها لما يناهز ساعة كاملة قبل أن يغادروا المكان ويسحبوا آلياتهم بعدما نصبوا خيامهم".

كما أظهرت صور لمجموعة شبابية محسوبة على جبهة البوليساريو تدعى "صرخة ضد الجدار" تنظيم وقفة احتجاجية يوم 31 مارس الماضي، رفقة أجانب، نددوا فيها باستمرار هذا الجدار الأمني.

وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قد أعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بسبب اتهامات لها بدعمها وتسليحها جبهة البوليساريو الراغبة بالانفصال، بدعم ومساندة "حزب الله".

بينما ذكر موقع القوات اللبنانية أن تتجاوز علاقة البوليساريو بـ"حزب الله" تقديم الدعم بتحريض من الجزائر. حيث تربطهما أيضا تجارة السلاح والمخدرات وتبييض الأموال. فشبكة “حزب الله” في تبييض الأموال تمتد من أفريقيا (الغرب أساسا) إلى أميركا اللاتينية، وعلاقة البوليساريو بالتنظيمات الجهادية في المنطقة تفيد عمل “حزب الله” كثيرا.[3]

وقال المحلل الأميركي في صحيفة واشنطن اكزامينور، مايكل روين، أن تلك " لم تكن مجرد عملية مارقة. ففي النهاية ما تعرض له المغاربة ليس أول محاولة من إيران لزعزعة استقرار مملكتهم". أي أنه يناقض تحفظات الأمم المتحدة.

ويضيف روبن أن "الواقع يقول إن سلوك إيران يكتسب طابعا أيديولوجيا، ومشكلة إيران مع المغرب هي أيديولوجية، خصوصا وأن المغرب لا ينتمي إلى معسكر دول الغرب الليبرالي فقط، ولكنه يقف أيضا في طليعة القوات المحاربة للإسلام المتطرف”، مضيفا أنه “على الرغم من اختلاف المذاهب بين إيران والمغرب، إلا أن رجال الدين وقادة إيران لا يريدون رؤية هذا الفرق أو حتى الالتزام به".

وهذا الحدث الأخير يوضح بجلاء موقف الأمم المتحدة المائع تجاه هذه القضية المتعلقة بالشأن العربي. ولن أعود كثيرًا بالتاريخ لأستشهد بمواقفها تجاه هذه القضية لأن السلبية هي ديدنها الدائم تجاه القضايا العربية.

بينما الحرب العراقية الإيرانية لعبت فيها الأمم المتحدة دورًا بارزًا، ويأتي التناقض من الموقف الأمريكي وهو العضو الرئيس في الدول الخمس العظمى أو في "نادي النخبة" الذي يحكم العالم، حيث أنه على مرأى ومسمع من مجلس الأمن ومن الأمم المتحدة ظهر بفضيحة " جيت إيران" أيام دونالد ريجان، ومع ذلك لم يكن هناك ما يثير التساؤل لدى المجلس. ولعل توقف الحرب بينهما جاء بعد خطة بديلة ستظهر في حرب الخليج الثانية حين احتل العراق دولة الكويت وكان للأمم المتحدة دور فاعل في التعاطي مع تداعيات غزو الكويت عام 1990. حيث فوضت الأمم المتحدة يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 1990 وعبر قرار مجلس الأمن 678 – استنادا إلى عدة قرارات سابقة – باستخدام القوة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، فشنت قوات متعددة الجنسيات، أمريكية أوروبية وعربية، ما عرف بعملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت يوم 24 فبراير (شباط) 1991، وتم لها ذلك خلال فترة قصيرة.

في المقابل في حرب الخليج الثالثة وهي الغزو الأمريكي للعراق فإن موقف الامم المتحدة كان ضعيفًا ولم تستطع التصدي للغزو الامريكي البريطاني للعراق الذي تم سنة 2003 خارج نطاق الشرعية الدولية ودون تفويض من الامم المتحدة التي باءت جهودها بالفشل لمنعه يوم 20 مارس (آذار) 2003 تحت ذريعة تخزينه أسلحة دمار شامل ممنوعة، وأسقطت الحكم فيه واحتلت البلاد، وبقيت القوات الأمريكية في العراق حتى اليوم.

أما قضية النزاعات في السودان فجميعنا يعي أن "جوبا" تحتضن تل أبيب، بل إن تل أبيب تحتضن جوبا، والتعاون بينهما على أعلى مستوى، وما يخدم إسرائيل لا بد أن تتبناه الأمم المتحدة أو يتبناه مجلس الأمن، ولهم حضور وأجندة بارزة جدا في الجنوب ودارفور. يقول ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي: "نحن شعب صغير، وإمكانياتنا ومواردنا محدودة، ولا بد من العمل على علاج هذه الثغرة في تعاملنا مع أعدائنا من الدول العربية، من خلال معرفة وتشخيص نقاط الضعف لديها. وخاصة العلاقات القائمة بين الجماعات والأقليات العرقية والطائفية، بحيث نسهم في تفخيم وتعظيم هذه النقاط، لتتحول في النهاية إلى معضلات يصعب حلها أو احتواؤها".

ولعل كلينتون بإشارة من رامسفيلد عندما دمر "مصنع الشفاء" بحجة أنه يصنع أسلحة دمار شامل، لم تتخذ الأمم المتحدة أي دور بل قد تكون ذات أدوار ومواقف معاكسة؛ فقد اتهمت مصادر في الأمم المتحدة عام 2004 ميليشيات الجنجويد المناصرين لحكم الرئيس عمر حسن البشير بارتكاب مجازر في الإقليم. ثم فرض مجلس الأمن الدولي في مارس من عام 2005 عقوبات على الخرطوم، وكذلك إحالة المتهمين بجرائم حرب إلى محكمة العدل الدولية. الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بين الخرطوم والامم المتحدة خصوصا بعد أن رفضت الخرطوم نشر قوات سلام دولية في إقليم دارفور. ثم أصدرت محكمة العدل الدولية عام 2007 أولى مذكرات التوقيف ضد المتهمين بجرائم الحرب، كما أصدر مجلس الأمن قرارا بتشكيل قوة سلام في دارفور. وفي العام التالي 2008 تولت الأمم المتحدة كليا أمر القوات الأفريقية – الدولية اليوناميد في الإقليم، وفي خطوة غير مسبوقة في عام 2009 أصدرت المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة مذكرة اعتقال بحق البشير. ورعت الامم المتحدة عملية استقلال الجنوب عام 2011، كما أعلنت نهاية حرب دارفور.

"بالإضافة إلى ما سبق كان للأمم المتحدة نشاطات ومهام لافتة أخرى تتعلق بالعرب والشرق الاوسط، منها النزاع الحدودي بين البحرين وقطر الذي حسمته قضائيا وتحكيميًا محكمة العدل الدولية عام 2001، بالإضافة الى قضية تورط ليبيا فيما عرف بقضية لوكيربي أصدر المجلس القرار 1506 بغالبية 13 صوتا وامتناع فرنسا والولايات المتحدة عن التصويت برفع العقوبات المفروضة على ليبيا. وغير ذلك من القضايا. ورغم كل ذلك فقد اتسم تعاطي الأمم المتحدة مع القضايا العربية والشرق أوسطية بغير الموضوعي، حيث انطلق دائما من اعتبارات مصالح الدول الكبرى المسيطرة على سياسة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي منع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من التصرف والقيام بمسؤوليتها في حفظ الأمن والسلم الدوليين[4]."

يتبع...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الحرب القذرة على العالم، للمؤلف، تحت الطبع.

[2]  عماد علو مقالة في صحيفة الزمان يوم 20 مايو 2014 الرابط: https://www.azzaman.com/?p=72168

[3]  موقع القوات اللبنانية https://www.lebanese-forces.com/2018/05/04/hezbollah-polisario-front/

[4]  عماد علو مقالة في صحيفة الزمان يوم 20 مايو 2014 (سابق).

الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

الوزير باسيل ودولة الضاحية!!

دعونا، بكل هدوء، نقرأ ما قاله جبران باسيل في تغريدة له ومن ثَمّ وهو في إيطاليا، إذ يبدو أن هناك سوء فهم لدى وزير خارجية لبنان، وفي نفس الوقت متناقض، أو أنه يتغافل عن الحقيقة الماثلة لكل اللبنانيين والعرب والعالم أجمع.

فباسيل يقول:” إنه ليس حزب الله وأن سعد الحريري ليس حزب الله، وأن لبنان بلد حر ومستقل” كلام جميل، وطالما أنه كذلك فما هو موقع حزب الله في الحكومة؟ وإلى أية دولة يتحزب؟ وهل هو تابع للدولة اللبنانية أم أنه دولة مستقلة عن لبنان؟ وهل إطلاق صواريخ باتجاه مكة المكرمة والرياض من اليمن بأيد من حزب الله وبتدريب منه ليس تدخلاً في شؤون الآخرين؟ وهل حرب حزب الله في سوريا ليس تدخلا؟ وهل حربه في العراق ليس تدخلاً؟ وهل تدخله ـ بكل قوة ـ في اليمن ليس تدخلاً؟ وهل أياديه العابثة في البحرين والكويت والخليج ليس تدخلا؟.

يجب يا معالي الوزير أن تجيب عن هذه التساؤلات، وأن تبرر تدخلات الحزب في المنطقة أو أن تعلن أن الضاحية دولة مستقلة تأتمر بأوامر الولي الفقيه ولا شأن للبنان بها، كي تستطيع دول المنطقة التعامل مع تدخلاته السافرة في كل جزء منها. فالإنكار هنا يدلل على أنك تعترف أن الحزب خارج نطاق الدولة، وأنه تابع لإيران، ويأتمر بأوامر الولي الفقيه، وأنه لا شأن لك ولدولة لبنان به، وأنك وأنت وزير الخارجية لا يمثلك هذا الحزب ولا تمثله وإنكارك أنك لست حزب الله هو إنكار الإثبات، فأي عاقل سيقنعه نفي وزير خارجية ما أن أحد مكوناته السياسية لا يمت له بصلة!!
أما نية الحوار فهي معدومة تماماً، واللغو السياسي لا يأتي بفائدة للبلد، لأن حوار الطائف تم نسفه بالكامل من قبل حزب الله، وعلى فكرة يا معالي الوزير: إلى الآن وحزب الله مكون من مكونات الحكومة اللبنانية، كأنك تغاضيت عن ذلك وأنت تبحث عن إيجابية، بينما ما يحدث هو سلبية، إذ لو كان هناك نية للإيجاب لتم تحييد الحزب ومصادرة أسلحته وتسييره ليكون حزباً سياسياً لا جيشاً ينطق باسم الولي الفقيه.
سأضيف يا معالي الوزير ما قاله الكاتب خالد الدخيل عن إطلاقك ” تصريحات فيها من التكاذب والجرأة ما يخرج عن كل الحدود” وتعليقه على حديثك في TRT التركية من أن لبنان يرفض “استعمال سلاح حزب الله خارج الحدود”. اقرأ ما قاله: ” معالي الوزير يعرف أن كلامه لا يمت إلى الواقع جملة وتفصيلاً. وإذا كانت هذه سياسة جديدة يلمح إليها، فالأمر يحتاج إلى توضيح وتفصيل. لكن وزير الخارجية يكذّب نفسه في الحديث ذاته بقوله إن “سلاح حزب الله أدى وظيفة كبيرة في تحرير لبنان”. عمّن يتحدث معالي الوزير؟ ولمن يتحدث؟ هل كان لبنان تحت الاحتلال؟ ومن تكون قوة الاحتلال التي حرّر حزب الله لبنان منها؟ ولماذا حزب الله، وليس الجيش اللبناني، هو الذي حرّر لبنان؟ المدهش أن يصدر مثل هذا الكلام عن وزير ينتمي إلى تيار اسمه التيار الوطني الحر”.
على باسيل أن يضع النقاط فوق الحروف كي يتعامل العرب مع هذه المشكلة التي أوقع لبنان نفسه فيها، فالمملكة العربية السعودية لم ولن تتدخل في شؤون لبنان، وإن تدخلت فإنها تدخل بالتي هي أحسن، وما إعادة إعمار لبنان بعد “مسرحية 2006” من حزب الله إلا دليل على الأيادي البيضاء التي تنتهجها السعودية في هذا البلد. ولكن…!
إن السعوديين أكثر شعب يستوعب اللغة اللبنانية ويعيها ويعي ما تقوله وما ترمي إليه وما تود أن تفعله من بعد الكلام، وليس بخاف على أحد منا ذلك، فدعوا المراوغات في الكلام، وناقشوا أصل المشكلة التي ستعصف بلبنان.

ـــــــــ

نشر هذ المقال في صحيفة البلاد

الوزير باسيل ودولة الضاحية!

السبت، 21 أكتوبر 2017

الثقل السعودي في إدارة أزمة المنطقة

باختصار:


قراءة الواقع تحتم علينا قراءة بعد النظر في السياسة السعودية، ففي الوقت الذي كانت فيه أمريكا في عهد أوباما ترتمي في أحضان إيران، كان العمل السعودي على أشده لتغيير مسار اللعبة في الشرق الأوسط، وذلك بمواجهة أمريكا عبر إيران، أي مواجهة إيران في أي موقع ذهبت إليه، وهذا أسلوب ذكي يدلل على الحنكة، بحيث أنها لم تخسر أمريكا وفي نفس الوقت تواجهها عبر من ارتضته وكيلاً لها في المنطقة، أو عن مشروعها الذي يهدف إلى تفتيت المنطقة.

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 32

· أن تكذب أكثر 5


· القوة الناعمة

نحت أمريكا منحى موازٍ تماماً لأيام الحرب الباردة، وأعادت صياغة مصطلح " الحرب الباردة" ليتحول إلى  القوة الناعمة ( Soft power ) ولعل إيحاءات هذه المرحلة بدأت من عام 1989م عندما سقط جدار برلين دون أن تقام حرب أو تسفك دماء، حيث يشير مؤسس مصطلح " القوة الناعمة " جوزيف ناي ـ وقد كان نائباً لوزير الدفاع الأمريكي، وكتب عنه عام 1990م في كتابه ( ملزمون بالقيادة) ـ إلى أن الجدار تم اختراقه بالتلفزيون والسينما منذ زمن طويل قبل سقوطه، في إشارة إلى تأثير الثقافة الغربية بدلا عن السلاح.

الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

الحرب القذرة على العالم 31



  • إمبريالية الإمبراطورية الأمريكية 5




هاتفني أحد الأصدقاء وتحدث معي حول ما كتبته هنا عن نظرية " مجتمع الخوف" .. ورأى أنني ذهبت بها إلى غير محلها عندما عكستها على المجتمع الأمريكي، وقال: إن هناك قانوناً يحكم الجميع فلذلك لا خوف.


قلت متى تحدثت عن ليبرالية فإنني أتفق معك.. أما إن تحدثت عن علمانية فإنني لست معك. فالحرية الفردية تختلف عن الحرية السياسية.. والحديث الأخلاقي الذي طرحته هو عن الحرية السياسية وفسادها وعدم مصداقيتها وبعدها عن الأخلاق تماماً، ولهذا فإن أمريكا تخاف من فقدان هذه الحرية الفاسدة، بالنسبة للنخبة المسيطرة. ومن هذا الجانب فإن الخوف سينعكس على المجتمع على مدى الزمن، وستخشى النخبة انحراف العامة بعد اكتشاف الحرية المخادعة التي تطرحها الليبرالية الحديثة، وتحديداُ ليبرالية " المحافظون الجدد" الذين يرون في هذه الحرية الفردية أنها الدرب الذي يستطيعون عبره السيطرة على الشعب؛ أي كأن عملية رسم الوهم لهؤلاء البشر هي الطريق الحقيقي لبقاء الديكتاتورية، لأنه متى ما كان انسياق المجتمع ككتلة واحدة فإن قدر هؤلاء هو خروجهم من السلطة شاءوا أم أبوا، ومتى ما تمتع الشعب ، بل العالم ، بحرية فردية فإنه من السهولة بمكان انسياقه لقطيع تسيره الديكتاتورية، التي تريد السيطرة على العالم. وأعتقد أنه سيأتي اليوم الذي تتنبه له الشعوب لهذا الخطر وسيخرجونهم من السلطة، لأن البناء على " الكذب النبيل"[1] ، الذي يرونه، لا يمكن له الاستمرار.

الاثنين، 28 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 30

الكذبة الخلاقة وتفتيت المنطقة العربية

يعتبر المفكر الاستراتيجي الأميركي مايكل ليدن الباحث في معهد "أميركا انتربرايز" أول من صاغ مفهوم " الفوضى الخلاقة" عام 2003م، بالشكل الذي يليق بمنطقة الشرق الأوسط "، نعم تحديدا، عندما وضع خطة جديدة للولايات المتحدة لإدارة أهم المناطق حساسية في العالم، وهي المنطقة العربية، بعد أن لاحظ ارتباك السياسة الأميركية في هذه المنطقة، وأعطاها تسميات مرادفة، منها "الفوضى والبناء" و"التدمير والبناء". وينطلق ليدن في نظريته من أفكار تعكس الفلسفة التي تدين بها الطغمة الفاسدة المسيطرة على القرارات والاستراتيجيات الأميركية تجاه العالم والشرق الأوسط بالخصوص، وهي اعتماد الواقع أكثر مما يمليه الذهن، أي جعل له الأسبقية والرجحان. وينطلق ليدن بعد قراءة الواقع وتشخيص البيئة المحددة له ليقول أنه لا بد من التعامل مع معطياته وتطوراته.

الاثنين، 14 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 28

الإرهاب هو " الثورة التي يجري توجيهها الآن بمنتهى الخبث كستار للعنف الذي يمارسه الغرب" نعوم تشومسكي



  •  امبريالية الامبراطورية الأمريكية 3


  • الامبريالية تحارب الوحش


يقول تشومسكي " إن المعايير التي تطبق على الإمبراطور وبلاطه فريدة من نوعها من ناحيتين وثيقتي الصلة ببعضها البعض. أولاهما أن الأعمال الإرهابية التي يقومون بها لا تدخل في قائمة ما يسمى بأعمال الإرهاب، وثانيتهما: أنه في حين ينظر إلى الأعمال الإرهابية الموجهة ضدهم بجدية بالغة، حتى لو تطلب الأمر اللجوء إلى العنف" للدفاع عن النفس ضد خطر هجوم قد يحدث في المستقبل" طبعاً يشير هنا إلى قانون الولايات المتحدة المتعلق بالوقائية أو الحرب الاستباقية.[2] وفي حالة المنطقة العربية ربما هندس الأمريكان بـ " لكل فعل ردة فعل" ولكن الفعل ما هو والذي يحتاج إلى ردة فعل؟ لا بد من إيجاد هذا الفعل، لتتفتق أفكار بوش وزبانيته عن تفجير برجي التجارة، وهو تنفيذ كامل للقطة فيلم(The Long Kiss Goodnight ) الصادر عام 1996م، من بطولة (صامويل إل.جاكسون وجينا ديفيس،والكاتب هو شيم بلاك والمخرج ريني هارلي) شاهد الفيديو:

https://www.youtube.com/watch?v=QXoQUmO-DXA

ويظهر فيه التخطيط لهجمة إرهابية على مركز التجارة العالمي و مقتل 4 الآف شخص و الصاق التهمة بالمسلمين. ويكون الفعل لتأتي ردة الفعل، التي تتطلب اللجوء للعنف والعمل بالدفاع عن النفس واستباق حدوث هجمات على الامبراطورية الأمريكية من قَبل المسلمين ولتكون كلمة " الارهاب " هي الكلمة السحرية التي تسير عليها أمريكا إلى اليوم في المنطقة العربية.

وأورد تشومسكي أن سياسة ريجان كانت ملتزمة بثلاث سياسات ، نقل الموارد من الفقراء إلى الأغنياء، وتحقيق زيادة ضخمة في القطاع الحكومي الأمريكي، وثالثاً وهو المهم بالنسبة لنا هنا: إنجاز زيادة كبيرة في التدخلات الأمريكية في شؤون الدول الأخرى والتخريب والإرهاب الدولي ( بالمعنى الحقيقي للكلمة). ويصل تشومسكي إلى لب الموضوع حين اردف: إن مثل هذه السياسات لا يمكن أن تطبق إلا إذا تم تخويف الشعب بصورة صحيحية من وحوش يتعين أن نحمي أنفسنا منها.[3] ويتضح هذا في حيلة الحادي عشر من سبتمبر حين جعل الشعب الأمريكي والعالم ينتظر الوحش متى ينقض مرّة أخرى على الولايات المتحدة، بل صنع إلى جوار الوحش " حشرة" أسماها " الانثراكس" كي تلسع كل من يفكر بشكل منطقي وتشتت ذهنه عن التفكير في مسألة تفجير البرجين، وكيف تمت العملية؟ وما هي الأبعاد المحتملة؟ وما هي أساليب التنفيذ؟ واستطاع الاعلام الأمريكي حشد الجماهير فعلاً ضد هذا العمل، ووجه أنظاره إلى العالم الإسلامي، وأوجد فزاعة بن لادن، ولكن هذا الوحش لا يكفي في الرؤية الأمريكية بعد مرور 12 سنة على حادثة البرجين التي بردت وانتهت بمجرد إعلان مقتل ابن لادن، ليظهر الوحش الجديد " داعش" الذي لا يريد لأمريكا أن تعيش في سلام في العراق، ولا يريد لها أن تعيش في أمان وبحبوحة في المنطقة العربية، ولهذا لا بد من مواجهة الوحش ابن الوحش الذي ولدته القاعدة، أي ابن لادن قبل أن يموت خلف خليفته الذي يكره أمريكا وسيحطم تمثال الحرية إن لم نضربه ضربات استباقية أو وقائية قبل أن يصل إلينا. يسخر تشومسكي هنا وهو يقول: الحيلة النمطية المتبعة لهذا الغرض هي حشد الجماهير ضد التهديد الذي يسميه الرئيس" المؤامرة المتكتلة التي لا ترحم"[4] وهي كلمة استعارها من كيندي ليطلق ريجان ما سماه " امبراطورية الشر" ويطلق بوش " محور الشر".

إن صناعة الوحش من أجل تحقيق ضربات استباقية جاءت من أجل حماية التسلط، لا من أجل قمعه كما تصور لنا الآلة الأمريكية أو كما يدعي من يسير على ركبها و" قضية الإرهاب النابع من العالم الإسلامي والطريقة المثلى للرد عليه من جانب الديمقراطيات التي تدافع عن القيم الحضارية، ما زالت من أبرز موضوعات الاهتمام والجدال؛ وهو ما يتضح من أعداد الكتب والمؤتمرات والمقالات والبرامج التلفزيونية التي تناولت الموضوع... والاهتمام مقصور على إرهاب اللص وليس إرهاب الامبراطور وعملاته؛ اي عليهم وليس علينا"هكذا يؤكد تشومسكي ويعلنها بكل صراحة بأن إرهاب الإمبراطورية الأمريكية ليس إرهاباً، إنما الإرهابيين هم من يدافعون عن أنفسهم وعن بلادهم، وعن حقوقهم حيث استخدمت أمريكا الإرهاب بشكل مقنن، وجعلته سلاحها للقمع في أي مكان تريد التوجه إليه، وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط، وليس بغريب على أمريكا أن تستخدم هذا ففي  التاريخ الغربي الحديث والقديم أُستخدمت هذه الكلمة كأداة للصراع السياسي، وربما هي العادة في السلطات على مر التاريخ فمن يقاوم استبداد السلطة يسمى إرهابياً سواء بالكلمة المباشرة أو برديفاتها الكثيرة التي ملأت الكتب بالأشرار الذين لا يريدون الاستقرار للإستبداد في دولهم.

 

والعجيب هنا أن كلمة الارهاب تم عكسها تماماً فقد " بدأ استخدام كلمة إرهاب ( Terrorism) في نهاية القرن الثامن عشر للتعبير بشكل أساسي عن أعمال العنف التي تقوم بها الحكومات لضمان خضوع الشعوب. وكما هو واضح، فإن هذا المفهوم لا ينطوي على كثير من الفائدة لمن يمارسون إرهاب الدولة، الذين بحكم سيطرتهم على السلطة ـ يوجدون في وضع يسمح لهم بالسيطرة على نظام التفكير والتعبير. لذلك فقد أُهمل المعنى الأصلي للكلمة، وأصبحت كلمة " إرهاب" تطلق بشكل اساسي على " إرهاب التجزئة" الذي يقوم به أفراد وجماعات. ففي حين كانت هذه الكلمة تطلق على الأباطرة الذين يعتدون على رعاياهم، بل وعلى العالم بأسره، أصبحت الآن تطلق على اللصوص الذين يعتدون على الأقوياء."[5]

يتبع..

الاثنين، 7 أغسطس 2017

إمبريالية الإمبراطورية الأمريكية (2)

الحرب القذرة على العالم (27)

ما أشار إليه نيكسون في كتابه " انتهزوا الفرصة أو الفرصة السانحة "  من أن موسكو كانت تقود وتحرك حملة عدوانية مباشرة أو غير مباشرة على الرغم من رفع شعارات مضللة مثل (التعايش السلمي) و(الانفراج الدولي) . هو بالضبط ما تردده الآن واشنطن، وهي شعارات ترفعها باستمرار تجاه المنطقة العربية، بل وتزيد عليها أنها تريد " الديمقراطية" و " الحرية " للشعوب العربية، دون أن يلمس العرب هذه الحرية وهذه الديمقراطية التي جاء بها المحتل في المنطقة العربية.

وتكمن أهمية أحداث البرجين 11/9 في أنها كانت الانطلاقة الحقيقية التي شنت من خلالها الحرب في مناطق المسلمين، بل ضدهم في جميع أنحاء العالم حتى داخل أمريكا، وبدأت الحرب الخارجية بأفغانستان ومن ثم العراق و" ليس من المعقول أن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من شن حربين متتابعتين في زمن قصير لسرقة، والسيطرة على، والحكم في، ثلثي الموارد الهيدروكربونية في العالم دون خطط للحرب معدة وموجودة مسبقاً، تم اختبارها، وتمثيلها وشحذها جيداً، ودون استعدادات عسكرية تعود إلى وقت سابق، ومن الطبيعي إذا كانت الخطط الحربية والاستعدادات قد سبقت 11 سبتمبر، فإن تلك المأساة لا يمكن النظر إليها واعتبارها السبب في هاتين الحربين، إذ إن الدوافع الحقيقية للحرب يجب أن تكون قبل ذلك."[1]

الأربعاء، 2 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 26

 

إمبريالية الإمبراطورية الأمريكية!!

هل كانت ستتغير الاستراتيجية الأمريكية لو لم تحدث أحداث 9/11 ؟

هو سؤال مشروع.. ولكن الملاحظة التي ستبرز هي أن الشواهد والأحداث كلها كانت تسير قبلها ـ أي قبل هذا التاريخ ـ وهي تقدم إيحاءتها نحو عدو بديل للاتحاد السوفيتي، ويسير عبر هيجل "الصراع أو التناقض هو المحرك للتاريخ" فريتشارد نيكسون تحدث عن الخطر الأخضر " أي الاسلامي" بمعنى أن التصور موجود من السابق، وأن هناك خطوات للإتجاه نحو المنطقة العربية وأنها العدو الجديد للولايات المتحدة الأمريكية.

يقول نيكسون في كتابه " انتهزوا الفرصة" :" إن الكثيرين من الأمريكيين أصبحوا ينظرون إلى كل المسلمين كأعداء، ويتصور الكثير من الأمريكيين أن المسلمين شعوب غير متحضرة، وأنهم دمويون وغير منطقيين."[1]  وهو هنا يؤكد أن المسألة مسألة وقت، وحين التخلص من الاتحاد السوفيتي ستبدأ الحملة ضد العدو الجديد، وفعلاً بدأوها قبل أحداث 11/9 عندما رفعوا الصوت حول حقوق الانسان، والتوجه نحو استضافة المناوئين للحكومات العربية، والخارجين عن القانون، والذين يسعون إلى تفتيت الأنظمة، بادعاءات تحت مسمى " حقوق الانسان" وكان وزير الخارجية الأمريكي وارين كريستوفر قال في كلمة له في مؤتمر حقوق الانسان عام 1993: إن علاقات الولايات المتحدة مع دول العالم ستتحدد على أساس احترامها لمبادئ حقوق الانسان"[2]  وهذه الورقة هي إحدى استراتيجيات سياسة أمريكا، وتستغلها واستغلتها بشكل واضح جداً في كثير من البلدان. وتعد هذه من الأوراق التي تتدخل فيها ضد البلدان العربية التي تتمتع بخصوصية ثقافية، وطرح كلمة الخصوصية الثقافية في هذا المجال يعني أن ما يحدث هو نابع من الدين الإسلامي وتعاليمه، وهي ورقة تحتاج إلى مخارج كثيرة وقضية عظمى، لأن الدين الاسلامي منذ إشراقته وهو يراعي حقوق الانسان، ولكن هناك شيء لا بد أن يكون حاضراً من اجل تحقيق الولايات المتحدة أهدافها ومبتغاها تجاه المنطقة العربية، ضاربة بسيادة الدول عرض الحائط، وهذا ما أدى إلى ظهور الجماعات المتطرفة، وما أدى إلى نزوع بعض الأشخاص إلى العنف المسلح، ورغم شكوى الدول من هذا الظهور إلا أن الغرب كان يقف إلى جوارهم وكثيراً ما يلجأون إليه، بحجة حماية الانسان من تغول الحكومات بينما الهدف أكبر من هذا إذ يسعون إلى تجنيد وتوظيف هؤلاء ومن ثم انتهاز الفرصة بعد ذلك للدخول في عمق مشاريعهم التفتيتية للمنطقة، وهذا ما حدث في استغلال " القاعدة " ومن بعد ذلك صناعة " داعش" إلى آخر ما وصلنا إليه في العالم العربي.

الاثنين، 24 يوليو 2017

الحرب القذرة على العالم 25



  • صناعة الطغيان 2




بعني السلاح أنا جاهز..!


يفترض مؤلف كتاب " صنع العدو" بيار كونسيا أن صنع العدو يحتاج لمراحل شتى؛ أيديولوجيا إستراتيجية محددة، خطاباً، صنّاع رأي ندعوهم المحددين، وأخيراً آليات صعود نحو العنف وحالات الحرب.

صنفها كونسيا كالتالي*[1]:

  1. عدو قريب .. حدود. كل دول العالم لديها صراعات حدودية، وكنماذج لذلك سنلحظ، بريطانيا والأرجنتين، ونتذكر حرب الفوكلاند التي بدأت تظهر على السطح هذه الأيام مع مد اليمين المتطرف في أوروبا، الجزائر والمغرب، ليبيا وتشاد، الهند والباكستان، الباكستان وأفغانستان، مصر والسودان، الهند والصين، اليابان وروسيا، روسيا وجورجيا، البيرو والأكوادر، بوليفيا والتشيلي، كولومبيا وفنزويلا، العراق وإيران، لم يسلم منها سوى أمريكا، رغم المشاكل الحدودية مع المكسيك إلا أنها تأتي في إطار قمع التهريب فقط!! ولا شك أن ذلك جاء نتيجة الاستعمار، أو أطماع الاحتلال في معظم البلدان، حتى الكبيرة منها، والسبب يعود إلى التقسيم الجغرافي للبلدان، وأيضاً التدخل، فيما بعد، في شؤون الدول من قبل الدول العظمى تحت مؤثرات شتى لمسناها في حالات الفوضى والحروب العسكرية والحروب الاقتصادية، وحرب الغذاء، وحرب المياه، وحرب البحار، وحرب القنوات المائية، وحرب المخدرات، وحرب السلاح، والضغوطات القوية التي يرزح تحتها ـ تحديداً ـ العالم النامي ـ كما أطلقوا عليه ـ هي الديون التي استطاعت أن تلعب أمريكا مع المنظمات الأممية لعبتها لتوقعهم في شراكها.. وكم من الدول وقعت ضحية للبنك الدول.. وغيره من المنظمات. وسياسة فرق تسد البريطانية الصنع.


يقدر ميشال فوشيه في كتابه جبهات وحدود أن 252 ألف كلم هي الحدود التي تقسم الكوكب، ويلاحظ أن أكثر من 60% منها قد رسمتها قوات خارجية[2]

الاثنين، 10 يوليو 2017

الحرب القذرة على العالم 23

 

  • صناعة الطغيان (1)


سنحرمكم من العدو


" التاريخ هو المنتج الأكثر خطورة من بين ما حضّرته كيمياء العقل،
يبعث على الحلم ويسكر، يولد ذكريات وهمية، ويحافظ على الجروح القديمة، يقود إلى هذيان العظمة أو إلى هذيان الاضطهاد" بول فا يري

صرخ، مستشار الرئيس غورباتشوف، الكسندر أرباتوف الآن " سنقدم لكم أسوأ خدمة، سنحرمكم من العدو!"[1] ويا له من مشهد مأساوي أن لا يكون لأمريكا عدواً، ويا لها من ديمقراطية أن لا يقابلها استبداد، وأن يموت طغاة أمريكا اللاتينية أو الوسطى. ستتوقف الآن الشاشة الذهبية عن البث، وستُغلق دور السينما في أمريكا، لم يعد هناك خطر أحمر، ليس من جيمس بوند، لقد انتهى كل شيء.. انتهى الكاوبوي.. انتهى رامبو. شيء محزن للسياسي التاجر أن تتهاوى الكتلة الشيعية هكذا، وأن تموت حرباً عاشت لسنوات كي تحفز كل جانب من أجل أن يحرك الناس، وأن يتلاعب بعقولهم، عبر وهم تم بناؤه لأكثر من خمسين سنة تقريباً.