" في النهاية بدأت أفهم أن عليهم واجباً نحو بلادهم ونحو أولادهم ونحو الله حتى يهدي العالم للاقتناع بمذهب الرأسمالية"
مؤلف كتاب "الاغتيال الاقتصادي للعالم" جون بيركنز
الكربورقراطية تزحف إليكم.. فما أنتم فاعلون؟!
تتذكرون فيلم "الشر المميت" أو " Resident Evel " الذي يحمل شعاراً لشركة تسمي نفسها "امبريلا" تقيم أبحاثاً بيولوجية لتطوير عملية الخلق، وتطوير قدرات الإنسان نحو الدمار، وتطويعه للأوامر الشيطانية الخاضعة لإرادة من غير تكوينه، والتي ترمي في تجاربها على تطوير القوة الدفاعية، وصناعة جندي خارق لا يهزم ، وجراء هذه التجارب المميتة تحوّل كل من تعرض للفيروس إلى أموات أحياء أو يسيرون بلا عقول يأكل بعضهم بعضاً، هذه هي الصورة القاتلة التي ترسمها أمريكا للعالم.
ما سجله الفيلم هو أن الناس الأصحاء كان يظهر في طريقهم من يقتلهم، وكانوا لا يعرفون السر وراء ذلك، كانت تظهر وحوشاً من العدم تقضي عليهم، لا يعلمون من أين تأتي!! في نهاية الفيلم تظهر نداءات للجميع بأننا " نوفر لكم العشب والكلأ!! وأنتم في أمان" عليكم التوجه إلى " أركاديا" ليظهر، في نهاية الفيلم للبطلة الخارقة، طبعاً البطلة لا بد أن تكون ذات عيون زرقاء أو خضراء!، عبر منظار أن أركاديا هي سفينة، وتمثل سفينة الإنقاذ من هذا الجحيم الذي يعيشه العالم.. وبعد أن يصلوا إليها وجدوا أنها عبارة عن فخ يتصيدون به الناس الذين لم يصابوا بالفيروس.. ليحيلونهم إلى تجارب جديدة كي يواصلوا السيطرة على الناس.
"لقد دربتني كلودين وقالت: إن مهمتي أن أشكلك لتكون قرصانا اقتصاديا، وهذا الأمر ينبغي ألا يعرفه أي شخص حتى زوجتك.. وأضافت كلودين: إن مهمتي هي تشجيع زعماء العالم ليصبحوا جزءاً من شبكة اتصالات واسعة تروج لمصالح الولايات المتحدة التجارية. وفي النهاية يقع هؤلاء القادة في شراك شبكة من الديون لنضمن خضوعهم لنا"[1]
هكذا يبدأ حديثه أحد قراصنة الكربورقراطية، ليكشف هذا الجاسوس، الذي وظفته وكالة الأمن القومي الأمريكي، في كتابه ما هو الدور الذي لعبه في حياته عندما تم توظيفه في شركة " main " كما أسماها، وهي غطاء لوظيفته الأولى التي كان فيها في الـ NSA " لقد تعاقد معي إينار بصفتي اقتصاديا، لكنني علمت فيما بعد أن وظيفتي أبعد من ذلك، وأنها أقرب مما كنت أظن لمهمة جيمس بوند"[2] وبوند أحد أبطال سلسسلة أفلام، بثت أيام الحرب الباردة، تحكي عن الجاسوسية، وأساليبهم في تدمير الأعداء، وبالطبع هو رجل خارق، ولا بد أن يكون كذلك أيامها كي يقضي على المد الشيوعي!!
شركة MAIN كانت عبارة عن صرح وهمي ينتظم ضمن أنظمة الشركات الخاصة، والتي هي الأذرع أو الستار الذي تُسيّر به الاستخبارات الأمريكية كل مشاريعها ومخططاتها، وهي " في ملعب وحدها، فأغلب موظفينا المهنيين كانوا مهندسين، ومع ذلك فإننا لم نملك أي معدات، ولم نبن حتى حظيرة للتخزين، وأغلب من يعمل فيها عسكريون سابقون، ومع ذلك لم نتعاقد مع وزارة الدفاع، أو نقدم أي خدمات عسكرية."[3]
حدد"بيركنز" نماذج التنبؤ التي يستعين بها الخبير لدراسة تأثير استثمار مليارات الدولارات في بلد ما على النمو الاقتصادي المتوقع لسنوات قادمة ولتقويم المشروعات، ويكشف الطابع المخادع للأرقام الجافة، والجانب غير المرئي في خطة القروض والمشروعات، وهو تكوين مجموعة من العائلات الثرية ذات نفوذ اقتصادي وسياسي داخل الدولة المدينة تشكل امتدادا للنخبة الأمريكية ليس بصفة التآمر، ولكن من خلال اعتناق نفس أفكار ومبادئ وأهداف النخبة الأمريكية، وبحيث ترتبط سعادة ورفاهية الأثرياء الجدد بالتبعية طويلة المدى للولايات المتحدة. ويدلل بيركنز على ذلك بأن مديونية العالم الثالث وصلت إلى 2.5 تريليون دولار وأن خدمة هذه الديون بلغت 375 مليار دولار سنوياً وهو رقم يفوق ما تنفقه كل دول العالم الثالث على الصحة والتعليم ويمثل عشرين ضعفاً لما تقدمه سنويا الدول المتقدمة من مساعدات خارجية!!.
قرار السيطرة ومعرفة البسطاء!!
يتعرف الكاتب، في جولته على اندونيسيا، وهو موجود هناك لعقد صفقة للشركات الأمريكية، والتي اعتبرها ـ حسب معلمته كلودين ـ من أهم الصفقات التي يجب أن تتم في ذلك الوقت، يتعرف على شاب اندونيسي، ومن سوء حظه أن هذا الشاب ذهب به إلى مناطق أكثر فقراً في هذا البلد، وأيضاً بكل بساطه عرفه على بعض أصدقائه، ومن ضمنهم فتاة، أجرى معها الكاتب هذا الحوار: قالت الشابة، عن سبب وجود الشركات الأمريكية، بل سبب وجوده تحديداً : الهدف الحقيقي هو العالم الإسلامي. فاعترضت قائلاً: مؤكد أنك لا تعتقدين أن الولايات المتحدة ضد الإسلام. فسألت: حقا منذ متى؟ أنت في حاجة لقراءة أحد مؤرخيكم، إنه بريطاني واسمه توينبي، تنبأ في الخمسينيات أن الحرب في القرن القادم لن تكون بين الشيوعيين والرأسماليين بل بين المسيحيين والمسلمين. قلت مصعوقاً: أرنولد توينبي قال ذلك؟ ـ نعم اقرأ كتاب الحضارة وكتاب العالم والغرب. سألت: لكن ما الذي يدعو لمثل هذه العداء الشديد بين المسلمين والمسيحيين؟ قالت ببطء، كما لو كانت تخاطب شخصاً بطيء الفهم أو ضعيف السمع: لأن الغرب وخاصة تحت قيادة أمريكا قد قرر السيطرة على العالم، لكي يصبح أكبر إمبراطورية في التاريخ. إنهم بالفعل قريبون جداً من تحقيق ذلك، فحالياً الاتحاد السوفيتي في طريقها، لكن السوفيت لن يصمدوا. استطاع توينبي التنبؤ بذلك. فليس لدى السوفيت دين، ولا إيمان، ولا جوهر وراء أيديولوجيتهم. والتاريخ يبرهن أن روح الإيمان والاعتقاد بوجود قوى غيبية أمر ضروري. نحن المسلمون لدينا هذا الإيمان أكثر من أية أمة أخرى في العالم، وأكثر من المسيحيين، لذلك نحن ننتظر، وستنمو قوتنا وتكبر"[4]
هذا الحوار يعطي دلالة واضحة أنه حتى البسطاء من الناس في العالم يعرفون حقيقة ما تفعله أمريكا ومن وراءها، وهو سعيها لأن يصبح العالم لا ديني، ولا يمتلك أدنى معتقد، ولا يؤمن بشيء سوى ملذاته وما يصبو إليه من متع الحياة، وهذا ما يسير عليه المجتمع الأمريكي، الذي بات مفرغا من كتلة الإحساس والشعور بقيمة الحياة عبر قتل الروح فيه، ولا عقيدة لديه سوى عقيدة الدولار.
يقول بيركنز:" الإحصائيات المعتمدة لدينا عن العنف والبطالة والإيذاء الجسدي المترتب على تعاطي المخدرات، والطلاق والجريمة، كل هذا يشير إلى أنه رغم أن مجتمعنا من أغنى المجتمعات في التاريخ إلا أن هذا لا ينفي أنه من أقل المجتمعات إحساساً بالسعادة، فلماذا نريد من الآخرين أن يحاكونا؟"
"هل ثمة شخص بريء في الولايات المتحدة؟ رغم أن أولئك المتربعين على قمة الهرم الاقتصادي يحصلون على معظم الأموال، فإن الملايين منا يعتمدون في معيشتهم ـ بشكل مباشر أو غير مباشر ـ على استغلال شعوب البلاد النامية.
بارك الله فيك
ردحذف