لا شيء يهز العالم 24
كتب خير الله خير الله مقالة تحت عنوان "ما علاقة إسرائيل بسلاح حزب الله"؟[1] افتتحها بقوله: " لا يستطيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قول الكلام الذي قاله عن أن سلاح “حزب اللّه "لا يتناقض مع مشروع الدولة" مبررا وجود هذا السلاح بوجود احتلال إسرائيلي. هذا عائد أساسا إلى أن الأحداث تجاوزت سلاح حزب الله. لم يعد مطروحا الكلام العام عن دور هذا السلاح في التصدي لإسرائيل، اللهمّ إلا إذا كان مطلوبا افتعال حرب جديدة تعود بالويلات على لبنان كما حصل تماما صيف العام 2006".
وقطعًا كان يسعى عون في تلك الفترة أوائل 2017 عقب التبرع السعودي بتسليح الجيش اللبناني الذي تم سحب هذا التبرع بعد أن علمت السعودية أن الدولة اللبنانية لا تقوم كدولة بل إن مسارها يتخذ شكل العصابات التي يؤلفها حزب الله، وبالتالي فإن المؤسسة العسكرية لن يكون لها وجود على أرض الواقع طالما أن هذا الحزب يتحكم في مصير لبنان، ويساند إسرائيل ويحميها، ويدعي أنه حزب مقاوم في الوقت الذي ينقض فيه كل ما هو في بمصلحة لبنان أولا ثم العالم العربي ثانيًا.
وأضاف خير الله في ذات المقالة " يحتاج هذا التوصيف الدقيق إلى توضيح. فحوى التوضيح أن الربط بين سلاح “حزب الله” وإسرائيل هو ربط في غير محلّه. إنّه ربط لا يقدّم ولا يؤخّر إذا أخذنا في الاعتبار الوظيفة الدائمة لـ“حزب الله” بصفة كونه لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، وهي وظيفة تخدم دولة معيّنة اسمها “الجمهورية الإسلامية في إيران” تمتلك مشروعًا خاصًا بها قائمًا على الاستثمار في كلّ ما من شأنه إثارة الغرائز المذهبية".
وربط خير الله بين سوريا وإسرائيل وحزب الله، والذريعة التي تسعى إليها سوريا من أجل إبقاء سلاح هذا الحزب في مكمن التنفيذ عندما تريد هي أو إسرائيل، ولهذا فإن احتلال سوريا لمزارع شبعا هو المبرر الذي يبقي سلاحه جاهزًا، وأفاد إن أي عدوان من قبل إسرائيل لم يحصل ولكن" القوات السورية بقيت في مزارع شبعا التي احتلتها إسرائيل مع الجولان في حرب الأيّام الستة، عندما كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع في “سوريا – البعث” التي صارت لاحقا، بعد العام 1970 “سوريا ـ الأسد".
وأضاف: "تكمن أهميّة سلاح “حزب الله” في أنّه قادر على التماهي باستمرار مع المشروع الإيراني. لم يكن هذا السلاح في يوم من الأيّام، على الرغم من وجود وجهة نظر مخالفة لدى كثيرين، في مواجهة مع إسرائيل. استخدم هذا السلاح في القضاء على أحزاب لبنانية مرتبطة باليسار تمارس المقاومة لإسرائيل. أُسكتت هذه الأحزاب باكرا قبل أن يأتي دور حركة “أمل” التي فضلت في نهاية المطاف، بعد مواجهات عنيفة سقط فيها آلاف القتلى، إيجاد صيغة تعايش مع الحزب تحت شعار ما يسمّى “الثنائية الشيعية".
وسأترككم لتكملة هذه المقالة للكاتب لأنه من المهم قراءته:" في مرحلة معيّنة، قبل الانسحاب الإسرائيلي، كان سلاح “حزب الله” الذي ورث السلاح الفلسطيني وسيلة لتحوّل الطائفة الشيعية في لبنان رهينة لدى إيران. بعد الانسحاب، صارت هناك استخدامات أخرى للسلاح في لبنان وخارج لبنان. الهدف، بكل بساطة، تحويل لبنان مستعمرة إيرانية وقاعدة تعمل منها إيران ضد دول عربية عدة، خصوصا في الخليج.
من يعرف ولو القليل عن اليمن والتطورات فيه، يدرك إلى أيّ حد هناك تورّط لـ”حزب الله” في دعم الحوثيين (أنصار الله) منذ ما يزيد على خمس عشرة سنة. لا حاجة إلى الدخول في التفاصيل اليمنية، بما في ذلك تدريب الحوثيين على شنّ عمليات عسكرية، وهو تدريب حصل في اليمن وخارجه. ولا حاجة إلى الإشارة إلى العلاقة بين “حزب الله” وما يدور في البحرين أو السعودية، وحتّى الأردن في مرحلة ما. هذه العلاقة حالت دون حضور الملك عبد الله الثاني القمّة العربية التي انعقدت في بيروت في آذار ـ مارس من العام 2002. تجاوز دور “حزب الله” الحدود اللبنانية منذ زمن بعيد. إنّه شريك في الحرب على الشعب السوري. لعب سلاحه دورا مهمّا في تهجير سوريين من أرضهم، وذلك في وقت هناك تنسيق تام في شأن سوريا بين روسيا وإسرائيل!
في الإمكان الاسترسال في الكلام عن أدوار لـ“حزب اللّه” في غير مكان، بما في ذلك السودان، كما يمكن العودة إلى دوره في مصر في عهد الرئيس حسني مبارك وتهريب السلاح إلى غزّة ومحاولة تهريب السلاح إلى الضفّة الغربية لمصلحة “حماس” وأطراف معادية للسلطة الوطنية الفلسطينية.
على هامش ذلك كلّه، لا يمكن تجاهل دور “حزب الله” في العراق، من زاوية ميليشياوية ومذهبية، وحجم العداء لكلّ ما يربط بين العرب ولبنان، خصوصا أهل الخليج الذين قرّر الحزب جعلهم يزيلون لبنان من خارطة البلدان التي يزورونها. لكنّ ما هناك حاجة إلى التذكير به دائما هو أنّ سلاح “حزب الله” استخدم في لبنان في مناسبات عدّة، وذلك على الصعيد الداخلي. من حماية المتّهمين باغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وصولا إلى منع مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية طوال سنتين ونصف سنة، مرورا بغزوة بيروت والجبل في أيّار ـ مايو 2008.
هناك آلاف الأمثلة على الأدوار التي لعبها سلاح “حزب الله” لمصلحة نشر ثقافة الموت في لبنان. كذلك يظل مفهوما ومفيدا التذكير بأنّ سلاح “حزب الله” خرق للقرارين 1559 و1701 الصادرين عن مجلس الأمن. وافق “حزب الله” على كلّ حرف في القرار 1701 الذي أوقف “الأعمال العدائية” في صيف العام 2006 نتيجة حرب افتعلها “حزب الله” مع إسرائيل ولم يعد قادرا على الذهاب إلى النهاية، بل حوّلها إلى انتصار على لبنان. لا يزال لبنان يدفع إلى اليوم فواتير تلك الحرب، بما في ذلك فواتير الدور الذي يلعبه السلاح غير الشرعي داخل أراضيه وخارجها، والذي يهدّد كلّ مؤسسة من مؤسساته الوطنية، بما فيها الجيش وقوى الأمن."
بعد هذه المقالة ستقرأون دور إيران في المنطقة، وتماهيها مع إسرائيل ومع المخططات الغربية ضد المنطقة، لتكتشفوا أن ما يفعله حزب الله في لبنان هو نفس ما فعله الملالي في إيران، حيث أن إيران كانت قوة إقليمية يخشاها، لتنهار مع مجيء الملالي إليها، مباشرة، وليتضح عدم قيام دولة فيها بل إنها مجرد عصابة كعصابة حزب الله تتحكم في القرار، فقط. ولكن ما يعجب له القارئ السياسي هو كيف رضي اللبنانيون بعيش كهذا؟ وكيف يعيشون وسط هذه الفوضى؟ ولماذا هذا الصبر على هذا الحزب؟ إذ يفترض أن شعب لبنان مثقف وواعٍ، ولكنه مع ذلك يتماهى مع مشروع العصابات الذي يقوم هذا الحزب. هل من رجل رشيد يدلنا على حل ليكون لبنان دولة، لا حزبا؟!
[1] العرب: https://alarab.co.uk/node/102615