الجمعة، 30 ديسمبر 2016

سوريا في مهب الصراعات

لن تُحل كارثة سوريا إلا بزوال مرتكبها، ولعل ما ردده الروس ( أندري كورتونوف المدير العام لمجلس الشؤون الدولية )  في الآونة الأخيرة من إن هناك إسمين مطروحين ليخلف أحدهما الأسد قد يكون بداية الطريق لإنهاء هذا الصراع العنيف في سوريا، وما يناقض هذا القول ما ذكرته رويترز ـ التي لا أثق فيها كثيراً ـ منسوبا إلى مصادر من أن "  سوريا ستقسم مناطق من النفوذ الاقليمي وأن بشار الاسد سيبقى رئيساً لسنوات عدة على الاقل بموجب صفقة بين روسيا وتركيا وايران" . ولن يكون هذا الكلام، أو ما سبقه، هو من ينهي ذلك، ولكن من المحتمل أن يكون اختلاف وجهات النظر في سوريا بين جميع الأقطاب هو الحاسم فيها.

وما يلوح في الأفق وبعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي سرى من منتصف ليلة الجمعة هو أن روسيا تريد أن تكون في موقف قوي لتسويق تسوية تتوافق وما تريده في المنطقة بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص.

وما تتم ملاحظته على مستوى المحللين أن هناك شرارة صغيرة جداً بدأت تظهر بين روسيا وإيران، وبعد حلب أصبح البعض يكتب بكل وضوح عن اقتسام تركة أو غنيمة في هذا البلد المنكوب.. فمثلا سايمون تيزدل كتب في صحيفة الغارديان إن المصالح بين روسيا وإيران ستتضارب في المستقبل بسبب مواقف كل دولة في المنطقة ، ويقول " هناك مؤشرات على أن المنتصرين  يختصمون اليوم مثل اللصوص على اقتسام ما نهبوه".

ويرى الكاتب أن روسيا تنظر إلى هذه الحرب على أنها طائفية بحتة، وهو ضد توجه إيران التي لا تريد إظهار هذا الأمر، رغم أنه على أرض الواقع يسير نحو " الهلال الشيعي" الذي تريده . ولعل هذه النقطة أيضاً هي التي لا تجعل روسيا تثق في توجه الفرس في المنطقة، ولا تريد عداوة العرب بالكامل خصوصاً وأن السنة قوة مؤثرة فيها. وبالتحديد إذا ما علمنا أن السعودية ودول الخليج والغرب لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام ما يحدث وسيدعمون المعارضة المعتدلة.

واقعيا..

روسيا لا تريد التورط في حرب استنزاف في سوريا وخيبت وجهة نظر أوباما في أنها ستسقط في مستنقع فيها، بل إن إعلان موسكو خفض الوجود العسكري في سوريا يعد صفعة في وجه سياسة أوباما.

كما أن تركيا لها مصلحة في السيطرة على جزء من الشمال السوري لتوفير منطقة آمنة لها، ومدينة " الباب" هي الدلالة الأكيدة والواضحة لهذا التوجه بحيث أن تركيا تريد تهيئتها للمعارضة السورية  المناهضة للنظام.

بينما إيران تنظر من جهة أخرى هي سيطرتها على حلب لتكون ممراً برياً يربط بين طهران وبيروت، وكل ذلك من أجل إمداد حزب الله بالسلاح وبالمخدرات وغير ذلك، مع أن يستمر الحكم للعلويين في سوريا سواء ببشار أو بدونه. وقال دينيس روس الذي عمل مستشارا للإدارات الديمقراطية والجمهورية الأمريكية ويعمل الآن بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في هذا الشأن ": "أشك في أن هذا سينهي الحرب في سوريا. فوجود الأسد سيظل مصدرا للصراع مع المعارضة."

بين إيران وروسيا

والفرس هم الآن حجر عثرة في طريق أي توجه نحو الحل السياسي، ولن يكون هناك سلام بوجود إيران في المنطقة، كما أنهم ضد التوجه الروسي في حل الأزمة أو أن يتقاسموا معهم سوريا، فهي لم تستنجد بهم مع بشار إلا من أجل تحقيق أهدافها وليس أن تكون شريكا معها، أي بشكل واضح جداً أنها جلبت الدب الروسي إلى سوريا كمرتزق يأخذ حسابه نهاية العمل ومن ثم يعود إلى بلاده.. ولكن الموقف الروسي يريد إثبات عودته إلى الساحة الدولية وأنه ما زال قوة مؤثرة فيها، ولن يتراجع عن تحقيق هذا الهدف وإظهاره بشكل جلي ، ولهذا فإن وجهات النظر مختلفة تماماً ، وأرض الواقع تقول إن روسيا لم تدخل سوريا من أجل عيون إيران ولتحقق أهداف الفرس بل من أجل تحقيق أهدافها هي، فروسيا مصالحها مع دول المنطقة وعلى رأسها تركيا أهم من مصالحها مع إيران.

بخلاف أن روسيا اكتشفت الخداع الإيراني بعد أن زج الفرس في سوريا بالمتطوعين السذج من الحشد الشعبي العراقي ومن الفاطميين، ومن فيلق بدر، في الحرب في سوريا، دون أن يملكوا أدنى خبرة أو تدريب وهذا ما اعترض عليه رئيس أركان الجيش الروسي الجنرال "فاليري غيراسيموف" منتصف 2016م عندما قال: محذرا :" أن صبر بلاده بدأ ينفد" ويقصد سحب قوات النخبة الإيرانية بعيدا عن الحرب.

ولعل الموقف الأمريكي البارد الذي ظهر بشكل جلي في سوريا، رغم تشجيع الأمريكان للروس في البداية بدخول الحرب فيها، وقد حدا بروسيا للتوجه إلى تركيا ضاربة بإيران عرض الحائط . وما يدلل على تقارب وجهات النظر بين موسكو وأنقره هو الغطاء الجوي الروسي للجيش التركي اليوم الجمعة في مدينة " الباب".

داعش

أما " داعش " فالآن لم تعد الورقة التي تلعب عليها واشنطن أو غيرها من الدول الغربية، وتأثيرها في سوريا الآن ينحصر في مدينة " الباب" وسبق أن ذكرت أنها ستخرج للعراق وتعود لسوريا متى أُريد لها ذلك.. كما ذكرت في الأعلى أن الطيران الروسي والجيش التركي يحاصرانها اليوم في مدينة الباب. والتنظيم ورقة باتت مكشوفة للجميع في كل أنحاء العالم، وهدفها الأساس فقط هو تشويه الإسلام فقط، للتبرير للغرب لارتكاب مجازره في العالم الإسلامي بحجة محاربتها.. وأفولها بدأ يتضح ، وينتظر العالم الإسلامي التنظيم البديل الذي سيظهر في المنطقة.

وأعود للقول : إن مشكلة سوريا لن تحل إلا بخروج الفرس منها مع ميليشياتهم ، وخروج الرئيس الذي لا يريده شعبه.. بخلاف هذا ستطول القضية.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك