‏إظهار الرسائل ذات التسميات تشومسكي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تشومسكي. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2018

لا شيء يهز العالم 20 (إسرائيل)

شوكة في حلوق العرب


بعيدًا عن المقدمات الكلاسيكية في شأن إسرائيل وكيف احتلت فلسطين عبر "وعد بلفور"، والذي لا يخلو من تاريخ في التعليم العربي إلا وهو يُذكر، فإننا سنذهب هنا مباشرة إلى ما تقوم به إسرائيل في المنطقة العربية، والعون الذي تستقبله باستمرار من الغرب،  خصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تستغل هذه القضية بشكل واضحٍ وفاضحٍ، بل وتقف مع العهر الإسرائيلي في كل صغيرة وكبيرة، ودومًا تسقط "تمثيليات" التهم التي يقوم بها مجلس الأمن أو تقوم به الأمم المتحدة تجاه هذه الدويلة المغتصبة، بل وترعاها ليل نهار، وتسهر على أمنها، لأن أمنها يقوض الأمن العربي ويقلق راحة العرب. ويعي العالم أجمع الذي يخضع الآن للقطبية الأمريكية أن التحرك الأمريكي في المنطقة يقوم كثيرًا على وجود إسرائيل في المنطقة العربية، وأن الكثير من مشاريعها ترى أن من سيحققها لها هم الإسرائيليون، دون إدراك منهم أن هذا الشعب إن تم وفتح المجال له لالتهام أمريكا فإنه سيفعل ذلك، دون تردد، حيث إنهم بحسب وصف رئيسهم الأسبق جورج واشنطن هم "حشرات" ويجب التخلص منهم، ولم يجدوا أفضل من رميهم في حلوق العرب، ولكن طينتهم يعرفها العرب جيدًا ويدركون أنهم عبدة مال، ولهذا لن يقر لهم قرار إلا بالسيطرة على كل ما يمت للمال بصلة، وكأن أمريكا تمهد لهم ذلك دون أن تدرك ما تفعله. ولهذا على العالم أن يراقب سلوك الإسرائيليين وإلا فإنه سيصحو على كارثة تصيبه من حيث لا يدرك، وحديثي هنا ليس من باب العاطفة بل من باب أن أوروبا لو راجعت ملفهم ستجد أن سبب حروبها السابقة، والتي خلفت دمارًا كبيرًا في الأرواح والممتلكات، كان ثلاثة أرباعها بسبب اليهود. وكان لهم دور في تغيير أوروبا المحافظة، وانحرافها إلى الدمار الأخلاقي، وهي الآن تفعل في العالم بيد أمريكية على هذا الانحراف، وتقوم ثلّة منهم متحكمة في رأس المال الأمريكي بهذا الدور، وبكل أسف العالم يتفرج عليه دون أن يواجهه، معتقدًا أن هذه هي الحرية وأن هذه هي الليبرالية أو الديموقراطية التي يجب أن يسير عليها العالم، ومعروف أن القيم إن سقطت في أي مجتمع فلا شك أنه سيسقط ذلك المجتمع، بشهادة الكثير من الفلاسفة، والكثير من علماء الاجتماع في الغرب نفسه.

 

الغضب

كتبت جريدة صنداي تريبيون الصادرة في دبلن، تحت عنوان " الاستنكار الأخلاقي نفاق محض" قالت الجريدة فيه إن ردود الفعل الغربية تجاه غزو العراق إيران وغزو الولايات المتحدة غرينادا وبنما، وغزو إسرائيل لبنان، و"الظلم الواقع على الفلسطينيين، كل هذا سبب مستمر للغضب الذي له ما يبرره في الشرق الأوسط، وسبب سيؤدي إلى اضطراب متواصل[1]"ربما تشومسكي عندما يضع هذا الاستشهاد هنا إنما يريد أن يذكر أن أسباب كل الدمار الذي تعيشه المنطقة العربية هو وعد بلفور، والرمي بإسرائيل في حلوق العرب من أجل التخلص من الشعبين العبري والعربي، فهي الطريقة الأسلم للغرب، والتي من خلالها سيحقق مبتغاه. ويذكر بأن الغضب المستمر هو من السياسة التي تتبعها أمريكا تجاه إسرائيل والوقوف إلى جوارها في كل صغيرة وكبيرة، وهي حقيقة ثابتة يعيها الغرب قبل العرب أنفسهم.

ويعي العرب أن الهدف الأساس من وجود إسرائيل في المنطقة العربية كي تكون شوكة في حلوقهم حيث: "أوصى مجلس الأمن القومي الأمريكي بأن من الممكن أن تكون إسرائيل عائقًا في وجه القومية العربية، وتضع بذلك أسسًا لأحد عناصر منظومة السيطرة على الشرق الأوسط (وهو العنصر المسمى "الأمن" أو "الاستقرار[2])". وهذه الورقة هي التي تعبث بالوطن العربي، وهي التي تعيق التقدم العربي، وتسعى إلى زعزعة استقراره، وتعمل بكل ما أوتيت من أفكار وسلاح تستمدهما من الغرب وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية على ألا يكون هناك أمنًا عربيًا، وأن تكون الفوضى مستمرة في هذه المنطقة من أجل الوصول إلى الغايات التي تريدها إسرائيل من جهة، والتي يريدها الغرب من جهة أخرى. وإنه لمن الحكمة أن يسعى العرب إلى تهميش هذه القضية، مع استمرارية المطالبة بحق الشعب الفلسطيني، وعدم التراجع عن هذا الأمر، ولكن بعيدًا عن الانسياق وراء العاطفة، ورمي التهم ضد بعضهم بعضا، وأنهم يخونون القضية الفلسطينية لأن في هذا شتات للعرب، وهو ما يريده الغرب. عليهم أن يرسموا خطًّا طويل الأجل لتحقيق أهداف تخدم القضية الفلسطينية، وذلك عن طريق جامعة الدول العربية، بشرط أن تكون هذه الجامعة فاعلة في هذا السياق على الأقل، وأن تكون الكلمة لديها، بعد وضع الخطة المناسبة للتصدي للمشروع الإسرائيلي بل المشروع الغربي في المنطقة القائم على إسرائيل بالتحديد.

لم تتوقف إسرائيل عند هذا فسبق وأن غزت لبنان عام 1987 واحتلت القسم الجنوبي منه، وقبلها منذ أوائل السبعينات أخضعت الجنوب اللبناني بهجماتها حيث قتلت الآلاف وشردت مئات الآلاف، وقصفت المناطق المدنية دون رحمة في سبيل اخضاع الجنوب كله لها. وإن غزو إسرائيل للبنان عام 1982م لم يكن له ما يبرره، ولم تجد الصحافة الغربية سوى السكوت عليه، حيث ذهب ضحيته 20 ألف مدني، دون أن يتحدث الدبلوماسيون أو الإعلام الأمريكي أو الغربي بشكل عام عما حدث، وكأنهم يدعمون الجريمة بالصمت وقد" أخفق المعلقون المسؤولون في استذكار غزو إسرائيل لبنان في عام 1982، الذي كان يرمي إلى إقامة حكومة صنيعة في "نظام جديد" يخضع للمصالح الإسرائيلية وإلى إعاقة المبادرات المزعجة كثيرًا التي تطرحها منظمة التحرير الفلسطينية من أجل تسوية دبلوماسية سليمة ـ كل هذا بُحث بصراحة داخل إسرائيل منذ اللحظات الأولى ولكنه ظل محجوبًا عن الجمهور الأمريكي. وذلك العمل الإسرائيلي العدواني الذي ارتكبته دولة عميلة، مؤهل ليوصف بعمل الخير والإحسان. لذلك استفاد من الدعم الناشط لإدارة ريغان التي دانها الديموقراطيون الأحرار وغيرهم من أقصى اليسار لأنها لم تظهر الحماسة اللازمة لهذه الهجمة البربرية التي خلّفت أكثر من عشرين ألف قتيل جلّهم من المدنيين[3].

" في السابع من أكتوبر عام 1985م اجتمع الرئيس ريجان في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز الذي أبلغه إن إسرائيل تستعد للقيام "بخطوات جريئة" في الشرق الأوسط، وأنها ستمد يد "السلام" إلى الأردن" ويضيف: في الواقع، نجد أن وسائل الإعلام الأمريكية قد استقبلت بيريز استقبالاً حارًّا باعتباره رجل سلام، واشادت به لالتزامه الصريح" بتحمل تبعات السلام بدلاً ع تكلفة الحرب" على حد تعبيره. وقال الرئيس الأمريكي إنه بحث مع بيريز" بلاء الإرهاب الذي أودى بحياة العديد من الضحايا الإسرائيليين والأمريكيين والعرب، وجلب المآسي على العديد الآخر" كأنه هنا يشير إلى أن سبب البلاء هم الفلسطينيون، وأن الإرهاب جاء من الشعب الفلسطيني، بينما المحتل والمغتصب للأرض جاء إليها ليمد غصن الزيتون، ويزرع الورود في هذه البلد، وهو أكبر مجرم يقوم ليل نهار بقمع الشعب الفلسطيني، ويُخضعه بالسلاح المتطور الذي تمد به أمريكا لإسرائيل، بل إن الهدف هو  أن يستمر خنوع الفلسطينيين ومن ثم العرب للآلة الغربية التي تريد السيطرة بالكامل على المنطقة العربية، سواء بتحقيق رؤية شمعون بيريز التي وضعها في كتابه: إسرائيل الكبرى، أو بإخضاع العالم العربي كله ليكون تحت سيطرة الغرب، وإشغالهم بإسرائيل التي زج بها في وسطهم من أجل أن يستمروا في خلافهم حول هذا الكائن الدخيل عليهم في منطقتهم.

" لقد اتفقنا على أن الإرهاب يجب ألا يعوق جهودنا المبذولة من أجل السلام في الشرق الأوسط". ويعلق تشومسكي هنا" إن الأمر يتطلب موهبة أشبه بموهبة الروائي الإنجليزي القديم جوناثان سويفت لكي نقدر حق القدر هذا الحديث بين إثنين من أبرز قادة الإرهاب في العالم، يشتركان في الاقتناع بمفهوم واحد "للسلام" يستبعد بشكل كامل إحدى الجماعتين المطالبتين بحقهما في تقرير المصير القومي على أرض فلسطين السابقة؛ وهي جماعة السكان الأصلية. إن وادي الأردن هو" جزء لا يتجزأ من إسرائيل" هذا ما صرح به شمعون بيريز، رجل السلام، خلال جولة قام بها في المستوطنات الإسرائيلية هناك عام 1985م، وهو ما يتماشى مع موقفه الثابت القائل بأن:" الماضي غير قابل للتغيير، وأن التوراة هي الوثيقة الفاصلة في تحديد مصير أرضنا؛ وأن إقامة دولة فلسطينية سوف " يهدد مجرد وجود إسرائيل نفسه" إن تصوره للدولة اليهودية، الذي يُمتدح كثيرًا في الولايات المتحدة بسبب اعتداله، لا يهدد وجود الشعب الفلسطيني فحسب، بل ويلغيه تمامًا[4].

" إن أيًّا من بيريز أو ريجان لم يكن مستعدًا حتى للنظر في المقترحات الواضحة التي تقدمت بها منظمة التحرير الفلسطينية والتي تسعى إلى اعتراف متبادل ضمن تسوية على أساس قيام دولتين وفقًا للإجماع الدولي العريض الذي ظلت الولايات المتحدة وإسرائيل تعترضان سبيله في كل منعطف على مدى أعوام عديدة.

إن هذه الحقائق السياسية الحاسمة توفر الإطار الضروري لأي بحث في "شرور وبلاء الإرهاب" وهي عبارة عنصرية من العبارات المستخدمة في الخطاب السياسي الأمريكي، والتي تشير إلى الأعمال الإرهابية التي يقوم بها العرب لا اليهود، تمامًا كما أن كلمة "سلام" تعني التسوية التي تحترم حق تقرير المصير القومي لليهود وليس للفلسطينيين.

قال الجنرال شلومو إيليا رئيس وحدة الاتصال التابعة للجيش الإسرائيلي في لبنان إن "السلاح المجدي الوحيد لمكافحة الإرهاب هو الإرهاب، وإن إسرائيل لديها خيارات تتخطى ما استخدمته بالفعل من أجل الحديث باللغة التي يفهمها الإرهابيون!"[5]

يتبع...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] نعوم تشومسكي، إعاقة الديموقراطية، (سابق). ص216

[2]  نفسه ص213

[3]  نفسه ص216

 [4]  الإرهاب الدولي.. الأسطورة والواقع، نعوم تشومسكي، ت: لبنى صبري، سينا للنشر القاهرة، ط1،1990م. ص49

[5]  نفسه ص50

الأحد، 3 يونيو 2018

لا شيء يهز العالم 10

موقف الأمم المتحدة في العراق


في الصحافة الأمريكية لا تأتي الأسئلة، بعد الحرب على العراق، عن عدد القتلى الذين خلفتهم الحرب ضد العراق أو أفغانستان، ولكنها تأتي على هذا المنوال: لماذا قُتل 760 أمريكياً في حرب العراق؟ الأربعة ملايين الذين قتلوا بسبب الحرب الأمريكية على العراق لا شأن للصحافة الأمريكية بهم، كل ما يهمها هو المواطن الأمريكي. أليس هذا نتاج ما زرعته السياسة والإعلام؟ وأليس هذا يشجع الأمريكان على غزو العالم؟ فهو يقول لهم اذهبوا اقتلوا الناس في كل جزء من المعمورة ولكن احذروا أن يموت أحد منكم أيها الأولاد الصالحون!!  هذه الصورة ـ تماماً ـ التي يتم بها تسيير الأمور في واشنطن، فكذبة الإعلام الحر تحمل معاييرها تجاه الجندي الأمريكي، ولكن تجاه من يَقتلَ هذا الجندي فلا معايير في ذلك أقتل أيها الصالح كما تشاء ولا عليك، المهم ألا تموت. وهذا هو الوجه الحقيقي للإعلام الأمريكي الذي يدّعي الديموقراطية، وأنه يقدم نموذجًا متميزًا في حرية التعبير، وهو يقدم حرية التعبير فعلاً في الداخل فقط، أمّا مساره في الخارج فهو يقدم الوجه السادي للإعلام الأمريكي الحقيقي وللسياسة الأمريكية الطاغية، والتي تريد أن تلتهم العالم كله. بل إن الإعلام في مجموعه سواء عبر مراكز الدراسات أو عبر هوليوود وصناعة السينما وعبر وكالات الأنباء والفضائيات يؤازر الفعل العسكري الاستبدادي الذي تمارسه الحكومة الأمريكية ضد الشعوب.

يقول السيناتور الأمريكي إرنست ف. هولينغز في مقالة نشرتها تشارلستون بوست اند كوريور يوم 6 مايو 2004م " مع مقتل أكثر من 760 جنديا، وإصابة أكثر من 3000 جريح بعاهة مستديمة، يتساءل الناس لماذا ذهبنا إلى العراق؟" وفي النهاية يقول هي " سياسة الرئيس بوش في حماية وتعزيز أمن إسرائيل"[1]

الاثنين، 14 أغسطس 2017

الحرب القذرة على العالم 28

الإرهاب هو " الثورة التي يجري توجيهها الآن بمنتهى الخبث كستار للعنف الذي يمارسه الغرب" نعوم تشومسكي



  •  امبريالية الامبراطورية الأمريكية 3


  • الامبريالية تحارب الوحش


يقول تشومسكي " إن المعايير التي تطبق على الإمبراطور وبلاطه فريدة من نوعها من ناحيتين وثيقتي الصلة ببعضها البعض. أولاهما أن الأعمال الإرهابية التي يقومون بها لا تدخل في قائمة ما يسمى بأعمال الإرهاب، وثانيتهما: أنه في حين ينظر إلى الأعمال الإرهابية الموجهة ضدهم بجدية بالغة، حتى لو تطلب الأمر اللجوء إلى العنف" للدفاع عن النفس ضد خطر هجوم قد يحدث في المستقبل" طبعاً يشير هنا إلى قانون الولايات المتحدة المتعلق بالوقائية أو الحرب الاستباقية.[2] وفي حالة المنطقة العربية ربما هندس الأمريكان بـ " لكل فعل ردة فعل" ولكن الفعل ما هو والذي يحتاج إلى ردة فعل؟ لا بد من إيجاد هذا الفعل، لتتفتق أفكار بوش وزبانيته عن تفجير برجي التجارة، وهو تنفيذ كامل للقطة فيلم(The Long Kiss Goodnight ) الصادر عام 1996م، من بطولة (صامويل إل.جاكسون وجينا ديفيس،والكاتب هو شيم بلاك والمخرج ريني هارلي) شاهد الفيديو:

https://www.youtube.com/watch?v=QXoQUmO-DXA

ويظهر فيه التخطيط لهجمة إرهابية على مركز التجارة العالمي و مقتل 4 الآف شخص و الصاق التهمة بالمسلمين. ويكون الفعل لتأتي ردة الفعل، التي تتطلب اللجوء للعنف والعمل بالدفاع عن النفس واستباق حدوث هجمات على الامبراطورية الأمريكية من قَبل المسلمين ولتكون كلمة " الارهاب " هي الكلمة السحرية التي تسير عليها أمريكا إلى اليوم في المنطقة العربية.

وأورد تشومسكي أن سياسة ريجان كانت ملتزمة بثلاث سياسات ، نقل الموارد من الفقراء إلى الأغنياء، وتحقيق زيادة ضخمة في القطاع الحكومي الأمريكي، وثالثاً وهو المهم بالنسبة لنا هنا: إنجاز زيادة كبيرة في التدخلات الأمريكية في شؤون الدول الأخرى والتخريب والإرهاب الدولي ( بالمعنى الحقيقي للكلمة). ويصل تشومسكي إلى لب الموضوع حين اردف: إن مثل هذه السياسات لا يمكن أن تطبق إلا إذا تم تخويف الشعب بصورة صحيحية من وحوش يتعين أن نحمي أنفسنا منها.[3] ويتضح هذا في حيلة الحادي عشر من سبتمبر حين جعل الشعب الأمريكي والعالم ينتظر الوحش متى ينقض مرّة أخرى على الولايات المتحدة، بل صنع إلى جوار الوحش " حشرة" أسماها " الانثراكس" كي تلسع كل من يفكر بشكل منطقي وتشتت ذهنه عن التفكير في مسألة تفجير البرجين، وكيف تمت العملية؟ وما هي الأبعاد المحتملة؟ وما هي أساليب التنفيذ؟ واستطاع الاعلام الأمريكي حشد الجماهير فعلاً ضد هذا العمل، ووجه أنظاره إلى العالم الإسلامي، وأوجد فزاعة بن لادن، ولكن هذا الوحش لا يكفي في الرؤية الأمريكية بعد مرور 12 سنة على حادثة البرجين التي بردت وانتهت بمجرد إعلان مقتل ابن لادن، ليظهر الوحش الجديد " داعش" الذي لا يريد لأمريكا أن تعيش في سلام في العراق، ولا يريد لها أن تعيش في أمان وبحبوحة في المنطقة العربية، ولهذا لا بد من مواجهة الوحش ابن الوحش الذي ولدته القاعدة، أي ابن لادن قبل أن يموت خلف خليفته الذي يكره أمريكا وسيحطم تمثال الحرية إن لم نضربه ضربات استباقية أو وقائية قبل أن يصل إلينا. يسخر تشومسكي هنا وهو يقول: الحيلة النمطية المتبعة لهذا الغرض هي حشد الجماهير ضد التهديد الذي يسميه الرئيس" المؤامرة المتكتلة التي لا ترحم"[4] وهي كلمة استعارها من كيندي ليطلق ريجان ما سماه " امبراطورية الشر" ويطلق بوش " محور الشر".

إن صناعة الوحش من أجل تحقيق ضربات استباقية جاءت من أجل حماية التسلط، لا من أجل قمعه كما تصور لنا الآلة الأمريكية أو كما يدعي من يسير على ركبها و" قضية الإرهاب النابع من العالم الإسلامي والطريقة المثلى للرد عليه من جانب الديمقراطيات التي تدافع عن القيم الحضارية، ما زالت من أبرز موضوعات الاهتمام والجدال؛ وهو ما يتضح من أعداد الكتب والمؤتمرات والمقالات والبرامج التلفزيونية التي تناولت الموضوع... والاهتمام مقصور على إرهاب اللص وليس إرهاب الامبراطور وعملاته؛ اي عليهم وليس علينا"هكذا يؤكد تشومسكي ويعلنها بكل صراحة بأن إرهاب الإمبراطورية الأمريكية ليس إرهاباً، إنما الإرهابيين هم من يدافعون عن أنفسهم وعن بلادهم، وعن حقوقهم حيث استخدمت أمريكا الإرهاب بشكل مقنن، وجعلته سلاحها للقمع في أي مكان تريد التوجه إليه، وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط، وليس بغريب على أمريكا أن تستخدم هذا ففي  التاريخ الغربي الحديث والقديم أُستخدمت هذه الكلمة كأداة للصراع السياسي، وربما هي العادة في السلطات على مر التاريخ فمن يقاوم استبداد السلطة يسمى إرهابياً سواء بالكلمة المباشرة أو برديفاتها الكثيرة التي ملأت الكتب بالأشرار الذين لا يريدون الاستقرار للإستبداد في دولهم.

 

والعجيب هنا أن كلمة الارهاب تم عكسها تماماً فقد " بدأ استخدام كلمة إرهاب ( Terrorism) في نهاية القرن الثامن عشر للتعبير بشكل أساسي عن أعمال العنف التي تقوم بها الحكومات لضمان خضوع الشعوب. وكما هو واضح، فإن هذا المفهوم لا ينطوي على كثير من الفائدة لمن يمارسون إرهاب الدولة، الذين بحكم سيطرتهم على السلطة ـ يوجدون في وضع يسمح لهم بالسيطرة على نظام التفكير والتعبير. لذلك فقد أُهمل المعنى الأصلي للكلمة، وأصبحت كلمة " إرهاب" تطلق بشكل اساسي على " إرهاب التجزئة" الذي يقوم به أفراد وجماعات. ففي حين كانت هذه الكلمة تطلق على الأباطرة الذين يعتدون على رعاياهم، بل وعلى العالم بأسره، أصبحت الآن تطلق على اللصوص الذين يعتدون على الأقوياء."[5]

يتبع..