‏إظهار الرسائل ذات التسميات فرنسا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فرنسا. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 3 يونيو 2018

لا شيء يهز العالم 10

موقف الأمم المتحدة في العراق


في الصحافة الأمريكية لا تأتي الأسئلة، بعد الحرب على العراق، عن عدد القتلى الذين خلفتهم الحرب ضد العراق أو أفغانستان، ولكنها تأتي على هذا المنوال: لماذا قُتل 760 أمريكياً في حرب العراق؟ الأربعة ملايين الذين قتلوا بسبب الحرب الأمريكية على العراق لا شأن للصحافة الأمريكية بهم، كل ما يهمها هو المواطن الأمريكي. أليس هذا نتاج ما زرعته السياسة والإعلام؟ وأليس هذا يشجع الأمريكان على غزو العالم؟ فهو يقول لهم اذهبوا اقتلوا الناس في كل جزء من المعمورة ولكن احذروا أن يموت أحد منكم أيها الأولاد الصالحون!!  هذه الصورة ـ تماماً ـ التي يتم بها تسيير الأمور في واشنطن، فكذبة الإعلام الحر تحمل معاييرها تجاه الجندي الأمريكي، ولكن تجاه من يَقتلَ هذا الجندي فلا معايير في ذلك أقتل أيها الصالح كما تشاء ولا عليك، المهم ألا تموت. وهذا هو الوجه الحقيقي للإعلام الأمريكي الذي يدّعي الديموقراطية، وأنه يقدم نموذجًا متميزًا في حرية التعبير، وهو يقدم حرية التعبير فعلاً في الداخل فقط، أمّا مساره في الخارج فهو يقدم الوجه السادي للإعلام الأمريكي الحقيقي وللسياسة الأمريكية الطاغية، والتي تريد أن تلتهم العالم كله. بل إن الإعلام في مجموعه سواء عبر مراكز الدراسات أو عبر هوليوود وصناعة السينما وعبر وكالات الأنباء والفضائيات يؤازر الفعل العسكري الاستبدادي الذي تمارسه الحكومة الأمريكية ضد الشعوب.

يقول السيناتور الأمريكي إرنست ف. هولينغز في مقالة نشرتها تشارلستون بوست اند كوريور يوم 6 مايو 2004م " مع مقتل أكثر من 760 جنديا، وإصابة أكثر من 3000 جريح بعاهة مستديمة، يتساءل الناس لماذا ذهبنا إلى العراق؟" وفي النهاية يقول هي " سياسة الرئيس بوش في حماية وتعزيز أمن إسرائيل"[1]

الجمعة، 18 مايو 2018

لا شيء يهز العالم 8

نحن نحمي العالم، فمن يحمي العالم منّا؟!

مرتكزات السياسة الأمريكية في تفتيت العالم


أعود بكم إلى مرتكزات السياسة الأمريكية في العالم أجمع، وفي العالم العربي على وجه الخصوص.

المنظمات الأممية:

"كانت لدى روزفلت طموحات خيالية. فخلال عشاء في البيت الأبيض في مارس 1943م، اقترح على وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن قيام الدول العظمى بنزع سلاح جميع البلدان الأخرى، ووضع حاميات في مختلف مناطق العالم بغرض النظام، وقال إن القوى الصغرى " يجب ألا تحوز ما هو أخطر من البنادق[1]"ومن هنا بدأت رحلة مجلس الأمن الذي ضم خمس دول عظمى، هي التي يحق لها التحكم في العالم، والوقوف ضد أي قرار يصدر ضدها.

ومن يقرأ الأحداث بعد قنبلتي أمريكا على اليابان، سيلحظ أن مجلس الأمن لم يدنهما، ولم يتحدث عن ذلك إلى اليوم، كما أن التناقض في قضية فلسطين العربية ظاهر للعيان، وواضح انحياز المجلس فيها لأمريكا وللدول الخمس، ولإسرائيل. بخلاف العديد من القضايا التي تهم الأمة العربية والتي يقف المجلس منها موقفًا سلبيًا ولعل آخر القضايا سنلمسها في سوريا حيث أن عدد القتلى يصل إلى مليون، وعدد المشردين يصل إلى 12 مليون، على الرغم من أن الأمم المتحدة تسعى إلى ألا يكون هناك مهجرين أو لاجئين إلى أوروبا، حفاظًا على ديمغرافيتها، إلا أنها ومجلس الأمن لم يجدا سوى الصمت حيال ما يحدث، والسبب كما نعلم ويعلم العالم أجمع هو خدمة إسرائيل، وخدمة الأهداف التي تسعى إليه الدول العظمى وهي أن يبقى الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي في حالة تشتت وتشرذم واقتتال. ولا نجد من مجلس الأمن نحو هذه القضية ـ أعني السورية ـ سوى "بروباغندا" في حياة الشعوب لا تقدم ولا تؤخر.

ولا يشبه مجلس الأمن أية هيئة أخرى في تاريخ البشرية؛ حيث يضم أعضاؤه الخمسة الدائمون -الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدةـ نحو 30% من عدد سكان العالم، وينتجون أكثر من 40% من الناتج الاقتصادي العالمي. وفيما يخص الشأن العسكري، فإن سيطرة هؤلاء الأعضاء أقوى؛ حيث يحوزون 26 ألف رأس نووي، وهو ما يمثل 99% من الرؤوس النووية الموجودة في العالم، ولديهم جيوش قوامها 5.5 مليون رجل وامرأة. وعندما يتحد المجلس، يصبح بوسع أعضائه شن الحروب وفرض الحصار والإطاحة بالحكومات وفرض العقوبات. ويفعلون كل ذلك باسم المجتمع الدولي، ولا توجد حدود تقريبًا لسلطة هذا الجهاز.

[caption id="attachment_1669" align="alignnone" width="900"]العالم في اتجاهه واحد خمسة يحكمون العالم!![/caption]

ويرى صاحب كتاب "خمسة يحكمون الجميع" أن المجلس استطاع حفظ السلام في أوروبا على مدى خمسين عامًا، دون أن يذكر ما هي مجهودات المجلس في أمريكا اللاتينية أو الجنوبية، وما هي نشاطاته لحفظ السلام في أفريقيا، وآسيا، ومنطقة الشرق الأوسط[2]!!

العالم في اتجاه واحد

ولعل الطموحات الاستعمارية ظهرت في حينها، أي أثناء المشاورات لعقد اتفاقيات قيام مجلس الأمن، ومن هم أطرافه، ومن هم زعامته، وتحديد الدول وتقنين المواد واستقطاب الحلفاء في المجلس فوقتها تأتي ردة الفعل في تلك الأعوام من ونستون تشرشل، وذلك بعد اجتماع طهران عام 1943م، حين تراجعت بريطانيا في ميزان القوى، حيث كتب يقول: " جلست هناك والدب الروسي العظيم إلى جانبي وكفاه ممدوتان، وعلى الجانب الآخر الجاموس الأمريكي الكبير، وبين الإثنين جلس الحمار الإنجليزي الصغير المسكين، الذي كان الوحيد.... الذي عرف الطريق إلى المنزل[3].

وتأتي ردة الفعل من قبل الرئيس الأمريكي آنذاك (روزفلت) وهو يقول لتشرشل " لقد بدأت فترة جديدة في تاريخ العالم، وعليك التكيف معها" إشارة إلى عدم سيطرة بريطانيا على العالم مثلما كانت سابقًا. ولم يكن تشرشل بالرجل البسيط فهو كان يقرأ مستقبل العالم في حالة وجود منظمة أممية تسيطر عليها أمريكا." وكان تشرشل قلقًا بشأن غريزة الأمريكيين المعادية للاستعمار، لكنه لم يكن واضحًا أن الناخبين البريطانيين يشاركونه القلق. ذلك أن البريطانيين المنهكين لم يهتموا كثيرًا بالحفاظ على ممتلكاتهم في الأصقاع البعيدة.

وبما أن السوفييت لهم تجربة مع عصبة الأمم المتحدة حين طردوا منها، وسموها عصبة اللصوص، فإنهم كانوا قلقين تجاه أي منظمة دولية تأتي من الغرب واعتبروها هي نتاج للرأسمالية الغربية لا غير، ولن تكون مع البلدان الأخرى أو مع أي توجه آخر يوجد في العالم، وهي نظرة عميقة من ستالين في تلك الأيام، ويعلم أن المدى قصر أم طال سيؤدي إلى ما وصلت إليه النتائج اليوم، وهو ظهور القطب الواحد في العالم وهو أمريكا العظمى!

وكان البريطانيون معارضين أكثر من غيرهم للفيتو، وهو ما عاد جزئيًا إلى الاجتماعات المنتظمة التي كان يعقدها الدبلوماسيون البريطانيون مع الدول الأصغر التي شكلت الكومنولث البريطاني. وقد عبرت الدول بوضوح ـ وخاصة نيوزيلندا وكندا ـ عن عدائها لفكرة استئثار الدول العظمى بإدارة العالم من خلال المجلس، ثم حمايتها لنفسها باستخدام الفيتو؛ فقد كان ذلك بمثابة نوع من ازدواجية المعايير المفرطة.

وعندما اجتمع القادة الثلاثة ـ روزفلت وستالين وتشرشل ـ كان مستقبل ألمانيا أول الموضوعات التي نوقشت، وهذا يدلل منذ البدء على بدء أعمالهم في تقسيم العالم، والعمل على مصالحهم وليس مصالح العالم كما يدعي الرئيس الأمريكي "ترومان" عندما قال، بعد وفاة روزفلت بساعات: " إن القوى العظمى عليها مسؤولية خاصة فيما يتعلق بفرض السلام، وأضاف: إن هذه المسؤولية هي خدمة شعوب العالم وليس فرض السيطرة عليها"60. وكان على الحلفاء تحديد كيفية تقسيم هذا البلد وحكمه، وطالبت بريطانيا بمنح فرنسا منطقة تحتلها وتديرها في ألمانيا. وتنازل ستالين عن هذه النقطة، كما قبل دخول الحرب ضد اليابان. وتوصل القادة إلى حل وسط ـ سمي صيغة يالطا ـ سمح للأعضاء الدائمين باستخدام الفيتو ضد القرارات الخاصة بالقضايا " الموضوعية" وليس الإجرائية. وحدثت تنازلات من قبل السوفيت وقبلوا بثلاثة مقاعد بدلا عن 16 أوكرانيا وروسيا ا لبيضاء والاتحاد السوفيتي، وثلاثة مقاعد لأمريكا. وفي يوم استضافة أمريكا لمؤتمر يعلن فيه عن الاتفاق وعن هذا الانجاز العظيم الذي سيظهر به العالم تحت مظلة خمس دول عظمى، وبينما كان روزفلت يعد مسودة خطابة سقط وتوفي. وأكمل ترومان مهمته.

وحضر المؤتمر آنذاك 45 دولة، 19 من الأمريكيتين والكاريبي، وسبع من آسيا والشرق الوسط، وعشر من أوروبا.. وكانت معظم أفريقيا لا تزال مستعمرة. ورغم اعتراضات معظم الدول الصغرى على الفيتو، وعلى تسلط الدول الخمس به إلا أن النيويورك تايمز قالت: إن معظم الدول:" قبلت على مضض فكرة وجود ديكتاتورية عالمية فعّلية بواسطة القوى العظمى.

وتم توقيع الميثاق يوم 26 يونيو 1945م لتخرج الدول العظمى من سان فرانسسكو وهي وصية على أمن العالم.. وتبدأ حقبة الديكتاتورية العظمى.

في هذا النقاش نورد بعض الملاحظات:

ـ صيغة التطمين في أحاديث روزفلت لم توصل العالم إلى شرطي أوحد بل إلى ديكتاتورية واحدة فهو في العديد من المناسبات كان يطمئن معارضيه السياسيين أنه لم يفكر في وجود "دولة عظمى" أو قوة شرطة عالمية.

ـ إشارة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بأن "المنظمة صممت" لا لكي تأخذ البشرية إلى الفردوس، بل كي تقيها من الجحيم" فيها نوع من المراوغة تجاه المنظمة وتجاه مجلس الأمن، حيث أن ما توده أن يعيش في الجحيم تركته يعيش، ومن توده أن يذهب للفردوس عبر التدخل وقفت إلى جواره، والشواهد كثيرة، ثم إن مطاطية أن تقي المنظمة شرور حدوث حرب نووية لا تشفع لدور الأمم المتحدة ولمجلس الأمن، لأنهما يفترض أن يمنعا تدخل القوى الخمس في شؤون الدول، ولنا مثال في روسيا حاليًا وهي في سوريا، ونماذج كثيرة لأمريكا في أمريكا الجنوبية!!

ـ المجلس منذ إنشائه إلى اليوم عجز إلى حد كبير عن ممارسة الحكم العالمي الكفء.

ـ "وفي أغلب الأحيان، ينتهي الحوار حول المجلس باعتراف محزن بحدود قدراته "

ـ يعتقد الكثيرون أن غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003م كشف أخطار العمل دون مباركة المجلس. [4]

يتبع....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، ت:غادة طنطاوي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ع:2126، الطبعة الأولى 2014.ص34

[2] ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).ص18

[3]  ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).ص36

[4]  ديفيد بوسكو، خمسة يحكمون الجميع، مجلس الأمن ونشأة النظام العالمي الحديث، (سابق).

الأربعاء، 25 أبريل 2018

الصوفية: الخروج من الخلوات إلى الجلوات

لا شيء يهز العالم 6



حين خبت تلك النار داخل الصدور بدأ المسلمون يزحفون
إلى المقامات. محمد إقبال

بعد هذه اللمحة السريعة على التحركات الأمريكية وما يوازيها من تحركات روسية، حتى لو لم تظهر إلا عبر مؤتمر الشيشان، إلا أن هناك تحركًا غربيًا واضحًا في إعلاء شأن التصوف؛ وهذا يوضح مدى التنسيق القائم لإسقاط الإسلام، والمتمثل في المملكة العربية السعودية، لأنها هي الواجهة الحقيقية للإسلام، وأعتقد أن هناك تعمّدًا في خلط أوراق الإسلام وتقسيمه إلى فئات انساق وراءه الكثير ـ بكل أسف ـ حيث أنه لا يوجد إسلام سني وإسلام شيعي وإسلام صوفي، ولكن المسميات تجبرنا على أن نتحرك في ضوئها من أجل تبيان وشرح الأهداف من وراء كل ذلك، حتى لو تم ذلك بإشارات سريعة في هذا الكتاب، بين فينة وأخرى، لأن ما أكتبه هنا ليس مهمته هو تبيان الإسلام الصحيح من غيره، أو الحديث عن الفرق أو الملل والنحل، بل من أجل إيضاح الصوفية واستغلالها كبديل عن الشيعة لهدم ما تبقى من الدول العربية.

" في اغسطس 2011 نشر البيت الأبيض استراتيجيته الجديدة لمنع التطرف العنيف داخل الولايات المتحدة، وتمت الإشارة فيه إلى ضرورة مكافحة نشر الأيديولوجية المتطرفة بين المسلمين الأمريكيين"[1]

هذه الإشارة لنشر الإيديولوجيا المتطرفة تخص أمريكا وحدها، بحيث أنها تسعى لعدم انتشارها داخلها، أما خارجها فزراعتها واجبة، بدلالة التوجه نحو الصوفية، بعد أن استنزفوا المد الفارسي وشيعته، وبعد أن حققوا جزء من أهدافهم في المنطقة العربية بدأوا في التوجه نحو المد الصوفي، وإظهاره الآن للعلن من أجل تحقيق ما تبقى من الأهداف التي لم تستطع إيران تحقيقها. كما أن الفكر الغربي براغماتي ولا يفكر بمبدأ إنساني بقدر ما يفكر في مصالحه، ولا تهيمن عليه على الإطلاق الفكرة الإنسانية الشاملة التي تعيش وتجعل غيرها يعيش، ولهذا فإن التوجه نحو إيديولوجيات هدّامة في المجتمعات الأخرى هو استراتيجية تسير عليها بشكل قوي. " حظيت فكرة نشر الصوفية باهتمام كبير من قبل المفكرين الغربيين فالاتجاهات الصوفية ظهرت وما تزال تظهر في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. يقول مارتن لينجز الذي أعجبني في الحركة الصوفية هو أنني كأوروبي وجدت خلاص روحي ونجاتها في التصوف وهذا بالضبط ما نريده."[2]

السبت، 20 يناير 2018

لا شيء يهز العالم (3)

" من المؤسف أن الدولة لم تطهر أراضيها من هؤلاء الحشرات، 
رغم علمها ومعرفتها بحقيقتهم.. إن اليهود أعداء سعادة أمريكا ومفسدوا هنائها"
جورج واشنطن

مرتكزات السياسة الأمريكية في المنطقة العربية


بغض النظر عما سمي بـ "الشرق الأوسط" فإن الغرب وعلى رأسه أمريكا لا يهمهم آسيا في الوقت الحالي، وما يهمهم هو المنطقة العربية، ومنها ستكون انطلاقتهم إلى آسيا الوسطى ومشروع أمريكا الكبير فيها، وهو تسلسل لا بد أن يؤخذ في الاعتبار وعلى دول آسيا وروسيا أن تقف ضد المشروع هنا قبل وصوله إليهم، ولا يهم الغرب عدد السنوات التي سيستغرقونها لأن المشروع الإسرائيلي يسير ببطء ومن خلف ستار يتستر به هو الولايات المتحدة، أي أن المشروع في الأصل إسرائيلي، وهذا ليس بخافٍ على أحد ليس في منطقتنا العربية بل في العالم أجمع، فكل العالم يريد أن يتخلص من اليهود، ولا دولة تريدهم أن يكونوا بينهم، حتى الغرب الذي يدعي الديموقراطية لا يحب اليهود يقول جورج واشنطن:" من المؤسف أن الدولة لم تطهر أراضيها من هؤلاء الحشرات، رغم علمها ومعرفتها بحقيقتهم.. إن اليهود أعداء سعادة أمريكا ومفسدوا هنائها[1]".

الأربعاء، 19 أبريل 2017

ضربة العضلات " الكبرى" في سوريا..

(2)


إن التوجهات المطروحة نسبيتها ليست في صالح الشعب السوري، والخيارات التي يتحدث عنها الجميع سواء ببقاء الأسد أو رحيله، أو مقاسمة السلطة، أو بتقسيم سوريا من عدمه، لا تجدي نفعاً للداخل السوري.. فالعبث الإيراني في سوريا لا يريد لها أن تقوم من جديد، ويريدها مثل العراق تماماً تحت سيطرته، والتوجه الغربي وعلى رأسه أرميكا لا يقدم ولا يؤخر بقدر ما سيكسب فقط.

والضربة الترامبية التي طالت مستودع الخردة في مطار الشعيرات، لا فائدة منها، فالتوجه الغربي بالكامل نحو سوريا على مدى ست سنوات كان يحمل في طياته الصمت،بل كأنه كان يستمتع بما يحدث فيها، إلى أن بدأ مدّ اللجوء إليه، فاستشعر الخطر وتصاعدت الأصوات ام 2015 إلى أن سمع دويها أوربيا عام 2016م .

في ورقة بحثية أطلقها معهد تشاثام هاوس عن سوريا وسياسة الغرب تجاهها منذ انطلاق الثورة فيها، وبدء الحرب المتعددة الأطراف، حملت الورقة في طياتها عدم وضوح الرؤية لدى الغرب في النزاع السوري، وقد وجهت الورقة إلى أنه يجب اتخاذ الخطوات الآتية:

"· يتعين على صناع القرار مواءمة التدابير المتخذة من القمة إلى القاعدة والعكس، لأنه لا يمكن إيجاد حل وطني في سورية دون كسب المجتمعات المحلية، فقد أغفلت المبادرات على المستوى المحلي في المجال الإنساني والحكم القضايا السياسية إلى حد كبير، بينما ركزت مبادرات السلام على المستوى الوطني على القضايا السياسية لكن بقليل من الاهتمام بالديناميات والجهات الفاعلة المحلية. ومن أجل الوصول إلى استراتيجية غربية ناجحة، يجب تحقيق التوازن بين السياسات على المستوى الوطني مع الأولويات والاهتمامات على المستوى المحلي، من أجل ترسيخ دعم الجهات المحلية.

  • يجب على القوى الغربية-خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا-تحقيق الاستفادة القصوى من نفوذها المحدود من أجل الحصول على "تنازلات" من الدولة السورية وداعميها الدوليين. مع الأخذ بالحسبان أن النفوذ الغربي الأكبر يكمن في الجانب الاقتصادي، وذلك من خلال العقوبات وفرص التبادل التجاري وإعادة الإعمار. ويبدو أن لهذا العامل تأثيراً مهماً في تحديد مستقبل سورية ما بعد التسوية بالنسبة للغرب، لأن روسيا وإيران لا تملكان رأس المال لتمويل جهود إعادة الإعمار، وليستا مهتمتان في ذلك."


بالطبع يعتبر الحديث هنا عن إعادة الإعمار نوع من التنظير الذي يقفز على الحقائق على الأرض ويتجاوزها ليراوغ للخروج من الأزمة الحقيقية في سياسة الغرب تجاه الوضع في سوريا، ومثل هذا هو الرؤية الأمريكية لسبب وجودها في سوريا أو الدخول فيها، والتي تتمثل في محاربة " داعش " ، هذا البعبع الذي جعل 61 دولة تتكاتف من أجل القضاء على هذا التنظيم ، بل إن الدارسين والباحثين والمعاهد وضعت الخطط والاستراتيجيات لمواجهته وشددت علىأن أهمية محاربة داعش تفوق أهمية محاربة النظام في سوريا، وشأن الشعب السوري لا يعنيهم في شيء لا من قريب ولا من بعيد.

وها هو معهد دراسات الحرب يقدم دراسة لمجموعة من الكتاب عن " استراتيجية أمريكا الكبرى.. لتدمير داعش.. طريق أمريكا المقبل في سوريا" ولأهمية هذا المبحث فإنني أنقله مثلما تم تلخيصه من أحد مواقع الدراسات والأبحاث، مع الشكر لهم.

" ضمن سلسلة "استراتيجية أمريكا الكبرى" أعدت مجموعة من الباحثين تقريراً بعنوان "طريق أمريكا المقبل في سورية"، نشره معهد دراسة الحرب في آذار/مارس 2017. تحدثوا فيه عن وضع أمريكا الحالي في سورية وفي العراق، وعن فشل واشنطن في تحقيق أهدافها ومصالحها، واتجاهها نحو الهزيمة هناك. وقدموا بالتالي مجموعة من الخيارات والتوصيات لتغيير هذا الواقع.

تحديد المشكلة

رسم الخطوط العامة للواقع الحالي للوضع الأمريكي في المنطقة، ولخصوه كالتالي:

  • الولايات المتحدة تخوض الحرب الخطأ في الشرق الأوسط، فتنظيما القاعدة و"داعش" يشنان حربهما باستخدام السكان في حين تجري عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية بالوكالة. فإذا أرادت الولايات المتحدة هزيمة هذه التنظيمات عليها مواصلة حربها عبر شركاء في سورية والعراق مقبولين ومؤثرين في المجتمعات "العربية السنيّة".

  • استراتيجية الولايات المتحدة الحالية تقوي تنظيم القاعدة في سورية والذي يعد العدة ليحل محل تنظيم "داعش" عبر استغلال الضعف الذي سيحصل في المجتمعات التي كانت واقعة تحت سيطرة "داعش". لقد أجلت الولايات المتحدة هزيمة تنظيم القاعدة إلى ما بعد الانتهاء من القضاء على "داعش" لكن الأول أخذ يعزز وجوده شمال غرب سورية بعد الانسحاب من حلب ويحضّر لهجوم مضاد في سورية في الوقت الذي يعيد فيه بناء نفسه في العراق.

  • على العمليات الأمريكية أن تستهدف دفاعات العدو الخلفية والأمامية معاً لتشتيتها ووضعها أمام عدة معضلات لا تستطيع مواجهتها على نحو كافٍ.

  • إن "العرب السنة" ينظرون للولايات المتحدة على أنها في صف التحالف الروسي-الإيراني الآخذ بالتعمق وأنها متواطئة مع ما يرتكبه من "فظائع".

  • على الولايات المتحدة استعادة زمام المبادرة وقيادة استراتيجية متعددة الجنسيات. فليس بمقدور أي من الفواعل الإقليمية تطوير ما سماه الكاتب "مقاومة عربية سنية معتدلة" لهزيمة القاعدة و"داعش". فتركيا تدعم "أحرار الشام" المخترق من القاعدة. في حين تغرق السعودية والإمارات في ورطة اليمن كما أصيبتا بخيبة الأمل من وجود “معارضة معتدلة" في سورية. أما الأردن فيواجه تهديداً سلفياً-جهادياً داخلياً كبيراً وموارده قليلة.

  • على الولايات المتحدة نزع فتيل الخلاف السياسي التركي الكردي في سورية لكسب نفوذ على الطرفين. فالأهداف السياسية الكردية في السورية تهدد المصالح الأمريكية. لذا يجب أن توقف الولايات المتحدة تقدم الأكراد بعد أن يُؤمنوا سد الطبقة.

  • روسيا وإيران تقيدان حرية التحرك الأمريكية في سورية وحوض المتوسط ويمكن أن تهددا ثلاثة من سبع منافذ بحرية كبرى وهي قناة السويس، مضيق هرمز، وباب المندب، خلال السنوات الخمس المقبلة.

  • من المرجح خلال السنوات الخمس القادمة نشوب صراع كبير بين الولايات المتحدة وإيران، التي لن تقبل الضغوط الأمريكية حول المسائل غير المتصلة بالملف النووي، وبالتالي ستعمد إلى التصعيد في الخليج والبحر الأحمر وأماكن أخرى.

  • يجب على الولايات المتحدة أن تضع خطة لتحقيق المصالح الأمريكية دون الاتكال التام على التمركز في العراق، فانتخابات عام 2018 قد تأتي برئيس وزراء حليف لإيران ومن المرجح بالتالي أن يخفف أو يمنع التواجد الأمريكي في العراق.


المفهوم العملياتي: المهمة:

الخطة الجديدة التي طرحها الباحثون في هذا التقرير جاءت كالتالي «بالتعاون مع الشركاء المستعدين والمقبولين، تستولي الولايات المتحدة وتؤمن قاعدة عمليات جنوب سورية لتوسيع نطاق حرية تحركاتها، وبناء "شريك عربي سني سوري جديد"، يمكن معه وعبره تدمير تنظيمي القاعدة و"داعش"، وتهيئة الظروف التي تمنع إعادة بنائهما، وأخيراً إعادة توطين اللاجئين».

خطة العمل الموصي بها: المرحلة الأولى في سلسلة من الحملات متعددة المراحل.

ولتحقيق هذه الخطة قدّم الباحثون مقترح السيناريو التالي: تستولي الولايات المتحدة -مع شركائها المقبولين-وتؤمن قاعدة جنوب شرق سورية، في البوكمال على سبيل المثال، وتخلق "منطقة آمنة " بحكم الأمر الواقع. تقوم بعد ذلك بتجنيد وتدريب وتجهيز قوى "عربية سنية" محلية والعمل بالشراكة معها لقتال "داعش". هذه "القوة السنية المستقلة" ستشكل الأساس لحركة مستقبلية لتدمير "داعش" والقاعدة في العراق وسورية. وعلى القوات الأمريكية أن تقاتل مع تلك القوات جنباً إلى جنب للحد من حالة ضعف الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها المحتملين. ويجب على هؤلاء الشركاء ألا يدعموا السلفيين الجهاديين أو "وكلاء إيران" أو النزعة الانفصالية الكردية.

يرى معدو التقرير أن عمليةً في جنوب شرق سورية بدلاً من الرقة هي أكثر ملائمة لأن من شأنها:

-تقليل مخاطر التصعيد على المدى القريب مع روسيا وسورية من خلال التركيز على مناطق ليست حساسة بالنسبة لهم؛

-إنشاء تمركز للقوات الأمريكية في منطقة مستقلة عن المقاتلين بالوكالة الحاليين؛

-نزع فتيل الحرب التركية-الكردية؛

-التخفيف من خطر خسارة امتيازات التمركز في العراق؛

-  خلق ظروف الانتصار على "داعش" في المدن من خلال استهداف مناطق التنظيم الخلفية؛

- تمكين الولايات المتحدة من إسباغ الشرعية على وجودها في "المناطق العربية السنية". والحد من تهديد "داعش" على الأردن.

ويستمر سيناريو معدي التقرير لينتقل إلى مجموعة من الخطوات في المراحل اللاحقة، أهمها:

-تطلق الولايات المتحدة عمليات تطهير على طول وادي الفرات باتجاه الرقة، باستخدام القوات الأمريكية وقواتها الحليفة الجديدة في البوكمال ومحافظة الأنبار العراقية.

-تلعب الولايات المتحدة دور الوسيط في صفقة سلام بين الأتراك و"قوات حماية الشعب الكردية".

- تنشئ الولايات المتحدة منطقة حظر جوي في درعا "لتسهيل" قيام وقف إطلاق نار ولتأكيد التزام الولايات المتحدة "بالتصدي" لمعاناة سكان المناطق التي تقع تحت سيطرة الجهاديين.  وعلى الولايات المتحدة أن تدعم القوات الشريكة لها على الأرض في درعا في القضاء على القاعدة و"داعش" الأمر الذي من شأنه أن يساعد على التوصل إلى تسوية تفاوضية للأزمة السورية.

-على الولايات المتحدة الربط بين القوة الجديدة والمقاتلين الحاليين المدعومين أمريكياً لخلق شريك واحد قادر على تأمين واستعادة الأراضي من الجهاديين، وخوض التسوية مع الحكومة السورية."

ــــــــــــــــــ

ملحوظة: من يريد المصادر أو المراجع يراسلني على الإيميل أو على تويتر، مع الشكر والتقدير.