إمبريالية الإمبراطورية الأمريكية 5
هاتفني أحد الأصدقاء وتحدث معي حول ما كتبته هنا عن نظرية " مجتمع الخوف" .. ورأى أنني ذهبت بها إلى غير محلها عندما عكستها على المجتمع الأمريكي، وقال: إن هناك قانوناً يحكم الجميع فلذلك لا خوف.
قلت متى تحدثت عن ليبرالية فإنني أتفق معك.. أما إن تحدثت عن علمانية فإنني لست معك. فالحرية الفردية تختلف عن الحرية السياسية.. والحديث الأخلاقي الذي طرحته هو عن الحرية السياسية وفسادها وعدم مصداقيتها وبعدها عن الأخلاق تماماً، ولهذا فإن أمريكا تخاف من فقدان هذه الحرية الفاسدة، بالنسبة للنخبة المسيطرة. ومن هذا الجانب فإن الخوف سينعكس على المجتمع على مدى الزمن، وستخشى النخبة انحراف العامة بعد اكتشاف الحرية المخادعة التي تطرحها الليبرالية الحديثة، وتحديداُ ليبرالية " المحافظون الجدد" الذين يرون في هذه الحرية الفردية أنها الدرب الذي يستطيعون عبره السيطرة على الشعب؛ أي كأن عملية رسم الوهم لهؤلاء البشر هي الطريق الحقيقي لبقاء الديكتاتورية، لأنه متى ما كان انسياق المجتمع ككتلة واحدة فإن قدر هؤلاء هو خروجهم من السلطة شاءوا أم أبوا، ومتى ما تمتع الشعب ، بل العالم ، بحرية فردية فإنه من السهولة بمكان انسياقه لقطيع تسيره الديكتاتورية، التي تريد السيطرة على العالم. وأعتقد أنه سيأتي اليوم الذي تتنبه له الشعوب لهذا الخطر وسيخرجونهم من السلطة، لأن البناء على " الكذب النبيل"[1] ، الذي يرونه، لا يمكن له الاستمرار.