‏إظهار الرسائل ذات التسميات الولايات المتحدة الأمريكية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الولايات المتحدة الأمريكية. إظهار كافة الرسائل

السبت، 3 أغسطس 2019

وجهة نظر ماكوي: سقوط الولايات المتحدة عام 2030 وصعود الصين



فصل أستاذ التاريخ في جامعة ويسكونسن ألفريد ويليام ماكوي، التطور الواعي لمكونات ما يسمية الآن الإمبراطورية الأمريكية في كتابه " في ظلال القرن الأمريكي.. صعود وتراجع القوة الأمريكية العالمية"، والكاتب منذ أربعين سنة وهو يسعى لتوعية الشعب الأمريكي لما تفعله حكومته حول العالم، ففي كتابه "سياسات الهيروين في جنوب شرق آسيا" كشف الكثير مما تفعله حكومته هناك في هذه التجارة.. وغيره الكثير.

في كتابه في ظلال القرن الأمريكي يناقش ثلاث مسائل:

  • للولايات المتحدة إمبراطورية وهي الأرض الأم.

  • أن هذه الإمبراطورية ستبدأ بالتهاوي والتفكك بعد مرور 70 سنة.

  • وأنها في طور التخلي عن مكانتها كأقوى دولة في العالم لتحل الصين محلها. الثقافة العالمية ع197 ص 191

الأربعاء، 26 يونيو 2019

تأجيج الحرب بين السعودية وإيران.. السيناريو الثالث لمستقبل المنطقة من معهد راند

مهم قراءة هذا الموضوع:

قدّم معهد راند، عام 2016 أربعة سيناريوهات محتملة في الشرق الأوسط حملت عنوان “مستقبل العلاقات الطائفية في الشرق الأوسط”، كتبها كل من جيفري مارتيني، وهيذر ويليامز، وولياميونغ. وتتكون الدراسة من 16 صفحة، ومن يتابع ما يجري في المنطقة العربية هذه الأيام فلا شك أنه سيستحضر هذه السيناريوهات وخصوصًا الثالث منها، فما هو هذا السيناريو؟

السيناريو الثالث: استراتيجية "حافة الهاوية تجلب الانفراج"، يحمل في طياته رؤية الحرب بين السعودية وإيران عبر تأجيج الصراع والطائفية واستمرار حرب الوكالة في المنطقة العربية. وذلك عبر دافعين ـ كما جاء في التصور: طابع الخطاب الديني، والدول الإقليمية والجهات الفاعلة من خارج المنطقة، و”يتسم هذا السيناريو بتصعيد الصراع الطائفي الذي يتجّه نحو صراع إقليمي يضع السعودية وإيران في مواجهة عسكرية مباشرة قبل أن يتراجع في نهاية المطاف”.

وإيحاءات هذا السيناريو جميعها تتجه إلى حرب في النهاية بين المملكة وإيران، وأوجد في نفس الوقت انفراجة في وسط المعمعة التي تصورها، بحيث يلجأ البلدان إلى التهدئة وعدم الذهاب إلى حافة الهاوية، وتوقف الخطاب الديني المتشدد في السعودية وفي نفس الوقت توقف الباسيج عن أفعالهم في الطرف الإيراني. ورأي السيناريو أن هذا التصور هو الأكثر صعوبة من ناحية تصميم التدخلات السياسية إذ يفيد أحد تفسيراته أن الأمور ستزداد سوءًا قبل أن تتحسّن. وكأنه يشير إلى أنه يجب أن تذهب إلى الأسوأ!!

فهل نقرأ ونعي ما نقرأ؟ أم نعتقد أن ما يكتب هو مجرد مرئيات يضعها المنظرون ولا تتم على أرض الواقع؟.. إن هذا السيناريو الذي يعتمد على دافعين: الخطاب الديني، الذي يفترض فيه تأجيج الطائفية. والدول الإقليمية، الدول الإقليمية يا عرب.. أي دول منطقتنا بالإضافة إلى تركيا وقطعًا إسرائيل معها. ويعزز ذلك الجهات الفاعلة من خارج المنطقة، وأمريكا فعلاً تسعى إلى تأجيج الصراع، وتحاول الزج بالسعودية في حرب مع إيران، وبمساندة الخونة من الشعوب العربية والعملاء للإستعمار الغربي.

إلى متى يا عرب؟

ــــــــــ

إقرأ التقرير عبر هذا الرابط


.

.

.

.

.

الخميس، 20 يونيو 2019

تحميل كتاب الاغتيال الاقتصادي للأمم

الاغتيال الاقتصادي للأمم

جون بيركنز

سياسة



يأخذك جون بيركنز إلى عالم القرصنة والجاسوسية، وعمل الاستخبارات الأمريكية واغتيالاتها في سبيل مصالح شركاتها، من بنما لغواتيمالا للعراق للأكوادور إلى تشيلي إلى الخليج العربي.. ليس من جزء في المعمورة إلا وفيه حديث عن الهيمنة، وعن العمل الاستخباراتي الذي يحافظ على مصالح "الكوربورقراطية"..




من الكتب المهمة التي يجب أن تقرأ



كتب قد تفيدك:

تحميل كتاب التحالف الغادر بين إسرائيل وإيران وأمريكا

تحميل كتاب التحالف الأسود



تحميل كتاب أحجار على رقعة الشطرنج


حمّل من هنا

الجمعة، 14 يونيو 2019

الـ"احتراس" الإيراني والـ"انطلاق" الأمريكي!!

أرسلت الولايات المتحدة سفنها في الخليج العربي وأساطيلها الهجومية البرمائية وبطاريات صواريخها ال "باتريوت" لتخويف إيران، ولكن لم تتغيّر السياسة الإيرانية، ولن تتغير، وخربت ناقلتي نفط سعودية وإماراتية، وضربت ناقلتي نفط نرويجية وبنمية، والولايات المتحدة تصعّد في كلامها وإيران مثلها. وكي تضغط أكثر على إيران قالت الأخبار: إن الأواكس جاهزة في تكريت، وقد يكون هذا تلميحًا بأن الضربة الأمريكية على إيران ستبدأ من هناك!!

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تغريدة له على صفحته على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، قد كتب كلمة تحذيرية يوم (22 الأحد يوليو/ تموز 2018)، تعقيبا على تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني عن الحرب والتهديد بمنع تصدير نفط الخليج. وقال ترامب، الذي انسحب في أيار/ مايو الماضي من الاتفاق النووي الدولي مع طهران المبرم عام 2015، لروحاني عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "إياك وتهديد الولايات المتحدة مرة أخرى، وإلا ستعاني من عقبات وخيمة لم يعان منها سوى القليل عبر التاريخ". وتابع أن الولايات المتحدة "لم تعد دولة تتهاون مع كلماتكم المختلة بشأن العنف والموت". وأضاف ترامب "احترس!". ورغم قوة هذا التصريح إلا أن شيفرة "احترس" تعني "انطلق" لدى الإيرانيين. وانطلقوا وضربوا سفينتين قبل أيام وخربوا قبلهما أخريتين، دون "احتراس"!!

 



الحرب الكلامية مستمرة من الولايات المتحدة، والإستفزاز على الأرض مستمر من إيران، ولكن موقع "ستراتفور" الأمريكي أوضح ؛ أنّ فرص نشوب صراع عسكري بين إيران وأمريكا ارتفعت، ومن المرجح أن تنظر واشنطن على نحو متزايد إلى أيّ نشاط للقوات المسلحة المدعومة، من قبل إيران ضدّ أمريكا أو حلفائها بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كمبرر لتوجيه ضربة عسكرية أمريكية محدودة محتملة ضدّ طهران وحلفائها.

وقالت وكالة إيرانية، نقلاً عن رجل الدين، آية الله يوسف طبطبائي نجاد، من مدينة أصفهان في وسط البلاد: "أسطولهم ذو المليار (دولار) يمكن تدميره بصاروخ واحد". وسبق أن قال الحرس الثوري الإيراني، وكرر ذلك كثيرًا: إنّ طهران لن تتفاوض مع الولايات المتحدة، واستبعد وقوع أيّ هجوم أمريكي، وذلك بعد يوم من حثّ الرئيس دونالد ترامب على إجراء محادثات، وتصريحه بأنه لا يستطيع استبعاد مواجهة عسكرية. وانتقدت إيران الانتشار الأمريكي الجديد، الذي قالت إدارة ترامب؛ إنّه يأتي بعد أن أشارت معلومات للمخابرات الأمريكية إلى استعدادات إيرانية محتملة لمهاجمة القوات أو المصالح الأمريكية. وحذّر موقع "ستراتفور" من أنّ التحركات الإيرانية قد لا تتجاوز الخطوط الحمراء التي من شأنها أن تدفع الاتحاد الأوروبي لفرض العقوبات مجدداً وعلى الفور، أو الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية محدودة على المنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك، قد تصبح هذه الخطوات الأوروبية والأمريكية حقيقة بعد ستين يوماً من الآن، في حال نفّذت إيران تهديداتها بشأن تخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل. كل هذا وأكثر دون نتائج.

العالم العربي برمته بات لا يصدق أي شيء يصدر عن أمريكا ضد إيران، خصوصًا وأنهم في كل سنة يستفزون بعضهما ما لا يقل عن عشر مرات، دون أن يكون هناك أي تغيّر في السياسة بينهما، وكما يعلم العرب فإن هذه السياسة لا يحافظ عليها سوى إسرائيل، لأن علاقتها مع إيران قوية، فهما يحملان هدفًا واحدًا هو تدمير العرب لصنع إسرائيل الكبرى، فمنذ احتلال الأخيرة فلسطين وإيران هي أول من مد يد العون لها عبر خط أنبوب البترول الذي عمل بين طهران وتل أبيب.. ولهذا التعاون بعده الاستراتيجي الذي يخلخل المنطقة.

فكم من التهديدات التي قالتها أمريكا ضد إيران ولم تخدش جدارًا في إيران؟ وكم من الردود الساخنة التي توجهها إيران ضد أمريكا، ولم تحرك ساكنًا، وكم من الاستفزازات التي تقوم بها إيران في مضيق هرمز ضد القوات الأمريكية ولم تتقدم هذه القوات خطوة تجاه طهران. (راجع  https://wp.me/p1F8le-vM )

سيلحظ القارئ العربي هنا أن ثلاثة رؤساء أمريكان قبل ترامب هددوا إيران في مطلع أيامهم في البيت الأبيض وكانت النتائج عكس ما قالوه ، حيث بوش الأب سلم افغانستان لهم والإبن سلم بغداد لهم وأوباما سلم دمشق لهم. بوضوح تام، ومن خلال المعطيات على أرض الواقع "ونعيدها ونكررها مرارًا"، العلاقة بين أمريكا وإيران كالعلاقة بين الزوج وزوجته طوال النهار في ملاسنات وصخب وفي الليل ينامان على سرير واحد بكل حميمية. إقرأ https://wp.me/p1F8le-h0

إقرأ باهتمام الموضوع الآتي: إيران وجه أمريكا المخادع

السبت، 12 يناير 2019

أيضا لعبة القط والفأر بين أمريكا وإيران

باختصار


إيحاءات دخول حاملة الطائرات الأميركية John C. Stennis جون سي ستينيس؛ إلى الخليج العربي، تقول إن ذلك من أجل الكلمات النارية التي يرد بها الإيرانيون على التصريحات الأمريكية، وكأنها توضح أننا نفعل ولا نقول، ولكن القارئ لكل التصاريح الأمريكية منذ وصول الملالي إلى الحكومة تخبرنا أنها "جعجعة بلا طحن"، وأن الحرب الكلامية هي سياسة تم أخذها من استراتيجية "العدو الإعلامي" مع تحوير بسيط لها، وهو أن يستمر التراشق بين الدولتين علنًا، ويتم استهداف ما جاور إيران من مناطق ودول.

لكن وصول الحاملة يعد خطوة نحو الأهداف التي تود تحقيقها أمريكا في المنطقة، وليس هدفها مراقبة الأنشطة الإيرانية بعد تهديدات طهران بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية.

العالم العربي برمته بات لا يصدق أي شيء يصدر عن أمريكا ضد إيران، خصوصًا وأنهم في كل سنة يستفزون بعضهما ما لا يقل عن عشر مرات، دون أن يكون هناك أي تغيّر في السياسة بينهما، وكما يعلم العرب فإن هذه السياسة لا يحافظ عليها سوى إسرائيل، لأن علاقتها مع إيران قوية، فهما يحملان هدفًا واحدًا هو تدمير العرب لصنع إسرائيل الكبرى، فمنذ احتلال الأخيرة فلسطين وإيران هي أول من مد يد العون لها عبر خط أنبوب البترول الذي عمل بين طهران وتل أبيب.. ولهذا التعاون بعده الاستراتيجي الذي يخلخل المنطقة.

قبل عشرة أيام قال ترامب في تصريح له إن إيران لم تعد الدولة التي كانت سابقا منذ وصوله الرئاسة، وأنها تراجعت كثيرا، واعتبر ترامب خلال اجتماع مع فريقه الحكومي في البيت الأبيض أن إلغاء الاتفاق النووي فتح الباب أمام وقف طموحات إيران في السيطرة على الشرق الأوسط. وقال ترامب إن إيران لم تعد الدولة التي كانت عليها يوما ما. بالرغم من أنهم لا يزالون يتصرفون كما يحلو لهم في سوريا إلا أنهم يسحبون قواتهم وميليشياتهم من هناك، كما يسحبونها من اليمن.

وأضاف وقتها: أن القوات الأميركية ستنسحب من سوريا بعد فترة زمنية، مشيرا إلى أنه لم يحدد أبدًا أربعة أشهر جدولا زمنيا للانسحاب. وأن واشنطن سوف تستمر في القتال ضد داعش، ولن تخذل أحدا.

القراءة المنطقية لهذا تقول: إن ترامب يقول لإيران سنحارب السنة في سوريا، ولهذا استعدوا لذلك، فنحن معكم، ولسنا ضدكم، ولن نخذلكم، إنما تجهزوا للقادم. فالمفهوم من كلمة "داعش" في السياسة الأمريكية هو "السنّة" لا غير، ولهذا علينا أن نعي الدروس الأمريكية التي تقول شيئًا وهدفها شيئًا آخر.

فكم من التهديدات التي قالتها أمريكا ضد إيران ولم تخدش جدارًا في إيران؟ وكم من الردود الساخنة التي توجهها إيران ضد أمريكا، ولم تحرك ساكنًا، وكم من الاستفزازات التي تقوم بها إيران في مضيق هرمز ضد القوات الأمريكية ولم تتقدم هذه القوات خطوة تجاه طهران.

السبت، 10 نوفمبر 2018

مصلحة أمريكا ـ إسرائيل مشتركة مع إيران

لا شيء يهز العالم 26

أرست الديموقراطية الليبرالية الجديدة قاعدة "مصالحنا"، والولايات المتحدة الأمريكية لم تكن تفرط في مصالحها من قبل، ولكنها أصبحت أكثر وضوحًا عن السابق فـ " لم نعد نتعامل الآن مع العالم بمفهوم الإيثار" بحسب كلينتون ومستشاريه، واتضحت هذه السياسة فيما يسمى بالشرق الأوسط حيث أن الهدف هو مصلحتها ومصلحتها هي مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى، ولهذا فإن تكوّن ثلاثي "الشر" على المنطقة العربية "الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإيران" لم يكن اعتباطًا، ولم يأت صدفة، ولم يختر الغرب برمته إسقاط الشاه وتنصيب الملالي خبط عشواء، بل للوصول إلى التقسيم الثاني الذي كان يجب أن يتم على رأس مائة سنة من مخطط "سايكس بيكو" ولكن الله أفشله وأفشل مخططهم وأوقف في نحورهم دولة تسمى المملكة العربية السعودية.

يقول الدكتور ضيف الله الضعيان وهو باحث في جامعة الملك سعود بالرياض[1]:" يشعر المراقب للحرب الإعلامية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بأن حربًا شاملة توشك أن تندلع بين الدولتين (أي أمريكا وإيران)، ولكن ما يلبث أن يدرك أن وراء الأكمة تاريخًا طويلاً من التفاهمات والتعاون، بل والتحالف أحيانًا بينهما، وكل منهما ينطلق بناءً على مصالحه الاستراتيجية. ومنذ ربع قرن والعلاقات الإيرانية الأمريكية تشهد تحالفات وتعاونًا، خاصة بعد أن لعبت أمريكا الدور الأكبر في نجاح ثورة الخميني، وما كان يُتصور نجاح الثورة بمنأى عن الدعم الأمريكي."

وإن فضيحة إيران ـ جت أيام ريجان توضح أن العداء بينهما إنما هو مفتعل، كي يظهروا للعالم العربي العداء بينهما، بينما هما يخططان معًا ويسيران في ذات الاتجاه، فمن غير المنطق أن تقدم أمريكا دعمًا لإيران وهي التي اختطفت 440 شخصًا أمريكيا، إذ يفترض أن واشنطن هنا ستقوم بتدمير طهران بالكامل من أجل هؤلاء الأشخاص، ولكن بدلاً عن ذلك كانت تدعمها في حربها ضد العراق.. أي دور خبيث هذا؟ إن هذا أكبر برهان على حقيقة الدعم العسكري الأمريكي-الإسرائيلي لإيران، فضلا عما نشرته وسائل الإعلام العالمية من إسقاط وسائل الدفاع السوفييتية لطائرة أرجنتينية؛ كانت تتنقل بين إيران و إسرائيل محمَّلة بأنواع السلاح"، آنذاك.

إن البداية الحقيقية للنفوذ الأمريكي جاءت بعد اسقاط مصدق وإحلال مكانه الشاه محمد رضا بهلوي عام 1953، ورغم أن بهلوي كان صديق الأمريكان إلا أنه آثر مصلحة بلاده، على أن تقوى دولة إسرائيل، خصوصًا بعد حرب 67، وعندما شعرت هذه الأخيرة بذلك تم اسقاطه ودعم ثورة الملالي ونقل الخامنئي من باريس إلى قم ليتولى "الثورة" في إيران وبالتالي يصدرها على بقية مناطق المسلمين في العالم ومنها المنطقة العربية.

وبعد المد السوفيتي في المنطقة استطاعت إسرائيل عام 1958م أن تنتزع من أمريكا دعمًا بشكل مباشر لتشكيل حلف أو ما يشبه الحلف مكونا من إيران وتركيا وأثيوبيا وهم خارج النطاق العربي، لأن العرب لم يكونوا ولن يكونون في يوم من الأيام مع الصهاينة. وبالفعل أوعز آيزنهاور لإيران أن تساعد إسرائيل، ولكن قبلها بعامين أي مع أزمة السويس كانت إيران تمد يد المساعدة حيث مولت خط أنابيب بقطر 20 سم لنقل النفط من إيلات جنوب عبر بئر سبع إلى الشريط الساحلي المتوسطي لإسرائيل، وصل هذا الخط الذي أطلق عليه خط أنابيب إيلات ـ أشكلون، خليج العقبة في البحر المتوسط، ومكّن الصادرات الإيرانية من تجاوز قناة السويس. وتم لقاء بعد سنتين من مد هذا الخط بين ليفي اشكول والشاه.[2]" وأصبح خط الأنابيب بقطر 40 سم.

وزار بن غوريون إيران عام 1961م وكانت الزيارة سريّة، أو كانت محاطة بالتكتم كي لا تكشف العلاقة بينهما، إذ إن الإيرانيين كانوا لا يريدون للعرب معرفة هذه العلاقة، وربما أن الخداع الذي تحدث عنه بارسي سابقًا هو أحد أساليب إسرائيل كي تصل إلى البعيد في تاريخها في المنطقة، وأقامت إسرائيل مكتبًا في طهران، وكان فيها سفيرًا معتمدًا وكل هذا من أجل التمويه على العرب، وأنها معهم في قضيتهم ضد إسرائيل. "ومع مرور الوقت، بات الخطر العربي يلعب دورًا أعظم في التفكير الاستراتيجي الإيراني. ومع تزايد الخطر العربي على إيران، زادت حاجة إيران العسكرية إلى إسرائيل ـ بشكل يوحي بالتناقض ـ وزادت حاجتها إلى إبقاء تعاملاتها مع إسرائيل سرًّا."

لنلحظ ما يلي في العلاقة بينهما:

ـ في عام 1957م أي بعد أزمة السويس أمر الشاه "السافاك" إقامة علاقات مع "الموساد" وذلك لإدارة التعاملات الإيرانية الحساسة مع الدولة الصهيونية، وكان يجري تدريب ضباط إيرانيين وعملاء الشرطة السرية على يد ضباط إسرائيليين في كل من البلدين. "ودرب الموساد السافاك على عمليات التعذيب والاستجواب"

ـ كان الإيرانيون ـ في علاقة سرية تامة ـ يمرون للعبور إلى إسرائيل عبر تركيا، " وكان يشار إلى السفارة الإيرانية بإسرائيل ببيرن2"..." وذلك إمعانًا في السرية.

ـ أول خط نفط كان إيراني إلى إسرائيل.

ـ كانت إيران تمد إسرائيل بالمدافع في حرب 73.

ـ أول صاروخ إيراني كان إسرائيليًا سلم في أواخر السبعينات لهم قبل سقوط الشاه.

ـ عندما أقفلت جميع دول العالم خطوطها الجوية أمام إسرائيل خوفًا من الاضطرابات فيها، كانت طهران هي الخط الوحيد المفتوح لها.

ـ منذ أن تسلّم الخميني السلطة لم يدعم فلسطين إلا بالكلام، فبعد شهور من افتتاح مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في إيران تم إغلاقها.

ـ لم يرسل الخميني طائرات إف-14 لمساعدة سلاح الجو السوري في القتال المستمر في لبنان. ـ دعم الخميني حركة أمل الشيعية، وقطعوا صلتهم بأمين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش. مع استمرار انتقاد منظمة التحرير الفلسطينية. أوجد للفلسطينيين كذبة سماها يوم القدس، وهي مجرد بروباغندا لا قيمة لها.

ـ هبوط القوة الإيرانية بسرعة الصاروخ، مع هبوط الدعم للقوة الدفاعية في أول سنة من حكم الخميني.

ـ مقتل العديد من العلماء والمفكرين والقادة على يد الثورة.

ـ مقتل ما يقارب 100 ألف شخص في أقل من عام في إيران.

ـ بروز الإسلام السياسي بشكل واضح من أول يوم لدى الخميني حين توجه نحو خطاب لتعميم إسلامي لمواجهة إسرائيل، بعيدًا عن الربط بالقضية الفلسطينية.

ـ فضيحة إيران ـ جيت توضح أن صفقات الأسلحة الإسرائيلية لإيران، منذ بداية الثورة، وتدلل على أن العلاقات قوية منذ البداية. ويلخص أبا إيبان وضع إسرائيل مع حكم الخميني بقوله: "عندما يكون النظام الإيراني صديقاً فإننا نمكنه من الحصول على الأسلحة، للاحتفاظ بصداقته، أما عندما لا نعرف ما هو موقفه من إسرائيل فإننا نمكنه من الحصول على الأسلحة لمعرفة ذلك. (الواشنطن بوست 12/12/1986).

ـ يقول شارون في مذكراته : "شخصياً طلبت توثيق الروابط مع الشيعة والدروز، حتى أنني اقترحت إعطاء قسم من الأسلحة التي منحتها إسرائيل ولو كبادرة رمزية إلى الشيعة الذين يعانون هم أيضاً مشاكل خطيرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومن دون الدخول في أي تفاصيل , لم أرَ يوماً في الشيعة أعداء إسرائيل على المدى البعيد[3] "

ـ أثناء الحرب العراقية الايرانية ارسلت إسرائيل أسلحة إلى إيران، منها صفقة سلاح من رومانيا، تبلغ قيمتها 500 مليون دولار. وذلك خلال الفترة بين عامي 1980/1983، وذلك استنادًا إلى معهد يافي للدراسات الاستراتيجية بجامعة تل أبيب. وتأتي هذه الصفقة لتكشف تاريخاً طويلاً من العمل الإسرائيلي المتواصل منذ عام 1980 لتوفير الأسلحة لإيران لكي تواصل حربها ضد العراق والعرب.

ـ تتبعت وكالة الاستخبارات المركزية حوالي 300 مليون دولار من تلك المبيعات، وفوجئ العديد من ضباط الاستخبارات الأمريكية بعدم استعداد ريجان بوقف التعاملات الإسرائيلية الإيرانية. وهذا جزء مما يكشف الشراكة بين هذا الثلاثي (الولايات المتحدة، إسرائيل، إيران).

ـ "كشفت مصادر مطلعة في باريس أن السماسرة الذين يعملون لتجميع السلاح إلى إيران، وبينهم إسرائيليون، يتخذون من "فيلا شاليه باساغي"، وهي فيللا كانت لشاه إيران وعادت للحكومة الإيرانية الحالية ، الواقعة على الطريق الثاني من بحيرة جنيف، أي من الجهة الفرنسية بالقرب من قرية "سانت بول أن شاليه" والأرض المحيطة بها، ومساحتها 28 ألف متر مربع، يتخذون منها مركزاً لتجميع الأسلحة التي يشتريها الإسرائيليون، تمهيداً لشحنها عن طريق الموانىء الأوروبية إلى إيران، كما يتخذ السماسرة، وبالذات الإسرائيليون، من مزارع مجاورة لتلك الفيللا وهي "مارالي"و "لي هوز" و "لي مويت" مراكزاً لتدريب الإيرانيين على بعض الأسلحة والخطط العسكرية، ويتولى " أوتيون دي بنك سويس " عمليات دفع ثمن الصفقات التي تحولها إسرائيل إلى إيران. (نشرة "ستار" الصادرة بالفرنسية والمتخصصة ببعض الأخبار الخاصة بالأسلحة)."

ـ قدرت مصادر أوروبية متخصصة بالشئون العسكرية أن زيادة الإنتاج العسكري في مجمله، وبنسبة 80 % منها، كانت كلها صادرات أسلحة وقطع غيار إسرائيلية إلى إيران. (مجلة " لوبوان " الفرنسية ومجلة " استراتيجيا " الشهرية اللبنانية مطلع العام 1987).

ـ صرح وزير الخارجية الإسرائيلي في حكومة نتنياهو (ديفيد ليفي) قائلا في عام 1997: إن اسرائيل لم تقل في يوم من الأيام إن إيران هي العدو. (جريدة هآرتس الاسرائيلية في 1-6 – 1997. )

ـ ويقول الصحفي الاسرائيلي أوري شمحوني إسرائيل لم تكن أبداً ولن تكن عدواً لإيران (صحيفة معاريف الإسرائيلية 23 /9/1997.)

ـ أصدرت حكومة نتنياهو أمراً يقضي بمنع النشر عن أي تعاون عسكري أو تجاري أو زراعي بين إسرائيل وإيران. وجاء هذا المنع لتغطية فضيحة رجل الأعمال الإسرائيلي ناحوم منبار، المتورط بتصدير مواد كيماوية إلى إيران، لأن هذه الفضيحة تشكل خطراً يلحق بإسرائيل وعلاقاتها الخارجية. وقد أدانت محكمة تل أبيب رجل الأعمال الإسرائيلي بالتورط في تزويد إيران بـ 50 طنا من المواد الكيماوية لصنع غاز الخردل السام. وقد تقدم المحامي الإسرائيلي (امنون زخروني) بطلب بالتحقيق مع جهات عسكرية واستخباراتية أخرى زودت ايران بكميات كبيرة من الاسلحة ايام حرب الخليج الاولى. (جريدة الشرق الأوسط العدد 7359).

ـ قامت شركة كبرى تابعه لموشيه ريجف، الذي يعمل خبير تسليح لدى الجيش الاسرائيلي، قامت شركته ما بين(1992-1994) ببيع مواد ومعدات وخبرات فنية الى إيران. وقد كشفت عن هذا التعاون الاستخبارات الامريكية بصور وثائق تجمع بين موشيه والدكتور ماجد عباس رئيس الصواريخ والاسلحة البيولوجية بوزارة الدفاع الايرانية. (صحيفة هآرتس الاسرائيلية، نقلا عن الشرق الاوسط عدد7170).

ـ قال الصحفي الإسرائيلي يوسي مليمان: "من غير المحتمل أن تقوم إسرائيل بهجوم على المفاعلات الإيرانية" (صحيفة الحياة)

ـ أكد عدد كبير من الخبراء تشكيكهم بأن إيران -بالرغم من حملاتها الكلامية -تعتبر إسرائيل عدواً لها. وان الشيء الأكثر احتمالاً هو أن الرؤوس النووية الإيرانية هي موجهة للعرب) " (نقلا عن لوس انجلس تايمز... جريدة الانباء العدد 7931)

ـ محمد على أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية وقف بفخر في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية سنويًا بإمارة أبو ظبي مساء الثلاثاء 15/1/2004 ليعلن أن بلاده "قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق"، ومؤكدًا أنه "لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة".

ـ كشفت مصادر إسرائيلية (18/ 1/ 2010) عن قيام غرفة تجارة طهران بإبرام صفقة تجارية مع شركة إسرائيلية لتكنولوجيا المعلومات قامت بموجبها الغرفة الإيرانية بشراء نظام لإدارة مواقع الانترنت بقيمة مليون دولار. ونسبت صحيفة جيروسليم بوست عن المتحدث باسم شركةDaroNet الإسرائيلية يوشوا ميري القول إن الشركة قامت ببيع أكثر من 70 رخصة استخدام لغرفة تجارة طهران تمنحها الحق في استخدام برنامج لإدارة المواقع الاليكترونية على شبكة الانترنت المملوك للشركة وذلك في صفقة قيمتها مليون دولار.

ـ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يفتتح منشأة لإنتاج الماء الثقيل بمشروع مفاعل آراك النووي في خطوة جديدة تحدت بها طهران الضغوط الدولية. ويقول في كلمة له إن إيران "ليست تهديدا للدول الأجنبية ولا حتى للنظام الصهيوني"، أي أنها تهديد للشعوب العربية فقط، والهدف من إنشائها هو الدول العربية والإسلامية. فهل بعد هذا الإعلان الصريح من قول يدلل على أن إيران لا تسعى إلا إلى تدمير الإسلام.

ـ السفير الاميركي في العراق   "هيل" يقول إن قبول الحكومات السنيّة في منطقة الشرق الأوسط لفكرة وجود حكومة يقودها الشيعة في العراق يبقى "أمراً أساسياً" قبل معرفة ما ستفرزه نتائج الانتخابات.

ـ بثت قناة العربية شريطا مصورا يوثق حوارا إيرانيا - إسرائيليًا مباشرا في أحد مكاتب الأمم المتحدة في نيويورك، دار بين عضو البعثة الإيرانية الرسمية إلى نيويورك سيد كريمي، والخبير السياسي الإسرائيلي أفنر كوهين بحضور شخصيات أميركية ومسؤولين أمميين. توجه كريمي إلى كوهين بالقول: "نحن ندعوكم للقدوم الى إيران والاستثمار فيها، فآسيا الوسطى تعتبر سوقاً واعداً، ويمكنكم أن تخلقوا فرص عمل هناك". وهو ما أجاب عليه كوهين بالقول: "أعتقد بأن الأوان قد حان، لكن الأمر يصعب تحقيقه مع إيران حالياً، فأحمدي نجاد يرغب في رؤية اسرائيل ملغاة من الوجود[4]".

ـ عام 1994 قال وارن كريستوفر، وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، في جامعة جورج تاون" إن إيران هي أكبر راعٍ للإرهاب في العالم، والمعارض الأكثر شدة للعملية السلمية في الشرق الأوسط. ولا يزال المجتمع الدولي كثير التساهل مع تساهل إيران الخارج عن القانون.. والدلائل التي تشير إلى ذلك كثيرة: إيران مصممة على نشر الإرهاب والتطرّف في كامل الشرق الأوسط وما وراءها. وحده الجهد الدولي المنسّق يمكن أن يوقفها" وبعد ذلك بشهور قليلة قال:" أنظر غلى حيث تشاء، وستجد يد إيران الشريرة في هذه المنطقة"

وكان هذا الحديث وغيره الكثير مما سأورده كان للاستهلاك الإعلامي فقط ففي نفس العام أي 94 بلغ حجم التجارة بين إيران وأمريكا في عهد كلينتون 3.8 مليار دولار، فضلاً عن 1.2 مليار دولار على شكل سلع باعتها شركات أمريكية تابعة أجنبية، مما جعل الولايات المتحدة أحد أكبر شركاء إيران. وفي نفس الوقت ليس هناك أية قوانين إسرائيلية تمنع المتاجرة مع إيران!!

يتبع......

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  بحث العلاقات الأمريكية الإيرانية .. الوجه الآخر دكتور ضيف الله الضعيان، باحث وعضو هيئة التدريس في كلية العلومـ جامع الملك سعود بالرياض.

[2]  تريتا بارسي، حلف المصالح المشتركة.. التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة،(سابق) ص17

[3]  مذكرات أرييل شارون ص : 583-584 الطبعة الأولى سنة 1412 هـ / 1992 م . ترجمة أنطوان عبيد / مكتبة بيـسان لبنان – بيروت

[4]  المصدر: جريدة القبس:

http://www.alsrdaab.com/vb/showthread.php?t=49937&highlight=%D3%E6%D1%ED%C7

الاثنين، 15 أكتوبر 2018

انتحار قناة الجزيرة

أستطيع القول منذ البدء "إنهم يبحثون عن أنفسهم، ولهذا فهم يصرخون" هذا هو حال من يعمل في قناة الجزيرة التي رسخت مقولة جوزيف جوبلز "اكذب..ثم اكذب حتى تصدق نفسك" وبالتالي حتى يصدقك الناس، ومن يعمل في الجزيرة صدّق نفسه وبدأ يكذب معتقدًا أنه صادق فيما يقول، لن يشعر بأنه كان يكذب إلا بعد أن ينتحر.. وفي نظري أن ذلك سيكون قريبًا هذا اليوم.

في قضية جمال خاشقجي بدأت الجزيرة بإعلان اختفائه ومن ثم مقتله ومن ثم صرخة خطيبته التي لم تظهر أنها خطيبته إلا في ذلك اليوم، ومن ثم تناقض أقوالهم في تقرير واحد حيث يذكرون في التقرير أنه تم منح الأمن التركي في القنصلية السعودية في ذلك اليوم إجازة، ويستضيفوا في التقرير خطيبته المزعومة لتقول فيه: إنها تحدثت مع الأمن التركي أمام القنصلية وقال لها: إنه لا يوجد أحد في الداخل. هل يعقل أن الناس لا تربط الأمور ببعضها أو يعتقد من يعمل في الجزيرة أو من يسوقها أو من يسايرها كالبي بي سي والسي إن إن وغيرها سواء صحف أو فضائيات، هل يعتقدون أن الناس أغبياء لهذه الدرجة؟ أو يرون أن الكذب هو الطريقة المثلى للتشويش على الأذهان، وأن تكريسه باستمرار سيجعل الناس تصدقهم وتسايرهم؟

إن "صناعة الكذب" و"صناعة العدو" تتقارب في المنهج، حيث أن صناعة العدو تقوم على التأثير علىا لناس في كل مكان حتى في مكان الحدث على أن هذا العدو شريرًا، وبالتالي لن يكون شريرًا إلا بالكذب عليهم عبر تمرير رسائل سلبية مستمرة ومتتابعة ولا تتوقف حتى تحقق أهدافها. وهكذا تسير الماكينة الإعلامية التي تسعى إلى تشويه السعودية وجعلها عدوًا في الواجهة، ولكن استطاعت الجماهير وليس الإعلام التصدي لهم وكشف زيفهم عبر تتبع الخيوط الواهية التي يرمونها هنا وهناك، ليشعروا بأن ما يتحدثون عنه هو اوهن من "بيت العنكبوت"، وفعلا ستكون نهايتهم كهذا البيت الذي سينهد في نهاية المطاف.

لقد تمت محاكمة السعودية على هدف لم يثبت، بحيث أنهم قتلوا جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا، وشرحوه وشرشحوه، تارة بالسكين وتارة بالسم وثالثة بالمنشار، وهم لا يعلمون نتائج هذا القول، إلا أن تحتشد ضد السعودية وتؤجج ضدهم، ومهما كانت الأهداف، وعلى أن السهام التي وجهت للملكة العربية السعودية بلغت مداها إلا أنها كانت هادئة راكدة ساكنة، وتعليقاتها تتسم بالدبلوماسية المرنة التي لا تتهم ولا توجه لومًا ولا عتابًا، وترد على مقدار المسائل الرسمية فقط، ولا تلتفت لغوغائية الإعلام الذي تبنته الجزيرة والبي بي سي، أو بعض الصحف الأمريكية التي بدأ يخفت صوتها شيئًا فشيئًا بعد أن أدركوا أن ما يمرر عليهم ما هو إلا صناعة خيال مريض.

إن بلادي دخلت معارك دبلوماسية كبيرة، ولن تؤثر فيها مثل هذه الشوشرة التي يقوم بها ناس امتهنوا الكذب، وكذبوا على الناس أجمعين بكلمات كـ"حرية التعبير" فحرية التعبير ليست بالكذب بل بالصدح بالحقيقة. ومن هنا فإن ما فعلته قناة الجزيرة، وإن كان يفرح البعض من العرب، سيرتد عليها وعليهم بالخيبة والخسران، لأننا كما لا حظنا أن صاحب مقولة "اكذب..اكذب...." انتحر في النهاية، وها هي الجزيرة الآن تنتحر بهذا الفعل الذي تقوم به، وستكون نهايتها.

الأحد، 14 أكتوبر 2018

تصاريح الحمقى لا تهز السعودية

باختصار:


المواقف الحازمة التي تنتهجها سياسة المملكة العربية السعودية تجاه أي بلد تدلل على أنها تسير بخطوات الواثق، ففي كل معترك تتصدى له تنجح في نهاية المطاف، ويتساقط من يسعون للنيل منها.


المملكة هي قبلة المسلمين ومهبط الوحي، والعالم كله ينظر إليها لثقلها السياسي والاقتصادي والديني في منطقة مرتكز الأرض، نعم "مرتكز الأرض" فهذه المنطقة التي تقف فيها السعودية هي المكان المرتكز الذي يربط بين الشرق والغرب، بخلاف أنها النواة الحقيقية لأرض، بغض النظر عما يظهره الغرب عبر خطوط الطول والعرض التي تماهى فيها العالم من باب اتباع القوي.


والتصعيد الإعلامي الذي تقوم به وسائل إعلام غربية والذي يستند على الأكاذيب وعلى مصادر وهمية تبيع وتشتري في السوق الإعلامية، لن تهز الملكة ولا حتى تصريح مسؤول أحمق لن يؤثر ذلك على خطها ونهجها الذي انتهجته منذ تكوّنها إلى اليوم.


إن المملكة وهي تلعب " دوراً بارزاً عبر التاريخ في تحقيق أمن واستقرار ورخاء المنطقة والعالم، وقيادة الجهود في مكافحة التطرّف والارهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادي، وترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم" فإنها "لا تزال تعمل مع الدول الشقيقة والصديقة لتعزيز هذه الأهداف، مستندة في كل ذلك إلى مكانتها الخاصة، بوصفها مهبط الوحي، وقبلة المسلمين." وهي تنير العالم من أجل السلام وتحقيقه، وتسعى في كل مكان من أجل إحلاله، وهذا ليس بغريب عليها فالدين الإسلامي هو دين سلام، ويود أن يعم السلام في كل أرجاء المعمورة. وتعمل ليل نهار لرفع الظلم عن العباد في كل مكان من العالم، وتسند القضايا التي تساعد على السلام، ولا ترضى أن يعم الاستبداد أو أن تكون هناك تهديدات على أي دولة من دول العالم، فما بالكم والتهديدات تطالها، ففي مثل هذه الحالة فإنها لا بد أن تؤكد "رفضها التام لأي تهديدات ومحاولات للنيل منها سواءً عبر التلويح بفرض عقوبات اقتصادية، أو استخدام الضغوط السياسية، أو ترديد الاتهامات الزائفة، التي لن تنال من المملكة ومواقفها الراسخة ومكانتها العربية والإسلامية، والدولية، ومآل هذه المساعي الواهنة كسابقاتها هو الزوال، وستظل المملكة حكومة وشعباً ثابتة عزيزة كعادتها مهما كانت الظروف ومهما تكالبت الضغوط." لماذا؟ لأنها تسير في النور ولا تسير في الظلام كما يعمل الآخر، وكل ما تقدمه هو أمام العالم وتعمله ولا تبالي بالنتائج لأنها تعرف وتدرك أنها على حق فيما تعمله، ولهذا فإن التهديدات الواهية لن تؤثر على مسيرتها فهي تمتلك أوراقًا رابحة جدا ضد هذه التهديدات، وعلى ممن يهدد أن يقرأ مواقف المملكة التي أغضبتهم، ولكن من حقها أن تدافع عن حقها وعن كرامتها وكرامة المسلمين في كل مكان من هذا العالم.


التلميحات والتهويشات لا تفيد في موقف يعي أنه على حق، والمملكة بلد له سيادته ولها الحق في الرد على أي محاولة عابثة أو تسعى إلى تشتيت كيانها أو التقليص من فرص عيش مواطنيها، ولهذا فإنها " إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر، وأن لاقتصاد المملكة دور مؤثر وحيوي في الاقتصاد العالمي، وأن اقتصاد المملكة لا يتأثر إلا بتأثر الاقتصاد العالمي."


ومثلما تسعى دولة كأمريكا إلى مصالحها أيضَا المملكة تسعى إلى ذلك، بل إن همّها أكبر من همّ أمريكا فهي تراعي مصالح المسلمين في أرجاء المعمورة كافة.. فهل هناك رسالة واضحة أوضح من هذه الرسالة؟

الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

كذبة انتصار حزب الله عام 2006م بالأرقام

لا شيء يهز العالم 23

خسائر لبنان أكثر من 15 مليار دولار


قال حسن نصر الله بعد حرب عام 2006م : "نحن أمام نصر استراتيجي وتاريخي". وهذه حقيقة بالنسبة له ولإيران، فأن يكسر لبنان، وأن يحقق أهداف أعداء الأمّة العربية هو نصر بالنسبة لهم، وهذا ما دعاه إلى استفزاز إسرائيل وربما باتفاق معها ومع إيران على اختطاف جنديين في سبيل تحقيق هدفين: تحرير الأسرى، وتحرير الأرض (بحسب تصريحات حسن نصر الله). وبعد أن عمّ الدمار لبنان، عاد واعتذر، ورأى أنه لم يكن يتصور أنه سيحدث، فما هي حقيقة هذا النصر الذي يتحدث عنه نصر الله، لنقرأ معًا ما جمعته من لفيف من المواقع والكتب الشرخ الذي أحدثته هذه الحرب، والنصر المزعوم، والوهم المزروع في قلوب أتباعه، فبعد انتهاء الحرب:

ـ ازداد عدد الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، ووضعت أراضٍ أخرى تحت قبضة اليونيفل.
ـ  مزارع شبعا لم تحرر، ومقاتلة إسرائيل من أجل المزارع ما عادت ممكنة. فبينه وبين المزارع الحدودية الآن حوالي ثلاثين ألف جندي لبناني ودَولي، وهو محتاجٌ لكي يصل للمزارع إلى الاشتباك معهم قبل الاشتباك مع إسرائيل.

ـ صدر قرار من الامم المتحدة يمنع القرار 1701 الذي مرر في آب/أغسطس 2006، حزب الله من تواجده جنوب نهر الليطاني.

ـ حرر حزب الله الجنوب اللبناني من وجوده اللبناني وأصبح الوجود الأجنبي هو الحاضر فيه.

ـ الأسرى ما يزالون موجودين بيد إسرائيل، بل ازداد عدد الأسرى في سجون الاحتلال.

لغة الأرقام

وأورد موقعًا بلغة الأرقام الخسائر التي خسرها لبنان جراء هذه الحرب، التي كان الهدف منها هو مساعدة الاحتلال الإسرائيلي للتوسع في أمنه، وتحت رعاية حزب الله:

ـ تم إتلاف700 كم من الطرق وتدمير 80 جسرًا.

ـ تم تحطيم 28000منزل وخسائر مالية قدرها 12.9 مليار دولار.

ـ عدد القتلى اللبنانيين 2023

ـ عدد القتلى الاسرائيليين 144

ـ عدد الجرحى اللبنانيين 3740

ـ عدد الجرحى الاسرائيليين: 360

ـ خسائر لبنان الأولية وعن وزارة الصحة والمعالجات الميدانية: 44,880 مليون دولار

ـ تكلفة إصلاح الثمانين جسرًا 504 مليون دولار، ولا جسور اسرائيلية مدمّرة .

ـ منازل مدمرة في اسرائيل 11

ـ 14 ألف منزل متصدع في لبنان وكلفة اعادة ترميمها واصلاحها 673,750 مليون دولار، 141منزلًا اسرائيليًا متصدعًا.

ـ تم تدمير البنية التحتية اللبنانية بنسبة 65%، والإسرائيلية لا شيء.

ـ اغلاق ثلاثة مطارات لإصابتها بأضرار، وخسائر لبنان لإعادة ترميمها 200 مليون دولار، وإسرائيل: لا شيء

ـ تلوث الشواطئ اللبنانية والبحر اللبناني بنسبة 40%، وكلفة تنظيفه تعادل 50 مليون دولار، وإسرائيل لا شيء.

ـ أربعة مرافئ بحرية تضررت وأغلقت بحاجة للترميم، وإسرائيل لا شيء.

ـ 61 معملا دمرت بالكامل في لبنان، والخسارة: 610 مليون دولار، ولا معامل اسرائيلية مدمرة.

ـ 23 معملًا تصدعت، وخسارتها 57.5 مليون دولار، ولا معامل إسرائيلية متصدعة.

ـ 3200 محلا تجاريًا لبنانية مدمرة، خسارتها 80 مليون تقريبًا.

ـ تم تدمير 45% من الطرقات في لبنا وإسرائيل لا شيء.

ـ تم إتلاف ما نسبته 70% من الانتاج الزراعي لشهرين فقط، والخسارة تقدر بحوالي 30 مليون. بخلاف عدم الزراعة في لمدة شهرين متواليين وخسارتها تقارب الـ 15 مليون دولار.

ـ خسارة الانتاج الاقتصادي اللبناني بنسبة 100%  أي ما يعادل 132 مليون دولار. واسرائيل: 5,6 %.

ـ كساد موسم السياحة لسنة 2006 وبلغت خسائر لبنان ما يعادل 4.8 مليار .

تم تدمير 1750 سيارة والخسارة الاولية 8.65 مليون دولار، واسرائيل 67 سيارة.

ـ تم تدمير 57 شاحنة لبنانية، والخسارة 2.85 مليون دولار. واسرائيل لا شيء.

ـ تم تدمير 62 مدرية رسمية لبنانية  والخسارة 186 مليون دولار، واسرائيل لا شيء.

ـ خسارة 5 مليارات بسبب وقف الاستثمارات العربية والعالمية في لبنان 100، وفي اسرائيل لا شيء.

وأعلنت مؤسسات أهلية في لبنان بعد الحرب أن مجموع الخسائر اللبنانية الأولية بلغت

15.297,480,000 دولار، فماذا قدم غير النصر للشيطان؟ وهل لبنا يحتاج مثل هذا المدعي ليدافع عنه؟ وأليس مثل هذا يعد عبئًا على لبنان وعلى الأمة العربية؟

والعجيب في الأمر أنه يتردد "أن إسرائيل حكمت على أمين حزب الله في الاختباء في أحد سراديب الضاحية الجنوبية حتى أنه يخشى ان يلقى خطاب أمام مؤيدينه من حزب الله فكل خطاباته تتم من خلال شاشة تلفزيونية" وقطعًا مثل هذه المقولة ليست صحيحة لأن إسرائيل هي التي تحميه، وهو لا يحتمي منها بل من أفعاله السيئة في لبنان والأمتين العربية والإسلامية، ومثل هذه المقولات من باب الدعاية له من قبل حزبه وأتباعه ومن يواليه.

يتبع...

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2018

لا شيء يهز العالم 20 (إسرائيل)

شوكة في حلوق العرب


بعيدًا عن المقدمات الكلاسيكية في شأن إسرائيل وكيف احتلت فلسطين عبر "وعد بلفور"، والذي لا يخلو من تاريخ في التعليم العربي إلا وهو يُذكر، فإننا سنذهب هنا مباشرة إلى ما تقوم به إسرائيل في المنطقة العربية، والعون الذي تستقبله باستمرار من الغرب،  خصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تستغل هذه القضية بشكل واضحٍ وفاضحٍ، بل وتقف مع العهر الإسرائيلي في كل صغيرة وكبيرة، ودومًا تسقط "تمثيليات" التهم التي يقوم بها مجلس الأمن أو تقوم به الأمم المتحدة تجاه هذه الدويلة المغتصبة، بل وترعاها ليل نهار، وتسهر على أمنها، لأن أمنها يقوض الأمن العربي ويقلق راحة العرب. ويعي العالم أجمع الذي يخضع الآن للقطبية الأمريكية أن التحرك الأمريكي في المنطقة يقوم كثيرًا على وجود إسرائيل في المنطقة العربية، وأن الكثير من مشاريعها ترى أن من سيحققها لها هم الإسرائيليون، دون إدراك منهم أن هذا الشعب إن تم وفتح المجال له لالتهام أمريكا فإنه سيفعل ذلك، دون تردد، حيث إنهم بحسب وصف رئيسهم الأسبق جورج واشنطن هم "حشرات" ويجب التخلص منهم، ولم يجدوا أفضل من رميهم في حلوق العرب، ولكن طينتهم يعرفها العرب جيدًا ويدركون أنهم عبدة مال، ولهذا لن يقر لهم قرار إلا بالسيطرة على كل ما يمت للمال بصلة، وكأن أمريكا تمهد لهم ذلك دون أن تدرك ما تفعله. ولهذا على العالم أن يراقب سلوك الإسرائيليين وإلا فإنه سيصحو على كارثة تصيبه من حيث لا يدرك، وحديثي هنا ليس من باب العاطفة بل من باب أن أوروبا لو راجعت ملفهم ستجد أن سبب حروبها السابقة، والتي خلفت دمارًا كبيرًا في الأرواح والممتلكات، كان ثلاثة أرباعها بسبب اليهود. وكان لهم دور في تغيير أوروبا المحافظة، وانحرافها إلى الدمار الأخلاقي، وهي الآن تفعل في العالم بيد أمريكية على هذا الانحراف، وتقوم ثلّة منهم متحكمة في رأس المال الأمريكي بهذا الدور، وبكل أسف العالم يتفرج عليه دون أن يواجهه، معتقدًا أن هذه هي الحرية وأن هذه هي الليبرالية أو الديموقراطية التي يجب أن يسير عليها العالم، ومعروف أن القيم إن سقطت في أي مجتمع فلا شك أنه سيسقط ذلك المجتمع، بشهادة الكثير من الفلاسفة، والكثير من علماء الاجتماع في الغرب نفسه.

 

الغضب

كتبت جريدة صنداي تريبيون الصادرة في دبلن، تحت عنوان " الاستنكار الأخلاقي نفاق محض" قالت الجريدة فيه إن ردود الفعل الغربية تجاه غزو العراق إيران وغزو الولايات المتحدة غرينادا وبنما، وغزو إسرائيل لبنان، و"الظلم الواقع على الفلسطينيين، كل هذا سبب مستمر للغضب الذي له ما يبرره في الشرق الأوسط، وسبب سيؤدي إلى اضطراب متواصل[1]"ربما تشومسكي عندما يضع هذا الاستشهاد هنا إنما يريد أن يذكر أن أسباب كل الدمار الذي تعيشه المنطقة العربية هو وعد بلفور، والرمي بإسرائيل في حلوق العرب من أجل التخلص من الشعبين العبري والعربي، فهي الطريقة الأسلم للغرب، والتي من خلالها سيحقق مبتغاه. ويذكر بأن الغضب المستمر هو من السياسة التي تتبعها أمريكا تجاه إسرائيل والوقوف إلى جوارها في كل صغيرة وكبيرة، وهي حقيقة ثابتة يعيها الغرب قبل العرب أنفسهم.

ويعي العرب أن الهدف الأساس من وجود إسرائيل في المنطقة العربية كي تكون شوكة في حلوقهم حيث: "أوصى مجلس الأمن القومي الأمريكي بأن من الممكن أن تكون إسرائيل عائقًا في وجه القومية العربية، وتضع بذلك أسسًا لأحد عناصر منظومة السيطرة على الشرق الأوسط (وهو العنصر المسمى "الأمن" أو "الاستقرار[2])". وهذه الورقة هي التي تعبث بالوطن العربي، وهي التي تعيق التقدم العربي، وتسعى إلى زعزعة استقراره، وتعمل بكل ما أوتيت من أفكار وسلاح تستمدهما من الغرب وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية على ألا يكون هناك أمنًا عربيًا، وأن تكون الفوضى مستمرة في هذه المنطقة من أجل الوصول إلى الغايات التي تريدها إسرائيل من جهة، والتي يريدها الغرب من جهة أخرى. وإنه لمن الحكمة أن يسعى العرب إلى تهميش هذه القضية، مع استمرارية المطالبة بحق الشعب الفلسطيني، وعدم التراجع عن هذا الأمر، ولكن بعيدًا عن الانسياق وراء العاطفة، ورمي التهم ضد بعضهم بعضا، وأنهم يخونون القضية الفلسطينية لأن في هذا شتات للعرب، وهو ما يريده الغرب. عليهم أن يرسموا خطًّا طويل الأجل لتحقيق أهداف تخدم القضية الفلسطينية، وذلك عن طريق جامعة الدول العربية، بشرط أن تكون هذه الجامعة فاعلة في هذا السياق على الأقل، وأن تكون الكلمة لديها، بعد وضع الخطة المناسبة للتصدي للمشروع الإسرائيلي بل المشروع الغربي في المنطقة القائم على إسرائيل بالتحديد.

لم تتوقف إسرائيل عند هذا فسبق وأن غزت لبنان عام 1987 واحتلت القسم الجنوبي منه، وقبلها منذ أوائل السبعينات أخضعت الجنوب اللبناني بهجماتها حيث قتلت الآلاف وشردت مئات الآلاف، وقصفت المناطق المدنية دون رحمة في سبيل اخضاع الجنوب كله لها. وإن غزو إسرائيل للبنان عام 1982م لم يكن له ما يبرره، ولم تجد الصحافة الغربية سوى السكوت عليه، حيث ذهب ضحيته 20 ألف مدني، دون أن يتحدث الدبلوماسيون أو الإعلام الأمريكي أو الغربي بشكل عام عما حدث، وكأنهم يدعمون الجريمة بالصمت وقد" أخفق المعلقون المسؤولون في استذكار غزو إسرائيل لبنان في عام 1982، الذي كان يرمي إلى إقامة حكومة صنيعة في "نظام جديد" يخضع للمصالح الإسرائيلية وإلى إعاقة المبادرات المزعجة كثيرًا التي تطرحها منظمة التحرير الفلسطينية من أجل تسوية دبلوماسية سليمة ـ كل هذا بُحث بصراحة داخل إسرائيل منذ اللحظات الأولى ولكنه ظل محجوبًا عن الجمهور الأمريكي. وذلك العمل الإسرائيلي العدواني الذي ارتكبته دولة عميلة، مؤهل ليوصف بعمل الخير والإحسان. لذلك استفاد من الدعم الناشط لإدارة ريغان التي دانها الديموقراطيون الأحرار وغيرهم من أقصى اليسار لأنها لم تظهر الحماسة اللازمة لهذه الهجمة البربرية التي خلّفت أكثر من عشرين ألف قتيل جلّهم من المدنيين[3].

" في السابع من أكتوبر عام 1985م اجتمع الرئيس ريجان في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز الذي أبلغه إن إسرائيل تستعد للقيام "بخطوات جريئة" في الشرق الأوسط، وأنها ستمد يد "السلام" إلى الأردن" ويضيف: في الواقع، نجد أن وسائل الإعلام الأمريكية قد استقبلت بيريز استقبالاً حارًّا باعتباره رجل سلام، واشادت به لالتزامه الصريح" بتحمل تبعات السلام بدلاً ع تكلفة الحرب" على حد تعبيره. وقال الرئيس الأمريكي إنه بحث مع بيريز" بلاء الإرهاب الذي أودى بحياة العديد من الضحايا الإسرائيليين والأمريكيين والعرب، وجلب المآسي على العديد الآخر" كأنه هنا يشير إلى أن سبب البلاء هم الفلسطينيون، وأن الإرهاب جاء من الشعب الفلسطيني، بينما المحتل والمغتصب للأرض جاء إليها ليمد غصن الزيتون، ويزرع الورود في هذه البلد، وهو أكبر مجرم يقوم ليل نهار بقمع الشعب الفلسطيني، ويُخضعه بالسلاح المتطور الذي تمد به أمريكا لإسرائيل، بل إن الهدف هو  أن يستمر خنوع الفلسطينيين ومن ثم العرب للآلة الغربية التي تريد السيطرة بالكامل على المنطقة العربية، سواء بتحقيق رؤية شمعون بيريز التي وضعها في كتابه: إسرائيل الكبرى، أو بإخضاع العالم العربي كله ليكون تحت سيطرة الغرب، وإشغالهم بإسرائيل التي زج بها في وسطهم من أجل أن يستمروا في خلافهم حول هذا الكائن الدخيل عليهم في منطقتهم.

" لقد اتفقنا على أن الإرهاب يجب ألا يعوق جهودنا المبذولة من أجل السلام في الشرق الأوسط". ويعلق تشومسكي هنا" إن الأمر يتطلب موهبة أشبه بموهبة الروائي الإنجليزي القديم جوناثان سويفت لكي نقدر حق القدر هذا الحديث بين إثنين من أبرز قادة الإرهاب في العالم، يشتركان في الاقتناع بمفهوم واحد "للسلام" يستبعد بشكل كامل إحدى الجماعتين المطالبتين بحقهما في تقرير المصير القومي على أرض فلسطين السابقة؛ وهي جماعة السكان الأصلية. إن وادي الأردن هو" جزء لا يتجزأ من إسرائيل" هذا ما صرح به شمعون بيريز، رجل السلام، خلال جولة قام بها في المستوطنات الإسرائيلية هناك عام 1985م، وهو ما يتماشى مع موقفه الثابت القائل بأن:" الماضي غير قابل للتغيير، وأن التوراة هي الوثيقة الفاصلة في تحديد مصير أرضنا؛ وأن إقامة دولة فلسطينية سوف " يهدد مجرد وجود إسرائيل نفسه" إن تصوره للدولة اليهودية، الذي يُمتدح كثيرًا في الولايات المتحدة بسبب اعتداله، لا يهدد وجود الشعب الفلسطيني فحسب، بل ويلغيه تمامًا[4].

" إن أيًّا من بيريز أو ريجان لم يكن مستعدًا حتى للنظر في المقترحات الواضحة التي تقدمت بها منظمة التحرير الفلسطينية والتي تسعى إلى اعتراف متبادل ضمن تسوية على أساس قيام دولتين وفقًا للإجماع الدولي العريض الذي ظلت الولايات المتحدة وإسرائيل تعترضان سبيله في كل منعطف على مدى أعوام عديدة.

إن هذه الحقائق السياسية الحاسمة توفر الإطار الضروري لأي بحث في "شرور وبلاء الإرهاب" وهي عبارة عنصرية من العبارات المستخدمة في الخطاب السياسي الأمريكي، والتي تشير إلى الأعمال الإرهابية التي يقوم بها العرب لا اليهود، تمامًا كما أن كلمة "سلام" تعني التسوية التي تحترم حق تقرير المصير القومي لليهود وليس للفلسطينيين.

قال الجنرال شلومو إيليا رئيس وحدة الاتصال التابعة للجيش الإسرائيلي في لبنان إن "السلاح المجدي الوحيد لمكافحة الإرهاب هو الإرهاب، وإن إسرائيل لديها خيارات تتخطى ما استخدمته بالفعل من أجل الحديث باللغة التي يفهمها الإرهابيون!"[5]

يتبع...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] نعوم تشومسكي، إعاقة الديموقراطية، (سابق). ص216

[2]  نفسه ص213

[3]  نفسه ص216

 [4]  الإرهاب الدولي.. الأسطورة والواقع، نعوم تشومسكي، ت: لبنى صبري، سينا للنشر القاهرة، ط1،1990م. ص49

[5]  نفسه ص50

السبت، 1 سبتمبر 2018

موقف الأمم المتحدة في سوريا

لا شيء يهز العالم 19


 

عام 1945 وبينما كان العالم مجتمعًا في سان فرانسسكو من أجل إعلان سيطرة الدول الخمس العظمى على القرار العالمي، وبينما كانت فرنسا تدافع عن حقوقها اللغوية في المؤتمر فإنها في نفس الوقت كانت تسعى إلى تأكيد حقوقها الاستعمارية في سوريا، أي أن قضية سوريا مع الخمسة الكبار، ومع مجلس الأمن كانت من أول يوم نشأ فيه المجلس، وكان من الواضح أنه لا يبدي اهتمامًا نحوها.

والأمم المتحدة في هذه القضية أصدرت في البدء من 2011 حتى 2013م ستة بيانات، و20 قرارًا لمجلس الأمن، واتخذ مجلس الأمن الدولي القرار الرقم (2043)، والذي صدر يوم السبت 21 أبريل 2012 بإجماع الأعضاء كافة على تخويل الأمين العام للأمم المتحدة بإرسال 300 مراقب عسكري مبدئيًا، على أن يكونوا غير مسلحين لمدة 3 أشهر، لمراقبة وقف إطلاق النار في سورية، والنظر في التزام سائر الأطراف بخطة عنان للسلام. وأنشئت البعثة للمراقبة في سوريا لفترة أولية مدتها 90 يوما، وبدأت البعثة مهامها، لكنها قررت تعليق أنشطتها في 15 يونيو/حزيران من العام ذاته، قبل أن توقف عملها نهائيا بحلول أغسطس/آب 2013. وفي 22 يناير/كانون الثاني 2014، وعقدت في سويسرا مؤتمرات جنيف من 1 حتى 8 وجميعها باءت بالفشل أو أريد لها الفشل بمعنى واضح، ومؤتمر جنيف 1 الذي استند إلى هذا البيان، والذي حضره لأول مرة ممثلون عن كل من الحكومة السورية والمعارضة. بينما في آخر مؤتمر وهو جنيف 8 أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ختام مفاوضات "جنيف-8"، مبديًا أسفه لعدم تحقيق تقدم في هذه الجولة، وعدم حصول ما وصفها بـ"مفاوضات حقيقة" بين الطرفين.



وفي العام 2013 حدث تطور جديد في دور الامم المتحدة في سوريا عندما، أصدر مجلس الأمن في 27 سبتمبر/أيلول 2013، القرار الرقم (2118)، الذي طالب بالتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية. واستند هذا القرار إلى الاتفاق الأمريكي الروسي الذي تم في جنيف، قبل نحو أسبوعين من ذلك التاريخ. وأعقبه قرار من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قضى بوضع إجراءات خاصة لتدمير البرنامج الكيميائي السوري، وفق جدول زمني متفق عليه. وقطعًا إلى تاريخه كل ذلك مجرد "حبر على ورق".

إن موقع سوريا الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، حيث تعد مركز خطوط التبادل والتجارة بين هذه القارات، جعل أمريكا وبعض الدول الغربية تسعى إلى السيطرة عليها من أجل مد خطوط الطاقة من الخليج العربي إلى أوروبا عبرها لكسر حاجة أوروبا للغاز الروسي، وكذلك جعل الأراضي والمرافئ السورية ممرا لاستيراد وتصدير البضائع إلى دول الخليج العربي.

"كما إن تموضع سوريا في شمال فلسطين جعل منها هدفا أساسيا لحركة الصهيونية العالمية، يجب السيطرة عليه من أجل تنفيذ مخططاتها في المنطقة، هذا العامل يعطي سوريا أهمية جيوسياسية كبيرة جدا، ولكن بنفس الوقت يعطي سوريا نقطة قوة رئيسية تفرضها الحسابات الدولية نظرا لحساسية هذا الملف المفرطة والمؤثرة وعدم إمكانية المغامرة فيه.

سوريا غنية جدا بالثروات الطبيعية والبشرية والحضارية، ويعتبر البترول والغاز الطبيعي من أهم الثروات الطبيعية، وتليها الفوسفات ثم الملح الصخري والجص والإسفلت كما توجد بعض الموارد الهامة التي تستخدم كمواد أولية في الصناعة كالمارن والغضار والرمال وكذلك في أعمال البناء كالصخور الكلسية والبازلتية والمنغنيز والرصاص والنحاس واليورانيوم والمعدنية كالكبريت والتالك والحرير الصخري (الاسبستوس).

حضارة سوريا تعود لعشرات آلاف السنين، إلى عصور ما قبل التاريخ، ودمشق أقدم عاصمة مسكونة في التاريخ، وتعاقبت على سوريا أعظم حضارات الشرق التي أغنت البشرية بالعطاءات في شتى المجالات أهمها أقدم أبجدية في التاريخ، ففي أوغاريت وماري وإبلا، تم اكتشاف آلاف الرُقم والمحفوظات الضخمة التي تضمنت الكثير من النصوص التجارية والسياسية والقانونية والميثولوجية، كذلك كانت الحضارة الفينيقية والآرامية مرورا بأفاميا وتدمر وبصرى، وهذه المواقع والآثار تفوق في قيمتها النفط والغاز.

جغرافيًا تتمتع سوريا بتنوع تضاريسها، حيث توجد الجبال والسهول والصحراء والبحر والأنهار، مناخها متوسطي معتدل جميل وشمسها دافئة، وهذا يساعد على التنوع الكبير في الإنتاج الزراعي والحيواني وكذلك صيد الأسماك، والأرقام الحقيقية لهذا الإنتاج الضخم قد تدهش الكثيرين وتفوق بكثير الإحصائيات الرسمية.

ولذلك كانت الهجمة الشريرة على سوريا في عام 2011 من قبل المحور الأطلسي الذي دعم الإرهاب القادم من خارج حدود سوريا سياسيا ولوجستيا وماليا وإعلاميا سراً وعلانية من أجل السيطرة على سوريا ووضعها في طرفه ضمن المعادلة الدولية، ولكنه اصطدم بوحدة الشعب السوري العريق بكل أطيافه الذي قدم مئات الآلاف من أبناءه لتبقى سوريا، والذي دعمه المحور الأوراسي المقاوم للهيمنة الأميركية بقيادة روسيا الاتحادية، وهنا تترسخ المعادلة الدولية في المعنى الجيوسياسي فالمحور الذي ستكون سوريا طرفا فيه سيكون قادر على التأثير في الكثير من المعطيات الدولية الهامة[1]."

 

في تقريرها لعام 2017م  قالت "هيومن رايتس ووتش":

جهود الولايات المتحدة وروسيا، وتدخلهما المتعاظم بسوريا للتوصل إلى تسوية سياسية عام 2016، فشلت إلى حد كبير في تقليص الانتهاكات الفادحة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي باتت سمة النزاع المسلح هناك.

وكشفت عن أنه بلغ عدد القتلى جراء الصراع 470 ألفا حتى فبراير/شباط 2016، وفقا لمنظمة "المركز السوري لبحوث السياسات" البحثية المستقلة. مما أدى إلى تشرد ما يزيد عن 6.1 مليون نازح، و4.8 مليون طالب لجوء، وفقا لـ "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية". بحلول منتصف عام 2016، كما أظهر التقرير أن هناك ما يقدر بمليون نسمة يعيشون في المناطق المحاصرة ومحرومون من المساعدات الضرورية للحياة والمساعدات الإنسانية.

واعتُقل أو اختفى أكثر من 117 ألف شخص منذ عام 2011، غالبيتهم العظمى على يد القوات الحكومية، من بينهم 4557 شخصا بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2016، وفقا لـ "الشبكة السورية لحقوق الإنسان". يتفشى التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، كما قُتل الآلاف في المعتقلات.[2]

والملاحظة هنا في مثل هذه التقارير أن هذه المنظمات لا تعتمد في تقاريرها على حضورها أو وجودها في قلب الحدث بل تعتمد على ما يبثه الآخرون من الطرفين المتنازعين، سواء من النظام أو من الشعب أو الحركات الشعبية التي تسعى لإسقاط النظام لتعيش حياة حرة وكريمة.

وعلى الرغم من أن النظام استخدم الأسلحة الكيماوية وأسقط البراميل المحملة بكافة أنواع هذه الأسلحة إلا أن الأمم المتحدة وما يتبعها من منظمات تكتفي بالإشارة إلى ذلك دون أن تسعى إلى تحريك المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات حاسمة في هذا الإطار. واستمرار العبث من قبل القوى العالمية في هذه المنطقة واضح وضوح الشمس بدلالة تكيفها مع باصات نقل ما اخترعوه على أرض الواقع تنظيم "داعش"، والعمل على مساعدته للتنقل في أرجاء سوريا دون مضايقة بل وبحماية دولية، استغربها العالم أجمع.

ومع ما خلصت "آلية التحقيق المشتركة" بين "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" والأمم المتحدة في تقريرها الرابع، الذي صدر هذا العام، إلى أن قوات الحكومة السورية استخدمت المواد الكيميائية في هجوم في إدلب في مارس/آذار 2015. حدد التحقيق وحدات الجيش المسؤولة عن رحلات جوية مرتبطة بالهجمات، ولكن لم يذكر أسماء قادة الوحدات بسبب عدم رد الحكومة السورية على استفسارات حاسمة. وصلت "آلية التحقيق المشتركة" إلى النتيجة ذاتها حول هجومين آخرين عامي 2014 و2015 في تقرير سابق. وجدت اللجنة أيضا في وقت سابق أن داعش استخدم غاز الخردل الكبريتي في هجوم على مناطق تسيطر عليها جماعات معارضة مسلحة في أغسطس/آب 2015.

وهيومن رايتس ووتش عام 2016 قالت إنها وثّقت عدة هجمات على المنازل والمرافق الطبية والأسواق والمدارس بدا أنها استُهدِفت عمدا، بما فيها غارة جوية كبرى للتحالف السوري-الروسي قصفت مستشفى القدس والمناطق المحيطة به في 27 أبريل/نيسان 2016، ما أسفر عن مقتل 58 مدنيا ومريضا. وقعت عدة هجمات على المرافق الصحية في أغسطس/آب وحده، بما فيها في إدلب وحلب وحماة وحمص.

وقالت: "إن قوات الحكومة استخدمت ما لا يقل عن 13 نوعا من الذخائر العنقودية المحرمة دوليا في أكثر من 400 هجمة على مناطق تسيطر عليها المعارضة، في الفترة من يوليو/تموز 2012 وحتى أغسطس/آب 2016، ما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين من بينهم أطفال. استخدمت العمليات العسكرية السورية-الروسية المشتركة، التي بدأت في 30 سبتمبر/أيلول 2015، الذخائر العنقودية المحرمة دوليا على نطاق واسع. حظرت معظم الدول الذخائر العنقودية لأن القنابل الصغيرة التي ترميها تنتشر في مساحة واسعة ولا تميز بين المقاتلين والمدنيين، ولأن العديد من الذخائر الصغيرة لا تنفجر وتتحول فعليا إلى ألغام أرضية يمكن أن تنفجر إذا لُمست، حتى بعد سنوات عديدة.

لجأت القوات الحكومية وحلفاؤها بشكل متزايد إلى استخدام الأسلحة الحارقة، مع ما لا يقل عن 18 هجمة موثقة على معاقل للمعارضة في حلب وإدلب بين 5 يونيو/حزيران و10 أغسطس/آب. بثّ تلفزيون "روسيا اليوم" في يونيو/حزيران لقطات لأسلحة حارقة (من نوع آر بي كي-500 زاب-2.5 إس إم) محملة على طائرة هجومية مقاتلة طراز من "سو 34" في قاعدة عسكرية سورية. تحفز الأسلحة الحارقة سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي تشعل الحرائق صعبة الإطفاء وتسبب حروقا شديدة الإيلام ويصعب علاجها. صادقت 113 دولة من بينها روسيا (ولكن ليس سوريا) على بروتوكول "اتفاقية الأسلحة التقليدية" الذي يحظر استخدام الأسلحة الحارقة التي تلقى من الجو على مناطق "تجمعات المدنيين".



وبينما تواصل روسيا نفي تورطها في هجمات الأسلحة الحارقة في سوريا، تتجاهل سوريا باستمرار دعوات التوقيع على البروتوكول، كما وُثّق استخدام القوات العسكرية للأسلحة الحارقة منذ نهاية عام 2012.

واصلت القوات الحكومية أيضا استخدام المواد الكيميائية السامة في كثير من الهجمات بالبراميل المتفجرة في انتهاك لـ "اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية". ألقت مروحيات الحكومة السورية براميل متفجرة تحتوي موادا كيميائية سامة على أحياء سكنية في معاقل للمعارضة في مدينة حلب في 10 أغسطس/آب و6 سبتمبر/أيلول.

ونسبت لجنة التحقيق الأممية في تقرير أصدرته في 24 أغسطس/آب هجومين بالأسلحة الكيميائية عام 2016 إلى الحكومة السورية، وواحد إلى داعش الذي يخضع بالفعل لعقوبات من الأمم المتحدة".[3]

إن التقرير الذي أوردته هيومن رايتس ووتش، وهو ليس الأول ولا الأخير، دوما يتحاشى ذكر إيران وتأثيرها في هذه الحرب، وتعميق جراح السوريين، بل تأجيج الصراع في سوريا، حيث أنها تعد عاملاً رئيسًا فيها، بالإضافة إلى دخول إسرائيل في السنتين الأخيرتين عيانًا بيانًا إلى جانب إيران وروسيا في تدخلهما السافر في هذه الحرب، ومع ذلك فإن الأمم المتحدة متساهلة في هذا الجانب، بل إنها تعمد إلى عدم ذكر الجانب الإيراني في أي من قراراتها أو من قراءاتها أو تقاريرها الدورية، وهذا يدلل على المنحى الذي تنتهجه الأمم المتحدة تجاه العرب، بحيث أنها تخدم أجندة تسعى إلى هدم الدول العربية، والعمل على دمار المنطقة العربية، دون أن يكون للعدالة أي درب في هذا الصراع.

القيود غير القانونية على المساعدات الإنسانية

وعلى الرغم من الجهود الدولية التي تسعى لمساعدة الشعب المغلوب على أمره إلا إن القوات الحكومية والموالية لها، دومًا تعرقل أي مسار تسير فيه حملات الإغاثة للشعب، وباعتراف صريح قالت الأمم المتحدة: إن الحكومة السورية أزالت العناصر الضرورية للحياة من قوافل المساعدات التي سمحت بدخولها. وأضافت: إنه في شهر فبراير/شباط وحده منعت الحكومة 80 ألف مادة علاجية، من بينها مجموعات علاج الإسهال، واللوازم الصحية في حالات الطوارئ، والمضادات الحيوية وأدوية أخرى، من الدخول إلى المناطق المحاصرة.

 

إن تدهور الأوضاع الإنسانية في المناطق التي تحاصرها القوات الحكومية والقوات الموالية لها بسرعة، اضطر سكان داريا ـمثلاـ في ريف دمشق إلى الجلاء عن المدينة في 25 أغسطس/آب بعد حصار 4 سنوات.

كما قصفت طائرات في 19 سبتمبر/أيلول 2016، قافلة معونات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، ومستودع لـ "الهلال الأحمر السوري" في أورم الكبرى بحلب، ما أسفر عن مقتل 20 مدنيا وموظف واحد بينما كانوا يفرغون الشاحنات. كانت معظم المساعدات، بما فيها مواد غذائية وإمدادات طبية، ستوزع على 78 ألف شخص على الأقل، وفقا لبيان "الهلال الأحمر السوري". قالت الأمم المتحدة إن القافلة تلقت التصاريح اللازمة من الحكومة السورية مقدما للعبور من أجزاء حلب التي تسيطر عليها الحكومة إلى أجزاء من حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة لتقديم المساعدات. كل هذا يحدث والعالم يقف متفرجًا ويكتفي بالتنديد الخافت، والأمم المتحدة فقط تدعو الأطراف المتنازعة إلى الحوار، وتكرار الحوار لم يفد من جنيف 1 حتى 8 ومع ذلك هناك إصرار عليه، كمن يقول للعالم نريد إطالة أمد الحرب، ولا نريد الفصل في سوريا في الوقت الراهن، بل ننتظر حتى نصل إلى غايتنا التي نريد والتي لم تتحقق إلى الآن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]

[2]  راجع موقع المنظمة رابط : https://www.hrw.org/ar/world-report/2017/country-chapters/298280

[3]  نفسه

الجمعة، 10 أغسطس 2018

أفكار لمستقبل المنطقة حتى عام 2026.. الصدع السني الشيعي (الجزء الأول)

تقرير معهد راند وقراءة المنطقة حتى ثمان سنوات مقبلة


لا شيء يهز العالم 16


هل نرى سبع سنوات عجاف أم سمان.. 
هذا ما يجب أن نعمل عليه منذ الآن!!

 

قدّم معهد راند أربعة سيناريوهات محتملة في الشرق الأوسط حملت عنوان "مستقبل العلاقات الطائفية في الشرق الأوسط"، كتبها كل من جيفري مارتيني، وهيذر ويليامز، وولياميونغ. وتتكون الدراسة من 16 صفحة، وفيها تقريب بين السنة والشيعة على مستوى الهيمنة العددية، بحيث أن الدراسة اعتبرت أن العدد في المنطقة العربية واحد مقابل واحد، بينما تعلم الدراسة أن السنة يتفوقون عددًا بما يوازي 5 مقابل 1 على مستوى العالم. وهي بما يوازي 3مقابل 1 في منطقتنا العربية. تقول الدراسة: "لا نتوقّع أن يشهد التوازن الطائفي المتساوي تقريبًا بين السنّة والشيعة على طول هذا الصدع تعديلًا أو أن "ينقلب" التوازن الطائفي في بلدان محددة يمر فيها هذا الصدع في الإطار الزمني لسيناريوهاتنا والممتد إلى عشر سنوات". والدراسة بدأت من 2016م راسمة خطوطها إلى 2026م، وأشارت إلى أن الوضع لن يهدأ في اليمن إلى ذلك العام، متوقعة أن هدوءه سيكون عبر قلاقل داخلية في المملكة العربية السعودية، مما سيخفف الوطء في اليمن، ويجعله يتصارع داخليًا. وشددت الدراسة على زارعي الفتن واستغلالهم للوضع، أو بالأصح تقدم إيحاءاتها لهم للاستمرار على ذات النهج هو زرع الطائفية.

(الصورة المرفقة من المعهد وهي تُظهر الصدع الطائفي الذي يخترق قلب الشرق الأوسط)

وحملت الافتراضات الديموغرافية أن "تدفقات اللاجئين والتشرّد الداخلي على التوازن الطائفي بقدر اختلاف معدّل المواليد بين السنة والشيعة أيضا"، وتقريبًا هذا ما يحدث في العراق وسوريا حيث أن اللاجئين الذين يتم الحديث عنهم ليسوا سوى إيرانيين ـبما يقدر بإثنين مليون ـ صدرتهم إيران للعراق وسوريا، ليتم طمس السنة عبر القتل والتجريف والتهجير لهم من بلادهم، ليحل محلهم الفرس. يقابلها افتراضات الهوية التي حملت أنه " سيحاول المستفيدون من الفتنة الطائفية حشد المجتمعات المحلية حول الطائفة والتنافس مع الآخرين الذين سيسعون لحشد الجماهير حول هويات واهتمامات أخرى" أما السياق السياسي والاقتصادي فالفرضيات فيه تؤشر على أن :" الشرق الأوسط سيحفل بالصراعات الطائفية التي سيسعى المستفيدون من الفتنة إلى استغلالها، وسيمرّ الصدع الشيعي السني في دول ضعيفة تفتقر إلى الشرعية الواسعة النطاق والقدرة على التحكم بأراضيها، ستبقى المملكة العربية السعودية وإيران الراعيتين الأساسيتين لطائفتيهما الخاصتين" وقطعًا ومما يبدو أن هناك إشارة إلى البحرين والكويت وإلى اليمن التي عمتها الفوضى وتفتقد إلى الشرعية في الوقت الراهن بعد استيلاء ميليشيا الحوثي على جزء من البلاد، ومحاولة التحكم في القرار فيها، وإلى سوريا والعراق، وسيكون العمل في هذه المناطق قدر المستطاع من أجل زراعة الفتنة فيها كي يزداد الصدع، وتفجر الأوضاع فيها بشكل يساعد على خلخلة منطقة الخليج العربي.

ويشير التقرير إلى الوضع في لبنان، بحيث أنه يبدو متخوفًا، أو يوحي، بأن اللاجئين السوريين قد يرفعون نسبة السنة، وبالتالي لن يتم تحقيق الأهداف المرجوة منها، وهذا ما يحدث الآن من محاولة إخراج اللاجئين السوريين من لبنان، كي لا يتحقق هذا الهدف، وبتنا نلمسه بوضوح تام عبر التحركات التي تشدد على إخراجهم منه. يقول التقرير: " استقبال لبنان لعدد كبير جدًا من اللاجئين السوريين يقضي على أي تأثير للاختلافات في معدّلات المواليد؛ ففي غضون سنوات قليلة بات هؤلاء المهاجرون يشكّلون ربع إجمالي سكان لبنان تقريبًا. (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 2016). ولا تتوفّر معلومات موثوقة حول توزّع الهويات الطائفية للاجئين ولكن يُعتقد أن أغلبيتهم من السنّة وقد يتوافق ذلك مع التوازن الديموغرافي العام في سوريا والتمثيل غير المتناسب لهذه الطائفة في المعارضة. ومن الممكن أن يؤدّي هذا التدفّق إلى تشكّل أغلبية سنية في لبنان علمًا أن تحليلنا لا يمكنه تحديد التوزّع الطائفي الدقيق في البلد." وأسلوب وضع التقرير يؤشر بشكل واضح بل يشدد على تشكّل أغلبية سنية، أي يجب أن يثير المخاوف ويجب ألا يحدث ذلك، لأنه سيرجح غلبة السنة في المستقبل على الشيعة، وهذا ما لا يجب أن يكون في رأي التقرير.

وأورد التقرير تخوفّا أو قدّم إيحاء بأن العملية التي تتم عبر الصدع السني الشيعي قد تواجه أزمة الخروج منها وذلك عبر المكوّن السياسي الذي يذهب بأي بلد إلى الوطنية، وهذا هو الذي لا تريده سياسة "فرق تسد" أو "فرق تهزم" التي ينتهجها الغرب في المنطقة العربية، بحيث أن الشعب العربي ـ أي شعب في أي دولة عربية ـ لو اتجه أو استطاعت الحكومة فيه أن توجهه نحو الدولة الوطنية، فإن ذلك سيكسر هذا الصدع وسيلغيه، لأن الشعب سيلتفت إلى اللحمة الوطنية وسيترك مثل هذه النعرات القائمة على الطائفية، ومثّل التقرير بوضوح بمصر بحيث أورد الآتي: "الفتنة الطائفية ـ قد تواجه ـ منافسة من أمثال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يحشد جمهوره حول رؤية وطنية."

وافترض التقرير استمرا رسمات متعددة في المنطقة من ناحية السياق السياسي والاقتصادي، بحيث أنه يجب أن يبقى "الشرق الأوسط حافلًا بالمظالم والصراعات العنيفة التي ستحاول الجهات الفاعلة طائفيًا استغلالها". وهذا فيه إشارة للجهات الفاعلة التي يجب عليها استغلال الوضع في هذه الفترة الزمنية النموذجية للحروب الأهلية ـ على حد زعم التقرير ـ حيث إن الصراع في أوجه، والظروف تبدو على شفير توليد صراعات جديدة. ويفترض التقرير "أن الشرق الأوسط سيشهد أيضًا نسبة عالية من الصراعات على مدى السنوات العشر القادمة حتى لو كان المستوى المطلق أقلّ مما كان عليه في عام 2016.ويوحي التقرير إلى أنه يجب استغلال هذا الصدع لزرع الحوكمة الإقليمية، " وأن تصبح الدول الإقليمية أكثر شرعية، وأكثر قوة في إطار الثمان سنوات القادمة" ويستثني بمغزىً واضحٍ جدًّا أن المسار المعقول لا تتم رؤيته بالنسبة للدويلات أو دولة الأقاليم، وكأنه يشير إلى أنه يجب البدء في تفعيلها في المنطقة العربية بأية طريقة كانت.

بينما أوجد التقرير دافع "الجهات الفاعلة غير الحكومية" مثل، علماء الدين (الذين يؤججون الصراع الطائفي)، ومنظمات المجتمع المدني، والميليشيات (التي يمكنها تحريك الصراع الطائفي أو إخماده وفق سلوكها، تمامًا مثل علماء الدين المذكورين سابقًا). ونرى مثل هذا في العراق عبر الحشد الشعبي، وفي اليمن عبر ميليشيا الحوثي، وفي سوريا ولبنان عبر "حزب الله". بينما إيحاءات المجتمع المدني ودوره في هذا السياق يمكن أن نلحظها في التالي، من التقرير: "وفي ظلّ الظروف المناسبة تستطيع منظمات المجتمع المدني بناء الجسور بين الطوائف. على سبيل المثال، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تنظّم المظاهرات ضد الانقسامات التي تزرعها الأعمال الطائفية مثل تفجير مسجد شيعي في بلد ذي أغلبية سنيّة. وبالعكس، قد تلعب الجهات الفاعلة غير الحكومية دور المخرّب وتعطّل المبادرات الحكومية والمجتمعية للحدّ من الطائفية. على سبيل المثال، قد تنفّذ الميليشيات الشيعية – مثل قوات الحشد الشعبي العراقية – عمليات قتل انتقامية ضد الطوائف السنية ما يؤدي إلى استمرار دورات العنف الطائفي." هنا العمل نموذجي وكأن ما يحدث في العراق هو من هذه الإيحاءات، وهنا إيحاء لدور منظمات المجتمع المدني التي يتوجب عليها ـ ليس مثلما قد نفهم أنها ستنظم العملية وتوقف هذا الصراع، بل تقوم بتأجيجه عبر ترتيب تفجير لمسجد سنّي لاتهام الشيعة بذلك، والعكس تفجير حسينية لاتهام السنة بتفجيرها. وقد رأينا هذه الأفعال عيانًا بيانًا. إن هذا التقرير لا يجب أن يقرأ ببراءة على أنه مجرد بحث أو دراسة علينا تقبلها من عدمه، بل إنه يقدّم إيحاءات للاستخبارات للتحرك في هذا الإطار، وبشكل مقنن، بحيث تظهر العمليات في المنطقة العربية وكأنها من أعمال أي طرف من الأطراف، وليبقى الصراع مستمرًا حتى تتحقق دويلات الأقاليم.

السيناريوهات

اختار المعهد في دراسته أربعة احتمالات مستقبلية بديلة للعلاقات الطائفية في الشرق الأوسط على مدى السنوات العشر المقبلة. وقطعًا عندما وضعها أربعة فإنه ليس شرطًا على المنفذين لها أن تنفذ جميعها بل بالإمكان العمل على تنفيذ واحد منها في المنطقة كي تصل إلى ما يريده الغرب فيها، وهو المعني بها، وليس من شأن العرب أن يلتفتوا لهذه السيناريوهات لأنها لا تعنيهم بشيء، ولا تمت لهم بصلة، بل إنها جميعها تصب في خانة الغرب، أما أنتم أيها العرب فهذا لا يعنيكم، ولا يخص منطقتكم، وكأن من قدّم هذه الدراسة يقول إن العرب لا يقرأون.
يقول التقرير:" تعكس السيناريوهات كافة الافتراضات والدوافع التي نوقشت في الأقسام السابقة. وصُممت هذه السيناريوهات لتكون متمايزة من الناحية التحليلية حيث يتمكّن القارئ من التفريق بين المسارات الأساسية المعروضة. ولعب نقاشنا المنظم مع الخبراء في الموضوع – بما في ذلك مشاركة محلّلين من مجموعة الاستخبارات – دورًا رئيسيًا في صياغة هذه السيناريوهات التي نتج عدد منها عن ورشة عمل أقيمت في كانون الأول) ديسمبر (2016 ".

السيناريو 1: بروز النزعة المحلية

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والجهات الفاعلة غير الحكومية ونوعية الحوكمة

في هذا السيناريو، يتراجع عهد الإسلاموية كواحدة من الهويات المهيمنة في الشرق الأوسط. تعاني الحكومات الإسلاموية في

مختلف أنحاء المنطقة من تراجع في الأداء وتظهر نزعات استبدادية متزايدة. وتبرز في أعقاب ذلك ظاهرة نسميها النزعة المحلية تطالب فيها المجتمعات المحلية بدور أكبر في شؤونها وبتقديم الخدمات الرئيسية. إن النزعة المحلية هي ردّ على إخفاقات الأحزاب الإسلاموية بشكل خاص.  حيث عزّز الدستور التركي الجديد سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان بالرغم من تراجع شعبيته وتزايد المعارضة. أما حماس، وبعد عجزها لأشهر عن تأمين الكهرباء أو المياه لأكثر من ساعات قليلة في اليوم، فقد فقدت سيطرتها على قطاع غزة لصالح مجموعة تكنوقراطية تعد بتحسين تقديم الخدمات. وبلغت الخيبة العامة من التحولات التي بدأها الربيع العربي ذروتها. فالأحزاب الإسلاموية تخسر أعضاءها ودعمها في مختلف أنحاء المنطقة. لقد فشلت هذه المجموعات مرارًا وتكرارًا في تقديم إطار عمل لحوكمة الدولة الفعالة ويلقي عدد متزايد من الناس اللوم عليها لمسؤوليتها عن تمكين المتطرفين الإسلاميين المتشددين. ومن أجل ملء الفراغ، تبرز “النزعة المحلية” كدافع مهيمن للهوية الذاتية. إنها بشكل عام ردة فعل على بروز التشدّد الديني وغياب التنوّع المحلّي الذي شهده الشرق الأوسط في العقد الماضي. وتنهار سلطة طهران لبناء معسكر شيعي متماسك إذ ترى الأقليات الشيعية في الدول الأخرى نفسها متمايزة عن القيادة الإيرانية

ومستقلة عنها.  وشهدت المناطق ذات الأغلبية السنيّة بداية عودة متواضعة للصوفية في دليل على تقبّل التغيير المحلي في الأعراف. وتحطّ إعادة التركيز على القضايا المحلية من أهمية الطائفية في دفع الأجندات السياسية وحشد السكان. ويفرض النظام في بغداد ودمشق حكمًا مركزيًا ويعاني بالتالي من مطالبة السكان بدرجة أكبر من الحكم الذاتي المحلي. وعلى النقيض من ذلك، تعطي طهران وبيروت قدرًا أكبر من الاستقلالية للمجالس المحلية والسلطات الإقليمية وتحقق توازنًا أفضل لهذه الضغوطات المحلية. وتتجدّد أيضًا الآمال في احتمال إقامة حوار مثمر بين إسرائيل والفلسطينيين – وتظهر مبادرات سلام شاملة بين المجتمعات المتجاورة المحلية الإسرائيلية والفلسطينية التي تسعى إلى التوصل إلى اتفاق عملي بشأن المياه وقضايا بيئية أخرى. وفي حالات بارزة متعددة، يفوق الإقبال على الانتخابات المحلية الإقبال على الانتخابات الوطنية. وفيما يتعلّق بتصنيفات الأفضلية، تتمتّع الهيئات المحلية بشعبية أكبر من القادة الوطنيين. لقد حققت حملة “بيروت مدينتي” نجاحًا شجع العديد من التحركات لأن تحذو حذوها في مناطق حضرية أخرى في مختلف أنحاء العالم العربي ويشكّل ذلك تحديًا لنفوذ نخب الحرس القديم التقليدية.

وتركز هذه الحركات، تمامًا مثل سلفها “بيروت مدينتي” على تقديم الخدمات العامة العملية وبالتالي الحد من أهمية الأيديولوجية. ولا تطرح النزعة المحلية نفسها دائمًا بطرق إيجابية. حيث تستعيض أحيانًا عن “الأيديولوجيات” السابقة (مثل الوطنية والإسلاموية) بهويات حصرية بالقدر عينه – تؤدي على سبيل المثال إلى تجديد التركيز على العشيرة كهيكلية تنظيمية للمجتمع المحلي. ولكن النزعة المحلية تحدّ بوضوح من تأثير الطائفية وتقلّل من قدرة المستفيدين من الفتن الطائفية على حشد الجماهير بناءً على أسس واسعة مثل الانتماء الديني.

السيناريو 2: معسكر شيعي مترسّخ وسط الفوضى السنية

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والدول الإقليمية والجهات الفاعلة من خارج المنطقة

في هذا السيناريو، يتحرّك المعسكران السني والشيعي في اتجاهين معاكسين. من جهة، يحشد معسكر شيعي أصغر حجمًا ولكن أكثر اتحادًا الأتباع لمواصلة ما يصوّره قادته على أنه إعادة توازن تاريخية متأخرة للقوى الطائفية في الشرق الأوسط. ومن جهة أخرى، يحدّ الاقتتال الداخلي وتضارب المصالح داخل المعسكر السني من فعاليته ويمّكن الجهات الفاعلة الشيعية من السيطرة شيئًا فشيئًا على مناطق نفوذه.

وبالرغم من التأخير الكبير في إدراك المنافع الاقتصادية لخطة العمل الشاملة المشتركة، يبدأ الرئيس الإيراني المعاد انتخابه بالوفاء بوعوده الاقتصادية ويضمن روحاني مشاريع استثمارية ضخمة متعددة من جانب شركات أوروبية. لقد بدأت زيادة إنتاج النفط ونمو قطاع التكنولوجيا بإنعاش خزينة الحكومة ما يمنح بالتالي طهران جيوبًا عميقة لدعم حلفائها وشركائها في المنطقة. ويتمتع حزب الله، الذي يدعمه أداؤه في الحملات الخارجية، بشعبية واسعة في الداخل ويحافظ على تمثيل قوي في البرلمان اللبناني. وتدعم حيدر العبادي أغلبية قوية وذلك بفضل نجاحاته في استعادة شمال العراق من الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). كما أسهمت نجاحاته في مكافحة الفساد السياسي والحفاظ على اتفاق تقاسم السلطة مع الأكراد وإعادة بناء المناطق التي مزّقتها الحروب في تعزيز السلطة المركزية في بغداد، وإن كانت الأحزاب الشيعية تسيطر على

الحكومة.

وحسّنت أيضًا عوامل متعددة العلاقات بين إيران والعراق. فقد أدت وفاة آية الله العظمى علي السيستاني دون أن يخلفه زعيم روحي يتمتّع بمكانته إلى تقليص المنافسة على المكانة الدينية بين النجف وقم. ولم يغيّر آية الله العظمى محمود الذي اختير الهاشمي الشاهرودي مرشدًا أعلى في إيران بعد وفاة علي خامنئي السياسات الوطنية الإيرانية ولكن الشاهرودي استغلّ جنسيته المزدوجة الإيرانية العراقية لبناء العلاقات مع العراق حيث يتمتّع بشعبية واسعة بين العراقيين الشيعة. وتتناقض الوحدة النسبية للجهات الفاعلة الشيعية وثرواتها الوافرة مع الفوضى في المعسكر السني. حيث ستنهي المملكة العربية السعودية عملياتها العسكرية في اليمن بعدما ترغمها التوترات داخل المملكة على إعادة الانتشار للقضاء على التهديد في الداخل. ويضعف القلق من انزلاق اليمن في محور النفوذ الإيراني تماسك مجلس التعاون الخليجي مع إشارات من الإمارات العربية المتحدة بأن اللوم يقع على عاتق الرياض.

كما استعاد الرئيس السوري بشار الأسد السيطرة على المدن السورية الكبرى الرئيسية كافة بالرغم من بعض الجيوب المعارضة الصغيرة. وفي حين تحافظ سوريا على علاقات جيدة مع روسيا وإيران تعتبرها فعّالة لهزيمة تنظيم داعش والمتمردين، لم يوطّد الانتصار المشترك في سوريا العلاقات الروسية الإيرانية. ومكّن استبعاد سوريا كونها نقطة خلاف دائمة في علاقة السعودية مع روسيا من توثيق العلاقات بين موسكو والرياض. ولا تزال العلاقات الأمريكية مع الرياض متزعزعة وساءت مع محاولات واشنطن استثمار تحالفها من خلال طلب مكافأة مقابل انتشارها المستقبلي. وفي غضون ذلك، تنمو العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وقطر مدعومة بالروابط العسكرية الوثيقة.

والنتيجة النهائية هي أن الجهات الفاعلة الشيعية تبحث عن الفرص لتوسيع نفوذها في حين تقف الجهات الفاعلة السنية موقف الدفاع. وتعزّز الديناميكية نفسها إذ تدرك الجماهير الشيعية أن مكاسبها ممكنة بفضل وحدتها ويزيد ذلك من التزامها بهذا المبدأ. وفي المقابل، يؤدي تراجع المعسكر السني إلى المزيد من الاتهامات المتبادلة والخلافات على مستوى القيادة وبالتالي تعميق الشقاق.

السيناريو 3: استراتيجية حافة الهاوية تجلب الانفراج

الدوافع الأهم: طابع الخطاب الديني والدول الإقليمية والجهات الفاعلة من خارج المنطقة

يتسم هذا السيناريو بتصعيد الصراع الطائفي الذي يتجّه نحو صراع إقليمي يضع السعودية وإيران في مواجهة عسكرية مباشرة قبل أن يتراجع في نهاية المطاف. يدفع الخوف من العواقب إلى بذل جهود لاحتواء مناطق الاضطرابات الحرجة قبل أن تتصعّد إلى هذا المستوى. وبلغ الاستثمار السعودي والإيراني في الصراع بالوكالة تحت عنوان الطائفية ذروة جديدة. ويظهر هذا التنافس بشكل خاص في سوريا واليمن حيث يواصل الطرفان تأجيج الصراع عن طريق

شركائهما المختلفين. وتخلّت الولايات المتحدة إلى حدّ كبير عن جهودها الرامية إلى إيجاد حلّ للصراع واختارت بدلً من ذلك السماح للجهات المتحاربة بإرهاق بعضها البعض. وبعدما ضمنت روسيا منفذها البحري على البحر المتوسط عبر طرطوس صبّت تركيزها على أوروبا وتركت الصراعات في المنطقة للمشاركين فيها.

وتزيد طهران والرياض من حدة تأجيج الصراع عبر تمويل الأقليات الطائفية في كل من البلدين – تعيد إيران تأسيس حزب الله السعودي في المنطقة الشرقية وتموّل السعودية القوميين البلوش السنّة في جنوب شرق إيران. ولا تحصر هاتان المجموعتان نفسيهما في المناطق الحدودية بل تشنان بنجاح سلسلة من الهجمات الإرهابية في عاصمتيهما التمثيليتين. وتردّ السعودية وإيران بوضع عدائي للقوات جوًا وبحرًا في الخليج. وفي ظلّ التوترات المتصاعدة تُغرق مقاتلة سعودية عن طريق الخطأ سفينة تجارية إيرانية كبيرة وتردّ إيران بإسقاط الطائرة. وبدلً من أن تؤدّي هذه المواجهة القصيرة للقوتين إلى التصعيد تدفع الصدمة الجانبين إلى وقف مؤقت للعمليات. ويمتدّ هذا التوقف المؤقت ليصبح انفراجًا غير مستقر حيث تسعى السعودية وإيران إلى تهدئة التوترات بدلً من المخاطرة بصراع مباشر طويل الأمد.

وفي الوقت الذي يبحث فيه كل طرف عن سبل للتخفيف من حدّة التوتّر تضيّق الرياض وطهران الخناق على الذين يدفعون باتجاه تنفيذ أجندات طائفية خوفًا من التسبب بأحداث لا تستطيع القوتان الإقليميتان التحكّم بها. ويبدأ البلاط الملكي السعودي بهدوء بإقالة علماء الدين الذين يلهبون الشارع في حين تُنشر قوات الباسيج الإيرانية لتفريق التظاهرات ضد رموز المملكة العربية السعودية. وما زالت الجماهير غير متحمسة لتحقيق الانفراج ولكن الدولتين تتخّذان الإجراءات لفرضه بالقوة. ويشير هذا السيناريو إلى أن احتمال زيادة الصراع الطائفي الذي تتحكم به الدولة قد يدفع في الواقع الجهات الفاعلة الإقليمية إلى التراجع عن حافة الهاوية بعد أن تواجه احتمالات عدم استقرار أكبر. وهذا السيناريو هو الأكثر صعوبة من ناحية تصميم التدخلات السياسية إذ يفيد أحد تفسيراته أن الأمور ستزداد سوءًا قبل أن تتحسّن.

السيناريو 4: الصراع الإثني والنزوح يؤديان إلى الفصل الذاتي

الدوافع الأهم: الهوية الذاتية والجهات الفاعلة غير الحكومية واتجاهات الصراع

في هذا السيناريو، لم تخفّ حدّة العنف الناشط تحت راية الطائفية إلا لأن الصراع الإثني والنزوح أدّيا إلى فصل فعلي للطوائف. وعلى غرار السيناريو 3، لا يكمن التأثير الصافي على الطائفية في الحدّ من التوترات بل إن العملية المعتمدة للوصول إلى هذه الغاية تضع الطوائف في خطر فعلي وترتكز على الفصل وليس التقبّل. وبالرغم من تغلّب الحملة الدولية على داعش، شنّ التنظيم حملة دامية ومنفّرة في طريقه نحو الهزيمة وأظهرت نتائجها فعالية عملية التطهير التي استهدف بها التنظيم الأقليات الشيعية. وتظهر هذه الانقسامات بوضوح في العراق حيث قضت تقريبًا عمليات القتل الإثنية والنزوح الداخلي على المجتمعات المحلية المتعددة الطوائف التي كانت موجودة سابقًا. وأصبحت الموصل مثلً مدينة سنيّة بأكملها تقريبًا. وردّت جماعات الميليشيات الشيعية بشنّ عمليات انتقامية ضدّ السكان من السنّة ما دفعهم إلى الخروج من وسط العراق في ما وصفته الأمم المتحدة بالتطهير العرقي. وتبدّد تقريبًا الوعد بحكومة ائتلافية وانسحب الأكراد إلى إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي وبات يشمل كركوك وغادر القادة السنّة ليحكموا الغرب بحكم الأمر الواقع. ومع العلم أن التحالف بقيادة السعودية حال دون سيطرة الحوثيين على الحكم في صنعاء في نهاية المطاف، لم تتصدَّ الحكومة المركزية الجديدة الضعيفة لسيطرة الحوثيين على الشمال وما زالت القوات الحوثية تبسط سيطرتها على مدينة الحُديّدة الساحلية. ويرى الطرفان أنه من المفيد الحفاظ على وهم انتهاء الحرب بالرغم من غياب حلّ سلمي رسمي ولا يبدو أن هذا التقسيم الفعلي لليمن سيتغيّر في المستقبل القريب.

وفي سوريا، أسفرت عملية السلام عن “مناطق سيطرة” معترف بها ومقسمة بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام والمعارضة وبعد الإعلان عن المناطق ركزت موجة من النزوح الداخلي السكان الأكراد في منطقة سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي كما تجمعت الأقليات بما في ذلك العلويون والمسيحيون والدروز في منطقة سيطرة النظام أما العرب السنّة فقد تركزوا في منطقة سيطرة المعارضة. وتشكّل المدن المختلطة والمناطق الحدودية حيث تتلاصق مناطق السيطرة مواقع إراقة دماء إثنية طائفية خاصة. وحتى في الدويلات الصغيرة جدًا غير القابلة للتقسيم يفصل السنّة والشيعة أنفسهم ضمن أحياء ولا سيّما في المنامة ومدينة الكويت المقسّمتين إلى أحياء سنيّة بالكامل وأحياء شيعية بالكامل بشكلٍ واضحٍ.

إن الأثر على العلاقات الطائفية شامل. فمن جهة، تخفّض قلة التفاعل بين الطوائف من نسبة حدوث الصراعات يوميًا. ومن جهة أخرى، يرسّخ الفصل بين الطوائف التحيزات وينذر بصراع يتفاقم ببطء ويتّجه نحو الانفجار. هذا نص السيناريوهات الأربعة أوردته هنا مثلما هو للاستفادة منه.

المعنى وليس المبنى

إن استشفاف ما يرنو إليه هذا التقرير، وما كتبناه في الأعلى، جاء بناءً على خاتمته حيث أنها كشفت عبر نقاطها الواردة ما يجب أن يتم عمله لمصلحة الاستخبارات الأمريكية والغربية إذ إن كل ذلك يعتمد على ما تريد عمله في المنطقة، ولها الخيار في ذلك سواء في رفع حدة التوتر أو في خفضها.. ولنقرأ الاستنتاج الأول والثاني في هذه الخاتمة:

"يساعد العرض السابق للافتراضات والدوافع والسيناريوهات على إعداد تقييمات المحلّلين – ومن ضمنها تقييمات مجموعة

الاستخبارات الأمريكية – المتعلّقة بالعلاقات الطائفية في الشرق الأوسط. والاستنتاجات الأساسية من هذه العملية هي التالية:

  • في مدّة زمنية تمتدّ إلى عشر سنوات، تتوفّر احتمالات مستقبلية معقولة متعددة لمسار الطائفية في هذه المنطقة. فمسألة زيادة الطائفية أو انخفاضها في العقد القادم غير حتمية وذلك لأن حدّة الطائفية تعتمد على دوافع قد تشير إلى أي من الاتجاهين."

  • قد تتأثر بعض هذه العوامل بقرارات الولايات المتحدة (والشركاء الدوليين) السياسية. على سبيل المثال، إن نوعية الحوكمة والظروف الاقتصادية والتصدّي للصراعات القائمة لمنع امتدادها كلها عرضة للتدخلات السياسية."؛ أي بوضوح تام القرار هو قرار الدول الغربية وما تريد أن تفعله في هذه المنطقة. وهل ستحولها إلى دويلات خلال الثمان سنوات المقبلة؟ أم ستوجهها نحو الهدوء؟


"ويشجّع المؤلفون أيضًا على إعادة عملية توليد السيناريوهات باستخدام تقنية تحليلية مختلفة – التحليل بأثر رجعي – لتحليل الاحتمالات المستقبلية البديلة الواردة هنا"؛ أي بالإمكان النظر فيما حدث سابقًا من تأجيج للمنطقة وقراءة "الفوضى الخلاقة" وماذا أنتجت فيها، والهدف بقاء الصراع من أجل الوصول إلى الغايات التي يريدها الغرب في منطقتنا العربية.

وأضاف المقررون: "يتمتع التحليل بأثر رجعي الذي يبدأ بالحالة النهائية بمزايا أخرى. فهو يساعد على تسليط الضوء على التدخلات السياسية التي لا بدّ من القيام بها للتوصّل إلى النتيجة المرجوّة أو تجنّب النتيجة الأسوأ."؛ أي أن عملية الركون السياسية أو الهدوء السياسي في هذه الحالة لا ينبغي بل يجب العمل على الوصول إلى النتيجة المرجوّة من وراء ذلك، ألا وهو دول الأقاليم.

 

نهج "ادفنها قبل أن أراها"

بما أن الباحثين اعتمدوا نهج "أعرفها عندما أراها" علينا أن نعمل على نهج " ادفنها قبل أن أراها"، كي لا يعرفوها على الإطلاق.  وذلك بالآتي:

  • مراقبة الجهات الفاعلة والعمل على ألا تسير في خططها، وأن يتم إيقافها قبل أن تنفذ أي مشروع.

  • عدم التهاون في التوجهات لدى أية فئة مهما كانت.

  • تكريس مفهوم الوطنية، ودعم الوطنيين الصادقين الذين ينتهجون توجه دولتهم نحو الوطنية.

  • العمل على تكريس الخطاب الديني الوسطي الهادئ الذي لا يثير النعرات ولا يستدعي الطائفية.

  • التوجه نحو تذويب العلاقة الشائكة بين السنة والشيعة.

  • قراءة توجه إيران بشكل جاد. وماذا يمكنها أن تفعل لتذويب هذه العلاقة الشائكة.

  • قراءة بقية الطوائف في المنطقة والعمل على ألا تنجرف نحو الطائفية.

  • إزالة مشاكل الحدود بين الدول العربية، وحل مشكلاتها من قبل جامعة الدول العربية بأقصى سرعة ممكنة.

  • السعي إلى ألا يكون هناك ضغط اقتصادي على الشعوب.

  • عدم إعطاء الجهات الفاعلة من خارج المنطقة أي مشروعية للدخول للعبث بالبلاد العربية.

  • الربط بين مناطق الصراع، ومحاولة تفتيت هذا الصراع، والتنبه إلى تأجيج الصراع في مكان بينما الهدف في مكان آخر.

  • عدم إعطاء الهويات الطائفية أية مشروعية مهما كانت المسوغات، العمل فقط بالمكون الوطني دون غيره.


 

 

 

الجدول..دوافع الصراع الطائفي
















































تراجع خطر الصراع الطائفي      الدافعتزايد خطر الصراع الطائفي
هيمنة الهويات غير الطائفية (مثلًا؛ ولاءات وطنية، محلية، طبقية)الهوية الذاتيةهيمنة الهويات الطائفية
يدعو الزعماء الدينيون إلى تقبّل الطوائف والديانات الأخرىطابع الخطاب الدينييروّج الزعماء الدينيون لعلاقة عدائية بين الطوائف

 
تبني الجهات الفاعلة غير الحكومية جسورًاالجهات الفاعلة غيرالحكوميةتحشد الجهات الفاعلة غير الحكومية الجماهير حول الطائفة

 
تعمل الدول الإقليمية على الحدّ من الطائفيةالدول الإقليميةتفرض الدول الإقليمية أجندة طائفية

 
تقدّم الدول حوكمة رشيدة دون تمييز بين الطوائف الدينيةنوعية الحوكمةتعجز الدول عن توفير الخدمات الأساسية أو تميّز عند تقديمها الخدمات بناءً على الانتماء الطائفي
يخفّف النمو الاقتصادي من الضغط ويتم تقاسم الأرباحالظروف الاقتصاديةيغذّي الضغط الاقتصادي الانقسام وتشعر المجموعات الدينية بأنها محرومة اقتصاديًا
يحدّ حلّ الصراع من العنف في المنطقةاتجاهات الصراعيمتدّ الصراع في إطار معيّن ويغذّي الصراعات في أماكن أخرى
تمنح الجهات الفاعلة من خارج المنطقة الأولوية للاستقرارالجهات الفاعلة من خارج المنطقةتسعى الجهات الفاعلة من خارج المنطقة إلى فرض نفوذها من خلال اللعب

 

المصدر: تقرير راند

يتبع.....

الاثنين، 16 يوليو 2018

الخطة (ب) في المنطقة العربية

لاشيء يهز العالم 13

باختصار:


عام ١٩٤٥، أثناء الإعلان عن نشوء مجلس الأمن، كانت الولايات المتحدة الأمريكية الأمكر من بين الدول الخمس التي لها حق النقض (الفيتو)، ونظرا لأنها تمتلك بعد نظر رسمت خطتها على الخصم العالمي " الاتحاد السوفيتي-آنذاك"، وسوقت لقوته، على اعتباره الأقرب لأوروبا ك "عدو قريب"  لإخافة الدول الأوربية، وهكذا خضعت لها، وسارت تتبعها إلى اليوم.

وبالطبع تجربتهم قامت على حروب أهلية طويلة في البدء ثم على حروبها في أمريكا الجنوبية. هذه الورقة مع أوروبا لعبت بها مع العرب، فجهزت لهم "عدو قريب" عام ١٩٧٩ في طهران، ورمت بالملالي في حلق العرب، وأسفر ذلك عن حرب الثمان سنوات بين العراق وإيران. وأثناء ذلك كان العمل على أشده في العمل على استراتيجية "العدو الحميم" والمتمثل في صناعة خلايا نائمة في كل الدول العربية، وبدأت في العلن عبر حزب الله في لبنان، الذي يمثل الامتداد في الدول العربية، ومنه تسربت خلايا نائمة في العالم العربي عبر الشيعة واستغلالهم مذهبيا، وظهر بعضهم في الدول العربية بعد سنوات من صناعتها وتدريبها، وفي المقابل كانت أمريكا تزرع خلاياها من "الأخوان" في المذهب السني "عدو إعلامي،ثقافي،ديني" وجهزوا حتى ساعة الصفر، التي جاءت بعد حرب النوايا المكشوفة وهي احتلال أمريكا للعراق. (النوايا المكشوفة) حددت أن العراق هي المنطقة المركزية لعملية التغيير في المنطقة العربية، ولهذا تركت للفرس العبث بالعراق وسلمته لهم ولداعش، لنلحظ أن عام ١٩٤٥ وهو عام الإعلان عن مجلس الأمن، كان نقطة جوهرية في المسألة إذ إن فرنسا كانت في سان فرانسسكو تدافع عن حقوقها اللغوية، وفي نفس الوقت كانت تسعى إلى تأكيد حقوقها الاستعمارية في سوريا. سوريا منذ البدء كانت دولة مفصلية في تقسيم العالم العربي، وها هي اليوم تعيش ذات الدور، وخطورة الموقف فيها أن اسرائيل بدأت تدخل عيانا بيانا فيها، ومن هنا فإن التوسع الإسرائيلي سيطال دولا أخرى، واللاعب الأساس هو روسيا التي تخدم الأجندة بشكل مقنن.. وستخرج منها دون مكسب سوى تقوية اقتصادها، ولن يكون لها صوت بعد ذلك لأنها ستربض في مكانها كدول شرق أوروبا. التوقف الغربي في المنطقة العربية أعطى دول شرق آسيا نفَسا للتحرك، وإن لم يقلبوا موازين الخطط الآن فسيندمون كثيرا.

أستطيع القول إن صمود سوريا يأتي لفشل الخطة (أ) فقد أحرقتها السعودية. ولهذا فإن الخطة (ب) ستعمل ولو أنها ستأخذ وقتها، فملالي طهران أدوا ما عليهم، وأوراقهم محروقة، لأنهم انكشفوا للعالم العربي هم واشعال نار الطائفية واستغلال الشيعة؛ ومن هنا فإن اشعال طائفية أو عصبية المذهب الواحد ستأتي، ولو بعد حين.

 

 
https://platform.twitter.com/widgets.js

الأحد، 3 يونيو 2018

لا شيء يهز العالم 10

موقف الأمم المتحدة في العراق


في الصحافة الأمريكية لا تأتي الأسئلة، بعد الحرب على العراق، عن عدد القتلى الذين خلفتهم الحرب ضد العراق أو أفغانستان، ولكنها تأتي على هذا المنوال: لماذا قُتل 760 أمريكياً في حرب العراق؟ الأربعة ملايين الذين قتلوا بسبب الحرب الأمريكية على العراق لا شأن للصحافة الأمريكية بهم، كل ما يهمها هو المواطن الأمريكي. أليس هذا نتاج ما زرعته السياسة والإعلام؟ وأليس هذا يشجع الأمريكان على غزو العالم؟ فهو يقول لهم اذهبوا اقتلوا الناس في كل جزء من المعمورة ولكن احذروا أن يموت أحد منكم أيها الأولاد الصالحون!!  هذه الصورة ـ تماماً ـ التي يتم بها تسيير الأمور في واشنطن، فكذبة الإعلام الحر تحمل معاييرها تجاه الجندي الأمريكي، ولكن تجاه من يَقتلَ هذا الجندي فلا معايير في ذلك أقتل أيها الصالح كما تشاء ولا عليك، المهم ألا تموت. وهذا هو الوجه الحقيقي للإعلام الأمريكي الذي يدّعي الديموقراطية، وأنه يقدم نموذجًا متميزًا في حرية التعبير، وهو يقدم حرية التعبير فعلاً في الداخل فقط، أمّا مساره في الخارج فهو يقدم الوجه السادي للإعلام الأمريكي الحقيقي وللسياسة الأمريكية الطاغية، والتي تريد أن تلتهم العالم كله. بل إن الإعلام في مجموعه سواء عبر مراكز الدراسات أو عبر هوليوود وصناعة السينما وعبر وكالات الأنباء والفضائيات يؤازر الفعل العسكري الاستبدادي الذي تمارسه الحكومة الأمريكية ضد الشعوب.

يقول السيناتور الأمريكي إرنست ف. هولينغز في مقالة نشرتها تشارلستون بوست اند كوريور يوم 6 مايو 2004م " مع مقتل أكثر من 760 جنديا، وإصابة أكثر من 3000 جريح بعاهة مستديمة، يتساءل الناس لماذا ذهبنا إلى العراق؟" وفي النهاية يقول هي " سياسة الرئيس بوش في حماية وتعزيز أمن إسرائيل"[1]

الجمعة، 25 مايو 2018

لا شيء يهز العالم 9

الأمم المتحدة والعرب


جاء برنامج النقطة الرابعة لتأييد "السلام العالمي"، الذي صنعته أمريكا، وفق أربعة محاور:

  1. التأييد المطلق للأمم المتحدة، فالأمم المتحدة تأتمر بإمرة أمريكا في كل خطواتها، بل إن توجهاتها تساير التوجه الأمريكي خطوة بخطوة، خصوصاً وأنها أُنشئت تحت نظر الغرب، ومن كان يدعمها بقوة في البدء هم الدول الكبرى، ولكننا سنلحظ حالات قليلة تتناقض معها في حالة استخدام روسيا ـ سابقا الاتحاد السوفيتي ـ للفيتو أو الصين.. وتكاد تكون باتفاق بين الطرفين.

  2. كسب الشعوب بالعمل على الإصلاح الاقتصادي، وهي الفكرة الجهنمية التي تسيطر بها الكربورقراطية على مكتسبات الشعوب.

  3. تقوية الأمم التي تعادي الشيوعية. وكانت آنذاك الحرب الباردة مستعرة بين أقوى دولتين، ولهذا فإن العدو الكامن أمام أمريكا هو المد الشيوعي.

  4. تقديم المعونات لتحسين أحوال مختلف البلاد، وهذه المساعدات استغلال فاضح جداً في السياسة الأمريكية، وعبرها تتحكم في الدولة أو تبتزها سواء بإدراك أو بدون إدراك.


وكثيرًا ما نرى التركيز على هذه النقطة لأنها تحمل أبعادًا إنسانية في ظاهرها، بينما أهدافها أو غاياتها هي امتصاص الحقوق في الدول التي تساعدها أمريكا، أو تتدخل الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي في المساعدة، وذلك كي توقع الدولة في الفخ، وتبدأ مساومة الشركات العملاقة عليها من كل حدب وصوب، بعد أن تتم السيطرة على بنوك الدولة المعنية ليبدأ البنك الدولي في عمله تجاهها. وليحقق الرؤية السياسية المرسومة لها من قبل الشركات المسيطرة على العالم[1].

وعندما تأسست منظمة الامم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية فإن حفظ السلم والأمن الدوليين يعدان المشكلة الأهم التي تواجه المجتمع الدولي إلى اليوم، وهو المقصد الرئيسي الذي من اجله انشئت منظمة الأمم المتحدة.  ولأهمية هذا المقصد فإن مؤسسي المنظمة قد ركزوا عليه في الميثاق وخصصوا له الوسائل والإجراءات اللازمة لتحقيقه.

"وكانت خمسة من الدول العربية ضمن مؤسسي الامم المتحدة، وهي: مصر والمملكة العربية السعودية ولبنان وسوريا (كلها انضمت فعليا يوم 24 / 10 / 1945) والعراق (21 / 12 / 1945). ومن دول الشرق الأوسط كانت هناك أيضا إيران وتركيا. ثم إن للعرب ثقلاً إضافيًا يتمثل بأن اللغة العربية هي إحدى اللغات الرسمية الست للمنظمة إلى جانب اللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية والماندرين الصينية والإسبانية، مع العلم بأن أمينها العام السادس أختير من دولة عربية وهو الدكتور بطرس بطرس غالي الذي تولى المنصب لأربع سنوات بين 1992 و1996. واليوم تضم المنظمة 192 دولة، بينها 22 دولة عربية. وكان للعرب حضور مميز في الوكالات التابعة للأمم المتحدة حيث ترأسها بعضهم مثل الدكتور محمد البرادعي (مصر) والمهندس إدوار صوما (لبنان) وطالب الرفاعي (الأردن)..الخ."

 

القضية الفلسطينية

الإدانات التي يقوم بها مجلس الأمن ضد إسرائيل وما ترتكبه في حق الشعب الفلسطيني لا فائدة منها، طالما أن القرار يتوقف على استخدام الفيتو الأمريكي في كل مرة تتم الإدانة، أي أن أحد أهم أسباب تكوّن مجلس الأمن من خمس دول عظمى، ومن حق استخدام الفيتو يؤتي ثماره الآن، وفي كل آن، لحماية مصلحة الدول الخمس أو دولة منها أو دولة حليفة مثل إسرائيل. ولعل تقسيم فلسطين عام 1947م يعطي الدلالة الواضحة أن المجلس أو الأمم المتحدة لم يخلقا إلا لحماية المصالح الخاصة للدول العظمى. ولا تحمل همًّا تجاه أي قضية إنسانية في أي جزء من الكرة الأرضية، فما بالكم وهذا الجزء هو المنطقة العربية!!

"لقد صدر ما لا يقل عن 131 قرارا متصلا بالنزاع بين فلسطين وإسرائيل صدرت عن مجلس الأمن الدولي ما بين 1967 و1989 فقط. كما أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اسرائيل بإدانات تزيد على كل الإدانات بحق دول العالم الأخرى مجتمعة. وكان للأمم المتحدة دور وحضور فاعل في حروب العرب مع اسرائيل في الاعوام 1948 و1967 و1973 وغزو لبنان عام 1982 بصفة عامة، وغيرها من الاعتداءات والتجاوزات الاسرائيلية المتعددة على لبنان وسوريا ومصر والاردن والعراق. ومن الجدير بالذكر أن للأمم المتحدة وجودا عسكريا في مناطق النزاع العربي الاسرائيلي متمثلا في قوات الفصل الدولية الأندوف على هضبة الجولان في سوريا، وفي جنوب لبنان تنتشر قوات اليونيفيل، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة والدول المجاورة تعمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ناهيك من نشاطات اليونيسيف في مجالات الاهتمامات بالطفولة والأجهزة والوكالات الإقليمية[2]."

(سأتطرق إلى ذلك بشيء من التفصيل عند الحديث عن إسرائيل)

وسنلحظ أن هناك العديد من القضايا المتعلقة بالمنطقة العربية، وهي من القضايا التي تستخدمها الأمم المتحدة بمطاطية مبالغ فيها، وربما ترى أطراف تؤججها ولكنها تغض الطرف عنهم.. فمثلا: نزاع الصحراء الغربية؛ حيث كان لها دور بارز في التعاطي مع النزاع الحاصل بين المغرب وبين جبهة البوليساريو، وآخرها ما كان من إيران ومن حزب الله حين دعما ودربا هذه الجبهة في فضيحة انكشفت لكل العالم، ولم تتخذ حيالها الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن أي خطوة في هذا الاتجاه بل إن ستيفان دو جاريك، الناطق الرسمي باسم الأمين العام الأمم المتحدة، ردّ، خلال الندوة الصحافية الدورية المنعقدة الاثنين 02 أبريل 2018 بمقر المنظمة بنيويورك، ببرودة تامة على احتجاج المغرب من استمرار عمليات التوغل العسكري في المنطقة العازلة، حيث قال جواباً عن سؤال الصحافة: "نعم لديّ معلومات.. زملاؤنا في بعثة المينورسو لم يلاحظوا أي حركة لأي عناصر مسلحة شمال هذا الإقليم، المينورسو تُواصل مراقبة الوضعية عن كثب".

في نفس الوقت أكدت فيه مصادر إعلامية قريبة من "الجبهة" أن "نحو 14 عنصرا مسلحا تابعين للبوليساريو دخلوا المنطقة على متن أربع سيارات من نوع جيب، فقاموا بنصب خيام وتمركزوا فيها لما يناهز ساعة كاملة قبل أن يغادروا المكان ويسحبوا آلياتهم بعدما نصبوا خيامهم".

كما أظهرت صور لمجموعة شبابية محسوبة على جبهة البوليساريو تدعى "صرخة ضد الجدار" تنظيم وقفة احتجاجية يوم 31 مارس الماضي، رفقة أجانب، نددوا فيها باستمرار هذا الجدار الأمني.

وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قد أعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بسبب اتهامات لها بدعمها وتسليحها جبهة البوليساريو الراغبة بالانفصال، بدعم ومساندة "حزب الله".

بينما ذكر موقع القوات اللبنانية أن تتجاوز علاقة البوليساريو بـ"حزب الله" تقديم الدعم بتحريض من الجزائر. حيث تربطهما أيضا تجارة السلاح والمخدرات وتبييض الأموال. فشبكة “حزب الله” في تبييض الأموال تمتد من أفريقيا (الغرب أساسا) إلى أميركا اللاتينية، وعلاقة البوليساريو بالتنظيمات الجهادية في المنطقة تفيد عمل “حزب الله” كثيرا.[3]

وقال المحلل الأميركي في صحيفة واشنطن اكزامينور، مايكل روين، أن تلك " لم تكن مجرد عملية مارقة. ففي النهاية ما تعرض له المغاربة ليس أول محاولة من إيران لزعزعة استقرار مملكتهم". أي أنه يناقض تحفظات الأمم المتحدة.

ويضيف روبن أن "الواقع يقول إن سلوك إيران يكتسب طابعا أيديولوجيا، ومشكلة إيران مع المغرب هي أيديولوجية، خصوصا وأن المغرب لا ينتمي إلى معسكر دول الغرب الليبرالي فقط، ولكنه يقف أيضا في طليعة القوات المحاربة للإسلام المتطرف”، مضيفا أنه “على الرغم من اختلاف المذاهب بين إيران والمغرب، إلا أن رجال الدين وقادة إيران لا يريدون رؤية هذا الفرق أو حتى الالتزام به".

وهذا الحدث الأخير يوضح بجلاء موقف الأمم المتحدة المائع تجاه هذه القضية المتعلقة بالشأن العربي. ولن أعود كثيرًا بالتاريخ لأستشهد بمواقفها تجاه هذه القضية لأن السلبية هي ديدنها الدائم تجاه القضايا العربية.

بينما الحرب العراقية الإيرانية لعبت فيها الأمم المتحدة دورًا بارزًا، ويأتي التناقض من الموقف الأمريكي وهو العضو الرئيس في الدول الخمس العظمى أو في "نادي النخبة" الذي يحكم العالم، حيث أنه على مرأى ومسمع من مجلس الأمن ومن الأمم المتحدة ظهر بفضيحة " جيت إيران" أيام دونالد ريجان، ومع ذلك لم يكن هناك ما يثير التساؤل لدى المجلس. ولعل توقف الحرب بينهما جاء بعد خطة بديلة ستظهر في حرب الخليج الثانية حين احتل العراق دولة الكويت وكان للأمم المتحدة دور فاعل في التعاطي مع تداعيات غزو الكويت عام 1990. حيث فوضت الأمم المتحدة يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 1990 وعبر قرار مجلس الأمن 678 – استنادا إلى عدة قرارات سابقة – باستخدام القوة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، فشنت قوات متعددة الجنسيات، أمريكية أوروبية وعربية، ما عرف بعملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت يوم 24 فبراير (شباط) 1991، وتم لها ذلك خلال فترة قصيرة.

في المقابل في حرب الخليج الثالثة وهي الغزو الأمريكي للعراق فإن موقف الامم المتحدة كان ضعيفًا ولم تستطع التصدي للغزو الامريكي البريطاني للعراق الذي تم سنة 2003 خارج نطاق الشرعية الدولية ودون تفويض من الامم المتحدة التي باءت جهودها بالفشل لمنعه يوم 20 مارس (آذار) 2003 تحت ذريعة تخزينه أسلحة دمار شامل ممنوعة، وأسقطت الحكم فيه واحتلت البلاد، وبقيت القوات الأمريكية في العراق حتى اليوم.

أما قضية النزاعات في السودان فجميعنا يعي أن "جوبا" تحتضن تل أبيب، بل إن تل أبيب تحتضن جوبا، والتعاون بينهما على أعلى مستوى، وما يخدم إسرائيل لا بد أن تتبناه الأمم المتحدة أو يتبناه مجلس الأمن، ولهم حضور وأجندة بارزة جدا في الجنوب ودارفور. يقول ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي: "نحن شعب صغير، وإمكانياتنا ومواردنا محدودة، ولا بد من العمل على علاج هذه الثغرة في تعاملنا مع أعدائنا من الدول العربية، من خلال معرفة وتشخيص نقاط الضعف لديها. وخاصة العلاقات القائمة بين الجماعات والأقليات العرقية والطائفية، بحيث نسهم في تفخيم وتعظيم هذه النقاط، لتتحول في النهاية إلى معضلات يصعب حلها أو احتواؤها".

ولعل كلينتون بإشارة من رامسفيلد عندما دمر "مصنع الشفاء" بحجة أنه يصنع أسلحة دمار شامل، لم تتخذ الأمم المتحدة أي دور بل قد تكون ذات أدوار ومواقف معاكسة؛ فقد اتهمت مصادر في الأمم المتحدة عام 2004 ميليشيات الجنجويد المناصرين لحكم الرئيس عمر حسن البشير بارتكاب مجازر في الإقليم. ثم فرض مجلس الأمن الدولي في مارس من عام 2005 عقوبات على الخرطوم، وكذلك إحالة المتهمين بجرائم حرب إلى محكمة العدل الدولية. الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بين الخرطوم والامم المتحدة خصوصا بعد أن رفضت الخرطوم نشر قوات سلام دولية في إقليم دارفور. ثم أصدرت محكمة العدل الدولية عام 2007 أولى مذكرات التوقيف ضد المتهمين بجرائم الحرب، كما أصدر مجلس الأمن قرارا بتشكيل قوة سلام في دارفور. وفي العام التالي 2008 تولت الأمم المتحدة كليا أمر القوات الأفريقية – الدولية اليوناميد في الإقليم، وفي خطوة غير مسبوقة في عام 2009 أصدرت المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة مذكرة اعتقال بحق البشير. ورعت الامم المتحدة عملية استقلال الجنوب عام 2011، كما أعلنت نهاية حرب دارفور.

"بالإضافة إلى ما سبق كان للأمم المتحدة نشاطات ومهام لافتة أخرى تتعلق بالعرب والشرق الاوسط، منها النزاع الحدودي بين البحرين وقطر الذي حسمته قضائيا وتحكيميًا محكمة العدل الدولية عام 2001، بالإضافة الى قضية تورط ليبيا فيما عرف بقضية لوكيربي أصدر المجلس القرار 1506 بغالبية 13 صوتا وامتناع فرنسا والولايات المتحدة عن التصويت برفع العقوبات المفروضة على ليبيا. وغير ذلك من القضايا. ورغم كل ذلك فقد اتسم تعاطي الأمم المتحدة مع القضايا العربية والشرق أوسطية بغير الموضوعي، حيث انطلق دائما من اعتبارات مصالح الدول الكبرى المسيطرة على سياسة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي منع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من التصرف والقيام بمسؤوليتها في حفظ الأمن والسلم الدوليين[4]."

يتبع...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الحرب القذرة على العالم، للمؤلف، تحت الطبع.

[2]  عماد علو مقالة في صحيفة الزمان يوم 20 مايو 2014 الرابط: https://www.azzaman.com/?p=72168

[3]  موقع القوات اللبنانية https://www.lebanese-forces.com/2018/05/04/hezbollah-polisario-front/

[4]  عماد علو مقالة في صحيفة الزمان يوم 20 مايو 2014 (سابق).

الجمعة، 18 مايو 2018

لا شيء يهز العالم 8

نحن نحمي العالم، فمن يحمي العالم منّا؟!

مرتكزات السياسة الأمريكية في تفتيت العالم


أعود بكم إلى مرتكزات السياسة الأمريكية في العالم أجمع، وفي العالم العربي على وجه الخصوص.

المنظمات الأممية:

"كانت لدى روزفلت طموحات خيالية. فخلال عشاء في البيت الأبيض في مارس 1943م، اقترح على وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن قيام الدول العظمى بنزع سلاح جميع البلدان الأخرى، ووضع حاميات في مختلف مناطق العالم بغرض النظام، وقال إن القوى الصغرى " يجب ألا تحوز ما هو أخطر من البنادق[1]"ومن هنا بدأت رحلة مجلس الأمن الذي ضم خمس دول عظمى، هي التي يحق لها التحكم في العالم، والوقوف ضد أي قرار يصدر ضدها.

ومن يقرأ الأحداث بعد قنبلتي أمريكا على اليابان، سيلحظ أن مجلس الأمن لم يدنهما، ولم يتحدث عن ذلك إلى اليوم، كما أن التناقض في قضية فلسطين العربية ظاهر للعيان، وواضح انحياز المجلس فيها لأمريكا وللدول الخمس، ولإسرائيل. بخلاف العديد من القضايا التي تهم الأمة العربية والتي يقف المجلس منها موقفًا سلبيًا ولعل آخر القضايا سنلمسها في سوريا حيث أن عدد القتلى يصل إلى مليون، وعدد المشردين يصل إلى 12 مليون، على الرغم من أن الأمم المتحدة تسعى إلى ألا يكون هناك مهجرين أو لاجئين إلى أوروبا، حفاظًا على ديمغرافيتها، إلا أنها ومجلس الأمن لم يجدا سوى الصمت حيال ما يحدث، والسبب كما نعلم ويعلم العالم أجمع هو خدمة إسرائيل، وخدمة الأهداف التي تسعى إليه الدول العظمى وهي أن يبقى الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي في حالة تشتت وتشرذم واقتتال. ولا نجد من مجلس الأمن نحو هذه القضية ـ أعني السورية ـ سوى "بروباغندا" في حياة الشعوب لا تقدم ولا تؤخر.

ولا يشبه مجلس الأمن أية هيئة أخرى في تاريخ البشرية؛ حيث يضم أعضاؤه الخمسة الدائمون -الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدةـ نحو 30% من عدد سكان العالم، وينتجون أكثر من 40% من الناتج الاقتصادي العالمي. وفيما يخص الشأن العسكري، فإن سيطرة هؤلاء الأعضاء أقوى؛ حيث يحوزون 26 ألف رأس نووي، وهو ما يمثل 99% من الرؤوس النووية الموجودة في العالم، ولديهم جيوش قوامها 5.5 مليون رجل وامرأة. وعندما يتحد المجلس، يصبح بوسع أعضائه شن الحروب وفرض الحصار والإطاحة بالحكومات وفرض العقوبات. ويفعلون كل ذلك باسم المجتمع الدولي، ولا توجد حدود تقريبًا لسلطة هذا الجهاز.

[caption id="attachment_1669" align="alignnone" width="900"]العالم في اتجاهه واحد خمسة يحكمون العالم!![/caption]

ويرى صاحب كتاب "خمسة يحكمون الجميع" أن المجلس استطاع حفظ السلام في أوروبا على مدى خمسين عامًا، دون أن يذكر ما هي مجهودات المجلس في أمريكا اللاتينية أو الجنوبية، وما هي نشاطاته لحفظ السلام في أفريقيا، وآسيا، ومنطقة الشرق الأوسط[2]!!

العالم في اتجاه واحد

ولعل الطموحات الاستعمارية ظهرت في حينها، أي أثناء المشاورات لعقد اتفاقيات قيام مجلس الأمن، ومن هم أطرافه، ومن هم زعامته، وتحديد الدول وتقنين المواد واستقطاب الحلفاء في المجلس فوقتها تأتي ردة الفعل في تلك الأعوام من ونستون تشرشل، وذلك بعد اجتماع طهران عام 1943م، حين تراجعت بريطانيا في ميزان القوى، حيث كتب يقول: " جلست هناك والدب الروسي العظيم إلى جانبي وكفاه ممدوتان، وعلى الجانب الآخر الجاموس الأمريكي الكبير، وبين الإثنين جلس الحمار الإنجليزي الصغير المسكين، الذي كان الوحيد.... الذي عرف الطريق إلى المنزل[3].

وتأتي ردة الفعل من قبل الرئيس الأمريكي آنذاك (روزفلت) وهو يقول لتشرشل " لقد بدأت فترة جديدة في تاريخ العالم، وعليك التكيف معها" إشارة إلى عدم سيطرة بريطانيا على العالم مثلما كانت سابقًا. ولم يكن تشرشل بالرجل البسيط فهو كان يقرأ مستقبل العالم في حالة وجود منظمة أممية تسيطر عليها أمريكا." وكان تشرشل قلقًا بشأن غريزة الأمريكيين المعادية للاستعمار، لكنه لم يكن واضحًا أن الناخبين البريطانيين يشاركونه القلق. ذلك أن البريطانيين المنهكين لم يهتموا كثيرًا بالحفاظ على ممتلكاتهم في الأصقاع البعيدة.

وبما أن السوفييت لهم تجربة مع عصبة الأمم المتحدة حين طردوا منها، وسموها عصبة اللصوص، فإنهم كانوا قلقين تجاه أي منظمة دولية تأتي من الغرب واعتبروها هي نتاج للرأسمالية الغربية لا غير، ولن تكون مع البلدان الأخرى أو مع أي توجه آخر يوجد في العالم، وهي نظرة عميقة من ستالين في تلك الأيام، ويعلم أن المدى قصر أم طال سيؤدي إلى ما وصلت إليه النتائج اليوم، وهو ظهور القطب الواحد في العالم وهو أمريكا العظمى!

وكان البريطانيون معارضين أكثر من غيرهم للفيتو، وهو ما عاد جزئيًا إلى الاجتماعات المنتظمة التي كان يعقدها الدبلوماسيون البريطانيون مع الدول الأصغر التي شكلت الكومنولث البريطاني. وقد عبرت الدول بوضوح ـ وخاصة نيوزيلندا وكندا ـ عن عدائها لفكرة استئثار الدول العظمى بإدارة العالم من خلال المجلس، ثم حمايتها لنفسها باستخدام الفيتو؛ فقد كان ذلك بمثابة نوع من ازدواجية المعايير المفرطة.

وعندما اجتمع القادة الثلاثة ـ روزفلت وستالين وتشرشل ـ كان مستقبل ألمانيا أول الموضوعات التي نوقشت، وهذا يدلل منذ البدء على بدء أعمالهم في تقسيم العالم، والعمل على مصالحهم وليس مصالح العالم كما يدعي الرئيس الأمريكي "ترومان" عندما قال، بعد وفاة روزفلت بساعات: " إن القوى العظمى عليها مسؤولية خاصة فيما يتعلق بفرض السلام، وأضاف: إن هذه المسؤولية هي خدمة شعوب العالم وليس فرض السيطرة عليها"60. وكان على الحلفاء تحديد كيفية تقسيم هذا البلد وحكمه، وطالبت بريطانيا بمنح فرنسا منطقة تحتلها وتديرها في ألمانيا. وتنازل ستالين عن هذه النقطة، كما قبل دخول الحرب ضد اليابان. وتوصل القادة إلى حل وسط ـ سمي صيغة يالطا ـ سمح للأعضاء الدائمين باستخدام الفيتو ضد القرارات الخاصة بالقضايا " الموضوعية" وليس الإجرائية. وحدثت تنازلات من قبل السوفيت وقبلوا بثلاثة مقاعد بدلا عن 16 أوكرانيا وروسيا ا لبيضاء والاتحاد السوفيتي، وثلاثة مقاعد لأمريكا. وفي يوم استضافة أمريكا لمؤتمر يعلن فيه عن الاتفاق وعن هذا الانجاز العظيم الذي سيظهر به العالم تحت مظلة خمس دول عظمى، وبينما كان روزفلت يعد مسودة خطابة سقط وتوفي. وأكمل ترومان مهمته.

وحضر المؤتمر آنذاك 45 دولة، 19 من الأمريكيتين والكاريبي، وسبع من آسيا والشرق الوسط، وعشر من أوروبا.. وكانت معظم أفريقيا لا تزال مستعمرة. ورغم اعتراضات معظم الدول الصغرى على الفيتو، وعلى تسلط الدول الخمس به إلا أن النيويورك تايمز قالت: إن معظم الدول:" قبلت على مضض فكرة وجود ديكتاتورية عالمية فعّلية بواسطة القوى العظمى.

وتم توقيع الميثاق يوم 26 يونيو 1945م لتخرج الدول العظمى من سان فرانسسكو وهي وصية على أمن العالم.. وتبدأ حقبة الديكتاتورية العظمى.

في هذا النقاش نورد بعض الملاحظات:

ـ صيغة التطمين في أحاديث روزفلت لم توصل العالم إلى شرطي أوحد بل إلى ديكتاتورية واحدة فهو في العديد من المناسبات كان يطمئن معارضيه السياسيين أنه لم يفكر في وجود "دولة عظمى" أو قوة شرطة عالمية.

ـ إشارة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بأن "المنظمة صممت" لا لكي تأخذ البشرية إلى الفردوس، بل كي تقيها من الجحيم" فيها نوع من المراوغة تجاه المنظمة وتجاه مجلس الأمن، حيث أن ما توده أن يعيش في الجحيم تركته يعيش، ومن توده أن يذهب للفردوس عبر التدخل وقفت إلى جواره، والشواهد كثيرة، ثم إن مطاطية أن تقي المنظمة شرور حدوث حرب نووية لا تشفع لدور الأمم المتحدة ولمجلس الأمن، لأنهما يفترض أن يمنعا تدخل القوى الخمس في شؤون الدول، ولنا مثال في روسيا حاليًا وهي في سوريا، ونماذج كثيرة لأمريكا في أمريكا الجنوبية!!

ـ المجلس منذ إنشائه إلى اليوم عجز إلى حد كبير عن ممارسة الحكم العالمي الكفء.

ـ "وفي أغلب الأحيان، ينتهي الحوار حول المجلس باعتراف محزن بحدود قدراته "

ـ يعتقد الكثيرون أن غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003م كشف أخطار العمل دون مباركة المجلس. [4]

يتبع....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، ت:غادة طنطاوي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ع:2126، الطبعة الأولى 2014.ص34

[2] ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).ص18

[3]  ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).ص36

[4]  ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).