باختصار:
قراءة الواقع تحتم علينا قراءة بعد النظر في السياسة السعودية، ففي الوقت الذي كانت فيه أمريكا في عهد أوباما ترتمي في أحضان إيران، كان العمل السعودي على أشده لتغيير مسار اللعبة في الشرق الأوسط، وذلك بمواجهة أمريكا عبر إيران، أي مواجهة إيران في أي موقع ذهبت إليه، وهذا أسلوب ذكي يدلل على الحنكة، بحيث أنها لم تخسر أمريكا وفي نفس الوقت تواجهها عبر من ارتضته وكيلاً لها في المنطقة، أو عن مشروعها الذي يهدف إلى تفتيت المنطقة.
ففي العراق وسوريا واليمن ولبنان واجهت السعودية المخطط الأمريكي عبر إيران ووقفت في وجهه، وأيضاً ضربت بتوجه أمريكا في مصر عرض الحائط عندما سعى البيت الأبيض على إبقاء حزب الأخوان في الحكم واستطاعت إسقاطه في حركة أغاضت الأمريكان، وجعلتهم يزورون السعودية خلال تلك الأيام على مدى أسبوعين متواليين من أجل الضغط عليها.. ولكن ما كان يهم السعودية هو مصلحة المنطقة وليس مصلحة أمريكا.
لنلحظ بعد دخول روسيا سوريا كيف أن الأمريكان أصبحوا أكثر غضباً من سياسة أوباما، التي رأوا فيها الاستسلام، وتسليم المنطقة للدب الروسي، فاتجهوا في سياستهم في عهد ترامب إلى العمل على إعادة السيطرة على المنطقة، والسعي لإخراج روسيا منها، ولكن الحليف الإيراني لأوباما كان قد مكّن روسيا من سوريا، مما حدا بالروس إلى إلغاء الدور الإيراني فيها وعملوا على أن تكون خارج اللعبة، وهذا ما يحدث الآن، وما تسير عليه السياسة الروسية، خصوصاً بعد عودة أمريكا للواجهة في سوريا، وبعد تحركاتها في تغيير موازين القوى. وعلى الرغم من هذا التوجه الذي يردفه اللغة القوية ضد إيران وأجندتها في المنطقة، واعتبارها دولة إرهابية ومارقة، بحسب الخطاب الأمريكي، إلا أن السعودية أيضاً وببعد نظر توجهت نحو روسيا وعقدت صفقات نوعية معها، جعل الساسة الأمريكان يفكرون في هذا التوجه، ويسعون إلى تغيير سياستهم بالكامل تجاه المنطقة، وأن يعودوا إلى التعاون مع العرب ضد إيران، فالعرب هم أكثر وفاء من الفرس.. ولا سبيل لهم سوى أن يمدوا يدهم للعرب، فالمنطقة منطقتهم، وليست منطقة الفرس، وهم أقدر على تحريك موازين القوى فيها، وليس لإيران سوى ميليشيات وعصابات تعلم في النهاية أن إيران الفارسية ستدفنهم بعد انتهاء مهمتهم.
هذا الثقل السياسي للملكة العربية السعودية لا ينكره إلا جاحد، والعمى هو الذي لا يراه.. وعمى القلوب يسيطر على البعض من العرب. فاتركوا الحقد يا من تحقدون على السعودية فوالله لولا الله ثم تحركاتها لكانت منطقتنا الآن بالكامل عائمة في الدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا وسهلاً..سأحتفي برأيك