الإرهاب هو " الثورة التي يجري توجيهها الآن بمنتهى الخبث كستار للعنف الذي يمارسه الغرب" نعوم تشومسكي
امبريالية الامبراطورية الأمريكية 3
- الامبريالية تحارب الوحش
يقول تشومسكي " إن المعايير التي تطبق على الإمبراطور وبلاطه فريدة من نوعها من ناحيتين وثيقتي الصلة ببعضها البعض. أولاهما أن الأعمال الإرهابية التي يقومون بها لا تدخل في قائمة ما يسمى بأعمال الإرهاب، وثانيتهما: أنه في حين ينظر إلى الأعمال الإرهابية الموجهة ضدهم بجدية بالغة، حتى لو تطلب الأمر اللجوء إلى العنف" للدفاع عن النفس ضد خطر هجوم قد يحدث في المستقبل" طبعاً يشير هنا إلى قانون الولايات المتحدة المتعلق بالوقائية أو الحرب الاستباقية.
[2] وفي حالة المنطقة العربية ربما هندس الأمريكان بـ " لكل فعل ردة فعل" ولكن الفعل ما هو والذي يحتاج إلى ردة فعل؟ لا بد من إيجاد هذا الفعل، لتتفتق أفكار بوش وزبانيته عن تفجير برجي التجارة، وهو تنفيذ كامل للقطة فيلم(The Long Kiss Goodnight ) الصادر عام 1996م، من بطولة (صامويل إل.جاكسون وجينا ديفيس،والكاتب هو شيم بلاك والمخرج ريني هارلي) شاهد الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=QXoQUmO-DXA
ويظهر فيه التخطيط لهجمة إرهابية على مركز التجارة العالمي و مقتل 4 الآف شخص و الصاق التهمة بالمسلمين. ويكون الفعل لتأتي ردة الفعل، التي تتطلب اللجوء للعنف والعمل بالدفاع عن النفس واستباق حدوث هجمات على الامبراطورية الأمريكية من قَبل المسلمين ولتكون كلمة " الارهاب " هي الكلمة السحرية التي تسير عليها أمريكا إلى اليوم في المنطقة العربية.
وأورد تشومسكي أن سياسة ريجان كانت ملتزمة بثلاث سياسات ، نقل الموارد من الفقراء إلى الأغنياء، وتحقيق زيادة ضخمة في القطاع الحكومي الأمريكي، وثالثاً وهو المهم بالنسبة لنا هنا: إنجاز زيادة كبيرة في التدخلات الأمريكية في شؤون الدول الأخرى والتخريب والإرهاب الدولي ( بالمعنى الحقيقي للكلمة). ويصل تشومسكي إلى لب الموضوع حين اردف: إن مثل هذه السياسات لا يمكن أن تطبق إلا إذا تم تخويف الشعب بصورة صحيحية من وحوش يتعين أن نحمي أنفسنا منها.
[3] ويتضح هذا في حيلة الحادي عشر من سبتمبر حين جعل الشعب الأمريكي والعالم ينتظر الوحش متى ينقض مرّة أخرى على الولايات المتحدة، بل صنع إلى جوار الوحش " حشرة" أسماها " الانثراكس" كي تلسع كل من يفكر بشكل منطقي وتشتت ذهنه عن التفكير في مسألة تفجير البرجين، وكيف تمت العملية؟ وما هي الأبعاد المحتملة؟ وما هي أساليب التنفيذ؟ واستطاع الاعلام الأمريكي حشد الجماهير فعلاً ضد هذا العمل، ووجه أنظاره إلى العالم الإسلامي، وأوجد فزاعة بن لادن، ولكن هذا الوحش لا يكفي في الرؤية الأمريكية بعد مرور 12 سنة على حادثة البرجين التي بردت وانتهت بمجرد إعلان مقتل ابن لادن، ليظهر الوحش الجديد " داعش" الذي لا يريد لأمريكا أن تعيش في سلام في العراق، ولا يريد لها أن تعيش في أمان وبحبوحة في المنطقة العربية، ولهذا لا بد من مواجهة الوحش ابن الوحش الذي ولدته القاعدة، أي ابن لادن قبل أن يموت خلف خليفته الذي يكره أمريكا وسيحطم تمثال الحرية إن لم نضربه ضربات استباقية أو وقائية قبل أن يصل إلينا. يسخر تشومسكي هنا وهو يقول: الحيلة النمطية المتبعة لهذا الغرض هي حشد الجماهير ضد التهديد الذي يسميه الرئيس" المؤامرة المتكتلة التي لا ترحم"
[4] وهي كلمة استعارها من كيندي ليطلق ريجان ما سماه " امبراطورية الشر" ويطلق بوش " محور الشر".
إن صناعة الوحش من أجل تحقيق ضربات استباقية جاءت من أجل حماية التسلط، لا من أجل قمعه كما تصور لنا الآلة الأمريكية أو كما يدعي من يسير على ركبها و" قضية الإرهاب النابع من العالم الإسلامي والطريقة المثلى للرد عليه من جانب الديمقراطيات التي تدافع عن القيم الحضارية، ما زالت من أبرز موضوعات الاهتمام والجدال؛ وهو ما يتضح من أعداد الكتب والمؤتمرات والمقالات والبرامج التلفزيونية التي تناولت الموضوع... والاهتمام مقصور على إرهاب اللص وليس إرهاب الامبراطور وعملاته؛ اي عليهم وليس علينا"هكذا يؤكد تشومسكي ويعلنها بكل صراحة بأن إرهاب الإمبراطورية الأمريكية ليس إرهاباً، إنما الإرهابيين هم من يدافعون عن أنفسهم وعن بلادهم، وعن حقوقهم حيث استخدمت أمريكا الإرهاب بشكل مقنن، وجعلته سلاحها للقمع في أي مكان تريد التوجه إليه، وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط، وليس بغريب على أمريكا أن تستخدم هذا ففي التاريخ الغربي الحديث والقديم أُستخدمت هذه الكلمة كأداة للصراع السياسي، وربما هي العادة في السلطات على مر التاريخ فمن يقاوم استبداد السلطة يسمى إرهابياً سواء بالكلمة المباشرة أو برديفاتها الكثيرة التي ملأت الكتب بالأشرار الذين لا يريدون الاستقرار للإستبداد في دولهم.
والعجيب هنا أن كلمة الارهاب تم عكسها تماماً فقد " بدأ استخدام كلمة إرهاب ( Terrorism) في نهاية القرن الثامن عشر للتعبير بشكل أساسي عن أعمال العنف التي تقوم بها الحكومات لضمان خضوع الشعوب. وكما هو واضح، فإن هذا المفهوم لا ينطوي على كثير من الفائدة لمن يمارسون إرهاب الدولة، الذين بحكم سيطرتهم على السلطة ـ يوجدون في وضع يسمح لهم بالسيطرة على نظام التفكير والتعبير. لذلك فقد أُهمل المعنى الأصلي للكلمة، وأصبحت كلمة " إرهاب" تطلق بشكل اساسي على " إرهاب التجزئة" الذي يقوم به أفراد وجماعات. ففي حين كانت هذه الكلمة تطلق على الأباطرة الذين يعتدون على رعاياهم، بل وعلى العالم بأسره، أصبحت الآن تطلق على اللصوص الذين يعتدون على الأقوياء."
[5]يتبع..