الجمعة، 3 ديسمبر 2021

الكاذب المحترف!!

 


قلت:

“المثالي في كتابته هو متشائم حانق في الحياة”!
قيل: لماذا؟
قلت: لأنه يترصد الواقع.
مبالغة:
حكم يائس أو بائس.. أليس كذلك؟ ولكنه لم يصل إلى درجة القسوة، لأنه لو بلغها لكان “المثالي كاذب محترف في الحياة”.
اليأس:
كان اليأس في الحياة طريق المتصوفة، فانحرفوا عنه، وأصبحوا ينظرون بمثالية تجاه المنافع الدنيوية، فانصبوا في الكذب وفي خداع المريدين، فخرجوا إلى المثالية الكاذبة التي تقدمهم على الآخرين!
التشاؤم:
عملية سريّة تتكشف خلال تتبع ما يكتبه الكاتب وما يعيشه في الواقع، فيكون التناقض ما بين الحياتين هو الفيصل في مساره، وقد يتقمص ما كتبه فيعيش في المثالية الزائفة!
ملحوظة:
1ـ هناك فرق بين الكاتب والمثالي.

2ـ هناك فرق بين حياة الكاتب والحياة.

3ـ هناك فرق بين المتشائم والكاذب.

4ـ عليك أن تحلل أنت كل ذلك.

ــــــــــ

ما بين القوسين من مخطوطة أكتبها عن الكاتب، أي أنها ليست مقتبسة من كاتب آخر. أعتذر لكم: ذكرني ساباتو هنا أن نيتشة قال: “المتشائم مثالي حانق” فقط للتنويه!

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

أنا نسوي!!

 المشكلة في الاختلاف:

أن تكوني نسوية يعني أنك امرأة، وأن أكون نسويًا يعني أنني رجل. هل هناك اختلاف أو لا؟
إثارة رعب:
ـ من يثير النسوية؟
ـ إنهن النسوة!
ـ لماذا؟
ـ لأنهن يرفضنها!
ـ ولكنهن نسوة!
ـ نعم.. لا يردن أن يترجلن!
العضلات:
قوة النسوية تكمن في اللسان..وهذا شيء طبيعي.. ومما يبدو أن هناك عضلات جديدة تبرز هذه الأيام بسبب هذه العضلة.. لن يخلق هذا اللسان عضلات كعضلات الرجل، مهما صرخ.
المشكلة في القبول:
ليس قبول الرجل للنسوية، بل قبول المرأة نفسها لها.

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

عندما أكون شجاعًا!

 



ما أشجعني عندما انتقدك!

هكذا يجب أن تقول لنفسك وأنت تنقد ما اكتبه، ولكن سخريتك مما أقول أو أكتب ليس شجاعة منك أو مني، إنما هو تهرّب من النفس التي تميل إلى تسطيح الكلمات، وأخذ الأشياء على علاتها.
ما أفقرني إلى نقدك!
هذه هي المشكلة التي يجب أن تواجه بها نفسك، فعندما تقرأ ما أكتب ثم تتجاهله بحكم أنك ترى أن هذا أقل منك، دون أن تدرك أن جملة واحدة قد تلهمك بقية حياتك من هذا الكاتب المسكين.
العمر مرآة للنقد!
ستكتشف مع الزمن أنك كلما تقدمت في العمر، بالتالي في التجربة، فإنك تعيد قراءة من حولك، لأنهم هم الشعاع الذي يلفت انتباهك إلى الظلمة التي بداخلك.. وبهذا فإنك تعيد النظر في مسألة القراءة، ولا تأخذها على علاتها بل تكتشف أنك كنت مخطئًا وأن هذه القراءة كشفت لك ما كنت تبحث عنه.
النقد والشجاعة متنافران تمامًا!
إقدامي على نقدك ليس شجاعة مني، بل غيرة سبقتني إلى استلهام معنى ضاع مني في وقت كنت أبحث عنه. ليظهر التسطيح القائم على انفعال يفترض أنني في غنىً عنه. بينما الشجاعة تكمن في إن جبنك جعلك تصفق لي وأنا أقدم لك الفكرة الغائبة عنك، وأن تشير إلى ما كتبت وأنت تستقي مني هذه الفكرة.
إنها شبهة أخلاقية.. هكذا بكل بساطة!

الجمعة، 19 نوفمبر 2021

الجسد الهائم

 (1)


ليس كل من عبر الباب مرحب به.
(2)
الاحتفالات تجمع أحيانًا أناسًا لا يطاقون، أو لا نأمل أن نراهم بيننا، ليس من أجل القلب كما يشاع؛ لأن القلب يهذي أحيانًا، ولكن المسألة متعلقة بالعقل، فالعقل لا يريد أن يكون فيه حشوًا.
(3)
مهمة الجسد هي أن يرقص، وليس من مهمته التفكير.
ومهمة القلب أن يحرك الدم المتكدس فيه على الجسد، وليس مهمته الجمود.
ومهمة العقل أن “يجمّد” ما يطلبه الجسد، لا أن يحركه، وهي خطوة تحتاج إلى نظر في هذه الأيام، لأن هناك سيلانًا في الدم لا تُرى نتائجه الآن!

السبت، 30 أكتوبر 2021

غريزة بقاء الدول!

 أريك فروم يمتطي سؤال كيف؟


سؤال أريك فروم : كيف يمكن لأقوى غرائزنا، وهي غريزة البقاء، أن تبدو كأنها فقدت القدرة على الحركة؟” سؤالٌ يدعو للتأمل، ليس من قبل الموظف الصغير أو الذي يعيش حياته البسيطة، ولكن من المسؤول، أو من “الموكلين بشؤونا العامة”.
غريزة بقاء الدول، هي التي يجب أن تتحرك، وأن تتنبه لما يدور، ولما تصدره الرأسمالية، بل لما تصدره الإمبريالية التي تعمل تحت ستار “الرأسمالية”، وتحت الشركات التي تريد أن تمتص رحيق الشعوب، ومتى امتصت رحيق الشعوب فلن يكون هناك دول. فهل يعقل أن الدول فقدت القدرة على الحركة؟ أو يمكن أنها نوّمت بفعل التقنية الحديثة، التي تربك أقوى العقول هذه الأيام.
إن أساليب امتصاص الأخلاق، وخنقها وتبويها وتوجيهها نحو الانحراف، وانتزاع كل ما هو أخلاقي من الشعوب هو خطر قائم على الدول، وإن امتصاص اقتصادات ومدخرات الشعوب تحت مسمى “الرأسمالية” هو امتصاص لهيبة الدول. وإن العمل على تغيير قيم المجتمعات وكسر دينها هو كسر للدول.
على الدول وخصوصًا العربية أن تحيي فيها غريزة البقاء وتتصدى لعجلة الرأسمالية الساعية إلى تفتيتها وتفكيكها، وجعلها دويلات صغيرة، والخط الأول الذي سيساعد على بقائها هو قوة الأخلاق في شعوبها، وتمسكها بما تملكه من قيم وثقافة.. ولكن ما يحدث يسير بعكس هذا إذ إن بعض الدول تساعد على التخلي عن القيم.

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021

ما يتجاوزني لا يضرني!

 ما يتجاوزني لا يضرني!

هكذا قد أفكر في حياتي، طالما أنني أعيش في رغد، فما الذي يهمني وغيري يصارع من أجل البقاء!

التلاشي في الداخل:

كن شجاعًا وتقدم كي تتلافى كارثة قادمة، لا تعتبر أنك تعيش حياتك اليوم بينما أنت ترى الخطر يحدق بك من جميع الجهات.. فتتلاشى في داخلك، وتقول دعه إلى الغد، المهم هو اليوم!

الجذب عبر البوق:

أنت في مكان دافئ متمتعًا بحياتك، وتحمل بوقًا في يدك تكتب به ما تشاء، أو تتحدث فيه كيفما تشاء، دون أن تشعر أنك محاط بالعديد من الأفكار التي تؤطرك، وتدخلك في دائرة الأنانية، والفردية، وتجذب إلى منطقتها بقوة. قد تشعر بذلك، ولكنك مع ذلك لا تقاوم هذا الشعور الجارف، وتوصل تحطيم الأرقام القياسية من أجل أن تربح الإيديولوجيا الموجهة ضدك في “السوشل ميديا”. اقرأ الصور المتتابعة التي تؤطر حياتك وستكتشف ما أنت فيه!

السهم القاتل:

أن تساهم في شركة عالمية كبرى، أو تشتري من منتجها باستمرار، يعني أنك تتخلى عن بيئتك، وأنك تساند الفعل الذي تقوم به هذه الشركة، الساعية إلى تجريدك من كل قيمك، ومن مدخراتك.. قد تتساءل: من أنا؟ أنا مجرد فرد لا يؤثر.. لا. أنت مؤثر، ومتأثر. وستتحول سعادتك بهذه الأسهم إلى تعاسة. إنك في الطريق إلى كارثة اقتصادية، أنت مشارك فيها.

السبت، 16 أكتوبر 2021

أغبى سؤال!!

 تدوير:

أغبى سؤال يتم تدويره الآن على “السوشل ميديا” هو: كيف؟
غيبوبة:
إذا أصبت بغيبوبة عليك أن تبحث عن سؤال: كيف تتخلص من غيبوبتك؟ إن لم تستطع الوصول إلى إجابة وأنت في غيبوتك فتأكد أنك كنت تسير في طريق خاطئ، لأنك تبعت سؤالًا خاطئًا، بل كنت تسير في
دائرة “صناعة الوهم”. أسئلة كيف كثيرة هذه الأيام، انطلقت من تطوير الذات، أو من علماء الاجتماع والنفس، وذهبت إلى بقية العلوم.
اسئلة تافهة

ـ كيف ترى الموضوع؟
ـ كيف تخرج من مأزق نفسي؟
ـ كيف تعيش سعيدًا؟
ـ كيف تكسب مليون؟
ـ كيف تطور قدراتك؟
ـ كيف تكتب سيرتك؟
ـ كيف تكتب رواية أو قصة أو قصيدة؟
ـ كيف تصنع محتوى؟
ـ كيف تقابل الجمهور؟
ـ كيف تكون قائدًا؟
ـ كيف تكون تلميذًا نبيهًا؟
ـ كيف تكون شجاعًا؟
ـ كيف تصبح عالمًا؟
ـ كيف تقرأ؟
ـ كيف..
ـ كيف..

كالعادة:
أضع الفكرة وأنتم أكملوا… أو تصوروا مخرجات “كيف” هذه!!

الاثنين، 4 أكتوبر 2021

سافروا ما هذه الخدعة؟!

 عندما استوطن السيد “ك” في بيوتنا، وانعزل العالم تمامًا، وعشنا لسنة كاملة لا نغادر أوطاننا، لم يتغيّر أي
شيء في حياتنا، أعتقد أن الشمس كانت تشرق كل يوم، وكنا نتنفس كل يوم، وكنا نأكل وننام.. بل ربما شعرنا على الأقل بأنفسنا، ولم نفكر في أن نسافر لنروّح عن هذه الأنفس، بل عشنا بكل أريحية. قطعًا أتحدث عن فئة غير فئة التجار والسياسيين، وهي فئتنا نحن.

وطالما أن هذه التجربة التي مررنا بها، ولم يتغيّر شيء في حياتنا، فلماذا إذًا نكلف أنفسنا عناء الاستدانة من البنوك من أجل أن نسافر لنروّح عن أنفسنا.. إنها خدعة كبيرة تطرأ على تفكيرنا عندما نعتقد أن التاجر عندما يسافر إنما سفره من أجل أن يروح عن نفسه، بينما سفره هو ما هو إلا من أجل مصلحته التجارية في المقام الأول.
لأقول لكم:
عيشوا حياة السيد “ك” ولا تسافروا، لأنكم تخسرون، وذلك الذي يركب طائرته الخاصة أو يركب في درجة رجال الأعمال هو الرابح الوحيد.
لأذكر لكم:
السيد “ك” أوجد لنا سفرًا افتراضيًا وهو مريح جدًا، وبدون تكلفة، فسافروا افتراضيًا عبر جوالاتكم!!

الأحد، 26 سبتمبر 2021

الفكرة القاتلة!

 لا أقدم نصائحًا لكم.. عادة أقدم فكرة فقط، ولهذا فإنها تحتمل الصدق والكذب..

الصدق حالة مُرضية لنا، والكذب غير مرضٍ.. وما هي النتيجة عندما أراوح لكم بين الصدق والكذب؟ قد تفهمون ذلك، ولكنكم ستتجهون إلى الدين وإلى الأخلاق مباشرة، هذا هو الميزان.

وعندما تذهبون للميزان عندها لا تحتاجون لهذه الفكرة، وبهذا يتوقف تفكيركم عند هذا الحد، وتتركوني

وشأني مع هذه الفكرة.
ماذ أريد؟
من يقرأ الفكرة فقد ذهب إليها، ولهذا فإنها أصابته في الصميم، ولهذا يتهرب منها، أو يتقرب منها، ويضعها في الميزان، فيختار التصديق أو التكذيب، ومن ثم يسير في طريقه.
الناحية السلبية:
أنك تعرف اسمي، وسبق أن قرأت لي، فقدمت حكمك، إمّا بالصدق أو بالكذب، وهنا تقع في “المسلّمات”، ولو قرأت دون هذه المسلمات فلا شك أنك ستضع ما أكتبه هنا، أو أقوله لك في الميزان.
الناحية الإيجابية:
أنك وصلت بقراءتك هنا، وهذا هو المطلوب.
أمّا بعد:
أحكم بناء على الفكرة، وليس على أنك تعرفني.

الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

وعن أخلاق الرواية..

 جزئية ماركيز:

ذهب الكاتب ماركيز إلى أن الأخلاق في الروايات هي مسألة زمن. عندما يقول، في رواية “غانياتي
الحزينات”: “الأخلاق مسألة زمن، ولسوف ترى”.

سرد كونديرا بلا أخلاق:
ويقول كونديرا، السرد: “تتعطل فيه الأحكام الأخلاقية”.
الفلسفة والرواية:
..مهمة الفيلسوف هي إيصال فكرة الرواية لأقرانه، بينما مهمة الراوي هي إيصال أفكاره للقارئ، والفلسفة لا تنتظر منك أيها القارئ أن تعمل على الدخول بذاتك في الموضوع بل أن تدخل الموضوع في ذاتك، بينما الرواية تعمل على أن تدخل بذاتك في الآخر، مع عدم علميتها، وعلمية الفلسفة، ومع ذهابها إلى الأخلاقي، فهي نوع من الأخلاق التي تدعو للتواصل ” الرواية ليست معرفة جديدة، بل قدرة جديدة على التواصل مع كائنات مختلفة عنّا؛ وبهذا المعني، فهي من نوع الأخلاق لا العلم” (تودروف) ولن أهتم لمقولة مونتاني على أن الأخلاق: “مجموعة مبادئ تخص الرجل الصالح ذا التطلع المحدود بعض الشيء، أو كفن سطحي لمعرفة كيفية الاستمتاع شرعاً بوجودنا” لأنه حتى الرجل الطالح يعتقد أنه يعمل عملًا أخلاقيًا. وأن الفن ليس سطحيًا بقدر ما يرى، بل هو علامة فارقة في هذه المسألة، إذ إنه يكشف ولا يعقّد المسائل.

الاثنين، 13 سبتمبر 2021

 وفق نظرية الاستقاء والانتقاء، لدي:


أحتار كثيرًا عندما أدخل بعض غرف “الكلوب هاوس”.
أصاب بما يشبه الدهشة، ولا ترتقي للصدمة، لأنني أحاول تحليل ما أسمع.
تحليل:
عندما تسمع إنسانًا في إحدى غرف الـ”كلوب هاوس” يشتم آخرًا، واستمريت في الاستماع فيعني ذلك


أمرين:
ـ مؤيد لما تسمع.
ـ تشعر بانتشاء لأنك تسمع ذلك.
وقد يرتبط ذلك بأمرين آخرين:
ـ أنك تكمل النقص الذي ينتابك.
ـ تتشفى لشيء في داخلك.
الاستقاء:
هو انفعال يصيب الإنسان الذي ينقصه شيء ما، فيحاول تعويضه بالإنصات للآخرين. فيستقي منه ويستزيد كي يشعر بالانتصار على موقف حدث له، أو من شخص. (نظرتي اتصالية)
الانتقاء:
اختيار شخصي يذهب إليه الإنسان بحثًا عمّا يريده، مع تمييز كامل للنقيض الذاهب إليه.

هنا أقف.. تساءلوا أنتم مع أنفسكم، وانظروا أين تقفون. فكروا!

الخميس، 9 سبتمبر 2021

حتى أخمص القدمين


 لا شيء في الطريق!

هكذا يجب أن تصمد عندما تكون الطريق خالية أمامك؛ لأن خلوها يعني السكون، والسكون يعني أنك ثابت لا تتحرك.. كأن الطريق هي من يتحرك، وأنت واقف في مكان.

هنا لا تخذل نفسك:

قدّم أجمل عبارة عن الطريق، ليس من مقولات الرواة والمشاهير، بل من أفكارك أنت.

ـ لا تقل لا أستطيع!
ـ أنت تستطيع لأن الطريق خالية، وستلهمك الكلمات.


تقدّم بخطوات بطيئة للأمام:

خطواتك السريعة في الطريق الخالية، لن تمنحك التأمل في هذا الهدوء المحيط بك. وسيخذلك دماغك، وستتعذب نفسك مع لهاثها. ليست الأنفاس هي الطريق، بل هي الخطوة!

المسلك:
لا تتأمل كثيرًا في السماء، فأنت تعيش على الأرض، ولهذا عليك أن تكون واقعيًا، لا أن تكون حالمًا، لأن الأحلام في بعض الأحيان قد تنفجر.

الأربعاء، 11 أغسطس 2021

الأرنب الرقمي!

 عندما تذهب إلى سباق طويل يضعون أمامك واحدًا يجري بسرعة منذ البداية، ليجعلك ذلك تسرع مثله، وفي النهاية ستجد أنك تعبت قبل أن تصل خط النهاية.

في وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقفز فرحًا وأنت تتقدم الجميع أنت أرنب السباق هذا.. فأنت تحمل
خطة هزيمتك بنفسك، ولا تمتلك طموح الفوز، إنما أنت مجرد رقم من الأرقام الكثيرة من هذه الأرانب، فما تقدمه لا يعد نموذجًا يؤدي بمجتمعك أو من حولك إلى النمو والتطور، بقدر ما يدعو إلى الترهل والتفكك، والذهاب نحو الاستهلاك دون الانتاج.

أنت أيها المشهور لا تصنع تاريخًا، تصنع لحظة فقط سرعان ما تزول مع الوقت، وتصبح مثل أرنب السباق الذي في نهايته لا أثر له، أو لم يشاهده أحد.
قطعًأ سأقول لكم ستسمعون عن نظرية “الأرنب الرقمي”، ولكنكم ستنتظرون أن تأتيكم من الغرب، كي تصادقوا عليها!

الثلاثاء، 10 أغسطس 2021

برقع بتهوفن!

 اللحظات المنفلتة

هل تعود إلى "قصة حب"؟ ما هو الفعل الموازي في حياتك حتى تعود لقراءتها كل عام؟ هل تعتقد أنك قرأتها منذ آواخر الثمانينيات؟ هل ترى أن هناك قصة حب حدثت في قريتكم موازية لها؟

" ـ لا أحب هذا؟

ـ ما الذي لا تحبينه؟

ـ أن أحب هذا."

فانتازيا ـ كأن محمد صبحي أيامها كان يقول "اشي خيال" ـ عجيبة تداهمني مع هذا التتابع من "جينفر" في الحب؛ لا تحب أن تحب. رغبة جامحة تحدوها، ولكنها تود كبتها، لا تريد لأحد أن يكتشف هذه الرغبة، حتى لو كان " اوليفير".

أسئلتي سنحت لي أن أفكر في الحياة بشكل أو آخر، على الأقل حياتي، ولن أهتم لحياة الآخرين، لأنني قرأت هذه الرواية في السنة الأولى من ذلك العام عشر مرات، دون كلل أو ملل، أو شعور بذنب تكرار. الجموح مرحلة لا تعترف بالتكرار لأن لذة الأشياء كانت ترتسم في حياتي من التكرار، وأن تغامر يعني أنك تكرر فالمغامرات أيامها سياقها واحداً وصولاتها وجولاتها واحدة حتى وإن تعددت الأشكال.

الجمعة، 6 أغسطس 2021

نسيان الكائن

 اتباع الفصائل...

لماذا أكتب؟

كتبت قصة.. كتبت مقالة، كتبت شعراً، كتبت فلسفة.

ـ وماذا بعد؟

قرأتها أنت..

ـ وماذا بعد؟

هل نحتاج اليوم إلى كتابة قصة، قصيرة، طويلة، مكثفة، ق.ق.ج، شعر، مقالة؟

لا نحتاج في يومنا إلا إلى من يلم شتاتنا، من يخرج النفس من هذا الفراغ الروحي الذي يكتنفها. لا نحتاج كتب اكتساح المبيعات عبر تطوير الذات. ولا نحتاج إلى شعر منثور نفكك حروفه. لا نحتاج إلا إلى أنفسنا.

امنحوني ذاتي امنحكم كل السعادة.

هدجر قال بسخرية، اعتبرها ماركيز لذيذة، عن فلسفة استاذه هوسرل حول الإنسانية " نسيان الكائن"، كان الحديث عن نسيان الكائن لدى هوسرل وتلميذه في الربع الثاني من القرن الميلادي الماضي.. وهو يتحدث عن أوروبا وكيف أنها ذاهبة نحو الإنحدار عبر التقنية أو الآلة دون أن تنظر إلى الإنسان.

أذكر وأنا طفل في زمن القرية أن الجميع كانوا يعملون لدى الجميع.. تخيلوا هذه الكلمة.. لا رئيس ولا مرؤوس.. لا غني ولا فقير.. لا كبير ولا صغير.. بينما نحن الآن ـ ليس نحن ـ نعمل على تفويض الأنا في كل شيء.. نسينا أنفسنا مع وهج الفلوس وذهبنا صوب تبويب الذات عبر هذه النغمة التي باتت على كل لسان.. لم يعد لهذا الكائن المسمى انساناً وجوداً.. هناك ما هو أكبر منه في دواخلنا، فبتنا نقيس الناس على هذا الأكبر.

من يقرأ التاريخ يستطيع أن يرى إن قرأه بالشكل الصحيح، وبما ينفع ليس الأنا، بل النحن.

ماركس يرى أن المهم هو تغيير العالم " لقد وقف الفلاسفة عند تفسير العالم على أنحاء مختلفة، ولكن المهم هو تغييره".. والمطلب التاريخي الملح هنا هو أن الاطرادات الاجتماعية هي التي تنحو بالعالم إلى التغيّر وليس إلى التغيير، فتغيير الكون ليس في يد أحد ممن ينطلقون نحو المبدأ المادي البحت وأعني بهم أهل الدمار أصحاب رؤوس الأموال.

لا ثبات في قوانين المجتمع، مثلما أنه لا ثبات في النفس البشرية، ولهذا فإننا ننحو باتجاه الفصائل التي تتبع بعضها، بحيث أن كل همّ يسير باتجاه بعضه، فصاحب رأس المال ينحو باتجاه قرينه، ومن لا يملك لقمة عيشه يتجه ناحية نده في المنافسة على لقمة العيش.. كل فصيلة تنظر في يد قرنائها، لا وجود لكلمة التغيير نحو مجتمع يكتنفه التآلف في بوتقة واحدة.

ليس صحيحاً أن هذا هو التطور، فالتطور يأتي عبر متواليات وليس عبر قفزات في صميم المجتمع.

الأحد، 1 أغسطس 2021

عنصرية الشطرنج!

 كنت ألعب الشطرنج، هذه اللعبة الشهيرة التي أشغلت الذهن البشري، والتي تدلل على تطور لاعبها العقلي، وتقدم رؤية للعالم بأن من يلعبها لا شك أنه يمتلك قدرات عقلية متميزة. ولكن اكتشفت مدى عنصرية هذه اللعبة، ومدى تشجيعها للعنصرية بشكل غير مباشر، بل مدى تكريسها لهذه العنصرية.. ولا تعجبوا.. فهناك تمييز منذ اللحظة الأولى، مثلما يحدث على الأرض، فرقعة الشطرنج هي خليط من اللون الأبيض والأسود، وهي عبارة عن مربعات تحمل اللونين بالتساوي وبالتقارب أيضًا، فكل مربع أبيض بجواره أسود، وهكذا يتم التخطيط على الأرض، بحيث أنها للجميع، وهذا هو الواضح للكل، ولكن عند بدء الحياة الحقيقية على وجه هذه الرقعة من الأرض يبدأ الانحياز للون.

قدم شلنج مقاربة لقوانين الفيزياء، ووجد أن الناس ذرات تتبع قواعد بسيطة، وأن الأنماط الاجتماعية نفسها هي التي تعمل هذا العمل لا السلوكيات العنصرية، أي بكل بساطة كأنه يقول إن البشر هم من يقوم بهذا الدور.. وتجربته قامت على رقعة شطرنج فالمربعات تمثل المساكن ووضع عملات بيضاء وسوداء تمثل الناس، وضعها بشكل متساوٍ وخلطها على الرقعة، ثم بدأ يحرك العملات فيما حولها ووجد أنهم لم يغيروا مساكنهم، ليجد بسرعة هائلة أن الناس يطبقون التمييز حين تجمعت العملات البيضاء مع بعضها البعض، وكذلك فعلت السوداء، وحاول أن يغيّر التجربة وذلك عبر أصدقاء من هنا أو هناك، ولكنه وجد أن العملات البيضاء أو السوداء بدأت تكون تلاحمًا مع مثيلاتها. ليرى أن قانون الفيزياء هو الذي يجعل العناصر تفترق، وكأنك صببت الماء على الزيت!
ولكن الدور الذي تقدمه الإيحاءات للبشر هو الذي لم يتطرق إليه شلنج في تجربته، فلعبة الشطرنج تعلن منذ انطلاق المعركة عن تحيّزها إذ إن الفريقين أبيض وأسود، واللاعب الأبيض هو الذي يبدأ اللعب في بداية اللعب، ولا أدري بأي حق يحدث هنا. وما هي القاعدة التي أكدت على ذلك في أن الأبيض هو الذي يبدأ قبل الأسود؟

الخميس، 15 يوليو 2021

إقناع لا إشباع!!

 الفلسفة هي تغيير الحلول.. والفلسفة إشباع لا إقناع.. هكذا أراها ببساطة.

الهستيريا التي أصابت المعرفة الغربية قتلت الأنماط الفكرية، وذلك عبر "طغيان النموذج العقلي المنطقي"، والسعي إلى الإشباع في شتى العلوم، إلى درجة عدم الإقناع؛ فأن تسأل: أنا أسير بدراجتي 10 كم في الساعة.. فكم عمري؟ فمعناه أنك تريد مني أن أشغل ذهني بهذه المسألة، وتجعلني أفكر بما أن الشاب من الـ20 إلى 25 يسير بسرعة 20 كم/س، ومن الخامسة والعشرين إلى الخامسة والثلاثين يسير ما بين 15 و18كم/س، ومن 35 إلى 45 يسير من 12 إلى 15كم/س، ومن الخامسة والأربعين إلى الخامسة والخمسين من 10إلى12كم/س فإن عمرك تقريبًا من الخمسين إلى الخامسة والخمسين.. يا لهذا الاكتشاف العظيم الذي قدمته لك، عندما أشغلت ذهني معك لمدة نصف ساعة أو ساعة على هذه المسألة، من أجل اختبار قدراتك العقلية.. المسألة ليست مقنعة وستعيد الخطوات بشكل آخر، لإيجاد حل آخر.. والنهاية ما هي؟ هي العودة إلى نقطة الصفر، والتي تتمثل في مثالنا في إنك بهذا تحرق سعرات حرارية توازي مقدار ما تسير به بدراجتك، وبحسب عمرك فالاحتياج لذلك يتطلب كذا وكذا. في مثل هذا قال ابن قتيبة سُئل ابن الجهم محمد، وليس علي الشاعر، عن ما معنى قول الحكيم: " أول الفكرة آخر العمل، وأول العمل آخر الفكرة" فقال لهم: مثل هذا كمثل رجل قال: " إني صانع لنفسي كنًّا (بيتًا)" فوقعت فكرته على السقف، ثم انحدر فعلم أن السقف لا يقوم إلا على حائط، وأن الحائط لا يقوم إلا على أس، وأن الأس لا يقوم إلا على أصل، ثم ابتدأ بالعمل بالأصل، ثم الأس، ثم بالحائط، ثم بالسقف. فكان ابتداء تفكره آخر عمله وآخر عمله بدء
تفكره؛ قال: فأية منفعة في هذه المسألة؟ وهل يجهل أحد هذا حتى يحتاج إلى إخراجه بمثل هذه الألفاظ الهائلة! ( أدب الكاتب، مقدمة المصنف، 8). للفائدة: تحميل كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة

ولهذا أرى أن الانجرار خلف ذلك سيؤدي إلى تحجّر الفكر، وعلينا ألا نفرط في السير خلف العقل فقط، وأن نسير بثقافتنا ووعينا نحو الموازنة ما بين العقل والعاطفة، وبين الدال والمدلول، وأن نعلي الشأن الإنساني المتسم بأريحيته وواقعيته.
إن حماية "الهوية الشخصية" يأتي عبر العمق الروحي للغة، وهذا ما يجب علينا أن نبحر فيه كي نسمو بفكرنا، ولا نبقى في "متاهات الهوية" المتضاربة، والتي تقاس بالعقل لدى الفلاسفة فقط هذه الأيام. بينما العالم كله يشحن العاطفة فيمن حوله دون رحمة، ودون تفكير في فلاسفة العقل!
إن العالم اليوم يقنعك ولا يشبع

السبت، 10 يوليو 2021

أسئلة التفاهة!

 أغرر بكم كي أنمط أفكاركم!!

عش أنت، أّما أن تعيش غيرك فذلك يعني أنك في حالة مَرَضية، وعليك أن تراجع نفسك في هذا. لم تُخلق من أجل أن تتقمص شخصية غيرك في مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تُخلق من أجل أن تقلد شخصية أخرى تستمدها من الخيال الممتد في هذه المواقع، فكم من كثير يعيشون الوهم، ويوهمون غيرهم بكثرة صورهم ولقطاتهم، وهم يعيشون في أدنى السلّم. اعتبروا هذه مقدمة تافهة تغرر بكم، ولا تريد لكم أن تعيشوا في سعادة، ولكن عليكم أن تفكروا في كلمة السعادة وما هي؟ وهل أستمدها من تقليد الآخرين؟ أو من أوهام الآخرين، أو حتى تفاهاتهم؟

بعد هذا:

كم عدد من يتابع هذه المواقع ملايين، مليارات.. كم عدد المشاهير منهم؟ كم عدد المليونيرات منهم؟ هل أصبحت واحدًا منهم؟ اسأل نفسك وأنت على مدى سنوات تتابع وتتابع ماذا قدّم لك هؤلاء المشاهير؟ وماذا قدم لك المليونيرات؟ وماذا قدّمت أنت لنفسك؟ والسؤال الأخير هو أهم سؤال ويجب عليك أن تكرره كثيرًا على نفسك!

قبل كل شيء:

أين تقف أنت من مجتمعك؛ أي ما هو موقعك؟ كيف تعيش مقارنة بغيرك؟ هل تعيش افتراضيًا مثل من تتابعه.. أم تعيش الواقع؟

هل تعتقد أنني سأضع لك الإجابة. لا، لن أضع لك إجابة، ولن أحلل لك كل هذه الأسئلة، بل عليك أن تعمل أنت وتجتهد وتحلل، وتحدد الأشياء بنفسك، لأنني إن فعلت ووضعت لك الإجابة، فلا شك أنني سأصنع بك مثلما صنعوا هم بك.

كن ذكيّا!

الوقت الذي ستقضيه كي تكون مثل شخص آخر، ما هو إلا مضيعة لوقتك الخاص. مارلين مونرو

الخميس، 8 يوليو 2021

العولمة والاختلاف!

 " إن العولمة ترتبط بقلب الثقافة الحديثة كما ترتبط الممارسة الثقافية بقلب العولمة"، (جون توملنسون) والممارسة الثقافية ستختلف من بلد لبلد، ولن تكون متطابقة في شتى بلدان العالم، وهذا ما يجب أن تعيه الرأسمالية، ليس الرأسمالية، بل الرأسماليين إذ يستحيل تطبيق الفكتورية التي تم قولبتها من قبلهم، والمرتبطة "بالتحيزات الثقافية ذات الطابع المحلي البحت بقيم ذات طابع عالمي" (الثقافة والمساواة ج1 ص16) ولا يمكن للعولمة أن تهيمن على ثقافة أخرى عبر إلغائها أو إذابة خصوصياتها، وستقف الهوية أمام هذا المد الذي لا يرضى بالاختلاف،ولا يتعايش إلا مع اتجاه واحد هو الاتجاه الغربي.حتى في حالة أن البلدان غير منتجة في ثقافتها لأن الوضع سيصبح أكثر تعقيدًا، ولن يرضى باكتساح ثقافة جديدة على حساب ثقافته، بخلاف التكريس للمعايير والقيم المستقاة من التعاليم الدينية، وهذا لا يتوقف على الدين الإسلامي الذي تم وسمه بالإرهاب لأهداف غربية واضحة المعالم تقف أمام خوف لهزيمة من نفسها، بحيث أن ما تنادي به لا يتفق والقيم الإنسانية الساطعة البياض والتي تنحو نحو الانحراف والشذوذ بشكل واضح في مجتمعاتها، فلم تجد أمامها سوى صناعة غول جديد أمام شعوبها كي تظل مسي
طرة عليهم، وكي تبقي السيطرة في نطاقها لتعمم قيمها الجديدة على العالم.

إن التشوية الذي يتعرض له العرب عبر وسائل الإعلام الغربية وعبر السينما ما هو إلا سوء تقدير، ولا يدعو إلى التعايش مع الآخر، بل يكرّس مفهوم العيش وفق نظرية واحدة، " ما يؤاخذ على العولمة تنميطها للأخلاق وقضاؤها على الثقافات لصالح تكوين حضارة مادية تكرس هيمنة وسيطرة الأطراف القوية  وهو ما يستثير رد فعل قوي من جانب الهويات الوطنية." (مبحث عن الإعلام وأزمة الخطاب للدكتور عبد القادر التومي) لذلك فإن مؤيدي تسييس هويات الجماعات "الثقافية" يبدأون بضرب من المقدمات المنطقية وينتهون بضرب من التوصيات الخاصة بالسياسة التي يجب اتباعها" (الثقافة والمساواة ج1ص19)
إن مناقشة نزعة "القبول" في أدبيات الثقافة الغربية غير مستساغة، وما يجب مناقشته بالتحديد هو نزعة "الاختلاف"، لأن كلمة "قبولنا" تقدم إيحاءاتها المبنية على الاستعمار، أو المبنية على القوة، التي يباهي بها، ويعتقد أنه يتسيد العقول بقوة الآلة، ولهذا فإنه يضيق النظرة لتكون من اتجاهه هو لا من جميع الاتجاهات، بل ولا حتى من المقابل. فإجادة التعبير في إطار النظرية الفلسفية تبتعد بتوصياتها عند التطبيق، فكل شيء يجب أن يكون "مقبولاً" لدى الساسة وعلى الآخر تقبل ما يتم تقديمه من توصيات سواء في حقوق الإنسان أو في غيره. يجب استنساخ "تجربتنا" فقط لتكون هي الوحيدة القائمة في هذا الكون. هكذا هم يفعلون الآن.
شددوا على هوياتكم كي لا تضيع!

الثلاثاء، 6 يوليو 2021

نزاع الأخلاق!!

 وأنا أقرأ " كانط" ليس الآن، بل في أي وقت أقرأه، أتذكر أستاذ علم الاجتماع الذي كان يدرسنا في الجامعة، وهو يطلب منا أن نضع أكفنا على الطاولة مع فرد الأصابع كي يرى طول أظافرنا، ومن كانت طويلة فإن علامة f تكون جاهزة، ولن يشم رائحة النجاح.

فلسفة كانط ـ وضعت الطاء مكان التاء للتفريق بين الناقص كانت وبين الاسم، رغم أن لفظه بالطاء صحيح لدى المغاربة، بينما معظم المشارقة ينطقونه بالتاء ـ في مجملها قلبت موازين المجتمع ـ قطعا لم أعرف هذا من أستاذ علم الاجتماع، بل بعد أن تعمقت في قراءاتي، لأن ما ندرسه في الجامعة ما هو إلا لذر الرماد في العيون، وليس للعلم أو المعرفة، آسف أستاذي أن أقول هذا فأنت تعلم أن هذا هو الصحيح.


يقول الشاعر

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن **** همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

أكيد أن هذا الشعر للمتنبي. ولكني أعرف إن كانط كان يرى " أن الأخلاقيات المستنبطة من الميتافيزيقيه وهمية، غير أن السلوك الأخلاقي والفضيلة واقعان، وذهب إلى أنهما فرض لصورة مجردة وكلية خاصة بروحنا على تلك المادة المكونة من الفاعلات الإنسانية".

أحب مكــارم الأخلاق جــهدي   ****     وأكره أن أعـــيب وأن أعابا

وأصْبَح عن سباب الناس حلما    ****   وشر الناس من يهوى السبابا

ومن هاب الرجال تهيّـــــــبوه    ****    ومن حقر الرجــال فلن يهابا

أليس الشعراء فلاسفة، ومن يقرأ الشعر العربي من هذا الباب سيلحظ النظريات الفلسفية التي يطرحونها.. ولكن من لي بهذا.

لي أن أسأل كانط هنا كيف يمكن أن يكون الاستنباط الأخلاقي من الميتافيزيقا وهمياً؟ هل تم تشريح الروح مادياً؟ إن شرحت مادياً فله كامل الحق في قول هذا وإن لم يتم عليه أن يستنبط لي الروح أولاً ومن ثم يقول لنا إن الغيبيات وهمية، ولعل الوهمية هذه تنطبق على الروح.. هذه نقطة. النقطة الأخرى هي حقيقة البناء على الصورة إذ لا أرى فيها ما يوازي الفعل بقدر ما يوازي الروح، شاعرنا يقول:

................    إن القرين بالمقارن يقتدي

ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول" الأرواح جنود مجندة ما تقارب منها ائتلف وما تنافر منها اختلف" وبهذا فإن المسألة لا تتوقف على المُتخيل الإنساني بقدر ما تتوقف على الوهمية التي تحدث عنها كانط.. أعني هنا الروح. والمسألة الندية والمطلقة لا تتحقق في تصوري في التفاعل بين البشر لأنهم فعلا ليسوا كذلك، بدليل التغير الأخلاقي في طبيعتهم، وبدليل التناقض الأخلاقي أيضاً.. فكون الإنسان شريراً غير كونه خيّراً، وكونه سالباً غيره ايجابياَ، وكونه ملكاً غير كونه عامياً، وهكذا. طبيعة الحياة برمتها تناقض. والتناقض لا يأتي بالمطلق، فالمطلق لا يأتي إلا من الكمال.

" فيخته" يرى أن النزاع يدور بين مجموعة من الأنّات هادفا إلى الإلغاء التدريجي للعقبات التي تعترض طريق الاستقلال الذاتي العقلاني" هنا يتضح مقدار النزاع الذي يوضح أن الإنسان ليس مطلقاً، فلو أنه مطلقا، لما استطاع أحد أن ينازعه، ولما استطاعت النفس منازعته، ولا عقبات تقف في طريقه.

الإشكالية هنا هي: إن أخلاق المجتمع تتشكل حسب النزاعات القائمة، حتى مع نفسه، وبين فينة وأخرى تتغير هذه الأخلاقيات بتغير النزاعات وبتغير الأفكار.. والدلائل أن هذه الألفية الجديدة كشفت الكثير من هذا.

لي عودة مع هذا الموضوع.. وسأربطه بشكل مقنن مع نزاع الفلاسفة حول الأخلاقيات قدر المستطاع، إذ أن كانط وأستاذي في الجامعة لا يكفيان في هذا الموضوع.

لولا المشقة ساد الناس كلهم     ****     الجود يفقر والإقدام قتّال

إلا جود المعرفة...

لله أنت أيها المتنبي.